نصرة المظلوم و كشف اللبس عن قضية الغرباء في الفيوش

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أبو محمد اليافعي
مشاركات: 7
اشترك في: ربيع الأول 1436

نصرة المظلوم و كشف اللبس عن قضية الغرباء في الفيوش

مشاركة بواسطة أبو محمد اليافعي »




تزكية من الشيخ عبدالرحمن العدني - حفظه الله -
لمقالين كُتبا في نصر الحق واهله و ردع الباطل وحزبه اتوحدهما مقال الاخ محمد قريش
قراءة المقال مباشرة بدون تحميل
((نصرة المظلوم و كشف اللبس عن قضية الغرباء في الفيوش.))
كتبه الفقير الى رحمة الله وعفوه / ابو سعد محمد قريش بن طيب الأوغندي .
https://ia601504.us.archive.org/27/item ... lmdlom.pdf


ناصر الذبحاني
مشاركات: 23
اشترك في: صفر 1436

رد: نصرة المظلوم و كشف اللبس عن قضية الغرباء في الفيوش

مشاركة بواسطة ناصر الذبحاني »

= صوت الغريب =
نُصْرَةُ المَظْلُوْمِ
وََكشْفُ اللّبْسِ عَن ْقَضِيّةِ الغُرَبَاءِ في ِ
الفيُوْشِ


كتبه الغريب الفقير إلى رحمة الله وعفوه:
أبو سعد محمّد قريش بن طيّب الأوغندي

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن وسيّئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل, فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على هُداهم إلى يوم الدين, أما بعد:

لقد تواترت النصوص في الكتاب والسنة - يعلمها العامة فضلا عن الخاصة - يأمرنا فيها ربنا بالعدل والإنصاف وينهى عن الظلم والاعتداء والبغي والتجاوز وكل ما في معناها - حتى في التعامل مع الكفرة, وأمرنا بالأخذ على يد الظالم وإلا عمّت العقوبة, وأخبرنا أنه يحب المقسطين وأنه لا يحب الظالمين فقال تعالى: ((وإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إنِّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِيْنَ)) المائدة 42, وقال تعالى: ((وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُ الظَّالِمِيْنَ)) الشورى 40, وقال تعالى: ((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغِي يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُون)) النحل 90, وقال تعالى: ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيْبَنَّ الّذِيْن ظَلَمُوا مِنْكُم خَاصّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب)) الأنفال 25

فعلى المسلم أن يجاهد نفسه في البعد عن الظلم, وأن يجاهد نفسه في الإقبال على العدل لأن عاقبة الظلم أيها الأفاضل وخيمة وعاقبة العدل حميدة. هذه سنة الله ((فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ سُنَّةَ الأَوَّلِيْن فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيْلا)) فاطر 43 – نسأل الله العفو والستر والتجاوز.



لماذا هذه الكتابة؟

لا يخفى على كثير ممّن يتابع أحوال المراكز في اليمن مِن أهل اليمن ومَن هو خارجها من البلاد العربية والأعجمية ما جرى في مركز الفيوش لشيخنا عبد الرحمن بن مرعي حفظه الله من ترحيل الغرباء منه وما نتج من هذه القضية من التنازع والتفرّق والتدابر, وما أُشيع في الآفاق أن الشيخ عبد الرحمن قد ظلم طلابَه الغرباء وطردهم من مركزه وتعامل عليهم مع الجهات الأمنية, وتحامل عليهم وتصرّف في سجنهم وإذاقتهم الويلات! لا لشيء إلا لمحبتهم للعلماء الأكابر والأخذ بفتواهم – والله المستعان.
فالذي حملني على هذه الكتابة أمورٌ, أعظمها:

أنا امرؤ عجمي, وغريب من الغرباء, وقد ابتلاني ربي بمشاهدة ما جرى, ورأيتُ أكثرها رأي العين. وقد عُرف واشتهر – وهو حق – أنّ أكثرَ الغرباء وقفوا بشدّة ضد شيخهم وهم في ذلك – والله – ظالمون, ومن لم يكن منهم ظالما قصدا, فهو مبتلى بسوء الفهم وضعف الرأي والبصيرة - نسأل الله السلامة والعافية, وأخفهم من تأوّل تأويلا خاطئا ومن أصابه شؤم الجليس السوء. فأهمّني أن يكون هناك صوت الغريب, ينصف شيخَنا ومن معه من القائمين على المركز, ويبين حقيقة ما جرى, وينقض بعضَ الافتراءات, ويصحح بعض المفاهيم الخاطئة لئلا يغتر الناسُ بما يشاع من الأكاذيب, ولئلا يعم اللهُ جميع الغرباء بعقوبته بما ظلموا شيخهم وقابلوا إحسانه إليهم بالإساءة العظيمة, ولم يقم أحدٌ منهم بردّ الباطل وإظهارِ الحق, فكانوا بين ظالمٍ وساكت سكوتاً يتوهم منه الإقرار والرضا, ولئلا يبقى عارّ على الغرباء في المراكز, وتتشوّه صورتهم فيها, وليس للغرباءِ غنى عن مراكز اليمن, وليُعلم أن الغرباء ليسوا مجمعين على هذا الظلم المؤسف والفهم السقيم والغلو المذموم والجرأة والطيش لكنهم "معادن" كغيرهم - والله المستعان.

وأعتقد أنه ((مَا يَفْتَحِ اللهُ للنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِك فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمُ)) فاطر 2, فإذا كان الأمر كذلك, فلا أقصد بهذه الكتابة – والله - تزلّفا ولا أدنى تقرّب إلى شيخنا, فإنه عبد فقير إلى ربه لا يملك لي نفعا ولا ضرّا, لكنه أمرٌ أدين به ربّي وأُسأل عنه يوم يقوم الأشهاد. بل أعتقد أنه من وقف مع المحق عن سوء قصد أو عن تعصب أشر ممن يقف مع المبطل تأوّلا! ولا أقصد بها أيضا إقناع من لا يمكن إقناعه لكن ((مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُم وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) الأعراف 164, فلن أنشغل بالجواب على المفترين. كما أنه لم أغفل عن عاقبتها, أني سأصير عرضة للإساءة, كيف أسلم ولم يسلم منها من هو خير مني بكثير كثير؟! لكن ما أجد من القلق والألم بعدم نصرة المظلوم مع القدرة أشدّ من الصبر على الأذى في سبيل الحق. والنبي  هو القائل: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ» قَالَ: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: «قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا» وفي لفظ: "ودِدْت أنّي لمْ أسمعْه". (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن أبي سعيد الخدري, وصححه الألباني في الصحيحة والوادعي في الصحيح المسند). فحسبي الله ونعم الوكيل.

