وقفة مع الحلقة الثانية من مصارعة الأخ ياسين/ نور الدين السدعي

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أبوعبدالله الحضرمي
مشاركات: 190
اشترك في: صفر 1436

وقفة مع الحلقة الثانية من مصارعة الأخ ياسين/ نور الدين السدعي

مشاركة بواسطة أبوعبدالله الحضرمي »

بسم الله الرحمن الرحيم
(وقفة مع الحلقة الثانية من المصارعة للأخ ياسين العدني)

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أما بعد: فقد أخرج الأخ ياسين العدني –وفقه الله- الحلقة الثانية من (المصارعة لبيان ما حوته الوقفة الثانية للسدعي من الكذب والمغالطة) وقد رأيت فيها أمورا منها:
أولا: أنه حاد عن بعض الأشياء التي ذكرتها في ردي عليه، وبالأخص الأشياء التي تبين عذر الشيخ الإمام، فأين الاعتراف بالحق والعدل والإنصاف؟ قال الإمام الزيلعي –رحمه الله-: (وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب). (نصب الراية (1/ 355) أين التحلي بمكارم الأخلاق ومراعاة الأحوال، والتماس العذر للأفاضل ما أمكن؟ قال الإمام أبو قلابة الجرمي –رحمه الله-: (إذا بلغك عن أخيك شيئا تكرهه فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذرا فقل في نفسك: لعل لأخي عذرا لا أعلمه) (حلية الأولياء) (2/285)
ثانيا: لم يجب الأخ ياسين على طلبي منه إثبات أن الإمام أحمد بدع أو ضلل من لم يعذرهم ممن أجاب في المحنة، بل حاد عن ذلك وذكر أشياء عن الإمام أحمد لا تتعدى التخطئة إلى التبديع والتضليل، كأمره بهجرهم ونحو ذلك. مع أن التنبيه على أن الحق في هذه المسألة مع من عذرهم فيها، لا مع الإمام أحمد –رحمه الله- قال الإمام الذهبي –رحمه الله- بعد أن ذكر نهي الإمام أحمد عن الكتابة عن ابن معين وغيره ممن أجاب في المحنة: (هذا أمر ضيق، ولا حرج على من أجاب في المحنة، بل ولا على من أكره على صريح الكفر عملا بالآية، وهذا هو الحق) (سير النبلاء)(9/133)
وعلى كل حال لا زلت أطالب الأخ ياسين بإثبات أن الإمام أحمد بدع أو ضلل من لم يعذرهم ممن أجاب في المحنة.
ثالثا: وهو أهمها ومن أجله كتبت الرد، وهو إقرار ياسين لجرح الشيخ عبيد –وفقه الله- في الشيخ الإمام –وفقه الله- بحجة أنه جرح مفسر.
ومن باب الإفادة لإخواني طلاب العلم، أقول: ليس كل جرح سواء كان مفسرا أو غير مفسر يكون مقدما على التعديل، بل عندنا أربع قواعد متعلقة بمثل هذه المسألة.
القاعدة الأولى: أن من ثبتت عدالته لا يقبل فيه الجرح إلا بأمر قادح واضح جلي لا يحتمل غير جرحه، فمن ثبتت عدالته بيقين لا تزول عنه إلا بيقين.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (كل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد، حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه.) (تهذيب التهذيب 7/273)
وقال الإمام الطبري رحمه الله: (من ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن.) (هدي الساري ص428).
وقال الإمام البخاري رحمه الله:( ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي وكلام الشعبي في عكرمة، وفيمن كان قبلهم، وتناول بعضهم في العرض والنفس، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة، والكلام في هذا كثير) (جزء القراءة خلف الإمام ص14).
وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: (والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته، وثبتت في العلم إمامته، وبانت ثقته، وبالعلم عنايته، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته بينة عادلة يصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله، لبراءته من الغل والحسد والعداوة والمنافسة وسلامته من ذلك كله.) (جامع بيان العلم وفضله(2/1093). ونص على هذه القاعدة أيضا من أهل العلم، الإمام محمد بن نصرالمروزي كما في (فتح المغيث) (2/188) والإمام البيهقي في (السنن الكبرى) (10/124) والحافظ البقاعي في (النكت الوفية) (1/610) والعلامة المعلمي في (التنكيل) (1/255) وغيرهم من أهل العلم.
وهذه القاعدة مطردة أيضا في التكفير واستحلال الدماء المعصومة، فمن ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين، لا بمجرد الظنون والأوهام، وتحميل الكلام ما لا يتحمله ونحو ذلك، قال الإمام الشوكاني –رحمه الله- في ”السيل الجرار“ (3/783-784): «اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دائرة الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَقدُم عليه إلا ببرهان أوضح من الشمس، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، ففي هذه الأحاديث وما ورد في موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير».اهـ
وقال –رحمه الله-: «وهذه المقامات التي هي مقامات التكفير هي مزالق الأقدام، ومزلات أنظار الأعلام، فمن أقام نفسه فيها؛ وحكم على بعض من ينتمي إلى الإسلام بالكفر فقد تعرض لأمر عظيم، وأدخل نفسه في مدخل وخيم، فإن أسباب الكفر بعيدة المدارك، مظلمة المسالك». ”المشكاة في بعض مسائل الزكاة“ (ص35-37).

