اختصار درس التفسير


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(12) اختصار درس التفسير

 
 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 75]
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)﴾إلى قوله تعالى:﴿ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)﴾
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ أي: القرآن العظيم.
﴿أَمْ جاءَهُمْ﴾ أم للإضراب، أي: بل جاءهم .
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)﴾ أي: نبينا محمد ﷺ، فالله ينكر عليهم؛ لأنهم يعرفون هذا الرسول الكريم، يعرفون نسَبَه وصدقه وأمانته وأخلاقه.
قوله:﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ أم: للإضراب أيضًا: بل يقولون. يقول ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ: (أَوْ أَنَّ بِهِ جُنُونًا لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ لَا تُؤْمِنُ بِهِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بُطْلَانَ مَا يَقُولُونَهُ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ مَا لَا يُطَاقُ وَلَا يُدَافَعُ وَقَدْ تَحَدَّاهُمْ وَجَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ ﴿أن يأتوا بمثله﴾) تحداهم الله أن يأتوا بمثل هذا القرآن كله فعجزوا، قال سُبحَانَهُ:﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)﴾[الطور:34]، وبين عجزهم فقال: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ﴾[الإسراء:88 ]، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) ﴾[هود:13 ] ثم تحداهم أن يأتوا بسورة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) ﴾[يونس:38 ]، وقال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) ﴾[البقرة:23].
وقوله سبحانه:﴿ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ: فِي حالة كَرَاهَةِ أَكْثَرِهِمْ لِلْحَقِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ خَبَرِيَّةً مُسْتَأْنَفَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ)معنى جملة مستأنفة، أي: منقطعة عمَّا قبلها.
قوله تَعَالَى:﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ هو الله عَزَّ وَجَل في تفسير مجاهد وأبي صالح والسدي، قال ابن كثير: (وَالْمُرَادُ لَوْ أَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْهَوَى، وَشَرَعَ الْأُمُورَ عَلَى وِفْقِ ذلك ﴿لفسدت السموات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ أَيْ: لِفَسَادِ أَهْوَائِهِمْ وَاخْتِلَافِهَا. ثم قال: فَفِي هَذَا كله تبين عَجْزِ الْعِبَادِ وَاخْتِلَافِ آرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَتَدْبِيرِهِ لِخَلْقِهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، فَلَا إله غيره ولا رب سواه).
 وقوله:﴿بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ﴾ أي: القرآن الذي فيه شرف لهم ورفعة، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)﴾[الزخرف:44 ].
وَقَوْلُهُ:﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا ﴾ أي: أجرًا، في هذا بيان دعوة النبي ﷺ وأنها خالصة لوجه الله، فهذه الآية من الأدلة على التعليم من غير مقابل ولا أجرة،كَمَا قَالَ تعالى: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ [سَبَأٍ: 47] وقال: ﴿قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: 86] وقال: ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾ [الشُّورَى: 23] وقال:﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً﴾ [يس: 20- 21] .
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ الصراط الإسلام.
وفيه وجوب التمسك بهذا الدين الحنيف.
وَقَوْلُهُ: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ﴾ أَيْ: لَعَادِلُونَ جَائِرُونَ مُنْحَرِفُونَ، تَقُولُ الْعَرَبُ: نَكَبَ فَلَانٌ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا زَاغَ عَنْهَا.
 وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال ابن كثير رحمه الله: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ غلظهم في كفرهم بأنه لو أزاح عنهم الضر وَأَفْهَمَهُمُ الْقُرْآنَ لَمَا انْقَادُوا لَهُ، وَلَاسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الْأَنْفَالِ: 23].
 فالله يعلم أن هؤلاء لو ردهم إلى الدنيا أنهم سيكونون على حالهم السابق من الكفر والضلال.
v من فوائد هذه الآيات:
·      الحث على تدبر القرآن، وكما قال ربنا: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) ﴾[محمد:24].
·      توبيخ كفار قريش حيث لم يؤمنوا بهذا النبي الكريم، وهم قد عرفوا نسبَه الشريف صدقه وأمانته وأخلاقه.
·      عناد كفار قريش، وأذاهم للنبي ﷺ، واتهامهم له بالجنون فلا يعلم ما يقول.
·      الإتيان بلفظ الأكثرية في ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ كما قال أبو حيان في« البحر المحيط» (7 /574): يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَا يَكْرَهُ الْحَقَّ؛ وَذَلِكَ مَنْ يَتْرُكُ الْإِيمَانَ؛ أَنَفَةً وَاسْتِكْبَارًا مِنْ تَوْبِيخِ قَوْمِهِ أَنْ يَقُولُوا: صَبَأَ وَتَرَكَ دِينَ آبَائِهِ. اهـ.
·      وفيه أن من لا يؤمن بيوم الحساب ناكب عن الصراط المستقيم.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/12_24.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(13) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(13) اختصار درس التفسير


