العلم وفضله

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(53) العلم وفضله


 
                                  الحث على تبليغ العلم
 
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾[المائدة].
 
فيه أنه يجب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبلِّغَ رسالةَ ربّهِ، وقد بلَّغ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرسالة أتمَّ التبليغ وأكمله.
 
 وقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشهِدُ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بأنه بلغ الرسالة. وكان الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم يشهدون أنه بلَّغَ الرسالة، كحديث جابر الطويل عند مسلم في حجة الوداع، حذَّرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ من التعامل بالربا، وعلَّمَ مناسك الحج، وأوصى بالنساء خيرًا، وغير ذلك، ثم قال: «وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟»، قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
أي: يكرّرُ ثلاثًا إشهادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربِّهِ أنه قد بلَّغَ أمتَهُ الرسالةَ.
قال السعدي رَحِمَهُ الله في تفسير هذه الآية من «تفسيره»(239): هذا أمر من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأعظم الأوامر وأجلِّها، وهو التبليغ لما أنزل الله إليه، ويدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم من العقائد والأعمال والأقوال، والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية.
فبلَّغ صلى الله عليه وسلم أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجهال الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين، وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله. فلم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها عنه، وشهد له بالتبليغ أفاضل الأمة من الصحابة، فمن بعدهم من أئمة الدين ورجال المسلمين. اهـ.
هذه الآية الكريمة من أدلة وجوب تبليغ العلم، وعدمِ كتمانِهِ. فالأمر عامٌّ  لحملَة هذا الدين.
قال القرطبي رَحِمَهُ الله في «تفسيره»(6/242): هَذَا تَأْدِيبٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَأْدِيبٌ لِحَمَلَةِ الْعِلْمِ مِنْ أُمَّتِهِ أَلَّا يَكْتُمُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ شَرِيعَتِهِ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَمْرِ نَبِيِّهِ أَنَّهُ لَا يَكْتُمُ شَيْئًا مِنْ وَحْيِهِ. اهـ.
 
وقوله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ أي: إن لم يبلغ النبي صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أُنزل إليه فما بلغ رسالة ربّهِ.
 وهذا لا يلزم منه الوقوع؛ لأنه شرط، والتعليق بالشرط لا يلزم منه الوقوع، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[الزُّمَرِ: 65] الآية.  وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بعد أن ذكر عددًا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(88)[الأنعام].
قال الحافظ ابن كثير في « تفسيره»(3/299)-تفسير سورة الأنعام-: هَذَا شَرْطٌ، وَالشَّرْطُ لَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْوُقُوعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾[الزُّخْرُفِ: 81]، وَكَقَوْلِهِ: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 17]، وَكَقَوْلِهِ: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الزُّمَرِ: 4].
 
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/53_23.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(54) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(54) العلم وفضله

 
                                  الولد المخلد
 
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم (1631).
 
في هذا الحديث: حث ابن آدم على الحرص أن يعمل في حياته ما يبقى له بعد وفاته.
ومنه الولد المخلد، وهو: أن يصنف كتابًا يبقى بعد وفاتِه، هذا يخلد ذكْر صاحبه، ويستمر له أجره، فلا ينقطع بوفاتِهِ.
قال ابن الجوزي رَحِمَهُ الله في «صيد الخاطر»(34): فإذا علم الإنسان -وإن بالغ في الجد- بأن الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته، فإن كان له شيء من الدنيا، وقف وقفًا، وغرس غرسًا، وأجرى نهرًا، ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له، أو أن يصنف كتابًا في العلم؛ فإن تصنيف العالم ولده المخلد، وأن يكون عاملًا بالخير، عالمًا فيه، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به؛ فذلك الذي لم يمت.
................ قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أحياءُ
 
وقد جاء ذِكْر الخُلد -وهو يدل على البقاء والدوام- في أكثر من آية، منها:
-قوله تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ﴾.
وقوله عز وجل: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾، وفي معنى مخلدون تفسيران:

