اشتراط الأجرة في الرقية

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
محمد بن عبدالله الإمام [آلي]
مشاركات: 3603
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

اشتراط الأجرة في الرقية

مشاركة بواسطة محمد بن عبدالله الإمام [آلي] »

اشتراط الأجرة في الرقية

سؤال: هل يجوز للقارئ الذي يرقي أن يشترط في قراءته أن يعطى مكافأة مالية بمبلغ معين فإذا لم يعطى هذا المبلغ لم يقرأ على المريض؟ وهل يجوز أن ينفذ له هذا الطلب؟
وهل يجوز للشخص أن يذهب عند هذا الراقي؟
الجواب:
للقراء على المرضى حالان:
الأول: أن تكون قراءته على المرضى عند الحاجة إليه، لا على سبيل اتخاذها طريقًا للتكسب ولا يشترط مالا ولا يتطلع إلى ذلك. فهذا لأهل العلم في أخذ الأجرة على ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجواز وهو قول جمهور أهل العلم، لحديث ابن عباس أن النبي Hقال: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله). أخرجه البخاري.
وحديث أبي سعيد حين أخذ على رقيته أجرًا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لقد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم) متفق عليه.
وحديث خارجه بن علاقة بن سحار حين أعطى جعلًا على رقيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (كل فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) أخرجه أبو داود.
القول الثاني: يجوز له أخذ الأجرة إذا لم يشترط للأدلة السابقة.
القول الثالث: أنه لا يجوز أخذ الأجرة مطلقًا، وهو قول أكثر الحنفية.
والصحيح أن من كان يقرأ لله وأعطي له شيء من المال، جاز له أخذه، ولكن لا يصح الإستدلال بهذه الأحاديث على جعل الرقية مصدرًا للتكسب لعدم حصول هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة، ولا في زمن من بعدهم من السلف.
وكلام أهل العلم في تجويز أخذ المال على الرقية إنما هو فيما ذكرنا، مع التزام الشروط والآداب الشرعية، في ذلك.
الحال الثاني: من اتخذ الرقية مصدرًا للرزق وبابًا للتكسب، وهو ما انتشر في هذا العصر في كثير من بلدان المسلمين، انتشارًا واسعًا وصار متجرًا من متاجر الدنيا زاخرًا، وخصوصًا إذا أضيف إلى هذه القراءة بيع الزيوت والعسل والحبة السوداء، والسنا، وغير ذلك، فهذه تجارة دنيوية باسم الرقية الشرعية، وهي تجارة تدفع الطامعين في المال، والاهثين في الثراء يندفعون ويوسعون هذه التجارة أكبر وأكثر ألا ساء ما يفعلون، ولا يخفاك أيها اللبيب تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من جعل القرآن سببًا للتكسب به ، فعن عبد الرحمن بن شبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤو القرآن، ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به). أخرجه أحمد.
وحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤو القرآن، قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا تأجلونه) أخرجه أو داود.
وحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤو القرآن، واسألوا الله به؛ فإن من بعدكم قوما يقرؤون القرآن، يسألون به الناس). رواه أحمد، وهو حسن لغيره.
ولهذا حذر العلماء من التكسب بهذه الطريقة:
قال: زاذان (من قرأ القرآن يستأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم) أخرجه أبو عبيد.
وبوب أبو عبيد في فضائل القرآن: (باب القارئ يستأكل بالقرآن، ويرزأ عليه الأموال وما في ذلك من الكراهة والتشديد)، وقال في آخر هذا الباب: (يكون –أي قارئ القرآن –في نفسه بحمله القرآن غنيًا، وإن كان من المال معدمًا). 
قال الحافظ النووي –رحمه الله- في (التبيان) (ص94): ومن أهم ما يؤمر به: أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها.
وقال العلامة الألباني في السلسة الصحيحة (6/1009): أنكر أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة و يتخذون استحضار الجن و مخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين و المصابين بالصرع، ...لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات..).
وقال شيخنا العلامة محمد بن عبد الله الإمام –وهو من أخبر الناس بهذا الباب في هذا الزمان: (حكم الإسلام فيمن جعل الرقية الشرعية مصدرًا للرزق لا شك أن هذا العمل مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، أما المخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم فلما سبق ذكره في الأدلة، وأما المخالفة لهدي السلف: فهي حاصلة يجعل القرآن للتعيش ولم يحصل أن السلف فعلوا هذا بل لقد نقل غير واحد من العلماء أنه لم يحصل أن أحدًا من السلف تفرغ للرقية بحيث يجعلها وضيفة له فضلا عن أخذ الأموال ، مع أن السلف كانوا يرقون للمصابين بالمس والسحر والعين.
فلا نرى التفرغ للقراءة على الممسوسين لغرض التكسب، ولكن من ازدحم عليه الناس دون إعلانات ودعوة إلى المجيء إليه، فقر أ عليهم جل وقته ولم يأخذ على قراءته أجرًا، رجونا أنه على خير، لأنه قائم بخدمة المسلمين لوجه الله، ولإنقاذهم من تسلط الشياطين عليهم، وهذا لا يتحقق إلا بأن يكون الراقي معه مصدر رزق من غير القراءة على المسحورين والممسوسين، فمتى تطلع الراقي، إلى أموال الناس تسبب في فساد إخلاصه وصدقه في الرحمة بالناس، وقلة البركة والانتفاع برقيته، وصار قدوة في طلب الدنيا بأشرف كلام وأجل كتاب، ففي هذه الحال المطلوب الترفع والتنزه عن هذه الرقية، ولو أدى ذلك إلى تركها).
وكلام أهل العلم السابق ذكره في حق من فتح باب التكسب من هذا الوجه مع الضوابط الشرعية لذلك مثل:
1- عدم وجود الاختلاط الأجانب بالأجنبيات.
2- عدم الخلوة بالنساء.
3- عدم ملامسة النساء أو وضع الأيدي على أجسادهن .
4- وجود المحرم الشرعي، أثناء الرقية.
5- أهلية الراقي وصلاحيته للرقية.
6- أن لا يكون قصد الراقي المال فحسب.
7- الحرص على شفاء المريض والنصح له.
أما إذا انتفت هذه الضوابط وصار في مكان الرقية الاختلاط والخلوة وملامسة النساء ونحو ذلك فهذا لا يجوز ، والكسب من ذلك الوجه يكون محرمًا، ومن كان على هذه الحال فلا يجوز الذهاب إليه ولا الإعانة له، وينبغي الحذر والتحذير منه.
            أصلح الله أحوالكم والهمكم رشدكم وبالله التوفيق
         أجاب عن السؤال الشيخ/                                      راجعه/
أبو الحسن علي بن أحمد الرازحي     فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام
21/6/1438هـ                        

رابط المادة الأصلية في موقع الشيخ الإمام:
http://sh-emam.com/show_fatawa.php?id=2060

أضف رد جديد