[سورة المؤمنون (23) : الآيات 76 الى 83]
قوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ﴾ إلى قوله تَعَالَى: ﴿إِنْ هَذَا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)﴾
﴿وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ﴾ قال ابن كثير: أَيِ: ابْتَلَيْنَاهُمْ بِالْمَصَائِبِ وَالشَّدَائِد.
﴿ فَمَا اسْتَكانُوا﴾ أي: ما خشعوا، الاستكانة: الذُّلّ وَالْخُضُوع. كما جاء في «تفسير القرطبي» (19 / 101 )، وجاء ذكر الاستكانة أيضًا في قول الله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) ﴾ [آل عمران: 146]، قال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية (١٥١):أي: ما ضعفت قلوبهم، ولا وهنت أبدانهم، ولا استكانوا، أي: ذلوا لعدوهم، بل صبروا وثبتوا، وشجعوا أنفسهم.
 ﴿فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ﴾ قال ابن كثير: أَيْ فَمَا رَدَّهُمْ ذَلِكَ عَمَّا كَانُوا فِيهِ مِنَ الكفر والمخالفة، بل استمروا على غيهم وضلالهم فَمَا اسْتَكانُوا، أَيْ مَا خَشَعُوا وَما يَتَضَرَّعُونَ أَيْ مَا دَعَوْا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾[الأنعام: 43] الْآيَةَ.
﴿فَمَا اسْتَكانُوا﴾ أي: ما دعوا، فيحتاج المصاب إلى تضرع إلى ربه ولجوء عند نزول المصيبة؛ ولهذا الله سبحانه ذم من لم يرجع إلى ربه عند الشدائد، فالمصاب بحاجة شديدة إلى ربه فلا يقسو قلبه، أو يضعف ويترك الدعاء، فإن المصيبة لها دهشة لا يثبت إلا من ثبته الله.
سبب نزول الآية: روى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ، فَقَدْ أَكَلْنَا الْعِلْهِزَ- يَعْنِي الْوَبَرَ وَالدَّمَ- فَأَنْزَلَ ﴿اللَّهُ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا﴾ الآية، والحديث ذكره والدي رحمه الله في «الصحيح المسند من أسباب النزول» (141).  وأصله فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ حِينَ اسْتَعْصَوْا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ».
وَقَوْلُهُ: ﴿حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ..﴾ قال ابن كثير رحمه الله: أَيْ ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَجَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾، فأخذهم من عذاب اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أُبْلِسُوا  مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَأَيِسُوا مِنْ كُلِّ رَاحَةٍ، وَانقَطَعَتْ آمَالُهُمْ وَرَجَاؤُهُمْ).
﴿وَالْأَفْئِدَةَ﴾ قال ابن كثير رحمه الله: وَهِيَ الْعُقُولُ والفهوم التي يذكرون بِهَا الْأَشْيَاءَ وَيَعْتَبِرُونَ بِمَا فِي الْكَوْنِ مِنَ الآيات الدالة على وحدانية الله، وَأَنَّهُ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ لِمَا يَشَاءُ.
﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ ما: زائدة للتوكيد، قال ابن كثير رحمه الله: أي: ما أَقَلَّ شُكْرِكُمْ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ.
﴿ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)﴾قال القرطبي في «تفسيره» (12/ 144): أي أنشأ كم وَبَثَّكُمْ وَخَلَقَكُمْ. ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ أَيْ: تُجْمَعُونَ لِلْجَزَاءِ.
﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ قال ابن كثير: أَيْ: يُحْيِي الرِّمَمَ وَيُمِيتُ الْأُمَمَ.
﴿ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾ أَيْ: وَعَنْ أَمْرِهِ تَسْخِيرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ الْآخَرَ طَلَبًا حَثِيثًا، يَتَعَاقَبَانِ لَا يَفْتُرَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ بِزَمَانِ غيرهما.
﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ أَيْ: أَفَلَيِسَ لَكُمْ عُقُولٌ تَدُلُّكُمْ عَلَى الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ الَّذِي قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ، وَعَزَّ كُلَّ شَيْءٍ وَخَضَعَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ.
﴿ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ يَعْنِي يَسْتَبْعِدُونَ – أي: مُنْكِرِي الْبَعْثِ - وُقُوعَ ذَلِكَ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِمْ إِلَى الْبِلَى.
﴿ لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا﴾ قال البغوي رحمه الله «تفسيره» (5/ ٤٢٦): ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا﴾الْوَعْدَ، ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: وَعَدَ آبَاءَنَا قَوْمٌ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ فَلَمْ نَرَ لَهُ حَقِيقَةً، ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ أَكَاذِيبُ الْأَوَّلِينَ.
v           من الفوائد:
·                إن المصائب قد تكون عقوبة من الله، وكما قال تعالى:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾[الشورى:30 ].
·                وفيه أن المشركين إذا عاينوا عقاب الله فإنهم ييأسون من رحمة الله وتنقطع آمالهم.
·                وفيه تذكير الله عباده بهذه النعم الجليلة، نعمة السمع والبصر والعقول، فالله رزق عباده  السمع والبصر، وميزهم بالعقول، وهذا تذكير من الله كيف يكون الحال لو كانوا فاقدين لهذه النعم.
·                وفيه الحث على شكر الله وأن القليل من يقوم بشكر الله ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾.
·                وفيه الإيمان بالبعث.
·                وفيه أن الحياة والموت بيد الله خالقها ومالكها ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)﴾[الملك:2 ]، يعطي الحياة من يشاء ويميت من يشاء، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) ﴾[التجم:44 ]، وقد أنكر الله على من يعبد غيره وهم لا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)﴾[الفرقان:3 ]، فالله سبحانه هو المنفرد بالحياة والموت ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)﴾[الزمر:42] الآية.
·                 وفي هذا تذكير بالآخرة وتحذير من فتنة الدنيا، وهذا يعين على الاستعداد لدار المعاد، ومراقبة الله.
·                وفيه إنكار كفار قريش البعث.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/13.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(14) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(14) اختصار درس التفسير

 

 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 90]

﴿قُلْ
لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾إلى قوله: ﴿ وَإِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ (90)﴾

﴿قُلْ
لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها ﴾ قال ابن كثير : أَيْ:
مَنْ مَالِكُهَا الَّذِي خَلَقَهَا وَمَنْ فِيهَا مِنَ الْحَيَوَاناتِ
وَالنَّبَاتَاتِ وَالثَّمَرَاتِ وَسَائِرِ صُنُوفِ الْمَخْلُوقَاتِ.


﴿
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ قال ابن كثير:  أَيْ: فَيَعْتَرِفُونَ لَكَ بِأَنَّ ذَلِكَ
لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. أي: الأرض ومن فيها ملك لله.

﴿قُلْ
أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ قال ابن كثير :
أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلْخَالِقِ الرزاق لَا لِغَيْرِهِ.


﴿قُلْ
مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ قال ابن كثير
:  أَيْ: مَنْ
هُوَ خَالِقُ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ بِمَا فِيهِ مِنَ الْكَوَاكِبِ
النَّيِّرَاتِ والملائكة الخاضعين له في سائر الإفطار مِنْهَا وَالْجِهَاتِ.

﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ قال ابن كثير :  يَعْنِي: الَّذِي
هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ.

 هذه مسألة من مسائل
العقيدة أن العرش سقف المخلوقات، وهو سقف الجنة كما في الحديث أن الرسول ﷺ قال: « فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ
الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى
الجَنَّةِ - أُرَاهُ -
فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ
أَنْهَارُ الجَنَّةِ» رواه البخاري (2790) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

﴿
الْعَظِيمِ﴾ أي الْكَبِيرَ. وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ ﴿رَبُّ الْعَرْشِ
الْكَرِيمِ﴾ أَيِ: الْحَسَنِ الْبَهِيِّ، فَقَدْ جَمَعَ الْعَرْشُ بَيْنَ
الْعَظَمَةِ فِي الِاتِّسَاعِ وَالْعُلُوِّ وَالْحُسْنِ الْبَاهِرِ.

﴿سَيَقُولُونَ
لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ قال ابن كثير: أَيْ:
إِذَا كُنْتُمْ تَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ رَبُّ السموات وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،
أَفَلَا تَخَافُونَ عِقَابَهُ وَتَحْذَرُونَ عَذَابَهُ فِي عِبَادَتِكُمْ مَعَهُ
غَيْرَهُ وَإِشْرَاكِكُمْ بِهِ.


﴿قُلْ
مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قال ابن كثير :
أَيْ: بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها﴾ أَيْ
مُتَصَرِّفٌ فِيهَا.


الملكوت: الْمُلْكُ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ. كما في
«تفسير البغوي» (3/ 372).

