213- المعلم الفطن قد يسأل الطالب عن علم لا يحسنه؛ لينبهه على أخذ نصيبه منه
سلسلة الفوائد اليومية:
213- المعلم الفطن قد يسأل الطالب عن علم لا يحسنه؛ لينبهه على أخذ نصيبه منه
() وأذكر في هذا المقام من حياة شيخنا الألمعي مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله تعالى- وسيرته العلمية وأسلوبه الحسن في التعليم والنصح والتوجيه: أنه كان في بعض الأحيان يقيم الطالب المستفيد في النحو -مثلا- فيسأله عن مسألة في علم الرجال أو علم المصطلح أو عن صحة حديث ما, ومن صحابيه ومن أخرجه؟
() فيقول الطالب النحوي: لا أدري.
() فيقول له الشيخ- رحمه الله-: اجلس يا أخانا,
() وأحيانا يقول: يا إخواننا أخوكم فلان قال: لا أدري, اجلس.
() فيجلس الطالب متحسرا على فوات الإجابة,
() وربما كان هذا الموقف باعثا له على الالتفات إلى بقية فنون العلم.
(**) وقل مثل هذا في الطالب المستفيد في المصطلح, وهكذا.
(**) فرحم الله شيخنا رحمة الأبرار وأسكنه الفردوس الأعلى.
() ومن باب الشيء بالشيء يذكر, أذكر حكاية مشابهة لهذه, ذكرها
أبو سعد منصور بن الحسين الرازي (المتوفى: 421هـ) في كتابه
(نثر الدر في المحاضرات)، (5/ 76) فقال:
() أخبرنَا الصاحبُ – رحمهُ الله – قَالَ: أخبرنَا عبدُ الله بنُ مُحَمَّد الأيجي قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن الْأَزْدِيّ. قَالَ: أخبرنَا أَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد السجسْتانِي قَالَ:
() ورد علينا عاملٌ من أهل الْكُوفَة، لم أر فِي عُمَّال السُّلْطَان بِالْبَصْرَةِ أبرَعَ مِنْهُ، فدخلتُ مُسلما عَلَيْهِ.
() فَقَالَ: يَا سجستاني مَن عُلَمَاؤُكُمْ بِالْبَصْرَةِ؟
() قلت: الزيَادي أعلمنَا بِعلم الْأَصْمَعِي،
() والمازني أعلمنَا بالنحو،
() وهلالُ الرَّأْي من أفقهنا،
() والشاذكُوني من أعلمنَا بالحديثِ،
() وَأَنا – رَحِمك اللهُ – أنسبُ إِلَى علم الْقُرْآن،
() وَابْن الْكَلْبِيّ من أكتبنا للشروط.
() قَالَ: فَقَالَ لكَاتبه: إِذا كَانَ غَدا فاجمعهُم لي، قَالَ: فجمعنا.
() فَقَالَ: أيكم الْمَازِني؟ قَالَ أَبُو عُثْمَان: هانذا يَرْحَمك الله،
() قَالَ هَل تُجزئ فِي كَفَّارَة الظِّهَار عتقُ عبدٍ أعورٍ؟
() فَقَالَ الْمَازِني: لستُ صاحبَ فقه. أَنا صاحبُ عَرَبِيَّة،
() فَقَالَ يَا زيادي: كَيفَ تكتبُ كتابا بَين رجل وَامْرَأَة خَالعهَا على الثلاثِ من صَدَاقهَا؟
() قَالَ: لَيْسَ هَذَا من علمي، هَذَا من علم هِلَال الرَّأْي.
() قَالَ يَا هلالُ: كم أسْند ابنُ عون عَن الْحسن؟
() قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِن علمي، هَذَا من علم الشاذكُوني،
() قَالَ يا شاذكوني: من قَرَأَ: {فتثبتُوا أَن تصيبوا}
() قَالَ: لَيْسَ هَذَا من علمي: هَذَا من علم أبي حَاتِم.
() قَالَ يَا أَبَا حَاتِم: كَيفَ تكتبُ كتابا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ تصف فِيهِ خصاصةَ أهل الْبَصْرَة وَمَا أصابُهم فِي الثَّمَرَة, وتسألُه لَهُم النظرَ والنظرة؟
() فَقلت: لستُ – رَحِمك اللهُ – صَاحب بلاغة وَكِتَابَة: أَنا صاحبُ قُرْآن.
() فَقَالَ: مَا أقبحَ بِالرجلِ أَن يتعاطى الْعلم خمسين سنة لَا يعْرف إِلَّا فنَّا وَاحِدًا، حَتَّى إِذا سُئِلَ عَن غَيره، لم يُحل فِيهِ وَلم يُمِرّ،
() لَكِن عالمنا بِالْكُوفَةِ الْكسَائي لَو سئُل عَن كل هَذَا لأجاب. اهـ
(**) وذكر هذه القصة أيضا أبو الحسن علي بن يوسف القفطي
(المتوفى: 646 هـ) في كتابه (إنباه الرواة على أنباه النحاة),
(2/ 260)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الثلاثاء 17 / 3 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.com/11613
==============
رابط المادة الأصلية:
https://binthabt.al3ilm.com/14419