اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(1) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


مؤلف الكتاب: أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رَحِمَهُ اللهُ.
شرح مختصر لألفاظ المقدمة
(الحَمْدُ للهِ) الحمدهُوَ الْإِخْبَارُ بِمَحَاسِنِ الْمَحْمُودِ مَعَ الْمَحَبَّةِ لَهُ. كما في «مجموع الفتاوى» لابن تيمية(6/259)
(عَلَى نِعَمِهِ الظَاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ) النعم على قسمين:
الظاهرة: ما يظهر للناس كالسمع، والبصر، والعقل، والصحة، والأمن، والعلم، وحفظ القرآن، والفهم الصحيح، التمسك بالسنة.
الباطنة: ما يخفى على الناس كالإيمان، ومحبة الله، ومحبة الخير، والخشية، ويدخل فيه أيضًا ستر الله عَزَّ وَجَل عيوب الشخص عن الآخرين.
 (قَدِيْمًا)أي: سابقًا، (حَدِيْثًا) أي: لاحقًا.
(وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ)صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى كما قال أبو العالية، وعلقه الإمام البخاري.
(عَلَى نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ) اشتهر عند العلماء في تعريف النبي والرسول:
 أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بتبليغه.
 والرسول من أوحي إليه وأمر بتبليغه، وهذا قول الجمهور، وهو غير صحيح.
ومن الأقوال:
 النبي: مَن بُعِث لتقرير شريعة سابقة.
 والرسول: من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها، سواء كانت جديدة أو متقدِّمة.
 (مُحَمَّدٍ) هو الذي كثر حمد الحامدين له مرة بعد أخرى، أو الذي يستحق أن يحمد مرة بعد أخرى.
(وَآلِهِ)  هم أهل بيته: وهم آل العباس، وآل علي، وآل جعفر، آل عقيل. كما قال زيد بن أرقم.
ويدخل في أهل البيت نساء النّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[الأحزاب: 33والآية في سياق نساء النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ويشمل أيضًا كل من حرمت عليه الصدقة.
 فبعبارة أخرى: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة، كأزواجه وأولاده ومَنْ ذُكِر عن زيد بن أرقم.
وقال بعضهم: آل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم هم أتباعُه، وهذا من الأقوال المشهورة، مع أنه ليس بصحيح؛ إذ لو كان أتباعه لَمَا كان هناك مصرف للصدقة؛ لأن الصدقة تحرم على أهل البيت.
(وَصَحْبِهِ) الصحابي: من لقي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك.
(وَارِثًا وَمَوْرُوثًا) الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مورثون، والوارث من بعدهم من ورث العلم. كما في «شرح بلوغ المرام»(1/49) للعثيمين.
(أَمَّا بَعْدُ) أما حرف شرط وتفصيل. ومعناها: مهما يكُ من شيءٍ، حُذِفَ مهما يكُ من شيء، وأُقيم (أمَّا) مقامه.
و(بعدُ) ظرف زمان متعلق بفعل الشرط المحذوف.
(فَهَذَا مُخْتَصَرٌ) المختصر: هو الذي جمع معاني كثيرة بألفاظ يسيرة.
 (حَرَّرْتُهُ تَحْرِيْرًا بَالِغًا؛ لِيَصِيْرَ مَنْ يَحْفَظُهُ بَيْنِ أَقْرَانِهِ نَابِغًا...) هذا فيه ثناء الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ على هذا الكتاب، والحث على حفظه والاهتمام به.
 (وَقَدْ بَيَّنْتُ عَقِبَ كُلِّ حَدِيْثٍ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الأَئِمَةِ؛ لِإِرَادَةِ نُصْحِ الأُمَّةِ) فيه بيان الحافظ ابن حجر سبب ذِكْرِ من أخرج الحديث.
وهذا نستفيد منه: أن عزو الحديث إلى من أخرجه من النصح للأمة، ومن النصح للأمة والأمانة أيضًا عزو الفائدة لقائلها.
(فَالمرَادُ بِالسَّبْعَةِ) أحمد، البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.
(وَبِالسِّتَّةِ) البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.
(وَبِالخَمْسَةِ) أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.
(وَبِالأَرْبَعَةِ) أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
(وَبِالثَّلَاثَةِ مَنْ عَدَاهُمْ وَالأَخِيْرَ) أبوداود، والنسائي، والترمذي.
(وبالمتَّفَقِ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) البخاري ومسلم.
قوله رَحِمَهُ الله: كِتَابُ الطَّهَارَةِ
مادة كتب: تدور على الجمع والضم.
أما في الاصطلاح: ما خُطَّ على القرطاس لإبلاغ الغير، أو ما خُطَّ؛ لحفظه عن النسيان. كما في «توضيح الأحكام»(1/113)
الطهارة لغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار، وهي نوعان: معنوية، وحسية.
المعنوية: نظافة القلب من الشرك، والحسد، والرياء، والنفاق، والعجب، إلى غير ذلك.
الحسية: فهي إِما عن حَدَث - أصغر أو أكبر- ، وإِما عن نجس.
الباب لغة كما في «سبل السلام»(1/18): مَا يُدْخَلُ وَيُخْرَجُ مِنْهُ.
أما اصطلاحًا: فهو اسم لجملة متناسبة من العلم تحته فصول ومسائل غالبًا. كما في «توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام»(1/113).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
«الطَّهُورُ» بفتح الطاء، الماء الذي يتطهر به. والطُّهور بالضم الفعل، وهذا على المشهور.
هذا الحديث له سبب، روى أبو داود (83) عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».
نستفيد من هذا الحديث:
v        سؤال أهل الذكر.
v        وفيه بيان أسئلة الصحابة، وأنها أسئلة دينية فقهية، فهكذا ينبغي أن تكون الأسئلة مفيدة نافعة، وحسن السؤال نصف العلم.
v        وفيه طهارة ماء البحر فهو طاهر في نفسه، مطهر لغيره.
v        فيه حل ميتة البحر، فحيوانات البحر حيها وميتها حلال، قال تَعَالَى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ﴾[المائدة: 96].
ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ، فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» رواه الترمذي (3314)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
والمراد بميتة البحر: ما يعيش فيه، أما إذا كان حيوانًا بريًّا ثم سقط في البحر فمات فهذا لا يحل أكله؛ لأنه ليس من ميتة البحر.
 وهناك نوع من الحيوان يقال له: البرمائي، يعني: يعيش في البر ويعيش في البحر، كالتمساح، فهل إذا مات في البحر يحل أكله؟
نحن استفدنا من والدي رَحِمَهُ اللهُ في هذه المسألة: أنه إذا كان الأغلب أنه يعيش في البحر فحكمه حكم ميتة البحر، وإذا كان الأغلب أن يعيش في البر، فحكم ميتته حكم ميتة البر ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ﴾[البقرة: 173].
v        وفيه جواز الزيادة في الجواب؛ لأن الصحابة سألوا عن ماء البحر، فزادهم النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مسألة أخرى؛ لاحتياجهم إليها وللفائدة « الْحِلُّ مَيْتَتُه».
أما ما يقال: الجواب على قدر السؤال، فهذا هو الأصل، ولكن إذا كان هناك حاجة ومصلحة في الزيادة فالمشروع للمفتي أن يزيد في الجواب.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/1_30.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(2) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(2) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام


