أوصاف طالب العلم الشرعي


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(49)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(49)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                            المجاهدة في تحصيل العلم

 

قال تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

استنبط
الإمام السعدي رَحِمَهُ الله في «تفسيره»(635) في سورة العنكبوت
فوائد من هذه الآية، وقال:


دل
هذا على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد.

 وعلى أن من أحسن فيما أُمر به أعانه الله ويسر
له أسباب الهداية.

 وعلى أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل
مطلوبه أمور إلهية، خارجة عن مدرك اجتهاده، وتيسر له أمر العلم،
فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله،
بل هو أحد نَوْعَي الجهاد، الذي لا يقوم به
إلا خواص الخلق، وهو الجهاد بالقول واللسان، للكفار والمنافقين،
والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع
المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين. اهـ.

والله
الميسِّر، فليس كل أحدٍ يتيسر له سُبُلُ العلم، فكم من محبٍّ للعلم ولكنه لا يصبر على العلم
والحفظ؛ لضعْفِ همَّتِه وعزيمته، أو لا يجد
الحلقات ومن يتلقى على يديه ومَنْ يعينه، أو
لا يجد الأنيس من الجلساء الصالحين، فجلساؤه
من المهملين الذين لا يهمهم العلم النافع ولا زاد الآخرة فيتأثَّر بهم، أو يُصرَفُ بصوارفَ لا يستطيع دفعَها عافانا الله. إما مسؤولية كبيرة فوق الطاقة، مثل: بعض
النساء يستغرق وقتُها في أمور الطباخة بإلزام،
إما لكثرة ضيوف أو لكِبَر العائلة مع عدمِ المساعد فما يتهيأ لها أن تستفيد.

أو
أمراض في النفس، أو في الأهل فيُشغَل
بمداواتهم وخِدْمتِهم وتمريضهم والقيام عليهم،
أو انشغالات بالمكاسب، أو فتن. والفِتَنُ من أعظَمِ الصوارفِ عن العلم، ولهذا النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ يقولبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ
اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ
مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي
مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ
دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم (118) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وكان والدي يقول: اجتهدوا قبل أن تأتيكم الصوراف.

ونحن
في زمن الفتن، فتنة الحروب والحوادث، وفتنة الجدل والخلافات والتعصبات، وفتنة الدنيا والحزبيات..
والمعافَى مَنْ عافاه الله. نسأل الله السلامة
والعافية.

وعلينا
أن نسلُكَ الأسباب التي تكون عونًا لنا في تيسير سُبُلِ العلم وتسهيله، ولا نستسلم للعَقَبَاتِ والنكبَات والعوائق التي
تقف في طريق العلم.




ترجو النجاة ولم تسلك مسالكَها



...



إنَّ السفينة لا تمشي على
اليَبَسِ



نسأل الله سبحانه أن ييسرَ لنا طلب
العلم حتى نلقاه، وأن ييسر لنا ما قاله الإمام
أحمد: من المحبرة إلى المقبرة. آمين.

[مقتطف من دروس
التبيان في آداب حملة القرآن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2023/11/49.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(50)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(50)أوصاف طالب العلم الشرعي

                 الإنصاف
في العلم


قال أبو زرعة الدمشقي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في «تاريخه»
(1018): أخبرني الوليد بن عتبة، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: شهدت مالك بن أنس
سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.

هذا أثر صحيح.

قال القرطبي رَحِمَهُ الله في « تفسيره»(1/286) عقب هذا الأثر وبعض ما في
معناه في السكوت عما لا يَعلم:


 وَإِنَّمَا
يَحْمِلُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ الرِّيَاسَةُ وَعَدَمُ الْإِنْصَافِ فِي الْعِلْمِ.

 قَالَ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ: مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ وَآدَابِهِ الْإِنْصَافُ فِيهِ، وَمَنْ لَمْ
يُنْصِفْ لَمْ يَفْهَمْ وَلَمْ يَتَفَهَّمْ.