﴿وَهُوَ
يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ قال ابن كثير
: كَانتِ الْعَرَبُ إِذَا كَانَ السَّيِّدُ فيهم
فأجار أحدًا لا يحفر فِي جِوَارِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ دُونَهُ أَنْ يُجِيرَ عَلَيْهِ
لِئَلَّا يَفْتَاتَ عَلَيْهِ.


﴿وَهُوَ
يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ﴾ أَيْ: وَهُوَ السَّيِّدُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا
أَعْظَمَ مِنْهُ.

 قال البغوي رَحِمَهُ اللهُ في «تفسيره»(5/
426):  ﴿وَهُوَ يُجِيرُ﴾ أَيْ: يُؤَمِّنُ
مَنْ يَشَاءُ ﴿وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ أَيْ: لَا يُؤمَّنُ مَنْ أَخَافُهُ
اللَّهُ، أَوْ يَمْنَعُ هُوَ مِنَ السُّوءِ مَنْ يَشَاءُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ
مَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ. اهـ.

وهذا كما قال
تَعَالَى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ
رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا
يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
[فاطر:2].

﴿قُلْ
فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾

معنى
﴿ تُسْحَرُونَ ﴾ وتؤفَكُونَ: تصرفون عن القَصْدِ والحَق، قاله الزجاج
في «معاني القرآن» (4 / 20).

قال ابن كثير
: أَيْ فَكَيْفَ تَذْهَبُ عُقُولُكُمْ فِي
عِبَادَتِكُمْ مَعَهُ غَيْرَهُ مَعَ اعْتِرَافِكُمْ وَعِلْمِكُمْ بِذَلِكَ.


﴿
بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ﴾ قال ابن كثير : وَهُوَ
الْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَقَمْنَا الْأَدِلَّةَ
الصَّحِيحَةَ الْوَاضِحَةَ الْقَاطِعَةَ عَلَى ذَلِكَ.


﴿وَإِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ﴾
قال ابن كثير :  أَيْ: فِي عِبَادَتِهِمْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ
وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ ﴿وَمَنْ
يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ
عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ﴾، فَالْمُشْرِكُونَ لَا
يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَنْ دَلِيلٍ قَادَهُمْ إِلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْإِفْكِ
وَالضَّلَالِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِآبَائِهِمْ
وَأَسْلَافِهِمُ الْحَيَارَى الْجُهَّالِ، كَمَا قال الله عنهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنا
آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف:

23].

من الفوائد:

-هذه الآيات
في محاجة الكفار ومجادلتهم، فمن كان يقر بأن الله الخالق المالك المدبر فعليه أن
يفرد الله عز وجل في العبادة وحده لا شريك له.

-     
ونستفيد أن الذي لا يخلق،
ولا يملك، ولا يرزق، ولا يدبر الأمور ولا يصرفها لا يستحق أن يعبد من دون الله،
ولا يحق أن يُصرف له شيء من العبادة، وهكذا في آيات أخرى يبين سُبحَانَهُ أن الذي
لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم لا يستحق العبادة: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ
لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)
﴾ [مريم:42]. وأن من لا يضر ولا ينفع لا يستحق أن يعبد من دون الله ﴿أَفَلَا
يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا
نَفْعًا (89)﴾ [طه: 89].

-     
هذه الأدلة فيها مشروعية
جدال أهل الباطل ومحاجتهم.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/14.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(15) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(15) اختصار درس التفسير

 [سورة المؤمنون (23) : آيتان 91 -92]

﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ
إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ
اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا
يُشْرِكُونَ (92)﴾

﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ
إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ﴾. أي: لو كان هناك تعدد
آلهة لانفرد كل إله بخلقه وملكه ويتصرف فيه بما شاء.

﴿ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ أي: ويطلب كل
منهما غلبة الآخر وقهره كما يفعل ملوك الدنيا.

الله
عز وجل يحاجُّ من يعبد غيره ويدعو غيره، بأنه لو كان هناك تعدد آلهة لما انتظم
الكون، ولاختلَّ النظام العلوي والسفلي، والواقع يشهد أن الخلق منتظم في غاية
الكمال ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا
تَرَى فِي خَلْقِ
الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ
تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ﴾[الملك : 3 ].

قال ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْمُتَكَلِّمُونَ ذَكَرُوا هَذَا
الْمَعْنَى، وَعَبَّرُوا عَنْهُ بِدَلِيلِ التَّمَانُعِ، وَهُوَ: أَنَّهُ لَوْ
فُرِضَ صَانِعَانِ فَصَاعِدًا، فَأَرَادَ وَاحِدٌ تحريك جسم والآخر أراد
سُكُونَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا
عَاجِزَيْنِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ
مُرَادَيْهِمَا؛ لِلتَّضَادِّ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمُحَالُ إِلَّا مِنْ فَرْضِ
التَّعَدُّدِ، فَيَكُونُ مُحَالًا، فَأَمَّا إِنْ حَصَلَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ
الْآخَرِ، كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْوَاجِبُ وَالْآخِرُ الْمَغْلُوبُ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ أَنْ
يَكُونَ مقهورا.)


المتكلمون:
هم أهل الكلام أخذوا من هذه الآية أصلًا وسموه دليل التمانع.

وتوضيحه
كما قال ابن كثير: 
(وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صَانِعَانِ-خالقان- فَصَاعِدًا -فأكثر-فَأَرَادَ
وَاحِدٌ تحريك جسم والآخر أراد سُكُونَهُ)
أحدهما يريد تحريك جسم والآخر
يريد سكونه عن الحركة. وأحدهما يريد أن يكون هذا حيًّا، والآخر يريد أن يكون
ميتًا، وهذا يريد أن تشرق الشمس من المشرق، والآخر يريد أن تشرق الشمس من المغرب.

فهذا
إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
كَانَا عَاجِزَيْنِ
، والعاجز لا يستحق أن يكون ربًّا إلهًا معبودًا. وإن
حصل مراد أحدهما دون الآخر، أي: غلب أحدهما الآخر كان العاجز لا يستحق أن يكون ربًّا
إلهًا؛ لأنه مقهور مغلوب.

وأما
اجتماع مراديهما فهذا مستحيل، أي: لا يمكن؛ للتضاد، فلا يكون الشيء متحركًا ساكنًا
في وقت واحد، ولا حيًّا ميتًا في وقت واحد وهكذا.

قوله
رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْوَاجِبُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا) يذكرون الواجب على قسمين:
واجب الوجود، وممكن الوجود. واجب الوجود هو الله عَزَّ وَجَل، وممكن الوجود
المخلوق.

قوله: (وَمَا جَاءَ هَذَا الْمُحَالُ) السابق ذكره، أي:
المستحيل أن يكون الشيء متحركًا ساكنًا، جالسًا ماشيًا إلى غير ذلك.

قوله: (إِلَّا مِنْ فَرْضِ التَّعَدُّدِ) أي: تعدد الآلهة.