 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ.
الحديث صحيح.
من الفوائد:
-  أن الماء طاهر مطهر.
-هذا الحديث مخصوص بما إذا وقعت النجاسة في الماء وغيَّرت أحد أوصافه الثلاثة، فإنه ينجس.
-ظاهره طهورية الماءالمتغيِّر؛ لطول مكثه. وقد نُقِل الاتفاق على عدم كراهته إلا ما جاء عن ابن سيرين.«المجموع» (1/91) للنووي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ»أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ: «الْمَاءُ طَهُورٌ إِلَّا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ».
« إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» هذه الزيادةمن طريق رِشدين بن سعد، وقد كان صالحًا في دينه مغفلًا في روايته. والإجماع على هذه الزيادة، أنه إذا وقع في الماء نجاسة وتغير أحد أوصافه الثلاثة بسبب النجاسة؛ فإنه ينجس. نقل الإجماع ابن المنذر في «الإجماع»والبيهقي في «السنن»(1/393).
فمثلًا: هذا الماء الذي في هذه القارورة لو وقعت فيه نقطة بول فالماء طاهر، إلا إذا تغير أحد أوصافه، إما ذوقه أو لونه أو رائحته، فإذا ذاقه، فوجد ذوقه تغير يكون نجسًا، لكن هذا من غير الموسوسين، الموسوس لا حكم له.
وإذا ظنَّ أو غلب على ظنه أنه يستعمل النجاسةَ؟
إليكم فتوى والدي رَحِمَهُ الله:
الطالب: إذا حدثت النجاسة ولم يتغير الماء؟
الشيخ: ولم يغيِّر الماء؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ولا يظن استعمال النجس باستعمالِهِ أم يظن؟
الطالب: كيف يظن أنه استعمل النجاسة؟
الشيخ: المسألة ظنِّيَّة ولا شيء، -أنت تظن-وقعت قطرة بول بين إناء قدر صاع، فهل أنت تظن أنك تستعمل هذه القطرة؟
الطالب: لا، أستعمل الماء.
الشيخ: تستعمل الماء، إذا كان المُهم المسألة بالظن وإلا فلا، إذا تغير أحد أوصافه بنجاسةٍ تحدث فيه.
المرجعمراجعة تدريب الراوي» لوالدي رَحِمَهُ الله.
مسألة: إذا تغير الماء بسبب رائحة نجاسة بجواره؟
إذا كان بجواره نجاسة، كجيفة ميْتة وأنتنت، فأثَّرت رائحتها في الماء هذا لا ينجس، «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ».
مسألة: حكم تنقية مجاري المياه هل ينفع هذا في تطهيرِها؟
إليكم ما ذكره الشيخ البسام رَحِمَهُ الله في «توضيح الأحكام»(1/126): أمَّا مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي لرابطة العالم الإِسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير 1989 م، إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ:
فقد نظر في السؤال عن حكم ماء المَجَارِي بعد تنقيته، هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغُسْل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟
وبعد مراجعة المُختصِّين بالطرق الكيماوية، وما قرَّروه من أنَّ التنقية تتم بإزالة النجاسة منه على مراحل أربع، وهي: الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجاسة أثرٌ في طعمه ولونه وريحه، وهم مسلِمون عدولٌ، موثوق بصدقهم وأمانتهم.
قرَّر المجمع ما يأتي: أنَّ ماء المجاري إذا نُقِّيَ بالطرق المذكورة وما يماثلها، ولم يبقَ للنجاسة أثرٌ في طعمه ولا في لونه ولا في ريحه صار طهورًا، يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة به؛ بناءً على القاعدة الفقهية التي تقرِّر أنَّ الماء الكثير الذي وقعت فيه نجاسة يطهر بزوال هذه النجاسة منه؛ إذا لم يبق لها أثره فيه، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»، وَفِي لَفْظٍ: «لَمْ يَنْجُسْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
الحديث حسن.
« قُلَّتَيْنِ» تثنية قُلَّة، والقُلَّة: الجرة الكبيرة من الفخَّار، ويكون أسفله واسع وأعلاه ضيق. وذكر الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح بلوغ المرام»أنها تسمى بالزير.
ويقال لها في اللغة العربية: الحنتم.
«لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» يفسره الرواية الأخرى: «لَمْ يَنْجُسْ» أي: لا يقبل النجاسة.
من الفوائد:
-أن الماء الذي يبلغ قلتين إذا وقع فيه نجاسة لا ينجس. وهذا مقيد بما إذا لم يتغير أحد أوصافه بالنجاسة، أما إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة فإنه ينجس ولو بلغ قلتين.
-مفهوم الحديث أن الماء إذا كان دون قلتين ووقعت فيه النجاسة فإنه ينجس.
 وهذا المفهوم يعارضه حديث منطوقٌ، أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ».
وإذا تعارض منطوق ومفهوم قدم المنطوق.
فإذا كان الماء أقل من قلتين ووقعت فيه نجاسة فهو طاهر إلا إذا تغير بالنجاسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
 وَلِلْبُخَارِيِّ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ».
 وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْهُ».
 وَلِأَبِي دَاوُدَ: «وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ».
الماء الدائم: الساكن الذي لا يجري، وهذا مثل: برك الماء، والأحواض، ومستنقعات الأمطار.
الجُنب: من وجب عليه الغسل بالجماع، وخروج المني.
-في هذا الحديث: النهي عن الاغتسال في الماء الدائم لمن عليه جنابة، وهذا ليس لأجل تنجيسه، ولا لأنه مستعمل، ولكن لتقذيره، كما ذكر شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ.
وفي حكمه الحائض، بل أشد؛ لأنها حدثها أعظم، ولِمَا يُخشى من نزول نجاسة الدم فيه.
وهل يشمل إذا أراد الغسل لتبريد الجسم، أو نظافته، أو غسل مستحب؟
قال بهذا بعض أهل العلم؛ لأنه إذا نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم مع حاجته للماء، فغيره من باب أولى. وهذا قول الشيخ ابن عثيمين.
أما الوضوء، يغسل أعضاء وضوئِهِ في الماء الدائم الراكد، فهذا جائز، لا كراهة فيه.
-ونستفيد من مفهوم الحديث: جواز الاغتسال في الماء الجاري سواء للجنب أو الحائض أو غيرهما.
والرواية الثانية: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ»، وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْهُ». الاغتسال فيه أي: يدخُل في الماء ويغتسل، أما ويغتسل منه فالمراد يتناوله تناولًا، يعني: من غير أن يدخل فيه.
وهذا فيه استبعاد من النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لهذا الفعل، كيف يبول في الماء الدائم ثم يغتسل فيه أو يغتسل منه.
 فنستفيد النهي عن البول في الماء الدائم، فإن هذا يسبب استقذاره، وقد تتراكم النجاسة فتؤثر في طهورية الماء.
الأصل في النهي أنه للتحريم، ولا يقال بالكراهة إلا إذا وُجد صارف.
-عموم هذا الحديث مخصوص بالماء المستبحِر-وهو: الذي ماؤه كثير كالبحر-فأجمعوا على جوازه، وتركه أولى.
ونقل ابن دقيق العيد الإجماع أيضًا أن النجاسة لا تؤثر في الماء المستبحر.
ومن المسائل: النهي عن الغائط في الماء الدائم، الحديث يتناوله؛ لأنه أخبث وأغلظ.
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/2_5.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(3) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(3) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 
7-وَعَنْ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، أَوِ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
هذا الحديث ذكره والدي رَحِمَهُ اللهُ في «الصحيح المسند»(1470).
الفضلة: البقية، وهو: الماء الذي يبقى في الإناء بعد الغسل.
«وَلْيَغْتَرِفَا» اللام: لام الأمر.
8-وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
9-وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
هذا الحديث من طريق سماك عن عكرمة، ورواية سماك عن عكرمة مضطربة، ولكن الراوي عن سماك شعبة بن الحجاج، وقد كان شعبة بن الحجاج ينتقي في روايته عن شيوخه، ثم الحديث في الشواهد.
قوله « فِي جَفْنَةٍ» الجفنة: الإناء الواسع.
من الفوائد والمسائل:
-كراهة الغسل بفضل الرجل، والرجل بفضل المرأة.
 وأما الجواز فيدل له حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وكذا الحديث الذي بعده.
-ونستفيد من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا»: اغتسال الزوجين معًا من إناء واحد، من غير كراهة. فإذا كانا يغترفان جميعًا لا شيء فيه، وقد ثبت عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ» البخاري (261ومسلم (321).
-حسن أخلاق النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مع نسائه.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/3_21.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(4) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(4) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 