 رَوَى يُونُسُ بْنُ
عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ يقول: ما في زماننا شي أَقَلُّ مِنَ الْإِنْصَافِ.

 وعلق عليه القرطبي
بقوله: هَذَا فِي زَمَنِ مَالِكٍ فَكَيْفَ فِي زَمَانِنَا الْيَوْمَ الَّذِي عَمَّ
فِينَا الْفَسَادُ وَكَثُرَ فِيهِ الطُّغَامُ؟! وَطُلِبَ فِيهِ العلم للرئاسة لَا
لِلدِّرَايَةِ، بَلْ لِلظُّهُورِ فِي الدُّنْيَا وَغَلَبَةِ الْأَقْرَانِ
بِالْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ الَّذِي يُقْسِي الْقَلْبَ وَيُورِثُ الضَّغَنَ،
وَذَلِكَ مِمَّا يحملُ عَلَى عَدَمِ التَّقْوَى وَتَرْكِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى.


المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/50.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(51)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(51)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

ما حكم الرياء هل هو شرك أكبر أو أصغر؟

 

الرياء
من الشرك الأصغر، كما في الحديث القدسي: « أَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ،
مَن عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيرِي تَرَكتُهُ وَشِركَهُ».

إلا
إذا كان قيامه للعبادة محضًا خالصًا لغير الله، لا يريد به وجه الله، فهذا شرك
أكبر. ﴿
يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾ [النساء].

قال
الشيخ ابن عثيمين في «القول المفيد»(2/124): الرياء من الشرك الأصغر؛ لأن الإنسان قصد
بعبادته غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر، فقال: مثل
يسير الرياء، وهذا يدل على أن الرياء الكثير قد يصل إلى الأكبر. اهـ.

فيحتاج
طالب العلم والعابد لربه إلى مجاهدة في إخلاص العبادة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى،
وإلا وقع في خطر عظيم، وقع في الشرك، وهذا من المخاطر على طلاب العلم، من أشد
المخاوف والمخاطر عليهم محبة السمعة والرياء.

من
كانت هذه نيته فقد باء بالخسران، وكان علمه غير نافع، من علامات العلم الذي لا
ينفع فقد الإخلاص في العمل، ومن أسباب حرمان البركة، وحرمان التوفيق، وقد ينقطع عن
الخير بسبب أن عنده دسيسة سيئة في قلبه، فلا يثبت في اجتهاده في العبادة وفي طلب
العلم؛ لأنه لم يكن مخلصًا لله، وجهوده وصبره في التعليم ونشر العلم لا تدوم؛ لأنه
ليس هناك شرط قبول العمل، لقبول العمل شرطان: الإخلاص والمتابعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله في « العقيدة التدمرية»(232): وما لم يكن لله لا ينفع
ولا يدوم. اهـ.

ينقطع
ولا يستمر ولا ينفع، لا يعود بنفع على صاحبه، فالعاقل يجاهد نفسه، ويجاهد الشيطان،
ويكسر هوى نفسه، فماذا عسى أن يكون عندنا من العلم والعبادة والمحفوظات؟!

السلف
كان منهم من لو قيل له: إن ملك الموت ببابك ما كان عنده زيادة على العمل، حتى
تسبيحه واحدة أو تكبيرة لا يستطيع أن يزيدها، قد بلغ أقصى جهده في العبادة، وكانوا
يرحلون في طلب العلم ويتحملون المشاق، أما حالتنا ففي أشد الضعف والتقصير، والله
المستعان.

والوظائف دخلت في العبادة فأفسدتها إلا من رحم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى،
فمن المعلمين من يعلم القرآن ويعلم السنة لأجل دنيا ولا يحتسبه عند الله، والله
عَزَّ وَجَل يقول: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ
الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا
لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا  (18)وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا
سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)﴾.[/color]

فنحن بحاجة شديدة إلى
أن نجاهد في إصلاح النية، لننتفع بعبادتنا وما رزقنا ربنا من العلم، وليكون ثباتًا
لقلوبنا وتثبيتًا لنا في المواقف وفي الشدائد، نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن
يرزقنا الإخلاص، نسأل الله أن يرزقنا حسن النية، ونعوذ بالله من علم لا ينفع، ولا
حول ولا قوة إلا بالله.

