أبا بلال ستبقى الفيوش - بإذن الله - منارا هاديا
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
- فقد تناقل كثير من اﻹخوة - المحبين و المبغضين - مقطعا صوتيا لم يتجاوز الخمس الدقائق للأخ أبي بلال الحضرمي - شفاه الله - سئل فيه عن الأخ زكريا بن شعيب ؛ و كان زمن الجواب عن حال زكريا لا يتعدى الدقيقة، ثم جعل بقية الوقت في الكلام على دار الحديث العامرة المباركة في الفيوش، رحم الله مؤسسها رحمة و اسعة، و حفظ الله مشايخها القائمين عليها، و كغيري ممن سمع كلامه المليء بالمغالطات و الكذبات و المجازفات - ولا أقول العجيبة - فالحقد أعجب، و من تأمل في كلامه - حقيقة - رثى لحاله، فالرجل يتكلم عن الفيوش و كأنه يأكل بعضه بعضا، فنسأل الله العافية.
و قبل أن أنقل كلامه معقبا بشيء يسير على بعض عباراته - لا كلها - بعون الله تعالى - أقدم بمقدمة أرى أنها رد مجمل على كلام أخينا أبي بلال - هداه الله - علّ الله - سبحانه وتعالى - أن ينفعني و ينفعه و القارئين بها،
فأقول:
أولا:
لقد رأيت أبا بلال الحضرمي - هداه الله - على الحال نفسها التي رأى عليها محمد بن أحمد بن عبد الهادي - رحمه الله تعالى - السبكي حينما قال في ( الصارم المنكي في الرد على السبكي ص6): -
(و رأيت مؤلف هذا الكتاب - أي: السبكي - رجلا مماريا معجبا برأيه متبعا لهواه، ذاهبا في كثير مما يعتقده إلى اﻷقوال الشاذة و الآراء الساقطة، صائرا في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المخيلة و الحجج الداحضة...... و هو في الجملة لون عجيب و بناء غريب) اهـ.
قلت: ووالله - ولست حانثا بإذن الله - أن أبا بلال لون عجيب و بناء غريب كما سيأتيك - إن شاء الله -
و تذكرت - بعد فراغي من سماع تلك المادة المتعفنة بالكذب و البهتان -
كلمة جميلة قالها الإمام ابن حزم - رحمه الله تعالى - كما في ( اﻷخلاق و السير ص 91):- ( لا آفة أضر على العلوم و أهلها من الدخلاء فيها - و هم من غير أهلها - فإنهم يجهلون و يظنون أنهم يعلمون،
و يفسدون و يقدّرون أنهم يصلحون) اهـ.
ثانيا: مِن مِثلك أبا بلال جاءنا الاختلاف و الافتراق، قال اﻹمام الشاطبي - رحمه الله تعالى - كما في ( الاعتصام 129 - 128 / 3): - ( فاعلموا أن الاختلاف في بعض القواعد الكلية لايقع في العادة الجارية بين المتبحرين في علم الشريعة، الخائضين في لجتها العظمى العالمين بمواردها و مصادرها و الدليل على ذلك اتفاق العصر اﻷول و عامة العصر الثاني على ذلك، و إنما وقع اختلافهم في القسم المفروغ منه آنفا، بل كل خلاف على الوصف المذكور و قع بعد ذلك فله أسباب ثلاثة قد تجتمع و قد تفترق: -
أحدها: - أن يعتقد اﻹنسان في نفسه أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم و الاجتهاد في الدين و لم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك و يقدّر رأيه رأيا و خلافه خلافا، و لكن تارة يكون ذلك في جزئي و فرع من الفروع.
وتارة يكون في كلي و أصل من أصول الدين، كان من اﻷصول الاعتقادية أو من اﻷصول العملية، فتراه آخذا ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها إلى ما ظهر له بادي رأيه من غير إحاطة بمعانيها و لا رسوخ في فهم مقاصدها و هذا هو المبتدع، و عليه نبه الحديث الصحيح أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الناس و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا))
قال بعض العلماء: تدبروا هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم و إنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله) اهـ.
قلت: - أبا بلال - تدبر هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم و إنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم - و أحسبك من هؤلاء - فيؤتى الناس من قبله، فاحذر أن تكون قدوة في الشر.
ثالثا: - أبا بلال - هداك الله - احذر العصبية المقيتة و العداوة التي بسببها رُدّ جرح أئمة الإسلام في بعض اﻻفاضل !!! قال السبكي - رحمه الله تعالى - كما في ( طبقات الشافعية 2/2): - ( الجارح لا يقبل منه الجرح و إن فسره في حق من غلبت طاعاته على معاصيه و مادحوه على ذاميه و مزكوه على جارحيه، إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة في الذي جرحه من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية كما يكون من النظراء أو غير ذلك) اهـ.
و قال اللكنوي - رحمه الله تعالى - كما في)الرفع و التكميل ص 187): (الجرح إذا صدر عن تعصب أو عداوة أو منافرة أو نحو ذلك، فهو جرح مردود و لا يؤمن به إلا المطرود، و لهذا لم يقبل قول مالك في محمد بن إسحاق صاحب المغازي: إنه دجال من الدجاجلة، لما علم أنه صدر من منافرة باهرة، بل حققوا أنه حسن الحديث و احتجت به أئمة الحديث، و لم يقبل قدح النسائي في أحمد بن صالح المصري، و قدح الثوري في أبي حنيفة الكوفي، و قدح ابن معين في الثوري، و نظائره كثيرة في كتب الفن شهيرة.
و من ثم قالوا: لا يقبل جرح المعاصر على المعاصر، أي: إذا كان بلا حجة ﻷن المعاصرة تفضي غالبا إلى المنافرة) اهـ.
وقال تاج الدين السبكي - رحمه الله تعالى - كما في ( طبقات الشافعية 2 / 12): ( و مما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد و اختلافها بالنسبة إلى الجارح و المجروح، فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك، و إليه أشار الرافعي بقوله: و ينبغي أن يكون المزكون برءاء من الشحناء و العصبية في المذهب، خوفا من أن يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق، و قد وقع هذا لكثير من اﻷئمة، جرحوا بناء على معتقدهم و هم مخطئون و المجروح مصيب.
و قد أشار تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه ( الاقتراح) إلى هذا، فقال: -
( أعراض المسلمين حفرة من حفر النار و قف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون و الحكام).
