الحلقة الثانية من( الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة ) متجدد

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

الحلقة الثانية من( الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة ) متجدد

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة
عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك
الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة

(الجزء الأول) من
- الْحَلَقَةُ الثَانِيَة -
كتبه :
أَبُوْ قَتَادَة حُسَام بِن أَحْمَد الْعَدَنِي
- كَانَ اللهُ بِعَوْنِهِ -


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ، والصلاة والسلام على رسولِ اللهِ نبينا محمدٍ ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومن والاه ، أمَّا بعدُ ....

فأحمد الله - سبحانهُ وتعالى - على توفيقهِ لي ، وامتنانه عَلِيَّ في إظهار الحق ، وإزهاق الباطل ، وما كان للحلقة الأولى أن تَلَقَى ذلك الانتشار الكبير ، والإقبال الواسع عليها إلا بفضل الله - تباركَ وتعالى - ، وتوفيقه ، وامتنانه ، ومشيئته لا بحولنا ، ولا بقوتنا ، ولا بقدرتنا ، ولا بفصاحتنا ، ولا بعلمنا ، ولا بسعة اطلاعنا.
فأنا من عوام أهل السنة المحبين لها ، ولأهلها ، وإن زادت مكانتي قليلًا فطويلب علم بادئ في الطلب ، وإن مضى من عمري أربعون عامًا فما زلت من المبتدئين في طلب العلم الشرعي ، وهذا الذي أراهُ ، وأجزم بهِ ، وأنا أعلمُ بنفسي ممن يحسن الظن بي ويثني عليَّ الثناء البالغ ، ويظنني من المستفيدين ، والمبرزين في العلم الشرعي ، فبضاعتي في تحصيل العلم الشرعي قليلة ، ومعلوماتي ضئيلة ، ولكني أدافع عن السنة ، وعن أهلها بقدر ما تعلمته ، وفهمته من خلال دراستي لبعض الكتب العلمية على يد أهل العلم من مشايخ ، وطلاب علم ، ومن خلال مطالعتي لبعض كتب وشروح علماء أهل السنة المتقدمين ، والمتأخرين.
وأعرف قدر نفسي تمامًا ، ولا أحب من أحدٍ أن يرفعني فوق منزلتي ، ولا أن يثني عليَّ الثناء البالغ ، ويظهرني عند الناس بمظهر طالب العلم المستفيد المبرز !
فأنا لست من هذا الصنف - بارك الله فيكم - ، وإنما أدافع عن السنة ، وأهلها بحدود فهمي ، ودراستي ، واطلاعي ، واستطاعتي ، وأُدَعِّم ردودي بنقولات عن كبار علماء أهل السنة مدعمة بأدلة الكتاب ، والسنة بما يكشف شبهات أهل الباطل ، ويزهق أباطيلهم بالحجج ، والبراهين.
ومما دفعني لأنْ أكتب هذهِ المقدمة ما صدر من كثيرٍ من الإخوة الفضلاء من ثناءٍ عليَّ بما لا أستحقه - إحسانًا منهم للظن بِيَ - بعد كتابتي لمقالين هما :
[1] القول الجلي في بيان مغالطات هاني بن بريك العدني.
[2] البراهين الجلية على أخطاء هاني بن بريك العقدية والمنهجية.
فأطلب من جميع الإخوة الفضلاء أنْ لا يعودوا لمثل هذا الثناء المبالغ فيه فإنَّ هذا الثناء يزعجني ، ويضايقني ، ولا يفرحني ولا يسعدني ، وأقول لهم : أَيُّهَا الأحبة في الله لا تعينوا الشيطان على أخيكم.
وما يسعني إلا أنْ أقول : (اللهم أنتَ أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، وقد أثنوا عليَّ بما أظهرته لهم فلا تفضحني بما سترته عنهم ، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ، واغفر لي ما لا يعلمون).
فيا أيها الإخوة الفضلاء - حفظكم الله - لا تظنوا أنَّ هذين الردين (القول الجلي) و(البراهين الجلية) هما لغزارة علم ! ، أو دقة فهم ! أو قوة استنباط ! بلْ لأنَّ صاحبَ الحقِ منصورٌ ينصرهُ الله ولو بعد حين ، ولأنَّ صاحبَ الباطل مهزومٌ يظهر الله باطله ، ويكشفه ، ولو بعد حين.
تَرَاجُع ، وتوضيح ، وكلمة شكر ، وطلب
إني أعلن تراجعي عن قولي في الحلقة الأولى من ‘‘ البراهين الجلية ‘‘ :
" بل كان نبينا محمدٌ - عليهِ الصلاة والسلام - يدعو ربهُ قائلًا : (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس) ".
أقول : هذا الحديث لا يصح نسبته إلى نبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
وقد ضعفه الإمام العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الضعيفة (6/489).
وقد نبهني على ضعف الحديث مجموعة من الإخوة الأفاضل منهم ياسين بن طاهر الضالعي ، وسليمان بن عبد الرحمن دعَّالة الإسحاقي ، وعارف درعان اللودري - حفظهم الله ، وجزاهم خيرًا ، وشكرَ اللهُ لهم نصحهم ، وجعله في ميزان حسناتهم - ، فأستغفر الله - تباركَ وتعالى - وأتوب إليهِ من نسبتي هذا الحديث لرسول الله - عليه الصلاة والسلام - فهذا خطأ لا يجوز ، وإنما كتبته في ‘‘ البراهين الجلية ‘‘ أثناء البحث ، وقبل المراجعة النهائية ، وبعد أنْ أتممت كتابة الحلقة الأولى من ‘‘ البراهين الجلية ‘‘ حصلت لي بعض الأمور التي عرقلتني عن التدقيق والتركيز في مراجعة المقال منها : إصابة العينين بالرمد والالتهاب ، فراجعت المقال ، وصححت بعض الأخطاء اللغوية ، والنحوية ، والإملائية ، وحذفت بعض العبارات ، وزدت أخرى.
وظننتُ أني قد أتممت التصحيح ، ولم أنتبه لعدم تحققي من صحة ذلك الحديث الضعيف ، وعدم مروري عليهِ ، ولكن بعد أن نشرت المقال ، ونبهني بعض الإخوة على ضعف ذلك الحديث راجعت المقال مرةً أخرى فوجدت بعض الأخطاء اللغوية ، والإملائية الأخرى ، وبإذن الله - جلَّ وعلا - سوف يتم تصحيحها في نسخة أخرى من الحلقة الأولى ‘‘ مصححة ، ومنقحة ، ومزيدة ‘‘ وسوف يتم نشرها بعد الانتهاء.
وأطلب من جميع إخواني الفضلاء - جزاهم الله خيرًا - تنبيهي ، ونُصْحِي على أي خطأ يصدر مني أكانَ عقديًا ، أو منهجيًا ، أو سلوكيًا ، أو لغويًا ، أو في أي مجال.


