(48) تربية الأولاد
سائلة
تقول: إنها تحاول تربية أولادها التربية الصالحة منذ ان كانوا صغار وحفظتهم
القرءان وتجاهد نفسها لان الشيطان يأتيها ويقول لها: انها تعمل ذلك رياء واوقات
تبكي وهي تدعو الله ان يهديهم وأولادها بالذات الأكبر مع انه حفظ كتاب الله تعالى
الا انه يحب العمل ولا يرغب في العلم
الشرعي وهي ترى اولاد الآخرين الذين لم
يهتموا بتربية أولادهم اللهم بارك حول العلم فماذا تعمل، علما بأنها تتحسر على
أولادها حين ترى اولاد الآخرين على صلاح، تريد منك النصيحة حفظك ربي..
الجواب:
الأم الصالحة المربية
لا تألو جهدًا في بذل الدعاء وأسباب هداية أولادها، وهذا من مسؤليتها وواجبها، كما
روى البخاري (2554)، ومسلم (1829) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « وَالمَرْأَةُ
رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» الحديث.
وروى البخاري (7150)،
ومسلم (142) عن معقل بن يسار، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا
بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ».
والبيت الذي أهله
صالحون ومقبلون على العلم والمساجد فيشذ عنهم واحد، قد يرجع ولو بعد حين، ويندم
على ما فاته من الخير.
ثم دعوة الوالدة لها
شأن عظيم عند الله، فلا تسأم الأم أو تفتر عن الإلحاح على ربها بهداية أولادها
وصلاحهم، وسعادتهم الدينية والدنيوية.
وتذكري أن هناك
أولادًا أشرارًا عاكفين على الملاهي والمخدرات والبلاء، فاحمدي الله إذ لم يجعل
ولدك منهم.
وإن تيسر لكِ أن
تكوني جنب مركز من المراكز العلمية؛ فقد يتأثر ولدك بالصحبة الصالحة والجو
المناسب، قال الله عَزَّ وَجَل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة].
وقد كنا في (دار
الحديث بدماج) أجد بنات ليس لديهن همَّة، ومع الأيام فإذا بهن حافظات للقرآن؛
لكثرة الترداد على الحلقات والمساجد.
فإن رأيت عجزًا
وانسداد الطرق فنقول كما في الحديث: «كلٌّ
ميسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له».
وانظري إلى نصيحة ابن
القيم في «تحفة المودود»(243)، يقول: وَمِمَّا
يَنْبَغِي أَن يعْتَمد حَال الصَّبِي وَمَا هُوَ مستعد لَهُ من الْأَعْمَال ومهيأ
لَهُ مِنْهَا، فَيعلم أَنه مَخْلُوق لَهُ فَلَا يحملهُ على غَيره مَا كَانَ
مَأْذُونا فِيهِ شرعًا؛ فَإِنَّهُ إِن حمله على غير مَا هُوَ مستعد لَهُ لم يفلح
فِيهِ، وَفَاته مَا هُوَ مُهَيَّأ لَهُ.
فَإِذا رَآهُ حسن الْفَهم صَحِيح الْإِدْرَاك
جيد الْحِفْظ واعيًا، فَهَذِهِ من عَلَامَات قبُوله وتهيئه للْعلم؛ لينقشه فِي لوح
قلبه مَا دَامَ خَالِيًا؛ فَإِنَّهُ يتَمَكَّن فِيهِ ويستقر ويزكو مَعَه.
وَإِن رَآهُ بِخِلَاف
ذَلِك من كل وَجه وَهُوَ مستعد للفروسية وأسبابها من الرّكُوب وَالرَّمْي واللعب
بِالرُّمْحِ، وَأَنه لَا نَفاذ لَهُ فِي الْعلم وَلم يخلق لَهُ مكَّنه من أَسبَاب
الفروسية والتمرن عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَنْفَع لَهُ وللمسلمين.
وَإِن رَآهُ بِخِلَاف ذَلِك وَأَنه لم يخلق
لذَلِك وَرَأى عينه مَفْتُوحَة إِلَى صَنْعَة من الصَّنَائِع مستعدًا لَهَا قَابلا
لَهَا، وَهِي صناعَة مُبَاحَة نافعة للنَّاس، فليمكنه مِنْهَا.
هَذَا كُله بعد تَعْلِيمه لَهُ مَا يحْتَاج
إِلَيْهِ فِي دينه، فَإِن ذَلِك ميسر على كل أحد؛ لتقوم حجَّة الله على العَبْد،
فَإِن لَهُ على عباد الْحجَّة الْبَالِغَة كَمَا لَهُ عَلَيْهِم النِّعْمَة
السابغة، وَالله أعلم. اهـ.
وغير واحدة من
الأمهات الصالحات عندنا سابقا في (دار الحديث)، جعلت بعض أولادها يشتغلون في توصيل
الناس ذهابًا وإيابًا، وتقول: والله ليس حبًّا في الدنيا، ولكن قلنا: فترة، ولعلهم
يرجعون.
والله الهادي إلى
سواء السبيل، وأسأل الله أن يصلح ذريتنا وذريتكم ويقر أعيننا بهم.
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/06/48.html