و من أمثلة ما مر قول بعضهم في البخاري: تركه أبو زرعة و أبو حاتم من أجل مسألة اللفظ، فيالله و المسلمين ! أيجوز لأحد أن يقول: البخاري متروك ؟ و هو حامل لواء الصناعة و مقدم أهل السنة والجماعة) اهـ.
- قلت: فيالله و المسلمين أيجوز ﻷحد - أبا بلال - أن يقول عن دار الحديث العامرة المباركة في الفيوش: انتهت يا أيها المخلوق العجيب.....
رابعا: - يا أبا بلال - اعلم - ( أن مسألة الجرح والتعديل مزلق خطير و خطر كبير و الناظر فيما عبّر به أئمة هذا الشأن عن دوافعهم في الجرح والتعديل يجد أنهم كانوا على وعي بالغ بخطورة ما يأتون و جلال ما يفعلون حتى يقول جهبذ هذا الشأن اﻹمام العلم يحي بن معين - رحمه الله تعالى - ( إنا لنطعن على أقوام لعلهم حطّوا رحالهم في الجنة منذ مئتي سنة).
و من قبله قال أبو الزناد - رحمه الله تعالى -: ( أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من شأنه).
و لما كان الجرح والتعديل مما يترتب عليه رد اﻷحاديث و قبولها، و هو أمر ذو قدر في دين الله تعالى، و لما كان نقص شيء مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - كزيادة ما لم يأت به
كل ذلك تقوّل عليه، و قول في دين الله بغير علم، لما كان ذلك كذلك كان شأن الجرح و التعديل في دين الله كبيرا .
و في كلمة جامعة يبين اﻹمام ابن دقيق العيد خطورة جرح الرواة فيقول: ( أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون و الحكام) أي الذين يحكمون بين الناس فيقبلون الشهود أو يردونهم.
- فالجارح - يا أبا بلال - على شفا أمر عظيم، و المجروح موسوم بسمة ترد روايته و ترخص قيمته، قال اﻹمام ابن الصلاح - رحمه الله تعالى - كما في ( مقدمة ابن الصلاح ص 654): - (إن على اﻵخذ في ذلك أن يتقي الله - تبارك وتعالى - و يتثبت و يتوقى التساهل كيلا يجرح سليما و يسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها، و أحسب أبا محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم من مثل ما ذكرناه خاف، فيما روّيناه أو بلغنا أن يوسف بن الحسين الرازي - و هو الصوفي - دخل عليه و هو يقرأ كتابه في " الجرح والتعديل " فقال له: كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة و مئتي سنة و أنت تذكرهم و تغتابهم ؟
فبكى عبدالرحمن.
و بلغنا أيضا أنه حدّث - أي: عبدالرحمن - و هو يقرأ كتابه ذلك على الناس، عن يحي بن معين أنه قال: " إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مئتي سنة " فبكى عبدالرحمن و ارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده) اهـ.
- قلت: - أبا بلال - هل لك من مراجعة قبل فوات الأوان.
- و في بيان خطورة الجرح والتعديل على وجه العموم، و بيان شروط الجارح و المعدل - يا أبا بلال - يقول ذهبي العصر الشيخ عبدالرحمن بن يحي المعلمي - رحمه الله تعالى -: ( تقدمة الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم. تقديم الشيخ المعلمي ( ص / ب - ج): -
( ليس نقد الرواة باﻷمر الهيّن، فإن الناقد لا بد أن يكون واسع الاطلاع على اﻷخبار المروية عارفا بأحوال الرواة السابقين و طرق الرواية خبيرا بعوائد الرواة و مقاصدهم و أغراضهم و باﻷسباب الداعية إلى التساهل و الكذب و الموقعة في الخطأ و الغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي: متى ولد ؟و بأي بلد، و كيف هو في الدين و اﻷمانة و العقل و المروءة و التحفظ ؟ و متى شرع في الطلب ؟ و متى سمع ؟ و كيف سمع ؟ و مع من سمع ؟ و كيف كتابه ؟ ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم و بلدانهم ووفياتهم و أوقات تحديثهم، و عاداتهم في الحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم و يعرض عليها مرويات هذا الراوي و يعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
و يكون مع ذلك متيقظا، مرهف الفهم، دقيق الفطنة، مالكا لنفسه لا يستميله الهوى و لا يستفزّه الغضب و لا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظرة و يبلغ المقر ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز و لا يقصر و هذه الرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا اﻷفذاذ.
و قد كان من أكابر المحدثين و أجلّتهم من يتكلم في الرواة فلا يُعول عليه و لا يُلتفت إليه، حتى قال اﻹمام علي بن المديني و هو أحد أئمة هذا الشأن: ( أبو نعيم و عفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال هؤلاء لا يدعون أحدا إلا وقعوا فيه) اهـ.
قلت: - سبحان الله، أبو نعيم و عفان و هما من هما في هذا الشأن، فكيف لو رأى ابن معين أبا بلال الحضرمي !!!! فاتقوا الله أبا بلال في أعراض المسلمين من العلماء و الدعاة و طلاب العلم، فأنت و من كان على طريقتك ما تركتم أحدا إلا و تكلمتم فيه، نسأل الله العافية من هذا الهذيان، و تأمل أبا بلال في صفات الجارح إن كنت مصرا على الطعن في أعراض إخوانك و لم ترعوي، و لم تنزجر، و استمع إلى اﻹمام المعلمي و هو يهذبك و ينصحك قائلا: -
- كن متيقظا
- مرهف الفهم
- دقيق الفطنة
- مالكا لنفسك
- لا يستميلك الهوى و لا يستفزك الغضب
- و لا يستخفك بادر ظن حتى تستوفي النظرة و تبلغ المقر -
- ثم تحسن التطبيق في حكمك.
و مع ذلك كله أقول لك: لست من هؤلاء فهذه مرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا اﻷفذاذ
فتب إلى ربك قبل يوم المعاد
يوم القضاء بالحسنات و السيئات
و دع عنك ما أنت فيه من البهت و الهذيان.
