نظرات فيما نشره الحذيفي مؤخرا من وقفات ( الحلقة الخامسة ) - الشيخ السدعي

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

نظرات فيما نشره الحذيفي مؤخرا من وقفات ( الحلقة الخامسة ) - الشيخ السدعي

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

بسم الله الرحمن الرحيم
نظرات فيما نشره الحذيفي من وقفات
(الحلقة الخامسة)


إنكار الحذيفي على الشيخ الإمام في الضابط لتمييز السني من غيره.

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
أما بعد:



فقد بينت –بفضل الله- في الحلقتين (الثالثة) و (الرابعة) المنهج السلفي في التفريق في الحكم على الفرق المنحرفة من حيث العموم والتعيين، والتعامل الشرعي مع الزلة الصادرة من العالم السني الصادرة عن اجتهاد.
وبينت هناك –بفضل الله- مخالفة الحذيفي لمنهج السلف في هاتين المسألتين، بإنكاره التفريق في الحكم على الفرق المنحرفة من حيث العموم والتعيين، وإخراجه للعالم السني بالزلة الكبيرة الصادرة عن اجتهاد.
وقد حصل بسبب زلل الحذيفي عن المنهج السلفي في هاتين المسألتين خطأ عجيب وتأصيل غريب في مسألة الضابط لتعريف السني وتمييزه عن غيره.

فقد نقل الحذيفي في رسالته (وقفات مع الإبانة) قول الشيخ الإمام: (فاتضح من كلام أهل العلم أن السني من عرف باتباع الأصول الثابتة القرآن والسنة وما عليه سلف الأمة)
ثم تعقبه بقوله: هذه الأصول لا تكفي؛ لأنها عامة لا تميز أهل السنة الخلص من غيرهم، بدليل ما استنتجه المؤلف.
وزعمه أن هذا من كلام أهل العلم فيه نظر، والميزان عند الأئمة هو التمسك بالإسلام الخالص.
قال البربهاري في (شرح السنة): ولا يحل لرجل أن يقول فلان صاحب سنة حتى يعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، فلا يقال فيه صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها.
فهذا الأصل أدق من الأصول التي ذكرها المؤلف.اهـ

سبحان الله! الاتباع للأصول العظيمة الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة لا تميز عند الحذيفي السني الخالص من غيره!!!!!


ماذا يريد الحذيفي للسني حتى يصير سنيا خالصا، وقد اتبع هذه الأصول العظيمة التي هي الإسلام المحض الخالص!!!


وما أشبه الحذيفي في هذا التأصيل بالحدادية الذين كانوا يلقبون أنفسهم بأهل السنة المحضة!
قال الوالد العلامة ربيع –حفظه الله- عن الحدادية: هم أهل السنة المحضة زعموا! وهم من أفراخ القطبية وأنابهم! ويسمون أنفسهم بأهل السنة المحضة كذبا وزورا! (تعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة) (ص87)

وما أشبه الحذيفي في هذا أيضا بالحجاورة الذين فرقوا في خلال فتنتهم بين أهل السنة النصحاء الخلص –يعنون أنفسهم- وبين غيرهم من أهل السنة!
والحذيفي هنا يلقب من كان على شاكلته بأهل السنة الخلص!
تشابهت قلوب الحدادية والحجاورة والبريكيين في تمييز أنفسهم عن غيرهم بألقاب وتزاكي تخصهم!

فإن قلت: فمن هو إذا السني الخالص عند الحذيفي الذي لا يكفي اتباع الأصول الثلاثة لتمييزه؟
فالجواب: لعل السني الخالص عند الحذيفي هو من كان على شاكلته الذين لقبهم الإمام الوادعي بأصحاب المنهج وطرد بعضهم من الدار، وأراد طرد البعض الآخر كالحذيفي لولا أنه شعر بذلك ففر هاربا!
السني الخالص هم أمثال الحذيفي الذي بلغ به الخلوص في السنة إلى اختلاق الأخطاء لعلماء أهل السنة ومحاولة تضخيمها.
السني الخالص هم أمثال الحذيفي الذي بلغ به الخلوص في السنة إلى تتبع عثرات علماء أهل السنة وتضخيمها وتهويلها، ولو كان عذرهم واضحا كالشمس في رابعة النهار!

السني الخالص هم أمثال الحذيفي الذي بلغ به الخلوص في السنة أنهم يرون القذى في أعين غيرهم ولا يرون الجذع في أعينهم!

