(65) العلم وفضله
أيهما أفضل العلم أو نوافل
العبادة؟
قَالَ
أَبُو الفَضلِ أَحمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَجَرٍ العَسقَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:
بَابُ
صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
قال الإمام
الصنعاني رَحِمَهُ اللهُ في «سبل السلام» (3/5): أَيْ: صَلَاةُ الْعَبْدِ
التَّطَوُّعَ، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَحَذْفِ فَاعِلِهِ.
اهـ.
وقوله: (بَابُ) خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون مبتدأً
والخبر محذوف، ويجوز فيه النصب أي: اقرأ بابَ صلاة التطوع.
والتطوع:
النافلة.
ومن حكمة شرعية
نوافل الصلاة وسائر نوافل العبادات:
أنها تجبر النقص في
الفريضة، كما قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ
مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا
كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَمَّهَا، قَالَ: انْظُرُوا
تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَأَكْمِلُوا مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَتِهِ،
ثُمَّ الزَّكَاةُ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ» رواه الإمام
أحمد (34/ 293) عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو في «الصحيح المسند» (1478)
لوالدي رَحِمَهُ الله.
فهذا دليل على
أن النافلة تجبر النقص في الفريضة، فلا يفرَّط أو يتساهل فيها.
والنوافل
كالسياج تحمي صاحبها من المعاصي والفتن، وتعينه على الثبات، ويتناول ذلك قوله
تَعَالَى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ
الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
(45)﴾[/b].
وبها يزيد
الإيمان، وتكثر الحسنات.
وقد تكلم أهل
العلم على المقارنة بين العبادة وطلب العلم، وقد ثبت عن الإمام الشافعي رَحِمَهُ
اللهُ أنه قال: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ. كما في
«آداب الشافعي ومناقبه» (72).
ونقل النووي
رحمه الله في مقدمة «المجموع» (1/ 21) الاتفاق على ما أفاده هذا الأثر، وقال:
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ
أَفْضَلُ مِنْ الاشتغال بِنَوَافِلِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ نَوَافِلِ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ. وَمِنْ دَلَائِلِهِ:
أَنَّ نَفْعَ
الْعِلْمِ يَعُمُّ صَاحِبَهُ وَالْمُسْلِمِينَ، وَالنَّوَافِلُ الْمَذْكُورَةُ
مُخْتَصَّةٌ بِهِ.
وَلِأَنَّ
الْعِلْمَ مُصَحِّحٌ، فَغَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ وَلَا
يَنْعَكِسُ.
وَلِأَنَّ
الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يُوصَفُ الْمُتَعَبِّدُونَ بِذَلِكَ.
وَلِأَنَّ
الْعَابِدَ تَابِعٌ لِلْعَالِمِ مُقْتَدٍ بِهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ طَاعَتُهُ، وَلَا
يَنْعَكِسُ.
وَلِأَنَّ
الْعِلْمَ تَبْقَى فَائِدَتُهُ وَأَثَرُهُ بَعْدَ صَاحِبِهِ، وَالنَّوَافِلُ
تَنْقَطِعُ بِمَوْتِ صَاحِبِهَا.
وَلِأَنَّ
الْعِلْمَ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ المراد.
وقد
قُدِّمَ سؤالٌ لوالدي رحمه الله: أين أفضل النوافل أو طلب العلم؟
جواب والدي:
العلم نور يقذفه الله في قلب العبد، ولا تعارض بين النوافل وطلب العلم.
فمن الخطأ
التهاون في العبادة؛ بحجة الانشغال بالعلم والدروس، والعبادة من العمل بالعلم،
وطلب العلم إنما هو للعمل به والانتفاع، قال الله تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ
خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)﴾[/b].
[مقتطف من
دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله تَعَالَى]
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/11/65.html