خامسا: - بالعدل و الإنصاف يا أبا بلال قامت السموات والأرض، فاﻻسلام جاء ليقيم الحق و العدل بين الناس جميعا، قال الله تعالى: (( و السماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان و أقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان)) و قال سبحانه: (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط)) عدل في القول: قال تعالى: (( و إذا قلتم فاعدلوا)) و عدل في الحكم: قال تعالى: (( و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)) و حرم اﻹسلام - يا أبا بلال - الظلم
ففي الحديث القدسي ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا) في مسلم عن أبي ذر - رضي الله عنه - و قال - صلى الله عليه وسلم - محذرا من الظلم: ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) رواه مسلم عن جابر - رضي الله عنهما -
و في كلام عظيم لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - كما في ( الجواب الصحيح 1/22) قال - رحمه الله تعالى -: (..... و لما كان أتباع اﻷنبياء و هم أهل العلم و العدل كان كلام أهل الإسلام و السنة مع الكفار و أهل البدع بالعلم و العدل لا بالظن و ما تهوى اﻷنفس، و لهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " القضاة ثلاثة: قاضيان في النار و قاض في الجنة، رجل علم الحق و قضى به فهو في الجنة، و رجل علم الحق و قضى بخلافه فهو في النار، و رجل قضى للناس على جهل فهو في النار "
فإذا كان من يقضي بين الناس في اﻷموال و الدماء و اﻷعراض إذا لم يكن عالما عادلا كان في النار، فكيف بمن يحكم في الملل و اﻷديان و أصول اﻹيمان و المعارف اﻹلهية و المعالم العلمية بلا علم و لا عدل ؟ !)
قلت: تأمل يا أبا بلال في قوله - رحمه الله -: ( بلا علم و لا عدل) فهذا الذي صنعت في كلامك على دار الحديث بالفيوش فلا علم و لا عدل.
و إذا كانت عقيدة البراء من الكفار كما في قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء
بعضهم أولياء بعض)) و غيرها من اﻵيات، لا تمنع من العدل فيهم و إنصافهم كما قال تعالى: (( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى))، و استمع - يا أبا بلال - إلى العالم حقا و اﻹمام صدقا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ماذا يقول عن هذه اﻵية كما في ( مجموع الفتاوى 200 / 35) قال - رحمه الله تعالى: - (.... فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفار على ألا يعدلوا، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع متأول من أهل الإيمان ؟ فهو أولى أن يجب عليه ألا يحمله ذلك على ألا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما).
و لولا اﻹطالة - يا أبا بلال - لسقت لك جملة من اﻷقوال العظيمة و المواقف الكبيرة لشيخ الإسلام في هذا الباب رجاء أن تعلم أخلاق الكبار
ولكن أكتفي بما ذكر.
سادسا: - يا أبا بلال - هداك الله - إن الاستعجال في إصدار اﻷحكام على اﻵخرين و بناء المواقف عليها يعرّض صاحبه للزلل و الخطأ و لا بد، ففي العجلة الندامة و قد قيل ( العجلة أم الندامات)، فلا بد إذا من التثبت و التبين و اﻷصل في ذلك قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا....)) اﻵية، و لقد عاب ربنا - تبارك وتعالى - على أقوام متسرعين في نقل اﻷقول و إشاعة اﻷخبار من غير تبين
فقال سبحانه وتعالى: (( و إذا جاءهم أمر من اﻷمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول و إلى أولي اﻷمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم....)) اﻵية، و هذا اﻷدب الرفيع - يا أبا بلال - نعمة جعلها الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان، قال اﻹمام ابن جرير الطبري - رحمه الله تعالى - كما في ( تفسيره 557 / 2): ( و خص الله بذلك القوم الذين يوقنون لأنهم أهل التثبت في اﻷمور ؟ و الطالبون معرفة اﻷشياء على يقين و صحة) اهـ.
و للحافظ - بحق - ابن حجر - رحمه الله تعالى - كما نقله عنه تلميذه الحافظ السخاوي - رحمه الله تعالى - كما في ( ذيل التبر المسبوك ص 4) كلام
فتأمله و كأنه يعنيك - أبا بلال - قال - رحمه الله تعالى -: ( إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من اﻷقوال و اﻷفعال و الرجال يلزمه التحري في النقل، فلا يجزم إلا بما يتحققه و لا يكتفي بالقول الشائع لا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم و الصلاح
و إن كان في الواقعة أمر فادح - سواء كان قولا أو فعلا أو موقفا - في حق المستور فينبغي أن لا يبالغ في إفشائه و يكتفي باﻹشارة لئلا يكون قد وقعت منه فلتة، و لذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفا بمقادير الناس و أحوالهم و منازلهم فلا يرفع الوضيع و لا يضع الرفيع) اهـ.
قلت: كم أنت - أبا بلال - بحاجة إلى مثل هذه المواعظ العظيمة و هي - والله - كافية لك إن كان لك عقل.
وهذا كلام عظيم للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله تعالى - كما في ( الرياض الناضرة ص 209) لتعلم - أبا بلال - حجم المأساة التي ارتكبتها في حق نفسك أولا
ثم في حق إخوانك ثانيا، فوالله ما قلتَه و تفوهتَ به جرم عظيم، قال ابن سعدي - رحمه الله تعالى: - ( من الغلط الفاحش الخطِر: قبول قول الناس بعضهم ببعض، ثم يبني عليه السامع حبا و بغضا و مدحا و ذما، فكم حصل بهذا الغلط أمور صار عاقبتها الندامة، و كم أشاع الناس عن الناس أمورا لا حقيقة لها بالكلية، فالواجب على العاقل: التثبت و التحرز و عدم التسرع، و بهذا يعرف دين العبد و رزانته و عقله).
قلت: رحمك الله أيها اﻹمام الجهبذ، نعم - والله - بهذا يعرف دين العبد و رزانته و عقله، و أختم هذه النقطة بنصيحتي لك أن تحذر أن تكون من الحمقى،
قال اﻹمام ابن حبان - رحمه الله تعالى - كما في ( روضة العقلاء ص119): - ( من علامات الحمق التي يجب للعاقل تفقدها: سرعة الجواب و ترك التثبت) اهـ.
