صفحة 1 من 1

الفائدة التاسعة: لا مفسدة في الدنيا توازي مفسدة إماتة السنة

مرسل: الأربعاء 6 ذو الحجة 1440هـ (7-8-2019م) 8:19 am
بواسطة عبد الله بن عثمان الذماري [آلي]
الفائدة التاسعة: لا مفسدة في الدنيا توازي مفسدة إماتة السنة

الفائدة التاسعة: لَا مَفْسَدَةَ فِي الدُّنْيَا تُوَازِي مَفْسَدَةَ إِمَاتَةِ السُّنَّةِ
قاله الشاطبي في الاعتصام 1/358 بعد ذكر هذه القصة
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبو بَكْرٍ الفِهْري يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرأْس مِنْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَتَفْعَلُهُ الشِّيعَةُ. قَالَ: فحضر عندي يوماً في مَحْرَس ابن الشَّوَّاء بالثَّغْر ـ مَوْضِعِ تَدْرِيسِي ـ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنَ المَحْرس الْمَذْكُورِ، فَتَقَدَّمَ إِلى الصَّفِّ الأَول وأَنا فِي مُؤَخَّرِهِ قاعدٌ عَلَى طَاقَاتِ البحر، أَتَنَسَّم الريح مِنْ شِدَّةِ الحَرّ، وَمَعِي فِي صَفٍّ وَاحِدٍ أَبو ثمنة رايس البحر وقائده مع نفرٍ مِنْ أَصحابه يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، ويتطلَّع عَلَى مَرَاكِبَ الْمَنَارِ، فَلَمَّا رَفَعَ الشَّيْخُ الفِهْري يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَفِي رَفْعِ الرأْس مِنْهُ؛ قَالَ أَبو ثَمَنَةَ وأَصحابه: أَلا تَرَوْنَ إِلى هَذَا المَشْرِقي كَيْفَ دَخَلَ مَسْجِدَنَا؟ قُومُوا إِليه فَاقْتُلُوهُ، وَارْمُوا بِهِ فِي الْبَحْرِ؛ فَلَا يَرَاكُمْ أَحد. فَطَارَ قَلْبِي مِنْ بَيْنِ جَوَانِحِي، وَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا الطَّرْطُوشي فَقِيهُ الْوَقْتِ! فَقَالُوا لِي: ولِمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ فَقُلْتُ: كَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مالك في رواية أَهل المدينة عنه، وجعلت أُسَكِّنُهم وأُسَكِّتُهم حَتَّى فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ، وَقُمْتُ مَعَهُ إِلى المَسْكَن من المَحْرس، ورأَى تَغَيُّر وجهي فأَنكره، وسأَلني فأَعلمته، فضحك، وقال: ومن أَين لِي أَن أُقتل عَلَى سُنَّة؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَيَحِلُّ لَكَ هَذَا؟! فإِنك بَيْنَ قَوْمٍ إِن قُمْتُ بِهَا قَامُوا عَلَيْكَ، وَرُبَّمَا ذَهَبَ دَمُكَ، فَقَالَ: دَعْ هَذَا الْكَلَامَ وَخُذْ فِي غيره.
قال الشاطبي: فَتَأَمَّلُوا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَفِيهَا الشِّفَاءُ، إِذْ لَا مَفْسَدَةَ فِي الدُّنْيَا تُوَازِي مَفْسَدَةَ إِمَاتَةِ السُّنَّةِ، وَقَدْ حَصَلَتِ النِّسْبَةُ إِلَى الْبِدْعَةِ، وَلَكِنَّ الطَّرْطُوشِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ [كَانَ لَا] يَرَى ذَلِكَ شَيْئًا.
فَكَلَامُهُ لِلِاتِّبَاعِ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ هَذَا الرَّادِّ، إِذْ بَيْنَهُمَا فِي الْعِلْمِ مَا بَيْنَهُمَا.
قلت: أبو بكر الفهري هو الإمام العلامة، شيخ المالكية، أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف الفهري الأندلسي الطرطوشي الفقيه، عالم الإسكندرية، لازم القاضي أبا الوليد الباجي، وأخذ عنه مسائل الخلاف، نزل بغداد وبيت المقدس، ثم تحول إلى الثغر، ألف كتاب سراج الملوك للمأمون بن البطائحي، وله كتاب الحوادث والبدع. توفي سنة 520هـ.

رابط المادة الأصلية:
https://aldhamari.al3ilm.com/12244