تنبيه
وأنبّه أن كتابتي هذه تخصّ قضية الغرباء في الفيوش وأخصهم بالخطاب أكثر, ولا أتعرّض فيها على ما تنازع فيه العلماء – حفظهم الله – من قضية الجهاد والوثيقة لعلو هذه المسألة عنّي - إلا في حال لا تتضح المسألة إلا بذكر شيء منها. فأسأل الله التوفيق والسداد والإعانة وحسبي الله ونعم الوكيل, وأفوّض أمري إلى الله. فأقول:







فصل
كيف بدأتْ الفتنة؟


قبل مبدأ قضية ترحيل الغرباء من الفيوش, ألقى الله - لحكمة أرادها - في صفوف أهل السنة في اليمن وخارجها قضية الوثيقة التي وقّع عليها الشيخ محمد الإمام وكان فيها ما يعلمه الجميع من الأمور التي تقشعّر منها الجلود وينفر عنها قلب كل مسلم فضلا عن طالب علم وفضلا عن العالم الربّاني. فقام علماءُ المملكة, وعلى رأسهم الشيخان الفاضلان: عبيد الجابري وربيع المدخلي – نظرا إلى شدة شناعتها - بإنكارها والرد على من وقّع عليها وألزموه بأمور منها: سرعةُ الرجوع وإعلانُ براءته منها. وهم في ذلك - فيما نحسبهم والله أعلم بهم - ناصحون للأمة ومدافعون عن السنة. ثم حكم الشيخُ عبيد على الشيخ محمد الإمام بالبدعة إذ لم يحصل منه ما ألزموه به. فنازع علماءُ اليمن وبعض علماء المملكة هذا الحكم, وأعذروه بالاضطرار وأن المفسدة في المبادرة إلى نقضِها عظيمة ومتحقّقة. فكان عند كلا الطائفتين وجه من الاعتبار, و((إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيْهِ يَخْتَلِفُونَ)) يونس 93, وكلهم عندنا علماء أمناء ناصحون وربهم أعلم بهم. فخرج بذلك جماعةُ من الغرباء من مركز معبر معظمهم من المغاربة: من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وبعضهم من فرنسا طلبا لسلامة دينهم - كما قالوا – ونزلوا إلينا في الفيوش.

ثم أفتى الشيخان ربيع بن هادي المدخلي وعبيد بن سليمان الجابري وغيرهم حفظهم الله بقتال الحوثة, ولم يوافقهم علماء اليمن أيضًا, وبعض علماء المملكة, فحصل نزاع أكبر بينهم, فسلك الناس فيه مسالك أسلمها عندنا, اعتقاد الفضل والأمانة والنصح في الجميع ودعاء من أحاط بكل شيء علما الذي بيده عاقبة الأمور أن يشرح قلب المخطئ لرأي المصيب. وليس في هذا أدنى إنكار تفاوت منازلهم في العلم والسبق والتجربة كما يتوهم بذلك من ضعفت بصيرته وجهل أو تجاهل أن الشيطان قد ينزغ بين أهل الفضل. فكان عدم موافقة علماء اليمن للشيخين أعظم منطلق لكل مبتلى بسوء القصد وسوء الفهم, واستغلّوه واتخذوه مبرّرا للوقيعة في دين مشايخ اليمن وفي أعراضهم وفي علمهم واتهموهم بأمور يخاف كثيرٌ من المبتدعة أن يتهموهم بها لمعرفتهم أنهم لو فعلوا لشهدوا على أنفسهم بالكذب.


أوّل ظاهرة سيّئة

وقبل ذلك بقليل, خرج شيخنا عبد الرحمن في إحدى رحلاته الدعوية فجعل من ينوبه في درس المغرب هو الأخ الفاضل الخضر البيضاني حفظه الله وهو من طلبة الشيخ مقبل رحمه الله, معروف بالعلم واستقامة الدين - وربه أعلم به. فظهر أول ظاهرة سيّئة من الإخوة المغاربة الذين قد قويتْ شوكتُهم بنزول عددٍ كبير من معبر؛ كانوا إذا بدأ الأخ درسه, يتجمّعون خلف الحلقة على مرأى الناس ثم ينصرفون رغبة عن درسه بزعم أنه لا يحسن "المنهج" وأنهم لا يأخذون عن كل ناعق وزاعق!!

فلما رأيتُ ذلك وأنكرته في نفسي, أتيتُ الأخ عبد الرحمن الجزائري الفرنسي - وكنت أعتبره مسؤولا على الغرباء, وكان يقوم بشئوننا على وجه يُحمد عليه – فأخبرته بما رأيت وسألته المبادرة إلى إيقاف هذه الظاهرة السيّئة, وقلت له: إني أخشى أن يأتي منها ما لا يحمد عقباها. ففاجأني بمدافعته عنهم وقال لي: الأخ البيضاني هو الذي أساء بتخصيص الغرباء دون غيرهم بالنصح بعدم ضياع الوقت والانشغال بالردود, وأن الإخوة في المراكز قد تحاملوا على الغرباء لموافقتهم للعلماء الأكابر في الشيخ محمد الإمام. فقلت له: لكن الأخ جاء اليوم الذي بعده وبين أنه ما خصّ الغرباء بالذكر إلا محبة لهم للخير ولبعد مسافة ديارهم عن هذه المراكز فينبغي المحافظة على أوقاتهم, وأنه أيضا لا ينكر القراءة في كتب الردود ولكن المبالغة في ذلك, وقد ذكر أقوال العلماء في ذلك. فقال لي الأخ عبد الرحمن: أنا الذي ذهبت إليه وأنكرت عليه فجاء بهذا البيان أمس. فانصرفت عنه ولم أجد منه إنكارا عليهم إلا في تجمّعهم قبل الانصراف, فعرفت أن لهم أنصارا من الإخوة المحترَمين وعرفتُ أن الشر سيقع لا محالة, وقد وقع والله المستعان.


هاني بن بريك

ثم نزل هاني بن بريك من السعودية إلى عدن, وكان قد أشهرته جرأتُه وسوء أدبه مع علماء اليمن! فجاء يحمل فتاوى الشيخين في قتال الحوثة, ودعا إلى تنفيذها والإعراض عن "المخذّلين", ولا تلازم يا أخانا هاني بين مخالفة رأي طائفة من العلماء وإهانتهم. فكان أعظم من تحمّس به تحمّسا طائشا من المركز – عجبا - هم الغرباء, وعلى رأسهم بعض المغاربة الذين ظنّوا أنفسهم أسعد الناس بالعلماء الأكابر وأنهم أغير الناس على المنهج السلفي وهم في الحقيقة من أبعد الناس فهما له كما سترى فيما يأتي.

فتتابع خروجُهم من المركز إلى محاضرات هاني بعلم الشيخ دون إذنه لهم, مع أنّ أكثرَهم طلاب في سكن الطلاب العزّاب, وهم تحت مسؤوليته في جميع شؤونهم, ومن أجله جاؤوا, وهم يعلمون أنّ شيخَهم يحمل رأيا آخر في المسألة, وأن هاني لا يذكر شيخَهم الذي هم في مركزه ينتسبون ويسكنون ويأكلون إلا بسوء!! وأذكر مرة أن الشيخ عبد الرحمن كانت له محاضرة في لحج وجاء القوم في نفس اليوم – يوم الجمعة - بأربع باصات أو خمسة, فوقفت أمام المسجد بعد العصر وبدأت تحمل الطلبة إلى محاضرة هاني في نفس وقت المغادرة إلى محاضرة الشيخ! فتتابع الأيام والأمر كذلك, والشيخ صابر ساكت لم يعترض عليهم بشيء.