قوله: (فَيَكُونُ مُحَالًا) أي: التعدد ووجود الشريك.

v
من
الفوائد:

·      نفي
النقائص عن الله، ومنه ادعاء الولد والشريك.

·      أن
الله لا يحتاج إلى الولد؛ لكمال غناه وهو الغني الحميد.

·      وفي
هذه الآية عند المتكلمين دليل التمانع، وهو امتناع وجود صانعَين.

قال
شيخ الإسلام ابن تيمية في «درء تعارض العقل والنقل»(9/354): الذي ذكره النُّظَّار عن المتكلمين، الذي سموه
دليل التمانع، برهان تام على مقصودهم. وهو: امتناع صدور العالَم عن اثنين، وإن كان
هذا هو توحيد الربوبية. والقرآن يبين توحدي الإلهية وتوحيد الربوبية. اهـ المراد.

 وكذا قال ابن القيم في «الصواعق
المرسلة»(2/464).

واستفدنا من هذا: أن الآية فيها تقرير لتوحيد الربوبية والألوهية،
ونفي وجود شريك لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

·       وفيه شمول علم الله عزَّ
وجلَّ ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾.

·      تنزيه
الله وتقديسه عن النقائص ودعوى الولد والشريك، ﴿
فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ: أَيْ تَقَدَّسَ
وَتَنَزَّهَ وَتَعَالَى وَعَزَّ وَجَلَّ عَمَّا يَقُولُ الظالمون والجاحدون.


 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/15.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(16) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(16) اختصار درس التفسير

 




[سورة المؤمنون (23) : الآيات 93 إلى 98]

﴿ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ﴾ قال الحافظ ابن
كثير: يَقُولُ
تَعَالَى آمِرًا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يدعو بهذا الدُّعَاءَ عِنْدَ حُلُولِ النِّقَمِ، ومعناه: إن عاقبتهم وأنا أشاهد
ذَلِكَ، فَلَا تَجْعَلُنِي فِيهِمْ.

﴿وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ﴾ قال
الحافظ ابن كثير: أَيْ: لَوْ شِئْنَا لَأَرَيْنَاكَ مَا نُحِلُّ بِهِمْ من النقم
والبلاء والمحن.

﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ قال الحافظ ابن
كثير:  قال تعالى مُرْشِدًا لَهُ
إِلَى التِّرْيَاقِ النَّافِعِ فِي مُخَالَطَةِ الناس، وهو الإحسان إلى من يسيء
إليه؛ لِيَسْتَجْلِبَ خَاطِرَهُ، فَتَعُودُ عَدَاوَتُهُ صَدَاقَةً، وَبُغْضُهُ
مَحَبَّةً.

وقد
ذكر الله في ثلاثة مواضع مداراة العدو الإنسي، والاستعاذة من العدو الشيطاني: في
سورة الأعراف قال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) ﴾، وفي سورة المؤمنون ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (96)﴾، و في سورة
فصلت: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا
إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) ﴾.

وقوله:
﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾ أي: وما يلهم هذه الوصية أو هذه الْخَصْلَةُ أَوِ الصِّفَةُ﴿
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ أَيْ: عَلَى أَذَى النَّاسِ فَعَامَلُوهُمْ
بِالْجَمِيلِ مَعَ إِسْدَائِهِمْ الْقَبِيحَ، ﴿وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ﴾ أَيْ: في الدنيا والآخرة. قاله ابن كثير.

﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ﴾ أمره الله
أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنَ الشَّيَاطِينِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا تَنْفَعُ مَعَهُمُ
الْحِيَلُ، وَلَا يَنْقَادُونَ بِالْمَعْرُوفِ(ابن كثير).

﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ أَيْ: فِي
شَيْءٍ مِنْ أَمْرِي؛ وَلِهَذَا أَمَرَ بِذِكْرِ اللَّهِ في ابتداء الأمور وذلك
لطرد الشيطان عِنْدَ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَالذَّبْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ
الْأُمُورِ(ابن كثير).

فعَنْ أَبِي الْيَسَرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ،
وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ
عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا،
وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا».


رواه أبو داود (2 / 92 )، وهو في «الصحيح المسند» (1454) لوالدي
رَحِمَهُ الله.

 وجاء حديث عَنْ عبد الله بن
عمرو قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ يَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ من الفزع: «باسم اللَّهِ،
أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَمِنْ شَرِّ
عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» قَالَ-أي:
الراوي-: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ
وَلَدِهِ أَنْ يَقُولَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا لَا
يَعْقِلُ أَنْ يَحْفَظَهَا كَتَبَهَا لَهُ فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ.

الحديث
من طريق محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن، ولكن المرفوع له شاهد عند الإمام أحمد
(27 / 108 ). وذكر الحديث الشيخ الألباني في «الصحيحة» (264)، وقال عن الزيادة
-يعني: الزيادة الموقوفة على عبد الله بن عمرو-: هذه
الزيادة منكرة عندي؛ لتفرده
–محمد
بن إسحاق-بها، والله أعلم.

(وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ أَنْ يَحْفَظَهَا
كَتَبَهَا لَهُ فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ) هذا الأثر
يعزى إلى عبدالله بن عمرو، وأنه كان يرى تعليق التميمة إذا كانت من القرآن
والأذكار، ولكن
فيه محمد بن إسحاق فلا يصح السند، ولو ثبت لا يدل أنه من باب التمائم؛ لأنه إنما
علقها للحفظ.

وفي
« فتاوى اللجنة الدائمة»(1/301): وما روي عن ابن عمرو إنما هو في تحفيظ أولاده
القرآن، وكتابته في الألواح وتعليق هذه الألواح في رقاب الأولاد، لا بقصد أن تكون
تميمة، يستدفع بها الضرر أو يجلب بها النفع.

v الفوائد:

·     
أن الله أمر نبيه محمد
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستعيذ أن يحل بالكفار عقوبة وهو بين أظهرهم،
وقد ذكر الله سُبحَانَهُ أنه لن يعذبهم وأنت فيهم، فقال تعالى:﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا
كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ
وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾[الأنفال :33 ].

·     
الدعاء عند وجود الفساد
والإصرار على الشركيات.

·     
الحث على العفو والصفح عن
المسيء؛ لأن الإحسان مؤثر في الإنسي، بخلاف العدو الشيطاني؛ فإنه لا تنفع فيه
مصادقة ولا عفو وإحسان.

·     
التعوذ من همزات
الشياطين، وهذا عام همزات الشياطين أذاهم، ويدخل فيه الوسوسة والجنون، والتخبط عند
الموت، ووسوسته في الصلاة، وعند قراءة القرآن، وأذاه عند السفر، والخروج والدخول،
وفي حالة الضعف، والغضب، والإغراء، وتزيين المعاصي.

