وقفات مع محمد بن غالب العمري =الشيخ نور الدين السدعي( حلقتين)
مرسل: الخميس 13 جمادى الآخرة 1436هـ (2-4-2015م) 5:55 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع محمد بن غالب في رده على الشيخ البرعي
(الحلقة الأولى)
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
أما بعد:
فقد قام بعض الناس بتفجير نفسه وسط المصلين في إحدى المساجد التابعة للشيعة في صنعاء، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، وقد حاول بعض المغرضين إلصاق هذه التهمة بأهل السنة التي هم منها في غاية البراءة، فأخرج شيخنا بطل السنة المقدام وأسد المنابر الضرغام محمد الإمام –حفظه الله- كلاما ينكر فيه هذا المنكر، ويبرئ الدعوة السلفية من هذا الفعل الشنيع.
ثم صدر من الشيخ الوالد عبيد الجابري –حفظه الله- كلام اعترض به على الإنكار الصادر من الشيخ الإمام -حفظه الله-
وقد أثار اعتراض الشيخ عبيد إشكالا وجدلا عند كثير من طلبة العلم وعوام أهل السنة، حيث فهم البعض من اعتراض الشيخ عبيد على الشيخ الإمام أنه يجيز مثل هذه الأعمال الإجرامية إذا كانت في حق الرافضة.
فأصدر شيخنا المبارك الناقد البصير عبد العزيز البرعي -حفظه الله- خطابا للشيخ الوالد عبيد حفظه الله، أنكر فيه أمرين، أحدهما: ألفاظ الجرح الصادرة من الشيخ عبيد الجابري في الشيخ الإمام -وفقهما الله-
وأن هذه الألفاظ من طريقة الحجوري التي أنكرها عليه العلماء، بما فيهم الشيخ عبيد نفسه.
وأن أمر الشيخ عبيد بحذف هذه الألفاظ لا يكفي؛ وما ذاك إلا لأن الأمر بالحذف ليس دليلا على التوبة والتراجع، بل قد يكون لئلا تستغل أو نحو ذلك.
ثانيهما: أن طريقة انتقاد الشيخ عبيد على الشيخ الإمام حفظهما الله إنكاره تفجير مساجد الرافضة، توهم جواز مثل هذا الفعل في مساجد الرافضة، فالمطلوب من الشيخ عبيد دفع الشبهة وإزالة اللبس الحاصل في كلامه.
فثارت ثائرة البريكيين وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على الشيخ الجليل المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله-
ولم يكتفوا بذلك حتى تجاوزوا ذلك إلى السب والشتم والسفاهة والتعيير بالماضي عادة إخوانهم الحجاورة حذو القذة بالقذة مثلا بمثل سواء بسواء؟!
ومن تلك العبارات قول هاني عن الشيخ المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله-: (السفيه! المخذول! صاحب حيل ومكر ولؤم شديد! مفلس من علم الفتوى!) إلخ قاموس السباب والشتائم.
سبحان الله! وكأن الذي نطق بهذا السفه هو الحجوري وليس هاني! فالحجوري هو الذي وصف الشيخ البرعي –حفظه الله- بالمكر! وأنه ليس أهلا للفتوى!
والشيء من معدنه لا يستغرب؛ فالشبه بين الحجاورة والبريكيين قوي جدا وكأنهم شيء واحد وجزء لا يتجزأ! كما بينت ذلك بالحجج والبراهين الدامغة بفضل الله- في منشوري ”أوجه التشابه بين الحجاورة والبريكيين“
ولست مجاريا لهاني بن بريك وأمثاله من ذوي الطيش والسفه، فأحسن رد على هذا الصنف هو ما ذكره الله في كتابه الكريم بقوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
وقد كان شيخنا الإمام الوادعي يحفظنا في آخر حياته هذين البيتين:
يشتمني عبد بني مسمع ### فصنت عنه النفس والعرض
ولم أجبه لاحتقاري له ### من ذا يعض الكلب إن عض
خاصة وقضية هاني بن بريك وشلته مفروغ منها عند أهل السنة في اليمن، فقد حذر منه علماء ومرجعية الدعوة السلفية في اليمن بالإجماع، لكني سأقف –بإذن الله- عدة وقفات مع الأخ الدكتور محمد بن غالب –وفقه الله- حيث إن رده ليس كرد هاني وأمثاله من أهل الطيش، وإن كان لم يسلم من ذلك، ولي معه عدة وقفات.
