سلسلة محاسن الاسلام

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1858
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

سلسلة محاسن الاسلام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(1) سلسلة محاسن الاسلام

 

هل نقول: ديننا الإسلامي دين العدالة أو دين المساواة؟

 

قال تَعَالَى: ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ﴾.

 

أقسط بهمزة، وقسط بدونها.

 أقسط بمعنى عدل ﴿
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾
.

 وقسط بمعنى جار، قال تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا
الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) ﴾[الجن].

 

وفيه فضل العدل.

 العدل مع النفس، ومع الولد، ومع الزوجة، ومع
القريب والبعيد، والعدو  والمحب؛ ما فيه
محاباة، ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾[الأنعام:152].

وهنا تنبيه مهم على مسألة يقولها بعضهم:
هذا الدين دين مساواة، وهذا خطأ، والصواب أن يقال: ديننا دين العدالة؛ فإن الأدلة جاءت
بالعدالة ونفي المساواة.

وإليكم كلام الشيخ ابن عثيمين في هذه
المسألة في كتابه «شرح العقيدة الواسطية»(1/203)، ما نصه:

وهنا يجب أن ننبه على أن من الناس
من يستعمل بدل العدل: المساواة! وهذا خطأ، لا يقال: مساواة؛ لأن المساواة قد تقتضي
التسوية بين شيئين الحكمة تقتضي التفريق بينهما.

ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى
التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى؟! سووا بين الذكور والإناث! حتى
إن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم والمحكوم، لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على
أحد، حتى بين الوالد والولد، ليس للوالد سلطة على الولد ... وهلم جرًّا.

لكن إذا قلنا بالعدل، وهو إعطاء
كل أحد ما يستحقه، زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة.

ولهذا، لم يأت حرف واحد في القرآن
يأمر بالمساواة أبدًا!

 لكن جاء: ﴿إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾[النحل: 90]، ﴿وَإِذَا
حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء:
58].

وأخطأ على الإسلام من قال: إن دين
الإسلام دين المساواة! بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين،
والتفريق بين المفترقين، إلا أن يريد بالمساواة: العدل، فيكون أصاب في المعنى
وأخطأ في اللفظ.

ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن
نفي المساواة: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾[الزمر: 9]، ﴿قُلْ
هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ
وَالنُّورُ﴾[الرعد: 16]، ﴿ لا
يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾[الحديد:
10]، ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ﴾[النساء:
95].

ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر
بالمساواة أبدًا، إنما يأمر بالعدل.

وكلمة (العدل) أيضًا تجدونها
مقبولة لدى النفوس.

وأحببت أن أنبه على هذا، لئلا
نكون في كلامنا إمعة؛ لأن بعض الناس يأخذ الكلام على عواهنه، فلا يفكر في مدلوله
وفيمن وضعه وفي مغزاه عند من وضعه. اهـ.

ومنه أيضًا قوله تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَ
الذَّكَرُ كَالْأُنثَى﴾ [آل عمران: 36]، ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ
فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة: 8]، ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾ [القلم:35 - 36]، إلى
غير ذلك.

وهذه المسألة مهمة؛ لأن هناك من يروِّج لهذا،
ويريدون أن المرأة مثل الرجل في كل شيء، ويقولون: الدين دين المساواة!

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/11/1.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1858
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(2) سلسلة محاسن الاسلام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(2) سلسلة محاسن الاسلام

 
                          من
محاسن الإسلام

قال شيخ الإسلام في « العقيدة الواسطية» في صفات أهل السنة والجماعة: وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ
صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ؛
يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا»، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

قوله: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ»
أي: المؤمن كامل الإيمان، هذا يكون لصاحبه كالبنيان،
تماسك وقوة ورحمة.

«يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا» قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح الواسطية»(2/307): شبه
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المؤمن لأخيه المؤمن بالبنيان الَّذي يشد بعضه
بعضًا؛ حتَّى يكون بناء محكمًا متماسكًا يشد
بعضه بعضًا، ويقوى به،
ثم قرَّب هذا وأكده، فشبك بين أصابعه. فالأصابع المتفرقة فيها ضعف؛ فإذا اشتبكت قوَّى بعضها بعضًا؛ فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا؛ فالبنيان يمسك بعضه بعضًا،
كذلك المؤمن مع أخيه إذا صار في أخيه نقص؛ فإن
هذا يكمله؛ فهو مرآة أخيه، إذا وجد فيه النقص كمَّله،
إذا احتاج أخوه ساعده، إذا مرض أخوه عاده... وهكذا في كل الأحوال.
فأهل السنة والجماعة يعتقدون هذا المعنى ويطبقونه عملًا.
اهـ.

وفي هذا
ما روى الإمام مسلم (2699) عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قالوَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ
فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

وعن
عَبْداللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَالمُسْلِمُ
أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ،
وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ
يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا
سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه
البخاري (2442
ومسلم (2580).

فالذي
يسعى في قضاء حوائج أخيه، الله عَزَّ وَجَلَّ يتولى قضاء حوائجه، وهذا تشجيع وترغيب في قضاء حوائج الأخ المسلم حتى
في العلم، بل العلم أعظم ما يكون التعاون فيه، فالعلم تبذله طالبة العلم،
وتعين من احتاجت لها في حدود ما تعلم، هذا
فضله عظيم، والجزاء من جنس العمل، من أعان غيره أعانه الله.

وقوله:(وشبك بين
أصابعه) استفدنا من تعليق الشيخ ابن عثيمين أن
الأصابع المتفرقة يكون فيها ضعف، فممكن يكسرها
أدنى شيء، لكن إذا كانت مجتمعه وانضم بعضها
على بعض، فيها قوة لا تنفك بسرعة.

قال
الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في فتح الباري»
في فوائد حديث أبي موسى(6026): وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يُرِيدُ
الْمُبَالَغَةَ فِي بَيَانِ أَقْوَالِهِ يُمَثِّلُهَا بِحَرَكَاتِهِ؛ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ.اهـ.

هذا
الحديث من ضرب الأمثال. قال ابن الجوزي
رَحِمَهُ الله في «كشف المشكل»(1/316): الأمثال
حِكْمَة الْعَرَب، بهَا ينْكَشف الشَّيْءُ
الْخَفي.

[مقتطف
من دروس الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/10/2.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1858
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(3) سلسلة محاسن الاسلام