10-وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.  وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «فَلْيُرِقْهُ».  وَلِلتِّرْمِذِيِّ: «أُخْرَاهُنَّ، أَوْ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».
«طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ» الطُّهور بالضم الفعل، وبالفتح الماء المعد للطهارة. وهذا القيد أغلبي، فلو كان إناء غيره فالحكم واحد.
«إِذَا وَلَغَ» ولغ الكلب شرب بطرف لسانه أو حرك الماء بلسانه.
«إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ» والكلب ذكره الله عَزَّ وَجَل على سبيل الذم في قوله سُبحَانَهُ: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾[الأعراف: 176]. وهذا الحيوان من أخبث وأنجس الحيوانات.
«أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» هذه الرواية الراجحة الصحيحة، ورواية: «أُخْرَاهُنَّ، أَوْ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» هذه جاءت على الشك.
من فوائد هذا الحديث:
-نجاسة الكلبنجاسة عينية؛ لأن النجاسة على قسمين: عينية، وحُكمية، العينية: كعين الكلب، والغائط، والبول. والحكمية: الشيء الذي طرأت عليه النجاسة، كالثوب يبال عليه، أو الأرض إذا وقع عليه البول.
-وفيه تحريم أكل الكلب؛ لأنه نجس. والنجاسة يستلزم منها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس.
 وقد نُقل عن الإمام مالك في رواية عنه جواز أكل لحوم الكلاب،قال الشيخ الرعيني المالكي في «المواهب الجليلة»(3/236): الْكَلْبَ فِيهِ قَوْلَانِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ.
 قَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي «الْعُمْدَةِ»: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ الْعَادِيَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ «الْمُوَطَّإِ» انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا تُؤْكَلُ الْكِلَابُ انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَلَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْكَلْبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
-ونستفيد: غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب.
-وفيه التسبيع في غسله، وهذا عليه جمهور أهل العلم، وذهب أبو حنيفة إلى التثليث؛ لأنه جاء عن أبي هريرة أنه قال: يغسل الإناء ثلاثًا، ولكن حديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هو الحَكم، وما جاء عن أبي هريرة فقد خالف ما روى، والعبرة بما روى لا بما رأى.
-وفيه أن الغسلة الأولى تكون بالتراب، أما ما جاء في «صحيح مسلم»(280) عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلِ، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ».
هذا الحديث مشكل؛ لأنه إذا ترَّبه في الثامنة يحتاج أيضًا إلى غسلة تاسعة، فجمهور أهل العلم قالوا: الغسلات سبع، ولكن لأن التراب نوع مستقل جُعل بمنزلة غسلة أخرى.
هذا ذكره الإمام النووي عنهم في توجيه هذه الرواية.
ووالدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يقول: الذي أعرف الشذوذ في قوله: «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بالتُّرَابِ» كما في « مراجعة تدريب الراوي».
-نجاسة الماء الذي في الإناء، وهذا هو الشاهد في إيراد هذا الحديث في باب المياه.
وقال القرطبي في «المفهم»(4/14): والمشهور من مذهب مالك: أن ذلك للتَعبُّد لا للنجاسة، وهو قول الأوزاعي وأهل الظاهر؛ بدليل دخول العدد السبع، ولو كان للنجاسة لاكتفي فيه بالمرة الواحدة؛ وبدليل جواز أكل ما صاده الكلب من غير غسل.
-إراقة الماء، والرواية بلفظ «فليرقه» شاذة. ولكن غسل الإناء يدل أنه قد تنجس ما فيه.
قال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله: أما هذا الماء فقد أصبح نجسًا، «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات إحداهما بالتراب».

