هاني بن بريك والأخذ عن الماجن الجاحظ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فقد قال هاني في درس ألقاه في مسجد الأنصار: ( الزمخشري إمام في اللغة فيؤخذ منه الشيء الذي أجاد فيه ولا حرج في ذلك ومن هنا نعلم أن الإنسان لو نقل من أهل الاختصاص ما هم مختصون به وإن كانوا قد أبعدوا الطريق في جوانب العقيدة...) ثم قال هاني : ( وهذه جادة أهل العلم , ولهذا نجد من الخطأ أن يأتي شخص يستدرك على طالب علم أو عالم يقول استشهد بكلام للجاحظ وهو معتزلي أو استشهد بكلام للزمخشري وهو معتزلي ... ).
قلت : الجاحظ قال عنه الذهبي في السير (22\135) : (كان ماجنا , قليل الدين , له نوادر ... ويظهر من شمائل الجاحظ أنه يختلق ... وقال ثعلب : ليس بثقة ولا مأمون .) وهو رأس في الاعتزال وعلم الكلام , وهو من أئمة أهل الضلال أضله الله على علم , مغموص في دينه , يذكر حجج النصارى على المسلمين تنبيها للنصارى على ما لا يعرفون ,وتشكيكا للضعفة . وحكى الخطيب بسنده : أنه كان لا يصلي ! وقال ابن حزم في "الملل والنحل" : كان أحد المجان الضلال ... وكان كذابا على على الله ، وعلى رسوله ، وعلى الناس ولذا قال فيه من قال : لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ...ما كان إلا دون قبح الجاحظ رجل يتوب عن الجحيم بنفسه ... وهو القذى في كل طرف لاحظ وقال ابن قتيبة –رحمه الله-:( وتجده يحتج – يعني الجاحظ - مرة للعثمانية على الرافضة , ومرة للزيدية على العثمانية وأهل السنة , ومرة يفضل عليا رضي الله عنه ومرة يؤخره ...). ثم قال ابن قتيبة - رحمه الله- :(ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم ...وهو مع هذا من أكذب الأمة و أوضعهم للحديث وأنصرهم للباطل ) . راجع التنكيل لما في خيانة عبد الحميد وشيخه الحجوري من الأباطيل لعرفات صاحبك . فهل يا هاني يؤخذ بكلام من هذا حاله أليست هذه خيانة منك أم أنك جهلت ما عند الجاحظ كما جهلت ما عند الفارابي وجابر بن حيان و الحصري ومصطفى إسماعيل وعلي الحملي رئيس جمعيتك (و لك ربع قرن تطلب العلم !), ثم ألست في مقام ( بيان الخيانة الدعوية ! ) فقل لي بالله ما هي منزلة الجاحظ من علماء اليمن الذين انزلت عليهم ( مخذِلة , يجعلون الناس في حيرة , في تضارب , محتالين ، يدَعون العلم ، يقفون موقف المحتار , يجعلون الأمور تغبيشا ، عندهم مداهنة في دين الله ,جعلنا الاضطرار مطية لإقرار الكفر ولإقرار الزندقة ودين الرافضة ، يريدون منا الانبطاح و الانسداح ، انبطح و انسدح ولا تدفع عن دينك ولا عن بلدك ، لو كان الشيخ مقبل حي الآن لصفع ولطم من قال انسدحوا وانبطحوا ، وللطم من قال دعوتنا دعوة قلم وقرطاس ، يريدون منا إسلام الأمور ، يعجن و يعصد عصيد ، يلهث وراء إرضاء الناس ، كان العلماء صرحا ما عندهم وجوه ، علماء اليمن يقولون سلموا أنفسنا للحوثي ، أصبحنا مثل الحزبيين يتكلم معك وهو يلتفت للجدران انتبه الجدران لها أذون وما أدري أيش وووا ، المتآمر هو الذي يقول لنا ضعوا السلاح ولا تقاتلوا عن بلدكم و دينكم والذي يسلم إخوانه للحوثة , عيب عيب استحي على نفسك , كلام هذا أسفه وأحقر , وصل التهجم إلى أساليب الحركيين , يعني ادخلوا يا حوثة إلى كل اليمن وخذوها , الله أنت كنت عصان في فتنة أبي الحسن سحبوك سحبا , والآن مكانك من ضلال إلى ضلال ...) وغيرها من الإهانات , مع أن هاني يقول : المطلوب العدل مع الجاحظ وغلاة أهل البدع , سبحان الله فأين العدل يا هاني مع علماء اليمن أم أنهم مستثنون عندك من قاعدة العدل , ولكن ما أجد أن أقول عن فعل هاني بعلماء اليمن إلا كما قال الشاعر : أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة *** والكلب يخشى لعمري وهو نباح
