(151) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله
هل الكثرة غير معتبر بها مطلقًا؟
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:
«عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ،
وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ
لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَرَجَوْتُ
أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي:
انْظُرْ. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ
هَكَذَا وَهَكَذَا. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ:
هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
بِغَيْرِ حِسَابٍ» رواه البخاري (5752)،
ومسلم (216).
علق الشيخ صالح الفوزان في «شرح فتح المجيد»(1/570)
على أول هذا الحديث، وقال:
كل أمة تحشر
وحدها مع نبيها، سواء أطاعوه أو خالفوه، يحشرون مع أنبيائهم، يأتون هم وأنبياؤهم،
فمنهم من لا يأتي بأحد؛ لأنه لم يستجب له أحد، ومنهم من يأتي بالرجل بالرجلين،
ومنهم من يأتي بالرهط، فهذا دليل على أن الكثرة لا حجة فيها، إذا كانت الكثرة على
الباطل. اهـ.
وهذه فائدة تستفاد من كلام الشيخ صالح الفوزان حفظه
الله على الكثرة التي لا يحتج بها، الكثرة على الباطل، أما إذا كانت الكثرة على حق
فهذا يستدل به على صحة الطريق والسلوك.
وأذكر أن والدي رَحِمَهُ اللهُ كان يستدل بهذا على صحة
دعوة أهل السنة في اليمن؛ لكثرة المستجيبين، وقد سمعته مرة يناقش بعض المتحزبين من
طلابه قديمًا، ويقول: وأنتم من معكم على هذا؟!
أي: ليس معكم أحد.
وأحد الملبسين
الحزبيين استدل بهذا الحديث، يعترض به على والدي، وهذه شبهة، وفي كلام والدي والشيخ
الفوزان ما يكشفها.
وقال الشيخ صالح
الفوزان في «شرح فتح المجيد»(1/571): ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة،
فالأنبياء منهم من لا يستجب له أحد، ومنهم من استجاب له عدد قليل، والأكثر على
خلافه، فلا يحتج بالكثرة إلا إذا كانت على حق.
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/05/151.html