اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(47)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري




قال تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾.
فيه أنه يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلِّغَ رسالةَ ربّهِ، وقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم الرسالة أتمَّ التبليغ وأكمله.
 وقد كان صلى الله عليه وسلم يُشهِدُ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بأنه بلغ الرسالة. وكان الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم يشهدون أنه بلَّغَ الرسالة، كحديث جابر الطويل عند مسلم في حجة الوداع.
هذه الآية الكريمة من أدلة وجوب تبليغ العلم، وعدمِ كتمانِهِ. فالأمر عامٌّ لحملَة هذا الدين.
قوله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُأي: إن لم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أُنزل إليه فما بلغ رسالة ربّهِ.
 وهذا لا يلزم منه الوقوع؛ لأنه شرط، والتعليق بالشرط لا يلزم منه الوقوع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)﴾
الشاهد في الآية: قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في شرح هذا الباب(13/506): وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْهِدَايَةَ نَوْعٌ مِنَ التَّبْلِيغِ. اهـ.
والتبليغ من عمل الرسول وفعله.
روى البخاري (7530)عن  المُغِيرَة: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: «أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ». وروى البخاري (7531) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ فَلَا تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة: 67].
والشاهد من هذه الأدلة: تبليغ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم الرسالة.
وروى البخاري (7532) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، قَالَ: ثُمَّ أَيْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قَالَ: ثُمَّ أَيْ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ﴾ [الفرقان: 69] الآيَةَ.
قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في «فتح الباري»(13/507) عن مناسبة هذا الحديث للترجمة: وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ التَّبْلِيغَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
 أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَصْلُ أَنْ يُبَلِّغَهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ خَاصٌّ بِمَا يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ. وَثَانِيهُمَا: أَنْ يُبَلِّغَ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ أُصُولِ مَا تَقَدَّمَ إِنْزَالُهُ، فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتَهُ فِيمَا اسْتَنْبَطَهُ: إِمَّا بِنَصِّهِ وَإِمَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَهَذِهِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي حَقِّ مَنْ أَشْرَكَ، وَهِيَ مُطَابِقَةٌ لِلنَّصّ، وَفِي حَقِّ مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهِيَ مُطَابِقَةٌ لِلْحَدِيثِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا، لَكِنَّ قَتْلَ الْوَلَدِ أَشَدُّ قُبْحًا من قَتْلِ مَنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الزُّنَاةِ؛ فَإِنَّ الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ أَعْظَمُ قُبْحًا مِنْ مُطْلَقِ الزِّنَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِنْزَالُ هَذِهِ الْآيَةِ سَابِقًا عَلَى إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَخْبَرَ بِهِ، لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا الصَّحَابِيُّ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ نَزَلَ تَعْظِيمُ الْإِثْمِ فِيهِ سَابِقًا، وَلَكِنِ اخْتَصَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَجْمُوعِ الثَّلَاثَةِ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالتَّصْدِيقِ الْمُوَافَقَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا فَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
واستفدنا من هذا الباب: نسبة فعل ابن آدم إليه حقيقة. 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/47_29.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(48)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(48)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 

عَنِ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا
بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى
غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا
حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا،
ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ
العَصْرُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ
القُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ
قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الكِتَابِ: هَؤُلاَءِ أَقَلُّ مِنَّا
عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ
شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» رواه
البخاري (7533).

من فوائد الحديث:

-تفاوت الخلق في الفضل والمنزلة، وكما قال تعالى: ﴿
قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ (73)
﴾[آل
عمران: 73].

-وفيه فضل
الإسلام، وما فيه من مضاعفة الأجور، فالإسلام دين متميز بفضائل كثيرة على الكتب السابقة؛ لذلك ضاعف الله لهذه الأمة أجورها.

ومن فضائله
العظيمة: ما فيه من اليسر والسماحة ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
﴾[الحج: 78].

وفيه كرامة لهذه
الأمة المحمدية، وقد ثبت لها الكرامة؛ لفضل نبيها، وشرف
كتابها، فهذه الأمة أفضل الأمم، قال تعالى: ﴿
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ
الْفَاسِقُونَ (110)﴾
[آل عمران: 110].

-وفيه اعتراض
اليهود والنصارى إعطاء الله تعالى لهم أجرًا واحدًا، وهم
أكثر عملًا، وهذه الأمة المحمدية لها أجران
وهم أقل عملًا، فقال الله تعالى: «هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَهُوَ
فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ».