الوقفة الأولى: زعم الأخ محمد بن غالب أن كلام الشيخ عبيد واضح جلي في إنكاره على الشيخ الإمام عدم إنكاره حين فجرت مساجد أهل السنة ودور القرآن، بينما نشط في الإنكار على تفجير مساجد الرافضة.
ولي مع كلام محمد بن غالب هذا ثلاث وقفات.
الأولى: عدم التسليم، وهاك كلام الشيخ عبيد بنصه، قال –حفظه الله-: يستنكر تفجير المساجد -مساجد الرافضة- ويصيح ويصرخ بهذا ويرفع بهذا عقيرته، سبحان الله! أينك يا حيوان! يا ثور! يا حمار البدع! أينك حينما فجرت مساجد أهل السنة في صنعاء؟! أظن أن هذا يا مسكين امتدادا لقولك الذي سمعناه قبل نحو شهرين من العيب على أهل جهاد الحوثة وأنهم يقتلون المسلمين، فمفهوم كلمتك بل إشارة التي تغني عن عبارة تدل على أنك تعتقد أنهم مسلمون يا مسكين! اهـ
فالشيخ عبيد –حفظه الله -جعل من لازم تشنيع الشيخ الإمام –حفظه الله- على من فجر مساجد الرافضة أن الشيخ الإمام يحكم بإسلامهم، وليس هذا بلازم فأهل السنة ينكرون التفجير حتى ولو كان في وسط الكفار، لكن مفهوم كلام الشيخ الوالد عبيد –حفظه الله- هذا أنه يلزم من تكفيرهم عدم الإنكار على من فجر مساجدهم، وأبادهم بالأحزمة الناسفة وما شابه ذلك. وإلا فما علاقة إلزام من ينكر تفجير مساجد الرافضة بالحكم بإسلامهم؟! وأهل السنة ينكرون هذه الأعمال الهوجائية حتى في حق الكفار؟!!!
وهذا المفهوم من كلام الشيخ عبيد –حفظه الله- واضح جدا للعيان لا يخفى على منصف، وهو الذي أثار جدلا في أوساط طلاب العلم، وهو الذي ذكره الشيخ البرعي حفظه الله، وطلب من الشيخ عبيد إزالته وتوضيحه حتى لا يدخل في الدعوة السلفية ما ليس منها.
فعلى هذا فالشيخ البرعي –حفظه الله- ومن معه من العلماء كالشيخين الفاضلين السالمي والعميري لم يلزموا الشيخ عبيدا –حفظه المولى- بما ليس بلازم لقوله ولم يقولوه ما لم يقل، بل ألزموه بما هو لازم له بل بما يكاد أن يكون صريح قوله.
ومما زاد الأمر لبسا أن الشيخ عبيدا اكتفى بالإنكار على الشيخ الإمام ولم يعرج ولا بكلمة واحدة لبيان موقف أهل السنة من هذه التفجيرات!
ومن حصل في كلامه إجمال وإشكال وبالأخص من العلماء فعليه الإيضاح والبيان، حتى لا يفتن به من لا يحسن فهمه، أو يدخل في الدعوة ما ليس منها، فحفظ الدعوة مقدم على حفظ مكانة الأشخاص.
وموقف الشيخ الأسد الغيور محمد الإمام –حفظه الله- الذي صدع به بأعلى صوته هو موقف الوالد العلامة ربيع –حفظه الله- حيث تكلم على الحسينيات ثم قال: ولا أطلب منك الأمر بتدميرها وتحريقها، وإنما المطلوب شرعا أن تطهر هذه الحسينيات من الشرك والبدع والطعن في أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- لتصبح مساجد لله، إما بواسطة سلطان قوي يحكم بشريعة الإسلام، أو بواسطة علماء فحول مخلصين ينقذ الله بهم الروافض من هذا الضلال البعيد. (من هم الإرهابيون) (ص19)
الثانية: على التسليم بفهم الأخ محمد بن غالب أن الشيخ عبيدا –سدده الله- إنما أنكر على الشيخ الإمام –سدده الله- استنكاره تفجير مساجد الرافضة دون استنكاره تفجير مساجد أهل السنة. فهذا غير صحيح، بل هو من الكذب الذي أوصله البريكيون إلى الشيخ عبيد الجابري، فأسد السنة الهمام محمد الإمام –حفظه الله- ممن استنكر تفجير مساجد أهل السنة، وله خطبة جمعة خاصة في هذا الباب، ودون ذلك في بعض كتبه، كما هو معلوم، بل لعله أعظم من قام بهذا الأمر من علماء أهل السنة في اليمن.
