(17) فوائد رمضانية : فائدة اليوم بعنوان : ( فضائل وخصائص العشر الأواخر من رمضان ) :
مرسل: الثلاثاء 18 رمضان 1438هـ (13-6-2017م) 11:00 am
العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لها فضائل كثيرة وخصائص عظيمة، نذكر منها ما تيسر : [*]العشر الأواخر أفضل أيام رمضان ولياليه، بل أفضل ليالي السنة كلها. [*]أن فيها ليلة القدر، وهي أفضلها، بل أفضل ليالي السنة على الإطلاق.[*]كل فضيلة ثبتت لليلة القدر فهي معدودة في فضائل العشر؛ لأنها منها.
قال ابن القيم في كتابه: ( زاد المعاد )، (1/ 57) :
- وَمِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلُ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ، وَتَفْضِيلُ عَشْرِهِ الْأَخِيرِ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِي، وَتَفْضِيلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى أَلْفِ شَهْرٍ.
- فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ الْعَشْرَيْنِ أَفْضَلُ؟ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، أَوِ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ؟
- قُلْتُ: الصَّوَابُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ رَمَضَانَ،
- عَنْ عَائِشَة ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قالت : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ )، رواه مسلم.
قوله: (يجتهد في العشر الأواخر) قيل : أي يبالغ في طلب ليلة القدر فيها
قال القاري: والأظهر أنه يجتهد في زيادة الطاعة والعبادة .
يعني يبالغ في أنواع الخيرات وأصناف المبرات والعبادات.
(ما لا يجتهد في غيره) أي في غير العشر الأخير.
فيه استحباب الاجتهاد في العبادة والحرص على مداومة القيام في العشر الأخير من رمضان، إشارة إلى تحسين الخاتمة وتجويدها. اهـ[*]ومن اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: أنه كان يحيي الليل كله في طاعة الله سبحانه وتعالى.[*]ومن اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: أنه كان يوقظ زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ؛ ليشاركنه اغتنام الخير والذكر والعبادة في هذه الأوقات المباركة. [*]ومن اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: أنه كان يعتزل نساءه فلا يقربهن.
- عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ)، متفق عليه.
قَوْلُهُ: (أَحْيَا اللَّيْلَ) فِيهِ اسْتِعَارَةُ الْإِحْيَاءِ لِلِاسْتِيقَاظِ: أَيْ سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ وَأَحْيَا نَفْسَهُ بِسَهَرِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ.
- وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحِرْصِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الْقِيَامِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَإِحْيَائِهَا بِالْعِبَادَةِ وَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَأَمْرِ الْأَهْلِ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ الطَّاعَةِ فِيهَا .
- وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: « لَمْ يَكُنْ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيلُ الْقِيَامَ إلَّا أَقَامَهُ ».
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ عَنِ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
وَذكر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نحوه .
وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِدُّ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا يُقَالُ: شَدَدْت لِهَذَا الْأَمْرِ مِئْزَرِي: أَيْ شَمَّرْتُ لَهُ،
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّشْمِيرُ وَالِاعْتِزَالُ مَعًا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ، وَالْمَجَازُ كَمَنْ يَقُولَ: طَوِيلُ النِّجَادِ لِطَوِيلِ الْقَامَةِ، وَهُوَ طَوِيلُ النِّجَادِ حَقِيقَةً، يَعْنِي شَدَّ مِئْزَرَهُ حَقِيقَةً وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ وَشَمَّرَ لِلْعِبَادَةِ، يَعْنِي فَيَكُونُ كِنَايَةً وَهُوَ يَجُوزُ فِيهَا إرَادَةُ اللَّازِمِ وَالْمَلْزُومِ.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: ” شَدَّ مِئْزَرَهُ وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ ” فَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. اهـ بزيادة يسيرة من: ( فتح الباري )، لابن حجر (4/ 269).
( تنبيه ): حديث أم سلمة إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.[*]ومن اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: أنه كان يعتكف هذه العشرة ليتفرغ لعبادة الله تعالى والأنس به، والتلذذ بمناجاته، والتماسًا لليلة القدر :
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: «ك َانَ رَسُولُ اللَّهِـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ»، متفق عليه.
- أنه ينبغي لنا أن شمر عن ساعد الجد في هذه العشر الأَوَاخِر المباركة، اقتداء بنبينا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان يجتهد في هذه العشر اجتهادا بالغًا كما تقدم.
- فالهمة الهمة في الجد والاجتهاد في الاستكثار من الأعمال الصالحة؛ فإن الفرصة لا زالت سانحة، وإن الأيام والليالي القادمة خير من الماضية،
- ونحن في آخر السباق، وإن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
- فائدة : آخر الشيء قد يكون أفضل من أوله :
- فالإسلام آخر الأديان السماوية، وهو أفضلها.
- والقرآن آخر الكتب السماوية وهو أفضلها.
- ونبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ آخر الأنبياء والمرسلين وهو أفضلهم.
- وهذه الأمة المحمدية آخر الأمم وهي أفضلها.
- والعشر الأواخر من رمضان أفضل العشرين الأول.
- وأواخر عشر ذي الحجة أفضل من أولها.
- وأخر ساعة من يوم الجمعة أفضل من بقية ساعاته.
- والثلث الأخير من الليل أفضل من الثلثين السابقين.
- وآخر يوم عرفة أفضل من أوله.
- فكل زمان فاضل من ليل أو نهار فإن آخره أفضل من أوله :
والله الموفق .
كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
الإثنين 17 / 9 / 1438 هـ
رابط المادة الأصلية:
https://binthabt.al3ilm.com/11954