إذا كان عذاب القبر حق، فلماذا يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
محمد بن عبدالله الإمام [آلي]
مشاركات: 3603
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

إذا كان عذاب القبر حق، فلماذا يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا

مشاركة بواسطة محمد بن عبدالله الإمام [آلي] »

إذا كان عذاب القبر حق، فلماذا يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا
سؤال: إذا كان عذاب القبر حق فلماذا يقول الكافر يوم القيامة: يا ولينا من بعثنا من مرقدنا؟ الجواب: الآية المذكورة ليس فيها إثبات عذاب القبر ولا نفيه، فلا يجوز الاستدلال بها لنفي ما قد عُلِم ثبوته من أدلة أخرى، فقد دل ظاهر كثير من الآيات  على إثبات عذاب القبر ومنها:قوله تعالى عن آل فرعون« وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖوَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر : 46]فذكر عذاب الدارين ذكراً صريحاً.  وقوله« وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ»قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح:ﻭﻫﺬا ﺧﻄﺎﺏﻟﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮﺕاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻫﻢ اﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥﺃﻧﻬﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺠﺰﻭﻥﻋﺬاﺏاﻟﻬﻮﻥ، ﻭﻟﻮ ﺗﺄﺧﺮ ﻋﻨﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻤﺎ ﺻﺢ ﺃﻥﻳﻘﺎﻝﻟﻬﻢ اﻟﻴﻮﻡﺗﺠﺰﻭﻥانتهى.  والأدلة من السنة على ثبوت عذاب القبر ونعيمه بلغت مبلغ التواتر، من أراد الوقوف عليها يمكنه الرجوع إلى كتاب الروح لابن القيم رحمه الله تعالى، وغيره من الكتب المؤلفة في هذا الباب.  وأما قوله تعالى« {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜۗهَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس : 52] فالآية المذكورة  لا تنفي عذابهم في قبورهم ; لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد. ويحتمل أن ذلك نومة بين النفختين، قال الحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره عند الآية المذكورة: يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون لما نفخ في الصور نفخة البعث لموقف القيامة فردت أرواحهم إلى أجسامهم، وذلك بعد نومة ناموها( يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ) وقد قيل: إن ذلك نومة بين النفختين.  وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل انتهى  وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى عند هذه الآية: قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜۗهَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس : 52] ( قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) ؟ يعنون : [ من ] قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها ، فلما عاينوا ما كذبوه في محشرهم ( قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) ، وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم ; لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد. وقال أبي بن كعب ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة : ينامون نومة قبل البعث. قال قتادة : وذلك بين النفختين. فلذلك يقولون : ( من بعثنا من مرقدنا ) انتهى.  وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح:اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ:ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺬاﺏاﻟﻘﺒﺮ ﺩاﺋﻢ ﺃﻡﻣﻨﻘﻄﻊ؟ ﺟﻮاﺑﻬﺎ:ﺃﻧﻪ ﻧﻮﻋﺎﻥﻧﻮﻉﺩاﺋﻢ ﺳﻮﻯﻣﺎ ﻭﺭﺩﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻔﺨﺘﻴﻦ ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻣﻮا ﻣﻦ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻗﺪﻧﺎ ﻭﻳﺪﻝﻋﻠﻰ ﺩﻭاﻣﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻨﺎﺭﻳﻌﺮﺿﻮﻥﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏﺪﻭا ﻭﻋﺸﻴﺎ ﻭﻳﺪﻝﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺳﻤﺮﺓاﻟﺬﻱﺭﻭاﻩاﻟﺒﺨﺎﺭﻱﻓﻲ ﺭﺅﻳﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﻭﻓﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡاﻟﻘﻴﺎﻣﺔ... انتهى.  وقال العلامة العثيمين رحمه الله تعالى في اللقاء الشهري: ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻬﻢ: (ﻣﻦ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻗﺪﻧﺎ) ﻓﻤﺮﻗﺪ اﻹﻧﺴﺎﻥﻣﺤﻞ ﺭﻗﺎﺩﻩ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥﻳﻨﺎﻡ، ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝﻣﺜﻼ: ﻫﺬا ﻣﺮﻗﺪﻱﻭﺗﻀﻄﺠﻊ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻡ. ﻭﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻪ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ العذاب ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻔﺨﺘﻴﻦ ﻓﻴﻈﻨﻮﻥﺃﻥالعذاب اﻧﻘﻄﻊ ﻭاﻧﺘﻬﻰ، ﺛﻢ ﻳﺒﻌﺜﻮﻥ-ﻭاﻟﻌﻴﺎﺫﺑﺎﻟﻠﻪ- ﻣﻦ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ﻭﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥﻣﻦ العذاب ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺬاﺏاﻟﻘﺒﺮ، ﻭﻟﻬﺬا ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: (ﻳﺎ ﻭﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻗﺪﻧﺎ). ﻭاﻟﺨﻼﺻﺔ ﺃﻥﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻥاﻟﻤﺮﻗﺪ اﺳﻢ ﻟﻤﻜﺎﻥاﻟﺮﻗﺎﺩ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡﻣﻦ اﺿﻄﺠﻊ ﻓﻴﻪ ﺃﻥﻳﻜﻮﻥﻧﺎﺋﻤﺎ ﻫﺬا ﻭاﺣﺪ. ﺃﻭﻳﻘﺎﻝﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء: ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ العذاب ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻔﺨﺘﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻨﻮا ﺃﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺭﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﻠﻴﺔ، ﺛﻢ ﺇﺫا ﺑﻌﺜﻮا ﻗﺎﻟﻮا: (ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻗﺪﻧﺎ) انتهى. أجاب عن السؤال                                   وراجعه الشيخ العلامة الشيخ/ بكري بن محمد اليافعي                   محمد بن عبد الله الإمام 25 ربيع أول 1438

رابط المادة الأصلية في موقع الشيخ الإمام:
http://sh-emam.com/show_fatawa.php?id=1899

أضف رد جديد