[مقتطف من دروس تطهير الاعتقاد الدرس الثامن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ
الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/51.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(52)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(52)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                        من بلاء التعصب

قال الصنعاني رَحِمَهُ الله في
«تطهير الاعتقاد»: وَفُقَهَاءُ المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ
مِن بَعدِ الأَربَعَةِ.

وتعقَّبه الصنعاني
بقوله: وَإِن كَانَ هَذَا قَولًا بَاطِلًا،
وَكَلَامًا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَن كَانَ لِلحَقَائِقِ جَاهِلًا...  

التعليق:

قوله رَحِمَهُ الله: وَفُقَهَاءُ
المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ.

 أي: من المتعصبة للمذاهب
الأربعة.

يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ مِن بَعدِ
الأَربَعَةِ.

أي: يرون الاجتهاد مستحيلًا بعد الأئمة
الأربعة.

وهذا من بلاء التعصب.

وقد كان والدي الشيخ
مقبل رَحِمَهُ الله يذكر لنا أن ابن علان قال عند قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
الْمَهْدِيِّينَ، َعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ...»،
هذا لمن كان في زمن الصحابة أو قريبًا من زمانهم، أما بعد أن تقررت المذاهب
الأربعة فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غيرهم.

وكان والدي رَحِمَهُ
الله يستنكر ذلك، ويتعجب من هذه الجُرأة.

وإليكم نص كلام ابن
علان في «شرح رياض الصالحين»(1/415): محل تقليد الصحابة بالنسبة للمقلد الصرف في
تلك الأزمنة القريبة من زمنهم.

أما في زمننا فقال
بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة: الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبي
حنيفة؛ لأن هؤلاء عرفت مذاهبهم، واستقرت أحكامها وخدمها تابعوهم، وحرروها فرعًا
فرعًا، وحكمًا حكمًا، فقَلَّ أن يوجد فرع إلا وهو منصوص لهم إجمالًا أو تفصيلًا.
اهـ.

ومن الأدلة في رده:

 

قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي
ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» رواه البخاري
(7311)، ومسلم (1920) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

 

 وقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ
أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رواه
البخاري (7352)، ومسلم (1716) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ.

 

فنستفيد من هذا: أن الاجتهاد باقٍ لم ينقطع.

[مقتطف من الدرس
الخامس عشر من دروس تطهير الاعتقاد لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

فيجب الحذر من
التعصبات؛ فإن هذا مضيعة للوقت، ويجر إلى توغير الصدور، وانقلاب الحال إلى عداوة
وبغضاء، وولاء وبراء.

ومن نصائح والدي رحمه
الله: لا تشغل نفسك بالتعصب لفلان وفلان، أقبل على العلم.

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/02/52.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(53)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(53)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                                           تحيُّن الفرص في السؤال

 

عن ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ
المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَكَثْتُ سَنَةً، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا حَتَّى خَرَجْتُ
مَعَهُ حَاجًّا، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ
ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ، فَقَالَ: أَدْرِكْنِي بِالوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ
بِالإِدَاوَةِ، فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ
المَاءَ، وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا؟

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا
أَتْمَمْتُ كَلَامِي حَتَّى قَالَ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ. رواه
البخاري (4915).

 

 قال الحافظ في «الفتح»(9/291): فيه ترقب
خلوات العالم؛ ليسأل عما لعله لو سئل عنه بحضرة الناس أنكره على السائل. اهـ.