وكونه لم يستنكر علنا تفجير بعض مساجد أهل السنة في الآونة الأخيرة لعجزه عن ذلك، لا لوم عليه في ذلك، فإنكار المنكر مشروط بالقدرة، خاصة وقد أنكر الشيخ الإمام هذه الأشياء قبل هذا الوقت، وهذا كاف في بيان عذره.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين إنكاركم يا معشر البريكيين تفجير مساجد أهل السنة؟! وأين جهودكم في هذا الباب؟! أم أنكم لا تحسنون إلا القيل والقال وتتبع العثرات! كالذباب لا يقع إلا على الجيف! ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
وعلى هذا الإيضاح فاستنكار الشيخ الوالد عبيد الجابري–حفظه الله- حتى على فهم محمد بن غالب استنكار في غير محله لأنه مبني على خبر مكذوب لا أساس له من الصحة.
وليست هذه بأول كذبة للبريكيين ينقلونها إلى الشيخ عبيد –حفظه الله- ويحرشون بسببها بينه وبين علماء السنة في اليمن، بل لها مثيلات وأخوات، ومن ذلك وليس على سبيل الحصر:
1-نقلهم للشيخ عبيد -حفظه الله- أن الشيخ محمد الإمام -حفظه الله- جمع الذين قاتلوا في (كتاف) وقال لهم كذا وكذا، حتى انتقد الشيخ عبيد على الشيخ الإمام هذا الصنيع، وزعم أن هذا الخبر ثابت إليه، مع أنه لم يحصل من هذا شيء، بل هو محض الكذب، الذي اختلقه البريكيون، وقد بين زيف هذا الكذب الشيخ البرعي –حفظه الله- في مقال سابق، ولم يقدر البريكيون أن يثبتوه أو يردوا على كلام الشيخ البرعي حتى الآن، وأتحداهم أن يثبتوا ذلك. (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)
2-في كلام الشيخ عبيد الذي هنا أن الرافضة فجروا مساجد لأهل السنة في (صنعاء) وهذا أيضا من الكذب الذي أوصله البريكيون للشيخ عبيد، فلم يفجر الرافضة مسجدا واحدا للسنة في (صنعاء) فضلا عن عدة مساجد! وأتحدى من يثبت ذلك، مع العلم أن أهل السنة ينكرون تفجير المساجد في أي مكان كان، ولو كانت المساجد فارغة فضلا عن أن تكون مكتظة بالمصلين!
وهذان الخبران المخالفان للواقع يدلان على أن بعض جلساء الشيخ عبيد –حفظه الله- يفتقدون المصداقية والواقعية، كما قاله شيخنا الفاضل الناقد البصير عبد العزيز البرعي –حفظه الله- في مقال سابق، وإلا فليثبتوا الأدلة على صدق كلامهم إن كانوا صادقين.
والقوم لهم كذبات كثيرة غير هاتين الكذبتين، وقد اجتمع لدي من ذلك أكثر من (15) كذبة، مدعمة بما يبين كذبها وزيفها، ولعلي أفردها بمقال خاص إن شاء الله.
وأسأل الله أن يبصر الشيخ الوالد عبيد الجابري –سدده الله- بحقيقة هؤلاء الجلساء الذين ثبت كذبهم، الذين أثاروا الفتنة بينه وبين إخوانه علماء الدعوة السلفية في اليمن.
وحتى توقن بكذب هؤلاء القوم فقد ادعى محمد بن غالب-وفقه الله- في مقاله هذا أمرين لا أساس لهما من الصحة، أحدهما: على شيخه الشيخ عبيد أنه أنكر على الشيخ الإمام عدم استنكاره تفجير مساجد السنة ودور القرآن. كذا زعم محمد بن غالب، مع أنه ليس في كلام الشيخ عبيد ذكر لدور القرآن! بل هي من زيادات محمد بن غالب.
ثانيهما: زعم محمد بن غالب –وفقه الله- أن الشيخ المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله- وسعه عشرات العبارات التي قالها الحجوري ورددها أتباعه ولم يتراجع عنها.
وهذا أيضا من الكذب على الشيخ الفاضل عبد العزيز البرعي، وإن كان محمد بن غالب –وفقه الله- صادقا في هذا فعليه بالبرهان.