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/4_23.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(5) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(5) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام


 
 
11-وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ-فِي الْهِرَّةِ-: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
والحديث صحيح.
قوله: (إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ) قال ابن الأثير في «النهاية»(3/142): الطَّائِف:
الخادمُ الَّذِي يَخْدُمُك برفْقٍ وعنَاية، والطوَّاف: فَعَّال مِنْهُ، شَبَّهها بالخَادمِ الَّذِي يَطُوف عَلَى مَولاهُ ويدورُ حَوله؛ أخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾[النور: 58].
من فوائد هذا الحديث:
-أن الهرة طاهرة، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
أما عن أكل الهرة كما يُفعل هذا في بعض دول الكفر كالصين، فهذا محرم؛ لما روى البخاري (5530ومسلم (1932)عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ».
-طهارة سؤر الهرة.وهو قول أكثر العلماء كما قال الترمذي رَحِمَهُ الله في«السنن»(92).
والسؤر: بَقِيَّة الشَّيْءِ، وَجَمْعُهُ أَسآرٌ.
وهنا سؤر الهرة: الماء إذا شربَتْ منه وبقي بقية منه.
 الهرة طاهرة إلا في حالة تكون أكلت نجاسة، مثل أن تأكل فأرة، ثم يكون عين النجاسة باقية في فمها، فتذهب وتشرب، هنا يكون فمها نجسًا حتى تزول عينُ تلكَ النجاسةِ.
وهل الماء طاهر أو نجس إذا شربَتْ منه في هذه الحالة؟
الجواب: الماء طاهر إلا إذا تغير طعمه أو ريحه أو لونه بسبب النجاسة، وإلَّا يبقى على الطهارة.
سؤال: الهرة تأكل كل شيء وقد لا نعرف هل أكلت نجاسة؟
النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يعرف هذا أنها تأكل الميتة وتأكل..، ومع ذلك حكم بطهارتها، فالهرة طاهرة، لكن كما قلت لكنَّ: إذا عَلِمْنا أنها أكلتْ نجاسة، وكان بقي عين النجاسة في فمها، أكلت ثم ذهبت مباشرة تشرب من الماء، لا شك هنا أنه سيصل الماء شيء من هذه النجاسة، فهل ينجس الماء أو لا؟ على ما تقدم.
-ومن فوائد هذا الحديث-كما قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح بلوغ المرام»(1/96)-: أن الفأرة طاهرة؛ لماذا؟ لأنها من الطوافين علينا.
-ونستفيد التعليل في الحكم.
حكم بول وغائط ودم الهرة هل هذا طاهر تبعًا لطهارة عينِهَا؟
قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح بلوغ المرام»(1/95): الهرة ليست نجسة في ريقها وفيما يخرج من أنفها وفي عرقها وفي سؤرها؛ أي: بقية طعامها وشرابها.
) في بولها نجس، في روثها نجس، في دمها نجس؛ لأن هذه الأشياء كلها من محرم الأكل نجسة، فكل ما يخرج من جوف محرم الأكل فإنه نجس، كالبول والعذرة والدم والقيء وما أشبهه.
ـــــــــــــــ
12-وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
 (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ)الأعراب: هم الذين يسكنون البادية.
(فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ) أي: في ناحيته.
قوله: (بِذَنُوبٍ)الذَّنوب بفتح الذال: هي الدلو المملوءة ماءً.
(فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ) أي: صُبَّ عليه.
في هذا الحديث من الفوائد:
-جفاء الأعراب، وجهلهم بالدين.
-وفيه نجاسة بول الآدمي، وهذا بالإجماع، وسواء بول الكبير والصغير، وأما قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في بول الرضيع: «وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» رواه أبو داود (376وهو في «الصحيح المسند»(1230) لوالدي رَحِمَهُ الله. فهذا فيه تخفيف نجاسة بول الرضيع-وهو الذي لم يأكل الطعام-وليس فيه أنه طاهر.
-وفيه: كيفية تطهير البول إذا وقع على الأرض بصب الماء عليه، والحكم واحد سواء كان على الأرض الصلبة أو الرخوة أو الفراش.
-هذا الحديث استدل به جمهور أهل العلم على أن النجاسة لا تزول إلا بالماء.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن هذا ليس بلازم، فلو زالت النجاسة بمائع من المائعات، مثل: بعض المشروبات يُطهَّر بها النجاسة، مع أنه لا يجوز امتهان الأطعمة والأشربة، ولكنه لو طُهِّرت النجاسة بشيء منها فإن النجاسة تزول، وهذا قول أبي حنيفة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ فقد قال رَحِمَهُ اللهُ: الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فبأي شيء أزيلت فهو كافٍ.
وهكذا أيضًا الشمس والريح – يعني: الهواء-إذا ضَرَبَتِ النجاسة حتى لم يبقَ لها أثر، فإن المحل يطهر، الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
وهناك قاعدة: جاف مع جاف طاهر بلا خلاف.
وهذه القاعدة ليست على إطلاقها، فلو أن نجاسة وقعت على فرش ويبست، ثم جئتِ وأنت ملابسك وجسمك جاف ليس فيه آثار الماء، لا تصلي في هذا الموضع؛ لأن النجاسة باقية، ولكن لو جلس عليها إنسان لغير الصلاة أو وضع عليها سجادة فإنها لا تُنجِّس.
-وفيه حسن أخلاق النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ورفقه بالجاهل.
-وفيه أن دَرْءَ المفسدة أولى من جلب المصلحة؛ فإنه لو زجر البائل فقطع بوله فقد يتضرر طبيًّا، وقد يتطاير البول في بقعة أكبر.
ومناسبة حديث أنس للباب، كما قال الشيخ ابن عثيمين في « شرح بلوغ المرام»(1/115):  المناسبة: أن الماء هو الذي تزال به النجاسة.
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/5_21.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(6) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(6) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 
 
