سلسلة النساء الفقيهات


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1873
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(32)سلسلة النساء الفقيهات

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(32)سلسلة النساء الفقيهات

 

 

           الصفرة
والكُدرة في آخر الحيض قبل الطهر


 

قال الإمام مالك في «الموطأ»(1/65):
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ  مَوْلاةِ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى
الله عَلَيه وَسَلم، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ  رضي الله عنها 
زَوْج النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بِالدِّرَجَةِ فِيهَا
الْكُرْسُفُ، فِيهَا الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ: لا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ
الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ.

 تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَ.  

هذا أثر حسن لغيره؛
مَرجانة، والدة علقمة، تُكْنى أم علقمة، علّق لها البخاري في الحيض، وهي مقبولةٌ.

وأما علقمة بن أبي
علقمة: بلال المدني، مولى عائشةَ، وهو علقمة بن أم علقمة، واسمها مَرْجانة: ثقةٌ
عَلَّامة.

وللأثر طريق أُخرى
يتقوى بها عند الدارمي(891) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِذَا رَأَتِ
الدَّمَ، فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ أَبْيَضَ
كَالْقَصَّةِ، ثُمَّ تَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي.

 

والكرسف: القُطن.

الصُّفْرة: لونٌ
كالصَّديد يعلوه صُفْرة.

وأما الكدرة: فلونٌ
بنِّي كالماء الوسخ.

القصة البيضاء: قال
ابن عبد البر في «الاستذكار»(1/325): الْمَاءُ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَدْفَعُهُ
الرَّحِمُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، يُشَبَّهُ؛ لِبَيَاضِهِ بِالْقَصِّ،
وَهُوَ الْجَصُّ.

 

وفيه
من الفوائد:

-اهتمام نساء السلف
الصالح بأمور دينِهِن.

قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(1/324):
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مَا كَانَ نِسَاءُ السَّلَفِ عَلَيْهِ مِنَ
الِاهْتِبَالِ بِأَمْرِ الدِّينِ.

 وَسُؤَالِ مَنْ يُطْمَعُ بِوُجُودِ عِلْمِ مَا
أَشْكَلَ عَلَيْهِنَّ عِنْدَهُ.

 قَالَتْ عَائِشَةُ: رَحِمَ اللَّهُ نِسَاءَ
الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنْ أَمْرِ
دِينِهِنَّ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ-
ابن عبد البر-: وَهَكَذَا الْمُؤْمِنُ مُهْتَبِلٌ بِأَمْرِ دِينِهِ، فَهُوَ رَأْسُ
مَالِهِ.

-أن أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كانت مرجعًا عند
الإشكالات للنساء وأيضًا للرجال.

روى الإمام الترمذي
رحمه الله (3883)عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا
عَائِشَةَ، إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا.

-أن الصُّفرة في آخر
الحيض قبل الطهر من الحيض.

ومثله الكُدرة.

وكما روى البخاري (326)عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: كُنَّا لاَ نَعُدُّ
الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا.

ورواه أبو داود (307)
بلفظ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا.

-أن القَّصة البيضاء
علامة على طهر المرأة.

والقَصة البيضاء هي
إحدى علامات الطُّهر، وهي أقوى العلامتين.

والعلامة الثانية:
الجفاف.

قال النووي رَحِمَهُ
الله  في «المجموع»(2/543): عَلَامَةُ
انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، وَوُجُودِ الطُّهْرِ: أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ
وَخُرُوجُ الصفرة والكدرة، فإذا انقطع طهرت، سَوَاءٌ خَرَجَتْ بَعْدَهُ رُطُوبَةٌ
بَيْضَاءُ أَمْ لَا.

- عدم استعجال المرأة
في الاغتسال حتى تطهر.

قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(1/325):
أَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ،
فَإِنَّهَا تُرِيدُ لَا تَعْجَلْنَ بِالِاغْتِسَالِ إِذَا رَأَيْتُنَّ
الصُّفْرَةَ؛ لِأَنَّهَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْحَيْضَةِ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ
الْبَيْضَاءَ.

-تفقد المرأة نفسها
في أواخر الحيض، ولا تُهْمِل؛ للتأكد من طهارتِهَا.

-أنها تمسح موضع الأذى
بشيءٍ أبيض كالقُطن والمنديل دون الألوان الأخرى؛ لأنه أوضح في التمييز؛  لبياضه.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/07/32.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1873
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(33)سلسلة النساء الفقيهات

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(33)سلسلة النساء الفقيهات

 
                 مِنْ فقْهِ أم
الدحداح رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا


عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً، وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا،
فَأْمُرْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا، فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَعْطِهَا إِيَّاهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ» فَأَبَى، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ،
فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي. فَفَعَلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ
النَّخْلَةَ بِحَائِطِي. قَالَ: «
فَاجْعَلْهَا لَهُ، فَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا».