وقفة مع أبي عمار عباس الجونة - أصلحهُ اللهُ -


قبل الدخول في الرد على مخالفات أخينا هاني بن بريك - هداهُ اللهُ - التي وقفت عليها بعد كتابتي للحلقة الأولى من ‘‘ البراهين الجلية ‘‘ لي وقفة مختصرة مع تحذير أخينا عباس الجونة مِني !
لقد وجه أحد المتعصبة هذا الرسالة عبر برنامج ‘‘ الواتس آب ‘‘ لأخينا أبي عمار عباس الجونة - ألهمهُ الله رشده - : (يا شيخ عباس تبين أنَّ صاحب الرسالة أبو قتادة حسام العدني ولقد أرسلها إلى كثير من الإخوة) عنى بها : ‘‘البراهين الجلية‘‘
فأجاب أخونا عباس : (عامي لا تبالي به ان لم يتب هلك مع من هلك سنة الله في خلقه من عادى أهل الحق هلك ان لم يتب) !
وقد نقلت لكم جواب أخينا عباس كما هو دون تصحيح ، وأقول :
أولًا : قبل أنْ أرد على هذه العبارة الصادرة من أخينا عباس أنصح أخانا أبا عمار بأن يتعلم مبادئ علم النحو ، والإملاء فهو ضعيفٌ جدًا في هذا الجانب ، وكم قرأتُ لهُ من العبارات الركيكة التي لا تستقيم مع اللسان العربي ، وقد وجدتُ له كمًا هائلًا من الأخطاء اللغوية ، والنحوية ، والإملائية ، وكأنه يعيش في بلاد العجم ، وليس في دولة عربية !
أقول هذا مع ضعفي الشديد في هذا الفن ! كيف لوْ كنتُ متمكنًا فيهِ ؟! كم سأجد لهُ من هذه الأخطاء ؟!
فأنصح أخانا أبا عمار بدراسة هذا الفن قبل أن يكتب شيئًا !
وأنت يا أبا عمار ما زلت تسكن في منطقة الفيوش ، وما أظن أنَّكَ لا تعلم بالدروس التي تُلْقَى حاليًا في دار الحديث بالفيوش في علوم اللغة العربية !
فإنْ كنتَ لا تعلم فإليكَ قائمة بهذه الدروس لمجموعة من إخواننا الفضلاء :
[1] شرح ابن عقيل ، المدرس : أنيس اليافعي.
[2] قطر الندى ، المدرس : محمد الحسوي.
[3] المتممة ، المدرس : فواز العدني.
[4] المتممة ، المدرس : أحمد الطبقي.
[5] الآجرومية ، المدرس : صديق الشميري.
[6] الآجرومية ، المدرس : محمد الحسوي.
[7] الآجرومية ، المدرس : محمد البكري.
[8] الآجرومية ، المدرس : وديع مهيم.
[9] عنوان الظرف في فن الصرف ، المدرس : محمد الحسوي.
[10] القراءة والكتابة ، المدرس : يحيى الشبوي.
[11] القاعدة النورانية ، المدرس : عبد الرحمن السقاف.
ثانيًا : أقول لأخينا عباس - ألهمهُ الله رشدهُ - اعرف قدر نفسك ولا تخض في فن وأنت لا تحسنه فيا أبا عمار (ليس هذا بعشك فادرجي) فأنتَ لست مؤهلًا للجرح ، ولا للتعديل ، ولست من رجال هذا الفن فأنت معروف ، وقدرك معروف فلا تعدو قدرك يا أبا عمار ، وتواضع ولا تتشبع بما لم تعط.
لمْ نرَ لك جهودًا تُذْكَر لا في مقال ولا في شريط في الفتن السابقة التي مرت بالدعوة السلفية كفتنة أبي الحسن المأربي ، وفتنة يحيى الحجوري ، وفتنة صالح البكري ، وفتنة فالح الحربي ! وفتنة علي الحلبي ، وفتنة سليم الهلالي ! وغيرها من الفتن فَهَلَّا بَيَّنتَ لنا جهودك ! وأظهرتَ لنا أشرطتك ، ومقالاتك في الرد على المبتدعة ، والمنحرفين في الزمن الماضي قبل أنْ يفتنك هاني بن بريك بفتنته ؟!
فلم نرَ لك من هذه الردود العلمية على أهل الباطل شيئًا ، وإنما جهودك منصبة في التحذير من علماء ، ومشايخ أهل السنة في اليمن ! ثم تأتي لنا بالعجائب ، والغرائب في رسالةٍ لك بأنَّ شيخنا العلامة الفقيه عبد الرحمن بن مرعي العدني - حفظه الله - يسير على قواعد وأصول علي الحلبي ، وأبي الحسن المأربي البدعية !
أقول : هَلَّا بَيَّنْتَ ما هي القواعد والأصول البدعية عند الحلبي ، والمأربي أولًا والتي لم تكتب ردًا ولوْ على واحدة منها ، فأنتَ معروف عند كثير من أهل السنة بعدم اهتمامك بالردود العلمية ، وبالصمت في الفتن ، وعدم الرد على أهل البدع.
ثُمَّ بعد ذلك قارن بين هذه الأصول الفاسدة ، والقواعد الكاسدة التي عند الحلبي ، والمأربي - والتي بينها شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي بالأدلة والبراهين - وبين الطريقة السلفية الصحيحة التي يسير عليها شيخنا عبد الرحمن بن مرعي العدني حتى تعرف الفرق الواسع ، والبون الشاسع بين الطريقتين.
يا أبا عمار - أصلحك الله - لا تتكلم في شيء وأنت لا تحسنه فقد أتيت لنا بالغرائب ، والعجائب.
فلست تصلح للجرح ، والتعديل مع هزلك الواضح في هذا الجانب ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، وإنْ كنت قد نسيت فها نحن نذكرك بماضيك في دماج حين غادرها مجموعة كبيرة من طلاب العلم المبرزين والمستفيدين ، ومن هم دونهم بعد قيام يحيى الحجوري بفتنته ، وعدوانه على أهل السنة ، وأنت كنت تداهنه ، وتظهر مودته خوفًا من بطشه ، وسلاطة لسانه فتحضر دروسه ، وتسمع سبابه ، وشتائمه لعلماء أهل السنة ، وتسكت ولا تصدع بالحق ، ولا تنصحه !
بقيت سنوات عدة على هذا الحال محافظًا على مصلحتك الخاصة ، ولم تصدع بالحق ، وقد أوقف الحجوري جميع دروس الإخوة الذين لم يوافقوه على باطلهِ ، وما أوقف دروسك !
ولقد حَذَّرَ العلامة عبيد الجابري - حفظه الله - بالأدلة والبراهين من الحجوري عدة مرات ولم تبال بتحذيره ، وبقيت في دماج تَدْرُس عند الحجوري وتسمع سبابه وشتائمه وتسكت بل وتقوم بالتدريس في المعهد ! وما خرجتَ من دماج إلا في فترةٍ متأخرة ، وقد كنت مبتعدًا عن الإخوة الذين تكلم فيهم الحجوري بغير وجه حق ، والآن سبحانَ الله ! تبرز عضلاتك على علماء أهل السنة ، وتتشنج في كلامك عليهم ، وتظهر نفسك بمظهر الناقد المجرح ، والمعدل ! الغيور على المنهج السلفي !
أين كان ذلك من قبل ؟ هل كنتَ نائمًا ، وفقت من سباتك العميق الآن ؟!
ثالثًا : أَتَشَرَّف بأن أكونَ عاميًّا أعرف قدر نفسي ، وأدافع عن السنة ، وأهلها ، وأرد على الباطل ، وأهله بحدود ما أعلمه ، وأفهمه.
ولا أتشرف بأن أكون مثلك مدافعًا عن الباطل ، وأهلهِ محاربًا للحقِ ، وأهلهِ.
يا أبا عمار من وصفته بالعامي غيرةً على صاحبك هاني بن بريك :
1/ لا يقول بأنه يستطيع صناعة المستحيل ، وقد صنعه.
2/ لا يدعو على ولاة أمور المسلمين من على المنابر.
3/ لا يقول بحمل المجمل على المفصل في غير الكتاب والسنة.
4/ لا يُجَوِّز الخروج على الحاكم المسلم مع وجود القدرة.
5/ لا يجالس أهل البدع والضلال ويثني عليهم.
ولم يخالف أصول ، وقواعد المنهج السلفي ، ويصنع مثل ما صنع صاحبك هاني بن بريك الذي قمت تنتصر له بالباطل ، وتدافع عنه بغير وجه حق.
فإن كنت عارفًا بأصول المنهج السلفي وقواعده ، وكنتَ ذا غيرة على أصول الدعوة السلفية رد على أخطاء هاني بن بريك العقدية والمنهجية ، أوْ رد عليَّ بالأدلة الشرعية ، وبين لمن حذرت مني عندهم وجه الخطأ في مقالي‘‘ البراهين الجلية ‘‘ وإلا فتب إلى الله - سبحانه وتعالى - من ظلمك وبغيك.
واعلم يا أبا عمار أني غير مبالٍ بك ، ولا بتحذيرك مني فهو عندي مثل بالون تَفَرْقَعَ قبل أن يطير في الهواء ، ولكن أحببت من كتابة هذهِ الوقفة أن أبين للناس شيئًا مما يوجد عندك من الهزل الواضح في جانب النقد العلمي ، ومن التعصب للباطل ، وأهله ، وزيف دعواك في الغيرة على المنهج السلفي ، وأنَّ أهلَ الباطلِ ينصر بعضهم بعضًا ، والحامل لهم على ذلك الهوى.
وأنت يا أبا عمار لا تستحق أنْ أكتب فيك مقالًا مستقلًا لضعفك ، وهزلك ، وخورك ، وقلة باعك في جانب النقد العلمي ، ولأنك لست صاحب شبه تحتاج لأنْ تُكْشَف بلْ صاحب باطل مكشوف ، ومفضوح مع وجود الخور العلمي في كلامك في جانب النقد العلمي ، وكأنك أحد العوام ولست من كبار طلاب العلم المستفيدين القدماء في طلب العلم ! فوا أسفاه عليك.
إنما جعلت الرد عليك داخلًا ضمن ردي على صاحبك زعيم ، ورأس الفتنة الجديدة هاني بن بريك لأنك رضيت لنفسك الذل والهوان بأن تكونَ ذيلًا تابعًا لهاني بن بريك وممسحةً لأخطائه الواضحة - مع أنك أرفع منه في العلم الشرعي - فجعلت ردي عليك تابعًا للرد على أخينا هاني بن بريك ، وأنزلتك المنزلة التي أردتها لنفسك ! فهنيئًا لك هذه المنزلة الهابطة.
وأنصحك يا أبا عمار بأنْ ترجع إلى سابق عهدك من الأدب ، والسمت الحسن ، والهدوء ، وأنْ تترك الفوضى ، والشغب ، وإثارة الفتن ، والتحريض ، والطعن في علماء ، ومشايخ أهل السنة والجماعة ، والتمادي في الباطل.