13-وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالْجَرَادُ وَالْحُوتُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالطِّحَالُ وَالْكَبِدُ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
هذا الحديث ضعيف، في بعض طرقه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، ولكن الحديث صحيح من غير ذِكْر الرفع الصريح، قال: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» وله حكم الرفع.
الميتة: مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ قُتِلَ عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ.
 (مات حتف أنفه) أي: بغير سبب، أي: بغير ضرب، ولا قتل، ولا غَرَقٍ، ونحو ذلك.
من فوائد هذا الحديث:
-أن الأصل في الميتات التحريم.
-في هذا الحديث تخصيص قوله تَعَالَى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾[المائدة: 3]. فالآية عامة مخصوصة بميتة السمك والجراد.
-حِلُّ أكل الجراد، وأنه من الطيبات.
-ظاهر الدليل جواز أكل الجراد والسمك بما فيها.
وهل يجوز شوي الجراد والحوت وهي حَيَّةٌ؟
أما الجراد فلا بأس بشَويه وهو حي؛ لأنه يطول حياته، ممكن يبقى أيامًا ولا يموت.
 وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ شَيُّ الْجَرَادِ حَيًّا؛ لِمَا أُثِرَ مِنْ فِعْل الصَّحَابَةِ ذَلِكَ أَمَامَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
 وأما شوي السمك وهي حية، فذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ إِلْقَاءِ السَّمَكِ فِي النَّارِ حَيًّا؛ لِشَيِّهِ.
والإمام أحمد يقول: لا يعجبني.
لأن حياته يسيرة إذا فارقت الماء، فللرفق به لو أمكن أن يؤجَّل تقطيعه، أو شويه حتى يموت كان أولى.
مسألة: صيد الجراد والسمك من مجوسي أو غيره من الكفار من غير أهل الكتاب.
قال ابن قدامة في «المغني»(9/393): وَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَةِ مَا صَادُوهُ مِنْ الْحِيتَانِ. حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت سَبْعِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ يَأْكُلُونَ صَيْدَ الْمَجُوسِيِّ مَنْ لَا يَخْتَلِجُ فِي صُدُورِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
 وَالْجَرَادُ كَالْحِيتَانِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَكَاةَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ تُبَاحُ مَيْتَتُهُ، فَلَمْ يَحْرُمْ بِصَيْدِ الْمَجُوسِيِّ، كَالْحُوتِ.
-وفيه حل أكل الطِّحال والكبد.
- ونستفيد: المنع من أكل الدماء عدا الطحال والكبد،ويعفى من ذلك الدم الذي يكون في العروق، وفي داخل القلب؛ لأنه شيء يسير.
-وفيهأن من طرق التعليم ذِكْرُ الشيء مجملًا ثم ذكره مفصلًا، وهذا يكون فيه تشويق للنفس على تمام الكلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14-وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ ليَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَزَادَ: «وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ».
من فوائد هذا الحديث:
v            طهارة ميتة الذباب.
v            ونستفيد منه كما قال الصنعاني في «سبل السلام»(1/36): أَنَّهُ يُمْهَلُ فِي نَزْعِهِ بَعْدَ غَمْسِهِ.
ومن كانت نفسه لا تطيق الشرب فله ألَّا يشرب، لكن عليه أن يعتقد ما دلَّ عليه حديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يعاند، أو يردَّ هذا الحديث.
مسألة: إذا سقط الذبابُ فنزعه ثم أعطى الشراب غيره، ما هو الحكم؟
قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح بلوغ المرام»(1/128): لو سقط الذباب في الشراب وغمسته وأخرجته، ثم قدمته لإنسان يشرب، وعرفت بأن هذا الإنسان لو علم بأنه لو سقط فيه الذباب ما شرب، هل يجب أن أخبره؟
لا يجب ما دام الشيء لا يضر فإنه لا يجب؛ لأن هذا إنما يستقذره لو علم به، وإذا لم يعلم فالأمر طبيعي.
-ألحق أهل العلم بالذباب في طهارة ميتته كل ما لا نفس له سائلة، مثل: النحل، والعنكبوت، والقَمْل، والبعوض، وغير ذلك.
ومعنى: ليس له نفس سائلة، يعني: ليس له دم يسيل، وأخذوا من هذا الحكمة في نجاسة الميتة، قالوا: لأن دمها محتقن فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15-وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ-وَهِيَ حَيَّةٌ-فَهُوَ مَيِّتٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ.
الحديث ضعيف، وهو من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وهو ضعيف، ثم أيضًا قد خُولف، خالفه من هو أرجح منه وهو سليمان بن بلال، فرواه مرسلًا عن عطاء.
وله بعض الطرق الأخرى ولكنها لا تقويه.
« الْبَهِيمَةِ» المراد بالبهيمة هنا: الحيوان المأكول. وأما بهيمة الأنعام فهي: الإبل، والبقر، والغنم، والمعز، هذه يقال لها: بهيمة الأنعام.
وأهل العلم على ما دل عليه هذا الحديث:
 أن ما فُصِل وقُطع من بهيمةٍ فهو ميت نجس ولا يحل أكله.
قاعدة:ما أُبين من حيٍّ فكميتته، فما كان ميتته نجسة فهو نجسٌ، فلو قطعت يد حيوان، أو رجله فهي نجسة، وما كان ميتته طاهرة فهو طاهر، كالإنسان والجراد والسمك، وهكذا المسك وفأرته -أي: وعاؤه-جمهور أهل العلم على طهارته.
المشيمة وهي: التي تخرج بعد الولد، ما أُبين من حيٍّ فكميتته، فإن كان من حيوان فنجسة، وإن كان من آدمي فطاهرة على الصحيح؛ لأنها منفصلة من طاهر حيًّا وميتًا.
«مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ-وَهِيَ حَيَّةٌ-فَهُوَ مَيِّتٌ»يستثنى من هذا الطريدة والناد، هذا ما أُبين منه فهو طاهر إن عُثر على أصله، هذه عبارة ارتسخت في ذهني من والدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
الناد والطريدة، الناد الذي يفرُّ من الحيوانات الإنسية، مثل: الإبل، فإذا عُثِرَ على الأصل، أي: أُدرك، فجميع أجزائه طاهرة وحلال، أما إذا هرب وما مُسك فهنا تكون القطعة نجسة. جاء عن الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالطَّرِيدَةِ بَأْسًا، كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي مَغَازِيهِمْ، وَمَا زَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ فِي مَغَازِيهِمْ.
وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل. قَالَ: وَالطَّرِيدَةُ الصَّيْدُ يَقَعُ بَيْنَ الْقَوْمِ، فَيَقْطَعُ ذَا مِنْهُ بِسَيْفِهِ قِطْعَةً، وَيَقْطَعُ الْآخَرُ أَيْضًا، حَتَّى يُؤْتَى عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ. قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي إلَّا أَنَّ الصَّيْدَ يَقَعُ بَيْنَهُمْ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَكَاتِهِ، فَيَأْخُذُونَهُ قِطَعًا.
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/6_23.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(7) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(7) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 قَالَ أَبُو الفَضلِ أَحمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَجَرٍ
العَسقَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:

(بَابُ الآنِيَةِ) ذُكر هذا الباب في أبواب الطهارة؛ لأنه يُحتاج لها في الوضوء والغسل.

