(32) أحاديث منتقاة من أحاديث البخاري ومسلم
عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا
كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ
النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ،
وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى
مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ،
وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي
خَاصِرَتِي، فَلا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا».
فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ
بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ
الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. رواه البخاري (334)، ومسلم
(367).
من فوائد هذا
الحديث:
-سفر المرأة مع محرمها، وقد كان النسوة
يخرجن للغزو ومع محارمهن، فيداوين الجرحى، ويسقين المرضى.
وهذا إذا كان
المؤمنون عندهم قوة، وفيهم كثرة يأمنون على النساء، فلا يشكل كيف تخرج المرأة في
الغزو، والغزو فَرٌّ وكَرٌّ كما يقال، والحرب سجال، فهذا في حال المأمن من العدو.
-ونستفيد منه:
الحِفاظ على المال، عِقْد متواضع ويقيم النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ والناسُ على التماسه.
وأهل البلاد
المترفة كم يقعون في ضياع الأموال وفي الإسراف! والله عَزَّ وَجَل يقول: ﴿ وَلَا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)﴾ [الأنعام:141].
-وفي قول
عائشة: « فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي» هذا من أدبها رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أنها لم تتحرك؛ حتى لا توقظ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ، وتشوش عليه، مع أن أباها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما يطعنها في
خاصرتها.
-كما نستفيد
منه: شكوى المرأة إلى أبيها وإن كانت متزوجة.
-ونستفيد: تأديب
الأب ابنته وإن كانت متزوجة بالعتاب أو الضرب للحاجة.
-وفيه أن فاقد
الطهورين يصلي على حاله، الذي لا يجد الماء أو التراب يصلي ولا يقال: سقطت الصلاة.
-أن الله سُبحَانَهُ
وَتَعَالَى يضع البركة لمن شاء من خلقه.
- ويفيد أن آل
أبي بكر لهم سوابق في البركات.
ويذكر الشيخ
ابن باز رَحِمَهُ اللهُ في تعليقاته على «فتح الباري» ما معناه: أنه لا بأس بأن
يقال: هذه بركة فلان، إذا وُجدت بركة بسبب عالم أو فاضل.
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/05/32.html