حكم النوم المستغرق وغير المستغرق
إذا كان النوم يسيرًا غير مستغرق لايكون ناقضا فقد أخرج مسلم في صحيحه (376)عن أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي رَجُلًا فَلَمْ يَزَلْ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِهِمْ» .
وأخرجه أبو داود في سننه (200) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّىتَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» .
أما النوم المستغرق .فهذا ناقض للوضوء .
والدليل ما أخرجه الترمذي (96 ) من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» .
هذا ما استفدناه من دروس والدي الشيخ مقبل رحمه الله .
----
قلت:ذكرابن رُشد في بداية المجتهد(1/ 42)عن فقهاء الأمصاروالجمهور :أنهم فَرَّقُوا بَيْنَ النَّوْمِ الْقَلِيلِ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيرِ الْمُسْتَثْقِلِ، فَأَوْجَبُوا فِي الْكَثِيرِ الْمُسْتَثْقِلِ الْوُضُوءَ دُونَ الْقَلِيلِ.
وقال ابن رُشد رحمه الله : وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ حَمَلَ الْأَحَادِيثَ الْمُوجِبَةَ لِلْوُضُوءِ مِنْهُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَالْمُسْقِطَةَ لِلْوُضُوءِ عَلَى الْقَلِيلِ، وَهُوَ كَمَا قُلْنَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنَ التَّرْجِيحِ مَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ اهـ.
ومنهم من قال: نوم الجالس ليس بناقض مطلقا .قال ابن عبدالبررحمه الله في الاستذكار(1/150) وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُبَيْد القاسم بن سلاَّمأَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أُفْتِي أَنَّ مَنْ نَامَ جَالِسًا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ إِلَى جَنْبِي يَوْمَ الْجُمْعَةِ رَجُلٌ فَنَامَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ فَقُلْتُ لَهُ قُمْ فَتَوَضَّأَ فَقَالَ لَمْ أَنَمْ فَقُلْتُ بَلَى وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْكَ رِيحٌ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَجَعْلَ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَالَ لِي بَلْ مِنْكَ خَرَجَتْ فَتَرَكْتُ مَا كُنْتُ أَعْتَقِدُ فِي نَوْمِ الْجَالِسِ وَرَاعَيْتُ غَلَبَةَ النَّوْمِ وَمُخَالَطَتَهُ لِلْقَلْبِ .
وفي المسألة خلافٌ مذكورٌ في مظانِّه من كتب الفقه والشروح.والله أعلم .
المصدر: http://alwadei967.blogspot.com/2016/03/1.html
صفةُ الملل لله عزوجل
أخرج البخاري (43) ومسلم (785) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟»
قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا».
وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ .
سألت والدي الشيخ مقبل رحمه الله عن صفة الملل هل هي من صفات الله عزوجل فأجاب :
صفة الملل من صفاتِ الله .
فقلت له :الحديث فيه النفي (فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا) .
فقال : إذا كنتم تملون فإن الله يمل.
---
قلتُ :وقد ذهب إلى إثبات صفة الملل لله عزوجل الشيخ ابن باز كما في الحُلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري . وذهب إليه محمد بن إبراهيم آل الشيخ في الفتاوى والرسائل (1/209) والشيخ ابن عُثيمين في شرح رياض الصالحين (1/555) .
و الملل الذي يستفاد من ظاهر الحديث أن الله يتصف به، ليس كمللنا نحن، لأن مللنا نحن ملل تعب وكسل، وأما ملل الله عز وجل فإنه صفة يختص به جل وعلا، والله سبحانه وتعالى لا يلحقه تعب ولا يلحقه كسل، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) يعني ما تعبنا بخلقها في هذه المدة الوجيزة مع عظمها.
ويُنظر رسالة أبي حفص العراقي- أحد الطلاب في دار الحديث بدماج من قبلُ- ( إدراك الأمل بتحقيق القول في صفة الملل ) .
الرابط على موقع الشيخة أم عبدالله الوادعية
http://alwadei967.blogspot.com/2016/03/2.html