فقه التعامل بين الزوجين


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(37) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(37) فقه التعامل بين الزوجين

 

         المرأة إذا تنازلت عن حقوقها هل لها أن
ترجع؟

سألت والدي رَحِمَهُ الله أثناء تدريسي « بلوغ المرام»: إذا تنازلت المرأة عن حقوقها على
زوجها، هل لها أن تتراجع عن تنازلها؟.

جـواب
والدي: لها أن تتراجع، هذا عائد
إليها.

----------------

وهذا الذي ذهب إليه والدي قول جماعة من أهل العلم،
وهو قول الشيخ ابن باز.

ونص كلامه رَحِمَهُ الله كما في مقطع صوتي له: فالحق
للمرأة لا لغيرها، فإذا سمحت عن نفقتها فلا حرج، ويجوز للزوج إبقاؤها في عصمته من
دون أن ينفق عليها إذا سمحت، ومتى عادت وطلبت النفقة فإنه يخيَّر، إما أن ينفق،
وإما أن يطلق.

وَفي « الموسوعة
الفقهية الكويتية»(33/204): لِلزَّوْجَةِ
الْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ، فَإِذَا رَجَعَتِ انْصَرَفَ الرُّجُوعُ
مِنْ حِينِهِ إِلَى الْمُسْتَقْبَل؛ لأِنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلَهَا
الرُّجُوعُ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا مَضَى؛ لأِنَّهُ
بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ، وَلَوْ رَجَعَتْ فِي بَعْضِ اللَّيْل كَانَ عَلَى
الزَّوْجِ أَنْ يَنْتَقِل إِلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى أَتَمَّ
اللَّيْلَةَ لَمْ يَقْضِ لَهَا شَيْئًا؛ لأِنَّ التَّفْرِيطَ مِنْهَا.

وخالف فيه بعضهم، وقالوا: ليس لها الرجوع، وهذا ما
رجحه  ابن القيم في «زاد المعاد»(5/139)،
فقد قال: الرَّجُلَ إِذَا قَضَى وَطَرًا مِنَ امْرَأَتِهِ، وَكَرِهَتْهَا
نَفْسُهُ، أَوْ عَجَزَ عَنْ حُقُوقِهَا، فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَلَهُ أَنْ
يُخَيِّرَهَا إِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْقَسْمِ
وَالْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ، أَوْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَصْطَلِحَانِ
عَلَيْهِ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ، لَزِمَ، وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ
بَعْدَ الرِّضَى.

هَذَا مُوجَبُ السُّنَّةِ
وَمُقْتَضَاهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ.

 وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَقَّهَا
يَتَجَدَّدُ، فَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ فَاسِدٌ، فَإِنَّ هَذَا
خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى صُلْحًا،
فَيَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ
وَالْأَمْوَالِ، وَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْ طَلَبِ حَقِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَكَانَ
فِيهِ تَأْخِيرُ الضَّرَرِ إِلَى أَكْمَلِ حَالَتَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ صُلْحًا،
بَلْ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ أَسْبَابِ الْمُعَادَاةِ، وَالشَّرِيعَةُ مُنَزَّهَةٌ
عَنْ ذَلِكَ، وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ: أَنَّهُ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ،
وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَالْقَضَاءُ النَّبَوِيُّ يَرُدُّ هَذَا.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/03/37.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(34) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(34) فقه التعامل بين الزوجين

 
                 من
وفاء المقريزي لزوجته رحمهما الله

ترجم  المقريزي -أحد العلماء- لفتاة تزوج بها، ثم
توفيَت-وهي شابة- قال : واتُّفِقَ أني كنت أستغفر لها، فرأيتها مرة في المنام، وقد
دخلت عليَّ بهيئتِهَا التي كفنتها بها، فقلت لها- وقد تذكَّرتُ أنها ميتة-: يا أم
محمد، الذي أرسله إليكِ يصلُ؟-أعني: استغفاري لها- قالت: نعم، يا سيدي، في كل يوم تصل هديتك إليَّ. ثم بكت وقالت: قد
علمتَ يا سيدي أني عاجزة عن مكافأتك.

فقلت
لها: لا عليكِ، عما قليل ونلتقي.


قال: وكانت غفر الله لها مع صِغَرِ
سنِّهَا، من خير نساء زمانِهَا، عفَّةً وصيانةً، وديانةً وثقة، وأمانة ورزانة، ما
عُوِّضْتُ بعدها مثلَهَا.

 ينظر
«درر
العقود الفريدة
في تراجم الأعيان
المفيدة»(2/99) للمقريزي نفسِه
.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/06/29.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(35) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(35) فقه التعامل بين الزوجين

 

              الزوج أهل للزوجة

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ: «إِنَّهُ
لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ
سَبَّعْتُ لَكِ، سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» رواه مسلم (1460).

والمراد بأهلك هنا:
هو نفسه عليه السلام.

 أي: لا أفعل فعلًا يظهر به هوانك عليَّ أو تظنيه
بي. كما في «إكمال المعلم»(4/659).

