اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(1) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 
مؤلف «ثلاثة الأصول»هو: الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من كبار العلماء.
قال رَحِمَهُ اللهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
(بِسْمِ اللَّهِ) الباء للاستعانة، أي: أستعين بالله. والاستعانة بالله: يفيد البراءة من الحول والقوة، والاعتراف بالضعف والعجز والتقصير.
يقول الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح البيقونية»(19): المعنى أبتدِئ بكل اسم من أسماء الله . اهـ.
وقد بدأ المؤلف رَحِمَهُ اللهُ كتابه بالبسملة؛ اقتداءً بكتاب الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، واقتداءً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في مراسلاته.
والجار والمجرور في (بِسْمِ اللَّهِ) متعلقان بفعل محذوف متأخِّرٍ مناسب للمقام.
 (اللهبمعنى: المألوه، وهو المعبود، المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) نعتان للفظ الجلالة، واختلفوا في التفرقة بين (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): والذي ذهب إليه ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ أن (الرَّحْمَنِ)يتضمن إثبات صفة ذاتية، و(الرَّحِيمِ)يتضمن إثبات صفة فعلية.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (اعلَم رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَينَا تَعَلُّمُ أَربَعِ مَسَائِلَ)
(اعلَم) كلمة يؤتى بها؛ لتنبيه المخاطب على أهمية الأمر.
(رَحِمَكَ اللهُ) هذا فيه الدعاء- للمخاطَب والتلميذ- والتلطف.
والرحمة إذا أُفردت تشمل المغفرة، فمن قال: رحمك الله، فقد دعا بمغفرة ذنوبك والعصمة منها في المستقبل. وأما إذا قُرِنت بالمغفرة، فالمغفرة لِما مضى من الذنوب، والرحمة والتوفيق للخير والسلامة من الذنوب في المستقبل. كما قال الشيخ ابن عثيمين في شرح هذا الكتاب.
(أَنَّهُ يَجِبُ عَلَينَا تَعَلُّمُ أَربَعِ مَسَائِلَ) هذا فرض عين؛ لأن العلم على قسمين: فرض عين كالتوحيد، وأركان الإيمان، وأركان الإسلام. وفرض كفاية فهو: إذا قام به البعض سقط عن الآخرين.
والبدء بالعقيدة في طلب العلم واجب؛ لأن العقيدة هي الأساس والنجاة؛ ولهذا في الحديث «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»، وهذا فيه البدء بالأهم فالأهم.
 (الأُولَى: العِلمُ، وَهُوَ مَعرِفَةُ اللهِ، وَمَعرِفَةُ نَبِيِّهِ، وَمَعرِفَةُ دِينِ الإِسلَامِ بِالأَدِلَّةِ)
(مَعرِفَةُ اللهِ)فنعرفه بأنه الرب الواحد المعبود وحده لا شريك له، ونعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله. ومن عرف الله حق معرفته،عظَّمَهوانقاد له وخضع له ولدينه وشرعه؛ ولهذا يقول الله : ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾[الأنعام: 91].
ومن ازداد بالله علمًا ازداد إيمانًا وتعظيمًا له، وازداد عبادة لله ودينًا، وازداد خشوعًا وزهدًا في الدنيا.
(وَمَعرِفَةُ نَبِيِّهِ) أنه محمد بن عبدالله، أرسله الله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أرسله الله رحمة للعالمين، وأن من أنكر عموم رسالته إلى الثقلين لا يكون مؤمنًا؛ فإن الله يقول: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾[الأنعام: 19].
ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» رواه الإمام مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ..
(وَمَعرِفَةُ دِينِ الإِسلَامِ) أنه دين الله الحق، من ابتغى غيره كان من الضالين الغاوين الخاسرين، قال الله: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[آل عمران: 85].
(بِالأَدِلَّةِ) أي: أن معرفة الله، ونبيه، ودين الإسلام يكون بالأدلة، ولا يكون بأقوال الرجال وآرائهم، ولا يكون بالتقليد، وقد أنكر الله على المقلدة في آيات كثيرة، كقوله سُبحَانَهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾[لقمان: 21].
 (الثَّانِيَةِ: العَمَلُ بِهِ)أي: العمل بالعلم، ولا يكون العلم نافعًا إلا بالعمل به، وقد ذمَّ الله أهل الكتاب في آياتٍ كثيرة على تركهم العمل، كقوله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[البقرة: 89].
والعلم شجرة والعمل ثمرة، فلا يأنس أحدٌ بالعلم وهو مفرِّطٌ في العمل؛ لأن هذا علم لا ينفع.
 (الثَّالِثَةِ: الدَّعوَةُ إِلَيهِ) الدعوة إلى ما تعلمه، هذا من مراتب العلم: تبليغه ونشره، الدعوة إلى الله ما تكون في أول مرتبة، تكون بعد التعلم، ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[يوسف: 108].
والدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء والمرسلين ومن أفضل الأعمال، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾[فصلت].
الدعوة إلى الله من بركة العلم، ومن العمل بالعلم، ومن أسباب نماء العلم وثمرته، ومن خدمة العلم، ويدخل في الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 (الرَّابِعَةِ: الصَّبرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ) الداعي إلى الله لا بُد أن يؤذى فيجب الصبر على الأذى في سبيل الله، وكما قال ربنا سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾[الأنعام: 34].
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر])
(وَالدَّلِيلُ) أي: دليل الأربع المسائل.
﴿وَالْعَصْرِ أقسم الله بالعصر، وهو الزمن.
﴿ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ أي: كل الناس في خسارة إلا من توفر فيهم أربع صفات: إيمان، وعمل صالح، والدعوة إلى الله، والتواصي بالصبر.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: لَو مَا أَنزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلقِهِ إِلَّا هَذِهِ السُّورَةُ لَكَفَتهُم)
الشافعي : محمد بن إدريس رَحِمَهُ اللهُ.
وهذا كما قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ هنا في «شرح ثلاثة الأصول»(27): مراده رحمه الله أن هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين الله بالإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله، والصبر على ذلك، وليس مراده أن هذه السورة كافية للخلق في جميع الشريعة. اهـ.
 (وَقَالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: بَابُ العِلمِ قَبلَ القَولِ وَالعَمَلِ) قول البخاري في «صحيحه»في كتاب العلم.
 (وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ فَبَدَأَ بِالعِلمِ قَبلَ القَولِ وَالعَمَلِ)فالعلم هو القائد للعمل، العلم متبوع والعمل تابع.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/1_25.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(2) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(2) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 


قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: اعلَم رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ وَمُسلِمَةٍ تَعَلُّمُ ثَلَاثِ هَذِهِ المَسَائِلِ، وَالعَمَلُ بِهِنَّ. الأُولَى: أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا، وَلَم يَترُكنَا هَمَلًا، بَل أَرسَلَ إِلَينَا رَسُولًا؛ فَمَن أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ).
(أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا) الخالق هو الله وحده، قال الله سبحانه: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾[فاطر: 3].
وخَلْقُ الله للكائنات من عَدَمٍ، وأما خَلْقُ المخلوق فمن وجود. وخَلْقُه عن قوة وقُدرة، أما خلق المخلوق فعلى حاله يعتريه العجز والضعف والتعب والعَنَاء. وخلْقُ الله العُلْوي والسفلي عن تناسق وإحْكَام وإتقان. وخلق الله يدل على كمال علمِهِ وشموله، لا يخفى عليه شيء.
وقد كان كفار قريش يُقِرُّون بأن الله هو الخالق، كما قال الله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ(61)﴾[العنكبوت: 61].
والله يحاجُّهم إذا كنتم تقرون بأن الله هو الخالق، فيلزمكم أن تقروا بأن الله هو الواحد في ألوهيته لا شريك له، يقول الله: ﴿ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)﴾[النحل: 17].
وإذا جاءت وسوسة وأفكار رديئة في الشك أن الله هو الخالق للكائنات، فعلينا بعلاجِه وقَطْعِهِ، روى الامام مسلم (134) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ». وفي رواية: «فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ».
وإذا دافعها المسلم فإنها لا تضرُّهُ؛ لأن هذا يدل على إيمانه وعقيدتِه، روى الإمام مسلم (132) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟»قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ».
«صَرِيحُ الْإِيمَانِ» أي: خالصه.
 (وَرَزَقَنَا) الرزاق هو الله، كما قال ربنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)﴾[الذاريات: 58].
 ومن حكمة الله  أن جَعَلَ أرزاق العباد متفاوتة، قال الله: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)﴾[الزخرف]. ﴿ سُخْرِيًّا أي: يسخِّر بعضهم لبعض.
 (وَلَم يَترُكْنَا هَمَلًا) فالله لم يخلق الخلق عبثًا، وإنما خلقهم لأمر عظيم وهو عبادة الله والتمسك بدينه وشرعه. قال الله: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)﴾[القيامة: 36].
نستفيد من هذا: الحث على توحيد الله، والتمسك بهذا الدين الحنيف؛ ولهذا نفى ربنا المساواة بين المسلم والفاسق، قال الله: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾[السجدة: 18].  
(بَل أَرسَلَ إِلَينَا رَسُولًا..) هذا بيان أن الله لم يتركنا همَلًا، فالله أرسل إلينا رسولًا؛ لنعبدَهُ ونطيعه، كما قال الله: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)﴾[الجمعة: 2].
 (فَمَن أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ)
يجب علينا وعلى هذه الأمة جميعًا طاعةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم واتِّبَاعُهُ، قال الله: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ(32)﴾[آل عمران: 32]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه البخاري (7280) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
نستفيد: أن طاعة النّبِيّ صلى الله عليه وسلم نجاة من النار، ومن لم يتَّبع النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فهو من أهل النار.
 قوله رحمه الله: (وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16)﴾[المزمل])
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا﴾ يعني: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ ﴾، أي: أنه بلغ رسالة ربه إليكم.
﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ أي: موسى عليه الصلاة والسلام أرسله الله إلى فرعون.
﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ أي: شديدًا، أما في الدنيا فأغرقه الله، وأما في الآخرة فيدخله الله النارَ، قال الله: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾[غافر: 46].  وهذه الآية من أدلة عذاب القبر.
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: (الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللهَ لَا يَرضَى أَن يُشرَكَ مَعَهُ أَحَدٌ فِي عِبَادَتِهِ، لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرسَلٌ. وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)﴾[الجن: 18].)
وهذا هو توحيد الألوهية، توحيد الله على ثلاثة أقسام:
توحيد الربوبية: إفراد الله بالملك والخلق والتدبير، أو توحيد الله في أفعاله.
توحيد الألوهية وهو: إفراد الله بالعبادة.
وتوحيد الأسماء والصفات وهو: ألَّا نسمِّيَ الله ولا نصفه إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
(لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ) أي: من المقربين عِنْدَ الله، مثل: جبريل عليه الصلاة والسلام؛ لأن الملائكة تتفاوت مراتبهم.
فالله لا يرضى بالشرك، قال الله: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر: 7].
 فلا يجوز صرف العبادة لغير الله؛ لأن توحيد الألوهية توحيد الله في أفعال العباد، ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾[البينة: 5].
 (وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)﴾) في هذه الآية: تطهير المساجد من الشركيات والبدعيات. يقولالله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)﴾[النور: 36].
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: (الثَّالِثَةُ: أَنَّ مَن أَطَاعَ الرَّسُولَ وَوَحَّدَ اللهَ لَا يَجُوزُ لَهُ مُوَالَاةُ مَن حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَو كَانَ أَقرَبَ قَرِيبٍ. وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ﴾الآية)
هذه المسألة الثالثة: تجنب موالاة الكافرين، ولو كانوا أقرب قريب كالأب والأم كما في هذه الآية، وهذا من عقيدتنا: الحب في الله والبغض في الله.
ونستفيد من هذه الآية وما في معناها: أن رابطة العقيدة أقوى من رابطة النسب.
هناك محبة طبيعية هذه تجوز، يجوز للمسلم أن يحب الكافر غير المحارِب محبة طبيعية؛ لقرابتِهِ، أو لإحسانِهِ وَحُسْن معاملَتِهِ.
﴿ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أي: أقرباءهم.
﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ﴾ومن ثبت الإيمان في قلبه فلن يتزحزح بإذن الله عن دينِهِ، ولن تؤثِّر فيه الشبهات ولا الشهوات.
﴿وَأَيَّدَهُمْ﴾، أي: وقوّاهم ببرهان منه ونور وهدى.
﴿بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ أي: بنصرٍ منه.  

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/2_25.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(3) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(3) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 


