سلسلة النساء الفقيهات

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 624
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

سلسلة النساء الفقيهات

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(22) سلسلة النساء الفقيهات

 
        مِنْ فقه أسماء بنت أبي بكرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
عَنْ عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ، قَالَ: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةً: الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ.
 فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ؟
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ»، فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ.
 وَأَمَّا مِيثَرَةُ الْأُرْجُوَانِ، فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللهِ، فَإِذَا هِيَ أُرْجُوَانٌ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ فَخَبَّرْتُهَا، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ.
 فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا. رواه مسلم (2069).
وللشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في « شرح بلوغ المرام»(1/123) توضيح على هذا الحديث، من المناسب ذِكْرُهُ هنا، يقول رَحِمَهُ الله: أرسلت أسماء إلى ابن عمر تقول: إنه بلغني أنك تحرم العلم في الثوب - يعني: علم الحرير- وأنك تحرم ميثرة الأرجوان، وأنك تحرم صوم شهر رجب كله، الأرجوان: لون أحمر، والميثرة: وطاء يربط على ظهر الحمار من أجل أن يكون ألين للراكب وهي البرذعة، أرسلت إليه مولاها قال: أما ما ذكرت عن صوم رجب فكيف بمن يصوم الدهر كله؛ أصوم الدهر كله كيف أحرم شهر رجب؟ ! إذن صار القول بأنه يحرمه كذب.
 وأما ما ذكرت من العلم فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحرير: «إنما يلبسه من لا خلاق له»، وإني خفت أن يكون العَلَم من ذلك، فإذًا تركه؛ احتياطا وورعا ولم يحرمه.
 وأما ما ذكرت من الميثرة - ميثرة الأرجوان- فهذه ميثرة عبد الله - يعني: نفسه- فإذا هي أرجوان، فيكون قد حرمها أو أحلها؟ أحلها، فانظر إلى السلف الصالح كيف يتأدب بعضهم مع بعض، ولا يذهب إذا نُقل عن شخص ما لم يقله يذهب ينشره بين الناس، لا بل أرسلَتْ إليه تسأله، وتبَيَّن أن ما نسب إليه ليس بصحيح، هذه لعلها تكون فائدة أفيد بكثير من الدروس. اهـ.
أقول: رضي الله تَعَالَى عن أسماء المرأة الفقيهة الصابرة الحكيمة؛ لقد دلَّ هذا الحديث على فقهِهَا من أوجُهٍ، منها:
-تثبُّتها في الشائعات، فكم  مِنْ مسألة تُشاع وليس لها زِمام!
-نِقاشها لابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بأدبٍ واحترام في المسائل المختلف فيها، وهذا عين الفقه؛ فليس الفقه والرد بالسب والشتم.
-الرجوع عند الاختلاف إلى الأدلة؛ فأسماء احتجت بجواز عَلَمِ الحرير للرجل، وهذا ما لم يزد على أربع أصابع كما في حديث عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
- فهمُهَا للعقيدة؛ فهي تعلم مشروعية التبرك بآثار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما لامس جسده الشريف، وهذا خاص به دون أمته. 
-حرصها على الخير هي وأختها عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ فقد حفظت أم المؤمنين عائشة جبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ للتبرك بها، ثم أختها أسماء حفظتْهَا عندها؛ ليستمر خيرُها.
-حِرْصها على نفع الناس والتعاون معهم؛ فقد كانت تغسل الجبة للمرضى؛ لشفائهم، بإذن الله عَزَّ وَجَل.
-محبتها وكذا جميع الصحابة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعظيمهم له؛ ولهذا يستشفون ويتبركون بآثار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/22.html




كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 624
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(23) سلسلة النساء الفقيهات

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(23) سلسلة النساء الفقيهات

                 حفصَةُ بنت سيرينرَحِمَهَا الله
 
عن هشام،- وهو ابن حسان-، عن إياس بن معاوية، قال: ما أدركت أحدًا أفضِّلُه على حفصة.
 فقيل له: الحسن، وابن سيرين؟
فقال: أما أنا فلا أفضِّل عليها أحدًا.
 قال: وقرأتِ القرآن، وهي ابنة اثنتي عشرة سنة.
 وماتت وهي ابنة سبعين سنة. كذا قال ابن أَبي داود فقيل له: تسعين سنة، فقال: كذا في الحديث.
أخرجه أَبُو بَكْر بْن أَبي داود كما في «تهذيب الكمال»(35/152)، والأثر صحيح.
وهي إحدى سيدات نساء التابعين، قال العراقي رَحِمَهُ الله في « الألفية »:
وفي نِسَاءِ التَّابِعِينَ الأَبْدَا ... حَفْصَةُ مَعْ عَمْرَةَ أُمِّ الدَّرْدَا
قال العراقي في « شرح الألفية»(2/163): قولي: الأبدا، أي: أبداهُنَّ، بمعنى أولهنَّ في الفضلِ.
ثم قال: قالَ أبو بكرِ بنُ أبي داودَ: سَيِّدَتَا التَّابِعِينَ مِنَ النِّسَاءِ حَفْصَةُ بنتُ سيرينَ، وعَمْرَةُ بنتُ عبدِ الرحمنِ، وثالثتُهما وليستْ كهما أُمُّ الدرداءِ، يريدُ الصُّغرى، واسمها هُجَيْمَةُ، ويقالُ: جُهَيْمَةُ، فأمَّا أُمُّ الدرداءِ الكُبْرى، فهيَ صحابيةٌ، واسمها خَيْرَةٌ.
وقد ترجم لها  الذهبي رَحِمَهُ الله في « تاريخ الإسلام»(3/37) بترجمةٍ موجزة حافلة، وقال: كَانَتْ عَدِيمَةَ النَّظِيرِ فِي نِسَاءِ وَقْتِهَا، فَقِيهَةً صَادِقَةً فَاضِلَةً كَبِيرَةَ الْقَدْرِ، تُوُفِّيَتْ بعد المائة.
وقال الحافظ في «تقريب التهذيب»: حفصة بنت سيرين أم الهذيل الأنصارية البصرية، ثقة من الثالثة، ماتت بعد المائة، من رجال الجماعة.
رحم الله حفصة بنت سيرين، كيف حَظِيَتْ بمناقبَ جمَّةٍ، منها:
-أنها من المحدِّثات الفقيهات.
-شهادة إياس بن معاوية أحد فضلاء التابعين لها بأنه ما أدركَ أحدًا يفضِّلُهُ عليها.
-إقبالها على العلم وهي صغيرة السنٍّ.
-حفظها القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة.
وقد استمرَّت رَحِمَهَا الله في طلب العلم والتعليم والعبادة حتى توفاها الله.
-دخولها إن شاء الله في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ».
-أنَّها عُدَّتْ في سيدات التابعين من النساء، وأنها أوَّلُهُنَّ فضلًا.
-وصف الذهبي رَحِمَهُ الله لها بأوصاف، من ضمنِها: أنه لا يوجد لها نظيرٌ فِي نِسَاءِ وَقْتِهَا.
فتأمَّلْنَ هذه الفضائل، وسابِقْنَ إليها، والموفَّقة مَنْ صرفَتْ همَّتها لآخرتِها، اللهم أحيي قلوبنا من غفلتِها.
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/23.html

أضف رد جديد