وفي هذا الحديث:

حُسن معاشرة النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهله وملاطفته لهم.

وفيه: أن الزوج أهل
للزوجة.

 كما أن الزوجة أهل لزوجها.
ومنه قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث الإفكيَا مَعْشَرَ
الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ
قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي،
فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا،
وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» رواه البخاري (2661 ومسلم (2770) عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وفيه كما قال القاضي
عياض في«إكمال المعلم»(4/659): لطف ورفقٌ لمن خُشي منه كراهة الحق، حتى يتبين له
وجه ترجيحه، فيرجع إليه. اهـ.

إثبات حق الزفاف
للمرأة المزفوفة، فإن كانت بكرًا أقام عندها سبعًا، وإن كانت ثيبًا أقام عندها
ثلاثًا.

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/01/35.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(36) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(36) فقه التعامل بين الزوجين

 

            مواساة
المرأة لزوجها وتثبيته


عن جَارٍ
لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
أَنَّهُ سَمِعَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ
لِخَدِيجَةَأَيْ خَدِيجَةُ،
وَاللهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ وَالعُزَّى،
وَاللهِ لَا أَعْبُدُ أَبَدًا».

 قَالَ:
فَتَقُولُ خَدِيجَةُ: خَلِّ اللَّاتَ، خَلِّ العُزَّى.

 قَالَ: كَانَتْ صَنَمَهُمُ التِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، ثُمَّ يَضْطَجِعُونَ. رواه الإمام أحمد رَحِمَهُ الله (29/467).

في هذا الحديث:

أن عادة الرجل يخبر زوجته بهمومه وغمومه وعقيدته والدين الذي هو عليه.

وفيه: أن المرأة الصالحة تعين زوجها على الثبات على الحق والتثبيت.

ونظير هذا موقف خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا  لما رجع النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ من غار حراء، وقال:
«زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ، حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَالَ
لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»،
فَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ.


فقالت أم المؤمنين خديجة: «كَلَّا، أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ
لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ،
وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي
الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ» الحديث
رواه البخاري (4953)، ومسلم (160) عن عَائِشَةَ رضي الله عنها
.

 فهذا
نستفيد منه:


 أن الرجل يخبر أهله الرزينة العاقلة
بغمومه وكربه.

 وأن المرأة الصالحة تقوم بالمؤانسة والتسلية
والتثبيت.

وفيه  أيضًا من
الفوائد:

 -تكرير
القسم والكلام؛ للتأكيد.

واللات والعزى صنمان كان يعبدهما أهل الجاهلية.

-وقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لخديجة
بهذا، هل كان قبل البعثة أو بعدها؟

قال السندي رَحِمَهُ اللهُ في «حاشية مسند أحمد»(4/284): « يَقُولُ
لِخَدِيجَةَ » قبل النبوة أو بعدها، والأول أقرب.

«خَلِّ اللَّاتَ» تقريرًا له على ما قال.
اهـ.

(والأول
أقرب) أي: أنه قبل النبوة، وصنيعنا في ترتيب «
الصحيح المسند من الشمائل المحمدية»  يدل على ذلك، وهذا من فعل والدي أثناء ترتيب
مواضع الكتاب، هو الذي وضعه في هذا الموضع. رحمه الله بمنِّهِ وكرمه. آمين.

وقوله:
(فَتَقُولُ خَدِيجَةُ: خَلِّ اللَّاتَ، خَلِّ العُزَّى) أي: اتركها، واثبُت على
التوحيد.

وقوله: كَانَتْ صَنَمَهُمُ التِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، ثُمَّ يَضْطَجِعُونَ.

معناه: أنهم كانوا يعبدونها قبل أن يناموا، والله أعلم.

«حاشية ابن البنا الساعاتي على مسند أحمد»(22/39).

وفيه أيضًا من الفوائد:

سلامة عقيدة النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قبل
البعثة، وبغضه للأصنام، وقد تولاه الله سُبحَانَهُ بحفظه وعصمه  عن الشركيات، وحفظه عن ارتكاب القبائح والرذائل
كلها.

قال الإمام الذهبي في «سير أعلام النبلاء»(1/131): وَالَّذِي لا رَيْبَ فِيْهِ
أَنَّهُ كَانَ مَعْصُوْمًا قَبْلَ الوَحْيِ وَبَعْدَهُ، وَقَبْلَ التَّشْرِيْعِ
مِنَ الزِّنَى قَطْعًا، وَمِنَ الخِيَانَةِ، وَالغَدْرِ، وَالكَذِبِ، وَالسُّكْرِ،
وَالسُّجُوْدِ لِوَثَنٍ، وَالاسْتِقْسَامِ بِالأَزْلَامِ، وَمِنَ الرَّذَائِلِ،
وَالسَّفَهِ، وَبَذَاءِ اللِّسَانِ، وَكَشْفِ العَوْرَةِ،
فَلَمْ يَكُنْ يَطُوْفُ عُرْيَانًا
. اهـ المراد.