 (اعلَم أَرشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ) فيه الدعاء للمخاطب وللطالب بالرُّشد.
والرشد: ضد الغي،  والرشد نأخذه من الكتاب والسنة، ولن يكون أحد من الراشدين إلا بصفتين: الإيمان بالله وحده لا شريك له، والامتثال لأمره.
 (لِطَاعَتِهِ) الطاعة: موافقة المراد، فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور. كما في «شرح ثلاثة الأصول»(37)للعثيمين رحمه الله.
(أَنَّ الحَنِيفِيَّةَ مِلَّةُ إِبرَاهِيمَ: أَن تَعبُدَ اللهَ وَحدَهُ مُخلِصًا لَهُ الدِّينَ)
الحنيف: هو المقبل على الله المعرض عما سواه.
الله يأمر نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ باتباع ملة ابراهيم: ﴿ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)﴾ [النحل:123]. وأمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تبع له، وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(130)﴾ [البقرة:130].
 في هاتين الآيتين: الأمر باتباع ملة نبي الله براهيم عليه الصلاة والسلام.
 وقال عَزَّ وَجَل في الاقتداء بالأنبياء: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام:90]. فدين الأنبياء واحد من حيث أصول التوحيد والعقيدة والمكارم، وأما شرائعهم فمختلفة كما قال سُبحَانَهُ: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة:48].
 (مِلَّةُ إِبرَاهِيمَ: أَن تَعبُدَ اللهَ وَحدَهُ مُخلِصًا لَهُ الدِّينَ) فيه أن ملة أبينا إبراهيم فيها الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له.
(مُخلِصًا لَهُ الدِّينَ) ولا تقبل العبادة إلا بالتوحيد والإخلاص ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ﴾ [الكهف:110].
 وروى مسلم (2985) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».
 (وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُم لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾ [الذاريات:56]. وَمَعنَى يَعبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ)
هذه الغاية من خلق الثقلين -الإنس والجن- أن يعبدوا الله وحده.
 (وَمَعنَى يَعبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ) هذا تفسير ﴿ لِيَعْبُدُونِ﴾، وقال بعضهم: إلا لآمرهم وأنهاهم، وهذا التعريف أعم يدخل فيه توحيد الله عَزَّ وَجَل وغيره من الأوامر والنواهي.
ومما يؤيد القول الثاني أن شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ قال: الْعِبَادَة هِيَ: اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة.
والعبادة في اللغة: الخضوع والتذلل، يقال: طريق معبَّدٌ، أي: مذلَّلٌ.
والعبودية قسمان: عبودية عامة، وهي: عبودية القهر والمُلك، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿نْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) ﴾ [مريم:93].
 وعبودة خاصة، وهي: عبودية امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، قال سُبحَانَهُ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان:63]. هي التي تنفع، وهي التي فيها النجاة من النار، أما عبودية القهر والملك فهي بغير اختيار أحد، وهي ملك لله، الكل عبيد لله عَزَّ وَجَل.
وبعضهم يزيد عبودية خاصة الخاصة: من الأنبياء، والمسابقين من أولياء الرحمن.
وقد استفدنا من والدي رَحِمَهُ اللهُ أن هذا التعبير تعبير صوفي؛ الأولى تركه -عبودية خاصة الخاصة-.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَأَعظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ: التَّوحِيدُ، وَهُوَ إِفرَادُ اللهِ بِالعِبَادَةِ)
قال سُبحَانَهُ: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[الإسراء:23].
(وَهُوَ إِفرَادُ اللهِ بِالعِبَادَةِ) هذا توحيد الألوهية، وهو الذي يحاجُّ الأنبياء قومهم عليه: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف:95]. وفي آيات كثيرة الله عَزَّ وَجَل يحاج مشركي قريش على إقرارهم بتوحيد الربوبية وإنكارهم توحيد الألوهية؛ لأنه يلزم من أقر بتوحيد الربوبية أن بقر بتوحيد الألوهية، فالله عَزَّ وَجَل يحاجهم: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) ﴾ [الزخرف:87].
فيلزم من أقرَّ بتوحيد الربوبية أن يوحِّد الله في ألوهيته، وتوحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات.
 شروط توحيد الألوهية:
عِلْمٌ يَقِينٌ وَإخْلَاصٌ وَصِدْقُكَ مَعْ ... مَحَبَّةٍ وَانْقِيَادٍ وَالقَبُولِ لَهَا
وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأنداد قد ألها
أركان «لا إله إلا الله»:
لها ركنان: نفي، وإثبات. النفي في قوله: «لا إله» أي: نفي لجميع ما يُعبد من دون الله . «إلا الله» إثبات العبودية لله وحده لا شريك له، قال تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)﴾ [الحج:62].
(وَأَعظَمُ مَا نَهَى عَنهُ: الشِّركُ وَهُوَ دَعوَةُ غَيرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾[النساء:36].)
قال سُبحَانَهُ: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)﴾ [البقرة:22]. وسئل النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رواه البخاري (4477)، ومسلم (86).
(وَهُوَ دَعوَةُ غَيرِهِ مَعَهُ) نص على دعاء غير الله، ويشمل كل عبادة تُصرف لغير الله، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» رواه أبوداود في «سننه» (1479) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وهو في «الصحيح المسند» لوالدي رحمه الله.
والشرك على قسمين:
شرك أكبر: هو مساواة غير الله بالله فيما هو خاص بالله.
شرك أصغر: ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر. ومن أمثلته: يسير الرياء، وقول: ما شاء الله وشاء محمد، والحلف بغير الله، إذا لم يعتقد تعظيم المخلوق كتعظيمه لله أو أشد، فهذا شرك أصغر، أما إذا اعتقد تعظيم المحلوف به كتعظيمه لله أو أشد فهو شرك أكبر.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/01/3_31.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(4) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(4) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 
 

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الإِنسَانِ مَعرِفَتُهَا؟ فَقُل: مَعرِفَةُ العَبدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. )
 هذه الأصول الثلاثة:
(مَعرِفَةُ العَبدِ رَبَّهُ) هذا الأصل الأول.
(وَدِينَهُ) هذا الأصل الثاني.
(وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ) هذا الأصل الثالث.
هذه الأصول الثلاثة هي التي يُسْأل عنها الميت في قبره، وهي فتنة القبر، وقد جاء أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ استعاذ من فتنة القبر، فقال: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالهَرَمِ وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ» رواه البخاري(6368) عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
هذه الأسئلة الثلاثة مَنْ عرفها وآمن بها فقد وجد حلاوة الإيمان، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» رواه مسلم(34)عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (فَإِذَا قَيلَ لَكَ: مَن رَبُّكَ؟ فَقُل: رَبِيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ العَالَمِينَ بِنِعَمِهِ) هذا معنى الرب.
والربوبية قسمان: عامة، وخاصة.
الربوبية العامة: ربوبية الخلق والملك والتدبير والإنعام، هذه عامة لجميع الخلق.
الربوبية الخاصة: ربوبية النُّصرة، والهداية، والحفظ، والرعاية، وهذه لأولياء الله عَزَّ وَجَل.
ويشمل النوعين قوله تَعَالَى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)﴾[الفاتحة: 2].
ومن معاني الرب: المالك، والسيد، والمنعم، والمربي، والمصلح.
والرب إذا كان محلى بـ«أل» فهو خاص بالله لا يطلق على غيره، أما إذا أضيف فيجوز أن يطلق على المخلوق، كما قال الله عن نبيه يوسف عليه الصلاة والسلام: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾[يوسف: 41]. فهنا بمعنى: السيد.
قوله: (وَهُوَ مَعبُودِي لَيسَ لِي مَعبُودٌ سِوَاهُ) وهذا هو توحيد الألوهية.
(وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾) الحمد: الإخبار بمحاسن المحمود مع المحبة والتعظيم.
تعريف العالمين، العالمين: جمع عالَم –بفتح اللام أما عالم بكسر اللام فهو ضد الجاهل-: وهو كل ما سوى الله.
قوله: (وَأَنَا وَاحِدٌ مِن ذَلِكَ العَالَمِ)أي: يقول المجيب في جوابه: (وَأَنَا وَاحِدٌ مِن ذَلِكَ العَالَمِ) فلا يخرج شيء من الكائنات عن العالَم.
قوله: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفتَ رَبَّكَ؟ فَقُل: بِآيَاتِهِ وَمَخلُوقَاتِهِ)
آيات الله على قسمين:
كونية: وهي المخلوقات ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾[فصلت: 37].
وآيات شرعية: وهي الوحي المنزل من عند الله على أنبيائه ورسله.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَالدَّلِيلُ قَولُه تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾) فنحن نعرف ربنا بآياته الكونية والشرعية، فالمخلوقات والآيات الشرعية تدل على الخالق.
قوله تَعَالَى: ﴿ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)﴾ فيه النهي عن عبادة غير الله، ومنه السجود، السجود عبادة خاصة بالله، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْكُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَلِزَوْجِهَا» رواه الترمذي(1159) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو في «الصحيح المسند»(1286) لوالدي رَحِمَهُ الله.
وقد ثبت أن الشمس والقمر يكوَّران يوم القيامة، روى البخاري(3200) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشَّمْسُ وَالقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، أي: ويرمى بهما في الناركما في بعض الروايات، وهذا ليس من باب التعذيب للشمس والقمر، فهما مسخَّران لله سُبحَانَهُ، ولكنه من باب التبكيت والتوبيخ لعابديهما.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾الآية )
قوله سُبحَانَهُ: ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ خلق سبحانه السموات في يومين، وخلق الأرض في أربعة أيام، كما في سورة فصلت.
والسموات: سقف الأرض، قال تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)﴾[الأنبياء: 32]. كما أن العرش سقف الجنة، بل وسقف المخلوقات، النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَىالجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ» رواه البخاري (7423) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
﴿ ثُمَّ اسْتَوَى ﴾استوى لها أربعة معانٍ في اللغة العربية: علا، وارتفع، وصعد، واستقر. والاستواء صفة فعلية من صفات الله الفعلية، وأما العلو فهو صفة ذات، قال سُبحَانَهُ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)﴾[سبأ: 23].
﴿ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ العرش لغة: السرير.
﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ﴾ أي: يغطي الليل النهار بظلامه.
﴿ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ أي: يبادر سريعًا في وقته.
﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ﴾ أمر الله عَزَّ وَجَل على قسمين:
 أمر كوني قدري: وهذا يتعلق بالمخلوقات، كما في قول الله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾[الأحقاف: 25].
وأمر شرعي ديني: وهذا يتعلق بشرع الله، وهي: أوامره ونواهيه، كقوله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)﴾[النحل: 90].
ومن الفروق بينهما:
الأمر كوني يتحقق ولا يمكن أن يتخلف.
الديني قد يقع وقد لا يقع.
﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾في هذه الآية دليل أن القرآن كلام الله وليس بمخلوق؛ لأن القرآن داخل في الأمر، ففيه رد على المعتزلة القائلين بخلق القرآن.
﴿ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: تعاظم الله رب العالمين سبحانه، وتبارك من خصائص الله عَزَّ وَجَل، فلا يقال للمخلوق: تبارك، وهذا من الأخطاء التي يقع فيها العوام.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/4_14.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(5) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(5) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 
 