 

وفيه تربية للطالب على
الحلم والصبر، وألا يكون مزاجيًّا ما أراده
فعله، فابن عباس رضي الله عنه مع همته العالية
يصبر سنة كاملة ولم يسأل عمر؛ لأنه لم يجِدْ
لَهُ مَوْضِعًا، حَتَّى خَرَجَ مَعَ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه حَاجًّا، فسأله عن المرأتَين اللتَين تظاهرتا على رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

 

[مقتطف من شرح التبيان
في آداب حملة القرآن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/05/53.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(54)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(54)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

 

عن أَمِير المُؤمِنِينَ عُمَر بن الخَطَّابِ:
تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَن تُسَوَّدُوا.

أخرجه أبو خيثمة في كتاب «العلم» (9)، والدارمي
(256)، والخطيب في «الفقيه» (772)، وعلقه البخاري. وهو أثر صحيح.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البخاري عقِبَه:
وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا، وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ.

وعلَّق عليه والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
رَحِمَهُ الله  في درسٍ لنا، وقال:

فإن السيادة تشغل عن الحفظ، والتزود من العلم
النافع.

وعلق الشيخ ابن عثيمين في «التعليق على مقدمة
المجموع» (ص205) على هذا الأثر، وقال: هذا صحيح؛ الإنسان إذا اشتهر بعلمه، وبرز
بين الناس فلن يفرغ.

 ولذلك
ينبغي للإنسان أن ينتهز الفرصة ما دام فارغًا، ويقال: أنت لنفسك ما لم تُعرف، فإن
عرفت فلست لنفسك، فأنت للناس. اهـ.

فالناس
يقبلون على من عَرفوا عنه الخير والعلم، فهذا يأتي يسأل، وهذا يستفسر، وهذا عنده
إشكال، وهذا عنده استشارة .. ، إلى غير ذلك، فيصير الشيخ مشغولًا بحوائج الناس،
والله أعلم.

[مقتطف من دروس التبيان في آداب حملة القرآن لابنة الشيخ مقبل
رَحِمَهُ الله، مع بعض التصرف اليسير]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2024/05/54.html


كاتب الموضوع
أم عبدالله الوادعية [آلي]
مشاركات: 1692
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

(55)أوصاف طالب العلم الشرعي

مشاركة بواسطة أم عبدالله الوادعية [آلي] »

(55)أوصاف طالب العلم الشرعي

 

                                      نور
البصيرة

 

قال تَعَالَى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)﴾[يوسف].

 

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في « مدارج السالكين»(1/ 143): الْبَصِيرَةُ مَعْنَاهَا:
نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ، يَرَى بِهِ حَقِيقَةَ مَا أَخْبَرَتْ
بِهِ الرُّسُلُ، كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهُ رَأْيَ عَيْنٍ، فَيَتَحَقَّقُ مَعَ ذَلِكَ
انْتِفَاعُهُ بِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ، وَتَضَرُّرُهُ بِمُخَالَفَتِهِمْ.

وقال الشوكاني رَحِمَهُ اللهُ في
«فتح القدير»(3/ 71): وَالْبَصِيرَةُ: الْمَعْرِفَةُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا
الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ.

وقال ابن القيم في « مدارج السالكين»(2/ 451) في شرح عبارةٍ لصاحب المنازل:
 يُرِيدُ أَنْ تَصِلَ بِاسْتِدْلَالِكَ
إِلَى أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعِلْمِ.

وَهِيَ الْبَصِيرَةُ الَّتِي
تَكُونُ نِسْبَةُ الْعُلُومِ فِيهَا إِلَى الْقَلْبِ كَنِسْبَةِ الْمَرْئِيِّ
إِلَى الْبَصَرِ. وَهَذِهِ هِيَ الْخِصِّيصَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا
الصَّحَابَةُ عَنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ. وَهِيَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] أَيْ: أَنَا وَأَتْبَاعِي عَلَى بَصِيرَةٍ.

وَقِيلَ {وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
[يوسف: 108] عَطْفٌ عَلَى الْمَرْفُوعِ بِأَدْعُو أَيْ أَنَا أَدْعُو إِلَى
اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ. وَمَنِ اتَّبَعَنِي كَذَلِكَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ.

وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَالْآيَةُ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَتْبَاعَهُ هُمْ أَهْلُ الْبَصَائِرِ الدَّاعِينَ إِلَى
اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ. فَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَ مِنْ أَتْبَاعِهِ عَلَى
الْحَقِيقَةِ وَالْمُوَافَقَةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَتْبَاعِهِ عَلَى
الِانْتِسَابِ وَالدَّعْوَى.

ونستفيد من كلام ابن
القيم:

 فضل البصيرة.

أن البصيرة أعلى درجات العلم.

 أعلى درجات العلماء.

وأنها بمعنى اليقين؛ فلهذا كأنه
يشاهد ما جاء في الأدلة وما جاء من الأمور الغيبية والأخبار المتقدمة بعينيه.

ومن حيث تعريف البصيرة هي: قال
الله قال رسول الله، لهذا قال الإمام الشوكاني: وَالْبَصِيرَةُ: الْمَعْرِفَةُ
الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ.

وذكر الراغب الأصفهاني في «مفردات القرآن»(49) الشيء الذي يُطلق عليه بصر، فقال:

 البصر يقال للجارحة الناظرة-أي: العين نحو قوله تعالى:﴿كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ[القمر:(50)]،﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ[الأحزاب:10].

وللقوة التي فيها.

 ويقال لقوة القلب المدركة:
بصيرة وبصر، نحو قوله تعالى: ﴿ فَكَشَفْنَا
عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾[ق:22 وقال:﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)﴾[النجم:17وجمع البصر أبصار،
وجمع البصيرة بصائر.اهـ.

فاستفدنا: أن البصر يطلق على كلٍ من
الآتي:

حاسة البصر.

قوة البصر،
وهي: قوة الرؤية بالعين.

وعلى قوة القلب المدركة:
أي الواعية، يقال: بصيرة وبصر
ويقال: عنده نظر ثاقب.

فالبصر والبصيرة يطلقان على بصر القلب الحي
المستنير.قال
تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصارُ
وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)[الحج].

ومن ابتُلي
بذهاب بصره، وعنده بصر في قلبه، نور يقذفه الله في قلوب من يشاء من عباده، يقال له: بصير.

 وقد يكون يبصر بعينيه ولكنه أعمى البصيرة،
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا
أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ
تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج: 46]، وهذا هو أعمى القلب وأعمى
البصيرة.

والذنوب لها ضرر على
رزق البصيرة، يقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ
سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ
عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ
اللَّهُ» {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
[المطففين: 14]}. رواه الترمذي (3334) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، وهو في «الجامع الصحيح» (1430) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ومن نصائح والدي رَحِمَهُ اللهُ
التي استفدناها منه لطالب العلم: وأنت يا طالب العلم أحق بالاستقامة حتى لا تطمس
بصيرتك. اهـ.

 واعلموا أنه ما أشد ضرر إطلاق البصر إلى الأجانب والأجنبيات
على البصيرة ونور القلب.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة النور رقم الآية(30) في غض البصر: ﴿ذَلِكَ أَزْكَى
لَهُمْ﴾ أَيْ: أَطْهَرُ لِقُلُوبِهِمْ وَأَنْقَى لِدِينِهِمْ، كَمَا قِيلَ: مَنْ
حَفِظَ بَصَرَهُ أَوْرَثَهُ اللَّهُ نُورًا فِي بَصِيرَتِهِ، وَيُرْوَى: فِي قَلبِهِ.


 

وهذه مقالة مشهورة- ومعناها صحيح مأخوذ من
هذه الآية-: أن مَنْ حفظ بصره وضع
الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى النور في قلبه، ورزقه البصيرة، وهذا يُفهم منه أن من لم يحفظ بصره يظلم قلبه
ويفسد، وتعمى بصيرته.

نسأل الله أن يرزقنا البصيرة.

[مقتطف من الدرس 13 من دروس فتح المجيد لابنة
الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/05/55.html

أضف رد جديد