أحدهما: أنهم خلقوا للبقاء، فلا يتغيرون ولا يكبرون.
الثاني: المقرَّطون في آذانهم والمسورون في أيديهم.
الأقرطة حلية الأذان، وحلية الأيدي الأسورة.
الحافظ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في « الأمثال» يقول عن القول الثاني: (وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ فَسَّرُوا اللَّفْظَ بِبَعْضِ لَوَازِمِهِ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى التَّخْلِيدِ عَلَى ذَلِكَ السِّنِّ، فَلَا يُنَافِي الْقَوْلَيْنِ).
قوله عز وجل: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)﴾[الهمزة: 1-3].
 أي: يظن أنه يبقى ولا يموت بسبب ماله.
-والمخلد من الرجال، قال أبو عبيدة في «مجاز القرآن»(1/233): هُوَ الَّذِي يبْطِئُ شيبه، وَمِنْ الدَّوَابِّ: الَّذِي تَبْقَى ثَنَايَاهُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ رَبَاعِيَّتُهُ
إذًا المخلد من الرجال هو الذي يبطئ شيبه، ومعناه: أنه طويل العمر، مع عدم تغيره، وعدم شيب شعره.
قال الفراء في «معاني القرآن»(399): ويُقال للرجل إِذَا بقي سواد رأسه ولحيته: إِنّه مُخلد، وَإِذَا لَمْ تسقط أسنانه قيل: إنه لَمخلد.
وقال ابن عطية في «تفسيره»(2/478): والمخلد الذي يثبت شبابه فلا يغشاه الشيب، ومنه الخلد.
 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/54_31.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(55) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(55) العلم وفضله

 
من أنفع الأشياء أن يكون للإنسان تلاميذ بررة
 
قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «الفوائد»(192): أَنْفَع النَّاس لَك رجل مكَّنك من نَفسه؛ حَتَّى تزرع فِيهِ خيرًا، أَو تصنع إِلَيْهِ مَعْرُوفا؛ فَإِنَّهُ نِعْم العونُ لَك على منفعتك وكَمَالِك، فانتفاعك بِهِ فِي الْحَقِيقَة مثل انتفاعه بك أَو أَكثر.
 وأضرُّ النَّاس عَلَيْك من مكّن نَفسه مِنْك حَتَّى تَعْصِي الله فِيهِ؛ فَإِنَّهُ عون لَك على مضرَّتك ونقصك.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/55.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(56) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(56) العلم وفضله

 

تقول بعضُ النساء: أهل القرآن لا يخرفون، فهل هذا صحيح؟

الجواب

هذه المسألة يذكرها أهل الحديث في كرامة أهل الحديث، وأن الله يحفظ عقولهم
من الخَرَف، وإليكم ما يفيدكم في هذه المسألة:

جاء عن الإمام مالكٍ رَحِمَهُ الله: إِنَّمَا يَخْرَفُ الْكَذَّابُونَ.

 

وهذا الأثر علَّق عليه السخاوي رَحِمَهُ الله في «فتح المغيث»(3/234)، وقال:
يَعْنِي غَالِبًا.

 

ويسأل والدي رَحِمَهُ الله: ما نُقلَ عن مالكٍ:إِنَّمَا
يَخْرَفُ الْكَذَّابُونَ، صحيح أم ليس بصحيح، أقصد من حيث المعنى، لا من حيث
السَّنَدِ، فلم نتمكَّنْ من البحثِ عنه؟

 

الطالب: ليس بصحيح؛ فقد وُجِدَ ممَّن اختلط وهم أفاضل، علماء.

 الشيخ: نعم، كما
في «الكواكب النيرات»، فجمعٌ من أفاضل العلماء
اختلطوا. اهـ من «مراجعة تدريب الراوي» لوالدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله.

أي: ليس بصحيحٍ على إطلاقِهِ.

 

وهذا فيه كرامة وبِشارة لأهل الحديث، وكذا أهل العلم والقرآن أن الله
سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يُكرمهم ويحفظ لهم عقولهم في الغالب.

 

والخَرَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: فَسادُ العَقْلِ مِنَ الكِبَرِ. وَقَدْ خَرِفَ
الرجُل، بِالْكَسْرِ، يَخْرَفُ خَرَفًا، فَهُوَ خَرِفٌ: فَسَدَ عَقْلُه مِنَ
الكِبَرِ، والأُنثى خَرِفةٌ. «لسان العرب»(9/62).

 

نعوذ بالله أن نُردَّ إلى أرذل العمر.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/05/56.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(57) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(57) العلم وفضله

            

                     من بركات القرآن

قال تَعَالَى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
[الأنعام: 155].

فالقرآن مبارك في ثماره ومنافعه، في أجوره،
في علومه وكنوزه، مبارك يجلب له السعادة، وانشراح الصدر لقارئه، ويذهب عنه الغموم
والهموم، مبارك في هدايته، وزيادة الإيمان، مبارك من كل الوجوه.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/05/57.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(58) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(58) العلم وفضله

 

               من غبن الحظ حِرْمان العلم النافع

 

قال
أبو هلال العسكري رَحِمَهُ الله في « الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه»(49):  فَإِذا
كَانَ الْعلم مؤنسًا فِي الْوحدَة، ووطنًا فِي الغربة، وشرفًا للوضيع، وَقُوَّةً
للضعيف، ويسارًا للمقتِر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور.