قوله رَحِمَهُ اللهُ:  (وَالرَّبُّ هُوَ المَعبُودُ) أي:  المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
(وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى:  ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 21-22])
سورة البقرة مدنية،  وقد نادى الله سبحانه بقوله:  ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾،  والغالب في مناداة الله لخلقه أن ما كان بلفظ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ فهو مكي،  وما كان فيه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو مدني.
﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ أي:  وحدوه وأطيعوه.
﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾ الخلق:  هو الإيجاد والتكوين.
﴿ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ أي:  وخلق الذين من قبلكم.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾«لعل» للتعليل،  أي:  لتطيعوه وتتقوه.  
التقوى لغة:  اتخاذ حاجز بينك وبين ما تكره. واصطلاحًا:  عبارة عن امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾«جعل» في هذه الآية محتمل أن تكون بمعنى:  خلق،  ويكون ﴿ فِرَاشًا ﴾ حال،  ومحتمل أنها بمعنى:  صير،  ويكون ﴿ فِرَاشًا ﴾المفعول الثاني.
﴿الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾ هذا فيه أن الله جعل الأرض للخلق فراشًا،  يسكنون فيها،  ويرتاحون،  وينامون،  ويمشون،  ويعملون، فراش وذلول ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا [الملك: 15 وقرار ﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا ﴾[النمل: 61 ومهادًا ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)﴾[النبأ: 6 وبساطًا،  قال تعالى:  ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) ﴾ [نوح:19].  
﴿ وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ﴾ أي:  سقفًا لمساكنكم.  
﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً السماء المراد بها ههنا:  السحاب،  قاله المفسرون.
﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ أي:  رزقًا لكم ولمواشيكم.  
﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ الند:  الشبيه والنظير.
﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)﴾ أي:  تعلمون أن الله خالقكم ورازقكم ومدبركم،  فلماذا تشركون به وتعبدون غيره؟!
ونستفيد: 
-الأمر بعبادة الله وحده،  واجتناب الشرك.
-محاجة من يشرك بالله، كيف يشرك بالله وهو الذي خلقه وخلق الأولين والآخرين؟!
-أن من عبد الله فقد اتقاه.  
-هذه الآية ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾ استدل بها بعض من قال:  إن الأرض مبسوطة،  أي:  مسطحة وليست كروية؛  لقوله:  ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾،  والآية كما ذكر أبو حيان الأندلسي:  لا تدل على ذلك،  وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم،  والذي رجحه شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ وهو الذي عليه جمهور أهل العلم أن الأرض كروية الشكل وليست مسطحة؛  لقوله تَعَالَى:  ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)﴾[الانشقاق: 3].  يعني:  يوم القيامة.  وأما من قال:  الأرض مسطحة فاستدلوا بقوله تَعَالَى:  ﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)﴾[الغاشية: 20].  والجواب عن هذه الآية:  أنها لا تنافي أن تكون الأرض كروية.
كما نستفيد من هاتين الآيتين:  الإيمان بالبعث والنشور من ثلاثة أوجه:  
الأول:  خلْقُ الخلق،  فإن خلق الخلق دليل على البعث،  وكما قال الله:  ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[الروم: 27].  
الثاني:  خلق الأرض والسماء،  قال الله:  ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27)﴾[النازعات: 27].  هذا برهان آخر على الإيمان بالبعث،  وأن الله قادر على ذلك.  
الثالث:  إخراج النباتات ومن أرض قد تكون يابسة،  وتنبت بالزرع والنباتات،  هذا دليل على إحياء الله عَزَّ وَجَل الخلق بعد مماتهم،  قال الله:  ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)﴾[فصلت: 39].  
واشتملت الآيتان على رُكنَي لا إله إلَّا الله:  ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ إثبات، ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ﴾ نفي.
(قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:  الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشيَاءِ هُوَ المُستَحِقُّ لِلعِبَادَةِ) الخالق لهذه الأشياء خلق الأولين والآخرين،  خلق الأرض والسماء،  إخراج النباتات من الأرض الميتة دليل على أن الله عَزَّ وَجَل مستحق للعبادة وحده لا شريك له،  ودليل على البعث والنشور.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/02/5_18.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(6) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(6) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 


قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَفِي الحَدِيثِ: «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ»)
نحن في سياق تعداد أنواع من العبادات، فمن أنواع العبادات وأجلِّها: الدعاء.
وهذا الحديث: «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ» بهذا اللفظ ضعيف؛ فيه عبدالله بن لهيعة.
ومعناه صحيح، ثابت من حديث عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ﴿قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر: 60 رواه أبو داود (1479وهو في «الصحيح المسند»(1159)لوالدي رَحِمَهُ الله.
ومعناه: أي: معظم العبادة.
الدعاء نوعان:
دعاء مسألة: وهو: طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو دفع ضر.
دعاء عبادة: ما لم يكن فيه سؤال ولا طلب.
والدعاءان متلازمان.
وقوله: (وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾[غافر: 60])
نستفيد:
-أن الذي لا يملك ضرًّا ولا نفعًا لا يستحق أن يُدْعَى.
-فضل الدعاء، وأنه من أجلِّ العبادات.
-وفيه وعد الله باستجابةدعاء من دعاه.
-في الآية: دليل على أن الدعاء عبادة.
-أن دعاء غير الله شرك أكبر، فلو دعا مخلوقًا حيًّا فيما لا يقدر عليه أو ميتًّا فهذا شرك أكبر ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)﴾[المؤمنون: 117].
 أما دعاء المخلوق الحي فيما يقدر عليه فهذا جائز «وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ» رواه مسلم (2162)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ على أحد الاحتمالين.
وكان والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ اللهُ يسأل: ما حكم دعاء غير الله؟
ومن أجاب بأنه شرك أكبر ولم يُفصِّل، كان لا يرتضي جوابه، ويقول: دعاء غير الله على قسمين: شرك أكبر، وجائز. يقول رَحِمَهُ اللهُ: وإلَّا وقعنا في التناقض.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الخَوفِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)﴾[آل عمران: 175])
الخوف: هو الذعر، وهو انفعال يحصل بتوقع ما فيه هلاك أو ضرر أو أذى.كما في «شرح ثلاثة الأصول»(53)للعثيمين رَحِمَهُ اللهُ.
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ الآية فيها حذف: يخوفكم. كما استفدته من والدي رَحِمَهُ الله.
فنستفيد: أن الشيطان هو الذي يبعث الخوف والرعب في قلوب المؤمنين من أتباعه، وقد ثبَّتَ الله المؤمنين ونهاهم عن الخوف منهم، فقال: ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
والخوف على أقسام:
-خوف من الله، وهذه عبادة جليلة، وهي من أعظم أسباب دخول الجنة ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)﴾[الرحمن: 46].
والمراد بالخوف من الله المحمود الذي يبعث على فعل الطاعة، ويردع عن المعصية، أما إذا تجاوز ذلك إلى اليأس والقنوط،  أو أورث الخوف ضعفًا نفسيًّا، أو مرضًا، أو موتًا، أو غشيًا فهذا خوف ليس بمحمود.
-خوف طبيعي، وهو الخوف الجبلِّي هذا جائز، قال تَعَالَى: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)﴾[القصص: 21]. يخاف مثلًا: من السَّبُع، يخاف على بيته من اللصوص أو ماله، يخاف من النار، من الثعبان، يخاف من بيتٍ فيه ميت.
-خوف العبادة، وهو كما قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح ثلاثة الأصول»(57): أن يخاف أحدًا يتعبَّد بالخوف له، فهذا لا يكون إلا لله تعالى، وصرفه لغير الله تعالى شرك أكبر.اهـ.
-خوف السِّر، يخاف من غير الله في شيءٍ لا يقدر عليه إلا الله، هذا شرك أكبر.
وهناك من يخاف من الجن، أو يخاف إذا وجدَ مصروعًا؛ بسبب صرع الجني له. هذا ملحق بالخوف الطبيعي.
وسمعتُ والدي رَحِمَهُ الله يقول: لا يجوز أن ترميَ الذي يخاف من صرع الجني للإنسي بأنه جبَان.
وهناك خوف أوهام، ومثَّل الشيخ ابن عثيمين في «القول المفيد»(2/68)لهذا، بـمثل: أن يرى ظل شجرة تهتز، فيظن أن هذا عدو يتهدده.
قال: فهذا لا ينبغي للمؤمن أن يكون كذلك، بل يطارد هذه الأوهام؛ لأنه لا حقيقة لها، وإذا لم تطاردها؛ فإنها تهلكك.اهـ.
ومن إساءة الأم في تربية ولدها: أن تملأ قلبه بالرعب والأوهام، فيصير رعديدًا جبَانًا، وقد يُؤثِّر في نفسيته إذا كبر، فلا يكون عنده الشجاعة؛ فلهذا يقول والدي رَحِمَهُ اللهُ: الأم الجاهلة تملأ قلب ولدها أوهامًا، حتى إنه ربما يخاف من ظله.اهـ.
فيجب على الأم أن تغرس في قلب ولدها العقيدة الطيبة، وأن النفع والضر بيد الله.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ﴾ [الكهف: 110])
الرجاء بمعنى: التوقع والأمل، ممدود. كما في « حاشية ثلاثة الأصول»(59) لابن القاسم.
رجاء الله على أقسام:
-أن يفعل الطاعة؛ رجاء ثواب الله.
-أن يتوب إلى الله إذا أذنب فيرجو مغفرة الله، الأول في الطاعة والثاني في الذنب، يتوب منه يرجو مغفرة الله.
-أن يرجو ثواب الله من غير عمل، وهذا مذموم.
فلا بد من رجاء مع العمل وإلا لم ينفع، وكما في هذه الآية ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ﴾ [الكهف: 110].
والرجاء والخوف متلازمان، فكل خائف راجٍ، وكل راجٍ خائف.
فالمؤمن يجمع بين الخوف والرجاء، وقد ذهب أهل العلم إلى أنه ينبغي تغليب جانب الخوف في حال الصحة؛ ليكون هذا حاجزًا له عن المعاصي، ومحفِّزًا له على الخير، وفي حال المرض يُغلِّب جانب الرجاء؛ لما روى الإمام مسلم (2877)عَنْ جَابِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
ومن هنا ينبغي أن يكون عند المحتضَر بعض أهل الفضل؛ لأنه ينتفع بمجالسته، فيذكِّره برحمة الله ومغفرته، وأنه قادم على رحيم؛ حتى لا يقنط المحتضَر من رحمة الله.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/6_10.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(7) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(7) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 


قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ التَّوَكُلِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) ﴾ [المائدة].)
التوكل: صدق اعتماد القلب على الله في جلب المنافع وترك المضار.
والتوكل على الله وحده لا شريك له واجب، وتقديم المعمول في قوله تَعَالَى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ﴾يفيد الحصر، أي: لا تتوكلوا إلا على الله وحده.
وأما التوكل على المخلوق فعلى قسمين:
-شرك أكبر، وهو: أن يعتمد على مخلوق ميِّت في جلب منفعة أو دفع ضرٍّ.
-شرك أصغر، وهو: أن يعتمد على مخلوق حيِّ فيما أقدره الله عليه من المال والمعونة.
-وهناك قسم آخر وهو التوكيل، النيابة في الأعمال الدنيوية جائزة، وقد وكَّل النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير واحد من صحابته، كعروة بن مضرس البارقي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكَّله النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شراء شاة.
ونستفيد من الآية: أن التوكل على الله شرط في صحة الإيمان، فلا يتم الإيمان إلا بالتوكل على الله.
وقول الله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ أي: كافيه، وهذا فيه فضل التوكل على الله، فمن توكل على الله واعتمد عليه كفاه الله كل سوء.
 وبعضهم يقول: توكلت على الله وعلى فلان، وهذا من الألفاظ الشركية، وإذا أتى بلفظ «ثم» بدل الواو: توكلت على الله ثم عليك، فهذا جائز، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز رَحِمَهُ اللهُ.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الرَّغبَةِ وَالرَّهبَةِ وَالخُشُوعِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) ﴾[الأنبياء: 90])
الرغبة: كما قال ابن القاسم في «حاشية ثلاثة الأصول»(62): السؤال والطلب، والابتهال والتضرع.
أيضًا يقول رَحِمَهُ اللهُ: والرهبة: الخوف والفزع.
والخشوع كما قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «مدارج السالكين» (1/518): وَالْحَقُّ أَنَّ الْخُشُوعَ مَعْنًى يَلْتَئِمُ مِنَ التَّعْظِيمِ، وَالْمَحَبَّةِ، وَالذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ.
ومن جوامع أدعية النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث وفيه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ، مُخْبِتًا، أَوْ مُنِيبًا» رواه أبو داود (1510)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهو في «الصحيح المسند»(606)لوالدي رَحِمَهُ الله.
وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» الحديث رواه البخاري(247ومسلم (2710).
نستفيد من الآية: أن المسارعة إلى الخير من أسباب استجابة الدعاء، فالله ذكر نبيه زكريا واستجابةَ الدعاء له، ثم قال: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾، فمن كان مسارعًا إلى الخير؛ فإنه يُجاب دعوتُهُ بإذن الله.
قال رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الخَشيَةِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ﴾[البقر: 150])
الخشية: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم، كما قال تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]. وكلما كان أكثر علمًا كان أكثر خشيةً لله، يقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ» رواه مسلم (1108)عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ.
وخشية الله تكون في السر والعلن؛ ولهذا من جوامع أدعية النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ..» رواه النسائي (1305) عن عمار بن ياسر.
وهناك من يخشى الله بين الناس، فإذا خَلَا وقع في العظائم، وارتكب ذنوب الخلوات، وكأن الله لا يراه ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)﴾ [النساء: 108]. فنسأل الله أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة.
ومن أدلة الحث على خشية الله: قول الله سبحانه في صفات المحسنين ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)﴾ [المؤمنون: 57].
وقال الله مبينًّا جزاء أهل الخشية ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) ﴾ [البينة: 8].
قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾[الزمر: 54])
والإنابة أعلى مقامات التوبة؛ لأن الإنابة تشتمل على معاني التوبة وزيادة، وهي الإقبال على العبادة، بخلاف التوبة فقد يكون الإقبال على الله ضعيفًا.
شروط التوبة: أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم ألَّا يعود إليها أبدًا، والشرط الرابع في حقوق الآدمي: أن يرجع الحقوق إلى أهلها، حقوق الآدميين مبنية على المشاحَّة، وحقوق الله مبنية على المسامحة؛ فلهذا يوم القيامة يكون القصاص في المظالم التي تكون بين العباد، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ»رواه البخاري (6864)، ومسلم (1678)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود.
﴿ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾أي: استسلموا لله بطاعته.
الإسلام على قسمين:
كوني قدري: فالكل خاضع لله مستسلم له قهرًا وقدرًا وملكًا، قال الله: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)﴾ [آل عمران: 83].
وشرعي ديني: وهو: الاستسلام لأحكام الله الشرعية، ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/03/7_14.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(8) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(8) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 

الاستعانة

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الاستِعَانَةِ قَولُهُ تَعَالَى:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾ [الفاتحة: 5]، وَفِي الحَدِيثِ:
«إِذَا استَعَنتَ فَاستَعِن بِاللهِ»)

الاستعانة: طلب العون.

وفي
هذه الآية الكريمة: أن الاستعانة لا تكون إلا
بالله وحده؛ لأنه قدم المفعول به، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.

وطلب
العون من الله عبادة عظيمة، فلهذا النّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل:  «أُوصِيكَ
يَا مُعَاذُ
: لَا
تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ
: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رواه أبو داود (1522وهو في «الصحيح
المسند»(1107) لوالدي رَحِمَهُ الله.

وفي
هذا الحديث يقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم «إِذَا
استَعَنتَ فَاستَعِن بِاللهِ»
قطعة من حديث عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا في تعليم العقيدة.

ويقول
النبي صلى الله عليه وسلم: «وَاسْتَعِنْ
بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ» رواه الإمام مسلم (2664) عن أَبِي
هُرَيْرَةَ.

ويشتد
الحرص على الاستعانة بالله عند الشدائد وتوقع المكروه.

حكم الاستعانة بالمخلوق:

v           
شرك أكبر، وهو أن يستعين بميت أو بمخلوق حي في شيء لا يقدر
عليه.

v           
أن يستعين بمخلوق فيما
يقدر عليه، وهذا جائز،
قال الله : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2وكان
النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستعين بصحابته في نشر الدعوة وتبليغ العلم.

v           
وهناك الاستعانة بالأعمال
الصالحة، قال سُبحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[البقرة: 153].

الاستعاذة

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الاستِعَاذَةِ قَولُهُ تَعَالَى:
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)﴾ [الفلق: 1]، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
النَّاسِ﴾ [الناس: 2])

الاستعاذة: طلب العوذ.

والاستعاذة
تكون بالله وبأسمائه وصفاته﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ(1)﴾.


وعن
جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ
عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾[الأنعام: 65قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»،
قَالَ: ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾[الأنعام: 65قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»
﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ
بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾[الأنعام: 65] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا أَهْوَنُ-أَوْ
هَذَا أَيْسَرُ رواه البخاري (4628).

حكم الاستعاذة بالمخلوق:

v          
شرك أكبر، وهو أن يستعيذ بمخلوق ميت أو حي فيما لا يقدر عليه
إلا الله، قال سُبحَانَهُ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ
يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)﴾
[الجن: 6].

v           
أن يستعيذ بمخلوق فيما
يقدر عليه فهذا جائز، يقول النّبِيّ صلى الله
عليه وسلم: «وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ
مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» رواه البخاري (3601ومسلم (2886) عن أبي
هريرة.

الاستغاثة

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الاستِغَاثَةِ قَولُهُ تَعَالَى:
﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 9].)

الاستغاثة: طلب الغوث.

والاستغاثة على قسمين: على التفصيل المتقدم في الاستعانة
والاستعاذة. فإذا كان المخلوق قادرًا على
الإغاثة فالله يقول: ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي
مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ
[القصص: 15].

الذبح

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ الذَّبحِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162-163]. وَمِنَ السُّنَّةِ:
«لَعَنَ اللهُ مَن ذَبَحَ لِغَيرِ اللهِ»)

الحديث
رواه مسلم (1978)
عن علي بن أبي طالب.

والذبح
لغير الله شرك أكبر، والدليل هذه الآية وحديث
علي، وقوله تَعَالَى:
﴿
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)﴾[الكوثر: 2]. أي: اذبح لله.