الثالثة: على فرض أن الشيخ الإمام لم ينكر تفجير مساجد أهل السنة، فلا يعاب عليه إنكاره حاليا تفجير مساجد الشيعة؛ لأن القيام ببعض الواجب خير من تركه كله، ولما في الإنكار حاليا من المنفعة للدعوة السلفية وإزالة التهمة عنها، وبالله التوفيق.
الوقفة الثالثة: قال محمد بن غالب عن كلام الشيخ عبيد الذي أمر بحذفه: كلام شيخنا في نقد الإمام حق، وهو حفظه الله يرى تبديع الإمام؛ فإن استعمل عبارات تنفيريه فقد استعملها السلف في موطنها فقبلها العلماء.
أقول: وشيخنا البرعي يرى أن عدم تبديع الشيخ الإمام هو الحق كما هو قول سائر علماء أهل السنة، وكما قال الإمام الذهبي: العبرة بعموم أقوال الأئمة لا بمن شذ (الرواة المتكلم فيهم) (ص29-309) فمن حق الشيخ البرعي أن يدافع عن هذا العلم من أعلام السنة، القائم على أكبر معقل وثغرة للدعوة السلفية في اليمن.
هذا بعض ما يتعلق بموضع النزاع بين شيخنا الناقد البصير عبد العزيز البرعي –حفظه الله- وبين الأخ محمد بن غالب –حفظه الله- الذي صمت دهرا ونطق هجرا، وصدق الله إذ يقول: (والله مخرج ما كنتم تكتمون) فضحت نفسك يا محمد –هداك الله- بهذا الكلام وكشفت به عن تعصبك المقيت وتقليدك وحقدك الدفين على علمائك علماء الدعوة السلفية في اليمن، وأحرقت نفسك عند من كان يحسن الظن بك من أهل السنة في اليمن، وبان هزلك في الردود العلمية، وقديما قيل: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب)
وبقية كلام محمد بن غالب –وفقه الله- حشو خارج عن محل النزاع، ومبني على الطريقة الحجورية الحدادية في التعيير بالماضي والتشغيب به على علماء أهل السنة والجماعة، كما اعترف أن هذه طريقة الحجاورة علي الحذيفي في رسالته (التقريرات) ولعلنا ننقض أركان بقية كلام محمد بن غالب ونبين زيفه في حلقة أخرى –إن شاء الله-
وأخيرا: أتعجب من مطالبة عرفات في الوقت الراهن الشيخ المجاهد المصلح الكبير محمد الإمام –حفظه الله- بكذا وكذا!!! سبحان الله! أما تستحي يا عرفات؟! الفتنة في أشد ضراوتها وعنفوان شبابها ثم تستغل وضع الشيخ الحرج وتخاطبه بهذا الخطاب؟! وتخاطبه بقولك: يا مدعي الاضطرار! إلى متى المكابرة والعناد والمخاصمة في الباطل وقد تبين لكم عذر الشيخ الإمام –حفظه الله-كالشمس في رابعة النهار؟!
ألا تتقون الله؟! أين الأخوة الإسلامية؟! أين مراعاة الأحوال؟! أين تطبيق منهج السلف في التراحم والتآزر؟! أين الوقوف إلى جانب أخيك المسلم في حال الضيق والشدة ونزول البلاء؟! لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك. أهذه ثمرة طلبكم للعلم هذه المدة يا دكاترة؟!
لكني أقول لعرفات: يا مدعي الجهاد ألا تستحي على نفسك؟! أين أنت وهاني ومحمد بن غالب وأمثالكم ليس لكم وجود في الميدان، ملأتم الدنيا ضجيجا بالجهاد فلما جاء وقت الجد آثرتم البقاء تحت المكيفات والبيبسي والكبسات! وجعلتم جهادكم في الحقيقة على علماء أهل السنة في اليمن! تجعلون الجهاد فرض عين على أهل اليمن وكأنكم لستم منهم!