والعجب أن هاني بن بريك – الجاحظي- يقول نحن ما نحن صغار نحن طلبنا العلم ربع قرن !!وهو مع ذلك لا يعلم حال الجاحظ , ولا يعلم عن الفلاسفة إلا بعض الملاحظات فقط , والفارابي وجابر بن حيان لا يعلم عنهما إلا أنهما مسلمان فقط , ويجيز الاختلاط , ويطلق العبارات في جواز الخروج على الحكام ويسب الحاكم المسلم من على المنابر , ولا بأس بالأخذ عن أهل البدع حتى الغلاة ما تخصصوا فيه (هكذا بدون تفصيل) ثم مثل بالجاحظ , تغريرا بأهل السنة في اليمن وسوقهم إلى الانحراف والبدع ! فيالها من خيانة,وفي كتب أهل السنة ما يكفي ويشفي , ولهذا لا تتعجبوا إن قلت لكم أن مسجد هاني في عدن مسجد الأنصار شبابه ضعيفوا الاستقامة إلا من رحم الله بسبب ما يبثه هاني بينهم من هذه الأقوال والقواعد الهدامة ، وكجواز الدراسة الاختلاطية ,وجواز سرقة الكهرباء من الحكومة , ثم يأتي هاني بكل وقاحة فيتهم علماء اليمن بأنهم خونه ومميعة (سبحانك هذا بهتان عظيم) وصدق القائل ( رمتني بدائها وانسلت ) .
وأما الزمخشري : فهو من غلاة المعتزلة قال الذهبي : داعية إلى الاعتزال -أجارنا الله- فكن حذرا من كشافه . ميزان الاعتدال 4 / 78 وقال الشيخ محمد أمان الجامي : وهو شيخ الاعتزال والتأويل .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما الزمخشري فتفسيره محشو بالبدعة وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات و الرؤية والقول بخلق القرآن ، وأنكر أن الله مريد للكائنات و يهتدي أكثر الناس إليها ولا لمقاصده فيها ، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، ومن قلت النقل عن الصحابة و التابعين ) . مجموع الفتوى 13/ 386
وقال شيخ الإسلام عنه أنه لا خبرة له بالأحاديث ولا يميز بين الصحيح والضعيف ويذكر من الأحاديث ما يعلم أهل الحديث أنه موضوع . الرد على البكري 1/73, منهاج السنة 7/91 قال العلامة الوادعي –رحمه-: ( ومن علامة أصحاب الأهواء وأصحاب البدع، أنّهم يصحّحون الحديث إذا كان موافقًا لأهوائهم، ويضعفونه إذا كان مخالفًا لأهوائهم، وقد قرأت كثيرًا في كتب الشيعة وفي "كشاف" الزمخشري فوجدت هذا ) . ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر (ص: 43) وقال أيضا : (الزمخشري يعتبر حاطب ليل) . المقترح (ص: 128)
وقد تعرض الزمخشري لمقام النبي صلى الله عليه وسلم فعند قوله تعالى : ( عفى الله عنك لما أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين ) قال الزمخشري : كناية عن الجناية ؛ لأن العفو مرادف لها , ومعناه : أخطأت و بئس ما فعلت ! فكتاب الكشاف للزمخشري فيه اعتزالات كثيرة قد لا يستطيع معرفتها طلاب العلم حتى قال الإمام البلقيني - شيخ الحافظ ابن حجر- : (استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش) , فإذا كان هذا الإمام يقول هذا فما بالنا نحن .
ومن مكر الزمخشري الخفي في إثبات عقيدته الفاسدة بطريقة يخدع بها القارئ ما قاله في تفسير قوله تعالى : (فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز) قال : "وأي فوز أعظم من دخول الجنة" . فمن يقرأ هذا الكلام يقول معناه صحيح , ولكنه أراد نفي رؤية الله يوم القيامة كما هو مذهب أهل الاعتزال أما مذهب أهل السنة فإثبات رؤية الله يوم القيامة الذي هو أعظم من فوز دخول الجنة , و للزمخشري مواضع كثيرة يدس فيها معتقده الفاسد .
