أوصاف طالب العلم الشرعي


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1299
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(49)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(49)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                            المجاهدة في تحصيل العلم

 

قال تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

استنبط
الإمام السعدي رَحِمَهُ الله في «تفسيره»(635) في سورة العنكبوت
فوائد من هذه الآية، وقال:


دل
هذا على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد.

 وعلى أن من أحسن فيما أُمر به أعانه الله ويسر
له أسباب الهداية.

 وعلى أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل
مطلوبه أمور إلهية، خارجة عن مدرك اجتهاده، وتيسر له أمر العلم،
فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله،
بل هو أحد نَوْعَي الجهاد، الذي لا يقوم به
إلا خواص الخلق، وهو الجهاد بالقول واللسان، للكفار والمنافقين،
والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع
المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين. اهـ.

والله
الميسِّر، فليس كل أحدٍ يتيسر له سُبُلُ العلم، فكم من محبٍّ للعلم ولكنه لا يصبر على العلم
والحفظ؛ لضعْفِ همَّتِه وعزيمته، أو لا يجد
الحلقات ومن يتلقى على يديه ومَنْ يعينه، أو
لا يجد الأنيس من الجلساء الصالحين، فجلساؤه
من المهملين الذين لا يهمهم العلم النافع ولا زاد الآخرة فيتأثَّر بهم، أو يُصرَفُ بصوارفَ لا يستطيع دفعَها عافانا الله. إما مسؤولية كبيرة فوق الطاقة، مثل: بعض
النساء يستغرق وقتُها في أمور الطباخة بإلزام،
إما لكثرة ضيوف أو لكِبَر العائلة مع عدمِ المساعد فما يتهيأ لها أن تستفيد.

أو
أمراض في النفس، أو في الأهل فيُشغَل
بمداواتهم وخِدْمتِهم وتمريضهم والقيام عليهم،
أو انشغالات بالمكاسب، أو فتن. والفِتَنُ من أعظَمِ الصوارفِ عن العلم، ولهذا النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ يقولبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ
اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ
مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي
مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ
دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم (118) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وكان والدي يقول: اجتهدوا قبل أن تأتيكم الصوراف.

ونحن
في زمن الفتن، فتنة الحروب والحوادث، وفتنة الجدل والخلافات والتعصبات، وفتنة الدنيا والحزبيات..
والمعافَى مَنْ عافاه الله. نسأل الله السلامة
والعافية.

وعلينا
أن نسلُكَ الأسباب التي تكون عونًا لنا في تيسير سُبُلِ العلم وتسهيله، ولا نستسلم للعَقَبَاتِ والنكبَات والعوائق التي
تقف في طريق العلم.




ترجو النجاة ولم تسلك مسالكَها



...



إنَّ السفينة لا تمشي على
اليَبَسِ



نسأل الله سبحانه أن ييسرَ لنا طلب
العلم حتى نلقاه، وأن ييسر لنا ما قاله الإمام
أحمد: من المحبرة إلى المقبرة. آمين.

[مقتطف من دروس
التبيان في آداب حملة القرآن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/11/49.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1299
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(50)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(50)أوصاف طالب العلم الشرعي

                 الإنصاف
في العلم


قال أبو زرعة الدمشقي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في «تاريخه»
(1018): أخبرني الوليد بن عتبة، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: شهدت مالك بن أنس
سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.

هذا أثر صحيح.

قال القرطبي رَحِمَهُ الله في « تفسيره»(1/286) عقب هذا الأثر وبعض ما في
معناه في السكوت عما لا يَعلم:


 وَإِنَّمَا
يَحْمِلُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ الرِّيَاسَةُ وَعَدَمُ الْإِنْصَافِ فِي الْعِلْمِ.

 قَالَ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ: مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ وَآدَابِهِ الْإِنْصَافُ فِيهِ، وَمَنْ لَمْ
يُنْصِفْ لَمْ يَفْهَمْ وَلَمْ يَتَفَهَّمْ.

 رَوَى يُونُسُ بْنُ
عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ يقول: ما في زماننا شي أَقَلُّ مِنَ الْإِنْصَافِ.

 وعلق عليه القرطبي
بقوله: هَذَا فِي زَمَنِ مَالِكٍ فَكَيْفَ فِي زَمَانِنَا الْيَوْمَ الَّذِي عَمَّ
فِينَا الْفَسَادُ وَكَثُرَ فِيهِ الطُّغَامُ؟! وَطُلِبَ فِيهِ العلم للرئاسة لَا
لِلدِّرَايَةِ، بَلْ لِلظُّهُورِ فِي الدُّنْيَا وَغَلَبَةِ الْأَقْرَانِ
بِالْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ الَّذِي يُقْسِي الْقَلْبَ وَيُورِثُ الضَّغَنَ،
وَذَلِكَ مِمَّا يحملُ عَلَى عَدَمِ التَّقْوَى وَتَرْكِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى.


المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/50.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1299
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(51)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(51)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

ما حكم الرياء هل هو شرك أكبر أو أصغر؟

 

الرياء
من الشرك الأصغر، كما في الحديث القدسي: « أَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ،
مَن عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيرِي تَرَكتُهُ وَشِركَهُ».

إلا
إذا كان قيامه للعبادة محضًا خالصًا لغير الله، لا يريد به وجه الله، فهذا شرك
أكبر. ﴿
يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾ [النساء].

