(19) فوائد رمضانية : فائدة اليوم بعنوان : ( فضائل وخصائص ليلة القدر ) :
مرسل: الأحد 23 رمضان 1438هـ (18-6-2017م) 12:31 pm
- ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة، اختصها الله جل وعلا من بين ليالي السنة كلها، فجعلها أفضلها ، وذلك لما لها من الفضائل الكثيرة والخصائص الكبيرة التي لا توجد في غيرها .
- وسميت هذه الليلة المباركة بهذا الاسم : ( ليلة القدر ) من القدْر ـ بسكون الدال ـ وهو الشرف والرفعة، أي ليلة ذات قدر وشرف عظيم؛ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا ، أَوْ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ لِمَا يَنْزِلُ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، أو لكونها خيرًا من ألف شهر، أَوْ لأَنَّ الَّذِي يُحْيِيهَا يَصِيرُ ذَا قَدْرٍ، أو غير ذلك .
- وقيل : من القدَر، بفتح الدال بمعني التقدير؛ لأن الله جل وعلا يقدر في هذه الليلة أمور العباد للسنة المقبلة، وهو ما يسميه أهل العلم بـ ( التقدير السنوي ).
- وقيل : للأمرين معًا، فهي ليلة ذات مقدار وشرف عظيم، وذات تقدير لأحكام تلك السنة من لدن حكيم عليم . وهذا هو الصحيح.
- انظر :
و( تفسير العثيمين: جزء عم )، (ص: 270).
وسأذكر ما تيسر من هذه الفضائل والخصائص في المسائل الآتية :[*]تخصيصها بنزول القران الكريم الذي به الهداية والسعادة في الدنيا والآخرة:
- قال الله تعالى : ( إنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )،
- وقال : ( إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ).
- قال الله تعالى : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) : أَيْ لَمْ تَبْلُغْ دِرَايَتُكَ غَايَةَ فَضْلِهَا؛ فإنها ليلة لا يدرى أحد مدى عظمتها، ولا حدود قدرها ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ .
- قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «مَا كَانَ فِي القُرْآنِ» { مَا أَدْرَاكَ } : فَقَدْ أَعْلَمَهُ،
- وَمَا قَالَ: { وَمَا يُدْرِيكَ }: فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ ” اهـ
- قال الله تعالى : ( لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر ):
- أي أن العبادة فيها تعدل عبادة ألف شهر ليس فيه ليلة القدر.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }: مَعْنَاهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ خَيْرٌ مَنْ عَمِلِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. اهـ
- و( ألف شهر ) يساوي : ثلاثا وثمانين سنة، وبضعة أشهر .
- وهذا عمر كبير قل من يصل إليه كما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ( أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ )، [ رواه الترمذي وغيره ، وصححه الشيخان ].
- قال الله تعالى : ( تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيَها بِإِذْنِ رَبِّهم مِّن كُلِّ أَمْر )، أي : تتنزل الملائكة بكثرة في هذه الليلة المباركة، وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة والمغفرة.
- قال تعالى : ( إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ )، فهي كثيرة الخيرات والبركات والرحمات.
- قال تعالى : ( سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
{ سَلامٌ هِيَ }، أَيْ : لَيْلَةُ الْقَدْرِ سَلَامٌ وَخَيْرٌ كُلُّهَا، لَيْسَ فِيهَا شَرٌّ.
- قَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَا يَقْضِي إِلَّا السَّلَامَةَ.
- وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَالِمَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فيها سوء، وَلَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا أَذًى.
- قال تعالى : { فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }.
- وَقَوْلُهُ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}
- اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، نَحْوَ اخْتِلَافِهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ،
- وَذَلِكَ أَنَّ الْهَاءَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {فِيهَا} عَائِدَةٌ عَلَى اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ،
- فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، يُقْضَى فِيهَا أَمْرُ السَّنَةِ كُلِّهَا : مَنْ يَمُوتُ، وَمَنْ يُولَدُ، وَمَنْ يُعَزُّ، وَمَنْ يُذَلُّ، وَسَائِرُ أُمُورِ السَّنَةِ ….
- وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ …
- وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِنَا عَنْ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ لَيْلَةِ الْقَدْرِ،
- وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: { فِيهَا } مِنْ ذِكْرِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ .
- وَعَنَى بِقَوْلِهِ: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ يُقْضَى وَيُفْصَلُ كُلُّ أَمْرٍ أَحْكَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ الْأُخْرَى. اهـ
- يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، وَهِيَ ليلة القدر كما قال عَزَّ وَجَلَّ:{ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }،
- وَكَانَ ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى:{ شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
- وقد ذكرنا في الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ،
- وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ،
- فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ،
- وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الله بن صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأخنس قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
- فَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَمِثْلُهُ لَا يُعَارَضُ بِهِ النُّصُوصُ. اهـ
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، قَالَ: ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ). متفق عليه
- مَعْنَى ( إِيمَانًا ) تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ، مُعْتَقِداً فَضِيلَتَهُ.