 كَانَ من حَقه أَن يُؤثَر على أنفس الأعلاق،
وَيقدَّم على أكْرم العقد، وَمِن حق من يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي
التماسه؛ ليفوز بفضيلته.

فَإِن من
كَانَت هَذِه خصاله، كَانَ التَّقْصِير فِي طلبه قصورًا، والتفريط فِي تَحْصِيله
لَا يكون إِلَّا بِعَدَمِ التَّوْفِيق، وَمن أقصر عَنهُ أَو قصر دونه، فليأذن
بخسران الصَّفْقَة، وليقر بقصور الهمة، وليعترف بِنُقْصَان الْمعرفَة، وليعلم أَنه
غبن الْحَظ.

 

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/09/58.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(59) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(59) العلم وفضله

 

                     البشارة
بتيسير السُّبُل لطالب العلم


 

عن مطر-هو: ابن طهمان
الوراق-في قوله تعالى:
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ
مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 17هل من
طالب علم فيُعان عليه؟

وأثر مطر ثابت إليه، وأهل التفسير يذكرون هذا الأثر عند هذه الآية.

وقد أخرجه
الْفرْيَابِيّ فِي «تَفْسِيره» كما في «تغليق
التعليق»(5/379) للحافظ
ابن حجر، وابن أبي حاتم رَحِمَهُ اللهُ
تَعَالَى في «تفسيره»
(10/ص3320).

 

(هَلْ مِنْ طَالِبِ
عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ) هذا يدل أن الله سُبحَانَهُ ييسر العلم لمن طلب العلم واجتهد في تحصيله، وكما قال تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ[العنكبوت: 69فمن طلب العلم أعانه الله، ويسر له الطريق، وأعانه على العمل به
والتأدب بآدابه
، ويجد بركة تعلمه وثمرته ونمائه، وهذا من بركات العلم النافع.

وقد علق ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «إعلام
الموقعين»(2/182) على هذا الأثر، وقال: وَلَمْ يَقُلْ: فَتَضِيعُ عَلَيْهِ مَصَالِحُهُ
وَتَتَعَطَّلُ مَعَايِشُهُ عَلَيْهِ.

وهذا يدل على أن الذين يقولون: التفرغ
للعلم النافع يضيع المستقبل، يدل على أنهم لا يفهمون الحقيقة، وهذا من
أعظم المصائب أن تتقلب على العبد الحقائق.

يقول والدي
رَحِمَهُ اللهُ في «صوتيات له-خطبة جمعة»: أعظم مصيبة
عليك أن تتقلَّبَ عليكَ الحقائق، وأن يُطْبَعَ على قلبِك. اهـ.

تتقلب عليه
الحقائق الخير يراه شرًّا، والشر يراه خيرًا، الحق يراه
باطلًا، والباطل يراه حقًّا، السنة
يراها بدعة، والبدعة سنة، نعوذ بالله من طمس البصيرة.

وتلك المقالة كان يقولها بعض أولياء الذين
يطلبون العلم عند الوالد: أن هذا يضيع مستقبله؛ لأنه مثلًا: ما أكمل الدراسة حتى يحصل على شهادة، أو ترك
الوظيفة وذهب يطلب علمًا شرعيًّا،
يقولون: هذا ضيَّع المستقبل؛ لأن
المستقبل عند كثير من الناس الدنيا، وهذا من تقليب الحقائق، المستقبل ما يكون معك في قبرك ومعادك وهو
العمل الصالح.

 

هذا
الأثر فيه بشارة لطالب العلم أن العلم ميسر.

 نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن ييسر لنا سبل العلم حتى نلقاه، ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

             

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/09/59.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(60) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(60) العلم وفضله

 

                                       العلم شفاء

 

عن أَبِي
وَائِلٍ-شقيق بن سلمة-، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -وهو ابن مسعود-رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ أَتَانِي اليَوْمَ رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا
دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشِيطًا،
يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي المَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ
لاَ نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، إِلَّا
أَنَّا «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَسَى أَنْ
لاَ يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ
أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي
نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا، فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَلَّا تَجِدُوهُ،
وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا
كَالثَّغْبِ شُرِبَ، صَفْوُهُ وَبَقِيَ كَدَرُهُ» رواه البخاري(2964).

 

عن أبي  ذَرٍّ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ غِفَارٍ،
فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ،
فَقُلْتُ لِأَخِي: انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِي
بِخَبَرِهِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ مَا عِنْدَكَ؟
فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ
الشَّرِّ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ تَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ، فَأَخَذْتُ جِرَابًا
وَعَصًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ
. رواه البخاري.