خلق الله للحروب رجالا ورجالا لكبسة وزبادي
أم أن حالكم مع علمائكم كما قيل:
أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر
وأتوجه بالشكر لكل من تعاون معي في هذا البحث أو غيره بتنبيه أو مشورة ولو بكلمة واحدة. نسأل الله أن يصرف عنا وعن دعوتنا وعلمائنا ومراكزنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين المحن والمكائد والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع الدعاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه/ أبو عمرو نورالدين السدعي، بتاريخ (11/6/1436هـ)
وقفات مع محمد بن غالب في رده على الشيخ البرعي
(الحلقة الأولى)
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
أما بعد:
فقد قام بعض الناس بتفجير نفسه وسط المصلين في إحدى المساجد التابعة للشيعة في صنعاء، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، وقد حاول بعض المغرضين إلصاق هذه التهمة بأهل السنة التي هم منها في غاية البراءة، فأخرج شيخنا بطل السنة المقدام وأسد المنابر الضرغام محمد الإمام –حفظه الله- كلاما ينكر فيه هذا المنكر، ويبرئ الدعوة السلفية من هذا الفعل الشنيع.
ثم صدر من الشيخ الوالد عبيد الجابري –حفظه الله- كلام اعترض به على الإنكار الصادر من الشيخ الإمام -حفظه الله-
وقد أثار اعتراض الشيخ عبيد إشكالا وجدلا عند كثير من طلبة العلم وعوام أهل السنة، حيث فهم البعض من اعتراض الشيخ عبيد على الشيخ الإمام أنه يجيز مثل هذه الأعمال الإجرامية إذا كانت في حق الرافضة.
فأصدر شيخنا المبارك الناقد البصير عبد العزيز البرعي -حفظه الله- خطابا للشيخ الوالد عبيد حفظه الله، أنكر فيه أمرين، أحدهما: ألفاظ الجرح الصادرة من الشيخ عبيد الجابري في الشيخ الإمام -وفقهما الله-
وأن هذه الألفاظ من طريقة الحجوري التي أنكرها عليه العلماء، بما فيهم الشيخ عبيد نفسه.
وأن أمر الشيخ عبيد بحذف هذه الألفاظ لا يكفي؛ وما ذاك إلا لأن الأمر بالحذف ليس دليلا على التوبة والتراجع، بل قد يكون لئلا تستغل أو نحو ذلك.
ثانيهما: أن طريقة انتقاد الشيخ عبيد على الشيخ الإمام حفظهما الله إنكاره تفجير مساجد الرافضة، توهم جواز مثل هذا الفعل في مساجد الرافضة، فالمطلوب من الشيخ عبيد دفع الشبهة وإزالة اللبس الحاصل في كلامه.
فثارت ثائرة البريكيين وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على الشيخ الجليل المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله-
ولم يكتفوا بذلك حتى تجاوزوا ذلك إلى السب والشتم والسفاهة والتعيير بالماضي عادة إخوانهم الحجاورة حذو القذة بالقذة مثلا بمثل سواء بسواء؟!
ومن تلك العبارات قول هاني عن الشيخ المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله-: (السفيه! المخذول! صاحب حيل ومكر ولؤم شديد! مفلس من علم الفتوى!) إلخ قاموس السباب والشتائم.
سبحان الله! وكأن الذي نطق بهذا السفه هو الحجوري وليس هاني! فالحجوري هو الذي وصف الشيخ البرعي –حفظه الله- بالمكر! وأنه ليس أهلا للفتوى!
والشيء من معدنه لا يستغرب؛ فالشبه بين الحجاورة والبريكيين قوي جدا وكأنهم شيء واحد وجزء لا يتجزأ! كما بينت ذلك بالحجج والبراهين الدامغة بفضل الله- في منشوري ”أوجه التشابه بين الحجاورة والبريكيين“
ولست مجاريا لهاني بن بريك وأمثاله من ذوي الطيش والسفه، فأحسن رد على هذا الصنف هو ما ذكره الله في كتابه الكريم بقوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
وقد كان شيخنا الإمام الوادعي يحفظنا في آخر حياته هذين البيتين:
يشتمني عبد بني مسمع ### فصنت عنه النفس والعرض
ولم أجبه لاحتقاري له ### من ذا يعض الكلب إن عض
خاصة وقضية هاني بن بريك وشلته مفروغ منها عند أهل السنة في اليمن، فقد حذر منه علماء ومرجعية الدعوة السلفية في اليمن بالإجماع، لكني سأقف –بإذن الله- عدة وقفات مع الأخ الدكتور محمد بن غالب –وفقه الله- حيث إن رده ليس كرد هاني وأمثاله من أهل الطيش، وإن كان لم يسلم من ذلك، ولي معه عدة وقفات.
