(57) الآداب
مِنْ أعلى ما تحتمله الأخوة الإيمانية
قال شيخ الإسلام في « العقيدة الواسطية» في صفات أهل السنة والجماعة: وَيَدِينُونَ
بِالنَّصِيحَةِ للأُمَّةِ.
دان بالإسلام دينًا بالكسر تعبَّد به
، وتدين به كذلك
.
كما في
«المصباح المنير
»(205
).
النصيحة
: بذل
الخير للمنصوح له
. كما قال الخطابي
.
وهذا من طريقة أهل السنة والجماعة النصح للأمة.
وقد ذكر
الله تَعَالَى عن عدد من أنبيائه نصحهم لأممهم
،
قال تَعَالَى
:﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ
أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ
النَّاصِحِينَ (79)﴾[الأعراف
: 79
]،﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ
أَمِينٌ (68)﴾[الأعراف
: 68].
وروى
البخاري
(57
)،
ومسلم
(56
)
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
، قَالَ
:«بَايَعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ
، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
،
وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
».
وعن أبي رقية تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
،
قَالَ
:«الدِّينُ
النَّصِيحَةُ
» قُلْنَا
: لِمَنْ
؟ قَالَ
:«لِلَّهِ
وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ
» رواه مسلم
(55
).
وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ
، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال
:
«حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ
»، قِيلَ
: مَا
هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ
؟ قَالَ
:«إِذَا
لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ
، وَإِذَا
دَعَاكَ فَأَجِبْهُ
، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ
فَانْصَحْ لَهُ
، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ
اللهَ فَسَمِّتْهُ
، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ
، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ
» رواه مسلم
(2162
)، وأصله في البخاري
(1240
) بدون
«وَإِذَا
اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ
»، أي
: طلب النصيحة.
وهذا من
أعلى ما تحتمله الأخوة الإيمانية
، وكما قال
الشيخ ابن باز رَحِمَهُ الله في
«مجموع فتاواه
»(14
/21
) في بيان من
هو الأخ الحقيقي
: فأخوك من نصحك وذكَّرك
ونبَّهك
، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك
وجاملك
.اهـ.
وفي المَثَل
:
صديقُكَ مَن صدقَكَ لَا من صَدَّقك
.
قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في
«شرح العقيدة الواسطية
»(2
/306
): فإذا قال
قائل
: ما هو ميزان النصيحة للأمة
؟ فالميزان هو ما أشار إليه النبي عليه الصلاة
والسلام
؛ بقوله
:
«لا يؤمن أحدكم حتَّى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
»، فإذا عاملت الناس هذه المعاملة
؛ فهذا هو تمام النصيحة
.
فقبل أن تعامل صاحبك بنوع من المعاملة فكِّر
، هل ترضى أن يعاملك شخص بها
؟ فإن كنت لا ترضى
؛ فلا
تعامله
!اهـ.
وهذا يحتاج إلى قلب نظيف خال من الحسد والغل
والحقد
، وقليلٌ ما هم
.
وفي ترجمة الشيخ ابن باز من كتاب
«الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز
»(282
) لعبدالرحمن بن يوسف الرحمة
: أن الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان سألَ الشيخ ابن باز
: لماذا نجد لكَ كلَّ هذا القبول والحُبِّ في قلوب
الناس
؟
غير أن الشيخ ابن باز رحمه الله لم يجبْه
ورغِب الإعراض عن مثل هذا السؤال
، إلا أن
الشيخ عبد العزيز السدحان ألحَّ عليه في ذلك
،
موضِّحًا أن الغاية من هذا أن يستفيد الجميع
،
فكان ما قاله رحمه الله
: إنني لا أحمل في قلبي
شيئًا
.
[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ
مقبل رَحِمَهُ الله]
المصدر
https://alwadei967.blogspot.com/2025/10/57.html