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ
مِنْ عَذْقٍ رَدَاحٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ»، قَالَهَا مِرَارًا.

قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ، فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ
بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ.

فَقَالَتْ: رَبِحَ الْبَيْعُ. أَوْ
كَلِمَةً تُشْبِهُهَا. رواه أحمد(19/464).

فيه من الفوائد:

زهد أم الدحداح وزوجها، وإيثار ما عند الله على
الدنيا.

أن الزوجة الصالحة لا تقف في وجه زوجها إذا أراد
أن يفعل معروفًا، وقد خرجت أم الدحداح- عند أن قال لها زوجها: يَا أُمَّ
الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ، فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي
الْجَنَّةِ-، مِن غير عتاب ولا ملامة، وتسخُّطٍ وتخويف بالفقر، بل خرجت من
الحديقة ومن غير استفسار أو جدال، ومسرورة مستبشرة، وتقول: رَبِحَ الْبَيْعُ؛
لأن عندها يقينًا أن زاد الآخرة باقي وزاد الدنيا فاني.

فرضي الله عن أم الدحداح وزوجها أبي الدحداح،
وأرضاهما.

وفيه: قوة
اليقين بوعد الله وأنه حق، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة:
111].

وفيه: أن من
قَدَّم لنفسِهِ خيرًا فقد ربح ولم يخسر.

وفيه: تأكيد المرأة الصالحة إحسان زوجها وتشجيعه.

وفيه: فقه أم الدحداح؛ فلا يُسابق إلى هذه
الخصال، ويؤثر الباقي على الفاني، والآجل على العاجل إلا من عنده فقه وعِلْمْ.

اللهم اجعلنا من السبَّاقين إلى رضاك وجنتك.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/06/33_25.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1873
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(34)سلسلة النساء الفقيهات

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(34)سلسلة النساء الفقيهات

 
من
فقه أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

 

عن عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: «مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ
وَلا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلا
تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلا تَسَلْ
عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ
تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي» رواه البخاري (2013)، ومسلم (738).

 

هذا الحديث فيه:

حرص عائشة على
العلم؛ فهي تستفسر عما يشكل عليها، وقد كانت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حريصة على
العلم، حتى إنها كانت لا تعرف شيئًا إلا راجعت فيه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري في كتاب العلم، وهذا من فقهِهَا
وعُلُوِّ هِمَّتِهَا.

 وهكذا ينبغي للمرأة أن تحرص على الاستفادة وعلى
ما ينفعها.

وللأسف استفسار
كثير من النساء على العكس، عن الأمور الدنيوية، عن الأمور التافهة، والتنقيب عن
أمورٍ الخيرُ في الإعراض عنها.

 وقد ثبت عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ
حُنَيْفٍ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسًا، وَنَفَرٌ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْنَا رَجُلًا إِلَى عَائِشَةَ
لِيَسْتَأْذِنَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ سَائِلٌ مَرَّةً،
وَعِنْدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرْتُ لَهُ
بِشَيْءٍ، ثُمَّ دَعَوْتُ بِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تُرِيدِينَ أَلَّا يَدْخُلَ بَيْتَكِ
شَيْءٌ، وَلَا يَخْرُجَ، إِلَّا بِعِلْمِكِ» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَهْلًا يَا
عَائِشَةُ، لَا تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكِ» رواه النسائي
(2549)، وهو في «الصحيح المسند» (1552) لوالدي رَحِمَهُ الله.

معنى «لا
تُحْصِي» الإحصاء: الإفراط فِي التَّقَصِّي والاستئثار. كما في «كشف المشكل من
حديث الصحيحين» (4/ 451).

وهذا حال كثير
من النساء إلا من رحم الله الاستقصاء في معرفة كل شيء، والاستفسارات عن حالِ الناس
وما قالوا وما فعلوا، وليس لها من وراء ذلك أي فائدة، الفائدة أن تحرص على رعاية أولادِهَا،
وقيامها بمسؤوليتها، وما يُقَرِّبها من ربِّهَا.

فالشيء الذي
لا يُحتاج له تجنَّبِيه ودعي التنقيب عنه، « لَا تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكِ»، الجزاء من جنس العمل، تنقِّبين وتريدين ألَّا يخفى عليكِ
شيء تجازَين بنفس ذلك، تجدين من يكون لك بهذه المثابة، كما قيل: لتشرَبَنَّ من نفس الكأسِ
‏التي سقيتَ منها غيركَ.

فاستغلي وقتك،
واعمريه بما ينفعك، واستعيني بالله ولا تعجزي.

[مقتطف من
دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/11/34.html

أضف رد جديد