وما يُسمَّى بالهَجَر، وهو
الذبح عند وجود خصومات بين القبائل، فيذبح
المخطئ؛ تطييبًا لنفس الآخر، هذا داخلٌ في الذبح لغير الله، قال والدي الشيخ مقبل رحمه الله في حاشية «تحفة المجيب»(191): وبعد هذا فقد انسلخ من السنة، بل يُخشى عليه أن ينسلخ من الدين، فقد تدهور تدهورًا مشينًا،
في هذه الأيام حدث خصام بين طرفين فحُكِّم محمد المهدي ومدير الناحية وشخص
ثالث يقال له: عبدالكريم، فحكم المحكمون بذبح أربعة أثوار عند أحد الطرفين، وهذا ذبح لغير الله، الذبح
حرام والأكل منه حرام فأفٍّ لك يا محمد المهدي.
اهـ.

وفي
الآية دليل أن الصلاة والنسك –وهو: الذبح-وحياة
الإنسان ومماته لله، فلا يجوز للإنسان أن
يتصرف في أعضائه إذا كان سيؤدي به إلى التلف والهلاك؛
لأنه هو وأعضاؤه ملك لله، ونفسه لله.

النذر

قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلِيلُ النَّذرِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) ﴾
[الإنسان: 7].)

النذر: إلزام المكلف نفسه بعبادة.

وفي
هذه الآية مدح الموفين بالنذر، وهذا دليل على
جواز النذر لله، وكما قال تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ
نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
أَنْصَارٍ (270)
﴾[البقرة: 280].

وفيه
دليل على أن النذر عبادة، والنذر لغير الله شر
أكبر.

وينبغي
اجتناب النذر؛ لأنه مكروه، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ
لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا
يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» رواه مسلم
(1639)

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/8.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(9) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(9) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

 

قوله
رَحِمَهُ اللهُ: (الأَصلُ الثَّانِي: مَعرِفَةُ دِينِ
الإِسلَامِ بِالأَدِلَّةِ)


فدين الإسلام يعرف إجمالًا وتفصيلًا بالأدلة، لا بالدعاوى والتقليد ﴿
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)﴾[الأعراف: 3].

قوله رَحِمَهُ اللهُ:
(وَهُوَ الاستِسلَامُ لِلهِ بِالتَّوحِيدِ، وَالانقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ،
وَالبَرَاءَةُ مِنَ الشِّركِ وَأَهلِهِ)


هذا تعريف الإسلام شرعًا.
أما لغة: فهو الاستسلام والانقياد.

والإسلام على قسمين:

كوني قدري وهو:
استسلام جميع الخلق كلهم لله.

وشرعي ديني وهو:
الاستسلام لأحكام الله الشرعية.

 (بِالتَّوحِيدِ) قال الشيخ ابن عثيمين
رَحِمَهُ الله: أي بأن يستسلم العبد لربه
استسلاما شرعيًّا، وذلك بتوحيد الله وافراده
بالعبادة.

 (والِانْقِيَادُ): الْخُضُوعُ. الانقياد لله ظاهرًا،
هذا عمل الجوارح، وباطنًا وهو عمل
القلب.

(بِالطَّاعَةِ) امتثال أوامر
الله واجتناب نواهيه.

(وَالبَرَاءَةُ مِنَ الشِّركِ
وَأَهلِهِ)
لا يتم التوحيد لأحد ولا يصح لأحد حتى يتبرأ من الشرك والمشركين، قال تَعَالَى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ
بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [البقرة:256].

والذين يدعون إلى وحدة الأديان، دعوتهم دعوة إلى الوثنية والشرك بالله.

(وَهُوَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ:
الإِسلَامُ، وَالإِيمَانُ، وَالإِحسَانُ) هذه مراتب الدين،ويدل لهذه المراتب حديث جبريل عليه الصلاة والسلام، فقد سأل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الإسلام
والإيمان والإحسان، ثم قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.


فائدة: الإسلام والإيمان إذا
اجتمعا افترقا فيكون الإيمان عمل الباطن، والإسلام
عمل الظاهر، وإذا افترقا اجتمعا يعني: يشمل كلًّا منهما الآخر.


 (وَكُلُّ مَرتَبَةٍ لَهَا)
أي:
كل مرتبة من مراتب الدين لها أركان.

(فَأَركَانُ الإِسلَامِ خَمسَةٌ: شَهَادَةُ أَن لَّا إِلهَ إِلَّا
اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ
الزَّكَاةِ، وَصَومُ رَمَضَانِ، وَحَجُّ بَيتِ اللهِ الحَرَامِ)

دليلهعن ابْنِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ
الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ
رَمَضَانَ» رواه البخاري (8ومسلم (16).

الشهادة: الإخبار
بالشيء مع اعتقاد صحته وثبوته.

 (وَإِقَامُ الصَّلَاةِ)

الصلاة لغة: الدعاء.

واصطلاحًا: عبادة
ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

وقيد الصلاة
بالإقامة يفيد معنى زائدًا على ذكر الصلاة وحده؛ فإقام
الصلاة: الإتيان بالصلاة على الوجه التام
المشروع.

 (وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ)

الزكاء لغة: النماء
والزيادة.

وشرعًا: حق
يجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في زمن مخصوص.

(وَصَومُ رَمَضَانِ)

الصيام لغة: الإمساك.

واصطلاحًا: الإمساك
عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله.

 (وَحَجُّ بَيتِ اللهِ الحَرَامِ)

الحج لغة: القصدُ.

اصطلاحًا: فهو
القصد إلى بيت الله الحرام في زمن مخصوص لأداء أعمال مخصوصة.

الزمن المخصوص هي أشهر الحج: شوال، وذو
القعدة، وذو الحجة.


(فَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ: قَولُهُ
تَعَالَى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ
وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18]) هذه الآية فيها شهادة الله لنفسه بالتوحيد وأنه
لا إله إلا هو وحده لا شريك له.

وفيها فضل الملائكة وأهل العلم، فقد استشهد الله بهم على توحيده.

معنى (لا إله
إلا الله): (لَا مَعبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ).

أركان (لا إله
إلا الله): نفي، وإثبات. (لا إله) نفي
لجميع ما يعبد من دون الله. (إلا الله) إثبات العبودية لله وحده لا شريك له.

قال: (كَمَا أَنَّهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلكِهِ)
كما أنه لا شريك له في ملكه وخلقه وتدبيره
فكذلك لا شريك له في عبادته.

قال: (وَتَفسِيرُهَا
الَّذِي يُوَضِّحُهَا)
أي: تفسير (لا إله إلا الله).

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) ﴾ [الزخرف: 26-28].

﴿ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ﴾ أي: خلقني.

﴿فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ أي: يرشدني ويوفقني.

﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً ﴾ وهي كلمة
التوحيد.

﴿ فِي عَقِبِهِ ﴾ أي: ذريته.

﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي: يرجعون
إلى التوحيد والإنابة والتوبة.

 (وَقَولُهُ: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا
اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا
أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ (64) ﴾[آل عمران: 64])

أهل الكتاب: اليهود
والنصارى.