-وفيه نفي الظلم
عن الله تعالى.

-وفيه: أن المشيئة لله تعالى وحده، فما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن.


وللإنسان مشيئة
لكنها خاضعة لمشيئة الله تعالى، قال تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا
تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)﴾[التكوير: 28-29].

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/48.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(49)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(49)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 

 عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ
الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ،
ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه.

من فوائد الحديث:

-فيه فضل هذه الأعمال،
وأن الأعمال الصالحة تتفاوت في الفضل.

-وفيه فضل الصلاة لوقتها.
وحذر سبحانه من تفويت الصلاة حتى يخرج وقتها، قال
الله سُبحَانَهُ: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ (5)  ﴾ [التكاثر: 4-5].

والسهو عن الصلاة كما ذكر الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ في «تفسيره»(8/493): إِمَّا عَنْ فِعْلِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا عَنْ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ
الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا، فَيُخْرِجُهَا
عَنْ وَقْتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا
قَالَهُ مَسْرُوقٌ، وَأَبُو الضُّحَى.

وَإِمَّا عَنْ وَقْتِهَا الْأَوَّلِ
فَيُؤَخِّرُونَهَا إِلَى آخِرِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا.


 وَإِمَّا
عَنْ أَدَائِهَا بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

 وَإِمَّا
عَنِ الْخُشُوعِ فِيهَا والتدبر لمعانيها، فاللفظ
يشمل هذا كله، ولكن مَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ
مِنْ ذَلِكَ قِسْطٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَنِ
اتَّصَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَمَّ
نَصِيبُهُ مِنْهَا، وَكَمُلَ لَهُ النِّفَاقُ
الْعَمَلِيُّ. اهـ.

يشمل هذه المعاني: أنه
لا يصليها، يتركها بالكلية، أو يؤخرها عن وقتها إذا خرج وقت الصلاة قام يصلي، يكون مشغولًا، مثلًا: بالدوام، أو
بعمل آخر، أو يتساهل فيخرج الوقت، هذا فيه الوعيد. ويستثنى
من هذا المعذور بعذر النسيان أو نوم، كما في
الحديث عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: «
مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ
نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ
يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه البخاري (597ومسلم (684واللفظ
لمسلم.

 ويشمل
تأخيرها عن وقتها الأول يؤخرونها إلى آخرها دائمًا أو غالبًا، وخرج بهذا أحيانًا، فإذا كان حاله أنه دائمًا يؤخر الصلاة إلى آخر
الوقت أو في الغالب فهذا يتناوله ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)  ﴾، والنبي صلى الله عليه
وسلم
يقول: «تِلْكَ صَلَاةُ
الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ
حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ
فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ
فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا» رواه مسلم (622) عن أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ.

ويشمل الذي لا يؤديها بأركانها وشروطها على الوجه
المأمور به شرعًا، كمن ينقر الصلاة ولا يطمئن
في صلاته.

ويشمل الذي لا يخشع في صلاته ولا يتدبرها؛ فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، والخشوع روح الصلاة ولبُّها.

-وفيه فضل بر الوالدين،
وبر الوالدين سعادة، وقد قرن الله حقَّه بحق
الوالدَين: ﴿ أَنِ
اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ
الْمَصِيرُ
(14)
﴾[لقمان].


وهو سبب لاستجابة الدعاء كما في حديث أويس القرني،
وكما في حديث النفر الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة.


وهو من أسباب التوفيق،
وبر الوالدين المطلوب شرعًا يكون بانشراح صدر ليس عن تضجر، وهذا القليل من يوفق له.


وإن من أعظم البر بالوالدين الدعاء لهما وبرهما
بعد وفاتهما، فقد روى مسلم (2552) عَنِ
ابْنِ عُمَرَقَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه
وسلم
يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَبَرِّ
الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ وَإِنَّ
أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ».

-وفيه فضل الجهاد في سبيل الله، وكما قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «
مَنْ قَاتَلَ، لِتَكُونَ
كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي
سَبِيلِ اللهِ » رواه البخاري (123ومسلم (1904) عَنْ
أَبِي مُوسَى.

- وفيه حرص الصحابة على الخير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

عن عَمْرو بْن
تَغْلِبَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا
وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا، فَقَالَ: «إِنِّي أُعْطِي
الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي
أُعْطِي، أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ،
وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى
وَالخَيْرِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ»، فَقَالَ عَمْرٌو: مَا أُحِبُّ أَنَّ
لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَمِ. رواه البخاري (7535).