- و هذا أوان الشروع في المقصود وبالله التوفيق -
- سئل أبو بلال عن حال زكريا بن شعيب فأجاب: -
( هو من الطلاب المنحرفين في هذه الفتنة
فتنة العدني
نحن أصحاب العدني عندنا منحرفون يُعلم ذلك فهم مبتدعة منحرفون ضُلّال
و الضلال يتفاوت و فعلوا قلقلة على الدعوة السلفية ما فعلها أبو الحسن و لا فعلها الزنداني و لا غيرهم ممن سبقهم جعلوا ثلمة في الدعوة السلفية و فجوة عظيمة فرقوا بين المشايخ و بين الأحبة و طعنوا في بعضهم البعض و فتنوا الناس نعوذ بالله من شرهم انظروا إلى حالهم الآن
حال كثير منهم كيف هم
و إلى أي شيء صاروا ضائعون ضائعون لا هم في الفيوش بقوا و تعلموا و لا هم أيضا كذلك في مساجدهم مسكوها و أفادوا الناس فيها
ضاعوا
يا أخي عداء أهل السنة ما هو سهل و الله ما هو سهل شتت الله شملهم ما يجمع لك شملا و الله الذي يفرق أهل السنة لا يجمع الله شمله تجده مشتت تارة هنا و تارة هنا و تارة هناك و لا يجلس في مكانه فقط
أما الذي هو حريص على السنة حيثما حلّ نفع سواء كان في بلده أو في غير بلده الذي يحب العلم و يحب السنة ويحب نشر الخير هؤلاء شتت الله شملهم بسبب عداءهم للسنة
الآن في الفيوش امكن خمسة عشر كرسي مثل الحرم كل واحد يدرس درس و بعد هذه الدروس تأتي فرقة ثانية غير الأولة التي درست في اليوم الأول
لا إله إلا الله
ما فيهم واحد استطاعوا أن يقيموه مقام ذلك الراحل يدرسوا أكثر مم ثلاثة أكثر من أربعة فشل ذريع أصاب الفيوش بسبب ما قام به من الثورة في مهده قبل أن يشب في الفيوش و إذا به يأتي يحدث فتنة على الناس فأخمدهم الله سبحانه و تعالى و لم يجعل لهم قائمة تقوم شتتهم الله سبحانه جعل قلوبهم نافرة عن بعضهم البعض ضرب قلوب بعضهم ببعض فعلى الذين يحدثون أنفسهم أنهم يفرقون أهل السنة يربعوا عن أنفسهم سيصيبهم ما أصاب من قبلهم و هذا الذي أصاب أصحاب الفيوش بسبب شدة عداوتهم و فتنتهم انتهوا
الإخوان المسلمون لا زالوا يتماسكون أبوالحسن لا زال يمسك بعض أصحابه بعض أصحاب الجمعيات لا زالوا متماسكين
أما هؤلاء انتهوا انتهوا عن بكرة أبيهم لأن عداءهم كان أشد فانتهوا تماما و ما قامت لهم قائمة الفيوش هذا مشتت لأنه مركز خبيث و قام على ضرب السنة و قوّموه لأجل هذا و لأجل دماج
فحسبنا الله و نعم الوكيل) اهـ.
- أقول: ما تقدم يا أبا بلال رد كما قلت لك مجمل و سأعرّج هنا على بعض عباراتك بما يفتح الله - سبحانه وتعالى - إحقاقا للحق و ردا للظلم و أهله: -
- 1 - قولك: ( نحن أصحاب العدني عندنا منحرفون يُعلم ذلك فهم مبتدعة منحرفون ضُلال).
أقول: أما العدني: -
فهو شيخنا و شيخ شيخك العلامة عبدالرحمن بن مرعي العدني السني السلفي الثقة الثبت العابد الزاهد الورع الحكيم صاحب الدار السلفية اﻷثرية المباركة في الفيوش - حرسها الله - الفقيه اﻷصولي صاحب الدروس النافعة و الفوائد الماتعة و المحاضرات و الخطب الجامعة، فمثله لا يحتاج إلى مدحك، فمادحوه أكابر هذه اﻷمة من العلماء الربانيين
وحسبك بالوادعي و الوصابي ووصي الله عباس و السحيمي و غيرهم، و طلابه ملأوا السهل و الجبل و منهم شيخك الحجوري - هداه الله - و لكن ماذا عسانا أن نفعل و نحن في زمان أُسند اﻷمر إلى غير أهله،
ذكر ابن عبدالبر - رحمه الله تعالى - كما في ( جامع بيان العلم و فضله برقم 2410): ( عن مالك قال: أخبرني رجل دخل على ربيعة فوجده يبكي !
فقال له: ما يبكيك ؟ و ارتاع لبكائه - فقال له: أدخلت عليك مصيبة ؟ فقال: لا
ولكن استفتي من لا علم له و ظهر في اﻹسلام أمر عظيم
و لَبعضُ من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السرّاق) اهـ.
قلت: فكيف لو رأى ربيعة زماننا.
قال اﻹمام الشاطبي - رحمه الله تعالى - كما في ( الموافقات 193/192): (..... السائل لا يصح أن يسأل من لا يُعتبر في الشريعة جوابه، ﻷنه إسناد أمر إلى غير أهله و اﻹجماع على عدم صحة مثل هذا، بل لا يمكن في الواقع ! لأن السائل يقول لمن ليس بأهل لما سئل عنه: أخبرني عما لا تدري ! و أنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به على سواء !!
و مثل هذا لا يدخل في زمرة العقلاء، إذ لو قال له: " دلني في هذه المفازة على الطريق إلى الموضع الفلاني " و قد علم أنهما في الجهل بالطريق سواء.
لعُدّ من زمرة المجانين
فالطريق الشرعي أولى، لأنه هلاك أخروي، و ذلك هلاك دنيوي خاصة) اهـ.
- فاحذر أبا بلال - أن تكون صريع الجهل متشبعا بما لم تعط تظن نفسك مرجعا للفتيا يتملكك العجب فتلمز أفاضل العلماء و تفري أعراضهم،
و رحم الله أبا الحسن القالي فقد قال و أحسن فيما قال:
تصدر للتدريس كل مهوّس
بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا
ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها
كلاها و حتى سامها كل مفلس
- قلت: هزلت - والله - يا أبا بلال.....
إذا كان مثلك يلمز و يطعن بالجبال.
- وأخرى قاصمة الظهر: -
- أريد من اﻷخ أبي بلال - هداه الله تعالى - أن يسمي لنا عالما معتبرا من علماء الدعوة السلفية في بلاد اليمن أو من خارجها حكم على شيخنا العدني - رحمه الله تعالى - و طلابه بأنهم مبتدعة منحرفون ضلال، و ها أنا ذا أتحداه أن يسمي و احدا ؟ ! و لست من أهل التحدي و لكني أتحدى لأني أعلم أن هؤلاء العلماء عند أبي بلال ما بين
مبتدع ضال !!