مَنعُهم من الخروج

فلما كانت ليلة الجمعة بعد صلاة العشاء, أُعلن بعدم السماح بخروج الغرباء من المركز إلا بإذن, وكان هذا معروف قبل الفوضى: أنه لا يُسمح للطلاب خصوصا الغرباء بالخروج من المركز إلا بإذن. فلما كان الغد, صباح الجمعة بعد صلاة الفجر مباشرة, أكّد الشيخ ما أُعلن البارحة فضجّ القوم ضد ما أُعلن وعقدوا حِلقا!! وكأن المركز ليس له مسؤول يأمر وينهى ويأذن ويمنع! فانصرفتُ إلى بيتي والحال كذلك.

فصلينا الجمعة ولا ندري ماذا سيعملون, ثم جئت إلى صلاة العصر فوجدتُ أربع باصات واقفة أمام المسجد!! والناس في الصلاة, والحرّاس يكلّمون من جاء بها وهو جمال الدّين اليماني – وما أدراك ما جمال الدين!! فانصرف جمالُ الدين - هداه الله - في سيّارته وتبعته الباصات. ثم دخلتُ المسجد ظنّا أن المشكلة قد انتهت. فلما انصرف الناس من الصلاة, خرج الإخوة المتمرّدون من المغاربة وجماعة من الإندونيسيين, وكان لهم موعد مع تلك الباصات. فبقينا في المسجد نستمع إلى كلمة أحد الإخوة وأنا أظن أنهم لن يجدوا باصا لأني رأيتها تنصرف – وكنتُ غلطان: فإنهم لما خرجوا وأُخبروا أن الباصات قد أُمرت بالانصراف, مشوا بطرا وبكل شراسة وجراءة, ولعلهم أُخبروا أنها واقفة في مكان قريب تنتظرهم.

فلما خرجنا وجدنا الناس متجمّعين خارج المسجد, مستغربين من تصرفات الإخوة ومن سوء أدبهم مع شيخهم ومعلّمهم الذي عُرف بالإحسان إليهم والعناية بمصلحتهم والصبر على تعليمهم. فرأيت سيّارة فيها شيخنا والحرّاس تسرع إلى إدراك الباصات, فأدركوا بعض الباصات قد تحرّكت وباصا لم يتحرك, فحاولوا في إيقاف التي تحركت فلم يقدروا على ذلك, وبيْن المركز وعدن نقطة عسكرية كبيرة, والشيخ وطلاب مركزه لهم التقدير والاحترام عندها, والقائمون على هذه النقطة هم الذين رفعوا الشكوى إلى الشيخ في تتابع خروج الغرباء في عدد كبير على وجه غير معتاد وفي الأوضاع المضطربة في البلد مع كونهم غرباء, فأدى ذلك إلى إيقافهم عن الخروج إلا بإذن ولم يعبئوا به!!

فلمّا جاؤوا إلى تلك النقطة أُمروا بالرجوع فأبوا وأصرّوا على الذهاب!! فرجعوا قليلا ثم خرجوا من الباصات فدخلوا فى سيارات أخرى فجازها أكثرهم حتى وصلوا إلى عدن وحُبس منهم اثنان أو ثلاثة!! ثم حصل أمور يطول ذكرها ونقتصر على الأهم وهو: أن الحكومة اتخذت بسبب تصرفات الإخوة الطائشة قرارا بترحيل الغرباء من الفيوش, وهذا القرار – كما قال شيخنا - كان موجودا عند الحكومة قبل أربعة أشهر لكنهم أسرعوا إلى تنفيذه لما هُيّئت لهم هذه الفرصة.

ترحيل الغرباء

فأَعلن الشيخ هذا القرار بعد صلاة الظهر يوم السبت, وقد امتلأ حزنا من سرعة تحوّل العافية, وبما خرب الإخوة دارهم بأيديهم فشتتوا المركز الذي كان قد امتلأ هدوءا وسكينة, فأَخبر أنّ محافظ محافظة لحج التي فيها المركز هو الذي أمره بإعلان هذا القرار وأخبره أن الأوامر جاءت من فوق, من وزير الدفاع ووزير الداخلية, وأَخبر الشيخُ أن "تصرفات بعض الغرباء العوجاء وارتباطهم بمن يدعوا إلى الجهاد له دور كبير في اتخاذ هذا القرار" ثم ختم بتثبيت من ابتلي بهذه المصيبة أن الله لن يضيّعه مادام صادقا معه, وحث على الاهتمام بالدعوة والاستمرار في طلب العلم.

فكانت صدمة عظيمة في قلوبنا وامتلأنا حزنا وقلقا وألما, وحق فينا قول ربنا: ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيْبَنَّ الذِّيْن ظَلَمُوا مِنْكُم خَاصّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب)) الأنفال 25, فبكى مَن بكى مِن الغرباء ومن أهل اليمن الذين وصفهم النبي  أنهم ألين قلوبا وأرق أفئدة, فجعلوا يسلّوننا ويصبّروننا – جزاهم الله خيرا. وجاء الأخ الفاضل مجدي العسكري بعد درس المغرب, وهو ممن رزقه الله علم القراءات, فقرأ لنا شيئا من سورة البقرة, حتى إذا بلغ قوله تعالى: ((وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ, الّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) البقرة 155-156, بكى وأبكانا. أسأل الله أن لا يعذبنا يوم نلقاه.







اتهام الشيخ بالكذب

فبينما نحن على هذا الحال المظلم لا ندري ماذا نفعل, إذ جاء بعضُ الإخوة المحترَمين في المركز - بعد صلاة الظهر في اليوم الثاني – بخبر: أنهم قد ذهبوا إلى المحافظ وأنّ المحافظ يتبرّأ مما قاله الشيخ!! وأنه لم يأمره بشيء غير تجميع صور جوازات الغرباء! فطار المتمردون – من المغاربة وجماعة من الإندونيسيين - فرحا وبدأوا مباشرة يسمُّون الشيخ – عياذا بالله – كذّابا! وقال لي أحدهم: سيُفضح اليوم هذا الكذّاب. وهؤلاء الإخوة المحترمون في المركز هم قيادات القوم, وهم الذين يشجّعونهم في تصرّفاتهم الطائشة, وهم الذين يجرّئونهم على الشيخ حتى قبل إعلان القرار. وكانوا من كبار الأساتذة وكلّهم من أهل اليمن إلا واحدا.