من
فوائد الحديث:

قال
الحافظ في «الفتح»
في فوائد هذا الحديث:

-(وَفِيهِ أَنَّ الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ عَلَى دَرَجَة
الْمَرْزُوقِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا فِي
الدُّنْيَا فَإِنَّمَا تَقَعُ الْعَطِيَّةُ وَالْمَنْعُ بِحَسَبِ السِّيَاسَةِ
الدُّنْيَوِيَّةِ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ
الْجَزَعَ وَالْهَلَعَ لَوْ مُنِعَ، وَيَمْنَعُ
مَنْ يَثِقُ بِصَبْرِهِ وَاحْتِمَالِهِ وَقَنَاعَتِهِ بِثَوَابِ الْآخِرَةِ.

 وَفِيهِ أَنَّ الْبَشَرَ
جُبِلُوا عَلَى حُبِّ الْعَطَاءِ وَبُغْضِ الْمَنْعِ،
وَالْإِسْرَاعِ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ قَبْلَ الْفِكْرَةِ فِي عَاقِبَتِهِ
إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ).

 هذه طبيعة الإنسان إلا من رحم الله إذا تأخر
العطاء يبادر إلى الإنكار.

-(وَفِيهِ أَنَّ الْمَنْعَ قَدْ يَكُونُ خَيْرًا لِلْمَمْنُوعِ
كَمَا قَالَ تَعَالَى وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خير لكم وَمِنْ
ثَمَّ قَالَ الصَّحَابِيُّ: مَا أُحِبُّ أَنَّ
لِي بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ حُمْرَ النَّعَمِ).

-(وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِتِلْكَ لِلْبَدَلِيَّةِ أَيْ: مَا أُحِبُّ
أَنَّ لِي بَدَلَ كَلِمَتِهِ النَّعَمَ الْحُمْرَ؛ لِأَنَّ
الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ إِيمَانِهِ الْمُفْضِي بِهِ
لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَثَوَابُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَأَبْقَى) وهذا من مسائل هذا الحديث القيمة: أن المنع قد يكون خيرًا للممنوع، فالله أعلم وأحكم.

-(وَفِيهِ اسْتِئْلَافُ مَنْ يُخْشَى جَزَعُهُ أَوْ يُرْجَى
بِسَبَبِ إِعْطَائِهِ طَاعَةُ مَنْ يَتَّبِعُهُ، وَالِاعْتِذَارُ
إِلَى مَنْ ظن ظنا وَالْأَمر بِخِلَافِهِ) هذا
فيه الاعتذار إلى من ظن ظنًّا والأمر بخلافه، فالنبي
صلى الله عليه وسلم لم يترك عطاء بعضهم عن
جفاء، ولكن لمصلحة عظيمة، وهي تألف قلوب
الضعفاء بالعطاء.

-وفيه
فضيلة عظيمة لعمرو بن تغلب، ومحبة إيثاره
الدار الآخرة على الدنيا.

-وفيه
الثناء في الوجه، وهذا عند أمن الفتنة.

-وفيه
دليل على أن الغِنى في القلب، وليس بكثرة
المال في اليد.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/49.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(50)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(50)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ
العَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ
مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ
هَرْوَلَةً»
رواه البخاري (7536).

مقدارالشبر: من رأس
الإصبع الوسطى إلى رأس الإبهام. والإبهام: الإصبع العظمى.

الذراع: من المرفق إلى رأس الإصبع الوسطى، وذراع اليد شبران.

الباع: ما بين يديك إذا مددتَهما.
والباع قدر أربعة أذرع.

إذًا عرفنا
مقدار الشبر، ومقدار الذراع، والشبر يُعدُّ نصف الذراع،
وذراع اليد شبران.

كذلك الباع عرفنا تعريفه، وطول قامة الشخص بمقدار باع.

في
هذا الحديث:

صفة القرب لله، فالله يقرب من العبد إذا قرب منه بالعبادة والطاعة، الجزاء من جنس العمل.


وفيه حث العبد
على القرب من ربِّهِ، وكما قال الله: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾[العلق]،  والعبد
يكون قريبًا من ربه بعبادته والسجود له، وكما
قال النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَبُ
مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ
سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» رواه مسلم (482) عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

فالعبد يقرب
من ربه، والله يقرب من عبده الصالح، وإذا قرب الله من عبده حَظي العبد بالسعادة
وبالرحمة، قال الله
سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿
إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ (56)﴾
[الأعراف: 56].