و حزبي محترق !!
و إلا سموا لي - يا معاشر الحجاورة - علماءكم الذين ترجعون إليهم ؟ !!!
و طبعا باستثناء عالم الثقلين !!!!
- و هذه بعض النصائح السلفية اﻷثرية لك أخي أبا بلال علها تنفعك: -
- سئل الشيخ أحمد النجمي - رحمه الله تعالى - كما في ( الفتاوى الجلية 72/2):
( هل يجوز لطالب العلم المتمكن أن يبدع أو يكفر ؟ أم أن هذا ﻷهل العلم خاصة ؟
الجواب: -
لا يجوز لطالب العلم المبتدىء أن يبدع أو يكفر إلا بعد أن يتأهل لذلك
و عليه إسناد اﻷمر لكبار أهل العلم خاصة) اهـ.
- و قال صاحب الفضلية العلامة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - كما في ( المنتقى من فتاويه 181/2): ( لا ينبغي للطلبة المبتدئين - و غيرهم من العامة - أن يشتغلوا بالتبديع و التفسيق، لأن ذلك أمر خطير - وهم ليس عندهم علم و دراية في هذا الموضوع - و أيضا هذا يحدث العداوة و البغضاء بينهم، فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم و كف ألسنتهم عما لا فائدة فيه، بل فيه مضرة عليهم و على غيرهم) اهـ.
- و أختم بما قال الشيخ عبدالسلام برجس - رحمه الله تعالى - في محاضرة له بعنوان ( مظاهر الغلو في الاعتقاد و العمل و الحكم على الناس): ( التبديع بغير حق و التفسيق بغير حق: يقود إلى التقاطع و التباغض و هو سبيل إلى التكفير بغير حق) اهـ.
قلت: الله أكبر - رحمك الله - يا شيخ عبدالسلام،
تأملوا في قوله: ( و هو سبيل إلى التكفير بغير حق)
و تذكروا مقال ذياك الحجوري اﻷحمق الذي كفر مشايخ اليمن
فإنا لله و إنا إليه راجعون
فالحذر الحذر أبا بلال.
- 2 - قولك: ( هؤلاء " يقصد من في الفيوش " شتت الله شملهم بسبب عداءهم للسنة " طبعا السنة هنا هي الحجوري "، اﻵن في الفيوش خمسة عشر كرسي مثل الحرم كل واحد يدرس درس و بعد هذه الدروس تأتي فرقة ثانية غير اﻷولى التي درست في اليوم اﻷول، لا إله إلا الله ما فيهم واحد استطاعوا أن يقيموه مقام ذلك الراحل يدرسوا أكثر من ثلاثة أكثر من أربعة، أيش هذا فشل ذريع أصاب الفيوش) اهـ.
أولا - الطليعة: -
- قولك: ( شتت الله شملهم): -
أقولها عن قرب دون ( حدثني و أخبرني و سمعت):
في الفيوش رجال نحسبهم صادقون مخلصون محبون للدعوة و لشيخهم الشهيد، متحابون متآلفون مجتمعون على كلمة واحدة، يلتقون بين الحين و اﻵخر و يناقشون أمر الدعوة و ما يصلح الدار، فلله درهم و على الله أجرهم و حفظهم من شر كل ذي شر و من عين حاسد إذا حسد.
- قولك: ( في الفيوش خمسة عشر كرسي) كذبت، هو كرسي واحد يتعاقب عليه المشايخ في كل شهرين يدرسون و ينفعون إخوانهم، و نفع الله بهم نفعا عظيما، و الكراسي اﻷخرى قليلة عليها يجلس أفاضل المشايخ للتدريس.
قولك: ( ما فيهم واحد استطاعوا أن يقيموه مقام ذلك الراحل): -
نعم لم يستطيعوا أن يقيموا واحدا، بل أقاموا الكثير،
أقاموا
الشيخ الفاضل ياسين الضالعي
و الشيخ الفاضل محمد الخدشي
و الشيخ الفاضل بشار العدني
و الشيخ الفاضل أنيس اليافعي
و الشيخ الفاضل عبدالحكيم الناخبي
و الشيخ الفاضل عبدالله الردفاني
و الشيخ الفاضل عبدالرحمن السقاف
و الشيخ الفاضل الخضر البيضاني
و الشيخ الفاضل أحمد عربص
و غيرهم ممن تزخر بهم دارنا العامرة بالفيوش، و الشانئون يموتون كمدا.
قولك: ( فشل ذريع أصاب الفيوش): -
و هذه تنقلني إلى التنكيل: -
- إلى العقلاء و المنصفين، هذا هو الفشل الذريع الذي أصاب الفيوش !!!!
- البرنامج اليومي في دار الحديث بالفيوش: -
بعد صلاة الفجر: -
حفظ فلا ينام أحد في المسجد و لا في الضاحي.
الساعة الثامنة / تبدأ حلقات الحفظ و التلقين للصغار و الكبار و هناك حصص لأصحاب المدرسة - مدرسة دار الحديث بالفيوش - من الصف الأول إلى الصف العاشر، و يستمر هذا الخير إلى صلاة الظهر.
- بعد صلاة الظهر: -
درس عام، و حاليا الدرس في كتاب ( توفيق الرحمن في دروس القرآن للشيخ فيصل آل مبارك) - رحمه الله تعالى -
و يدرسه الشيخ الفاضل علي بن غالب السعدي - حفظه الله تعالى -
- بعد العصر: -
درس عام، و حاليا في كتاب ( الاعتصام من صحيح اﻹمام البخاري) - رحمه الله تعالى -
و يدرسه الشيخ الفاضل محمد الخدشي - حفظه الله تعالى -
و بعد درسه
دروس خاصة و تسميع للمتون، ينتشرون في المسجد كخلايا النحل - اللهم بارك -.
- بين مغرب و عشاء: -
درس عام، و حاليا في كتاب ( السياسة الشرعية) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - و حاليا يدرسه الشيخ الفاضل النائب عن الشيخ عبدالله مرعي - وفقه الله - ياسين الضالعي - حفظه الله تعالى -.
وبعد العشاء: - دروس خاصة و تسميع للمتون حتى الساعة التاسعة.
