(77)مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
تعليق والدي على هذَين البيتين
إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ
الذِي حَدَّثْتِنِي ... فَعَلَيْكِ إِثْمُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ زُفَرِ
المائلَين إلى القياسِ
تعمُّدا... والراغبَيْنِ عنِ التمسُّكِ بالخبر
مرجع البيتين: «تاريخ
بغداد»(12/293)ترجمة أبي حنيفة.
سمعت والدي رَحِمَهُ
الله يقول: فيه مبالغة وشيء من الغلو، فلا يقال: إنهما راغبان عن التمسك بالأثر.
ولمَّا سمع الطحاوي –وهو
حنفي-هذا القائل قال: وَدِدْتُ أَنَّ لِي حَسَنَاتِهِمَا وَأُجُورَهُمَا وَعَلَيَّ
إِثمهما .اهـ كلام والدي رحمه الله.
وكلام الطحاوي رَحِمَهُ
الله في «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة رضي
الله عنهم»(152)لابن عبد البر.
من تلبيسات: أحمد بن حسن المعلِّم
كتبتُ عن والدي الشيخ مقبل: يقول أحمد المعَلِّم: إن
الشيخ مقبلًا لما خرج إلى صنعاء دعاه عبدالمجيد الزنداني، فقال: لن يحضر؛ لأنه
مبتدع، ودعاه نوح القرآني فأجابه.
جواب الشيخ: نوح القرآني نعتقدُه كافرًا، ولكن سألنا
هل يذبح هو؟
فقالوا: لا.
وأنا حضرتُ؛ لأدعوه إلى الله، ثم ليس عنده مكرٌ
وخديعة مثل الزنداني.
من آداب عيادة المريض
ألَّا يزعجَه
بالاستفسارات.
كان هناك رجل مريض
أزعجه الزوَّار بالاستفسارات عن مرضِهِ.
كلُّ من دخل عليه استفسر منه، فكتب ورقة فيها
بيان حاله.
فكان إذا دخل عليه أحد واستفسر منه ناولَه
الورقة.
هذا ما استفدته من
والدي رَحِمَهُ الله.
الفتنة أولها زينة لكل جهولِ
كان والدي رَحِمَهُ الله يكرر قراءةَ هذه الأبيات، ويأمر
أحيانًا في حلقة الدرس بقراءتها.
الحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً .. تَسْعَى
بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشُبَّ ضِرَامُهَا ..
وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ ..
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
والأبيات عند الإمام البخاري تبويب حديث (7096): بَابُ
الفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ.
والدي
رَحِمَهُ الله وتغيير المنكر
الرقص في المساجد ليس بمشروع، ضرب الدف في المساجد ليس
بمشروع، وأنا قد رأيت شخصًا بعينيَّ هاتين في (مسجد الخيف) من قبل صلاة الفجر، ثم
صلى مع الناس صلاة الفجر، ثم بعدها من بعد صلاة الفجر إلى أن طلعت الشمس، وهو يرقص
في مسجد الخيف.
والرجل كبير،
ما أستطيع أن آخذه وأخرجه، عَيِيت فيه وما ساعدني عليه أحد، فأصبحت أقول: يا أيها
الناس! حرام عليكم أن تتركوه في بيت الله يرقص، وهو يرقص، والعرق يتصبب منه بعد
الفجر .
فضائح الصوفية من
كتاب« المصارعة»(386) لوالدي.
والدي رَحِمَهُ الله وتغيير المنكر
وهكذا أيضًا في الحرم المكي، ذات يوم طلعت إلى الحرم الأعلى فوجدت
حلقة كبيرة من الأتراك وبينهم أناس سودانيون، وأناس يمنيون، وهم يرقصون، ويدورون
والناس يتفرجون.
فقلت : الحمد لله ـ كنا أظنها
حلقة علم - سأذهب وأستفيد، فإذا هم يدندنون، فبقيت متحيرًا أقدم وأصيح بينهم؟
فخشيت من الضرب، ورجال كبار
ربما ضربة واحدة تقضي عليّ، ثم دخلت في وسطهم ثم قلت لهم: أتهان بيوت الله؟! وأذكر
لهم قول الله عز وجل: ﴿فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾[ النور : 36 ]، فسكت الناس.
وإذا اليمنيون يأتون -
اليمنيون الذين كانوا معهم -، ويقولون: نحن معك، وماذا تريد؟ نحن معك أبشِر أي شيء؟
لو قلتُ لهم: هلموا نفرقهم يقومون - جزاهم الله خيرًا-، لكن قلنا: قد سكتوا،
والحمد لله رب العالمين .
فضائح الصوفية من
كتاب « المصارعة»(384).
خبر إخراج مكتبة والدي إلى اليمن
قال والدي
رَحِمَهُ الله: وبعد أيام أَخرَجَ بعض فاعلي الخير مكتبتي من المدينة، فطُلِب منه
خمسمائة ريال سعودي في مركز (كدم)، وكان المسؤول عنه (المشرقي) فأبى، يظنها رشوة،
وهو لا يدري أنها رشوة في حقهم، وأما هو فليست برشوة، لأن الرشوة ما أُعْطِي
لإحقاق باطل، أو لإبطال حق.
فأرسلوا بالكتب
إلى صعدة، ومدير الإعلام (الحملي) حاقد على السنة، فطلب الكتب أصحابنا، فقال: إن
شاء الله بعد الظهر، وما جاء بعد الظهر إلا وقد حرَّك الشيعة، فطلبوا من المسؤولين
توقيفها؛ لأنها كتب وهابية. ولا تسأل عن الغرامة المالية، والمتاعب، والضيم التي
حصلت لي.
إخوان بذلوا جهودًا
في متابعة ذلك، كثير من أهل بلدي: الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، الشيخ هزاع
ضبعان، المسؤولون في مكتب التوجيه والإرشاد، منهم: القاضي يحيى الفُسَيِّل رَحِمَهُ
الله، الأخ عائض بن علي مسمار، وبعد متاعب طويلة أبرق أهل صعدة إلى الرئيس (علي بن
عبد الله بن صالح)، فأحال القضية إلى القاضي علي السمَّان، فأرسل إليَّ القاضي
ووعد أنه سيسلِّم المكتبة، وقال: إن أهل صعدة متشددون، فهم يكفِّرون علماء صنعاء.
فطُلِبت المكتبة إلى صنعاء، وقُدِّر أن وصلت الكتب والقاضي علي السمان في بعثة إلى
الخارج، فذهب الإخوة إلى المسؤول في وزارة الأوقاف، فقال لهم: إنها مصاطرة –
بالطاء -، وتحرك بعض إخواننا في الله من مكتب التوجيه والإرشاد، وذهبوا واستلموها،
وقالوا: هي من اختصاصنا، فنحن ننظرها فما كان صالحًا سلمناه للوادعي، وما كان يُخِلُّ
بالدين أبقيناه عندنا، وبما أنهم يعرفون أنها كتب دينية محضة فقد سلموها لي من غير
تفتيش، فجزاهم الله خيرًا، فأخذتها إلى البلاد، والحمد لله.
المرجع «الترجمة»(17).
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/07/77.html