·     
الاستعاذة بالله
والالتجاء إليه من حضور الشياطين في أي في شيء من الأمور،  وفي كل الأحوال.

الشياطين: جمع شيطان، وهو
كل عات متمرد.

الشياطين: مردة الجن، أما
الجن فمنهم الصالحون ومنهم الفاسقون ﴿ وَأَنَّا مِنَّا
الْمُسْلِمُونَ
وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ
فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)
﴾[الجن].

وأولئك الذين يتسببون في
حضور الشياطين أساءوا إلى أنفسهم، المجالس التي فيها آلات اللهو والطرب هذه تدعو
الشياطين للحضور، يقول الله تَعَالَى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ
نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾.

 فكم من أعراس يحضرها
الشياطين! مما لا يسلم من أذاهم وشرهم، وقد يتلبَّسون بمن شاء الله منهم. والله
المستعان.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/16_28.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(17) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(17) اختصار درس التفسير

 

 [سورة المؤمنون (23) :
الآيات 99 إلى 100]

﴿حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
(99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ
قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)﴾

قال ابن كثير: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَالِ
الْمُحْتَضَرِ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْكَافِرِينَ أَوِ الْمُفَرِّطِينَ فِي
أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وِقِيلِهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَسُؤَالِهِمُ الرَّجْعَةَ
إِلَى الدُّنْيَا؛ لِيُصْلِحَ مَا كَانَ أَفْسَدَهُ فِي مُدَّةِ حَيَّاتِهِ.

الكافر
والمفرط في دين الله يسألان الرجعة في عدة مواضع:

عِنْدَ الِاحْتِضَارِ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا
إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ (100)﴾.

يَوْم النُّشُورِ: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو
رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا
نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)﴾ [السجدة:12].

حين
يعرضون على النار: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى
النَّارِ فَقَالُوا
يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا
نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)

[الانعام :27].

وَهُمْ فِي غَمَرَاتِ عَذَابِ الْجَحِيمِ: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا
غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)
﴾[فاطر:37].

﴿كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ﴾كَلَّا حَرْفُ رَدْعٍ
وَزَجْرٍ، أي: لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه.

﴿رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ جيء بضمير الجمع لتعظيم الله سُبحَانَهُ،
أو أن المراد الملائكة.

وَقِيلَ: إِنَّه عَلَى جِهَةِ التَّكْرِيرِ، أَيْ: أَرْجِعْنِي
أَرْجِعْنِي أَرْجِعْنِي وَهَكَذَا.

يراجع
تفسير «القرطبي» (12 / 149).

﴿وَمِنْ وَرائِهِمْ﴾ لوراء عدة معاني منها:

أمام
، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ
يَأْخُذُ
كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ أي: أمامهم.

وتأتي
بمعنى: خلف، وهذا الأصل فيها، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ
﴾ أي: خلف ظهورهم.

وتأتي
بمعنى: غير، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ
هُمُ الْعَادُونَ (7)﴾ أي:
غير الأزواج والإماء.

وتأتي
بمعنى: بعد، ومنه قوله تَعَالَى: ﴿ وَامْرَأَتُهُ
قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا
بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) ﴾[هود:71].

﴿ بَرْزَخٌ ﴾ الْبَرْزَخُ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.
وَالْبَرْزَخُ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إِلَى
الْبَعْثِ، فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْبَرْزَخِ. قَالَه
الْجَوْهَرِيُّ
في «الصحاح»  (1 / 419).

﴿ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ قال ابن
كثير: أَيْ يَسْتَمِرُّ بِهِ الْعَذَابُ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، كَمَا جَاءَ فِي
الْحَدِيثِ «فَلَا يَزَالُ مُعَذَّبًا فِيهَا» 
أَيْ: فِي الْأَرْضِ.

v الفوائد:

·     
تمني الكافر والمفرطين لطاعة الله الرجوع إلى الحياة الدنيا.

 قال القرطبي في «تفسيره» (125 /147):
لَيْسَ سُؤَالُ الرَّجْعَةِ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ فَقَدْ
يَسْأَلُهَا الْمُؤْمِنُ كَمَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ.

يشير إلى قوله تعالى ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا
أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)﴾.

·     
أن تمني الرجعة إلى الحياة الدنيا لا ينفع ولا يجاب أحد في ذلك.

·     
وفيه فضل العمل الصالح والتحذير من التفريط فيه، فالمفرطون يتمنون الرجعة
إلى الحياة الدنيا؛ من أجل العمل الصالح لا إلى الملك، ولا إلى العشيرة والأولاد.

·     
وفيه الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، والإيمان بقيام الساعة.

·     
وفيه الاستعداد للقاء الله قبل الحسرة والندامة.

 

 

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/08/17.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(18) اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(18) اختصار درس التفسير

 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 101 إلى 104]

﴿فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ قال ابن كثير:
(يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةُ النُّشُورِ)
والنشور البعث.

 ﴿فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾
قال ابن كثير: (أَيْ: لَا تَنْفَعُ الْأَنْسَابُ
يَوْمَئِذٍ). وهذه الآية مخصَّصة بنسب النَّبِيِّ ﷺ «كُلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ
يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا نَسَبِي وَصِهْرِي».

قال
ابن كثير في «الفصول»:
وَمِنَ الخَصَائِصِ أَنَّ كُلَّ نَسَبٍ وَسَبَبٍ يَنقَطِعُ نَفعُهُ وَبِرُّهُ
يَومَ القِيَامَةِ، إِلَّا نَسَبَهُ وَسَبَبَهُ وَصِهرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.

فعرفنا
أنه لا ينتفع أحد بقريبه  ولا يعطف
عليه  إلا النَّبِيِّ ﷺ فإنه ينفع أهل نسبه
بالشفاعة ونحوها، وهذا للمؤمن منهم ومن كان على نهجه وهداه.

 وأيضًا ليس المراد أنه يوم القيامة تنقطع
الأنساب فلا يقال: فلان بن فلان، إنما المراد: عدم المنفعة والرحمة والتعاطف. قال
الشنقيطي رَحِمَهُ اللهُ في «أضواء البيان» (5/ 356): الْمُرَاد بِنَفْيِ
الْأَنْسَابِ انْقِطَاعُ آثَارِهَا، الَّتِي كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً عَلَيْهَا فِي
دَارِ الدُّنْيَا، مِنَ التَّفَاخُرِ بِالْآبَاءِ، وَالنَّفْعِ وَالْعَوَاطِفِ
وَالصِّلَاتِ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَكُونُ
الْإِنْسَانُ لَا يُهِمُّهُ إِلَّا نَفْسُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ
حَقِيقَةِ الْأَنْسَابِ مِنْ أَصْلِهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَفِرُّ
الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} الْآيَةَ [عبس: 34 - 35]. اهـ.

