كتاب «العقيدة
الواسطية» لشيخ الإسلام أَبي العَبَّاسِ
أَحمَد بن عَبدِالحَلِيمِ بنِ عَبدِالسَّلَامِ بنِ عَبدِاللهِ بنِ تَيمِيَّةَ
الحَرَّانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ.
وهذا الكتاب فيه مجمل من أصول عقائد أهل السنة
والجماعة.
وقد ألفه شيخ الإسلام؛
لأنه طلب منه أحد قضاة واسط أن يكتب له في العقيدة،
فلبَّى طلبه رَحِمَهُ اللهُ وكتب له هذه العقيدة،
ونُسبت إلى السائل «العقيدة الواسطية».
والعقيدة لغة: الشد والربط.
واصطلاحًا:
حكم الذهن الجازم في أمرٍ ما، فما وافق الحق
فهو حق، وما وافق الباطل فهو باطل، كعقيدة اليهود في قولهم:
عزير ابن الله، وعقيدة النصارى كقولهم: إن الله ثالث ثلاثة،
وأن المسيح ابن الله.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ)
(بِسْمِ اللَّهِ) الباء للاستعانة، أي: أستعين
بالله. والاستعانة بالله: يفيد البراءة من الحول والقوة، والاعتراف بالضعف والعجز
والتقصير.
قال الشيخ ابن عثيمين
رَحِمَهُ اللهُ في «شرح البيقونية»(19): المعنى أبتدِئ بكل اسم من أسماء الله .
اهـ.
والجار والمجرور في
(بِسْمِ اللَّهِ) متعلقان بفعل محذوف متأخِّرٍ مناسب للمقام.
(الله) علم على ذات
الرب سُبحَانَهُ، بمعنى: المألوه، وهو المعبود، المستحق للعبادة وحده لا شريك له. ومن
خصائص لفظ الجلالة: أنه لا يأتي نعت، وإنما
يكون منعوتًا.
(الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ) نعتان للفظ الجلالة، واختلفوا في التفرقة بينهما: والذي ذهب إليه ابن
القيم رَحِمَهُ اللهُ أن (الرَّحْمَنِ) يتضمن إثبات صفة ذاتية، و(الرَّحِيمِ)
يتضمن إثبات صفة فعلية.
وقد بدأ المؤلف
رَحِمَهُ اللهُ كتابه بالبسملة؛ اقتداءً بكتاب الله، واقتداءً بفعل النبي صلى الله
عليه وسلم في مراسلاته.
(الحمد لله) الحمد: هو الإخبار بمحاسن المحمود مع
المحبة والتعظيم.
واشتهر في تعريف الحمد: الثناء على الجميل الاختياري.
وذكر الثناء منتَقَدٌ، قال ابن القيم في «بدائع
الفوائد»(2/93) في تعريف
الثناء: الثناء:
تكرار المحامد.
وبدأ رَحِمَهُ اللهُ بالحمد لله؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة.
(
الَّذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) أي: نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
( بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) الْهُدَى: هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَدِينُ
الْحَقِّ: هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، كما في «تفسير ابن كثير».
(
لِيُظْهِرَهُ) أي: ليعليه على الدين كله.
(وَكَفَى بِاللهِ) الباء في قوله (وَكَفَى بِاللهِ) حرف
جر زائد، وهذه الباء يؤتى بها؛ لتحسين اللفظ،
وقد تحذف.
(وأَشْهَدُ أَن لا إلَهَ إِلا اللهُ
وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا)الشهادة: الإخبار بالشيء مع اعتقاد صحته
وثبوته.
معنى (لا إله إلا الله):
لا معبود بحق إلا الله.
أركان (لا إله إلا الله):
نفي وإثبات.
فلا يتم إيمان أحد حتى
يأتي بالنفي والإثبات.
(وَحْدَهُ
لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا) التوحيد: مصدر وحَّد يوحِّد.
أقسام التوحيد ثلاثة:
توحيد الربوبية:
إفراد الله عَزَّ وَجَلَّ بالملك والخلق والتدبير.
وتوحيد الألوهية وهو: إفراد الله بالعبادة.
وتوحيد الأسماء والصفات وهو: ألَّا
نسمِّيَ الله ولا نصفه إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
(وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا) محمد أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم،وكذلك أحمد.
ومحمد اسم مفعول؛ سمي بذلك لكثرة خصاله
الحميدة، فهو المحمود حمدًا بعد حمد، وهو محمود عند الله،
ومحمود عند الملائكة، ومحمود عند الأنبياء، ومحمود عند الصالحين.
(عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) فيه وَصْفُه صلى الله عليه وسلم بهذين الوصفين: العبودية الرسالة.
والوصف بالعبودية أشرف الأوصاف؛ ولهذا ربنا وصفه صلى الله عليه وسلم بالعبودية في
أشرف المقامات.
والعبودية قسمان: عبودية عامة، وهي: عبودية القهر والمُلك، الكل عبيد لله.
وعبودة خاصة، وهي: عبودية
امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، هي التي
تنفع، وهي التي فيها النجاة من النار.
(صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ) صلاة الله على عبده: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى.
(وَصَحْبِهِ) الصحابي: قال ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في
«نخبة الفكر»:
هُو: مَنْ لَقِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم مؤمِنًا بهِ وماتَ عَلى الإِسلامِ، ولو
تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ؛ في الأَصَحَّ.اهـ.
(وَسَلَّمَ تسليمًا مَزِيدًا) قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرحه»(48):والجملة في قوله:(صلى) و (سلم) خبرية لفظًا طلبية معنى؛
لأن المراد بها الدعاء.
وقال:قوله:(مزيدًا)، بمعنى: زائدًا أو زيادة، والمراد تسليمًا زائدًا
على الصلاة،
فيكون دعاء آخر بالسلام بعد الصلاة.اهـ.
وقد جمع
بين الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تَعَالَى: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)﴾ [الأحزاب: 56].
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/07/1_16.html