المجالس
لها أماناتها
عَنْ عَائِشَةَ
زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: جَاءَتْنِي
امْرَأَةٌ، وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، فَسَأَلَتْنِي فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي
شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَأَخَذَتْهَا
فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ
قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ
إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» رواه البخاري (1418)، ومسلم (2629)
واللفظ له.
سمَّى النّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رزق البنت محنة وابتلاءً؛ لأن النفوس مجبولة
بحب الذُّكور، ثم رغَّب النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
في الإحسان إلى هؤلاء البنات؛ ليتنافس الآباء والأمهات في الإحسان إليهن، فمن أحسن
إليهن كن له حجابًا من النار، أي: سترًا من النار.
فما أعظم رحمة
الأبوين!
يقدمان الولد في
الراحة، يقدمانه في المطعم والمشرب، يقدمانه في النوم، يقدِّمان احتياجاته على
احتياجات النفس، ولننظر إلى هذه المرأة كيف آثرت ابنتيها على نفسِها، ولم تذق
شيئًا مع شدة الحاجة؟
كما
نستفيد من هذا الحديث: أنه لا
مانع أن المرأة تحكي شيئًا لزوجها من المحادثات، ومما حصل في اللقاء من أشياء
عادية أو للمصلحة، وإلا فالمجالس لها أماناتها، فما تنقلين كل شيء تسمعينه، وما
تنقلين الأوصاف أيضًا، وصف النساء هذه كذا وهذه كذا، إما مدح أو ذم، إما عيوب أو
محاسن، فالمجالس لها أماناتها، لكن للحاجة، أو في أشياء عادية، ومن دون ذكر
الأوصاف لا بأس بذلك.
وينبغي تربية الأولاد
على هذا الأدب.
وقد كان من تأديب والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ
الله لنا الزجر عن نقل أخبار النساء الذي لا يليق نقله، ويقول: ليس كل شيء تخبروني
به.
[مقتطف من كلمة
التراحم بين الآباء والأبناء لابنة الشيخ مقبل بن هادي رَحِمَهُ الله مع بعض
التصرف اليسير]
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/09/100.html