المرأة تضع في خلفيات الصفحات الاجتماعية رموز تعبيرية
مرسل: الأربعاء 9 جمادى الآخرة 1438هـ (8-3-2017م) 8:53 pm
المرأة تضع في خلفيات الصفحات الاجتماعية رموز تعبيرية
سؤال: هل يليق بالمرأة أن تشتمل حالتها أو خلفية الواتساب أو التليجرام لها على رمز القلب أو غيره من الرموز التعبيرية، أو تكتب فيها اسم زوجها أو صديقتها، أو ترمز للاسم بكتابة أول حرف منه، وقد تكتب ذلك باللغة العربية أو بالإنجليزية، وهذا أكثر، وقد تكتب الاسم بداخل رمز القلب، أو تكتب في حالتها كلمات عاطفية وحب تخاطب بها زوجها أو صديقتها تعبر فيها عن مشاعرها...؟ نرجو منكم التوجيه والتوضيح، وبيان الكيفية التي يحسن بطالبة العلم استعمالها في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد حصل التوسع في ذلك. أفتونا، وجزاكم الله خيرًا؟
الجواب:
إشعار المرأة لزوجها بحبها وحنانها وعطفها عليه أمر طيب حث الشرع عليه، قال الله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و قال الله تعالى في وصف نساء الجنة: {عربا أترابًا} والعرب: جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها، قال المبرد: هي العاشقة لزوجها.
وفي سنن أبي داود عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا، قَالَ: «لَا» ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ». قال العلماء: الودود أي المتحببة إلى زوجها بالتلطف في الخطاب، وكثرة الخدمةـ، والأدب، والبشاشة، في الوجه. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قالت امرأة سعيد بن المسيب: (ما كنا نكلم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم، أصلحك الله، عافاك الله).
وتودد المرأة إلى زوجها من حق الزوج عليها، ومن الأسباب الموجبة والداعية لحبها في قلب زوجها، ولكن يكون ذلك بالطرق الشرعية بين الزوجين، أما إظهار ذلك في الخلفية في وسائل التواصل الاجتماعي، كالواتس والتيلجرام والفيسبوك وخلفية الجوالات، ونحو ذلك، فذلك مما ينبغي الابتعاد عنه والترك له لما فيه من الخضوع في القول وإثارة الفتنة، قال الله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}، ففي الآية أمور:
1- النهي عن الخضوع بالقول، والكتابة المشار إليها في السؤال، تقوم مقام ذلك.
2- الأمر بالقول المعروف، {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.
3- أن الخضوع بالقول سبب لتهييج من في قلبه مرض، لأنه يهش لفعل المحرم عندما يرى أو يسمع ما يهواه ويجدد دواعي طمعه في الفحش.
وقد أخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرضي رحمه الله في قوله {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} : (يعني كلامًا ليس فيه طمع لأحد). وبنحوه قال عطاء بن يسار، وأخرج الطبري عن عبد الرحمن بن أسلم قال: (قولا جميلاً حسنًا معروفًا بالخير). قال القرطبي في (الجامع في أحكام القرآن): (أَيْ لَا تُلِنَّ الْقَوْلَ. أَمَرَهُنَّ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ جَزْلًا وَكَلَامُهُنَّ فَصْلًا، وَلَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ، كَمَا كَانَتِ الْحَالُ عَلَيْهِ فِي نِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ بِتَرْخِيمِ الصَّوْتِ وَلِينِهِ، مِثْلِ كَلَامِ الْمُرِيبَاتِ وَالْمُومِسَاتِ. فَنَهَاهُنَّ عَنْ مِثْلِ هَذَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أَيْ شَكٌّ وَنِفَاقٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ. وَقِيلَ: تَشَوُّفُ الْفُجُورِ، وَهُوَ الْفِسْقُ وَالْغَزَلُ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَهَذَا أَصْوَبُ، وَلَيْسَ لِلنِّفَاقِ مَدْخَلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُنَّ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَالْمَرْأَةُ تُنْدَبُ إِذَا خَاطَبَتِ الْأَجَانِبَ وَكَذَا الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهَا بِالْمُصَاهَرَةِ إِلَى الْغِلْظَةِ فِي الْقَوْلِ، مِنْ غَيْرِ رَفْعِ صَوْتٍ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ الْكَلَامِ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ: هُوَ الصَّوَابُ الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: (أمرهن تعالى أن لا يلن في كلامهن كما تلين المراءة المعطية الليان في منطقها، فيطمع الذي في قلبه مرض الشهوة).
وفي كتابة ألفاظ الحب والغرام والعزل، في الخلفيات المذكورة، فيه أمور من ذلك:
1- اطلاع الأهل والأقارب على مثل ذلك، وهذا يحدث في النفوس ما يحدث.
2- اطلاع النساء العازبات، والمحرومات من أزواجهن، ما تتمتمع به صاحبة الخلفية.
3- وهكذا اطلاع الرجال من العزاب والمزوجين على مثل ذلك مما يدعوا إلى الفتنة لا سيما عند ضعاف النفوس.
4- قد يكون سببًا لحسرة أنفس تريد ذلك، وحسد أنفس أخرى على ذلك. والسلامة لا يعدلها شيء.
5- يشتمل على رموز غير شرعية منها رمز القلب قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (هو رمز للعشق المحرم ورمز للآلهة الإغريقية)، وهكذا يتبع: الرمز إلى اسم الزوج أو غيره من الأقارب والأصدقاء بحرف إنجليزي أو عربي إلا أنه بالإنجليزي أشد مشابهة بالكفار.
6- وفي ذلك التشبه بأهل الفسوق والرذائل. قالت اللجنة الدائمة: (شكل (القلب): تشبه بأهل الفسوق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم، من غير التفات إلى الحكم الشرعي فيه).
وبناءً على ما سبق كله فالذي يظهر لنا أن هذا لا يجوز؛ لأنه من الأمور المنكرة والداعية إلى الخضوع والفحش، وإن كان قد يصدر مثل هذا من رجال ونساء صالحين، ليسوا من أهل السوء ولا قاصديه، وإنما طغى عليهم التعبير عن المشاعر بمثل هذه الطرق التي اكتسبها الناس بعضهم من بعض، ولم يعلموا حكم الشرع في ذلك، بل ربما ظنوا أنه لا شيء في ذلك، ففعلوه.
وبهذه المناسبة نهيب بالمسلمين والمسلمات ملازمة الشرع الحكيم فيما يتجدد من أمور في وسائل التواصل الاجتماعي وغيره، ويحذروا من التشبه بالكفار، وأهل الفسوق، ويراجعوا أهل العلم، فيما يستجد لهم من ذلك.
والخلفية إن أبقاها على حالها بدون شيء فلا بأس بذلك، وإن رغب صاحب الجوال أن يجعل فيها شيئاً قد يحصل به النفع كقطعة من حديث أو أثر، أو تسبيح وتكبير ونحوه، أو شيئاً مباحاً كصور غير ذوات أرواح من أشجار وأنهار وبحار وأبنية، وما شابه ذلك فلا بأس بذلك إن شاء الله.
أصلح الله أحوالكم وألهمكم رشدكم، وبالله التوفيق
اجاب عن السؤال الشيخ/ راجعه/
أبو الحسن علي بن أحمد الرازحي فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام
9/6/1438هـ
رابط المادة الأصلية في موقع الشيخ الإمام:
http://sh-emam.com/show_fatawa.php?id=2035