والآنية
جمع إناء. والأصل في الآنية الحل، قال الله:﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا﴾[البقرة:29].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

16-عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي
آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

من فوائد هذا الحديث:

§               
النهي عن الأكل والشرب في
آنية الذهب والفضة.

ونقل
الإجماع على التحريم النووي رَحِمَهُ الله في «شرح
صحيح مسلم».

§               
ظاهر الحديث العموم في
النهي للرجل والمرأة، قال النووي في «شرح صحيح مسلم»
(14/29): وَيَسْتَوِي في التحريم الرجل والمرأة بلا
خلاف.

 وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ
وَالْمَرْأَةِ فِي التَّحَلِّي؛ لما يُقصد
منها من التزين لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ.

حكم استخدام آنية الذهب والفضة لغير الأكل والشرب، مثل: وعاء
الطيب، والكحل، والقلم:

جمهور
أهل العلم على أن الحكم واحد، وأنه يُلحق
بالنهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة. وهذا
هو الصحيح؛ لأنه إذا نُهِي عن الأكل والشرب في
آنية الذهب والفضة، فغيرُهُما من باب أولى.

 وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن النهي خاص
بالأكل والشرب في آنية الذهب والفضة؛ لأن
الدليل ورد في الأكل والشرب فلا يُلحق به ما عداه، وهذا
الذي ذهب إليه الصنعاني في «سبل السلام». وهو قول الشوكاني في «نيل
الأوطار»، والشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُم اللهُ.

 ومن أدلة هذا القول حديث أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، وهو:
أن التابعي عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ،
قَالَ: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى
أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ مِنْ
مَاءٍ-وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلاَثَ
أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍفِيهِ شَعَرٌ مِنْ
شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ
إِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِي الجُلْجُلِ، فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا. رواه البخاري (5896).

والجلجل، قال الشيخ ابن
عثيمين في «الشرح الممتع»(10/226): يعني مثل ما نسميه نحن (قارورة).

واختلفت الروايات هل هو بلفظ قُصّة أو بلفظ فضة؟ وورد أيضًا
بلفظ «صُرَّة»
عند الطبراني (23/332) عن عُثْمَان بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْرَجَتْ
لَنَا صُرَّةً فِيهَا شَعْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَخْضُوبٌ بِحِنَّاءٍ، فَقَالَتْهَذَا مِنْ
شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
وسنده صحيح. والصُّرَّة بِالضَّمِّ: خرقَة مربوطة.

وهذا
يفيد جواز التبرك بآثار النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، لكنه لا يتعدى ذلك إلى غيرِه، فلا يُتبرك بأبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
ولا مَن دونهما.

حكم اتخاذ آنية الذهب والفضة لمجرد
الزينة فقط:

جمهور أهل العلم ألحقوا بالنهي اتخاذ آنية الذهب
والفضة للزينة لا للاستعمال، فقالوا: ينهى عنه من باب أولى.


قال
القرطبي في «المفهم»(5/346): وأما
اتخاذ الأواني من الذهب والفضة من غير استعمال، فمذهبنا، ومذهب جمهور العلماء:
أن ذلك لا يجوز.

 وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز اتخاذها دون
استعمالها.

ونستفيد من هذا الحديث:

§               
التعليل للنهي عن الأكل
والشرب في آنية الذهب والفضة؛ وذلك لاجتناب
التشبه بالكفار. وما عدا ذلك من العلل
فمنتقدة.

§               
وفيه تسلية الإنسان لنفسه، إذا وجد زخارف الدنيا وزينتها فيتذكر الآخرة، ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)﴾[غافر:39].

وهكذا
ينبغي لمن رأى العمران وزخارف الدنيا وعيشها، ينبغي
أن يبادر إلى تحقير الدنيا؛ لأنها إلى الزوال «لَبَّيْكَ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشَالْآخِرَهْ» رواه
الإمام أحمد (20/459والحديث في الصحيح بدون لفظة «لبيك».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ
رَسُولُ الْلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي
إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ.

«إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» الجرجرة: صوت الماء في الجوف.

وهذا
باعتبار بما يؤول إليه الأمر، كما قال
تَعَالَى:﴿
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ
فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)﴾[النساء:10].

«جَهَنَّمَ» هذا من أسماء النار.
قيل: سميت جهنم؛ لبُعد
قعرها، وقيل:
سميت بذلك؛ لغَلظ أمرِهَا.

وحديث أم سلمة في هذه الرواية الاقتصار على ذكر الفضة، ولكن فيه رواية في «صحيح مسلم»(2065)عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَالَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ
الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ..».

وهذه الرواية فيها ذكر الذهب
والفضة، فنستفيد: أن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة كبيرة من الكبائر.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/7_19.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(8) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(8) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 

18-وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الْلَّهُ
عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الْلَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَعِنْدَ
الْأَرْبَعَةِ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ».

الإهاب –وهو: الجلد-يستعمل آنية، ويُستعمل بساطًا، ودِفئًا،
ويُجعل فيه النقود، والحبوب، وغير ذلك من المنافع،
وخاصة عند المتقدمين.

الإِهابُ: هُوَ
الْجِلْدُ. يصدق عليه إهاب قبل الدبغ وبعده، وهذا عام.

وقيل: يقال له: إهاب قبل الدبغ، أما بعد إصلاحه وتطهيرِهِ لا يسمى إهابًا عند
بعضهم.

الدبغ: تطهير
الجلد.

ويكون بالماء مع بعض المواد المنظفة، مثل: القرظ، وقشور الرمان، والملح، ونحو ذلك من المنظفات.
ولا يلزم فيه أن يكون بالتراب، كما هو
في تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب.

نستفيد من الحديث:

·    نجاسة
الميتة.

·    جواز
الانتفاع بجلد الميتة بعد دبغه وتطهيره.

وهناك حديث عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: أَتَانَا
كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ:
«
أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ» رواه أحمد (31/74).

 وهذا الحديث أخذ به الإمام أحمد في المشهور عنه، وقال: لا
ينتفع بجلود الميتة بعد تطهيرها، ولكن الحديث
معارَض بأحاديث الأمر بدباغ جلود الميتة.

وحديث عبدالله بن عكيم
مضطرب، ولو ثبت لكان محمولًا على الميتة التي
لا يحل أكلها ولا تنفع فيها الذكاة الشرعية: كالكلب، والخنزير، والحمار، ونحو ذلك.

والكلام على جلد الميتة التي لحمها حلال لو ذُكيَت
ذكاةً شرعية، يسلخ جلدها ويقام بتطهيرها وتنظيفها
حتى تطهر.

