التحاكم الى الطاغوت ليس كله كفر والرد على الخوارج

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
نجيب المار
مشاركات: 4
اشترك في: شعبان 1443

التحاكم الى الطاغوت ليس كله كفر والرد على الخوارج

مشاركة بواسطة نجيب المار »

اعلم أخي المسلم أن الخوارج قد كفَّروا كثيراً من المسلمين بغير حق في عدة مسائل وفي مسألة التحاكم الى الطاغوت التي نحن بصدد الكلام فيها رأيناهم يكفرون كل من تحاكم الى الطاغوت ولم يستثنوا أحداً الا المكره فقط وهذا ليس غريباً من الخوارج وإنما الغرابة أننا نجد أناساً ينتحلون التسنن وينتسبون اليه ثم يقولون بمثل هذا القول الغريب ومن أمثال هؤلاء المدعو بالشيخ الدكتور / عبدالله الجربوع الذي كان يعمل رئيساً لقسم العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وهو للإنصاف ذو علمٍ وفصاحةٍ ولكنه أحياناً يتناقض في تقريراته فعلى سبيل المثال نجده تارةً يثني على العلامة ابن باز ويجعله المجدد الأوحد للعصر وتارةً يكفر كل من يقول بقول ابن باز في عدة مسائل ومنها مسألة التحاكم إلى الطاغوت وهذا تناقضٌ عجيبٌ منه بل لم يسلم منه مشايخنا في اليمن كشيخنا محمد الإمام وغيره فإن الجربوع قد سلقهم هو وطلابه بالسنةٍ حدادٍ في عدة مسائل !!....ومن باب المعاملة بالمثل والبادئ أظلم فإننا نعامله بالمثل ونرد عليه بالحق فإن الجربوع قد ضلَّ في مسألة التحاكم إلى الطاغوت وللقارئ أن يستمع لضلالاته بصوته كما في هاتين الصوتيتين المرفقتين بالمقال فأحداهما يقرر فيها ( بأن من تحاكم الى الطاغوت ولم يكن مكرهاً فإنه يكون قد عَبَدَ الطاغوت) وكلامه هذا باطلٌ مخالفٌ للمنهج الحق كما سنبينه والصوتية الأخرى يقرر فيها بدون تفصيل ( ان من اراد التحاكم الى الطاغوت فإنه بمجرد الارادة فقط يكون قد وقع في الكفر ومن فعله فقد وقع في الكفر الاشد الأعمق...) وكلامه هذا أيضاً مخالفٌ للصواب كما سنبين ذالك محاولين الاختصار بقدر الاستطاعة...ولتفهم اخي المسلم المسألة من جذورها فإنه ينبغي لك معرفة أن أصل ضلال الخوارج هو أنهم [ يؤمنون ببعض الكتاب ويتركون بعضه ] ففي قلوبهم زيغٌ كما أخبر الله عنهم بذالك ؛ فإنه لا يزال الخوارج منذ أن بزغ قرنهم في عصر الصحابة إلى عهدٍ قريبٍ يُكفِّرون المسلمين بمجرد فعل المعاصي وأما في زماننا هذا فقد زادوا في التكفير الفاسد فكفروا المسلمين بمجرد الإرادة القلبية للمعاصي اي كفروهم بمجرد عمل القلب فقط وهذا المروق لم يبلغه الخوارج المتقدمون فإن المتقدمين إنما كانوا يكفرون بعمل الجوارح لا بعمل القلب !!!! ويستدل هؤلاء المتأخرون على ضلالهم بالمتشابه من القرآن مثل قوله تعالى في المنافقين ( يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت... ) فقالوا لقد كفَّر الله المتحاكم الى الطاغوت بمجرد الارادة فقط ثم قالوا ومالنا لا نكفر من كفره الله فغالطوا كثيراً من المسلمين فصدق فيهم قول ابن عمر ( ان الخوارج ذهبوا الى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين ) بل وصل الحال بالخوارج المعاصرين أنهم كفروا جميع المسلمين المقيمين في بلاد الغرب والشرق بمجرد موافقة المسلمين هناك على التحاكم إلى القانون الطاغوتي حتى بلغ بهم الأمر انه اذا استفتاهم مسلمٌ مظلومٌ في تلك البلاد بأن له أموالاً منهوبةً عند أحد الكفار وأنه يريد أن يتحاكم الى محكمةٍ كافرةٍ ليسترد امواله المنهوبة ؛ صاح الخوارج في وجهه وأفتوه بأن يترك أمواله لخصمه الكافر حتى لا يقع هو في الكفر بتحاكمه الى المحكمة الكافرة !! وبهذه الفتاوى البدعية الخارجية صار المسلمين في تلك البلاد فريسةً للسفهاء والعصابات لأن العصابات هناك تعلم أن المسلم المعتدى عليه لن يتصل بالشرطة ولن يترافع الى المحكمة شاكياً بهم فكانت حقيقة الخوارج أنهم جعلوا نفوس المسلمين واموالهم واعراضهم وبناتهم طعاماً سهلاً لهذه العصابات كما حصل في فرنسا وبريطانيا وغيرها من البلدان....والحق والصواب هو أن التحاكم الى الطاغوت ليس كله كفر كما زعم ذالك الخوارج الجهَّال وعليه فإنه يتحتم علينا بيان متى يكون التحاكم الى الطاغوت كفراً ؟ وللجواب على هذا السؤال فإنه يمكننا الإستئناس بفتوى اللجنة الدائمة في السعودية فقد جاء في فتواها رقم ( 13402 ) ما نصه ( ..