(154)سلسلة التوحيد والعقيدة
سبب تحريم تصوير ذوات الأرواح
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ
فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ
الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ
لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ
فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاعِ،
أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى
الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي
كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ
تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ» رواه
البخاري( 4920).
فهؤلاء
رجال صالحون من قوم نوح كان قومهم يُجلونهم، ولما ماتوا نحتوا تماثيل على صور
أولئك الرجال، ما السبب؟
(
تَسلِّيًّا بِهَا)
كما قال الصنعاني في
«تطهير الاعتقاد
»، فمن باب التسلية والذكرى، ثم طال عليهم الأمد
فعبدوها، في أول الأمر ما كان مقصودهم عبادتهم ولكن صوروهم من باب التسلية والذكرى
لهم، فلما طال عليهم الأمد عبدوها من دون الله، فلما طال عليهم الأمد عبدوا
الأحجار، أي حجر يرونه يعبدونه، وكما قال المغيرة بن شعبة: « وَلَكِنَّا كُنَّا
قَوْمًا نَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَالْأَوْثَانَ، فَإِذَا رَأَيْنَا حَجَرًا
أَحْسَنَ مِنْ حَجَرٍ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ، وَلَا نَعْرِفُ رَبًّا
حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِنَا، فَدَعَانَا إِلَى
الْإِسْلَامِ فَاتَّبَعْنَاهُ» رواه الحاكم في «المستدرك»( 5901).
وما
حصل من تصوير قوم نوح الرجال الصالحين كان للتسلي بهم كما عرفنا والتذكر لهم، ولم
يكن لعبادتهم، وهذا يفيد خطر صور ذوات الأرواح، فصُور ذوات الأرواح حُرِّمَت لأمور:
أنها
وسيلة للشرك بالله كما في هذه القصة.
أنها
مضاهاة لخلق الله، كما روى البخاري (5953)، ومسلم (2111) عن أبي هريرة رضي الله
عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً،
وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً».
مضاهاة
أي: مشابهة لخلق الله.
وبقي
أمر ثالث وهو: الفتنة بالصور في هذا العصر، الرجل ينظر إلى المرأة والمرأة تنظر
إلى الرجل، وهذا الثالث ذكره والدي رَحِمَهُ الله.
فهذه
ثلاث مفاسد في تصوير ذوات الأرواح. فلا يستهان بتصوير ذوات الأرواح ونظر المرأة
إلى الرجال والعكس، ونسأل الله العافية.
وعلينا
أن نحذر من أن نصبح ونمسي مع النت وصور الرجال.
وخاصة
ما يسمى الفيس بوك هذا ما تحتاج له المرأة واليوتيوب أيضًا، فهذه مليئة بالصور
والفسوق والفتن.
وليكن
استخدامك النت بحذر وفي حدود الحاجة، وفيما يعينك في طلب العلم ونشر العلم النافع،
مع الرجوع إلى المواقع الموثوقة، ثم الحرص على الرجوع إلى المصدر الذي أخذ منه، أو
العزو إلى ذلك الموقع؛ تأدية للأمانة، وأيضًا له غُرْمه وعليه جُرْمُهُ.
وأنصحك
أي معلومة تصلك في رسالة وفيها صورة، سواء كانت صوتية أو مرئية أن تقومي بحذفِهَا
مباشرة، ويغنيك الله عما فيها من العلم، اتركيها لله وحافظي على قلبك، وصوني بصرك،
والسلامة لا يعادلها شيء.
والحمد لله العلم
يقود إلى كلِّ خير وإلى الجنة، العلم يبصر بالأخطاء ويبصر بالخير، ولا يكون علمًا
نافعا لنا إلا إذا عملنا به، فالشر نبتعد عنه والخير نحرص عليه، وما توفيقنا إلا
بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/11/154.html