قال
الشيخ ابن عثيمين في «القول المفيد»(2/124): الرياء من الشرك الأصغر؛ لأن الإنسان قصد
بعبادته غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر، فقال: مثل
يسير الرياء، وهذا يدل على أن الرياء الكثير قد يصل إلى الأكبر. اهـ.

فيحتاج
طالب العلم والعابد لربه إلى مجاهدة في إخلاص العبادة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى،
وإلا وقع في خطر عظيم، وقع في الشرك، وهذا من المخاطر على طلاب العلم، من أشد
المخاوف والمخاطر عليهم محبة السمعة والرياء.

من
كانت هذه نيته فقد باء بالخسران، وكان علمه غير نافع، من علامات العلم الذي لا
ينفع فقد الإخلاص في العمل، ومن أسباب حرمان البركة، وحرمان التوفيق، وقد ينقطع عن
الخير بسبب أن عنده دسيسة سيئة في قلبه، فلا يثبت في اجتهاده في العبادة وفي طلب
العلم؛ لأنه لم يكن مخلصًا لله، وجهوده وصبره في التعليم ونشر العلم لا تدوم؛ لأنه
ليس هناك شرط قبول العمل، لقبول العمل شرطان: الإخلاص والمتابعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله في « العقيدة التدمرية»(232): وما لم يكن لله لا ينفع
ولا يدوم. اهـ.

ينقطع
ولا يستمر ولا ينفع، لا يعود بنفع على صاحبه، فالعاقل يجاهد نفسه، ويجاهد الشيطان،
ويكسر هوى نفسه، فماذا عسى أن يكون عندنا من العلم والعبادة والمحفوظات؟!

السلف
كان منهم من لو قيل له: إن ملك الموت ببابك ما كان عنده زيادة على العمل، حتى
تسبيحه واحدة أو تكبيرة لا يستطيع أن يزيدها، قد بلغ أقصى جهده في العبادة، وكانوا
يرحلون في طلب العلم ويتحملون المشاق، أما حالتنا ففي أشد الضعف والتقصير، والله
المستعان.

والوظائف دخلت في العبادة فأفسدتها إلا من رحم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى،
فمن المعلمين من يعلم القرآن ويعلم السنة لأجل دنيا ولا يحتسبه عند الله، والله
عَزَّ وَجَل يقول: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ
الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا
لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا  (18)وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا
سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)﴾.[/color]

فنحن بحاجة شديدة إلى
أن نجاهد في إصلاح النية، لننتفع بعبادتنا وما رزقنا ربنا من العلم، وليكون ثباتًا
لقلوبنا وتثبيتًا لنا في المواقف وفي الشدائد، نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن
يرزقنا الإخلاص، نسأل الله أن يرزقنا حسن النية، ونعوذ بالله من علم لا ينفع، ولا
حول ولا قوة إلا بالله.

[مقتطف من دروس تطهير الاعتقاد الدرس الثامن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ
الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/51.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1299
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(52)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(52)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                        من بلاء التعصب

قال الصنعاني رَحِمَهُ الله في
«تطهير الاعتقاد»: وَفُقَهَاءُ المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ
مِن بَعدِ الأَربَعَةِ.

وتعقَّبه الصنعاني
بقوله: وَإِن كَانَ هَذَا قَولًا بَاطِلًا،
وَكَلَامًا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَن كَانَ لِلحَقَائِقِ جَاهِلًا...  

التعليق:

قوله رَحِمَهُ الله: وَفُقَهَاءُ
المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ.

 أي: من المتعصبة للمذاهب
الأربعة.

يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ مِن بَعدِ
الأَربَعَةِ.

أي: يرون الاجتهاد مستحيلًا بعد الأئمة
الأربعة.

وهذا من بلاء التعصب.

وقد كان والدي الشيخ
مقبل رَحِمَهُ الله يذكر لنا أن ابن علان قال عند قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
الْمَهْدِيِّينَ، َعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ...»،
هذا لمن كان في زمن الصحابة أو قريبًا من زمانهم، أما بعد أن تقررت المذاهب
الأربعة فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غيرهم.

وكان والدي رَحِمَهُ
الله يستنكر ذلك، ويتعجب من هذه الجُرأة.

وإليكم نص كلام ابن
علان في «شرح رياض الصالحين»(1/415): محل تقليد الصحابة بالنسبة للمقلد الصرف في
تلك الأزمنة القريبة من زمنهم.

أما في زمننا فقال
بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة: الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبي
حنيفة؛ لأن هؤلاء عرفت مذاهبهم، واستقرت أحكامها وخدمها تابعوهم، وحرروها فرعًا
فرعًا، وحكمًا حكمًا، فقَلَّ أن يوجد فرع إلا وهو منصوص لهم إجمالًا أو تفصيلًا.
اهـ.

ومن الأدلة في رده:

 

قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي
ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» رواه البخاري
(7311)، ومسلم (1920) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

 

 وقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ
أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رواه
البخاري (7352)، ومسلم (1716) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ.

 

فنستفيد من هذا: أن الاجتهاد باقٍ لم ينقطع.

[مقتطف من الدرس
الخامس عشر من دروس تطهير الاعتقاد لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

فيجب الحذر من
التعصبات؛ فإن هذا مضيعة للوقت، ويجر إلى توغير الصدور، وانقلاب الحال إلى عداوة
وبغضاء، وولاء وبراء.

ومن نصائح والدي رحمه
الله: لا تشغل نفسك بالتعصب لفلان وفلان، أقبل على العلم.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/52.html

أضف رد جديد