 

قال العيني في «عمدة القاري» (16/86): (لَمْ
تَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ) من الشِّفَاء أَي: لم تجئني بِجَوَاب يشفيني من مرض
الْجَهْل.


 

وهناك حديث « ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما
شفاء العي السؤال»، لكنه فيه كلام.

والله عزَّ وجلَّ وصف كتابه بأنه شفاء ﴿
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا
يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾[الإسراء:82 ].

[مقتطف من دروس سورة النور
لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/09/60.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(61) العلم وفضله

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(61) العلم وفضله

 

أيهما
يكون رفعة لصاحبه شرعًا: خدمة أهل العلم، أم خدمة الملوك والرؤساء؟


خدمة
أهل العلم شرف وفضل لمن يقوم بذلك، وأم سليم جاءت بابنها أنس إلى النّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ،
وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ» رواه البخاري (6344)، ومسلم
(2480) عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.


فخدم النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عشر
سنين، وهذا فيه فضل خدمة أهل العلم، والحرص على القرب منهم، وطلب الدعاء منهم.


وروى البخاري (143)، ومسلم (2477) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ
وَضُوءًا قَالَ: «مَنْ وَضَعَ هَذَا؟ فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ
فِي الدِّينِ».


 

إن خدمة أهل العلم نعمة وسعادة؛ يستفيد علمًا، وأخلاقًا، ودينًا وأخرى،
ويزداد إيمانًا.


إنه يُعان على نفسِهِ؛ فما كان من تقصير أُعين على تكميل النقص، وما
كان من عيوبٍ أُعين على إصلاحِ نفسِهِ وتهذيبها، وقد تحصل له دعوة يسعد بها في
دنياه وأخراه.


فمجالسة أهل العلم غنيمة وسعادة؛ لأنهم كالغيث أينما حلوا نفعوا.

 ولا بأس بذكر أثرٍ منتشر في
آداب الطالب؛ لبيان حاله، وهو:


 عن علي بن أبي طالب أنه قال
في وصاياه لطالب العلم: وَلَا تُعْرِضَ -أَي: تَشبَع- مِنْ طُولِ صُحْبَتِهِ.


ولكنه أثر ضعيف؛ أخرجه الخطيب رَحِمَهُ الله في «جامعه» (350)، من
طريق معضَلة، وفي «الفقيه والمتفقه» (856) من وجه آخر معضل أيضًا.


وأخرجه ابن عبد البر رَحِمَهُ الله في «جامعه» (1/ 501) من وجه آخر،
وفيه: سليمان بن عمرو النخعي، كذاب. كما في «الميزان».


وذكره النووي في مقدمة «المجموع»(1/36) بزيادة: فَإِنَّمَا هُوَ
كَالنَّخْلَةِ تَنْتَظِرُ متى يسقط عليك منها شيء.


وأما
الذي يخدم الملوك إنما يخدمهم لأجل الدنيا؛ لحطام فانٍ زائل، وقد يكون تحت وطأة
الذلة والاستصغار والاحتقار، وقد يقع في بعض صفات المنافقين؛ يمدحه بما ليس فيه،
يأتيه بعدة وجوه، يتزلَّف له ويكذب، ويبتسم له وهو يكرهه...،
«يبيع
دينه بعرَضٍ من الدنيا
».

 فهنيئًا لمن عرف فضل العلم وأقبل عليه ونافس فيه،
إنه يسلك طريق الجنة التي هي أعلى مطالب كل مؤمن ومؤمنة.


إنه زاد عظيم، قال تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)﴾  [طه].

إنه
طريق تأهُبٍّ واستعداد للآخرة، ولقاء الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.


روى
البخاري (71)، ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان رضي الله عنه قال:
يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ
يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».


وروى
الإمام أحمد في «مسنده» (30/ 9) عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: غَدَوْتُ عَلَى
صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى
الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ، قَالَ:
أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ وَرَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا
لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ» وهو في «الصحيح المسند» (505) لوالدي
رَحِمَهُ الله.


وأخرجه الآجري في «أخلاق العلماء»(37)عن صَفْوَان بْن عَسَّالٍ
الْمُرَادِيّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ
أَطْلُبُ الْعِلْمَ فَقَالَ: «مَرْحَبًا يَا طَالِبَ الْعِلْمِ إِنَّ طَالِبَ
الْعِلْمِ لَتَحُفُّهُ الْمَلَائِكَةُ، وَتُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا، ثُمَّ
يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَبْلُغُوا سَمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ
حُبِّهِمْ؛ لِمَا يَطْلُبُ».


اللهم زدنا علمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا، واستعملنا في طاعتك يا
ربنا.


 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/10/61.html

أضف رد جديد