- و أما - يا أبا بلال - يومي الخميس والجمعة تخرج من دار الحديث الفاشلة !!!! سيارات و باصات دعوة إلى مختلف المحافظات و منها يافع و الضالع و ردفان و الصبيحة و أبين و غيرها حتى وصل مشايخ الفيوش إلى حضرموت و شبوة و المهرة و سقطرى.
- و من بقي في الدار يومي الخميس والجمعة فلهم درس بين مغرب و عشاء و هو اﻵن في كتاب ( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين) ﻹمام الدعوة السلفية في بلاد اليمن مقبل الوادعي - رحمه الله تعالى - و يدرسه الشيخ الفاضل الوقور أحمد عربص - حفظه الله تعالى -.
- و هذا ما ذكرته اختصارا ليعلم القارئ الكريم من الفاشل ؟ !!
و أقول لأبي بلال: إن كان هذا فشلا ذريعا فما هو النجاح عندك ؟ !
ليس إلا الحقد و الغل العجيب الذي ملك قلبك و جوارحك - نسأل الله الشافي أن يشفيك -
هوّن عليك أبا بلال، قال الجرجاني كما في ( التعريفات ص96): ( الحقد:
سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة)،
و ذكر ابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى - أن الحقد مع كل من الغضب بالباطل و الحسد على أنها جميعا من كبائر الباطن، و علل جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله كما في (الزواجر 52/1): ( لما كان بمنزلة خصلة واحدة، و ذم كلٍ يستلزم ذم اﻵخر، لأن الفرع و فرعه يستلزم ذم اﻷصل و أصله وبالعكس).
- و أنت يا أبا بلال رئيس القوم إليك ما قاله ابن المقفع الكندي: -
إن الذي بيني و بين بني أبي
و بين بني عمي لمختلف جدا
إذا أكلوا لحمي و فرت لحومهم
و إن هتكوا مجدي بنيت لهم مجدا
و لا أحمل الحقد القديم عليهمو
و ليس رئيس القوم من يحمل.
- قال أبو بلال - هداه الله: -
- (..... فأخمدهم الله و لم يجعل لهم قائمة تقوم، شتتهم الله - سبحانه - جعل قلوبهم نافرة عن بعضهم البعض ضرب قلوب بعضهم لبعض...).
- قلت:
أولا / أبا بلال كذبت و رب الكعبة !!
بل قلوبهم على قلب رجل واحد، متحابون متآلفون متناصحون يعملون في الدار بيد واحدة
لله درهم و على الله أجرهم
و دفع عنهم حسد الحاسدين و كيد الفجار الحاقدين !!!.
ثانيا / من أين لك يا أبا بلال معرفة ما في القلوب الذي لا يعلمه إلا الله، هل آل بك الحقد و الغل إلى علم الغيب !!!
و لا عجب فالحقد أعجب، ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي اعترض على قسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - و قوله به: " اتق الله ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
ويلك ! أولست أحق أهل اﻷرض أن يتقي الله؟ قال: ثم ولى الرجل ! فقال خالد بن الوليد:
يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: -
إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس و لا أشق بطونهم).
- قلت: رسول رب العالمين - عليه الصلاة والسلام - لم يؤمر أن ينقب عن قلوب الناس فماذا أنت قائل أبا بلال !!!
و ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - حينما قتل المشرك بعد أن قال: لا إله إلا الله،
فلما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكر ذلك عليه
فقال أسامة: إنما قالها متعوذا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( هلا شققت عن قلوبهم) !
- قلت: أبا بلال هلا شققت عن قلوب المشايخ في دار الخير و البركة الفيوش ؟ !!!.
ثالثا / أتدري - و لا أخالك تدري - من الذين شتتهم الله و مزقهم و جعل قلوب بعضهم نافرة عن بعض - أظنك تدري - و لكن مثلي و مثلك كقول القائل: ( رمتني بدائها وانسلت)،
فلقد انتقم الله لأوليائه من العلماء الذين سخِرتم منهم و سفهتموهم و بدعتموهم - و بعضكم كفرهم - أن شتت الله شملكم و فرّقكم شيعا و فرقا متناحرة - و لا تعجل علي -
و خذها مني يا أبا بلال الحضرمي.... و راجعوا أنفسكم و عجلوا بالتوبة و اﻷوبة و الرجوع إلى الله و تحللوا من المظالم قبل أن تلقوا ربكم من لا يُظلم عنده أحد،
و إليك ما يقصم ظهرك - بإذن الله تعالى - ليعلم القارئ المنصف من الذين شتتهم الله و فرّقهم و جعل قلوبهم نافرة بعضها من بعض:
(1) فرقة سعيد دعاس الحجوري - رحمه الله تعالى - الذي بدع كمالا العدني الحجوري، بأنه أشعري مفوض في الصفات،
فخرجت فرقة كمال العدني الذي بدع سعيد بن دعاس - رحمه الله تعالى - بأنه أصبح حداديا غاليا.
(2) فرقة خالد الغرباني الحجوري التي أعلنت الحرب على فرقة حسين الكحلاني، فالفرقة الغربانية تتهم الكحلانية بالتميع، والفرقة الكحلانية تتهم الفرقة الغربانية بالتشدد.
(3) فرقة أحمد بن عثمان العدني،
خرجت له فرقة حجورية من جامعه تتهمه بالهزل العلمي و بأنه يجري وراء الدنيا و بسرقة أموال الصدقات و بالتمييع.
(4) فرقة سامي ذيبان العدني،
خرجت عليه فرقة حجورية أخرى من جامعه تتهمه بالتمييع و الكذب و المداهنة و بأنه مصلحي و دنيوي ويسرق أموال الدعوة و ما مصلى العيد عنك ببعيد.
(5) فرقة ياسر أبلان الحجوري في محافظة إب، و فرقة تناوئها هي فرقة شائف الخطيب الحجوري.
(6) فرقة فيصل الغولي البعداني في إب،
خرجت عليه فرقة أخرى حجورية تشنع عليه فتتهمه بالنصب و سرقة أموال الدعوة.
(7) و في تعز فرقة حسن بن قاسم الحجوري، خرجت عليه فرقة أخرى يرأسها أبوبكر الحمادي الحجوري و تتهم حسنا بالشحاتة و الكذب و أشياء أخرى مخزية.