- وَمَعْنَى ( احْتِسَابًا ) أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا يَقْصِدُ رُؤْيَةَ النَّاسِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ. اهـ
- والصحيح أنها في أوتار العشر الأواخر من رمضان.
- وأرجى ما تكون في ليلة سبع وعشرين.
- وأنها تتنقل، ولا تختص بليلة السابع والعشرين.
- وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ،
- وَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلًا كَمَا وَقَعَ لَنَا نَظِيرُ ذَلِكَ فِي سَاعَةِ الْجُمْعَةِ.
- وَقَدِ اشْتَرَكَتَا فِي إِخْفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِيَقَعَ الْجد فِي طَلَبِهِمَا.
- الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : أَنَّهَا رُفِعَتْ أَصْلًا وَرَأْسًا … الخ ) اهـ
- عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: (خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ )، رواه البخاري.
- معنى (تلاحى): تنازع وتخاصم.
وَلَعَلَّ عدم تَعْيِينهَا أبلغ فِي الْحِكْمَة وأكمل فِي تَحْصِيل الْمصلحَة. اهـ
وفي ( تفسير العثيمين: جزء عم ) ، (ص: 273) :
- وإنما أبهمها الله عز وجل لفائدتين عظيمتين:
- الفائدة الأولى: بيان الصادق في طلبها من المتكاسل؛
- لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالٍ من أجل أن يدركها،
- والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليالي من أجل ليلة واحدة.
- الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال، لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب. اهـ
لليلة القدر علامات تُعرف بها ، ومن هذه العلامات :
( أ ) أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها.
- عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، يَقُولُ: وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ»، فَقَالَ أُبَيٌّ: «وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي، وَوَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ، هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا»، رواه مسلم.
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: ” لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ طَلْقَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ يُصْبِحُ شَمْسُها صَبِيحَتَهَا ضَعِيفَةً حَمْرَاءَ “رواه البيهقي، ( وصححه الألباني).
- وعَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ نُسِّيتُها وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فجرها )، رواه ابن حبان وغيره، ( وقال الألباني : صحيح لغيره ).
هناك علامات كثيرة منتشرة بين الناس وهي لا تصح، وبعضها يصحبها خرافات واعتقادات فاسدة، منها :
- أن الشجر يسجد.
- وأن المباني تنام.
- وأن المياه المالحة تعذب في تلك الليلة.
- وأن الكلاب تكف عن النباح ، وغير ذلك .
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْأَشْجَارَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَسْقُطُ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى مَنَابِتِهَا وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَسْجُدُ فِيهَا، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبَدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ الْمِيَاهَ الْمَالِحَةَ تَعْذُبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَرَوَى بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ زَهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ نَحْوَهُ.
وفي كتاب: (الشرح الممتع على زاد المستقنع) للعثيمين (6/496):
المبحث السابع: في علامات ليلة القدر.
- ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة.
أما العلامات اللاحقة:
- فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام.
- وأما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تسكت،
- فإن قال قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة ؟
- فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة. اهـ
- عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ـ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: ( تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي) رواه أحمد وغيره، [وصححه الألباني].
قال ابن القيم في كتابه القيم : ( بدائع الفوائد ) ، (3/ 162) :
- ومنها أنه سئل [ يعني شيخ الإسلام ] عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيهما أفضل ؟
- فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،
- وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة.
- فحظ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر.
- وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج، وإن كان لهم فيها أعظم حظ لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن أسرى به “. اهـ
فقد ذكر ابن رجب في ( لطائف المعارف ) (ص: 203) :
عن الوزير أبي المظفر ابن هبيرة أنه قال : وإن وقع في ليلة من أوتار العشر ليلة جمعة فهي أرجى من غيرها. اهـ
والخلاصة :
- أنه ينبغي لكل عاقل لبيب يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه أن يجد ويجتهد ويبذل قصارى جهده في الاستكثار من الأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وقبل انتهاء الزمان؛ فإن المحروم من حرم خير هذه الليلة المباركة ،
- فقد ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ، قَالَ: دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ). رواه ابن ماجه، ( وحسنه الألباني ).
- وقد ضرب لنا نبينا ـ عليه الصلاة والسلام ـ المثل الأعلى في هذا الأمر.
- فكان يجتهد في العشر الأواخر اجتهادا عظيما ؛ طلبا لليلة القدر.
- وكان يعتكف في العشر الأواخر التماسًا لليلة القدر.
- وهكذا كان أصحابه الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ، والتابعون لهم بإحسان، والأئمة الأخيار، إلى يومنا هذا.
كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
السبت 12 / 9 / 1438 هـ
رابط المادة الأصلية:
https://binthabt.al3ilm.com/11965