بسم الله الرحمن الرحيم
مقارنة بين موقف البريكيين وبين موقف الوادعي والإمام من ارتكاب كبيرة التصوير
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
أما بعد:
فهذه مقارنة يسيرة بين موقف البريكيين وبين موقف الإمام الوادعي رحمه الله وتلميذه الشيخ الهمام محمد الإمام في ارتكاب معصية التصوير.
فقد حصل في هذه الأيام أن اجتمع عدد من البريكيين مع رئيس الجمهورية وفقه الله لأكثر من ساعة والكاميرا تلف عليهم وتصورهم من هنا وهناك، فلما سئل أحدهم عن ذلك أجاب بقوله: مكره أخاك لا بطل!
وأقول: ضابط الضرورة كما كان يردد شيخنا الإمام الوادعي –رحمه الله-: أن تخشى أن يحل بك أو بعرضك أو بمالك ما لا تطيقه ولا تتحمله.
وقد بحث ياسين العدني شروط الإكراه في مقال خاص بعنوان (السيل الجرار على المتلاعبين بدعوى الإكراه والاضرار) ذكر فيه شروط الإكراه الأربعة التي ذكرها الحافظ ابن حجر –رحمه الله- وهي:
1-أن يكون المُكـرِه –بكسر الراء- قادرا.
2-أن يكون التهديد فوريا.
3-أن يكون المُكـرَه –بفتح الراء- غير قادر على الفرار.
4-أن يغلب على ظنه إذا امتنع من فعل المعصية سيقع به ما لا يتحمله.
فنطلب من ياسين ومن معه من البريكيين المُدَّعين للإكراه أن يبينوا لنا ما هو المتوفر من هذه الشروط الأربعة؟!
وأن يبينوا لنا ما هو الذي كان سيحل بهم أو بأعراضهم أو بأموالهم إن لم يرتكبوا هذه الكبيرة؟!
هل هددهم الرئيس بالسجن والعذاب الذي لا يطيقونه؟
أم هددهم بالقتل والتشريد؟
أم هددهم بانتهاك أعراضهم؟
أم هددهم بسلب أموالهم أم ماذا؟
أم هل كانوا يتوقعون حصول شيء من هذا إذا لم يرتكبوا هذه الكبيرة؟
بينوا لنا وجه إكراهكم بعلم إن كنتم صادقين؟! حتى نعلم هل أنتم صادقون في دعوى الإكراه أم لا؟!
أم أنكم تطلبون من غيركم -ممن هو مُكرَه حقا- توفر شروط الإكراه! وأما أنتم فترتكبون المحرمات بأدنى الحيل والأعذار؟! وبدون أدنى مسوغ شرعي؟!
وخطابي هنا مع البريكيين الذين لا ينازعون في حرمة التصوير لذوات الأرواح.
وأما زعيمهم هاني بن بريك فإنه لا يبالي بأمر التصوير، فقد بلغ به التساهل في ارتكاب هذه الكبيرة مبلغا كبيرا، فهو يتصور مع الحزبيين في جمعياتهم الحزبية ضاحكا بملء فيه! مرحبا بهم واصفا بعضهم بفضيلة الشيخ!
ويخطب الجمعة باللباس العسكري مؤتزرا بشيء فوقه ويتصور على هذه الحال من فوق المنبر في بيت الله من غير خوف من الله ولا حياء من خلقه!
ومن المعلوم أن التصوير في المساجد أشد حرمة من غيرها كما أفتى بذلك الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.
هذا موقف البريكيين تجاه ارتكاب هذه الكبيرة.
وأما موقف الإمام الوادعي -رحمه الله- فقد حصلت له عدة لقاءات مع الرئيس السابق ومع غيره من كبار رجال الدولة ولم يتصور بحمد الله في موقف من تلك المواقف. ويقول: (مكره أخاك لا بطل!)