التحاكم إلى غير الله معتقداً أن حكمهم أحسن من حكم الله أو مساوٍ لحكم الله كفر بالله وناقضٌ من نواقض الشهادتين ..) وبتفصيلٍ أكثر فإن التحاكم إلى الطاغوت إنما هو من الألفاظ المجملة التي لا تكون كفرا الإ باعتقادٍ كفري فالتحاكم الى الطاغوت باعتقاد ان حكم الطاغوت احسن من حكم الله هو كفر لأنه وصف لله بالجهل والظلم ، والتحاكم الى الطاغوت باعتقاد ان حكم الطاغوت مثل حكم الله هو كفر لأن التسوية بين الحكمين هي استحلال للتحاكم الى الطاغوت بعد العلم ، ومن استحل التحاكم إلى الطاغوت جاهلاً بحرمة التحاكم إليه فليس بكافر بل هو معذورٌ بالجهل ، ومن تحاكم الى الطاغوت متأولاً  لحاجةٍ أو لغيرها أو لشبهات فليس بكافر ما دام يعتقد أن حكم الله اعدل وأحسن وهو الحق الواجب اتباعه ، ومن تحاكم الى الطاغوت معتقداً ان حكم الله احسن من حكم الطاغوت فهو مسلمٌ عاصٍ وليس بكافر لأنه لم يستحل التحاكم وانما هو متشبه بالكفار في الظاهر وهو باقٍ على اسلامه فإنه يخالف الكفار في اعتقاده ، ومن تحاكم الى الكفار مضطراً لاسترداد حقوقه مع اعتقاده ان حكم الله احسن من حكم الطاغوت فهو مسلم مغفورٌ له ولا إثم عليه لأن الله قال في حالة الاضطرار ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه )[سورة البقرة 173] وحاله في تحاكمه هذا كحال نبي الله يوسف عليه السلام فإنه تحاكم إلى الفراعنة الكفار مرتين مرةً إلى عزيز مصر في شأن إمراته ، ومرةً إلى ملك مصر في شأن النسوة ولم يكن في الأخيرة مكرهاً بل أراد تبرئة نفسه وكان محتاجاً الى ذالك، وتحاكم الصحابة في الحبشة هم وقريش الى ملكها النصراني النجاشي قبل أن يسلم ولم يكن الصحابة حينها مكرهين وانما كانوا مضطرين فقط كما هو معلوم ولم يسمهم الرسول كفارا بل هو الذي ارشدهم بنفسه الى ملك الحبشة النصراني قبل ان يُسلم فقد جاء في الصحيح ان الرسول قال للصحابة ( إن بارض الحبشة ملكاً لا يظلم احدٌ عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما انتم فيه) صححه الألباني وهذا القول بجواز التحاكم في الضرورة بشرط اعتقاد أن حكم الله أحسن من حكم الطاغوت يؤيده العلامة ابن باز في فتاويه ؛ انظر فتاوى ابن باز في حكم المضطر للتحاكم الى القوانين الوضعية ....كذالك الحال في الخشية فإن الله يقول في المؤمنين ( ولا يخشون احداً الا الله )[ الاحزاب 39] فجاء الخوارج فقالوا من خشي غير الله فهو كافر فقلنا لهم يا اغبياء هذا لفظٌ مجمل وتفصيله أن من خشي الكفار كخشية الله أو أشد خشيه فهو كافر بدليل قول الله ( يخشون الناس كخشية الله أو اشد خشية ) [ النساء 77] وأما من خشي من الكفار خشيةً طبيعيةً فليس بكافر ودليل ذالك أن نبي الله موسى والخضر عليهما السلام قد خشيا من الغلام الكافر على أبويه قال الله ( فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا ) [ الكهف 80]...ونبي الله هارون قد خشي من موسى قال هارون ( إني خشيت ان تقول فرقت بين بني اسرائيل... ) [ طه 94 ] فهل يكون هارون عندكم كافراً يا معشر الخوارج لأنه خشي غير الله ؟!!! لا تقدرون على الاجابة لانكم ستهدمون أصلكم الفاسد حين تتناقضون وأما الجواب عندنا فإنه لا يكون كافراً لأن خشية هارون من موسى ليست كخشيته من الله ولا أشد منها.....واما قولكم أن الله كفَّر المتحاكمين الى الطاغوت بمجرد الارادة فالجواب انه كفَّرهم لأنهم اعتقدوا أن حكم الطاغوت أحسن من حكم الله وهذا هو سبب نزول الآية فإن المنافقين آنذاك رأوا أن التحاكم إلى أبي برزة الأسلمي الكاهن أعدل وأحسن من التحاكم الى الله لأن أبا برزة في إعتقادهم يحكم بالعوائد والاتفاقات السابقة التي مضى عليها الاجداد فرأوها أحسن فكفروا ؛ وللمزيد من الاطلاع انظر في تفسير الرازي في الرواية التي نقلها عن السدي في تاويل قوله تعالى ( يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت ) [ النساء: 60]...فتلخص القول من حيث الإطلاق والعموم بأن من خشي من الناس كخشيته من الله أو أشد خشيه فهو كافر ومن خشيهم بأقل من ذالك فليس بكافر ؛ ومن تحاكم الى الطاغوت معتقداً أن حكم الطاغوت كحكم الله أو أحسن فهو كافر ، ومن تحاكم الى الطاغوت معتقداً أن حكم الله أحسن فليس بكافر...
https://www.facebook.com/profile.php?id=100063638180924

أضف رد جديد