كاتب الموضوع
عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

Re: الحلقة الثانية من( الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة ) م

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة
- الْحَلَقَةُ الثَانِيَة -
(الجزء الثاني)
كتبه :
أَبُوْ قَتَادَة حُسَام بِن أَحْمَد الْعَدَنِي
- كَانَ اللهُ بِعَوْنِهِ -

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
والآن نعود إلى المقصود ، وهو بيان مخالفات أخينا هاني بن بريك ، والرد عليها بالأدلة ، والحجج ، والبراهين.
وكنتُ قد بينت في الحلقة الأولى من مقال ‘‘ البراهين الجلية ‘‘ بعضًا منها ، وليس كلها - بحسب ما ظهر لي - ، وبعد أنْ نشرت المقالَ ظهرَ لي مزيدًا من المخالفات التي وقعَ فيها أخونا هاني ، وإليكم بيانها :
‘‘ المخالفة الحادية عشر ‘‘ : تكفير بعض علماء أهل السنة ، والجماعة في اليمن ، ورميهم بالنفاق الاعتقادي.
قال الأخ هاني بن بريك - هداه الله - :
(عباد الله اعلموا أنَّ قتلانا شهداء - بإذن الله - وأنَّ من مات في صفوف المقاومة شهيد.
قال الله - سبحانهُ وتعالى - : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
وأي مصيبة تصيبنا في معركة أو في هجمة فإنَّ هذا قد أصاب من هم أفضل منَّا.
(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) تأمل هذهِ الآية : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ).
الله أكبر هم للكفر بهذهِ المقولة بخذلانهم لأهل الإيمان ، وبإعراضهم عن المؤمنين في ساحات القتال (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ).
(يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) لأنهم يقولون بأفواههم : " نحن معكم نحن أهل سنة " - وما في القلب - إذا تَقَدَّمَ الحوثي قالوا : " هاااا ألم نقل لكم إنه سينتصر ؟ ألم نقل لكم أنكم لن تستطيعوا مقاومته ؟ ألم نقل لكم أنتم أمام جيش كبير ؟ ألم ألم ألم ؟ " يثبِّطُون ، ويُرجِفون في صفوف أهل الإيمان.
- واللهِ - إنَّ بعضهم يفرح في داخله إذا انتصر الحوثي في جهة حتى يقول : " إننا كنا على صواب عندما قلنا لكم لا تقاتلوا ".
إخواننا طلبة العلم يعلمونَ هذا منهم : ينتظرون أنَّ الحوثي يتقدم حتى يقولوا لنا : " هاااا فلان أخطأ لما أفتاكم بالجهاد ".
أصبحوا ينتظرون نصر الحوثي علينا ، وهذا مطابق تمامًا لهؤلاء : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ).
يريدون نصرَ المؤتمر لقد دَبَّرُوا لنا مكيدة ما كانت تخطر لنا على بال عشناها أهل عدن كان في ضيافتنا - في ضيافة عدن ولحج - خمسمائة طالب علم من أشرف الرجال في القتال وقفوا في دماج فكانوا سدًا منيعًا للحوثي ، فالحوثة بمكرهم قالوا : " لن نريد أنْ تتكرر مقاومة هؤلاء في عدن إذا اجتحناها " فأوعزوا للمفتي أن يُخْرِج فتوى من دار الرئاسة أنَّ الغرباء في الفيوش فقط أنْ يُرَحَّلُوا ، وتعرفونَ أنَّ لحج ، والفيوش بوابة عدن الشمالية فهم أولَ سد خمسمائة مقاتل إذا كانوا الآن بيننا سيحدثون فَرْقَا كبيرًا في المعارك - واللهِ - كنت في المحاضرات يأتوني يقولون : " سنقاتل " ، وكنت أقول لهم - ومنهم من هو بقي الآن معنا هَرَّبْنَاه تهريب خائفين عليه - نقول لهم : " لا ، أهل البلد هم سيدافعون عنكم هم سيدافعون عنكم " لَبَّسُونا لباسَ القاعدة ، والمقاومة - وأنتم أبناء عدن - ليس فيها قاعدة وللهِ الحمد ، وإن وُجِدَت في بعض المحافظات فهي لحالها ما هي مع الشباب ، وليست في صفوف المقاومة أبدًا.
المقاومة يعرفون خطر القاعدة ، ويعرفون أنها انقلبت في ليبيا على المسلمين بعد سقوط القذافي ، وانقلبت في العراق على المسلمين ، وانقلبت في سوريا على المسلمين.
ويريدون الأمر يتكرر الآن في عدن ، وفي المحافظات الجنوبية ، ولن يكون بإذن الله - سبحانه وتعالى - وإنَّا ندعو من هو مغرر به في القاعدة أن يراجع حساباته ، وإلا يشق عصا المسلمين ، وأن يكون مع إخوانه يقاتل تحت راية المسلمين يقاتل مع عباد الله يقاتل مع أهل التوحيد مع أهل السنة ، ونقول له : أهلًا وسهلًا ومرحبًا ، ونصيحة لك لا يُغَرر بك ، ولا تعادي عباد الله.
ولهذا دبروا تلك المكيدة ، وكان صُنَّاعها خدم للحوثي منهم من كان عميل صريح ، ومنهم من كان مغفل نَعَم ينفذ مخططاتهم علم أم لم يعلم فسعى في إخراج هؤلاء ، وخرجوا ، ومنهم من سُجِن قبل أن يخرج ، ومنهم من عُرِّضَ للأذى هو وأهله ، وقد ذكرنا هذه الأحداث عند حصولها ، ولم يكن يدر في خلدنا أنها بتكتيك ، وأنَّ المراد إخراج هذه القوة من عدن ، وقد حصل لهم ذلك لكن فاتهم أن الأسود الرابضة في أوكارها ، وأنَّ رجال عدن ، والمقاومة سواء كانت هذه القوة من الغرباء موجودة أو غير موجودة فهم أهل النزال).
المصدر : خطبة جمعة بمسجد الأنصار بحي عبد العزيز بمديرية المنصورة بمحافظة عدن ألقاها يوم 28 جمادى الآخر 1436 هـــ ، وهي بعنوان : ‘‘ صمتًا فقد نطق الرصاص ، وحسبنا أن الرصاص إلى الجهاد ينادي ‘‘.
التعليق :
لقد تمادى الأخ هاني بن بريك - هداه الله - في غيه ، وبغيه ، وظلمه لعلماء أهل السنة والجماعة ، وفي عدوانه عليهم فحكم عليهم بالكُفْر ، وبأنهم منافقون لأنهم ما أفتوا بقتال الحوثيين !
وانظروا - إخواني في الله - إلى قول أخينا هاني : " أصبحوا ينتظرون نصر الحوثي علينا ، وهذا مطابق تمامًا لهؤلاء : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ).
