العاصفة بين الفضح والتأييد (ردا على البريكيين)

يشمل هذا القسم كل موضوع لا يندرج تحت الأقسام المخصصة
أضف رد جديد

كاتب الموضوع
عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

العاصفة بين الفضح والتأييد (ردا على البريكيين)

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

العاصفة بين الفضح والتأييد

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فقد أثار البريكيون الفتنة في الدعوة السلفية في اليمن، وقاموا بالطعن في مشايخهم علماء الدعوة السلفية في اليمن والتنكر لهم بل والتعريض بتكفير بعضهم بل والتصريح بأنه دسيسة على الإسلام! إلى غير ذلك من التهور والمجازفة في الأحكام التي فاقوا بها كثيرا من سلفهم من الحدادية.

وكان موقف علماء أهل السنة في اليمن العقلاء الحكماء تجاه هذه الزوبعة هو التلقي لها بالصبر والحلم والحكمة قائلين: «من عرف واقعنا فعذرنا فذاك، ومن لم يعذرنا وسعنا الصبر عليه».
معلقين آمالهم بالله أنها فتنة كسابقاتها من الفتن ستنكشف بإذن الله ولو بعد حين.

فما هي إلا مدة وإذا بالعاصفة تأتي لتجلي الأمور على حقيقتها بإذن الله، وتبين للقاصي والداني أن الحق مع علماء أهل السنة في اليمن فيما انتقد عليهم وضُلِّلُوا بسببه، فاللهم لك الحمد والمنة ما أعدلك! وما أحكمك! وما أغيرك على أوليائك وحملة دينك!

وقد استفدت في هذا المنشور من بعض ردود الأخ نور الدين السدعي –وفقه الله- وبالأخص من رده الأخير على عبد الله الظفيري.
ويتبين ذلك في نقاط أهمها:

الأول: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا زيف دعوى البريكيين أن أهل السنة في اليمن كان لديهم القدرة على الجهاد وفتح الجبهات.

الثاني: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا صحة تحذير علماء أهل السنة في اليمن من فتنة هاني بن بريك، وأنه يسوق من معه إلى الهاوية والفتن العظام.

الثالث: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا أوضح من الشمس في رابعة النهار كذب البريكيين أن الشيخ الإمام ليس معذورا في التوقيع على الوثيقة؛ لأنه كان لديه القدرة على المقاومة وعلى القتال.
يدل على صحة هذه الثلاث الفقرات الأخيرة واقع اليمن حاليا، والواقع خير شاهد.
فحكومة المملكة لم تحارب بانفرادها حتى جمعت حولها عشرات الدول بين مشارك ومؤيد، وبقوة ضاربة برا وبحرا وجوا، وتدخلا بعشرات الطائرات الحربية، والبوارج البحرية، وتجييشا لآلاف المقاتلين من أبناء البلد، وتعزيزهم بجيوش عارمة مدربة خارج البلاد، وبذلا للمليارات من الأموال، واستخراج القرارات الدولية، و ... و ... إلخ، ومع هذا كله لم تتمكن دول التحالف الاثنا عشر من تحرير محافظة من المحافظات إلا بعد أربعة أشهر تقريبا.

الرابع: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا أن فتوى علماء أهل السنة في اليمن في التحذير من هاني بن بريك فتوى شرعية لا سياسية، نابعة من الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح والحماية للدعوة من المتهورين لا من دهليز الأحزاب السياسية.
فإن من شرط تعين الجهاد وجود القدرة على ذلك، وإلا كان من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: «إن الأمر بقتال الطائفة الباغية مشروط بالقدرة والإمكان» (مجموع الفتاوى) (4/ 442).
وقال الإمام الشوكاني -رحمه الله-: «وإذا علموا بالقرائن أن الكفار غالبون لهم، فعليهم أن يتنكبوا عن قتالهم ويستكثروا من المجاهدين... ومعلوم أن من أقدم وهو يرى أنه مقتول أو مأسور أو مغلوب فقد ألقى بيده إلى التهلكة». (السيل الجرار) (٤/٥٢٩)
وقال الإمام العثيمين -رحمه الله- عن الجهاد: «لابد فيه من شرط وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة». (الشرح الممتع) (8/10).
وقال الشيخ الفاضل عبيد الجابري -حفظه الله-: «ثم إن كان هذا العدو لا يقبل وأبى إلا الاستيلاء وفرض القوة وما يسمى بالاستعمار العسكري، فهنا ننظر، إن كان عندهم قوة استعانوا بالله، كانت عندهم قوة تواجه قوته ووثقوا من ذلك استعانوا بالله وقاتلوهم.
وإن لم تكن عندهم قوة أو غلب على ظنهم أنه يدعم من قوى أخرى فعليهم الفرار بدينهم؛ لأن جهاد الدفع يشترط فيه القدرة». (شرح عقيدة الرازيين)

الخامس: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا كذب دعوى البريكيين أن عدم فتوى علماء أهل السنة في اليمن آنذاك بالزج بأهل السنة في القتال كانت إرضاء لبعض الأحزاب السياسية؛ فقد اعترف هاني في صوتيته الأخيرة بأن علماء أهل السنة في اليمن أرسلوا إليه بالكف عن التحريض لأن قوة أهل السنة لا توازي قوة العدو. اهـ يعني لا لأجل شيء آخر من الأمور السياسية.