قال العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- : (وفيه كلمات تمر بالإنسان لا يعرف مغزاها لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد ويكون قد استسلم لها فيضل ) . فتاوى نور على الدرب للعثيمين (/ 1)
ومن تلبيسات الزمخشري باستخدام علم اللغة ( تخصصه) :
ما قاله عن( لن) من أنها تفيد التأبيد أو التأكيد وأراد بهذا نفي رؤية الله - سبحانه- يوم القيامة وقد قال إنها تفيد التأبيد في الكشاف وفي كتابه المفصل في النحو ، وردَّه ابن مالك في الكافية الشافية بقوله: ومن رأى النفي بلن مؤبدا *** فقوله اردد وسواه فاعضدا ورده أيضا ابن هشام في أوضح المسالك وشرح القطر
وأيضا ما قاله في باء (بسم الله ) من أنها تفيد المصاحبة لأن المعتزلة يرون أن الإنسان مستقلٌّ بعمله فإذا كان مستقلاً بعمله فإنه لا يحتاج للاستعانة. شرح البيقونية للعثيمين (44/ 5)
وقال العلامة محمد أمان الجامي –رحمه الله- :( تفسير قوله تعالى "إنا جعلناه قرآنا عربيا" بأن معناه خلقنا ، هذا خطأ لغة قبل أن يكون خطأ شرعا وإنما نبهت على هذا بمناسبة ذكر الجعل لأن هذه الآية التي استدل بها الزمخشري هي التي يستدل بها كل من يقول بخلق القرآن فلينتبه لهذا الخطأ الجسيم لغة قبل أن يكون خطأ شرعا . شرح التدمرية للجامي (2/ 241)
وقال أيضا : وهذا كثير عند المنحرفين خصوصا الذين تمكنوا من اللغة قد يغالطوا الناس مستغلين تمكنهم من اللغة وفي مقدمتهم الزمخشري متمكن من اللغة العربية فيغالط كثيرا تأييدا لمذهبه المنحرف الاعتزال . شرح التدمرية للجامي (2/ 245)
فانظروا كيف أن هاني صور لطلابه المبتدئين أن الجاحظ و الزمخشري أجادوا فيما تخصصوا فيه وما عليهم إلا أن يقرأوا ويستفيدوا من علوم الجاحظ و الزمخشري ( سبحان الله ) كيف لنا يا هاني الجاحظي من السلامة والقلوب ضعيفة والشبه خطافة وأنت تقعد هذه القواعد بين طلاب مبتدئين وعوام بدون ذكر تفاصيل أهل العلم الناصحين أليست هذه خيانة !
قال الشيخ عبيد –حفظه الله- : (ما كان – أي ما كتب أهل البدع - خليطا فيه سنة وبدعة، قالوا- أي الأئمة - فلا يحل النظر فيه إلا لعالم متمكن يميز الصحيح من السقيم والفاسد من الصالح والحق من الباطل فإنه يحل له، لأنه قادر على التمييز يعرف ماذا ينقل من الحق، وأرى ألا يكثر فإنه إذا أكثر وشاع ذلك وانتشر فإنه يؤدي إلى الخلط فلربما ظن السامعون والقراء أن هذا المنقول عنه سني، بل أرى أنه يجب عليه أن يعلق في الحواشي حال هذا الرجل ويبين ضلاله وأنه نقل عنه ما نقل لأنه يوافق قول أهل السنة، وعندي أن الاستغناء أفضل وأسلم لا سيما في حال الاحتدام كما هو في عصرنا اليوم، احتدام المناهج واصطدامها فإن منهج الحق وأهل الحق في صدام مع النهج الباطل وأهله فأرى الاستغناء عن هؤلاء، فإنه في كتب السلف ولله الحمد ما يغني عن كتب هؤلاء قال : ومن أمثلة هذا : الكشاف للزمخشري فإن الزمخشري معتزلي جلد يدس ولهذا قال قائل أهل السنة : نستخرج اعتزاليات الزمخشري من كتابه الكشاف بالمناقيش . جناية التمييع على المنهج السلفي (ص: 10 )
وقال العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- : "عليكم بطلب العلم، و الإخلاص فيه لله ، واحترم علماء السُّنة، و الاستفادة من علومهم، وإدارة الظهور عن كتب أهل البدع، و منها الكتب الفكرية المشحونة بالبدع والضلالات والأفكار المنحرفة، بارك الله فيكم، وكثيرٌ من الناس يخدع الشباب ويقول: "إقرأ خذ الحق و اترك الباطل"، و يكون الشباب مساكين ما عندهم شيء، ما عندهم تمييز بين الحق و الباطل، فيقع في الباطل و يظنُّه حقًا، و يُحارب الحقَّ و يظنُّه باطلاً، وهذا حصل لكثيرٍ من الناس، من هذه المَصْيَدة، فالسبب ما كانوا يقرأون لأهل البدع , وأُلِّفتْ كتب في التحذير من كتب أهل البدع، ومنها كتاب المُوفَّقِّ ابن قدامة : "تحريم النظر في كتب أهل البدع"، ولهم تحذيراتٌ : أحمد بن حنبل والذهبي وابن تيميه وابن القيم كلُّهم حذَّروا من كتب أهل البدع تحذيراً شديدا (حـذَّروا منها) وبعضُهم يرى إحراقها، ومنهم ابن القيم ومنهم أحمد بن حنبل، وإتلافها لأنَّ فيها دمار للأمة، فيها إفساد ,فلما انتشرت كتب البدع في أوساط المسلمين ساء كثير من المسلمين ووقعوا في حبائل البدع، صار هذا معتزلي وهذا جهمي وهذا أشعري وهذا صوفي وهذا... وما بقي إلاّ قلَّة ممن يسلك مسلك السلف الصالح، في هذا الخضم الهائل من أهل البدع و العياذ بالله ما السبب؟ السبب مثل هذه النظرية [أقرأ وآخذ الحق وأردُّ الباطل]، فيأتي يأخذ الباطل و يرد الحق.فابن عقيل جبل من جبال العلم و الذكاء، بدأ يأخذ عن أهل البدع ، عن المعتزلة (بعض شيوخ المعتزلة)، حذَّروه!! تجاهل هذه التحذيرات، وركب رأسه وأخذ يأخذ عنهم فوقع في حلقة البدع والضلالات، ونشر هذا في كُتُبه، فجاءه تهديد من بعض الحنابلة بقتله، ثم -طبعاً- نصحه بعض الناس وهددوه فتاب و أناب و كتب توبته. والشاهد إنه عنده علم غزير و عقل كبير و مع ذلك وقع في حبائل أهل البدع، لأنَّ العــالم قد يُخــدع بأهل البدع فيقع في الضلال - بارك الله فيكم – وكثير منهم - ولا أريد أن أُسمي - انخدع في أهل البدع و ما يُظهرونه من الصلاح و الزهد فوقع في هوَّة البدع و الضلال. وقد كان السلف من أمثال ابن سيرين - إمام من أئمة السُّنة - و أيوب السختياني من يعرض عليه من أهل البدع أن يقرأوا عليه آية من القرآن يقول : "ولا نصف آية"، ليه ؟ لأنه يفهم أن هذا يريد أن يُلبِّس عليه، ويتلو آية عليه ليستخرج منها شبهه، فيقول لا أسمع، لماذا تفعل هذا ؟ فيقول : "إنَّ قلبي ليس بيدي"، وأخاف على نفسي الفتنة.إذا كان أئمة - يا أخي - خافوا على أنفسهم الفتنة أنت كيف تأمن ؟ الصحابة إذا كان يخافون على أنفسهم ، يخافون على أنفسهم من النفاق، أنت كيف تأمن على نفسك النفاق ؟ كيف تأمن إذا نصحوك من الوقوع في البدع و تتعاطى الأسباب الموقعة في البدع، ثم تنتظر السلامة ؟الكتاب مثل الجليس: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَ جليس السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً, وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) وإما أن لا تسلم من شرِّه أو شِرَره، فــلابد – بارك الله فيك – من ضرر يلحق من يقرأ في كتب أهل البدع، وهو جليس اعتبروه، قال الشاعر : و خير مكان في الدنيا سرج سابح و خير جليس في الزمان كتاب... وأنا أقول قد يكون شر جليس في الزمان كتاب، قد يكون كنافخ الكير، - هذا الكتاب - بل أشد، وكذلك الجليس السوء من الناس مثل نافخ الكير لابد أن تتضرر من مجالسته ومَن أشر مِن أهل البدع، الرسول كان يقول : (أما بعد فإنَّ خير الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم و شرَّ الأمور محدثاتها)، فهذا الوعاء المبتدع وعاء الشر وعاء البدع احذر منه ، يُحرقك ولو لان ملمسُه، ولو خدعك بالزهد والورع، فلا تأمنه، فإنَّه يسقيك في المرة الأولى والثانية والثالثة عسلاً، ثم بعد ذلك يُجرِّعك السموم جرعةً جرعة، عــندهم مكر وعندهم دهاء وعندهم حيل ، وعندهم شبه يقذفونها، الضعيف المسكين لا يستطيع الخلاص منها بل يقع ضحية لها نعم". وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله- :(ومن له نهمة في طلب الأدلة على الحق، ففي كتاب الله، وسنّة رسوله، ما يكفي ويشفي؛ وهما سلاح كل موحد ومثبت ، لكن كتب أهل السنّة تزيد الراغب وتعينه على الفهم وعندكم من مصنفات شيخنا - رحمه الله - ما يكفي مع التأمل؛ فيجب عليكم هجر أهل البدع، والإنكار عليهم).