يريدون نصرَ المؤتمر لقد دَبَّرُوا لنا مكيدة ما كانت تخطر لنا على بال عشناها أهل عدن كان في ضيافتنا - في ضيافة عدن ولحج - خمسمائة طالب علم من أشرف الرجال في القتال وقفوا في دماج فكانوا سدًا منيعًا للحوثي ، فالحوثة لمكرهم قالوا : " لا نريد أنْ تتكرر مقاومة هؤلاء في عدن إذا اجتحناها " فأوعزوا للمفتي أن يُخْرِج فتوى من دار الرئاسة أنَّ الغرباء في الفيوش فقط ، وأنْ يُرَحَّلُوا ".
وركزوا في قوله : " ولهذا دبروا تلك المكيدة ، وكان صُنَّاعها خدم للحوثي منهم من كان عميل صريح ، ومنهم من كان مغفل نَعَم ينفذ مخططاتهم علم أم لم يعلم فسعى في إخراج هؤلاء ، وخرجوا ، ومنهم من سُجِن قبل أن يخرج ، ومنهم من عُرِّضَ للأذى هو وأهله ، وقد ذكرنا هذه الأحداث عند حصولها ، ولم يكن يدر في خلدنا أنها بتكتيك ، وأنَّ المراد إخراج هذه القوة من عدن ، وقد حصل لهم ذلك ".
فقد كَفَّرَ الأخ هاني بن بريك - هداه الله - مجموعة من علماء أهل السنة والجماعة بسبب عدم فتواهم بالجهاد ضد الحوثيين ، ورماهم بالنفاق الاعتقادي.
وانظروا - إخواني في الله - إلى تفسير جماعة من أهل العلم للآية الكريمة التي ذكرها الأخ هاني في خطبته ، وذكرَ إنها تنطبق تمامًا على هؤلاء المشايخ !
[1] قال الإمام الطبري - رحمه الله - في ‘‘ جامع البيان ‘‘ :
(القول في تأويل قوله : {وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون}
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق وأصحابه ، الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، حين سار نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين بأحد لقتالهم ، فقال لهم المسلمون : تعالوا قاتلوا المشركين معنا ، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا ! فقالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم إليهم ، ولكنا معكم عليهم ، ولكن لا نرى أنه يكون بينكم وبين القوم قتال ! فأبدوا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه ، وأبدوا بألسنتهم بقولهم : " لو نعلم قتالا لاتبعناكم " ، غير ما كانوا يكتمونه ويخفونه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به).
وقال أيضًا - رحمه الله - : (وأما قوله : " والله أعلم بما يكتمون " ، فإنه يعني به : والله أعلم من هؤلاء المنافقين الذين يقولون للمؤمنين : " لو نعلم قتالا لاتبعناكم " ، بما يضمرون في أنفسهم للمؤمنين ويكتمونه فيسترونه من العداوة والشنآن ، وأنهم لو علموا قتالا ما تبعوهم ولا دافعوا عنهم ، وهو تعالى ذكره محيط بما هم مخفوه من ذلك ، مطلع عليه ، ومحصيه عليهم ، حتى يهتك أستارهم في عاجل الدنيا فيفضحهم به ، ويصليهم به الدرك الأسفل من النار في الآخرة).
[2] وقال الإمام البغوي - رحمه الله - في ‘‘ معالم التنزيل ‘‘ :
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي : لأجل دين الله وطاعته ، {أَوِ ادْفَعُوا} عن أهلكم وحريمكم ، وقال السدي : أي كثرّوا سوادَ المسلمين ورابطوا إن لم تُقاتلوا يكونُ ذلك دفعاً وقمعا للعدو، {قَالُوا لَوْ نَعْلَم قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ} وهم عبد الله بن أبيّ وأصحابه الذين انصرفوا عن أُحد وكانوا ثلاثمائة قال الله تعالى : {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ} أي : إلى الكفر يومئذ أقربُ {مِنْهُمْ لِلإيمَانِ} أي : إلى الإيمان ، {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِم} يعني : كلمة الإيمان {مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّه أَعْلَم بِمَا يَكْتُمُونَ}.
[3] وقال الإمام السعدي - رحمه الله - في ‘‘ تيسير الكريم الرحمن ‘‘ :
(قال تعالى: {هم للكفر يومئذ} أي : في تلك الحال التي تركوا فيها الخروج مع المؤمنين {أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} وهذه خاصة المنافقين ، يظهرون بكلامهم وفعالهم ما يبطنون ضده في قلوبهم وسرائرهم).
[4] وقال العلامة القرطبي - رحمه الله - في ‘‘ الجامع لأحكام القرآن ‘‘ :
(قوله تعالى : {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان} أي بينوا حالهم وهتكوا أستارهم وكشفوا عن نفاقهم لمن كان يظن أنهم مسلمون فصاروا أقرب إلى الكفر في ظاهر الحال وإن كانوا كافرين على التحقيق).
[5] وقال الإمام الشوكاني - رحمه الله - في ‘‘ فتح القدير ‘‘ :
(قوله : {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ للإيمان} أي : هم في هذا اليوم الذي انخذلوا فيه عن المؤمنين إلى الكفر أقرب منهم إلى الإيمان عند من كان يظن أنهم مسلمون ؛ لأنهم قد بينوا حالهم ، وهتكوا أستارهم ، وكشفوا عن نفاقهم إذ ذاك ، وقيل المعنى : أنهم لأهل الكفر يومئذ أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان.
قوله : {يَقُولُونَ بأفواههم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ } جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما تقدّمها ، أي : أنهم أظهروا الإيمان ، وأبطنوا الكفر).
[6] وقال سماحة الإمام محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في تفسير ‘‘ سورة آل عمران ‘‘ المجلد الثاني صـــ 422 : " وقوله : (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) يعني : كما أنهم يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : نشهد إنك لرسول الله ، ويذكرون الله فيقولون : لا إله إلا الله ، ويحضرون بعض الصلوات على أنهم مسلمون ، فهم - والعياذ بالله - يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، فالذي في قلوبهم الكفر ، والذي في أفواههم الإسلام ".