﴿ أَرْبَابًا ﴾ جمع رب، أي: لا
نُنزِّل أحدًا منا منزلة الرب، فيُصرف له
عبادة أو يتَّبع في التشريع.

﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ أي: من غير الله.

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ أي: فإن أعرضوا.

﴿ فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ (64) ﴾أي: مستسلمون منقادون لله.

(وَدَلِيلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَولُهُ تَعَالَى:
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾[التوبة: 128]) هذه الآية
دليل أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أرسله الله إلى هذه الأمة.

﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: من جنسكم. وفي
قراءة ﴿ أَنْفَسِكُمْ﴾ أي: أشرفكم.

﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ أي: يشق عليه ما يشق عليكم.
العنت: المشقة.


﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي: على هدايتكم ومنفعتكم.


﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ في هذه الآية
جاء تخصيص رحمة النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين،
فهذه رحمة خاصة، وفي قوله تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ (107)
﴾[الأنبياء: 107] رحمة عامة، فالنبي
صلى الله عليه وسلم رحمة حتى بالكفار، رحيم
بهم يدعوهم إلى الجنة والمغفرة.

(وَمَعنَى شَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُهُ
فِيمَا أَمَرَ، وَتَصدِيقُهُ فِيمَا أَخبَرَ، وَاجتِنَابُ مَا عَنهُ نَهَى
وَزَجَرَ، وَأَن لَّا يَعبَدَ اللهَ إِلَّا بِمَا شَرَعَ) هذا معنى شهادة أن
محمدًا رَسُول اللَّهِ الله.

﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ أمر شرعي
ديني.

﴿ حُنَفَاءَ ﴾ الحنيف: هو
المقبل على الله المعرض عما سواه.

﴿ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ أي: الثلاثة الخصال: الإخلاص
لله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.

 القيمة، أي: الملة
المستقيمة.

 (وَدَلَيلُ الصِّيَامِ
قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ﴾
[البقرة: 183])

الكتابة
نوعان: كتابة شرعية دينية.

وكتابة
كونية قدرية.

وفيه
فضل الصيام؛ لأن الله شرعه لهذه الأمة وللأمم
المتقدمة.

 (وَدِلِيلُ الحَجِّ
قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)
﴾[آل عمران: 97])

هذه
الآية نزلت في السنة التاسعة، وهي دليل من قال: لم يفرض الحج إلا في السنة التاسعة.

﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ هذا إذا كان
جاحدًا لركن الحج، فإنه يكفر ويكون خارجًا من
هذه الملة.

أما
إذا لم يكن جاحدًا ولكنه متساهل، فإنه مفرط
وآثم إذا كان قادرًا على الحج، ولكنه لا يخرج من
الملة، نسأل الله العافية.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/9_29.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(10) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(10) اختصار درس تبصرة العقول في شرح ثلاثة الأصول



(المَرتَبَةُ الثَّانِيَةُ) أي: من مراتب الدين.

 (الإِيمَان: وَهُوَ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَةً:
فَأَعلَاهَا قَولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ
الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِن الإِيمَان) روى البخاري (9) واللفظ له، ومسلم (35) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الإِيمَان بِضْعٌ
وَسِتُّونَ شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ،
وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».

الإيمان
لغة: التصديق.

واصطلاحًا: نطق باللسان، واعتقاد
بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

(بِضعٌ) البِضْع مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التّسْع. وَقِيلَ:
مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ العَدد.

(شُعبَةً) أَيْ: قِطْعَةٌ، وَالْمُرَادُ
الْخُصْلَةُ أَوِ الْجُزْءُ.

ولا يدل الحديث على حصر الإيمان في هذه الشعب.

(فَأَعلَاهَا) أي: أفضلها، فأعلى الأعمال الصالحة كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، كلمة لا يثقل معها شيء
كما في حديث البطاقة.

(وَأَدنَاهَا) أي: أدنى شعب
الإيمان، أدنى أي:
أقل.

(إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) هذا يدل على فضل إماطة
الأذى عن الطريق، وأنه من الإيمان، وهو من الصدقات، كما
في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ
الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» رواه البخاري (2989ومسلم (1009).

(وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِن الإِيمَان) حقيقة الحياء: خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح.

(وَأَركَانُهُ سِتَّةٌ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ،
وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَومِ الآخِرِ، وَتُؤمِنُ بِالقَدَرِ خَيرِهِ
وَشَرِّهِ)

(وَأَركَانُهُ) أركان الإيمان ستة.

(أَن تُؤمِنَ بِاللهِ) الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجود الله، وبربوبيته، وألوهيته، وأسمائه
وصفاته.

(وَمَلَائِكَتِهِ) الملائكة: عالَم
غيبي خلقوا من نور، لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون.

والإيمان
بالملائكة يتضمن أربعة أمور:

-الإيمان بوجودهم.

-الإيمان
بمن علمنا اسمه منهم باسمه، ومن لم نعلم اسمه
نؤمن بهم إجمالًا.

-الإيمان
بما علمنا من صفاتهم.

-الإيمان
بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله.
كما في«شرح ثلاثة الأصول»(88) للشيخ ابن
عثيمين .

(وَكُتُبِهِ) وهي الكتب التي أنزلها الله على رسله، والإيمان بالكتب يتضمن بأربعة أمور:  

-الإيمان
بأن نزولها من عند الله حقًّا.

-الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه،
وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالًا.

-تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار
القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب
السابقة.

-العمل
بأحكام ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم به، سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها. كما في«شرح
ثلاثة الأصول»(92)
للشيخ ابن عثيمين .

(وَرُسُلِهِ) الرسول لغة: من
بُعث برسالة.

واصطلاحًا: من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها، سواء كانت جديدة-أي: مستقلة-أو متقدِّمة.

(وَاليَومِ الآخِرِ) هو يوم القيامة،
سمي بذلك لأنه لا يوم بعده.

ويدخل
في الإيمان باليوم الآخر ما يكون فيه من الأشياء والأهوال والعظائم، وما يكون في القبر من سؤال الملكين، ونعيم القبر وعذابه، فإن
القبر أول منازل الآخرة.

(وَتُؤمِنُ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ) والقدر: هو تقدير الله الكائنات إلى قيام الساعة.

وله
أربع مراتب جُمعت في بيت:




علم كتابة مولانا مشيئته







وخلق وهو إيجاد وتكوين



(وَالدَّلِيل عَلَى هَذِهِ الأَركَانِ
السِّتَّةِ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مِن آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة:
177]. وَدَلِيلُ القَدَرِ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ
بِقَدَرٍ (49) ﴾[القمر: 49]. )

(الْبِرَّ) البر: اسم
جامع لكل خير.

﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) ﴾[القمر: 49])، ولا شبهة في
هذه الآية للمعتزلة في القول بخلق القرآن، هم
قالوا: «كل»
لفظ من ألفاظ العموم، واستدلوا بها على أن
القرآن مخلوق، وهذا ليس بصحيح. ففي قوله تَعَالَى: ﴿أَلَا
لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾[الأعراف: 54فالقرآن داخل في الأمر.


ودليل
أيضًا هذه الأركان حديث جبريل.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/10_31.html

أضف رد جديد