السني الخالص هم أمثال الحذيفي الذي بلغ به الخلوص في السنة أنه لا يفرق في الحكم على المبتدعة من حيث العموم والتعيين! كما سبق بيانه –بفضل الله- في (الحلقة الثالثة).
السني الخالص هم أمثال الحذيفي الذي بلغ به الخلوص في السنة أنه يخرج من السنة من وقع في زلة كبيرة –حسب تعبيره- ولو كان معروفا باتباع الأصول الثلاثة العظيمة، وكانت زلته ناتجة عن اجتهاد؟!!
هؤلاء هم أهل السنة الخلص عند الحذيفي وأمثاله.

والناظر في تعريفات أهل العلم للسلفي يجدها لا تخرج عن التعريف الذي أتى به الشيخ الإمام، وهو: (الاتباع للأصول الثلاثة الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح)
وبعضهم يقتصر على ذكر الأصل الثالث لتضمنه للأصلين الأوليين.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: «هم المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان» ”مجموع الفتاوى“ (2/375)


وقال الإمام السفاريني –رحمه الله-: «المراد بمذهب السَّلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وأعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وأئمة الدين، ممن شُهِدَ له بالإمامة وعَظُم شأنه في الدين» ”لوامع الأنوار البهية“ (1/20)


وقالت ”اللجنة الدائمة للإفتاء“: «السلف هم أهل السنة والجماعة المتبعون لمحمد -صلى الله عليه وسلم- من الصحابة –رضي الله عنهم- ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة».”فتاوى اللجنة الدائمة“ (2/240).


وقال سماحة الإمام ابن باز –رحمه الله-: «إن السلف هم أهل القرون المفضلة، فمن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم فهو سلفي، ومن خالفهم في ذلك فهو من الخلف» ”تعليقات التويجري على الحموية“ (ص203)


وقال الإمام ابن عثيمين –رحمه الله-: «أهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً حتى المتأخر إلى يوم القيامة، إذا كان على طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإنه سلفي» ”شرح العقيدة الواسطية“ (1/53-54)


وَسُئِلَ شيخنا الوادعي –رحمه الله- عن مفهوم الدعوة السلفية؟ فأجاب: «مفهوم الدعوة السلفية هو التمسك بالكتاب والسنة على ما فهمه السلف الصالح» ”قمع المعاند“ (ص353).


وسُئِلَ –رحمه الله-: متى يحكم على الشخص بأنه سلفي أو سني؟
فأجاب: «يحكم عليه بأنه سلفي أو سني إذا كان يعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله على فهم السلف -إلى أن قال:- فالدعايات لا تنفع، فإن السني هو الذي يعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في حدود ما يستطيع، على فهم سلفنا الصالح)”غارة الأشرطة“ (1/156)

فإن كان تعريف الشيخ الإمام للسلفي بأنه من اتبع الأصول الثلاثة العظيمة الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح يعد تعريفا قاصرا قادحا في سلفيته فيلزم الحذيفي أن يكون هذا أيضا قدحا في سلفية هؤلاء الأئمة الأعلام!!!

ولا منافاة بين كلام هؤلاء العلماء وبين كلام البربهاري وشيخ الإسلام الذي نقله الحذيفي، وذلك من ثلاثة أوجه:


الأول: أن من تمسك بهذه الأصول العظيمة الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، فقد تمسك بالإسلام الخالص عن الشوب، وقد اجتمعت فيه خصال السنة كلها.


الثاني: كونه يقع في بعض الزلات اجتهادا منه مع كونه معروفا بالتمسك بالثلاثة الأصول العظيمة هذا لا ينافي كونه متمسكا بالإسلام الخالص، وإلا لزم من ذلك إخراج من لم يسلم من زلة من الزلات من علماء أهل السنة.


الثالث: شيخ الإسلام الذي نص على الإسلام الخالص عن الشوب، هو الذي قرر أكثر من مرة كما سبق معنا –بفضل الله- في (الحلقة الثالثة) التفريق في الحكم على أهل الأهواء من حيث العموم والتعيين.
وهو الذي نص كما سبق معنا –بفضل الله- أن كثيرا من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا أو فعلوا ما هو بدعة؛ لأعذار لهم في ذلك.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


كتبه/ نور الدين السدعي، بتاريخ (29 / 12 /1436 هـ)

أضف رد جديد