وقال أيضًا - رحمه الله - في تفسير ‘‘ سورة آل عمران ‘‘ المجلد الثاني صـــ 424 - 425 : " إثبات النفاق في هذه الأمة ؛ لقوله تعالى : (وليعلم الذين نافقوا) أي : بعد إيمانهم ، ولم يبرز النفاق إلا بعد غزوة بدر ، وغزوة بدر كانت في السنة الثانية في رمضان ، وحصل بها للمسلمين من العز ما جعل المنافقين يظهرون نفاقهم ، لأنهم صاروا يخافون من المؤمنين فصاروا ينافقون ، أي يظهرون أنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين ".
فيا أخانا هانيًا - هداك الله - تب إلى الله - سبحانه وتعالى - من رميك لمجموعة من علماء أهل السنة في اليمن - بغير وجه حق - بالكفر والنفاق فهذا المسلك الذي تسلكه هو مسلك الخوارج التكفيريين.
إنَّ غيرتك العمياء - التي هي في غير محلها ، والتي تشبه غيرة الخوارج - دفعتك إلى تكفير علماء أهل السنة في اليمن ممن لم يفت بالجهاد فوقعت في أصلٍ فاسدٍ من أصول الخوارج المارقين.
لقد كَفَّرَتَ هؤلاء العلماء باسم : ‘‘ الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ‘‘ ، وفي حقيقة الأمر ما قمتَ بهِ هو أمرٌ بالمنكر وهو : (تكفير علماء السنة ، ورميهم بالنفاق ، والعمالة ، وسبهم ، وشتمهم ، والطعن في نياتهم) ، ونهيٌ عن المعروف وهو : (توقير ، واحترام علماء أهل السنة والجماعة).
قال شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - : (إعلانهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بنافعهم ؛ لماذا ؟ ((لأنهم يتأوَّلون القرآن على ما يهوون)) ؛ أي والله هذا موجود ((ويموهون على المسلمين)) ؛ فسبحان الله ؛ يتضاءل تمويه الخوارج في العهد السابق أمام تمويه هؤلاء الآن.
المعاصرون تخصصوا في التمويه ، وعندهم دربة هائلة في التمويه والتلبيس.
نفس المرض موجود وهو : سوء الفهم لكتاب الله ، وسنة الرسول صلى اللهُ عليهِ وسلم ، والتمويه وكل ذلك ناشئ عن الهوى - والعياذ بالله -).
‘‘ الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة ‘‘ المجلد الأول صـــ 108
وقال أيضًا : " (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء : 59].
والخوارج ما كانوا يردون مسائل النزاع إلى الله والرسول ؛ وإنما كانوا يردون إلى أهوائهم وتفسيراتهم الفاسدة هؤلاء الآن وقعوا في هذا (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء : 115].
شاقُّوا الله ورسوله ، واتَّبعوا غير سبيل المؤمنين ، فهي نفس طريقة الخوارج ".
‘‘ الذريعة ‘‘ المجلد الأول صــــ : 108 - 109
ومن صفات الخوارج المارقين كما قال - حفظه الله - في حاشية كتاب ‘‘ الذريعة ‘‘ المجلد الأول صـــ 109 : " قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ((إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين)).
علقه البخاري في صحيحه ، في كتاب استتابة المرتدين ، باب : ((قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم)) ، ووصله الطبري في ((تهذيب الآثار)) (مسند علي) بسند صحيح.
قاله الحافظ في ((الفتح)) (12/286).
ووصله كذلك ابن عبد البر في ((التمهيد)) (23/335).
انظر : (تغليق التعليق) لابن حجر (5/259) ".
فأخونا هاني سارَ على هذا الأصل الفاسد من أصول الخوارج فانطلق إلى آيات نزلت في المنافقين الكفار فجعلها على المؤمنين.
وهذا كله بسبب الغيرة العمياء الطائشة ، وكذلك بسبب الحقد والغل الذي في قلبه على علماء أهل السنة والجماعة في اليمن بسبب تحذيرهم من فتنته.
قال فضيلة الشيخ العلامة ربيع المدخلي - حفظه الله - في سياق كلامه عن الخوارج المعاصرين : (فهم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام كما هو الآن ؛ ترى أحقر الناس عندهم العلماء ، ويصفونهم بأنهم لا يعرفون الواقع ، وعلماء حيض ونفاس وعملاء وجواسيس ، وغير ذلك من الأوصاف السيئة.
والخوارج الأوائل ما وصلوا إلى هذهِ الدرجة ، فنحن نناديهم أن يتوبوا إلى الله ، وأن يرجعوا إلى صف المؤمنين ، وأن يحترموا العلماء ولا ينقادوا لسفهاء الأحلام أحداث الأسنان ؛ فإن قادتهم من هذا النوع).
‘‘ الذريعة ‘‘ المجلد الأول صــــ 158.
قلت : ما أشبه هاني بن بريك بهؤلاء الخوارج فأحقر الناس عنده هم علماء أهل السنة والجماعة في اليمن ، وفي خارج اليمن ممن لم يوافقه على هواه ، ويتابعه على فتنته ، وأمَّا من زكاه من علماء أهل السنة ممن يحسن به الظن ولم يقف على باطله ويتبين له أصوله الفاسدة فأخونا هاني - هداه الله - يتستر بمحبتهم ، والدفاع عنهم ليضرب العلماء بعضهم ببعض ، ويشتت الشمل ، ويُفَرِّق الصف.
قال شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - في سياق كلامه عن الفرقة الحدادية : (فقد كانوا إلى عهد قريب يتظاهرون باحترام مجموعة من العلماء ويرون أن من خالفهم فقد كذب الإسلام وكذب القرآن والسنة ونسف الإسلام ، ويدعون إلى تقليدهم بحماس ، فلما ظنوا أنهم قد قوي ساعدهم واشتد عودهم أعلنوا عليهم الحرب وسفهوا أقوالهم وجرَّأُوا عليهم الأوغاد.
وهكذا يتدرجون في دعوتهم السرية ، يبدءون بالتظاهر باحترام الإمام ابن باز إلى ابن تيمية ، ثم يندرجون بالأغرار شيئًا فشيئًا إلى أن يعتقدوا أنهم قد أحكموا القبضة عليهم ، يبدءون في إسقاط العلماء بطريقتهم الماكرة واحدًا تلو الآخر إلى أن يصلوا إلى ابن تيمية).
‘‘ المجموع الواضح في رد منهج وأصول فالح ‘‘ صـــ 485 - 486.
يتبع (الجزء الثالث) من [الحلقة الثانية] بإذن الله - سبحانه وتعالى -