بل بلغ من ثبات هذا الإمام تجاه هذا المنكر أنه كان ذات مرة عند الرئيس السابق هو وعبد المجيد الزنداني، فأعطى الزندانيُّ شيخنا مقبلا –رحمه الله- جريدة فيها صورة الرئيس السابق فأخذ الشيخ القلم وطمس الصورة في الحال؛ فأخذ الزنداني الجريدة للرئيس السابق كي يرى صورته فيها مطموسة بقلم الشيخ –رحمه الله-
ذكر الشيخ هذه القصة في كتابه ”الباعث على شرح الحوادث“ (66)، ثم قال: «يعرفون أنا نطمس الصور، وأننا ننكر كل شيء يخالف الدين». اهـ.
وحدثني الأخ الفاضل أمين الخارفي –وفقه الله- أنه عند رجوع الإمام الوادعي من المملكة إلى صنعاء كانوا قد أعدوا في مطار صنعاء في صالة التشريفات الخاصة بكبار المسئولين آلات تصوير، قال: فأخبرت الشيخ بذلك قبل وصوله إلى الصالة فطلب إيقاف التصوير أو الخروج من غير صالة التشريفات، فلما علم بذلك أحد كبار الضباط قام برفع كاميرات التصوير تلبية لرغبة الشيخ رحمه الله.
وعند أن رد بعضهم على الإمام الوادعي –رحمه الله- في مقال بعنوان (ما هكذا تعل الأحاديث) وجعل صورته على الجريدة، رد عليه الإمام الوادعي برسالة بعنوان (غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل) عقد في آخرها فصلا تحت عنوان (وجاءت الجريدة تحمل صورة علي رضا) سرد فيها من الأحاديث في تحريم هذه الكبيرة ما تقشعر له الأبدان.
ولم يكتف بذلك حتى ألف رسالة في هذا بعنوان (حكم تصوير ذوات الأرواح)
فقد لعن الله المصور. وأشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون.
هذا موقف الإمام الوادعي رحمه الله تجاه هذه الكبيرة.
وأما موقف تلميذه البار الشيخ الهمام محمد الإمام -حفظه الله- فقد حصلت له أيضا هو وغيره من علماء أهل السنة في اليمن عدة لقاءات مع الرئيس السابق ومع رئيس البلاد حاليا لم يتصوروا بحمد الله في واحدة منها، ولم يعتذروا بقولهم: (مكره أخاك لا بطل!)
وفي ذات مرة استدعى الرئيس السابق علماء اليمن إلى صنعاء وكان من ضمن المدعوين الشيخ الإمام فذهب الشيخ الإمام إلى صنعاء فلما قرب من دخول القاعة التي فيها الاجتماع أخبر بأن هناك تصوير فلم يدخل الشيخ إلى القاعة ويقل: (مكره أخاك لا بطل!) كما يصنع البريكيون! بل رفض الشيخ دخول المجلس وحضور الاجتماع ورجع مباشرة إلى داره دار الحديث بمعبر.
وهكذا جاء بعض المسؤولين إلى (دار الحديث بدماج) و (دار الحديث بمعبر) و (دار الحديث بالفيوش) ولم يسمح لهم بالتصوير بحمد الله.
هذه هي عزة السنة التي يسير عليها علماء الإسلام على مر التاريخ.
لا ارتكاب الكبائر من غير مسوغ شرعي بدعوى (مكره أخاك لا بطل!!!).
وبذلك يتبين لك الفرق الشاسع والبون الواسع بين موقف العلماء الربانيين وبين موقف الأنصاف المتعالمين في شأن التعامل مع مثل هذه الأحداث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه/ نور الدين السدعي (8/3/1437هـ
مقارنة بين موقف البريكيين وبين موقف الوادعي والإمام من ارتكاب كبيرة التصوير= الشيخ نور الدين السدعي
-
كاتب الموضوع - مشاركات: 274
- اشترك في: شوال 1436