أما جلود المذكاة ذكاة شرعية فهي طاهرة، كجلود الغنم والبقر والإبل وغيرها، دُبِغَت أولم تُدبغ. فيكون الأقسام ثلاثة في جلد الحيوان على التفصيل المذكور.

سؤال: هل
يجوز أكل جلد الميتة بعد دباغه؟

لا يجوز؛ لأنه جزء من الميتة، وقد
قال الله تَعَالَى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ ﴾[المائدة: 3].

ويقول النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا
انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟» قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا».

 وهذا قول أكثر أهل العلم كما في «المغني» لابن
قدامة رَحِمَهُ اللهُ.

وهناك قول: يجوز أكله، واستدلوا بحديث:

 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
أَنَّ دَاجِنَةً لِمَيْمُونَةَ مَاتَتْ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلا
انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، أَلا
دَبَغْتُمُوهُ فَإِنَّهُ ذَكَاتُهُ». رواه
أحمد(3/456وهو حديث صحيح.

والصحيح ما تقدم، وكونه دبغ الأديم ذكاته،
هذا لا يدل أنه يجوز أكله.

مسألة: جلد الذي لا
يؤكل لحمه هل يُطهَّر بالدباغ مثل: الحمار، الخنزير، السباع. هذا مختلف فيه بين أهل العلم.

والذي يظهر أن المقصود
بالحديث «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ»
وما في معناه المعروف الذي ينتفع بجلده، من
الحيوان المعروف الذي يحل لنا أكله، إذا ذكي
ذكاة شرعية.

وبعضهم توسع وجعل الحديث
عامًا في الحيوان المأكول لحمه وغير المأكول لحمه، بعضهم
توسع وأخذ بظاهر عموم اللفظ.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

19-وَعَنْ
سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الْلَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُها»
صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

هذا الحديث في سنده جون
بن قتادة مجهول، والحديث في الشواهد.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

20-وَعَنْ
مَيْمُونَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَرَّ رَسُولُ الْلَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ يَجُرُّونَهَا، فَقَالَ: «لَوْ أَخَذْتُمْ
إِهَابَهَا»؟ فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ
وَالْقَرَظُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

هذا الحديث من طريق عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَالِكِ
بْنِ حُذَافَةَ، عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ
بِنْتِ سُبَيْعٍ، عن مَيْمُونَةَ. وعبدالله بن مالك وأمه مجهولان.

القرظ: هُوَ
وَرقَ السَّلَم.

والجلد يقال له: إهاب، أديم. 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/8_24.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(10) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(10) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 

24-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ
تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: «لَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

الخمر: ما خامر العقل، أي: غطاه.

ولا
يدخل فيه البنج؛ لأنه ليس بلذة ونشوة وطرب.

وقد كان الخمر في الإسلام على عدة
مراحل:

الأول: الإباحة، قال
الله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ
تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا
[النحل: 67].

الثاني: ذِكْر مساوئها وأنها أكثر من منافعها، قال تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾[البقرة: 219].

الثالث: عدم شربها وقت الصلاة،
قال تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾[النساء: 43].

المرحلة الرابعة: تحريم شرب الخمر مطلقًا،
قال تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ
مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا
يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ
فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)﴾[المائدة: 90-91].

متى كان تحريم الخمر؟

كان
تحريم الخمر السنة الثالثة بعد غزوة أحد.

«تُتَّخَذُ خَلًّا» أي: تعالَج
الخمر حتى تتحول إلى خل.

فنستفيد من الحديث:

·          
 تحريم شرب الخمر، سواء
كان من الحبوب أو الثمار، ومنه ما يسمى
بالحشيشة هذه من المخدرات، والكحول.

·          
وفيه أن الخمر إذا عولجت
فتحولت خلًّا لا يجوز شربها.

·          
ومن مفهوم الحديث يستفاد: أن الخمر إذا تخللت من نفسها جاز شربها.

وعلامة
تحول الشراب إلى خمر: أنها إذا وصلت إلى حد
معين بدأت تطيش وترتفع، ويكون لها زبد حتى
ربما يكون نصف الإناء، يكون إلى قرب ملء
الإناء. هذا هو علامة الخمر.

والصحابة
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم كان هذا من أشربتهم، ولكن
لما نزل تحريم الخمر وكان في آنيتهم، أهراقوها؛
امتثالًا لأمر الله ورسوله.

روى
البخاري (2464ومسلم
(1980)
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ
سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ
خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي:
«
أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ»
قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا،
فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَالَ
بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ
فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾[المائدة: 93] الآيَةَ.

هل الخمر نجس؟

فيه
قولان:

أحدهما:
قول الجمهور، وحُكِي الإجماع ولا يصح أن الخمر نجسة.

واستدلوا
بقوله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌـ
وفسَّروا الرجس بالنجس.

والقول
الثاني: أنها ليست نجسة وهو الصحيح؛ إذ لا
تلازم بين التحريم والنجاسة، فكل نجس محرم ولا
عكس.

ونستدل على عدم نجاسة الخمر أن الأصل الطهارة، فلا ننتقل عن هذا الأصل إلا بدليل، وإهراقها في
طرق المدينة؛ إذ لو كانت نجسة ما أهريقت في
طرق الناس، والجواب عن الآية أن الرجس بمعنى
القَذَر.

25-وَعَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ
يَوْمُ خَيْبَرَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ،
فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ
الْأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 (وَعَنْهُ) أي: عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

يوم
خيبر كان في السنة السابعة من الهجرة.

أبو
طلحة زيد بن سهل.

«إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ» أتى بضمير
التثنية، وهذا يدل على جواز ذلك، أما ما جاء من النهي في الحديث الذي رواه مسلم (870) عَنْ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ
عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ،
قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ غَوِيَ».

هذا
الحديث الجواب عنه: أن الخطبة مقام بسط وتوضيح
بخلاف التعليم، فضمير التثنية في مقام التعليم
لا بأس به، فلا تعارض بين الأدلة.

«لُحُومِ الْحُمُرِ» بضمر الميم جمع حمار، أما حُمْر بسكون الميم فجمع أحمر.

والنَّعم: الإبل. أي: حُمْر الإبل، وقد
كانت أنفس أموال العرب وأعلاها.

الأهلية
ويقال: الإنسية، وهي
الأليفة التي تعيش بين الناس.

 أما الحمر الوحشية:
وهي التي تعيش في الصحاري والبراري فيجوز أكلها،
والدليل عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ
بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا
رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: «إِنَّا لَمْ
نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»
متفق عليه البخاري (1825ومسلم (1193).