أبوعبدالله الحضرمي
مشاركات: 190
اشترك في: صفر 1436

Re: الحلقة الثانية من( الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة ) م

مشاركة بواسطة أبوعبدالله الحضرمي »

الْبَرَاهِينُ الْجَلِيَّة عَلَى أَخْطَاءِ هَانِي بِن بُرَيْك الْعَقَدِيَّة وَ الْمَنْهَجِيَّة

- الْحَلَقَةُ الثَانِيَة -
(الجزء الثالث)

كتبه :
أَبُوْ قَتَادَة حُسَام بِن أَحْمَد الْعَدَنِي
- كَانَ اللهُ بِعَوْنِهِ -

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

‘‘ المخالفة الثانية عشر ‘‘ جعله جميع أنواع موالاة المسلمين للكافرين من الكفر الأكبر المخرج من ملة الإسلام.

وهذه المخالفة مأخوذة من خطبته التي ألقاها في مسجد الصحابة بعدن يوم 28 جمادى الآخر 1436 هــــ ، والتي هي بعنوان : ‘‘ صمتًا فقد نطق الرصاص ‘‘
حيث قام أخونا هاني بن بريك - هداه الله - بتكفير مجموعة من علماء أهل السنة ممن لم يفت بالجهاد ضد الحوثين بالكفر ، والنفاق.

وإليكم بعض العبارات من خطبته حيث قال :

[1] " الله أكبر (هم للكفر) بهذهِ المقولة بخذلانهم لأهل الإيمان ، وبإعراضهم عن المؤمنين في ساحات القتال (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) ".

[2] " (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) لأنهم يقولون بأفواههم : " نحن معكم نحن أهل سنة " - وما في القلب - إذا تَقَدَّمَ الحوثي قالوا : " هاااا ألم نقل لكم إنه سينتصر ؟ ".

[3] " ينتظرون أنَّ الحوثي يتقدم حتى يقولوا لنا : " هاااا فلان أخطأ لما أفتاكم بالجهاد " أصبحوا ينتظرون نصر الحوثي علينا ، وهذا مطابق تمامًا لهؤلاء : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) ".