الوقفة الأولى: زعم الأخ محمد بن غالب أن كلام الشيخ عبيد واضح جلي في إنكاره على الشيخ الإمام عدم إنكاره حين فجرت مساجد أهل السنة ودور القرآن، بينما نشط في الإنكار على تفجير مساجد الرافضة.
ولي مع كلام محمد بن غالب هذا ثلاث وقفات.
الأولى: عدم التسليم، وهاك كلام الشيخ عبيد بنصه، قال –حفظه الله-: يستنكر تفجير المساجد -مساجد الرافضة- ويصيح ويصرخ بهذا ويرفع بهذا عقيرته، سبحان الله! أينك يا حيوان! يا ثور! يا حمار البدع! أينك حينما فجرت مساجد أهل السنة في صنعاء؟! أظن أن هذا يا مسكين امتدادا لقولك الذي سمعناه قبل نحو شهرين من العيب على أهل جهاد الحوثة وأنهم يقتلون المسلمين، فمفهوم كلمتك بل إشارة التي تغني عن عبارة تدل على أنك تعتقد أنهم مسلمون يا مسكين! اهـ
فالشيخ عبيد –حفظه الله -جعل من لازم تشنيع الشيخ الإمام –حفظه الله- على من فجر مساجد الرافضة أن الشيخ الإمام يحكم بإسلامهم، وليس هذا بلازم فأهل السنة ينكرون التفجير حتى ولو كان في وسط الكفار، لكن مفهوم كلام الشيخ الوالد عبيد –حفظه الله- هذا أنه يلزم من تكفيرهم عدم الإنكار على من فجر مساجدهم، وأبادهم بالأحزمة الناسفة وما شابه ذلك. وإلا فما علاقة إلزام من ينكر تفجير مساجد الرافضة بالحكم بإسلامهم؟! وأهل السنة ينكرون هذه الأعمال الهوجائية حتى في حق الكفار؟!!!
وهذا المفهوم من كلام الشيخ عبيد –حفظه الله- واضح جدا للعيان لا يخفى على منصف، وهو الذي أثار جدلا في أوساط طلاب العلم، وهو الذي ذكره الشيخ البرعي حفظه الله، وطلب من الشيخ عبيد إزالته وتوضيحه حتى لا يدخل في الدعوة السلفية ما ليس منها.
فعلى هذا فالشيخ البرعي –حفظه الله- ومن معه من العلماء كالشيخين الفاضلين السالمي والعميري لم يلزموا الشيخ عبيدا –حفظه المولى- بما ليس بلازم لقوله ولم يقولوه ما لم يقل، بل ألزموه بما هو لازم له بل بما يكاد أن يكون صريح قوله.
ومما زاد الأمر لبسا أن الشيخ عبيدا اكتفى بالإنكار على الشيخ الإمام ولم يعرج ولا بكلمة واحدة لبيان موقف أهل السنة من هذه التفجيرات!
ومن حصل في كلامه إجمال وإشكال وبالأخص من العلماء فعليه الإيضاح والبيان، حتى لا يفتن به من لا يحسن فهمه، أو يدخل في الدعوة ما ليس منها، فحفظ الدعوة مقدم على حفظ مكانة الأشخاص.
وموقف الشيخ الأسد الغيور محمد الإمام –حفظه الله- الذي صدع به بأعلى صوته هو موقف الوالد العلامة ربيع –حفظه الله- حيث تكلم على الحسينيات ثم قال: ولا أطلب منك الأمر بتدميرها وتحريقها، وإنما المطلوب شرعا أن تطهر هذه الحسينيات من الشرك والبدع والطعن في أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- لتصبح مساجد لله، إما بواسطة سلطان قوي يحكم بشريعة الإسلام، أو بواسطة علماء فحول مخلصين ينقذ الله بهم الروافض من هذا الضلال البعيد. (من هم الإرهابيون) (ص19)
الثانية: على التسليم بفهم الأخ محمد بن غالب أن الشيخ عبيدا –سدده الله- إنما أنكر على الشيخ الإمام –سدده الله- استنكاره تفجير مساجد الرافضة دون استنكاره تفجير مساجد أهل السنة. فهذا غير صحيح، بل هو من الكذب الذي أوصله البريكيون إلى الشيخ عبيد الجابري، فأسد السنة الهمام محمد الإمام –حفظه الله- ممن استنكر تفجير مساجد أهل السنة، وله خطبة جمعة خاصة في هذا الباب، ودون ذلك في بعض كتبه، كما هو معلوم، بل لعله أعظم من قام بهذا الأمر من علماء أهل السنة في اليمن.