 «إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» المحْرِمُ لا يجوز له أن يأكل من صيد البر إذا صيد
له أو أشار إلى صيده، حتى ولو إشارة.

من فوائد هذا الحديث:

·          
تحريم أكل لحوم الحمر
الأهلية، وكان تحريمها في غزوة خيبر، ولم يبح أكلها بعد ذلك.


·          
تقييد الحمر بالأهلية
أخرج الحمر الوحشية فإنه يجوز أكلها.

أما
البغال وهي التيتكون الأم فرس والأب حمار. يعني: ينزو
الحمار الأهلي على فرس فتحمِل، هذا الحمل يكون
بغلة، ولا يجوز أكله؛
لأنها متولدة من حرام وحلال.

 أما إذا نزا حمار وحشي على فرس فيكون حلالًا؛ لأن الحمار الوحشي حلال والفرس لحمه أيضًا حلال، كما ثبت عَنْ أَسْمَاءَ
قَالَتْ: «نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلْنَاهُ»
رواه البخاري (5519
ومسلم (1942).


·    استدل
بالحديث من قال: الحمر الأهلية نجسة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
«فَإِنَّهَا رِجْسٌ».


والصحيح
أنها طاهرة؛ لأن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم
والصحابة كانوا يركبون على الحمير فيصيبهم عرقها ورطوبتها وما كانوا يتحرزون منها، فدل هذا على طهارتها،
الممنوع أكلها.

26-وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى،
وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى كَتِفَيَّ. أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

الحديث
فيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف. ولكن له شاهد عند ابن ماجهمن طريق سعيد بن أبي سعيدالساحلي
عن أنس، والساحلي ضعيف، وجاء عن ابن عمر وسند الأثر صحيح.

«بِمِنًى» منى مشعر من المشاعر،
سميت بذلك لكثرة ما يُمنى فيها من الدماء.

«وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ» الراحلة مِنْ الْإِبِلِ: الصَّالِحَةُ لَأَنْ تَرْحَلَ.

«وَلُعَابُهَا» لعاب: ما
سالَ من الفَمِ.

« كَتِفَيَّ» الكتف: عظم
عريض خلف المنكب.

من فوائد هذا الحديث:

·          
بيان أن النّبِيّ صلى
الله عليه وسلم كان يخطب الناس عند المناسبات.

·          
وفيه طهارة لعاب ما يؤكل
لحمه، وعلى هذا الإجماع.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/10_28.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1444
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(9) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(9) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 

21-وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الْلَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ،
أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ فَقَالَ: «لَا تَأْكُلُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ لَا
تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

«إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ» القوم: خاص بالرجال، قال
تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾[الحجرات: 11].

ويدخل
النساء في القوم مع الرجال، كما قال تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحًا إِلى قَوْمِهِ﴾[نوح: 1وهو مرسل
إلى الرجال والنساء.

«أَهْلِ كِتَابٍ» اليهود والنصارى.

من فوائد الحديث:

·      فيه
الحرص على العلم.

·      بيان
كيفية أسئلة الصحابة، وأنها كانت أسئلة علمية
دينية.

·      النهي
عن الأكل في آنية المشركين إلا بشرطين: ألا
يوجد غيرها، وغسلها قبل الأكل فيها.

والحديث محمول على الآنية التي يستعمل فيها
الخنزير وشرب الخمر؛ بدليل ما رواه أبو داود (3839) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ: إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ
الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي
آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ وَجَدْتُمْ
غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا، وَإِنْ
لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا».

وقد ثبتت الأدلة في طهارة آنية
المشركين، منها:

قوله تَعَالَى: ﴿
وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ ﴾[المائدة: 5].

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ
يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ
وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَأَجَابَهُ.

رواه الإمام أحمد(20/424وسنده
صحيح. ومنه الحديث التالي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

22-وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ
تَوَضَّؤُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فِي
حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

هذا الحديث متفق عليه.
وفيه: «وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا
وَاسْتَقُوا»، اسْقُوا أي: اسقوا غيركم، وَاسْتَقُوا: اشربوا لأنفسكم.

وليس فيه أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ منه.

«مَزَادَةِ»
المَزادَةُ: إناء من جلد.

«امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ» المشرك: من جعل مع الله شريكًا،
فإن كان في أفعال الله فهو شرك في الربوبية، وإن
كان في أفعال العباد فهو شرك في الألوهية. كما
قال البسام.

هذا الحديث: يفيد طهارة آنية المشركين، وما ورد من الإشكال في حديث أبي ثعلبة فقد سبق
الجواب عنه.

وأما قوله تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [التوبة: 28].

فالنجاسة هنا معنوية،
أي: نجَس في عقيدة الشرك بالله.

أما النجاسة الحسية فلا، المشرك بدنه طاهر، ويدل لذلك حديث ثمامة بن أثال عند أن كان
كافرًا  وربط في سارية المسجد، الحديث رواه
البخاري (462ومسلم
(1764) عن
أبي هُرَيْرَةَ وفيه: فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ
مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ.

فاستفدنا: طهارة بدن المشرك، وطهارة آنية المشركين،
وهكذا لعابهم، وثيابهم طاهرة، الأصل
الطهارة، ولأن أعيانهم طاهرة.

وهذا الحديث من ضمن الأدلة على طهارة الإهاب إذا
دبغ؛ لأن ذبائح المشركين نجسة؛ لأنها ميتة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

23-وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ،
فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سَلْسَلَةً مِنْ فِضَّةٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

«انْكَسَرَ» أَيِ: انْشَقَّ.

«الشَّعْبِ» أي: الشق.

«سَلْسَلَةً» بفتح السين
الأولى والثانية: اتِّصالُ
الشيءِ بالشيءِ
. يعني: تذاب الفضة ثم تدخل في هذه الشقوق؛ ليلتئم.

أما بالكسر «سِلْسِلَة»:
دائرٌ من حديدٍ ونحوِه، هذا كالأسلاك
التي تربط الإناء وتشده.

وقد تكون السلسلة من فضة، من حديد، من نحاس...

نستفيد من الحديث:

·     
جواز تضبيب
الإناء المنشق بالفضة، قال الصنعاني في «سبل
السلام»: ولا خلاف في جوازه.

فائدة: تضبيب الإناء:
شريط يجمع بين طرفي المنكسر قاله ابن عثيمين.

وتضبيب الإناء خاص بالفضة،
ولا يتناول الذهب؛ لعدم المخصص
في ذلك، والله أعلم.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/9_28.html

أضف رد جديد