[4] " يريدون نصرَ المؤتمر لقد دَبَّرُوا لنا مكيدة ما كانت تخطر لنا على بال عشناها أهل عدن كان في ضيافتنا - في ضيافة عدن ولحج - خمسمائة طالب علم من أشرف الرجال في القتال وقفوا في دماج فكانوا سدًا منيعًا للحوثي ، فالحوثة بمكرهم قالوا : " لن نريد أنْ تتكرر مقاومة هؤلاء في عدن إذا اجتحناها " فأوعزوا للمفتي أن يُخْرِج فتوى من دار الرئاسة أنَّ الغرباء في الفيوش فقط أنْ يُرَحَّلُوا ".

[5] " ولهذا دبروا تلك المكيدة ، وكان صُنَّاعها خدم للحوثي منهم من كان عميل صريح ، ومنهم من كان مغفل نَعَم ينفذ مخططاتهم علم أم لم يعلم فسعى في إخراج هؤلاء ، وخرجوا ".

[6] " ولم يكن يدر في خلدنا أنها بتكتيك وأنَّ المراد إخراج هذه القوة من عدن ".

فالأخ هاني - أصلحه الله - رمى مجموعة من علماء أهل السنة باليمن بالنفاق المخرج من الملة بسبب عدم فتواهم بالجهاد ضد الحوثيين ، واتهم هؤلاء العلماء بالعمالة للحوثيين ، ولحزب المؤتمر ، وأنهم أرادوا أن ينتصر الحوثي ، وجيش المؤتمر من أجل أن يبرهنوا على صحة فتواهم بعدم الجهاد ، وعلى خطأ من أفتى بالجهاد.
وأنهم من أجل تحقيق هذا الأمر لبوا مطالب الحوثي ، ومخططاته بتكتيك ومكيدة وتنسيق مع العميل الصريح (محمد الإمام) ! ، ومع العميل المغفل (عبد الرحمن العدني) ! - حسب زعمه الكاذب - فأخرجوا الغرباء من الفيوش لأنهم كانوا سدًا منيعًا في دماج ضد الحوثي ، وكانوا سيحدثون فرقًا في المعارك إن شاركوا فيها ، ولكن عملاء الحوثة أخرجوهم من الفيوش حتى يسهل على الحوثيين إسقاط محافظتي عدن ، ولحج.

التعليق :

أولًا : من المعلوم أنَّ علماء أهل السنة ، والجماعة في اليمن ما أفتوا بالجهاد ضد الحوثيين بسبب عدم وجود القدرة ، وليس من أجل أن يبرهنوا على صحة فتواهم بعدم الجهاد ، ومن أجل تمكين الحوثيين ، والعفاشيين من بسط سيطرتهم على محافظتي عدن ، ولحج كما يَدَّعِي أخونا هاني في ‘‘ تمثيليته ‘‘ التي أراد بها أن يستفزَ بها مشاعر الناس.
فإنه مع توفر القدرة بعد تدخل قوات دول التحالف العربي أفتى شيخنا الفاضل عبد الرحمن بن مرعي العدني - حفظه الله - بالجهاد لكل من كان يتصل عليه أو يلتقي به ويسأله عن حكم الجهاد ، فيجيبهم بأنه جهاد شرعي ، وأنَّ عليهم نصرة إخوانهم في الجبهات ، وعدم التخاذل.
وأثنى شيخنا العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي - رحمه الله - على عاصفة الحزم عند وصوله إلى أرض المملكة العربية السعودية للعلاج.
وأمَّا بقية العلماء فلم يصرحوا بتأييدهم لعاصفة الحزم ، ودول التحالف العربي لأنَّ مراكزهم تقع في مناطق تخضع لسيطرة قوات الرئيس المخلوع ، والحوثيين ، فإنَّ صرحوا بتأييدهم لعاصفة الحزم سَيُعَرِّضُونَ أهل السنة والجماعة في تلك المناطق للخطر ، والتهلكة ، وستحصل مفسدة كبرى.

ثانيًا : نقول لأخينا المتهور ، والمتسرع في أحكامه هاني بن بريك - هداه الله - :
لو سلمنا لك جدلًا وتمشيًا مع كلامك بأنَّ علماء أهل السنة في اليمن خذلوا المجاهدين بعدم فتواهم بالجهاد ، وأنهم بهذا التخذيل لبوا مطالب الرئيس المخلوع علي (غير صالح) وحليفه الحوثي (المشرك) من أجل مصلحة دنيوية ، وحفاظًا على مصالحهم الخاصة مع بغضهم لمعتقد الرافضة هل هذا الفعل يخرجهم من الإسلام إلى الكفر ؟

فيا أخانا هانيًا : إِنْ كنتَ لا تدري فتلك مصيبة ... وإنْ كنت تدري فالمصيبة أعظم

وإليك تفصيل بعض أقوال أهل العلم في هذهِ المسألة التي أطْلَقْتَ الحكم فيها :

[1] قال سماحة العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - :
" ومظاهرة الكفار على المسلمين تحتها أقسام :
القسم الأول : مظاهرتهم ومعاونتهم على المسلمين مع محبة ما هم عليه من الكفر والشرك والضلال ، فهذا القسم لا شك أنه كفر أكبر مخرج من الملة ، فمن ظاهرهم وأعانهم وساعدهم على المسلمين مع محبة دينهم وما هم عليه والرضا عنهم وهو مختار غير مكره فإنه يكون كفرًا أكبر مخرج من الملة على ظاهر قوله تعالى : (فَإِنَّهُ مِنْهُم) ".
‘‘ دروس في شرح نواقض الإسلام ‘‘ صـــ 159.

وقد ذَكَر سماحته خمسة أقسام لمظاهرة الكفار على المسلمين نقلت لكم من كلامه (القسم الأول) ، وسأنقل لكم من كلامه (القسم الثالث) حتى يعرف الأخ هاني بن بريك الفرق بين القسمين ولا يتكلم بطيش.

قال سماحة العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - :
" القسم الثالث : من يعين الكفار على المسلمين وهو مختار غير مكره مع بغضه لدين الكفار وعدم الرضا عنه فهذا لا شك أنه فاعل لكبيرة من كبائر الذنوب ويخشى عليه من الكفر ".
‘‘ دروس في شرح نواقض الإسلام ‘‘ صــــ 160.

وقد سألهُ سائلٌ : (من عاون المشركين على المسلمين بالسلاح أو غيره مكرهًا أو خائفًا على عرضه فهل يعتبر ارتكب ناقضًا من نواقض الإسلام ؟).

