(29)معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
من معجزات
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن عَبْد الرَّحْمَنِ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا
أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ
عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ» أَوْ كَمَا
قَالَ: وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ ثَلاَثَةً، قَالَ: فَهُوَ
أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلاَ أَدْرِي هَلْ قَالَ: امْرَأَتِي وَخَادِمِي، بَيْنَ
بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى
العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ،
قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟، قَالَ:
أَوَعَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ
فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ
وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا، وَقَالَ: لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَالَ: وَايْمُ
اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا
أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ،
فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ، قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا
أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، قَالَتْ: لا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ
مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ:
إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً،
ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ
عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا
اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ
كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا
أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَغَيْرُهُ يَقُولُ: فَعَرَفْنَا مِنَ
العِرَافَةِ.
رواه البخاري (3581)،
ومسلم (2057).
فيه سب الولد أحيانًا؛
فأبو بكر قال لولده: «يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ».
كما نستفيد من هذه
القصة: أن الضيف إذا شُغل عن أضيافه وهناك من يقوم مقامه بإكرام الضيوف أنه لا بأس
بذلك،- وهؤلاء الضيوف إنما امتنعوا عن الأكل؛ احترامًا ومحبة لأبي بكر-، وبعض
الناس يقول: هذا استخفاف بنا وجفاء!
ونستفيد: أنه إذا حلف
الضيف والمضيف، فالمضيف هو الذي يحنث، وليس الضيف، وعليه الكفارة.
وفيه كرامة لأبي بكر،
ومعجزة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد لطف الله بهم بعد
ما تكدَّر حالهم، وتشوش خاطرهم، فزال كل ما حصل، وأكل الضيوف وأكل المضيف، وجاءت
الكرامة من عند الله، ونزل الخير الإلهي، ورجع الشيطان مدحورًا مخذولًا.
[مقتطف من كلمة الولد
أمانة في عنق أبويه لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/08/29.html