(9) الإِجَابةُ عنِ الأَسْئِلَةِ

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1274
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(9) الإِجَابةُ عنِ الأَسْئِلَةِ

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(9) الإِجَابةُ عنِ الأَسْئِلَةِ




أختٌ تقول أمها توفيت منذ أربعة أشهر وأخواتها في الغربة وإلى اليوم وهن يبكين على أمهن وصاحبة السؤال تقول: رأت رؤيا وتقول أمها خلوني من البكاء فما جوابك على سؤالها ؟.


ج: على المُصاب أن يستعين بالله جل شأنه وأن يتعزَّى بما يقوي إيمانه  ويجلب له الطمأنينة والتسليم .
فيتعزى بالصبر فقد قال سبحانه { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.وقال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}وقال سبحانه {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} وقال سبحانه {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك}.
فهذا ما أمرنا به سبحانه الصبر عند المصائب .


ويتعزى بقدرالله وعلمه : قال سبحانه{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.


والآية تدل أن من صبر هدى الله قلبه بزيادة الإيمان قال تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُم تَقْوَاهُم} .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية : أَيْ وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَعَلِمَ أَنَّهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَاسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللَّهِ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ. وَعَوَّضَهُ عَمَّا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا هُدًى فِي قَلْبِهِ وَيَقِينًا صَادِقًا، وَقَدْ يُخْلِفُ عَلَيْهِ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ.
وقال عزوجل {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ }.


وقال عزوجل {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}.


فيعلم المصاب أن هذا من عند الله وبقضائه وقدره وعلمه يعطي ما يشاء ويأخذ ما يشاء ،ويمنع مايشاء كما تقتضيه حكمته وعدله ،وله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء بأجل مسمى.


والإنسان له أجلٌ محدودٌ لا يتجاوزه قال سبحانه { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا }.
والمؤمن موقفه عجيب لأنه ما بين شكرٍ وصبرٍ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».
والاسترسال مع الأحزان مضيعة للوقت وتضييق للصدر  ومما يَقَرُّ به عدونا إبليس قال تعالى :(إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) .
ولا بُدَّ لكل من لديه عقلٌ أن يعالِجَ أحزانه ويسلك الطريق التي تُهَوِّنْ عليه وتُخفِّف عنه حتى يعبدَ الله بانشراحٍ وطمأنينة ،وحتى لا يُصرَف عما ينفعه.


ونحن عبيدٌ لله مسخَّرون له فما كان من نعمةٍ فبفضله وما كان من نقمةٍ فبعدله سبحانه ،ومردُّنا جميعًا إليه فهم السابقون ونحن اللاحقون ،وما تمضي دقيقةٌ إلا وهي محسوبة من العمر ،ويتقدم بها الإنسان إلى قبره .
أما البكاء الذي يستمر بعد وفاة القريب مدة طويلة فما كان بسخط ونياحةٍ فهذا حرام لأدلة النهي عن ذلك .
وما لم يصحبه نياحةٌ ولا تسخطٌ على أقدارالله فهذا جائزٌ .وقد روى الإمام مسلم في صحيحه (976)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ».
وقد يكون البكاء غالبًا .أخرج البخاري ومسلم عن أسامةَ بن زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ، فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ» ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ - فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» .
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار(4/121):  وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ اللَّذَيْنِ لَا قُدْرَةَ لِلْمُصَابِ عَلَى دَفْعِهِمَا .
ولكن ينبغي المجاهدة  في دفع البُكاء فوق ثلاثة أيام .أخرج أبوداود في سننه(4192) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: «لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ» ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» ، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ» ، فَأَمَرَهُ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا .
قال صاحب عون المعبود(11/164): فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ وَالتَّحَزُّنَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ نُدْبَةٍ وَنِيَاحَةٍ جَائِزٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وأنصحكن بالدعاء والاستغفار لوالدتكن فهذا هو الذي ينفعها ،أما البكاء والحزن عليهاما تصنع به (أو ولدٍ صالحٍ يدعو له) .

ربَّنا ثبتنا وألهمنا رُشدنا .


الرابط على موقع الشيخة أم عبدالله الوادعية
http://alwadei967.blogspot.com/2016/03/9_10.html

أضف رد جديد