فأجاب سماحته : " هذا كما ذكرنا أنه إذا كان مكرهًا يكون من المستضعفين (لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهتَدُونَ سَبِيلًا) [النساء : 98] أن الله قد عذره إذا كان لا يستطيع حيلة ولا يهتدي السبيل ، وبقي مع الكفار اضطرارًا فهذا قد عذره الله (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء : 99] بشرط أن يكون مبغضًا للكفار ومبغضًا لدينهم ".
‘‘ دروس في شرح نواقض الإسلام ‘‘ صـــ 172 - 173.

وقال سماحته أيضًا في إجابته على سؤال يتعلق بموالاة الكفار :
(التولي على قسمين :
الأول : توليهم من أجل دينهم ، وهذا كفر مخرج من الملة.
الثاني : توليهم من أجل طمع الدنيا مع بغضهم وبغض دينهم وهذا محرم وليس بكفر)
‘‘ دروس في شرح نواقض الإسلام ‘‘ صـــــ 172.

فقد أبانَ العلامة صالحٌ الفوزان - حفظه الله - فيما سبق نقله أنَّ ضابط الولاء الكفري هو نصرة الكفار ، وإعانتهم محبةً لدينهم ، فإن وُجِدَت نصرة وإعانة لأغراض ومطامع دنيوية مع عدم محبة لدينهم كانت هذه النصرة ، وهذه الإعانة من كبائر الذنوب وليست كفرًا.

[2] وقال سماحة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي التميمي - رحمه الله - :
(وتأمل : قصة حاطب بن أبي بلتعة ، وما فيها من الفوائد ، فإنه هاجر إلى الله ورسوله ، وجاهد في سبيله ، لكن حدث منه أنه كتب بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من أهل مكة ، يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره لجهادهم ، ليتخذ بذلك يداً عندهم ، تحمي أهله ، وماله بمكة ، فنزل الوحي بخبره ، وكان قد أعطى الكتاب ظعينة ، جعلته في شعرها ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ، والزبير ، في طلب الظعينة ، وأخبرهما ، أنهما يجدانها في روضة خاخ ، فكان ذلك ، وتهدداها ، حتى أخرجت الكتاب من ضفائرها ، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فدعا حاطب بن أبي بلتعة ، فقال له : " ما هذا " ؟ فقال : يا رسول الله ، إني لم أكفر بعد إيماني ، ولم أفعل هذا رغبة عن الإسلام ، وإنما أردت أن تكون لي عند القوم يد ، أحمي بها أهلي ، ومالي ، فقال صلى الله عليه وسلم : " صدقكم ، خلوا سبيله " واستأذن عمر ، في قتله ، فقال : " دعني أضرب عنق هذا المنافق " ، قال : " وما يدريك ، أن الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم " وأنزل الله في ذلك ، صدر سورة الممتحنة ، فقال : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) الآيات.
فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ، ووصفه به ، وتناوله النهي بعمومه ، وله خصوص السبب ، الدال على إرادته ، معه أن في الآية الكريمة ، ما يشعر أن فعل حاطب نوع موالاة ، وأنه أبلغ إليهم بالمودة ، وأن فاعل ذلك قد ضل سواء السبيل لكن قوله : " صدقكم ، خلوا سبيله " ظاهر في أنه لا يكفر بذلك إذا كان مؤمناً بالله ورسوله ، غير شاك ، ولا مرتاب ؛ وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي ، ولو كفر ، لما قال : " خلوا سبيله ".
ولا يقال قوله صلى الله عليه وسلم : " ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " هو المانع من تكفيره ، لأنا نقول : لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من لحاق الكفر ، وأحكامه ؛ فإن الكفر يهدم ما قبله لقوله تعالى : (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) [المائدة : 5] وقوله : (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) [الأنعام : 88]
والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع فلا يظن هذا.
وأما قوله تعالى : (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [المائدة : 51] وقوله : (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة : 22] وقوله : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) [المائدة : 57] فقد فسرته السنة ، وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل : الموالاة هو : الحب والنصرة ، والصداقة ودون ذلك مراتب متعددة ؛ ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم).
‘‘ الدرر السنية في الأجوبة النجدية ‘‘ (1/472-474).

[3] وقال العلامة القرطبي - رحمه الله - :
(من كثر تطلعه على عورات المسلمين وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافرًا إذا كان فعله لغرض دنيوي واعتقاده على ذلك سليم كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن الدين).
‘‘ الجامع لأحكام القرآن ‘‘ المجلد 18 صــــ 52.

فأخونا هاني - هداه الله - سلك مسلك أهل البدع والضلال في تكفير المسلمين بغير مستند شرعي.
قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - :
(والتجاسر على تكفير من ظاهره الإسلام من غير مستند شرعي ولا برهان مرضي يخالف ما عليه أئمة العلم من أهل السنة والجماعة ، وهذه الطريقة هي طريقة أهل البدع والضلال ، ومن عدم الخشية والتقوى فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال).
‘‘ الرسائل ، والمسائل النجدية ‘‘ (3/20).

تنبيه :
أخي القارئ لو رَكَّزْتَ ، ودققت في كلام أخينا هاني بن بريك - هداه الله - الذي ورد في خطبته لوجدت أنه لا يُكَفِّر علماء أهل السنة والجماعة باليمن ممن لم يفت بالجهاد فحسب بل تكفيره أيضًا شمل كل من لم يشارك في القتال ، وعمل بفتاوى علماء أهل السنة باليمن ، فمن أطلق عليهم وصف : ‘‘ المخذلة ‘‘ هم جميعهم عنده كُفَّار ، وانظر كلامه حيث قال : " الله أكبر (هم للكفر) بهذهِ المقولة بخذلانهم لأهل الإيمان ، وبإعراضهم عن المؤمنين في ساحات القتال (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ).
(يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) لأنهم يقولون بأفواههم : " نحن معكم نحن أهل سنة " - وما في القلب - إذا تَقَدَّمَ الحوثي قالوا : " هاااا ألم نقل لكم إنه سينتصر ؟ ألم نقل لكم أنكم لن تستطيعوا مقاومته ؟ ألم نقل لكم أنتم أمام جيش كبير ؟ ألم ألم ألم ؟ " يثبِّطُون ، ويُرجِفون في صفوف أهل الإيمان ".
وهذا تكفير بالجملة - والعياذ بالله - ، ونسأل الله لنا ولأخينا هاني الهداية.

يتبع (الجزء الرابع) بإذن الله - سبحانه وتعالى -

أضف رد جديد