رسالة إلى سني

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
عبد العزيز بن يحيى البرعي [آلي]
مشاركات: 2137
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

رسالة إلى سني

مشاركة بواسطة عبد العزيز بن يحيى البرعي [آلي] »

بسم الله الرحمن الرحيم

حياكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإني قد لمست منك أثناء حديثي معك أنك استغربت كيف استطاع أناس أن يخترقوا دعوة أهل السنة وقد عرف عنها أنها حصينة منيعة وكيف قدر أن يندس في وسط أهل السنة من ليس منهم ولقد سرني شعورك بعظم المصاب ولا ألومك أن استغربت ما جرى لأنك واحد من أهل السنة الذين وثقوا بأهل السنة و أحسنوا بهم الظن ولكن اعلم أن الهداية بيد الله ، وتلك عقول أضلها باريها .

واعلم يا أخي بارك الله فيك أن الأمر إذا نظرنا إليه في واقعه لم يستغرب وإن النظر فيه من جهتين .

1- أن الإخوان المسلمين لديهم مبدأ “التغيير من الداخل” فهم مستعدون أن يتلوَّنوا ويندسوا في أي مبدأ يخالف ما هم عليه إذا أرادوا أن يلحقوا به أو بأهله ضرراً ولقد سمعنا – ولا نزال – أنهم يدخلون فبي الديمقراطية ويدافعون عنها ويقولون : ” نريد أن نغير من الداخل ” . ومن ارتكب العلمانية والديمقراطية بحجة التغيير من الداخل فلأن يعمل بالسنة ليوجد الفرقة في أوساط أهل السنة من باب أولى وهو بنفس المبدأ ” التغيير من الداخل” وعلى هذا يقول بعض السلف: من خَدَعَنَا بالله انخدعنا له . ولست أقول : إن كل من انحرف كان من هذا النوع ولكن منهم من هو كذلك . فقد قدروا أن يُدْخلوا الشكوك على بعض طلبة العلم من أهل السنة شككوهم في علمائهم ومبادئهم حتى لقد بلغنا عن بعضهم أنه يقول : الحمد لله الذي أذهب عني الهيبة من العلماء .

وإن مما يؤسف له أن أناساً من طلبة العلم قد مكثوا زمنا وهم يصارعون أهل الباطل فملُّوا من طول الطريق وثِقَلِ العبء ، واستوحشوا من كثرة الخصوم وقلة النصير فبحثوا عن مخارج تبيح لهم التقارب مع المبتدعة والتعاطف معهم وتعلَّلُوا بشبهات يوهمون أنفسهم بأنهم لا يزالون على الجادة وهم قد فارقوها، ويزداد الأسف أنهم ملُّوا من صراع المبتدعة و أخذوا في صراع أهل السنة .

ومنهم من دخلت عليهم شبهات فشككتهم في دعوتهم بسبب قلة علمهم ، حتى أن بعضهم

أدخلوا عليه شبهة وهي أن أهل السنة متشددون فصدق ذلك فعاد على أهل السنة باللوم

وأصبح يقول لعل الأخوان المسلمين كانوا لا يستحقون كل ما قيل فيهم !! ولعل أهل السنة كانوا ظالمين لهم !!.

 

فضاع في قلوبهم باب الولاء والبراء وماتت في قلوبهم الغيرة على المنهج السلفي .

وقوم آخرون كانوا حزبيين فتركوا الحزبية وبقيت عندهم رواسب لم يتخلصوا منها فبقيت في عقولهم حتى جاءت هذه الفتنة فاستجابوا لها سراعاً حتى أن من الناس من شك في توبة هؤلاء وقال لعلهم لم يتوبوا من البداية وأنهم كانوا مدسوسين ؟ والحق أنهم كانوا قد تابوا وصدقوا في توبتهم ولكن تلك الرواسب التي بقيت في عقولهم أثرت فيهم حين جاءت هذه الفتنة فدخلوا الحزبية من الباب الخلفي الذي فتحه أبوا الحسن باعترافه حيث قال : المشايخ يغلقون الباب من الأمام وأنا أفتحه من الخلف فما دروا إلا و الغرفة مليئة من الذي أدخلهم ؟ أبوا الحسن .!! هكذا قال أبوا الحسن لا سامحه الله. ويعني بالغرفة الدعوة ويعني أن المشايخ يغلقون أبواب الدعوة أمام الحزبيين فلم يستطع إدخالهم ففتح لهم الباب الخلفي .

1- اعلم أن لله في خلقه حكمة يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا معقب لحكمة ولا راد لقضائه قال تعالى : ( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) أي يبين لهم سبل الهداية وسبل الضلال ليعرفوا الأمور التي من شأنها أن تضلهم ثم بعد ذلك يصرفهم الله عن الحق إلى الباطل وعن الهدى إلى الضلال لعلمه أنهم ليسوا أهلاً للخير والصلاح .