القاعدة الثانية: القول بتقديم الجرح على التعديل مطلقا غير صحيح لما يترتب عليه من المفاسد الكبيرة، قال الإمام الصنعاني رحمه الله:(وأما الجامد في ذهنه الأبله في نظره، فإنه يقول: قد تعارض هنا الجرح والتعديل فيقدم الجرح، لأن الجارح أولى وإن كثر المعدل، وهذه القاعدة لو أخذت كلية على عمومها وإطلاقها لم يبق لنا عدل إلا الرسل! فإنه ما سلم فاضل من طاعن، لا من الخلفاء الراشدين ولا من أحد من أئمة الدين.)اهـ
وقال الإمام الألباني رحمه الله: والهدام -يعني حسين بن عبد المنان-على منهجه المنحرف عن الجماعة يأخذ أسوأ ما قيل في الراوي مقدماً الجرح على التعديل مطلقاً! وهذا مذهب باطل لا يقول به إلا جاهل أو مغرض (النصيحة ص193) بواسطة (مصطلح الحديث للألباني ص295).

القاعدة الثالثة: قاعدة (الجرح المفسر مقدم على التعديل) مقيدة بقيد عظيم وهو: (أن يكون الجرح مفسرا بشيء قادح) وإلا فمتى لم يكن مفسرا بشيء قادح، كأن يكون الجرح في حد ذاته ليس قادحا، أو يكون المجروح معذورا بشيء يمنع من قبول الجرح فيه وما شابه ذلك، فهنا لا يؤخذ بالجرح وإن كان مفسرا، نبه على هذين الأمرين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث قال: (قد يعتقد أحد المجتهدين ضعف رجل ويعتقد الآخر ثقته أو قوته وقد يكون الصواب مع المضعف لاطلاعه على سبب خفي على الموثق، وقد يكون الصواب مع الآخر لعلمه بأن ذلك السبب غير قادح في روايته وعدالته، إما لأن جنسه غير قادح، وإما لأن له عذراً أو تأويلاً يمنع الجرح.) (الصواعق المرسلة 2/556).

وقال الحافظ ابن حجر في شأن الطعن في من أخرج له الشيخان أو أحدهما: (لا يقبل –أي الطعن- إلا مبين السبب مفسرا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقا أو في ضبطه لخبر بعينه، لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة عنها ما يقدح ومنها ما لا يقدح. (هدي الساري) (ص: 381)
والشاهد من الكلام قوله: (فلا يقبل إلا مبين السبب مفسرا بقادح) فلم يكتف بكونه مفسرا، بل قال: (مفسرا بقادح)

وقال الإمام الألباني رحمه الله: الجرح مقدم على التعديل وليس هذا على إطلاقه أيضاً، وإنما مع بيان العلة، وليس هذا أيضاً على إطلاقه لأنه قد يبين العلة ولا تكون علة قادحة، فنقول: مع بيان العلة القادحة. (فتاوى الألباني في المدينة والإمارات) (ص205-206).

وبناء على أنه لابد في الجرح أن يكون مفسرا بشيء قادح لم يقبل العلماء تكذيب الإمام عمرو بن علي الفلاس للإمام محمد بن بشار بندار مع أن التكذيب جرح مفسر، بل قال الإمام الذهبي في ترجمة بندار من (الميزان 3/490): (ثقة صدوق كذبه الفلاس فما أصغى أحد إلى تكذيبه لتيقنهم أن بندارا صادق أمين.)

ولم يقبل العلماء جرح الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله المفسر للمنهال بن عمرو بقوله: أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت. أخرجه الفسوي في (المعرفة والتاريخ 2/779)
بل قال ابن القيم بعد أن حكى هذه القصة: فهذا سبب جرحه، ومعلوم أن شيئاً من هذا لا يقدح في روايته، لأن غايته أن يكون عالماً به مختاراً له ولعله متأول فيه فكيف؟ وقد يمكن أن لا يكون ذلك بحضوره ولا إذنه ولا علمه؟! وبالجملة فلا يرد حديث الثقات بهذا وأمثاله. (تهذيب السنن 13/91).
ولم يقبل العلماء جرح الإمام الذهلي، وترك أبي حاتم وأبي زرعة للإمام البخاري، بل قال الإمام الذهبي في البخاري (حجة إمام ولا عبرة بترك أبي زرعة وأبي حاتم له من أجل اللفظ؛ لأنه مجتهد في المسألة بل ومصيب) (المغني في الضعفاء) (2/165) وصرح الذهبي في (السير 12/453) أن الحامل للذهلي على كلامه في البخاري هو الحسد.

