زوج ابنته برجل لا يصلي وهي غير راضية
سؤال: رجل يريد تزويج ابنته على رجل لا يصلي، والبنت محافظة على الصلاة فرضًا ونفلًا، وقد رفضت ولكن أباها مصر على تزويجها ولو بالقوة فما نصيحتكم لأبيها وفقكم الله. وهل العقد صحيح إذا أصر الأب على تزويج ابنته بدون رضاها؟
الجواب:
قد جعل الله سبحانه وتعالى حقوقًا للمرأة من ذلك أنها لا تزوج إلا بعد إذنها ورضاها، فإن كانت بكرًا، تستأذن وإذنها سكوتها، وإن كانت ثيبًا تبين عن نفسها، ففي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» وفي لفظ لمسلم (والبكر يستأمرها أبوها) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ»
وقد استدل أهل العلم بهذه الأحاديث على اعتبار رضى المرأة في تزوجها قال ابن المنذر: (ويستحب إعلام البكر أن سكوته إذن).
ومن زوج ابنته بغير رضاها فقد ظلمها والنبي Hيقول: (ألا لا تظالموا، ألا لا تظالموا، ألا لا تظالموا) ويقول الله في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا)، وهذا الفعل يعتبر محرمًا على الأب ويأثم بذلك، ويترتب على ذلك مفاسد في حق المرأة وزوجها، قد يؤدي إلى الطلاق أو العشرة بغير إحسان، إلى غير ذلك من المضار الأسرية.
وأما حكم العقد والبكر كاره لذلك، فقد ذهب الأوزاعي والثوري والحنفية وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم أن العقد لا يصح، وذهب الأخرون إلى صحة العقد مع إثم الأب بفعله هذا، وهذا هو الصحيح؛ ولكن ننصح الأب أن لا يكره ابنته على الزواج على هذا الوجه، وننصح الزوج أن لا يقبل الزواج بامرأة لا تريده، فإنه يترتب على ذلك أمور لا تحمد.
هذا إذا كان الرجل الذي يريد الأب أن يزوجها عليه من أهل الصلاة، أما إذا كان لا يصلي، فالذي لا يصلي يعتبر كافرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة) وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)، وإذا كانت المرأة تصلي فلا يصح العقد بها على رجل لا يصلى، فالواجب على الأب أن يتقي الله سبحانه وتعالى، ويحسن اختيار الزوج الصالح لابنته فإنها أمانة في عنقه يسأل عنها عند الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كلهم راع وكل راع مسؤل عن رعيته) وتزويجها على من لا يصلى من الغش البين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» فليحذر الوالد من مغبة صنيعه هذا.
أصلح الله أحوالكم والهمكم رشدكم وبالله التوفيق
اجاب عن السؤال الشيخ/ راجعه/
أبو الحسن علي بن أحمد الرازحي فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام
16/6/1438هـ
رابط المادة الأصلية في موقع الشيخ الإمام:
http://sh-emam.com/show_fatawa.php?id=2056