فزعموا أنهم يسعون في نصرة الغرباء على ظلم الشيخ الذي يريد إخراجهم من المركز لموافقتهم لأكابر أهل العلم والذي افترى وكذب على المحافظ وعلى الوزراء أنهم أَمروا بخروج الغرباء ولم يأمروا بشيء. وتكلّفوا في تأويل قول الشيخ: إنّ "تصرفات الغرباء العوجاء وارتباطهم بمن يدعوا إلى الجهاد كان له دور كبير في اتخاذ هذا القرار" أنه قصد في هذه العبارة ربط الغرباء بجماعة القاعدة المفسدة في الأرض, ولا يخفى على المنصف ما في هذا من الزور والجور والزيف وتحريف الكلمة عن موضعها: فإن السياق – سبحان الله! - لا يقبل هذا التحريف والتبهرج, فإنه ما في أذهان المخاطَبين وقت التكلم إلا هاني بن بريك, لأنّ الغرباء لم يكونوا مرتبطين إلا به, وهو في عدن يدعو إلى الجهاد, فهل من الصدق والأمانة أن يُقال إنّ الشيخ قصد جماعة القاعدة؟!!

فتستّروا تحت نصرة الغرباء لنصرة أهدافهم والانتصار على الشيخ لأمور في نفوسهم, فكانت هذه فرصة ذهبية لهم. فاغتر بهم الإخوة فدلّوهم بغرور وغشوهم وما نصحوهم.


براءة الشيخ من تهمة الكذب

فلما جاء الخبر أن المحافظ قد تبرأ مما قاله الشيخ, صرنا في قلق وهموم أشد ممّا وجدنا في القرار؛ وانقسم الناسُ إلى محسن الظن بالشيخ أنه صادق لأنه لم يُعرف عنه الكذب, والطائشون في الطرف الثاني, يصرّحون بدون مبالاة وبكل فرح أنه كذّاب وأنه قد فُضح, وتوقف آخرون حتى يأتي الله بأمره. فاستمر الشيخ في دروسه وهو صابر صامت لم يقل شيئا في شأن تكذيبه, والناس في قلاقل وهموم لا يعلمون مصير الأمر.

ثم أعلن الشيخ بعد صلاة الفجر أن المحافظ سيأتي الساعة العاشرة ضحىً, ورغّب في الحضور. فحضرنا ولا ندري ماذا سيقول فإن الجماعة تدّعي أنه جاء ليبين كذب الشيخ! ولا يُنتظر من المحافظ إلا أمران, أحلاهما مرّ!: أن يتبرّأ مما قاله الشيخ فيصير الشيخ كذّابا – عياذا بالله, أو يُبرّأه ويُثبت القرار فيتحتّم لنا مفارقةُ الفيوش وهو أخفّ مرارة. فتكلم المحافظُ وأثنى على الشيخ خيرا, وأكّد أن ما قاله الشيخُ حق, وأنه هو الذي أمره به, وأنه أيضا جاءته الأوامر من فوق, وأطال الكلام. فانصرفنا والشيخ – ولله الحمد - قد برّأه ربّه , وفينا سرور لبراءته وهموم لمفارقتنا للفيوش, وكان – والله - براءته أحب إلينا من البقاء لما في ذلك من حفظ المركز وهيبة العلم وحملته.

فلما جاء المحافظ بخلاف ما غُرّوا به, واتضح الأمر أنهم قد ظَلموا وجاروا وتعدوا على شيخهم باتهامهم له بعظيم, ما تضرعوا وما استكانوا, بل ضجّوا وازدادوا عتوّا وتمرّدا, وانقلبوا هم المظلومين بعد ما فضحهم الله أمام الملأ وجلا ظلمَهم. فأظهروا ما كان بقي من أخلاقهم الذميمة, فقابل بعضُهم الشيخَ كأنهم يريدون المضاربة! فأبعدهم الحرّاس, وكأنهم شركاء في المركز, أو أنهم يدفعون أجرة الدراسة أو طعام أو سكن أو شيء!! فنعوذ بالله من السفه والحماقة. ولولا خوفي من إعانة الشيطان على المسلم, لسمّيتُ بعض الأفراد من شدة شناعة تصرفاتهم. فجعلوا يمشون ويتجمّعون حول من ظنوا أنهم يملكون لهم النّفع, ولا يملكون لهم إلا غرورا وغشّا ومحاولات فاشلة. فأصرّوا على اتهام الشيخ بالكذب وأن الذين كذّبهم المحافظ أمام الملأ هم الصادقون! بل كذّبوا المحافظ نفسه! فصاروا كالمثل: عنزة وإن طارت!! فاللهم سلّمنا من موجب غضبك, وارحم المجتمعات التي هؤلاء هم دعاتها – آمين.

ثم فضحهم الله أكثر بمجيء سفراء سفاراتهم: سفير إندونيسيا, والجزائر وقيل كان مندوبا عن آخرين, كلهم يقرون بوجود هذا القرار حتى تكفّلت الدولة الإندونيسية بحمل مئات من الطلبة الإندونيسيين إلى إندونيسيا على حساب الدولة.


خروجهم من المركز إلى مسجد بلوك 3

((فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُوْن)) الأنعام 43, نعم, كان الواجب عليهم بعد كلام المحافظ الذي فضحهم الله فيه, أن يعترفوا بذنبهم, وأن يستغفروا الله ويطلبوا من الشيخ العفو, ويعلموا أن الذين جرّؤوهم على شيخهم ليسوا نصحة لهم. لكنهم ازدادوا ظلما وتمرّدا, فخرجوا من المركز وعكفوا في مسجد بلوك 3, وهو أيضا في الفيوش تحت الشيخ, لكنهم لعيب امتازوا به, تصرّفوا فيه كأنه خارج مسئوليته! واستمروا في تمرّدهم والشيخ – ولله الحمد - يعذّبهم بصبره وسكوته عليهم وعدم تسلط أحدٍ عليهم واستمراره بدروسه دون مبالاة بهم. وقد صدق ربنا إذ يقول: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَان اللهِ وَتَعَالى عَمّا يُشْرِكُونَ)) القصص 68,

فكانوا دائما في التواصل مع الشيخ عبيد حفظه الله, يصوّرون له ولغيره الأمر على غير حقيقته؛ أن الشيخ ومن معه قد توحّشوا وتحاملوا عليهم, وأذاقوهم الويلات لوقوفهم مع فتاوى الشيخين! وهو – والله – كذب مختلَق وافتراء لا أصل له, إي والله, كذب وافتراء موجب لفضيحة الدنيا قبل الآخرة – نسأل الله السلامة والعافية. فإنهم لم ينفردوا بموافقة الشيخين كما يزعمون وكما يأتي بيانُه, لكنهم انفردوا بالجرأة وبالأخلاق الذميمة, وسوء الفهم والتصرّف, وقلة الأمانة في القول والعمل. فإن موافقة الشيخين وسوء الأدب ليسا توأمين, وليس من لوازم موافقتهما جحد إحسان من أحسن إليهم ومعاوضة إحسانه بالإساءة. فقد وسع عددا من الإخوة موافقةُ رأي الأكابر مع احترام شيخِهم واعتقاد فضله وعلمه وأمانته والبقاء في المركز بهدوء وسكينة وأدب والمضيء في الخير مع دعوة من أحاط بكل شيء علما أن يشرح قلب المخطئ لرأي المصيب, وأن يؤلّف بين قلوب علمائنا لأن قصدهم جميعا هو نصرة الدين.