القاعدة الرابعة: من القرائن تقديم كلام البلدي على غيره عند التعارض والاختلاف، لأن البلدي غالبا يكون عنده من العلم ببلديه ما ليس عند غيره، ومن علم حجة على من لم يعلم. وقد نقلت –بفضل الله- في ردي الأول على الحذيفي وهاني بن بريك بعض أقوال أهل العلم في تقرير هذه القاعدة، فلا داعي للتكرار.
فكيف إذا كان بلدي المجروح وبلدي الجارح كلهم على خلاف قول الجارح! مع اطلاعهم على جرحه؛ فسيقدم كلامهم في هذه الحالة على كلام الجارح من باب أولى.
والتفرد عن جمهور العلماء سواء كان في المسائل الحديثية أو الفقهية، مظنة الخطأ غالبا، قال الإمام الذهبي في إمام الجرح والتعديل يحي بن معين: فإنا نقبل قوله دائما في الجرح والتعديل ونقدمه على كثير من الحفاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده، فإذا انفرد بتوثيق من لينه الجمهور أو بتضعيف من وثقه الجمهور وقبلوه فالحكم لعموم أقوال الأئمة لا لمن شذ، فإن أبا زكريا من أحد أئمة هذا الشأن وكلامه كثير الى الغاية في الرجال وغالبه صواب وجيد، وقد ينفرد بالكلام في الرجل بعد الرجل فيلوح خطأه في اجتهاده بما قلناه، فإنه بشر من البشر وليس بمعصوم، بل هو في نفسه يوثق الشيخ تارة يختلف اجتهاده في الرجل الواحد فيجيب السائل بحسب ما اجتهد من القول في ذلك الوقت. (الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم) (ص: 29-30)
فإذا كان الإمام الذهبي يقول هذا في حق الإمام يحي بن معين، الذي قال فيه أحمد: (أعرفنا بالرجال يحي بن معين) فهو في حق غيره ممن هو دونه من باب أولى.
وأخيرا أنصح الأخ ياسين أن يجعل مصارعته للمبتدعة الذين ينشرون بدعهم وضلالاتهم على قدم وساق، لا على علماء ومشايخ أهل السنة، كما فعل صاحبه الجهاد الجهاد ولم يصنع شيئا من ذلك سوى إثارة الفتنة في أوساط أهل السنة والمجاهدة لعلماء أهل السنة! القول في واد والفعل في واد آخر! وأنصح الأخ ياسين أن لا يكون حاله كالحجاورة الذين ملئوا الدنيا عجيجا وصراخا بقاعدة (الجرح المفسر مقدم على التعديل) ليتوصلوا بذلك إلى إسقاط الشيخ عبد الرحمن العدني وغيره من علماء أهل السنة في اليمن! واليوم ياسين ومن معه يعيدون النغمة ليتوصلوا إلى نفس غرض الحجاورة! وهيهات هيهات! (والسعيد من اتعظ بغيره)
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه/ نورالدين السدعي، بتاريخ (4 ربيع أول لعام 1436هـ)


أبوعبدالله
مشاركات: 1
اشترك في: ربيع الأول 1436

رد: وقفة مع الحلقة الثانية من مصارعة الأخ ياسين/ نور الدين السدعي

مشاركة بواسطة أبوعبدالله »

جزاك الله خيرا اﻷمر واضح لكنه الكبر فالقاسم المشترك بين القوم أنهم متعالمون ويشعرون بالأهلية على مناطحة العلماء بل يرون أن مشايخ اليمن لا يفقهون ولا يفهمون والقوم لايسمعون ولايرتضون الا ماوافق أهواءهم نسأل الله العافية والهداية الى الصراط المستقيم.


أبو الحسن الحضرمي
مشاركات: 10
اشترك في: صفر 1436

رد: وقفة مع الحلقة الثانية من مصارعة الأخ ياسين/ نور الدين السدعي

مشاركة بواسطة أبو الحسن الحضرمي »

لله درك يا ابن السدعي
أوجعتهم بردودك السلفية


أبو الحسن الحضرمي
مشاركات: 10
اشترك في: صفر 1436

رد: وقفة مع الحلقة الثانية من مصارعة الأخ ياسين/ نور الدين السدعي

مشاركة بواسطة أبو الحسن الحضرمي »

لله درك يا ابن السدعي
أوجعتهم بردودك السلفية

أضف رد جديد