(8) وأخيرا - فرقتك يا أبا بلال الحضرمي في مركز دماج - ذاته - حين تخاصمت مع صاحبك و رفيق دربك العمودي الحجوري - و الخصومة إلى يومنا هذا -.
- قلت: - أبا بلال - من الذين شتت الله شملهم و مزق جمعهم - اللهم لا شماتة - فهل من توبة ؟ !!.
- و أما قولك: ( اﻹخوان المسلمون لا زالوا يتماسكون، أبو الحسن لا زال يمسك بعض أصحابه، بعض أصحاب الجمعيات لا زالوا متماسكين).
- قلت: - أما هذا الهراء فعجزت عن الإجابة عنه !!!!!
و أترك جوابه فلن أجاريك في الهوس و الجنون.
- و أما قولك: ( أما هؤلاء انتهوا انتهوا تماما عن بكرة أبيهم) !!.
- قلت: أظن أن القارئ الكريم يعرف ما يسمى ( الصميل)،
و هكذا أبو بلال - هداه الله - ( انتهوا) يعني بالصميل، وصنيع أبي بلال هذا يذكرني بالرجل الذي رآه الشافعي - رحمه الله تعالى - يبول، كما في ( طبقات الشافعية 18/2) قال الشافعي - رحمه الله تعالى: - ( حضرت بمصر رجلا مزكيا يجرح رجلا فسئل عن سببه و أُلحّ عليه فقال: رأيته يبول قائما، قيل: و ما في ذلك ؟ قال: يرد الريح من رشاشه على يده و ثيابه فيصلي بهما، قيل: هل رأيته قد أصابه الرشاش و صلى قبل أن يغسل ما أصابه ؟ قال: لا ولكن أراه سيفعل) اهـ.
يا أبا بلال أنصحك - والله - و أنا لك مشفق، أن تدقق في كلامك قبل أن تلقيه على من يسمعك و تتثبت في ذلك غاية التثبت من غير استعجال قبل أن ترسله و تفحص مدى مطابقة كلامك للحال و الواقع، فقبيح أن ترسل الكلام الذي ربما جعلك أضحوكة عند غيرك و أنت في هذا السن المتقدم، و قبل ذلك راقب الله و استحضر أنك مسؤول عن كل ما تتلفظ به بين يدي الله تبارك وتعالى،
روى ابن حبان كما في ( روضة العقلاء ص46) عن شعبة بن الحجاج - رحمه الله تعالى - أنه قال: (من الناس من عقله بفنائه، و منهم من عقله معه، و منهم من لا عقل له، فأما الذي عقله معه فهو الذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم، و أما الذي عقله بفنائه فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم) اهـ.
قلت: تأمل أبا بلال فإن شعبة لم يذكر من لا عقل له.
- و أما قولك اﻷثيم: ( الفيوش هذا مشتت لأنه مركز خبيث).
قلت:
(1) أبا بلال - رويدك - فإن المؤمن لا يشفي غيظه،
قال اﻹمام سماحة الوالد ابن باز - رحمه الله تعالى - كما في ( مجموع فتاويه 313/7) في بيان صفة الرد على المخالف: ( فيكون ذلك بأحسن عبارة و ألطف إشارة دون تهجم أو تجريح أو شطط في القول يدعو إلى رد الحق أو الاعراض عنه) اهـ.
(2) التشفي - أبا بلال - ليس جرحا بل هو حقد دفين !!!
قال اﻹمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - كما في ( تلبيس إبليس ص120): - ( و من تلبيس إبليس على أصحاب الحديث قدح بعضهم في بعض - طلبا للتشفي - و يخرجون ذلك مخرج الجرح والتعديل) اهـ.
هذا في أصحاب الحديث اﻷئمة النبلاء فكيف بأبي بلال !!!!
(3) الظلم و التعدي و سوء اﻷدب مع المخالف - أبا بلال - مذموم ممنوع شرعا و إن كان صاحبه محقا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - كما في ( درء تعارض النقل و العقل 182/7): - ( لابد أن تحرس السنة بالحق و العدل لا تحرس بكذب و ظلم، فإذا رد اﻹنسان باطلا و رد بدعة ببدعة كان مما ذمه السلف و اﻷئمة) اهـ.
و قال - رحمه الله تعالى - كما في المرجع السابق ( 168/7): - ( و أما المناظرة المذمومة من العالم بالحق فأن تكون قصده مجرد الظلم و العدوان لمن يناظره، و مجرد إظهار علمه، و بيانه ﻹرادة العلو في اﻷرض، فإذا أراد علوا في اﻷرض أو فسادا كان مذموما على إرادته) اهـ.
(4) اعلم - أبا بلال - أن اﻹساءة معصية توجب سخط الرب، و المعصية سبب الخذلان، فاحفظ لسانك تظهر على مخالفك إن كنت محقا، قيل لحاتم اﻷصم - رحمه الله تعالى -: ( أنت رجل أعجمي لا تفصح و ما ناظرت أحدا إلا قطعته فبأي شيء تغلب خصمك ؟
قال: بثلاث: -
أفرح إذا أصاب خصمي و أحزن إذا أخطأ، و أحفظ لساني عن أن أقول له ما يسوءه) اهـ. ( الحكم الجديرة باﻹذاعة ص 35).
(5) سب المخالف - أبا بلال - إنما يقع من قليل الدين، ﻷن تقوى الله تمنع من هذا، و هو يقع من الجاهل الذي ليس عنده علم يؤدي إليه فيظهر على خصمه فيفزع إلى السب والشتم،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - كما في ( الصارم المسلول ص 496): - ( إنه في اللجاجة يسب الجاهل من يعظمه مراغمة لعدوه، إذا كان يعظمه أيضا) اهـ.