وأيضا لم يمسّهم الشيخ بشيء من السوء كما زعموا كذبا وزورا, لا بقول ولا بفعل ولا بأمر - بل هم الذين أساؤوا إليه إساءة عظيمة, وطعنوا في عرضة وأمانته بين يدي أولاده وأهليه وطلابه, وأفسدوا ما كان بينه وبين آبائه وإخوانه من علماء المملكة من حسن المؤازرة والمناصرة, وقد كان دائما ولا يزال – والحمد لله - يسميهم في الملأ بالآباء, ويحدّثنا في الملأ بزيارته لهم كلّما حج أو اعتمر, فأفسدوا ذلك كله بنقلهم لهم الأكاذيب مع علمهم أن فساد ذات البين من أفراد الأمة فضلا عن علمائها هي الحالقة. ولا أدري – سبحان الله! – أين ذهبت تلك النصوص, نصوص الوعيد التي تقشعرّ منها الجلود, والتي تعبوا في حفظها وتقلّبوا فيها في المراكز ليلا ونهارا, لا أدري كيف غابت عنهم حتى صاروا كذبة بلا مبالاة! لا حياء من الله ولا حياء من عباده – والله المستعان.

ومع هذا كله, لحكمة أرادها الله, وله الحكمة البالغة, شاء أن يقبل الشيخ عبيد حفظه الله دعوى هؤلاء الكذبة وتباكيهم الماكرة, فعطف بهم, وأفتاهم بالخروج من المركز ولو بالتسلّل إلى هاني بن بريك. ونحن على يقين أن الشيخ عبيدا حفظه الله لو عرف حقيقة الأمر لما صدر منه هذه الأحكام ولما وقف مع هؤلاء الإخوة. فطاروا فرحا ينشرون هذه الفتوى في الطلاب ويرغّبونهم في مفارقة المركز, ويبثونها في الشبكات, وهم يعلمون أن الفتوى التي يَطيرون بها لهم دور كبير في تشكيلها لأنهم هم الذين ينقلون للشيخ ويصوّرون له الأمر في هذه القضية على غير حقيقته ثم يفتي الشيخ حسب ما نقل إليه. فحصل أمور يطيل ذكرها, فبدأوا يخرجون من المركز بسبب القرار وباعتقادهم أن مركز الفيوش تحت إشراف الشيخ عبد الرحمن لا يصلح لطلب العلم, بعضهم إلى عدن وبعضهم إلى بلادهم, وبقينا في الفيوش – والحمد لله - بعد ما انشغلت الحكومة بالمشاكل السياسية.

فصل
شبهات وافتراءات وتلبيسات مع مناقشتها


يا إخواني الغرباء, أخصكم بالخطاب في هذا الفصل وأنا امرؤ منكم, غريب في اليمن وفي المركز, يشملني إساءةُ من يسيء إلى الغرباء كما يشملني إحسانه. لكنّي وسائر إخواني الغرباء الذين لم يسلكوا مسلككم ولم يرتضوا بتصرفاتكم خالفناكم ولم نوافقكم فيما نعتقد أنه ظلم لأنفسكم وظلم لإخوانكم – "والظلم ظلمات يوم القيامة". لقد بنيتم إفسادكم على شبهات واهية وافتراءات فاجرة ولبستم الحق بالباطل وكتمتم الحق وأنتم تعلمون! هجرتم الأدب والسكينة المنتظر من كل غريب وتصرفتم بجرأة التي لا يقدم عليها أهل البلد وهم في بلدهم! فكيف - بالله عليكم - يأمركم العسكريون أصحاب النقطة بالرجوع إلى المركز دون أن يمسّوكم بسوء ثم تتكبرون عليهم وتحاولون المضي بقوة؟

قولوا لي بحق: هل رأيتم أهل اليمن يفعلون ذلك؟ وهل تفعلون مثل هذا في بلادكم؟ إي والله! ما غرّكم إلا حلم أهل اليمن, فإنكم علي يقين أنه لو فعله أحدُنا في بلادنا لأخذ بالنواصي والأقدام. فللّه در أهل اليمن. ثم لما حُبس اثنان أو ثلاثة وهم يحاولون المرور بطرا وتمرّدا, صحتم بأعلى صوتكم أن الشيخ هو الذي أمر بحبسكم وأنتم على علم أنكم فجرة في هذه الدعوى؛ فإنكم تعلمون أنه لم يأمر بحبسكم, إن صح أنه أمر بشيء فبعدم مروركم ولو أطعتم أصحاب النقطة لما حُبس أحد. وإذا زعمتم أن ليس للشيخ حق منعكم من الذهاب, فقد كابرتم: كيف لا يكون له حق الإذن والمنع عليكم وأنتم في عداد طلبته وفي مركزه تسكنون وتدرسون وتأكلون, وهو مسئول عليكم, وهو يتحمّل تبعات تصرفاتكم, وحركاتكم الطائشة تضر مركزه وتضر آلاف من يسكن فيه, ثم إذا تم الإفساد رجعتم إلى بلادكم أو إلى بلاد أخرى دون التفات إلى إفسادكم؟! بل كيف, وأنتم تعلمون أن لو كان لأحدكم مركز فتمرد عليه طلابه مثل هذا التمرّد لوقف منهم موقفا أشد من هذا بكثير؟! قال تعالى: ((وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا المِيزَانَ)) الرحمن 9, وقال تعالى: ((وَيْلٌ للمُطَفِّفِين, الَّذِينَ إِذَا اكتَالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُوْن, وَإِذَا كَالُوهُم أَوْ وَزَنُوهُم يُخْسِرُونَ)) المطففين 1-3, أسأل الله أن يغفر لنا ولكم جميعا.


تلبيسات وافتراءات

من تلبيساتكم الماكرة, ما تظاهرتم به لبعض علماء المملكة ولمن لم يعرف حقيقتكم – ولسوف يعلمون, بإذن الله – أنكم ظُلمتم من قِبل الشيخ لوقوفكم مع الأكابر فأخرجكم من مركزه بسبب ذلك. والجواب على ذلك من عدة أوجه:

الأول: أما كون الشيخ ظلمكم, فقد سبق فيما ذُكر أعلاه إنكار هذه الدعوى الفاجرة وتكذيبها بما يغني عن إعادة. فمن كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليتق الله ولا يهلك نفسَه.

الثاني: لم يُسمع أن الشيخ ألزم أحدا من طلابه برأيه, بل إلى هذه الساعة يوجد أناس في المركز, عرفت مخالفتهم لرأي الشيخ ولا أحد يمسّهم بسوء بل يعاملون بمثل ما يعامل به غيرهم.

