(181)سلسلة التوحيد والعقيدة
كيف
يثبُت الميت عند سؤال الملكين؟
يثبته بإذن الله
التوحيد والعمل الصالح، قال الله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].
قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «إعلام
الموقعين» (1/ 136): فَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ قِسْمَانِ: مُوَفَّقٌ بِالتَّثْبِيتِ،
وَمَخْذُولٌ بِتَرْكِ التَّثْبِيتِ، وَمَادَّةُ التَّثْبِيتِ أَصْلُهُ
وَمَنْشَؤُهُ مِنَ الْقَوْلِ الثَّابِتِ وَفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ الْعَبْدُ،
فَبِهِمَا يُثَبِّتُ اللَّهُ عَبْدَهُ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَثْبَتَ قَوْلًا
وَأَحْسَنَ فِعْلًا كَانَ أَعْظَمَ تَثْبِيتًا، قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ
فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}
[النساء: 66]، فَأَثْبَتُ النَّاسِ قَلْبًا أَثْبَتُهُمْ قَوْلًا.
وقال الشيخ ابن عثيمين
رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية«(2/ 109): وما أعظمها من فتنة! لأن
الإنسان يتلقى فيها السؤال الذي لا يمكن الجواب عليه؟ إلا على أساس متين من
العقيدة والعمل الصالح. اهـ.
فعلينا بالعمل الصالح؛
ليكون ثباتًا لنا في الدنيا والآخرة.
فهذا يدل على عظم فتنة
الملكين، وقد كان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا
فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا
لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رواه أبو
داود (3221) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو في «الصحيح
المسند» (911) لوالدي رَحِمَهُ الله.
لا ينفعه وهو في حفرة
القبر ووحشته إلا ما قدم لنفسه من العمل الصالح، هذا الذي يكون نجاة له، ويثبته
عند سؤال الملكين، وقد تخلى عنه الأولاد والأموال، لقد تركها خلفه، ولم يدخل معه
في حفرة القبر إلا عمله، إن خيرًا فخير وإن شر فشر، ثبت عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ
الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ
أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى
عَمَلُهُ» رواه البخاري (6514)، ومسلم (2960).
فهذا شيء غيبي يقدم عليه الإنسان في قبره،
يأتيانه ملكان فيجلسانه ويمتحنانه.
يقول أَنَسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ، وَذَهَبَ
أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ
فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ
أَنَّهُ عَبْدُاللهِ، وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ
النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا.
وَأَمَّا الكَافِرُ أَوْ المُنَافِقُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا
يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ، وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ
مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ
يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ» أخرجه البخاري (1338)، ومسلم (2870).
فلنعدَّ للسؤال جوابًا، وعملًا صالحًا، ونسأل
الله الثبات.
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/07/181.html