وفيه إثبات صفة الهرولة لله، الهرولة نوع من المشي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عن أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ، قَالَ: «لِكُلِّ عَمَلٍ
كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ
عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ»
رواه
البخاري (7538).

«لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ» هناك
استثناء « إِلَّا الصَّوْمَ» رواه الإمام أحمد(16/75) عن أبي
هريرة في الحديث القدسي يَقُولُ: سَمِعْتُ
أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَالَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ الْعَمَلِ
كَفَّارَةٌ، إِلَّا الصَّوْمَ، وَالصَّوْمُ لِي، وَأَنَا
أَجْزِي بِهِ» وسنده صحيح.

وهذا الحديث
مُشكل، وقد أجاب عنه الحافظ في «فتح الباري»(تحت
رقم 1895وقال:
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ
كَفَّارَةٌ وَزِيَادَةُ ثَوَابٍ عَلَى الْكَفَّارَةِ،
وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِالصِّيَامِ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ مَا وَقَعَ
خَالِصًا سَالِمًا مِنَ الرِّيَاءِ والشوائب، وَالله
أعلم.

وقال البخاري رَحِمَهُ الله: بَابٌ: الصَّوْمُ
كَفَّارَةٌ، ثم أخرج حديث (1895وهو عند
مسلم (4ص2218)عن
حذيفةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ
وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ
وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ».

« وَالصَّوْمُ لِي» هذا فيه خاصية للصوم،
وفيه أقوال كثيرة، ومن أشهرها: أن الله
أخفى ثواب الصوم، الحسنة بعشر أمثالها وقد
يضاعف الله لمن يشاء، أما الصوم فالله أخفى
مقدار أجره.

هذا الحديث: فيه فضل الصوم، والمراد الصوم الخالي من نقص الأجر، فإن المعاصي تنقص الأجر،
كما قال النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ
لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»
رواه البخاري (1903) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ
عَنْ رَبِّهِ، قَالَ: «لا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ
يُونُسَ بْنِ مَتَّى»، وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ.

رواه البخاري
(7539).

في هذا الحديث:

 فضل نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام.

وفيه التنبيه
على عدم تنقُّصِ نبي الله يونس، فإنه قد يقرأ
القارئ قصة نبي الله يونس وإلقاء نفسه في البحر والتقام الحوت له، فقد يقع في نفسه شيء،
ففي هذا الحديث النهي عن ذلك.

ورواه البخاري
(3395ومسلم
(2377)عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم بلفظ: «لا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ
يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ
مَتَّى».

« أَنَا» يحتمل
أن المراد المتكلم نفسه، ويحتمل أن المراد
نبينا محمد ﷺ، فلا يقول أحد: إن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل من يونس.

 وكما ورد في الحديث «
لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ» رواه
البخاري (2412ومسلم
(2374) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

 ويُحمل
هذا على ما إذا كان على سبيل التنقصوالازدراء
فالواجب الكف، وإلا فهم يتفاوتون في الفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ
﴾ [البقرة: 253].  

أو أن هذا
النهي على وجه التواضع من النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.


ــــــــــــــــــــــــــــــ

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ،
قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ عَلَى
نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ-أَوْ مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ-» قَالَ: فَرَجَّعَ
فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ: يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ:
لَوْلا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ
مُغَفَّلٍ، يَحْكِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

 فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟
قَالَ: آ آ آ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
رواه البخاري
(7540).

الترجيع في القراءة: ترديد الصوت في الحلق.

قال الحافظ
ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في الشرح (13/515): وَقَوْلُ
مُعَاوِيَةَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ
النَّاسُ، يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ
بِالتَّرْجِيعِ، تَجْمَعُ نُفُوسَ النَّاسِ
إِلَى الْإِصْغَاءِ وَتَسْتَمِيلُهَا بِذَلِكَ، حَتَّى
لَا تَكَادَ تَصْبِرَ عَنِ اسْتِمَاعِ التَّرْجِيعِ، الْمَشُوبِ بِلَذَّةِ
الْحِكْمَةِ المفهومة
.

وهذا
من الأدلة على التغني
بالتلاوة.

 وفيه الحرص على قراءة القرآن، حتى في السفر وعلى الراحلة.

استفدنا من
هذا الباب:

رواية
النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ربه، وهذا
يقال له: الحديث القدسي.

الحديث القدسي: ما يرويه النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ربه.

وهذا من الأدلة على إثبات صفة الكلام لله.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/50_15.html

أضف رد جديد