الثالث: لقد عُلم بالتواتر في الفيوش شدة حرص الشيخ على الغرباء والاهتمام بشئونهم والإحسان إليهم قدر المستطاع, لا ينكر ذلك من عرف المركز إلا من ساء قصدُه أو عمي قلبُه. فلقد كنتُ أخشى أن يجدَ إخوانُنا اليمنيّون في قلوبهم بما يحرص الشيخ على الإكرام والإحسان على الغرباء – لكنهم والحمد لله كرماء وأعزاء في نفوسهم لم نلاحظ منهم شيئا من ذلك. لقد كان الإمام منذ سنين غريب من الغرباء وهو الأخ فوزي الإندونيسي حفظه الله, مع أن كثيرا من أهل اليمن في المركز أحسن منا قراءة بكثير. والمؤذن الرسمي هو الأخ شكري, أيضا إندونيسي, وإلى يومنا هذا المؤذن إندونيسي. والذين يقومون بأكثر الوظائف في المركز هم الغرباء. والعمارة التي هي سكن الطلاب كان أكثر من يسكنها الغرباء وكثير من إخواننا أهل اليمن ينامون خارجها في الأمكنة المفتوحة لكل حشرة مؤذية والرياح والغبار! فكيف يقال لرجل لم يرض لكم قرص بعوضة أنه ظلمكم وأساء إليكم أو رضي عليكم بشيء من ذلك؟!


المشجّعون

الرابع: من التلبيسات أيضا, ما ادّعاه المشجّعون للإخوة المتمردين من أنّ سعيهم وذَهابهم إلى المحافظ وكل ما حصل منهم بعد ذلك ممّا شتّت الوضع كان لنصرة الغرباء والدفاع عنهم حتى لا يُخرَجون من المركز! وهذا باطلٌ أيضا, يظهر بطلانه من أوجه:

ألأول: سعيكم في إظهار الشيخ أنه كذّاب, وأنه اختلق قرار ترحيل الغرباء, مع سعيكم في عدم خروج الغرباء من مركزه تناقض ظاهر وغريب: فهل أردتم إنقاذ الغرباء من الترحيل ليبقوا في المركز يطلبون العلم عند شيخ كذّاب أم أردتم إسقاطه فتحلّوا أنتم الأمناء محلّه؟! إن كنتم قصدتم الأول فتلك مصيبة, وإن كنتم قصدتم الثاني فالمصيبة أعظم.

الثاني: لو فُرض أنكم رأيتم أن الشيخ قد وقع في زلة, ولم تجرّبوا عنه مثل هذه الزلة من قبل, فهل من الفطنة واليقظة أن تسعوا إلى المحافظة على الغرباء على وجه يتحقق فيه هدم المركز وسقوط شيخه؟ وهل المفسدة في خروجنا أرجح أو في زوال المركز؟ وكيف يُحرم أهل اليمن هذا الخير بسبب الغرباء الذين يسعهم الذهاب إلى مراكز أخرى في داخل اليمن وخارجها؟ كان الواجب من أمثالكم المبادرة إلى نصحه والتغليظ في ذلك فيما بينكم وبينه لما في ذلك من حفظ المركز وحفظ هيبة العلم وأهله. هذا لو فرض أنه وقع فيها ولم يقع فيها - ولله الحمد - كما سبق. لكن الذي حصل عكس المرجو من أمثالكم – والله المستعان.

الرابع: كيف إذا أُضيف إلى ذلك أنكم الذين شجعتموهم على تصرفاتهم الطائشة بزعم أن الشيخ عبيدا قال لا بأس بالخروج إلى محاضرة هاني فتعترضون على أوامر الشيخ في مركزه بكلام عالم آخر مع قلة الأمانة في تصوير الواقع ونقل الأخبار له؟! فبالله عليكم: أأوامر الشيخ عبيد حفظه الله مقدمة على أوامر الشيخ عبد الرحمن بما يخص مركز الفيوش؟ فإن قلتم نعم, كابرتم! وأجبتم بما تعلمون أنكم لا تستطيعون التزامَه لو كان لكم مركز. وإن قلتم لا, فكيف نفسّر الذي فعلتم؟
أسأل الله لي ولكم العفو, وأن يمن علينا بالتوبة, وأن يصلح الأمور ويحفظ لنا ديننا, إنه سميع قريب.


شبهات والرد عليها

من الشبهات التي تعلّقتم بها أيها الغرباء, وهي في الحقيقة خيوط عنكبوت إلا لمن سقم فهمه للدين, ما فتنتم به أنفسكم وفتنتم به أهل بلادنا الذين ليس لهم القدرة على الاطلاع على الواقع في الفيوش ومعرفة الشيخ عبد الرحمن عن قرب ولا يعرفونه إلا من طريقكم, وهي أن الشيخ عبيدا حفظه الله جرح الشيخ عبد الرحمن وقال فيه: "مغفّل لا يصلح للتدريس". فاعتقدتم حرمة التعلّم عند الشيخ عبد الرحمن وألزمتم من كان عنده بالخروج من مركزه ومن بقى فليس على النهج السلفي, والجواب من وجوه:

الأول: من لطافة الشيخ عبد الرحمن وهي في الحقيقة تعتبر قاعدة وتسلية لكل من ابتلي بالكلام عليه بغير حق, ما قاله في بعض نصيحته العامة وأنا أسمع, وأنظر إليه, قال حفظه الله: الإنسان لا يسقط لأنه تُكلّم فيه, إنما يسقط لاستحقاقه السقوط.

الثاني: قبل الشروع في ردّ هذه الشبهة, ولم أنس – والله – حقارة نفسي في العلم والعمل, أنبّه على أمر مهم قد ابتلي به كثير من الطلاب الغرباء. وهو أنه كلّما حصلت فتنة في اليمن حملناها إلى بلادنا وشغلنا أهلَ بلادنا بها, فتتأجّج النّيران بين المسلمين الذين يجهلون كثيرا من أصول دينهم, ويحصل من الهجران والتباغض والتناحر وشرور عديدة لغلبة الجهل والبغي والطبائع القاسية والصدور الضيّقة وقلة الدعاة الأقوياء الأتقياء النّصحة في مجتمعاتنا. فبينما هم ينتظرون ابنَهم الذي قطع مسافات إلى دُولِ العلم وجلس هناك سنين ينتظرون منه العلمَ والنصحَ, يعلّمهم كيف يعبدون الله وكيف يتعاملون فيما بينهم, ويستفتونه في أمور دينهم, إذا هو يقدم يحمل من الفتن ما الله به عليم! حتى ظنّ بعضُ الناس أن مَن درس في مراكز اليمن لابد أن يشتّت الناسَ إذا رجع.