 فهذا نستفيد منه: أن الإنسان لا يتكل على النسب.

﴿ وَلا يَتَساءَلُونَ ﴾ كقوله تعالى كما قال ابن كثير: ﴿وَلا
يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [الْمَعَارِجِ: 10- 11] أَيْ: لَا
يَسْأَلُ القريب عن قَرِيبَهُ وَهُوَ يُبْصِرُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْزَارِ
مَا قَدْ أَثْقَلَ ظَهْرَهُ، وَهُوَ كَانَ أعز الناس عليه فِي الدُّنْيَا مَا
الْتَفَتَ إِلَيْهِ وَلَا حَمَلَ عَنْهُ وَزْنَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ)، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ﴾ [عبس: 34- 37].

﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ قال ابن كثير:
أَيْ: مَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ.

﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ قال ابن كثير: أَيِ:
الَّذِينَ فَازُوا فَنَجَوْا مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ.

﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ قال ابن كثير: أَيْ:
ثَقُلَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ.

﴿فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ قال ابن
كثير: أَيْ: خَابُوا وهلكوا وفازوا بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ.

﴿فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ ﴾ قال ابن كثير: أي:
ماكثون فيها دائمون مقيمون فلا يَظْعَنُونَ.

﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ أي: تغشى وجوههم النار بحرها ولهبها.  قال ابن كثير: (كَمَا قَالَ تَعَالَى:
﴿وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ [إبراهيم: 50] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ
ظُهُورِهِمْ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 39]) وهذا من تفسير القرآن بالقرآن.

﴿وَهُمْ فِيها كالِحُونَ﴾ معناه عبوس في
وجوههم كما يظهر على وجه من دهمه خبر مفزع، مع تقلص الشفاه عن الأسنان، قال الزجاج
في «معاني القرآن»(4/23): والكَالِحُ الذي قَد تَشَمَّرتْ
شَفَتُه عَنْ أَسنانِه.

v
من الفوائد

·      بعض
مشاهد يوم القيامة.

·      أن
الأنساب لا تنفع يوم القيامة ولا يعطف أحد ولا يلوي أحد على أحد.

·      إنه
لا يسأل أحد عن أحد حتى القريب لا يسأل عن قريبه، ولا تنافي بين هذا، وبين قوله
تعالى:﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي
أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ (27)
﴾[الطور]. فيوم القيامة يوم طويل، المنفي في وقت، والمثبت
في وقت آخر.

·      وفيه
أن أعمال بني آدم تجمع يوم القيامة وتوزن.

والناس
ينقسمون يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام:

من رجحت حسناته على سيئاته فهو مفلح ناجٍ
لا يدخل النار، قال القرطبي في «التذكرة»(730):  والذي تدل عليه الآي
والأخبار أن من ثقل ميزانه فقد نجا وسلم، وبالجنة أيقن، وعُلم أنه لا يدخل النار
بعد ذلك، والله أعلم.

من
رجحت سيئاته على حسناته فهو خاسر.

والثالث: قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم
ومآلهم إلى الجنة، وهم أصحاب الأعراف.

وينظر
«لقاء الباب المفتوح»(14 / 18) لابن عثيمين.

·      تشويه
الكفار وعذابهم بحرق وجوههم، وتقلص شفاههم، وهي أشرف الأعضاء،  فيصيرون في أقبح منظر وأسوئِه، الوجه محروق،
والشفاه تقلصت، والأسنان بادية. أما المسلم فإنه إن دخل النار بذنوبه، فإن النار
لا تأكل ولا تحرق أعضاء السجود

كما
في «صحيح البخاري»( 7437): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، الحديث وفيه: أن النّبِيّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «تَأْكُلُ
النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ
أَنْ
تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ».  ومواضع السجود هي الوجه، واليدان، والركبتان،
وأطراف القدمين، وهذا من فضائل الصلاة.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/08/18_21.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(19)اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(19)اختصار درس التفسير

 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 105 إلى 107]

﴿ أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها
تُكَذِّبُونَ﴾ قال
ابن كثير:  أَيْ قَدْ أَرْسَلْتُ
إِلَيْكُمُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلْتُ عليكم الْكُتُبَ، وَأَزَلْتُ شُبَهَكُمْ،
وَلَمْ يَبْقَ لَكُمْ حُجَّةٌ، كما قال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى
اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء].

﴿رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ﴾
قال
ابن كثير: أَيْ قَدْ قَامَتْ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ، وَلَكِنْ كُنَّا أَشْقَى مِنْ
أَنْ نَنْقَادَ لَهَا وَنَتَّبِعَهَا، فَضَلَلْنَا عَنْهَا وَلَمْ نُرْزَقْهَا.

﴿رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها﴾ قال ابن كثير: أي ارددنا
إلى الدُّنْيَا.

﴿فَإِنْ عُدْنَا ﴾ قال ابن كثير: إِلَى مَا سَلَفَ مِنَّا فنحن
ظالمون مستحقون للعقوبة.

من الفوائد:

-توبيخ
الله  للكفار بأنهم قد جاءتهم النذارة ،
وبلغتهم الحجة، فلم ينتفعوا بها.

-وفيه حسرة الكفار، واعترافهم بذنوبهم حيث لا ينفعهم ذلك.

-وفيه طلب الكفار الرجوع إلى الدنيا وهم في النار، وكما قال تعالى:
﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ
الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ
تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ
(37)﴾، وهذا ديدنهم وشأنهم الحسرة والندامة من وقت الاحتضار وهم يسألون الرجعة ،
ويتحسرون حيث لا ينفعهم ذلك .

-
وعد الكفار في قولهم: ﴿فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ﴾، أي: أنهم لا يعودون لما
كانوا عليه من قبلُ، ولكنهم كاذبون فيه، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا
لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) ﴾[الأنعام].

-وفيه اعتراف الكفار بأنهم قد جاءتهم النذارة، وبلغتهم الحجة.

________________

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 108 إلى 111]

﴿قالَ اخْسَؤُا فِيها﴾ قال ابن كثير: هَذَا جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى لِلْكُفَّارِ إِذَا سَأَلُوا الْخُرُوجَ مِنَ النَّارِ وَالرَّجْعَةَ
إِلَى هَذِهِ الدَّارِ. يَقُولُ ﴿اخْسَؤُا فِيها﴾ أَيِ: امْكُثُوا فِيهَا
صَاغِرِينَ مُهَانِينَ أَذِلَّاءَ.

﴿وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ قال ابن كثير: أَيْ لَا تَعُودُوا إِلَى
سُؤَالِكُمْ هَذَا فَإِنَّهُ لَا جَوَابَ لَكُمْ عِنْدِي.

﴿ إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا
فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ
سِخْرِيًّا﴾ قال
ابن كثير: أَيْ فَسَخِرْتُمْ مِنْهُمْ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّايَ وَتَضَرُّعِهِمْ
إِلَيَّ.

