(171)سلسلة التوحيد والعقيدة
اسم الله الودود
قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ
الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾[البروج:14]
الودود بمعنى
: فاعل
، أي
: يود
عبادَه من أنبيائه ورسله وأوليائه
.
وبمعنى مفعول أي
: يودُّهُ عبادُه
،
فالله سُبحَانَهُ وادٌّ ومودود
، كما قال الله
عَزَّ وَجَل
:﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ
يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ
﴾[التوبة
:54
]، وقد اقتصر الإمام البخاري في
«صحيحه
»(13
/ 408
) في كتاب
التوحيد على المعنى الثاني
، وقال
: الْوَدُودُ الْحَبِيبُ
.
اهـ. واللفظ يتناول المعنيين
، كما قرر هذا ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ
.
وهذا نص كلام ابن القيم
:
قال رَحِمَهُ الله في
«التبيان
في أقسام القرآن
»(93
):
الودود المتودد إلى عباده بنعمه
، الذي يود من
تاب إليه وأقبل عليه
.
وهو الودود أيضًا
، أي
: المحبوب
، قال البخاري في
«صحيحه
»: الودود الحبيب
.
والتحقيق أن اللفظ يدل على الأمرين على كونه وادًّا لأوليائه
، ومودودًا لهم
،
فأحدهما بالوضع والآخر باللزوم
، فهو الحبيب
المحب لأوليائه يحبهم ويحبونه
، وقال شعيب عليه
السلام ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾.
وقال رَحِمَهُ الله في
«طريق الهجرتين
»(233
): وتأمل سر اقتران هذين الاسمين في قوله تعالى
: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِيءُ وَيُعِيدُ
وَهُوَ الْغَفُورُ الْودُود﴾[البروج
: 13
-14
]، تجد فيه
من الرد والإنكار على من قال
: لا يعود الود
والمحبة منه لعبده أبدًا
، ما هو من كنوز
القرآن ولطائف فهمه
، وفي ذلك ما يهيج القلب
السليم ويأْخذ بمجامعه ويجعله عاكفًا على ربه
-الذى
لا إله إلا هو ولا رب له سواه
-عكوف المحب
الصادق على محبوبه الذى لا غنى له عنه
، ولا بد
له منه
، ولا تندفع ضرورته بغيره أبدًا
.
وقال رَحِمَهُ الله في
« جلاء
الأفهام
»(315
):
أما الْوَدُود فَفِيهِ قَولَانِ
:
أَحدهمَا
: أَنه بِمَعْنى فَاعل
، وَهُوَ الَّذِي يحب أنبياءه وَرُسُله وأولياءه
وعباده الْمُؤمنِينَ
.
وَالثَّانِي
: أَنه بِمَعْنى
مودود
، وَهُوَ المحبوب الَّذِي يسْتَحق أَن
يُحَب الْحبّ كُله
، وَأَن يكون أحب إِلَى
العَبْد من سَمعه وبصره وَجَمِيع محبوباته
.
اهـ.
والودود فيه صفة الود لله عَزَّ وَجَل.
وقد جمع
سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بين هذَين الاسمين: الغفور الودود، وقدَّم الغفور على
الودود، وفي ذلك فائدة وهي: أن الله يودُّ عبدَه بعد المغفرة.
قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في
«روضة
المحبين
»(47): وفيه سر لطيف، وهو أنه يحب
التوابين، وأنه يحب عبده بعد المغفرة، فيغفر له ويحبه، كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، فالتائب حبيب
الله، فالود أصفى الحب وألطفه.
[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رحمه
الله تعالى]
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/11/171.html