(6) - يا أبا بلال - أذكرك الله - عز وجل - و الوقوف بين يديه، أذكرك - أبا بلال - سؤال الله لك عن هؤلاء الفضلاء من مشايخ أهل السنة، ووالله إني لأخشى أن تتكلم في أناس قد حطوا رحالهم في الجنة منذ سنين، فهم خصماؤك بين يدي ربك أيها الظالم الغشوم، و تفكر في حالك و قد ارتقيت مرتقى صعبا في الكلام على العلماء و المشايخ و طلاب العلم فالجارح على شفا أمر عظيم، قال اﻹمام ابن الصلاح - رحمه الله تعالى - كما في ( المقدمة ص 654): - ( إن على اﻵخذ في ذلك أن يتقي الله - تبارك وتعالى - و يتثبت و يتوقى التساهل كيلا يجرح سليما و يسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها، و أحسب أبا محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم من مثل ما ذكرناه خاف، فيما روّيناه أو بلغنا أن يوسف بن الحسين الرازي - و هو الصوفي - دخل عليه وهو يقرأ كتابه في " الجرح والتعديل " كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مئتي سنة و أنت تذكرهم و تغتابهم؟ فبكى عبدالرحمن، و بلغنا أيضا أنه حُدّث - أي عبدالرحمن - و هو يقرأ كتابه في ذلك على الناس عن يحي بن معين أنه قال: " إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مئتي سنة " فبكى عبدالرحمن و ارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده) ا.ه.
قلت: هؤلاء - أبا بلال - هم حماة الدين و حراس السنة من اجتمعت فيهم شروط الجارح المعدل،
من
التقوى
و الورع
و الصدق
والخوف من الله
و التجرد لله
و حسن القصد،
و مع ذلك ما زالوا خائفين وجلين من لقاء رب العالمين، فنسأل الله السلامة، فقل لي بربك من أنت و أين أنت منهم ؟
فاعرف قدر نفسك أيها المتعالم المغرور المسرف في الولوغ في أعراض الصالحين من العلماء و الدعاة إلى الله و طلاب العلم السلفيين، لا يصل بك الحقد إلى ضياع نفسك يوم التغابن، يوم لا ينفع مال و لا بنون،
يا أبا بلال - والله - إني لك ناصح، و لا تغتر بالمساكين من حولك الذين تعلّموا هزّ الرؤوس،
ووالله سيسألك الله عن كل هؤلاء اﻷخيار فأعد للسؤال جوابا و للجواب صوابا.
(7) قولك اﻷثيم :( لأنه مركز خبيث)،
أقول: قال تعالى: (( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا))،
دار الحديث في الفيوش - أبا بلال - فيه آلاف الحافظين و الحافظات لكتاب الله تعالى،
منبر دار الحديث بالفيوش منبر الدعوة إلى العقيدة الصحيحة السُنة السَنيّة و التوحيد الخالص،
و التحذير من البدع و الشركيات و المنكرات،
كرسي دار الحديث فيه الفنون من العلم ( عقيدة و توحيد و فقه و تفسير و أصول و عربية وووو).
- مركز الفيوش الخبيث - أبا بلال - فيه: -
درس العقيدة الطحاوية، و الواسطية و التدمرية و غيرها،
و فيه دروس التوحيد من كتاب التوحيد و اﻷصول الثلاثة و القواعد اﻷربع و كشف الشبهات و القول المفيد في أدلة التوحيد.
- فيه دروس الفقه، وأصوله، و التفسير و أصوله، و اللغة و فروعها.
- فيه حفظ متون العلم السلفية.
- فيه المحاضرات العلمية و الوعظية، فيه الفتاوى و حلول مشاكل الناس من طلاق و زواج و ميراث و غير ذلك، و صدق الله العظيم إذ يقول: (( ستكتب شهادتهم و يسألون)).
- يا أبا بلال اتق الله، الاناة الاناة و الرفق الرفق، جاء في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن الله رفيق يحب الرفق)،
قال ابن الوزير - رحمه الله تعالى - كما في ( العواصم و القواصم 152/7): ( فاحذروا مواقع الغلو فإنها أساس البدعة) اهـ.
و قال - رحمه الله تعالى - في ( العواصم و القواصم 330/1): ( و التعنت و الغلو في اﻷمور: -
يجر اﻹنسان إلى ما لا يَقصِد و يجر إلى ما يكره، و لهذا جاءت السنة بالاعتدال في جميع اﻷمور) اهـ.
و اعلم - أيها الرجل الظلوم - أن من براهين المحق أن يكون عدلا في مدحه، عدلا في ذمه، و لهذا جاء عند النسائي من حديث عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: قال - عليه الصلاة والسلام: - ( و أسألك كلمة الحق في الرضا و الغضب).
- تنبيه: -
أخي القارئ الكريم - حفظك الله - إذا قرأت أو سمعت مصطلح ( أهل السنة) عن أحد من الحجاورة - هداهم الله - فمقصودهم بأهل السنة - كما هو معلوم من صنيعهم - هو الحجوري و مشايخ الدار - أعني دماج - و من هو على طريقتهم، فمن رد على أحدهم فقد هاجم أهل السنة و الجماعة، فكن على بصيرة من ذلك.
- و أخيرا: -
أختم بكلام عظيم لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - كما في ( الرد على البكري 219-218/1) قال: ( و المؤمن المحسن المتبع لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر أحدا بأمر لمجرد غرضه، بل إذا أمر أحدا بأمر كان مقصوده بذلك انتفاع المأمور و حصول مصلحته، و له أجر الناصح الدال على الخير الداعي إلى الهدى، فيكون له مثل أجر العامل المأمور من غير أن ينقص من أجر العامل شيء.. فالمؤمن المتبع للسنة يحسن إلى الخلق و يطلب اﻷجر من الخالق فيكون قائما بحق الله و حق عباده) اهـ.
- يا أبا بلال - أكتب هذا الرد - من عدن الجريحة - و التي تصدم بين حين و آخر بمقتل أحد أشياخها بقتل أو تفجير، و مع ذلك أقول: إن ما تفعله أنت و من معك من قساة القلوب و غلاظ اﻷكباد، من تشويه دعوة أهل السنة و تشويه حملتها،
لهو - والله - أعظم من المفخخات و الرصاص الذي يغتال أحدا من المشايخ و الدعاة، فهؤلاء وإن قتلوا أخلف الله غيرهم يحمل أمر الدعوة إلى الله و هكذا ( حتى نلقى الله - تعالى - و أما أنتم فتسعون - لا وفقكم الله - لوأد الدعوة و قتلها بتشويهها بألسنتكم العفنة و أقلامكم الماكرة
فالله حسيبكم).
و الحمدلله على رب العالمين
كتبه من عدن - حرسها الله - حامدا لرب العالمين و مصليا على رسوله اﻷمين
أبو جعفر صلاح بن علي بن سعيد العدني
كان الله له
بتأريخ
17 صفر 1439 للهجرة
6 / 11 / 2017