ويقول تعالى : ” وتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين = ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون = ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآيتنا وأنفسهم كانوا يظلمون”. فانظر أين وصل أمر هذا الرجل بعد أن كان على جانب من الصلاح والتقى ، والمثبـَّت من ثبته الله عز وجل وكما قيل : الحي لا تؤمن عليه الفتنة .

وفي الصحيحين من حديث بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. .. والذي نفسي بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها .. الحديث ، وإن دلالة الحديث على المراد ظاهرة ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر أن يقول في دعائه : ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”. رواه أحمد من حديث أم سليم

(2)

وبناءاً على هذه النصوص وما شابهها فإن أهل السنة لا يستغربون أن يضل أحد من الناس كائناً من كان وإنما الواجب على علماء أهل السنة حمايتها من الغزاة فإن أعداء الدعوة كثيرون متنوعة مبادئهم ، وكلما قويت الدعوة كثر أعداؤها وكما قيل : “النخلة إذا طابت ثمارها كثر رماتها “وأنت تعلم أن الأطباء قد يأمرون بقطع يدٍ أو رِجلٍ قد كانت من قبل صحيحة قوية المناعة ما بها من بأس ولكن طرأت عليها الأمراض .

ومن المعلوم لديك أن ذا الخويصرة التميمي أول خارجي وكان في وسط الصحابة وانتقد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم برأيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقبيهم “يعني لا يفقهونه ” يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أهـ. فما انتفع بنصائح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا بقربه منه .

وأيضا فقد وقعت الردة بعد موت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحاربهم أبو بكر وبقية الصحابة ولم يرجعوا كلهم إلى ما كانوا عليه مع أنهم أسلموا في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنهم من كان يعد في الصحابة ومنهم من أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو من التابعين ومع ذلك جرى ما جرى .

وأيضا: فإن بعض الذين تآمروا على قتل عثمان كانوا من أبناء الصحابة .

وأيضا: فإن مؤسس المعتزلة واصل بن عطاء الغزال كان من تلامذة الحسن البصري فأضله الله ولم ينفعه قربه من الحسن .

وأيضاً: فإن عمران بن حطان كان من أهل السنة فتزوج بابنة عمه – وكانت من الخوارج –

ليردها إلى السنة فغلبته فأقنعته برأي الخوارج فأصبح من رؤوسهم وهو الذي مدح قاتل علي

بن أبي طالب رضي الله عنه.

ثم انظر في عصرنا الحاضر فكم من أناس كانوا على سنة فانحرفوا وأصبحوا من جملة المجتمع يقعون في المعاصي والآثام وربما حلقوا لحاهم ولبسوا البنطلونات وغير ذلك ، أو صاروا من الإخوان المسلمين أو غير ذلك وانظر إلى أصحاب جمعية الحكمة فالرؤوس منهم كانوا أهل علم وسنة ومع ذلك تركوا السنة وأهل السنة على علم وتحزبوا في تنظيم عبد ارحمن عبد الخالق وعبد الله السبت

وهكذا السروريون أصحاب جمعية الإحسان أتباع محمد بن سرور بن نايف زين العابدين فإن عدداً

(3)

ليس بقليل كانوا أهل سنة ثم صاروا حرباً عليها وعلى أهلها حتى قال عبد الله الحاشدي وهو من طلاب الشيخ مقبل رحمه الله : أنا أحتقر نفسي أن أقول بأنني من طلاب الشيخ مقبل .

ومن هنا نعلم أن الله هو أعرف بمن يصلح لخدمة دينه ونصرة سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعاذنا الله وإياكم من الضلال بعد الهدى ومن الغي بعد الرشد .

وإن هذا ليحصل حتى في الأمور المادية فلربما بنيت حمامات مسجد في مكان كان الناس يصلون فيه

والعكس قد يوسع المسجد بدك الحمامات وتصبح تلك الأماكن القذرة النجسة مقدسةً لا يجوز الجلوس فيها إلا بصلاة تحية المسجد ، والله يكرم من يشاء ويذل من يشاء ” ومن يهن الله فما له من مكرم “.

ولقد كان أهل السنة – ولا يزالون يذبون عن السنة وعن أهلها ويدفعون في وجه أهل الباطل ولم يكن موقفهم الجديد مع أبي الحسن بمختلف عن موقفهم مع من سبق لأن أبا الحسن سائر على نهج أولئك المبطلين وإن كنت أعلم أن فتنة أبي الحسن أشد ضراوة من سابقاتها لأنه مهَّد لنفسه من وقت مبكر ، وبحمد الله ما ضر إلا نفسه أما الدعوة فغاية ما جرى لها أنها

نفضت غبارها ونفت خبثها والمحفوظ من حفظه الله.

وأكتفي بما تقدم وأسأل الله أن يدفع عنا وعنكم كل سوء ومكروه والسلام عليكم ورحمة الله

وبركاته

كتبه عبد العزيز بن يحي البرعي بتأريخ 17محرم 1424هـ

رابط المادة الأصلية:
https://alburaaie.al3ilm.com/13172

أضف رد جديد