﴿حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي﴾ قال ابن كثير: أَيْ
حَمَلَكُمْ بُغْضُهُمْ عَلَى أَنْ نَسِيتُمْ مُعَامَلَتِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ
تَضْحَكُونَ أَيْ مِنْ صَنِيعِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:﴿ إِنَّ
الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذا مَرُّوا
بِهِمْ يَتَغامَزُونَ﴾ [المطففين] أي يلمزونهم استهزاء.

 ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ
الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ﴾ قال ابن كثير: ثم أخبر تعالى عَمَّا جَازَى بِهِ
أَوْلِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ الصَّالِحِينَ، فَقَالَ تعالى:﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ
الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ﴾ أَيْ عَلَى أذاكم لهم واستهزائكم بهم أَنَّهُمْ هُمُ
الْفائِزُونَ بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة من النار.

من الفوائد:

-خلود
أهل النار في النار، أعاذنا الله منها، وكما قال تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ
مِنَ النَّارِ ﴾[البقرة].

-وفيه قطع رجاء الكفار أن يخفف عنهم العذاب، أو تنالهم رحمة الله،
فليس لهم منها مخرج.

-وفيه أن الذي أوصلهم إلى هذا النكال والعذاب أعمالهم، وعدم
إيمانهم وتضرعهم إلى ربهم.

-أن انشغالهم بالاستهزاء بالمؤمنين أنساهم ذكر الله، فهذا من صفات
الكفار: السخرية بالمؤمنين.

فعلى
المسلم أن يثبتَ على دينِهِ، ولا يبالي بالساخرين المستهزئين.

-وفيه فضل الصبر على أذى الكفار، وأنه من أسباب الفوز، نسأل الله
أن يجعلنا من الفائزين.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/08/19_25.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(19)اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(19)اختصار درس التفسير

 

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 112 إلى 116]

﴿كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ قال ابن كثير:
أَيْ: كَمْ كَانَتْ إِقَامَتُكُمْ فِي الدُّنْيَا؟

﴿ فَسْئَلِ الْعادِّينَ﴾ قال ابن كثير:  أَيِ: الْحَاسِبِينَ.

 ﴿قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا قَلِيلًا﴾ قال ابن كثير: أَيْ: مُدَّةً يَسِيرَةً عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
اهـ. (على كُلِّ تَقْدِيرٍ) أي: تعمر أو لم يتعمر، ما هي إلا مدة يسيرة ستنتهي في
الأخير.

﴿لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قال ابن كثير:  أَيْ لَمَا آثَرْتُمُ الْفَانِيَ عَلَى
الْبَاقِي وَلَمَا تَصَرَّفْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ هَذَا التَّصَرُّفَ السَّيِّئَ،
وَلَا اسْتَحْقَقْتُمْ مِنَ اللَّهِ سُخْطَهُ في تلك المدة اليسيرة، فلو أَنَّكُمْ
صَبَرْتُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤْمِنُونَ
لَفُزْتُمْ كَمَا فَازُوا.

﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثًا﴾ قال ابن كثير:
 أَيْ: أَفَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ
مَخْلُوقُونَ عَبَثًا بِلَا قَصْدٍ وَلَا إِرَادَةٍ مِنْكُمْ ولا حكمة لنا، وقيل:
للعبث، أي لتلعبوا وتعبثوا كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب، وإنما خلقناكم
للعبادة وإقامة أوامر الله.

﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ﴾ قال ابن كثير:  أَيْ لَا تَعُودُونَ في الدار الآخرة.

﴿فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ قال ابن كثير:  أَيْ تَقَدَّسَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا عَبَثًا،
فَإِنَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

﴿لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ قال ابن كثير:
 فَذَكَرَ الْعَرْشَ؛ لِأَنَّهُ سَقْفُ
جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ كَرِيمٌ أَيْ حَسَنُ الْمَنْظَرِ
بَهِيُّ الشَّكْلِ.

الفوائد:

·     
نستفيد التحذير من
التفريط في  الأعمار، فإن الحياة الدنيا
قصيرة، وفي هذا الآية يُسألون عن المدة التي مكثوها في الدنيا، فما كانت شيئًا، وكما
قال سبحانه: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ
يَلْبَثُوا
[color=text1]إِلَّا سَاعَةً
مِنَ النَّهَارِ [/color]يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ
خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)
﴾[يونس:45
] وغير ذلك من الأدلة.

قال
ابن القيم في «الجواب الكافي » ( 105 / 1): فَهَذِهِ
حَقِيقَةُ
[color=text1]الدُّنْيَا
عِنْدَ مُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَمَّا [/color]عَلِمُوا
قِلَّةَ لُبْثِهِمْ فِيهَا، وَأَنَّ لَهُمْ دَارًا غَيْرَ هَذِهِ الدَّارِ، هِيَ
دَارُ الْحَيَوَانِ وَدَارُ الْبَقَاءِ - رَأَوْا مِنْ أَعْظَمِ الْغَبْنِ بَيْعَ
دَارِ الْبَقَاءِ بِدَارِ الْفَنَاءِ، فَاتَّجَرُوا تِجَارَةَ الْأَكْيَاسِ،
وَلَمْ يَغْتَرُّوا بِتِجَارَةِ السُّفَهَاءِ مِنَ النَّاسِ، فَظَهَرَ لَهُمْ
يَوْمَ التَّغَابُنِ رِبْحُ تِجَارَتِهِمْ وَمِقْدَارُ مَا اشْتَرَوْهُ، وَكُلُّ أَحَدٍ
فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بَائِعٌ مُشْتَرٍ مُتَّجِرٌ، وَكُلُّ النَّاسِ يَغْدُو
فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مَوْبِقُهَا.


·     
التزهيد في
الدنيا، وأنها أيام قليلة.وَهذا كما قال ابن القيم في «
الفوائد»(96): يَكْفِي فِي الزهد فِي الدُّنْيَا
.

·     
أن الله
خلقنا لأمر عظيم ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾[الذاريات:56 ] فلم يخلقنا عبثًا، ولم يتركنا هملًا، فمخلوقات
الله كلها لها لحكمة ، قد نعرفها وقد نجهلها.

 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 117 إلى 118]

﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ﴾
قال
ابن كثير: يَقُولُ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا مَنْ أَشْرَكَ بِهِ غَيْرَهُ وَعَبَدَ
مَعَهُ سِوَاهُ، وَمُخْبِرًا أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ لَا بُرْهَانَ لَهُ،
أَيْ: لَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى قَوْلِهِ.

﴿فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ قال ابن كثير: أَيِ:
اللَّهُ يُحَاسِبُهُ عَلَى ذَلِكَ.

