بسم الله الرحمن الرحيم
نظرات فيما نشره الحذيفي مؤخرا من وقفات
(الحلقة الثانية)
موقف الإمام الوادعي من الحذيفي والطعن في علماء أهل السنة في اليمن.
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
أما بعد: قد بينا –بفضل الله في (الحلقة الأولى) بعض الأمراض التي ابتلي بها الحذيفي، وأن ما هو فيه من التعالم وإثارة الشغب في الدعوة أمر متأصل فيه من زمن قديم، من بداية الطلب، عياذا بالله.
وأقول هنا: لما علم الإمام الوادعي –رحمه الله- بتمرد الحذيفي وخوضه فيما لا يعنيه وإثارته القلقلة في داره (دار الحديث بدماج) وطعنه في بعض كبار طلابه، أراد الإمام الوادعي طرده -صيانة للدار وطلاب العلم عن الانشغال بزوبعة الحذيفي عما هو أنفع لهم- لولا أن الحذيفي شعر بغضب الشيخ ففر هاربا حتى استقر به الحال آنذاك في (بيحان) كما ذكر ذلك الحذيفي في منشوره (قصة أصحاب المنهج)
فما هو إلا يومان وإذا بالشيخ يقوم في الدرس مغضبا يسأل عن علي الحذيفي، فقيل له: إنه سافر.
وذكر الحذيفي في رسالته المنشورة (قصة أصحاب المنهج) أن أحد الإخوة اتصل به بعد ذلك من (دماج) وقال له: «لوكنت حاضرا لطردك –يعني الشيخ- فالحمد لله تعالى أنك خرجت قبل ذلك».
وحق للإمام الوادعي طرد الحذيفي وأمثاله ممن يثيرون الشغب في الدعوة ويتدخلون فيما لا يعنيهم؛ فكما قال الإمام ابن حزم –رحمه الله- «لا آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها؛ فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويُقدِّرون أنهم يُصلِحون».
وكما قال شيخنا –رحمه الله-: «ينبغي لنا جميعًا أن لا نمكن الفوضويين من الدعوة فإنهم سيحطمون الجماعة وستذكرون».
وكم جلب التعالم وتدخل طلاب العلم فيما لا يعنيهم من الفتن في الدعوة، وصدق النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حين قال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)
أراد الإمام الوادعي –رحمه الله- طرد الحذيفي من (دماج) بسبب تلك الفوضى التي قام بها في الدار بين يدي هذا الإمام.
فكيف لو رأى الإمام الوادعي –رحمه الله- ما يمارسه الحذيفي من إثارة الشغب والفوضى في دعوته والطعن في كبار طلابه حملة لواء السنة في اليمن منذ عشرات السنين! لنكل به غاية التنكيل! فإن الإمام مقبل –رحمه الله- كان من أشد الأشياء عنده وأبغضها إليه إثارة الفتنة في الدعوة وجرجرة الفتن والخصام إليها.
كما أن من أشد الأشياء عليه الطعن في كبار طلابه حملة الدعوة السلفية في اليمن ومرجعيتها حتى الساعة بفضل الله.
فعند أن أراد عقيل المقطري ومن معه من السرورية محاكمة الوالد العلامة الوصابي –رحمه الله- بسبب مسألة كان الإمام الوادعي يخطئ الوصابي فيها، وقد تراجع العلامة الوصابي عنها-
لكنه لما علم بتطاول السرورية على العلامة أبي إبراهيم –رحمه الله- غضب جدا وأخرج في ذلك شريطا دفاعا عن العلامة الوصابي –رحمه الله- صَبَّره وذكَّره بنعمة الله عليه وأثنى عليه ودعا فيه على عقيل المقطري ثلاثا بأعلى صوته -وقد احمر وجهه وانتفخت أوداجه- بقوله: «قطر الله دمه، قطر الله دمه، قطر الله دمه، أيريد أن يحاكم أبا إبراهيم!!!».
وعند أن رمى بعض المبتدعة بقنبلة على بيت فضيلة الشيخ الناقد البصير عبد العزيز البرعي –حفظه الله- بسبب ردوده العلمية التي دوختهم، غضب لذلك الإمام الوادعي –رحمه الله- غضبا شديدا وأخرج في ذلك شريطا انتصر فيه لتلميذه وساعده الأيمن في محافظة (إب) وضواحيها وأثنى عليه ثناء عطرا بما هو أهله، والشريط مطبوع في (تحفة المجيب) (385) تحت عنوان (نصيحتي لأهل السنة)
وعند أن قام أصحاب المنهج الذين من زعمائهم الحذيفي بإيغار صدر بعض كبار أهل العلم -حفظهم الله- على الإمام الوادعي بأنه يأوي في مركزه حزبيين! وأنه ... وأنه ...، أرسل ذلك الشيخ المبارك -حفظه الله وعافاه- إلى شيخنا ينصحه بتصفية الدار من الحزبيين!!!