وكونه لم يستنكر علنا تفجير بعض مساجد أهل السنة في الآونة الأخيرة لعجزه عن ذلك، لا لوم عليه في ذلك، فإنكار المنكر مشروط بالقدرة، خاصة وقد أنكر الشيخ الإمام هذه الأشياء قبل هذا الوقت، وهذا كاف في بيان عذره.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين إنكاركم يا معشر البريكيين تفجير مساجد أهل السنة؟! وأين جهودكم في هذا الباب؟! أم أنكم لا تحسنون إلا القيل والقال وتتبع العثرات! كالذباب لا يقع إلا على الجيف! ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
وعلى هذا الإيضاح فاستنكار الشيخ الوالد عبيد الجابري–حفظه الله- حتى على فهم محمد بن غالب استنكار في غير محله لأنه مبني على خبر مكذوب لا أساس له من الصحة.
وليست هذه بأول كذبة للبريكيين ينقلونها إلى الشيخ عبيد –حفظه الله- ويحرشون بسببها بينه وبين علماء السنة في اليمن، بل لها مثيلات وأخوات، ومن ذلك وليس على سبيل الحصر:
1-نقلهم للشيخ عبيد -حفظه الله- أن الشيخ محمد الإمام -حفظه الله- جمع الذين قاتلوا في (كتاف) وقال لهم كذا وكذا، حتى انتقد الشيخ عبيد على الشيخ الإمام هذا الصنيع، وزعم أن هذا الخبر ثابت إليه، مع أنه لم يحصل من هذا شيء، بل هو محض الكذب، الذي اختلقه البريكيون، وقد بين زيف هذا الكذب الشيخ البرعي –حفظه الله- في مقال سابق، ولم يقدر البريكيون أن يثبتوه أو يردوا على كلام الشيخ البرعي حتى الآن، وأتحداهم أن يثبتوا ذلك. (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)
2-في كلام الشيخ عبيد الذي هنا أن الرافضة فجروا مساجد لأهل السنة في (صنعاء) وهذا أيضا من الكذب الذي أوصله البريكيون للشيخ عبيد، فلم يفجر الرافضة مسجدا واحدا للسنة في (صنعاء) فضلا عن عدة مساجد! وأتحدى من يثبت ذلك، مع العلم أن أهل السنة ينكرون تفجير المساجد في أي مكان كان، ولو كانت المساجد فارغة فضلا عن أن تكون مكتظة بالمصلين!
وهذان الخبران المخالفان للواقع يدلان على أن بعض جلساء الشيخ عبيد –حفظه الله- يفتقدون المصداقية والواقعية، كما قاله شيخنا الفاضل الناقد البصير عبد العزيز البرعي –حفظه الله- في مقال سابق، وإلا فليثبتوا الأدلة على صدق كلامهم إن كانوا صادقين.
والقوم لهم كذبات كثيرة غير هاتين الكذبتين، وقد اجتمع لدي من ذلك أكثر من (15) كذبة، مدعمة بما يبين كذبها وزيفها، ولعلي أفردها بمقال خاص إن شاء الله.
وأسأل الله أن يبصر الشيخ الوالد عبيد الجابري –سدده الله- بحقيقة هؤلاء الجلساء الذين ثبت كذبهم، الذين أثاروا الفتنة بينه وبين إخوانه علماء الدعوة السلفية في اليمن.
وحتى توقن بكذب هؤلاء القوم فقد ادعى محمد بن غالب-وفقه الله- في مقاله هذا أمرين لا أساس لهما من الصحة، أحدهما: على شيخه الشيخ عبيد أنه أنكر على الشيخ الإمام عدم استنكاره تفجير مساجد السنة ودور القرآن. كذا زعم محمد بن غالب، مع أنه ليس في كلام الشيخ عبيد ذكر لدور القرآن! بل هي من زيادات محمد بن غالب.
ثانيهما: زعم محمد بن غالب –وفقه الله- أن الشيخ المبارك عبد العزيز البرعي –حفظه الله- وسعه عشرات العبارات التي قالها الحجوري ورددها أتباعه ولم يتراجع عنها.
وهذا أيضا من الكذب على الشيخ الفاضل عبد العزيز البرعي، وإن كان محمد بن غالب –وفقه الله- صادقا في هذا فعليه بالبرهان.