يقول ابن القيم رحمه الله-: «وكلُّ هذه الكتب المتضمِّنة لمخالفة السُّنَّة غير مأذون فيها بل مأذون في محقها وإتلافها وما على الأمة أضر منها، وقد حرق الصحابة جميعَ المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لَمَّا خافوا على الأُمَّة من الاختلاف، فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة»«الطرق الحكمية» لابن القيم: (233 وما بعدها)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ومن هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها ، أو ترويجها بين الناس ، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال "من سمع به فلينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". "رواه أبو داوود . قال الألباني: وإسناده صحيح " . شرح اللمعة
أن هذا العمل مخالف لما عليه السلف من التحذير من كتب أهل البدع خاصة من يدعو إلى بدعته وينشره ويبثه بين الناس بل ويدافع عنه.
قال أبو القاسم الأصبهاني: (ثم من السنة: ترك الرأي والقياس في الدين، وترك الجدال والخصومات، وترك مفاتحة القدرية وأصحاب الكلام وترك النظر في كتب الكلام وكتب النجوم، فهذه السنة التي اجتمعت عليها الأمة) «الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني: (1/252)
وابن خزيمة -رحمه الله - لما سئل عن الكلام في الأسماء والصفات فقال: " بدعة ابتدعوها، لم يكن أئمة المسلمين وأرباب المذاهب وأئمة الدين، مثل مالك، وسفيان، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحـاق، ويحيى بن يحيى، وابن المبارك، ومحمد بن يحيى، وأبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وأبي يوسف: يتكلمون في ذلك، وينهون عن الخوض فيه، ويدلّون أصحابهم على الكتاب والسنّة، فإياك والخوض فيه والنظر في كتبهم بحال "(إجمــاع العلمـاء على الهجـــر والتحذير من أهل الأهواء ص72)
وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - عن الكرابيسي وما أظهره؟ فكلح وجهه ثم قال: ( إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها تركوا آثار رسول الله– صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب) .
وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله: استعرت كتاباً فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم. قال المروذي: قال أبو عبد الله: يضعون البدع في كتبهم، إنما أحذر منها أشد التحذير .وقال الإمام أحمد -أيضاً-: إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً، عليكم بأصحاب الآثار والسنن . وعـن أيوب قال: دخل رجل على ابن سيرين فقال: يا أبا بكر أقرأ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج! فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال:( أعزم عليك إن كنت مسلماً إلا خرجت من بيتي) , قال: فقال: يا أبا بكر لا أزيد على أن أقرأ آية ثم اخرج! فقام –ابن سيرين- لإزاره يشده وتهيأ للقيام، فأقبلنا على الرجل فقلنا: قد عزم عليك إلا خرجت، أفيحل لك أن تُخرج رجلا من بيته؟ قال: فخرج، فقلنا: يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج؟ قال: (إني والله لو ظننت أن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ، ولكن خفت أن يلقي في قلبي شيئا أجهد في إخراجه من قلبي فلا أستطيع) الاعتصام للشاطبي (2/182)
ونقول لهاني : هل انتهيت من كتب أهل السنة والجماعة حتى تذهب وتأخذ من أهل البدع فإن قلت لا قلنا فلتجلس ولتأخذ علمهم وإن قلت نعم فبالله قل لنا كيف تمكنت أن تأخذ علم كل هؤلاء الأئمة !! وفي أي مدة انتهيت من علم علماء أهل السنة !!
ابوعبدالله
عبدالباسط بن احمد العدني