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(3) سلسلة محاسن الاسلام

                           من محاسن الإسلام
قال شيخ الإسلام في « العقيدة الواسطية» في صفات أهل السنة والجماعة: وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم...، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بُالْحُمَّى وَالسَّهَرِ».
قوله: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ) أي: الإيمان الكامل.
(تَوَادِّهِمْ) قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»(6011): وَتَوَادُّهُمْ بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ، وَالْأَصْلُ التَّوَادُدُ فَأُدْغِمَ، وَالتَّوَادُدُ تَفَاعُلٌ مِنَ الْمَوَدَّةِ.
وَالْوُدُّ وَالْوِدَادُ بِمَعْنًى وَهُوَ: تَقَرُّبُ شَخْصٍ مِنْ آخَرَ بِمَا يُحِبُّ. اهـ.
وقوله: (تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ) هي عبارات متقاربة تواد تراحم تعاطف.
(إِذَا اشْتَكَى) أي: تألم.
(تَدَاعَى) دعا بعضه بعضًا في الألم.
(سَائِرُ) بمعنى: الباقي.
قال الطيبي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح المشكاة»(10/3176): ووجه التشبيه فيه هو التوافق في المشقة والراحة والنفع والضرر. اهـ.
فالمؤمن يسعد لسعادة أخيه، ويسر لسروره، ويحزن لحزنه، ويبذل تعاونه معه.
فهذا فيه التوافق بين المسلم وأخيه المسلم.
 وهذا من يتصف به؟ المؤمن كامل الإيمان، أما ضعيف الإيمان فضعيف في هذه الصفة، وقد يكون عنده-والعياذ بالله-شماتة بأخيه المسلم إذا أصيب، إذا فقد حبيبًا، إذا تضرر، وهذا من صفات المنافقين.
وفي هذا الحديث وما في معناه: الحث على تحقيق الأخوة الإيمانية، وأن رابطة الإيمان قوية أقوى من رابطة النسب، رابطة النسب قد تضعف وقد تزول، كما قال تَعَالَى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)﴾ [المجادلة: 22 ولهذا في أكثر من دليل  أُطلِق النفس على الأخ، كقوله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)﴾ [النور: 61] يدخل فيه الأخ، أي: إخوانكم، ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)﴾ [النساء: 29] أيضًا يدخل فيه الأخ، ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)﴾ [النور: 12 وقال سُبحَانَهُ: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات: 11 وقال تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾[ البقرة:188]، أي: أموال إخوانكم، وهذا يدل على قوة الأخوة في الله سُبحَانَهُ، وهذا من فضائل الإسلام وهداية القرآن.
قال الشنقيطي في «أضواء البيان» (٤١/٣): وَمِنْ هَدْيِ الْقُرْآنِ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ هَدْيُهُ إِلَى أَنَّ الرَّابِطَةَ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَأَنْ يُنَادَى بِالِارْتِبَاطِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا إِنَّمَا هِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرْبِطُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، حَتَّى يَصِيرَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الرَّابِطَةِ جَمِيعُ الْمُجْتَمَعِ الْإِسْلَامِيِّ كَأَنَّهُ جَسَدٌ وَاحِدٌ، «إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
 فَرَبْطُ الْإِسْلَامِ لَكَ بِأَخِيكِ كَرَبْطِ يَدِكَ بِمِعْصَمِكَ، وَرِجْلِكَ بِسَاقِكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
وَلِذَلِكَ يَكْثُرُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِطْلَاقُ النَّفْسِ وَإِرَادَةُ الْأَخِ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ رَابِطَةَ الْإِسْلَامِ تَجْعَلُ أَخَا الْمُسْلِمِ كَنَفْسِهِ، ثم ذكر أدلةً في هذا المعنى.
فهنا الشنقيطي رَحِمَهُ اللهُ يقول: الأخ بمنزلة معصمك من يدك، ورجلك من ساقك، أخذه من حديث أبي موسى والنعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما.
 المعصم: موضع السوار من يد المرأة، فالأخ-أي: الأخ في الله-كأنه جزء من الجسد.
قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح الواسطية»(2/308): أي: أنهم يشتركون في الآمال والآلام، فيرحم بعضهم بعضًا، فإذا احتاج؛ أزال حاجته، ويعطف بعضهم على بعض باللين والرفق وغير ذلك...، ويود بعضهم بعضًا، حتَّى إن الواحد منهم إذا رأى في قلبه بغضاء لأحد من إخوانه المسلمين؛ حاول أن يزيله، وأن يذكر من محاسنه ما يوجب زوال هذه البغضاء.
فالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، ولو من أصغر الأعضاء؛ تداعى له سائر الجسد؛ فإذا أوجعك أصبعك الخنصر الَّذي هو من أصغر الأعضاء؛ فإن الجسد كله يتألم...، إذا أوجعتك الأذن تألم الجسد كله... وإذا أوجعتك العين تألم الجسد كله... وغير ذلك؛ فهذا المثل الَّذي ضربه النبي عليه الصلاة والسلام مثل مصور للمعنى ومقرب له غاية التقريب. اهـ.
وهو من الأدلة في نبذ التفرق، والحرص على جمع كلمة المسلمين، وتوحيد صفهم.

[مقتطف من دروس الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/10/3.html

أضف رد جديد