الثالثة: على فرض أن الشيخ الإمام لم ينكر تفجير مساجد أهل السنة، فلا يعاب عليه إنكاره حاليا تفجير مساجد الشيعة؛ لأن القيام ببعض الواجب خير من تركه كله، ولما في الإنكار حاليا من المنفعة للدعوة السلفية وإزالة التهمة عنها، وبالله التوفيق.
الوقفة الثالثة: قال محمد بن غالب عن كلام الشيخ عبيد الذي أمر بحذفه: كلام شيخنا في نقد الإمام حق، وهو حفظه الله يرى تبديع الإمام؛ فإن استعمل عبارات تنفيريه فقد استعملها السلف في موطنها فقبلها العلماء.
أقول: وشيخنا البرعي يرى أن عدم تبديع الشيخ الإمام هو الحق كما هو قول سائر علماء أهل السنة، وكما قال الإمام الذهبي: العبرة بعموم أقوال الأئمة لا بمن شذ (الرواة المتكلم فيهم) (ص29-309) فمن حق الشيخ البرعي أن يدافع عن هذا العلم من أعلام السنة، القائم على أكبر معقل وثغرة للدعوة السلفية في اليمن.
هذا بعض ما يتعلق بموضع النزاع بين شيخنا الناقد البصير عبد العزيز البرعي –حفظه الله- وبين الأخ محمد بن غالب –حفظه الله- الذي صمت دهرا ونطق هجرا، وصدق الله إذ يقول: (والله مخرج ما كنتم تكتمون) فضحت نفسك يا محمد –هداك الله- بهذا الكلام وكشفت به عن تعصبك المقيت وتقليدك وحقدك الدفين على علمائك علماء الدعوة السلفية في اليمن، وأحرقت نفسك عند من كان يحسن الظن بك من أهل السنة في اليمن، وبان هزلك في الردود العلمية، وقديما قيل: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب)
وبقية كلام محمد بن غالب –وفقه الله- حشو خارج عن محل النزاع، ومبني على الطريقة الحجورية الحدادية في التعيير بالماضي والتشغيب به على علماء أهل السنة والجماعة، كما اعترف أن هذه طريقة الحجاورة علي الحذيفي في رسالته (التقريرات) ولعلنا ننقض أركان بقية كلام محمد بن غالب ونبين زيفه في حلقة أخرى –إن شاء الله-
وأخيرا: أتعجب من مطالبة عرفات في الوقت الراهن الشيخ المجاهد المصلح الكبير محمد الإمام –حفظه الله- بكذا وكذا!!! سبحان الله! أما تستحي يا عرفات؟! الفتنة في أشد ضراوتها وعنفوان شبابها ثم تستغل وضع الشيخ الحرج وتخاطبه بهذا الخطاب؟! وتخاطبه بقولك: يا مدعي الاضطرار! إلى متى المكابرة والعناد والمخاصمة في الباطل وقد تبين لكم عذر الشيخ الإمام –حفظه الله-كالشمس في رابعة النهار؟!
ألا تتقون الله؟! أين الأخوة الإسلامية؟! أين مراعاة الأحوال؟! أين تطبيق منهج السلف في التراحم والتآزر؟! أين الوقوف إلى جانب أخيك المسلم في حال الضيق والشدة ونزول البلاء؟! لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك. أهذه ثمرة طلبكم للعلم هذه المدة يا دكاترة؟!
لكني أقول لعرفات: يا مدعي الجهاد ألا تستحي على نفسك؟! أين أنت وهاني ومحمد بن غالب وأمثالكم ليس لكم وجود في الميدان، ملأتم الدنيا ضجيجا بالجهاد فلما جاء وقت الجد آثرتم البقاء تحت المكيفات والبيبسي والكبسات! وجعلتم جهادكم في الحقيقة على علماء أهل السنة في اليمن! تجعلون الجهاد فرض عين على أهل اليمن وكأنكم لستم منهم!
خلق الله للحروب رجالا ورجالا لكبسة وزبادي
أم أن حالكم مع علمائكم كما قيل:
أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر
وأتوجه بالشكر لكل من تعاون معي في هذا البحث أو غيره بتنبيه أو مشورة ولو بكلمة واحدة. نسأل الله أن يصرف عنا وعن دعوتنا وعلمائنا ومراكزنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين المحن والمكائد والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع الدعاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه/ أبو عمرو نورالدين السدعي، بتاريخ (11/6/1436هـ)