من فراسته رَحِمَهُ الله
قال والدي رَحِمَهُ الله عن أيام دراسته في الجامعة الإسلامية: كان يدرسنا
الدكتور محمد مصطفى الأعظمي([1])، لا أحب
تدريسَه، ولا أثق به؛
لأنني تفرَّست فيه أنه رجل متأثِّر بالغَرب، وظهرتِ
الحمد لله، ظهر هذا عند أن كان تُناقَش رسالة
الماجستير، قال: لو
كانت هذه الرسالة في الغرب لرموا بها ولم يقبلوها.
فقام الشيخ السيد الحكيم جزاه الله خيرًا، وقال: إن أولئك ليسوا المعتبر،
لكن المعتبر هو ما عليه علماؤنا. وذكر
ما في هذه الرسالة من الفوائد([2])، والله
المستعان.
[المرجع ش/ السيرة الذاتية]
ومن فراستِهِ رَحِمَهُ الله وتربيتِه
كان
رَحِمَهُ الله يتأكد عند أن كُنَّا صغارًا، هل صلينا الفجر بالنظر إلى الوجه؟
ويقول: الذي يكون قد صلى يكون على وجهه نور.
من فراستِه رَحِمَهُ الله وتربيتِهِ للطالب
كان رَحِمَهُ الله إذا شعر ممن ينتسب إلى
طلب العلم أنه لا يهمه العلم، يأتيه بأسئلة؛ ليعرف الطالبَ فقرَهُ في العلم، مثال
ذلك:
ذكر لنا رَحِمَهُ الله أنه أتاه آتٍ، وجعل
يسأله عن فلانٍ وفلان، فذكر والدي المَثَلَ القَديْمَ الشِّعْرِي:
وَدَعْ عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ فِي
حَجَرَاتِه ... وَلكِنْ حَدِيثًا مَا حَدِيث الرَّوَاحِلِ([3])
ثم
قال له: في أي شيء تدرس يا بُنَي؟
فقال له الطالب: أدْرُسُ في «جامع الترمذي»،
وكذا..، فسأله عن اسم الترمذي مؤلف هذا الكتاب وبعض الأسئلة الأُخرى، فلم
يُجب.
([1]) كانت العبارة: وكان يُدَرِّسُنا أكرم ضياء العمري، وقد أثبته على الصواب؛
لأنه تَمَّ تصويبه في آخر الكلمة من الطالب بأمرٍ من والدي رَحِمَهُ الله.
([2]) ومن عبارات
الشيخ السيد الحكيم رَحِمَهُ الله: فإذا كان
فيها بعض المؤاخذات الشكلية، أو بعض
الانتقادات غير الموضوعية فإن ذلك لا يحدُّ من قيمة الرسالة بحال من الأحوال، وليس إلى الشك سبيل في أنَّ التعرج لمثل هذه
الموضوعات ودراستها دراسة فاحصة مستوعبة، تقتضي
من الباحث صبرًا ودأبًا وجدًّا واجتهادًّا وتعبًا وجَلَدًا.
ثم قال: رسالة مقبل أرتنا النجوم ظُهرًا..
المرجع «التبصير بجور مناقِشَي رسالة الماجستير».
([3])
قال الميداني في «مجمع الأمثال»(1/267): النهب: المالُ المنهوب، وكذلك النُّهْبَى
والحَجَرَاتُ: النواحي.
يضرب لمن ذهب من ماله شيء، ثم ذهب بعده ما هو
أجَلُّ منه.
وهذا من بيت امرئ القيس، قاله حين نزل على خالد بن
سَدُوس بن أصمع النَّبْهَاني، فأغار عليه باعث بن حويص وذهب بإبله، فقال له جاره
خالد: أعطني صنائعَكَ ورواحلك حتى أطلب عليها مالَكَ، ففعل، فانطوى عليها، ويقال:
بل لَحِقَ القومَ، فقال لهم: أغرتم على جاري يا بني جَديلة، فقالوا: والله ما هو
لك بجار، قال: بلى والله ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي؟ قالوا
كذلك، فأنزلوه وذهبوا بها، فقال امرؤ القيس فيما هجاه به:
وَدَعْ عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ فِي حَجَرَاتِه ...
وَلكِنْ حَدِيثًا مَا حَدِيث الرَّوَاحِلِ
يقول: دع النهبَ الذي انتهبه باعث، ولكن حَدِّثني
حديثًا عن الرواحل التي ذَهَبْتَ أنت بها ما فَعَلَتْ، ثم قال في هجائه:
وأعْجَبَنِي مَشْيُ
الْحُزُقَّةِ خَالِدٍ ... كَمَشْيِ أتَانٍ حُلِّئَتْ عن مَنَاهِلِ
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/11/97.html