﴿لَا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ﴾ قال ابن كثير: أَيْ:
لَدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا فَلَاحَ لَهُمْ وَلَا نَجَاةَ.

﴿وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ قال ابن كثير:
هذا إرشاد من الله تعالى إلى هذا الدعاء، فالغفر إذا أطلق معناه مَحْوُ الذَّنْبِ
وَسَتْرُهُ عَنِ النَّاسِ، وَالرَّحْمَةُ مَعْنَاهَا أَنْ يُسَدِّدَهُ
وَيُوَفِّقَهُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ. اهـ. مع إثبات صفة الرحمة؛ لأن هذا التفسير ظاهره التفسير
باللازم،  فنحن نثبت صفة الرحمة لله  سُبحَانَهُ وَتَعَالَى،  ونثبت ما دلت عليه من الأثر.

وهذا الدعاء عظيم، فمن غفر الله له ذنوبه ورحمه
كان من أهل السعادة ، ومن الفائزين بالجنة.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/09/19.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(22)اختصار درس التفسير

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(22)اختصار درس التفسير

 

(2)اختصار تَفسِيرُ سُورَةِ النُّورِ

[سورة النور (24): آية
3]

﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلاَّ
زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ
مُشْرِكٌ﴾ فسر ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ ﴿ لَا يَنْكِحُ ﴾ بالوطء، أي: لا يطأ،
واستدل لهذا بما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾
قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالنِّكَاحِ، إِنَّمَا هُوَ الْجِمَاعُ لَا يَزْنِي بِهَا
إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ. أي: ليس هذا بعقد
نكاح.

والذي رجح الصنعاني وقبله الإمام
أحمد، وهو الذي رجحه ابن القيم في «زاد المعاد» أيضًا أن النكاح في الآية بمعنى التزويج، أي: لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الزَّانِي لِعَفِيفَةٍ وَلَا عَكْسُهُ..

ويدل لتفسير النكاح في الآية بالزواج سبب نزول هذه الآية؛ فإن سبب النزول قطعي الدخول في الحكم.

﴿وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن كثير: أَي: تَعَاطِيهِ، وَالتَّزَوُجَ بِالبَغَايَا، أَو تَزوِيجُ
العَفَائِفِ بِالرِّجَالِ الفُجَّارِ.

يشمل معنين كما يفيده كلام ابن كثير: تحريم
الزنا، وتحريم نكاح الزناة، فالعفيف
لا يتزوج بزانية، والعفيفة لا تتزوج بزاني، ويدل لذلك قوله تعالى:
﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ﴾
وقوله سبحانه: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ
أَخْدَانٍ ﴾[ النساء:25].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا
مَثْلَهُ». هذا الحديث حسن،
وذكره والدي رَحِمَهُ الله في «الجامع الصحيح
مما ليس في الصحيحين»(1868).

فما حكم  عقد
العفيف بالزانية والعفيفة بالزاني هل يصح؟

ذهب الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ إلى أن العقد باطل لا يصح؛ للأدلة السابقة إلا من عُلم توبته، فمن تاب تاب الله عليه،
الزاني إذا تاب من ارتكاب فاحشة الزنا أو زانية تابت،
فيصح زواج العفيف بها وزواج العفيفة به،
التوبة تجب ما قبلها. يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». أخرجه البخاري واللفظ له (6439 ومسلم (1048) عن
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

وسبب نزول هذه الآية: روى الترمذي (3177) عن عمرو بن
العاص: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَكَانَ رَجُلًا
يَحْمِلُ الْأُسَارَى مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ، قَالَ:
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ بِمَكَّةَ يُقَالُ: لَهَا عَنَاقٌ، وَكَانَتْ
صَدِيقَةً لَهُ، الحديث وفيه:  فَقَلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقًا، أَنْكِحُ عَنَاقًا-مَرَّتَيْنِ-؟
فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ
ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «يَا مَرْثَدُ، ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ فَلَا
تَنْكِحْهَا» .

الحديث في «الصحيح المسند من أسباب النزول»(142) لوالدي رَحِمَهُ الله.

فَأَمَّا حَدِيثُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ
إِلَيَّ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ؟ قَالَ: «طَلِّقْهَا» قَالَ: لَا
صَبْرَ لِي عَنْهَا. قَالَ: «اسْتَمْتِعْ بِهَا».

هذا الحديث فيه إشكال مع الآية ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً ﴾، ولكنه
من حيث السند رفعه منكر، فقد رفعه عبدالكريم
بن أبي المخارق وهو ضعيف، وخالفه هارون بن
رئاب وهو ثقة فرواه مرسلًا.

وضعف الحديث والدي
الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله.

واختلف العلماء في معنى قوله: لا ترد يد
لامس.

 فقيل:
معناه الفجور، وأنها لا تمتنع ممن يطلب منها
الفاحشة.

وقيل: معناه التبذير وأنها لا تمنع أحداً طلب منها شيئًا
من مال زوجها.

مسألة: جمهور أهل العلم
على جواز نكاح العفيف بالزانية والعفيفة بالزاني، واختلفوا  في هذه الآية:

فمنهم من ادعى أن هذه الآية منسوخة،
ومنهم من يؤول كما سبق أن المراد: لا يطأ إلا
زانية أو مشركة.

والصحيح أن الآية محكمة وأنها تشمل الوطء والعقد.

ومن قال: إن هذه الآية منسوخة. فهذه دعوى، أو
أوَّل الآية بأن المراد لا ينكح أي: لا يطأ، هذا أيضًا مردود في حق من اقتصر على هذا المعنى؛ بدليل سبب نزول الآية.

وأما الاستدلال بقوله تعالى:﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾[النور:32] قالوا: هي ناسخة لآية ﴿الزَّانِي
لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً ﴾
وهذا ليس بصحيح؛ فالآية عامة مخصوصة
بالزانية.

من المسائل المستفادة في هذا الدرس:

·   
تحريم الزنا وأنه لا يقع من مؤمن،
والمراد كامل الإيمان.

·   
تحريم نكاح الزاني بالعفيفة والعكس.

·   
أن عقد العفيف بالزانية لا يصح والعكس.

·   
التفريق بين الزوجين إذا زنا أحدهما وكان الآخر عفيفًا.

·   
سبب نزول هذه الآية، قصة مرثد في
استئذانه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينكح عناقًا.

أما حديث «لَا
يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ»
فهو يوافق معنى الآية.

·   
اختلاف جمهور أهل العلم في هذه الآية كما سبق، فمنهم من يرى أن الآية
منسوخة- وهذا ليس بصحيح فهي محكمةومنهم من
يؤولها بالوطء لا الزواج.

·   
إشكال في حديث «وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ
لَامِسٍ»،
وأهل العلم ما بين مضعف له وما بين متأول له.

·   
المراد بالديوث وهو من لا غيرة له.

·   
أن من تاب من زناه فيجوز تزويجه.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/11/22.html

أضف رد جديد