وإذا دقّقت النظر, تجد أن الذين يشغلون الناسَ بالفتن غالبا هم الذين لم يحرصوا على العلم, فلا يدرون ماذا يعلّمون الناس, والناس يطلبون الدروس منهم, فالتجؤوا إلى ما يحسنه كلّ محروم عياذا بالله. فيبدأ يتكلم في الجرح والناس ينظرون إليه نظر استغراب! لا يفقهون مما يقول شيئا! وكيف يفقهون والمتكلم نفسُه لا يفقه ما يقول؟! وما فائدة فتَنِ اليمن في تنزانيا أو كينيا أو أوغندا أو نيجيريا أو الجزائر أو أمريكا ونحوها من البلاد؟ فأرفقوا بمجتمعاتكم يرفق الله بكم.

الثالث: وأما جرح الشيخ عبيد حفظه الله للشّيخ عبد الرحمن, اعتبرناه اجتهادا يثاب عليه بأجر, لا تعصبا مع الشيخ عبد الرحمن – ورب الكعبة - ولا لعدم تقدير مقام الشيخ عبيد في العلم والذب عن السنة كما يزعم البعض, إنما رددناه بالاحترام والتقدير ومحبة لأمور:

الأول: أن حجة الله علينا بما عرفنا في الشيخ عبد الرحمن عن قرب ونحن نجالسه كل يوم أقوى من قول الشيخ عبيد حفظه الله - وقد عرفتَ فيما سبق مَن الناقلون له عن الشيخ عبد الرحمن. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (13-17): وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمٍ أَوْ تِلْمِيذٍ وَتِلْمِيذٍ أَوْ مُعَلِّمٍ وَتِلْمِيذٍ خُصُومَةٌ وَمُشَاجَرَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا حَتَّى يَعْلَمَ الْحَقَّ فَلَا يُعَاوِنُهُ بِجَهْلِ وَلَا بِهَوَى بَلْ يَنْظُرُ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ أَعَانَ الْمُحِقَّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُبْطِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحِقُّ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُبْطِلُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ؛ وَاتِّبَاعَ الْحَقِّ وَالْقِيَامَ بِالْقِسْطِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ((يَا أيُّهَا الذين آمنُوا كُوْنُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَينِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)) النساء 135, انتهى كلامه رحمه الله رحمة واسعة.

فإذا كان هذا هو المقرر عند الأئمة, فليس لأحد حجة أن يلزم أحدا بقول العالم في أخيه وإن كان أعلم منه أضعاف إذا تبيّن له أن قولَ العالم خلاف الحق الذي تَعبّدَ الله به عبادَه. والنظر في الأمر ليتبين له المصيب والمخطئ لا يعتبر عدم احترام الأكبر منهما علمًا إلا لمن ضعف بصيرتُه وابتلي بالتعصّبِ المذمومِ. فهل رأيتم شيخ الإسلام يقول: فانظر من هو أكبر منهما علما ورسوخا وخذ بقوله في الأخر؟ فإن هذا الفهم يجعلنا كالجمادات أو البهائم ويعطّل فائدة العقل الذي ألزمَنا الله به في قوله: ((أَفَلا تَعْقِلُونَ)) البقرة 44, فهو مما عُلم فسادُه عقلا وشرعا ويرفضه العامي فضلا عن طالب العلم المنتسب إلى السلفية.

فإن قيل: ما برهانكم أن معرفتكم بالشيخ أقوى حجة عليكم من كلام والدكم الشيخ عبيد الجابري حفظه الله؟ قلنا: أدلة كثيرة, ويكفي قول الله عز وجل: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ)) التوبة 31, فإن فيها دلالة ظاهرة أن العامي فضلا عن طالب علم يستطيع أن يميّز بين الحق والباطل, وإلا لقالوا يا ربنا! هؤلاء علماؤنا وقد أمرتنا بمتابعتهم والأخذ بأقوالهم. لكن الله عز وجل ما اكتفى بتخطئتهم بل كفّرهم وسماهم عبّادا لهم – عياذا بالله.

الثاني: فإن قيل, وقد قيل: إنّ العلماء عندهم فِراسة, قلنا: صحيح! لكن الله ما تعبّدنا بفراسة علمائنا وإنما تعبّدنا بالبراهين. قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرْكُمْ بِالوَحْيِ)) الأنبياء 45, وقال تعالى: ((اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)) الأعراف 3, وقال تعالى: ((وَتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ واصْبِرْ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ)) يونس 109

مع التنبيه أنه لا ينبغي أن يُفهم من كلامي التزهيد في شأن أكابر العلماء باسم التجرد للحق, لأن آراءهم – غالبا – هي نتيجة التصوّر العلمي الدقيق المبارك, ويكفي إرشاد الله ورسوله  إليهم, لكن إذا تعارض آراءهم مع الحق المبين فالأمر باتباع الحق أوكد من الأمر بلزوم الأكابر, فالحق أحق أن يتبع. فمن ابتلي بالأول وقع في الحدادية ومن ابتلي بالثاني وقع في الحزبية وكلاهما مذموم, والسلفية ولله الحمد منزّهة عنهما.

الثالث: لقد تقرر عندنا في الفيوش أن الذين نقلوا للشيخ عبيد عن شيخنا ليسوا أمناء كما سبق, ونعتقد أن الشيخ عبيدا حفظه الله, لو شرح الله قلبه للاستماع من أهل الإنصاف لما قال ما قال. نعم, هذا هو الظن بمثله, لكن ((لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ)) الأنفال 44. ووالله الذي لا إله غيره, لو عرفنا في شيخنا شيئا من الانحراف لخرجنا قبل أن يقول الشيخ عبيد فيه شيئا. ومن عيوب هؤلاء الإخوة أنهم ظنّوا أن معرفة الأشخاص المجروحين بكثرة هو فقه المنهج السلفي والجرح والتعديل!! فتجد أنه لو انحرف إنسانٌ لم يجرحه عالمٌ قد لا ينتبهون أنه انحرف! بدليل أنه لو جُرح العدل الذي أمامهم, يأخذون بهذا الجرح, بل ويطيرون به فرحا! مع أنه لو قدّر أنه جُرح بجارح لا ينبغي الفرح بهذا, ولا يفرح به إلا اللئيم الذي أُعجب بنفسه, وإلا فالكريم يحزن كل الحزن بانحراف أخيه ويبالغ قي إصلاحه ونُصحه, وأما اللئيم فشأنه الفرح والتشهير بل قد يحزن برجوعه إلى الحق عياذا بالله!