السادس: أظهرت العاصفة -بفضل الله- إظهارا جليا كذب دعوى البريكيين أن علماء أهل السنة في اليمن استعجلوا في البت في فتنة هاني بن بريك، بينما تريثوا في فتنة الحجوري والمأربي.
فقد اعترف هاني في صوتيته الأخيرة بأن علماء أهل السنة في اليمن ناصحوه قبل التحذير منه. فلما رأوا إصراره على باطله حذروا منه، حرصا على سلامة الدعوة مما قد يجره عليها من الفتن بسبب طيشه وعدم إدراكه لأبعاد الأمور.

السابع: أظهرت العاصفة -بفضل الله- صحة كلام علماء أهل السنة في اليمن أن الفتنة في اليمن مؤامرة تقف وراءها بعض القوى السياسية ليس من صالح دعوة أهل السنة التصدي لها.
بينما كان البريكيون والحجاورة يسخرون منهم في هذا الأمر ويلقبونهم بمحللين سياسيين! ويقول هاني ساخرا من هؤلاء العلماء –حفظهم الله-: «ينطلقون من الجرائد والصحف وأقوال السياسيين من المحللين وقنوات الغرب مما يدعيه المتآمرون».
ويصرح هاني بأن كلامهم مجرد أوهام قائلا: «وعشنا في وَهَمِ المؤامرة، مؤامرة مؤامرة! أصبح الواحد هناك تتلفت اللي على يمينه هذا جاسوس وهذا مخابرات وهذا...».

الثامن: أظهرت العاصفة -بفضل الله- ما عند علماء أهل السنة في اليمن من الحلم الواسع والصبر العظيم والحرص الشديد على سد أبواب الفتن وعدم توسيعها ما أمكن.
كل هذا رغم تطاول البريكيين عليهم واستفزازهم لهم والتحريش بينهم وبين غيرهم لإيقاعهم في الفتنة! إلا أن تلك المساعي للجرجرة إلى الفتنة ذهبت سدى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)

التاسع: أظهرت العاصفة -بفضل الله- حكمة علماء أهل السنة في اليمن العظيمة التي حفظ الله بها المراكز ودور الحديث السلفية في اليمن من الفتن المتلاطمة الهائجة في البلاد. وحفظ الله بها مئات المساجد السلفية المنتشرة في أنحاء اليمن، من الاقتحام الذي نال غيرها. وحفظ الله بها العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله من القتل والتشريد والقبض عليهم في الطرقات والزج بهم في غياهب السجون ومنعهم من التحرك للدعوة إلى الله.
وفوت الله بها الفرصة على المتربصين في الداخل والخارج بالدعوة السلفية الدوائر لقصد التخلص منها عن طريق إقحامها في فتن القتل والقتال.
وتَمَكَّن من خلالها طلبة العلم والدعاة إلى الله من مواصلة طلب العلم في (دور الحديث السلفية) بفضل الله.
هذا الخير العظيم الذي أغاظ الحاقدين والحاسدين لهذه الدعوة المباركة وحملتها، وجعلهم يشنون حملة عليهم حتى على مستوى بعض المسائل الفقهية التي هي محل اجتهاد! وصدق من قال:

في ازدياد العلم إرغام العدا *** وجمال العلم إصلاح العمل

العاشر: زادت العاصفة أهل السنة في اليمن معرفة بما أكرم الله به علماءهم من الحلم والحكمة والصبر وعدم الانتقام للنفس وسد أبواب الفتن، وبما عندهم من الأهلية لقيادة الدعوة السلفية في اليمن والسير بها إلى الأمام، كما أوصى بالرجوع إليهم عند النوازل شيخهم الإمام المجدد الوادعي –رحمه الله-

الحادي عشر: زادت العاصفة أهل السنة في اليمن معرفة بحقيقة البريكيين وما عندهم من الطيش والحقد على علماء الدعوة السلفية في اليمن، وأنه ليس لديهم الأهلية لقيادة الدعوة والنأي بها عن الفتن ومؤامرت ومكايد الأعداء.

ظهر هذا كله وغيره أيضا -بفضل الله- لكن حال بعض الناس كما قال الإمام الشوكاني –رحمه الله-: «إن الرجل قد يكون له بصيرة وحسن إدراك، ومعرفة بالحق ورغوب إليه، فيخطئ في المناظرة، ويحمله الهوى، ومحبة الغلب، وطلب الظهور على التصميم على مقاله، وتصحيح خطئه، وتقويم معوجه بالجدال والمراء» ”أدب الطلب“ (110) والله المستعان.

وبالله التوفيق، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. كتبه/ أبو عبد الله السلفي
الأربعاء (25/11/1436هـ)

أضف رد جديد