فكانت فطرة النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
مجبولة على كل خير، وكانت صفاته جميلة؛ ولهذا كانت قريش تلقبه بالصادق الأمين،
وكان يعجبه أن يتعبَّد لله في غار حراء قُبيل نزول الوحي.

[مقتطف من درس الصحيح المسند من الشمائل المحمدية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ
الله تَعَالَى]

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/02/36.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(42) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(42) فقه التعامل بين الزوجين

 

                          مواساة الزوجة

 

عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أنها قَالَتْ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَارَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ»
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ
مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ
أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَنَا
وَا رَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ-أَوْ أَرَدْتُ-أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ
وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ: أَنْ يَقُولَ القَائِلُونَ-أَوْ يَتَمَنَّى
المُتَمَنُّونَ-ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ
يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ»
رواه البخاري
(5666).


 

في هذا الحديث
أن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
وَارَأْسَاهْ» تتوجع، فقال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ: «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ».

 وهذا فيه مواساة الزوجة، إذا أصيبت بشيء يواسيها
الزوج، يتْعَبُ لتعبها، ويألم لألَمِهَا.


قال ابن القيم
رَحِمَهُ الله في
«الروح»(258) في
الكلام على الفرق بين الإخبار بالألم والشكوى:

وَلَعَلَّ
من هَذَا-أي: الإخبار بالحال لقصد صحيح لا الشكوى- قَول النَّبِي لما قَالَت
عَائِشَة: وارأساه، فَقَالَ:
«بل أَنا
وارأساه
»، أَي: الوجع الْقوي بِي، أَنا دُونك فتأسي بِي فَلَا
تَشْتَكِي.


قال:
ويلوح لي فِيهِ معنى آخر، وَهُوَ:

 أَنَّهَا كَانَت حَبِيبَة رَسُول الله، بل
كَانَت أحب النِّسَاء إِلَيْهِ على الْإِطْلَاق، فَلَمَّا اشتكت إِلَيْهِ رَأسهَا
أخْبرهَا أَن بمحبها من الْأَلَم مثل الَّذِي بهَا، وَهَذَا غَايَة الْمُوَافقَة
من الْمُحب ومحبوبه، يتألم بتألمه، وَيسر بسروره، حَتَّى إِذا آلمه عُضْو من
أَعْضَائِهِ آلم الْمُحب ذَلِك الْعُضْو بِعَيْنِه.

 وَهَذَا من صدق الْمحبَّة وصفاء الْمَوَدَّة.

 فَالْمَعْنى الأول يفهم أَنَّك لَا تَشْتَكِي
واصبري، فَبِي من الموجع مثل مَا بك، فتأسي بِي فِي الصَّبْر وَعدم الشكوى.

 وَالْمعْنَى الثَّانِي يفهم إعلامها بِصدق محبته
لَهَا، أَي: انظري قُوَّة محبتي لَك كَيفَ واسيتك فِي ألمك ووجع رَأسك، فَلَمْ
تَكُونِي متوجعة وَأَنا سليم من الوجع؟ بل يؤلمني مَا يؤلمك، كَمَا يسرني مَا
يَسُرك، كَمَا قيل

وَإِنَّ أَولى
البَرايا أَن تُواسِيَهُ...عِندَ السُرورِ الَّذي واساكَ في الحَزَنِ

[مقتطف من دروس
بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/04/42.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1640
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(43) فقه التعامل بين الزوجين

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(43) فقه التعامل بين الزوجين

 

                      من
أخلاقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله


 

عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: كَانَ
يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ
تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ،
وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ:
«حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي» رواه البخاري (949)، ومسلم (892).

 

 وفي
رواية للبخاري(5236): رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي
المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ
الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.

 

في هذا الحديث: أخلاق النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مع أهله، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستر عائشة وهي
تنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون يوم العيد.

ومعنى قولها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَسْأَمُ»
أي: تمل.

 وقد
كانت صغيرة، توفي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
وعمرها ثمانية عشر عامًا؛ فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
كان يترك لها الفرصة حتى تسأم؛ لأنها شابة صغيرة وما فعل هذا مع بقية نسائه، وهذا
يدل أن الشابة تحتاج إلى تدليل ما ليس لغيرها.

قال الشيخ ابن
عثيمين رَحِمَهُ الله في «شرح بلوغ المرام»(1/616): ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يقول: لها أشبعت؟ حتى قالت: شبعت، يعني: لم يجعلها تتفرج لمدة وجيزة ثم
يصرفها، أبقاها حتى انتهت رغباتها.

 وكذلك ينبغي في معاملة الأهل، لاسيما في الشابات
من بنات أو زوجات أو ما أشبه ذلك؛ لأن لكل مقام مقالًا، ولكن الشابة يجب أن يقدر
لها قدرها.

 

[مقتطف
من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/04/43.html

أضف رد جديد