الرابع: يجب على من انتسب إلى السلفية أن يدخل فيها من كل جوانبها ولا يمشي وشِقّه مائلٌ: لا يعمل بالحديث: "البركة مع أكابركم" وحده ويعرض عن القاعدة المتفق عليها بين أهل السنة ألا وهي: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله . لابد بإعمال القاعدتين والتوفيق بينهما. وهنا كلام جميل للشيخ الوالد ربيع بن هادي المدخلي, لِتعلم أن هناك من يسيء إلى السلفية باسم السلفية, قال حفظه الله:

"ومن البلاء في هذه الفتن حتى عند بعض السلفيين, يتمسكون بقال فلان, قال فلان, ولو كان من يخالفهم معه الدليل والبرهان. وهذا من سلوك سبل أهل الضلالة, والمنهج السلفي لا يعترف بهذه الطرق مهما بلغ الإنسان من منزلة. أفتى فتوى أو قال قولا ليس له دليل, فلا يجوز قبول كلامه. نحترمه ونعتذر له وما شاكل ذلك, ولكن كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله , إلى أن قال: وهذا أمرٌ خطير جدّا وقد يقع صاحبه في الكفر إذا عَرف الدليل وتركه تعلّقا بقول فلان وفلان, قد يقع في الكفر والعياذ بالله لأنه ردّ أمر الله.... " (المجموع الرائق, ص: 376-377)

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: "ولقد زل بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علمٍ, فضلّوا عن سواء السبيل". (الإعتصام 2-863). وكان شيخنا عبد الله بن مرعي حفظه الله إذا سئل عن معنى الحزبية, يقول: "الولاء والبراء الضيّق".


الخلاصة

فالخلاصة أيها الإخوة, يجب علينا أن نعترف بذنبنا وأن نبادر إلى التوبة والإصلاح قبل فوات ذلك عنا لأنّ عاقبة الظلم وخيمة. وأنا أذكر قبل نحو من تسع سنوات لما كنتُ في مركز شيخنا المبارك عبد الله بن مرعي حفظه الله شقيق الشيخ عبد الرحمن, في دار الحديث بالشحر, أهمَّ شيخَنا شأنُ الغرباء الذين كانوا يعانون من صعوبة الهجرة إلى بلاد المسلمين, فاجتهد في تسهيل سُبل وصولهم إلى اليمن بطريق سهلة والتمكّن من حصول الإقامة في دار هجرتهم. فأنشأ معهد "يمن الخير" للغات والحاسوب, فجاء الغرباء معظمهم من بلاد الغرب أفواجا. فاجتهد في إصلاح شؤونهم وكان إذا جاءه صاحبُ إنجليزية يدعوني فأترجم له مما جعلني أطلع على اجتهاده في إصلاح أحوالهم الدينية والدنيوية.
فلما جاءت فتنة الحجوري, فإذا ببعض هؤلاء الغرباء الذين لم يكن لهم في المركز وربما في السلفية إلا بضعة أشهر يشهدون عند الحجوري على شيخهم الذي سعى في إصلاح دينهم! فتنشط الحجوري بشهادتهم الباطلة, فكان من الشر ما كان. فرفع المظلومون أيديَهم إلى الله, قال شيخُنا عبدُ الله بن مرعي في "معيار العلم والدين" الذي رد فيه على افتراءات الحجاورة عليه: "وإني دعوت ربي الذي أجاب الكافرين المضطرّين دعوة أرجو تحقيقها آية وعبرة للظالمين". إي والله! قد حققها ربُّكَ فيهم وقد جعلهم عبرة للمعتبر, ((وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِيْنَ بِبَعِيدٍ)) هود 83 - نسأل الله لنا ولهم ولجميع إخواننا التوفيق للتوبة.


خاتمة

وأختم بنصيحة عظيمة, من الشيخ الفاضل عبيد الجابري حفظه الله تعالى وختم له بالحسنى. أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أسعد الناس بها وأن يمنّ علينا بالتوبة قبل الممات إنه سميع الدعاء. وهذه النصيحة مفرغة من شريط بعنوان: "أسباب النّجاة من الفتن" وقامت بتوزيعها المكتبة الأثرية. قال حفظه الله تعالى:
"الأمر الخامس: حينما تحدث حادثة, وتنزل نازلة, ويقول فيها بعض أهل العلم قولا ويسكت آخرون لا يدرى ما عندهم, فالواجب على شباب الإسلام أن لا يتسرّعوا في الأمر فيسلّوا سكّين الغضب على إخوانهم, بل عليهم أن ينظروا ماذا يقول أقرانُ هؤلاء المتكلّمين وإخوانهم, فإن أقران المتكلّم أو إخوانه لابد أن يكون لهم كلام ولا بد أن يكون لهم قول ولكن ليس من المصلحة أن يعلنوه فورا, فإذا أعلنوا (نحن ننتظر) قد يعلنون الموافقة وقد يعلنون المخالفة ننظر, إذنْ لماذا التسرّع؟ إلزموا الصمت فإن كثيرا من الحوادث حينما يتكلّم فيها بعض الناس تحمّسا للحق ومجالدة في سبيل الصدع به, سلوكهم هذا يفرّق الصف السلفي ويجعله متناحرا متنافرا, فإذا كنت أنت مع ذلك العالم أو الطائفة من أهل العلم الذين تكلّموا في حادثة معيّنة فإنه من المصلحة ألا تشيع بين إخوانك الفرقة, فإنّ الساحة حارة والساحة أمواج تتلاطم, ومن دعاة الباطل من يصطادون في الماء العكر وينتهزون أية فرصة حتى لو تشبّثوا بخيط العنكبوت في تفريق الصف السلفي, حتى نقطع الطريق عليهم, نلزم الصمت, وننظر: ماذا تكون النتيجة بين أهل العلم الذين هم أقران الطائفة أو لذلك الشخص الذين تكلموا (فيه) أو الذي تكلم في حادثة معيّنة لاسيما إذا كان المتكلم (فيه) مجرب عليه الجهاد بالقلم وبالكلمة النافذة في نصرة السنة والذب عنها ودحض البدع ودحر أهلها فإنّ في سكوتك سلامة, فإذا تكلّم بعد ذلك إخوانه وأقرانه كان في ذلك الوقت الأمر واضحا لدى الجميع.

وإخوانه وأقرانه لن يتكلموا إلا بعد سلوك سبل متعددة:
أولاً: أن إخوانه وأقرانه ليسوا آلة في يده يلف بها يمينًا وشمالاً, كيف كانوا أقرانا وإخوانا له إلا وعندهم آلة وأهلية للبت في المسألة؟!
وثانيا: أنهم إذا وقفوا من هذا المتكلّم (فيه) الذي عرفناه بصدق الجهاد والخبرة والقوة والمجالدة في سبيل السنة سوف يكون لهم به اتصالات ومدارسة معه فقد يرجع هو عن خطأ ظنّه صواباً أو خطئوه بدليل أو وافقوه بدليل, فنكون بهذه الطريق حافظنا على تماسك الصفّ السلفي, وقطعنا الطريق على من يصطاد في الماء العكر ويلتمس كل وسيلة يفرق بها الكلمة وينشر بها الفرقة".

انتهى المقصود من كلامه حفظه الله, وبه ختمتُ, أسأل ربي الإخلاص في القول والعمل, والهداية والتوبة لي ولجميع المسلمين, وأن يوحد كلمة علماء الأمة على الحق, إنه سميع قريب, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه
أبو سعد محمد قريش بن طيّب الأوغندي
دار الحديث بالفيوش
18 جمادى الأوّل 1436


عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

Re: نصرة المظلوم و كشف اللبس عن قضية الغرباء في الفيوش

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

للرفع

أضف رد جديد