فلما بلغ ذلك الإمام الوادعي غضب غضبا شديدا وقال: «قولوا له: أنا أعرف بطلابي من غيري، لا آذن لأحد أن يتدخل في طلابي بشيء».
وأقول: إذا كان الحذيفي ومن معه من أصحاب المنهج ليسوا راضين عن منهج الإمام الوادعي –مع كونه من كبار علماء السنة في هذا العصر- فكيف سيرضون عن طلابه من بعده؟!!!
وإذا كانوا يتمردون على الإمام الوادعي ويحزبون طلابه بين يديه، ويتهمونه بلسان الحال بعدم إعطاء المسائل المنهجية حقها وبإيواء الحزبيين حتى كادوا أن يفتنوا بينه وبين بعض العلماء من أجل هذا الأمر -مع كونه من أشد علماء السنة على الحزبية وأعرفهم بها- فكيف سيرضون عن طلابه من بعده؟!!!
والناظر في التشغيبات التي قام بها الحذيفي ومن معه على الإمام الوادعي يرى أنه نفس التشغيبات التي يشغبون بها حاليا على كبار طلابه!
فبالأمس يطعنون في الإمام الوادعي بلسان الحال أنه يأوي الحزبيين ويقربهم منه ولا يصفي الدار منهم! وأنه لا يعطي المسائل المنهجية حقها! واليوم يطعنون في بعض كبار طلابه بنفس تلك الطعونات! (شنشنة أعرفها من أخزم)
فلا غرابة من إثارة الحذيفي اليوم ومن معه من البريكيين الفتنة في الدعوة السلفية في اليمن وطعنهم في علمائها وحملتها واتهامهم بما ليس فيهم، والتحريش بينهم وبين غيرهم، فالشيء من معدنه لا يستغرب، ومن شب على شيء شاب عليه، إلا من رحم الله.
وقد عرض الأخ علي الحذيفي بعض بحوثاته على الشيخ الإمام ليراجعها ويقدم لها، فراجع الشيخ له رسالة صغيرة في التنصير وقدم له فيها، واعتذر له عن المراجعة والتقديم لغيرها مما يرى الشيخ أنه ليس صالحا للنشر على تلك الصورة.
فلعل هذا من أسباب تحامل الحذيفي على الشيخ الإمام وطعنه فيه بما هو منه بريء، والله أعلم.
وبمناسبة اعتذار الشيخ الإمام للحذيفي عن المراجعة والتقديم لبعض رسائله، أذكر الحذيفي –وفقه الله- بقول الإمام العلائي –رحمه الله- في شأن الجرح والتعديل: «وهذا كله إذا صفت النيات وخلصت الطويات من شوب حسد أو عداوة دنيوية أو منافسة أو ما أشبه ذلك.
فليتفقد القائل قلبه، وليتق الله ربه، فإنه لا يكون شيء من الأسباب الدنيوية كامناً ويلبس عليه الشيطان أن كلامه هذا إنما هو لله ولنصيحة المسلمين، وليس الأمر كذلك» (نظم الفرائد) (ص428-429).
وبقول الحافظ ابن رجب --: «ومن عرف منه أنه أراد برده على العلماء النصيحة لله ورسوله، فإنه يجب أن يعامل بالإكرام والاحترام والتعظيم كسائر أئمة المسلمين الذين سبق ذكرهم وأمثالهم ومن تبعهم بإحسان.
ومن عرف منه أنه أراد برده عليهم التنقص والذم وإظهار العيب فإنه يستحق أن يقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظراؤه عن هذه الرذائل المحرمة.
ويعرف هذا القصد تارة بإقرار الراد واعترافه، وتارة بقرائن تحيط بفعله وقوله» (الفرق بين النصيحة والتعيير) (ص: 14)
وبهذا أكون قد انتهيت –بفضل الله- من الحلقتين الأولى والثانية، اللتين تعدان تمهيدا لبقية الحلقات بإذن الله.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه/ نور الدين السدعي (23/12/1436ه)
نظرات فيما نشره الحذيفي مؤخرا من وقفات (الحلقة الثانية) - الشيخ السدعي
-
كاتب الموضوع - مشاركات: 274
- اشترك في: شوال 1436
نظرات فيما نشره الحذيفي مؤخرا من وقفات (الحلقة الثانية) - الشيخ السدعي
رحم الله الشيخ رحمة واسعة واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة