أتستبدلون الذي هو أدنى وأبتر" اللغة الفرنسية " بالذي هو خير وأسلم " اللغة العربية " ما لكم أفلا تعقلون !!

يشمل هذا القسم كل موضوع لا يندرج تحت الأقسام المخصصة
أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أبوأنس بشير الجزائري
مشاركات: 77
اشترك في: صفر 1436

أتستبدلون الذي هو أدنى وأبتر" اللغة الفرنسية " بالذي هو خير وأسلم " اللغة العربية " ما لكم أفلا تعقلون !!

مشاركة بواسطة أبوأنس بشير الجزائري »

أتستبدلون الذي هو أدنى وأبتر" اللغة الفرنسية "بالذي هو خير وأسلم " اللغة العربية "ما لكم أفلا تعقلون !!





" نصيحة لأناس هم منا ، من بني جلدتنا ، من أنفسنا ، ينطقون بلساننا ويسيرون بيننا ، بميثاق الأخوة في الأرض ، أو في الدين ، أو في اللغة أو في الجنس ، لكن هم آلة الغرب الكافر لإطاحة وتدمير وتمزيق وتهميش اللغة العربية التي هي لسان القرآن المجيد والسنة المطهرة ، السابقة بالوُصلة ، والآخرة بالنبوة ، وخادمة الحضارة .
وإن هذا لأمضى السلاح بيد عدونا في عقر ديارنا ."






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :
فيقول الله عز وجل في محكم تنزيله : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا}[ الْإِسْرَاء : 70]
يقول الإمام السعدي ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لهذه الآية الكريمة :" وهذا من كرمه عليهم وإحسانه الذي لا يقادر قدره ، حيث كرم بني آدم بجميع وجوه الإكرام، فكرمهم بالعلم والعقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وجعل منهم الأولياء والأصفياء وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة ،... وبما خصهم به من المناقب وفضلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من أنواع المخلوقات." ([1])
ونقل الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ عن الضَّحَّاكِ أنه قال : كَرَّمَهُمْ بِالنُّطْقِ وَالتَّمْيِيزِ ، وقال مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: بِأَنْ جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ، وَقِيلَ: بِالْكَلَامِ وَالْخَطِّ ، وَقِيلَ: بِالْفَهْمِ وَالتَّمْيِيزِ.
قال القرطبي : وَالصَّحِيحُ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّفْضِيلَ إِنَّمَا كَانَ بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ التَّكْلِيفِ، وَبِهِ يُعْرَفُ اللَّهُ وَيُفْهَمُ كَلَامُهُ، وَيُوصَلُ إِلَى نَعِيمِهِ وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْهَضْ بِكُلِّ الْمُرَادِ مِنَ الْعَبْدِ بُعِثَتِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتِ الْكُتُبُ. فَمِثَالُ الشَّرْعِ الشَّمْسُ، وَمِثَالُ الْعَقْلِ الْعَيْنُ، فَإِذَا فُتِحَتْ وَكَانَتْ سَلِيمَةً رَأَتِ الشَّمْسَ وَأَدْرَكَتْ تَفَاصِيلَ الْأَشْيَاءِ. ا.هـ ([2])
قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ : فلك الفضل والمنة والشرف ـ خاصة أنت يا أيها المسلم ـ ، فأنت أولى بهذا التشريف والإكرام من سائر الأنام ، إذ خصك الله تعالى بهداية إلى دين الإسلام ، ومنَّ عليك بلسان العربي الذي تفتخر به الأقلام ، وتنشد في رحابه ضالة الشعراء والأدباء والأعلام وعباقرة الأنام .
فيا أيها الأخ الجزائري المسلم إني أخصك بهذه المنة والتنبيه والتذكير ، وإن كنت لا أحجر الواسع أو أبخل على سائر إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بهذا التذكير والتقرير، ولكن أنت يا أيها الأخ الجزائري المقصود الأول من هذه الرسالة ، أوجه إليك قلمي الموصل إليك موجات فمي التي انبعثت من فؤادي ، مذكرك بدماء شهدائك وأقلام علمائك ولغة أبائك الذين كافحوا وناضلوا من أجل الدين واللغة العربية المجيدة .
يا أيها الأخ الكريم استشعر في كل لحظاتك ونبضات أنفاسك ما كرمك الله تعالى به ، وتذكر أن الله أعطانا من هذا الدين الإنساني من هذا الدين العقلي الروحي ما يكمل عقولنا، ويهذب أرواحنا. أعطانا منه ما لم يعطه لغيرنا، لنكون قادة وسادة. وأعطانا وطنا شاسعا واسعا، مثل ما لغيرنا فنحن إذن شعب ماجد عظيم يعتز بدينه، يعتز بلغته، يعتز بوطنه، يعتز بقوميته، يستطيع أن يكون في الرقي واحدا من هذه الشعوب، وأن يفوق كثيرا من هذه الشعوب. ولنا من تاريخه الحافل ما يجعلنا نؤمن بصدق معتقدنا فيه.
إننا نعتصم بالحق، ونعتصم بالتواضع عندما نقول: إننا شعب خالد ككثير من الشعوب ، لكننا ننصف التاريخ إذا قلنا:
إننا سبقناها في ميادين الحياة، سبقناها بهدايتنا، ونشرنا بينها الشريعة الحقة قبل أن تتكون هذه الأمم وسبقنا هذه الأمم في نشر الحق، أيام كانت في ظلمات من الجهل حالكة أيام كانت تسبح في لجج من الأوهام والخيالات ، وذلك ما كنا فيه، وما سنعود إن شاء الله إليه، وإنما علينا أن نعرف تاريخنا، ومن عرف تاريخه جدير بأن يتخذ لنفسه منزلة لائقة به في هذا الوجود ، ولا رابطة تربط ماضينا المجيد بحاضرنا الأغر والمستقبل السعيد، إلا هذا الحبل المتين: اللغة العربية، لغة الدين، لغة الجنس، لغة القومية، لغة الوطنية المغروسة .
إنها وحدة الرابطة بيننا وبين ماضينا وهي وحدها المقياس الذي نقيس به أرواحنا بأرواح أسلافنا، وبها يقيس من يأتي بعدنا من أبنائنا وأحفادنا الغر الميامين، أرواحهم بأرواحنا، وهي وحدها اللسان الذي نعتز به وهي الترجمان عما في القلب من عقائد وما في العقل من أفكار، وما في النفس من آلام وآمال .
إن هذا اللسان العربي العزيز الذي خدم الدين، وخدم العلم، وخدم الإنسان، هو الذي نتحدث عن محاسنه منذ زمان، ونعمل لإحيائه منذ سنين، ـ فليحقق الله أمانيناـ ([3])
ولكن من المؤسف ومما نتجرع كؤوس ألامه في هذه الأزمنة ، أصبح الكلام عن اللغة العربية والنهوض بها في المجالات الحياتية وإحياء أصالتها وفنونها والتنبيه على هيمنتها على جميع اللغات ، وأنها لغة الرقي والحياة والذوق ، مما تشمئز منه نفوس شواذ بني جلدتنا ، والقلوب المريضة ، والنفوس الأسيرة في يد مخططات الكفار ، ووحشية الاستعمار، إذ يوجد منهم من يفتخر بكلامه باللغة الفرنسية في عمل ليله ونهاره ، وينظر إليها بأنها لغة التحضر والتمدن ـ زعم ـ ، وأن يثبت لها الكيان والهيمنة في بلاد الإسلام على اللسان العربي ، ويزعم أن اللغة العربية لغة ميتة لا تصلح للحضارة والتقدم ، وهكذا تفوح رائحة خبيثة من تحت ألفاظه الركيكة .
وهذا ما كان يسعى إليه الاستعمار الفرنسي ، فقد كان عند اللسان العربي تِرَاتٌ وطوائل، فهو لا يزال يجهد جهده في محوه واستئصاله من الألسنة، وقد ارتكب جميع الوسائل الموبقة لمحوه من الجزائر ، فقد حارب القرآن وغلق زواياه وسعى إلى تعطيل الوسائل التي تنشر اللغة العربية واعتقل حملة القرآن واللسان العربي وضيق عليهم .
وهو في حملته الشرسة هذه التي جمع فيها جميع قواه المعنوية والحسية لطمس معالم اللغة العربية وتدمير مقوماتها وثوابتها ، قد وصل إلى بعض غاياته في بعض أبنائنا الذين حصلوا حظًا من الفرنسية ، فأصبحوا يعتقدون أنها قاصرة عن أداء المعاني العالية في الفلسفة وجميع العلوم العقلية والنفسية والصناعية يلوون ألسنتهم بهذا في مجالسهم الخاصة والعامة، ويلوح لسامعيهم أن أحاديثهم تشفّ عن إعجاب بالفرنسية وتعريض بالعربية، وإن هذا وحده لغميزة في عروبتهم ووطنيتهم ودينهم، وإن هذا لشر آثار الاستعمار في النفوس وأفتك أسلحته في أجيالنا الناشئة في ظل سيطرته منذ طراوة العود، والواقعة تحت وسوسته وسحره، وإن الذنب لذنب المجتمع الذي لم يأخذ بأسباب الحيطة لأبنائه .
والآن وقد تقلّص ظلّ الاستعمار الفرنسي أو كاد ([4] ) بعد أن ترك فينا ندوبًا يعسر محوها، فماذا أعددنا لعلاج الندوب التي تركها في مجتمعنا؟ وماذا ادّخرنا لعهد الاستقلال السعيد إذا أردنا أن يكون استقلالًا حقيقيًّا لا شبهة فيه ،
وماذا هيّأنا من الأشفية للداء العضال الكامن في بعض النفوس، وهو الحنين إلى أبغض العهود إلينا، وهو عهد الاستعمار الفرنسي؟
التجارب تدلّ على أنها ستبقى فينا بقية غير صالحة تحمل ألسنة تحن إلى اللغة الفرنسية، وتختار مخرج الغين الباريسية على مخرج الراء العدنانية، وتتمنّى عاهة واصل بن عطاء لتستريح من النطق بالراء، وأفئدة "هواء" تحن إلى فنون فرنسا وفتونها، وعقول جوفاء تحنّ إلى التفكير على النمط الفرنسي، ونفوس صغيرة تحن إلى حكمها الذي يرفع الأذناب على الرؤوس وهمم دنية تحن إلى حمايتها المبسوطة على الرذائل والشهوات الحيوانية والغرائز الدنيا، فقد كان حكمها في الجزائر يحمي السكير بدعوى أنه حرّ، ويعاقب معلم العربية بالسجن والتغريم بدعوى أنه مجرم ثائر على القانون. ([5])
فهذه النفوس الوضيعة والشخصيات الضعيفة التي أقل أحوالها هي فقع نبت بقرقر ، لم تحم حول مميزات اللغة العربية ، إما عن عمد أو عن جهل ـ وأحلاهما مر ـ ومعرفة ما لها من خدمة كبيرة للحضارات القديمة والحديثة ، وما لها من الفضل على العلوم ، وأنها لسان القرآن الكريم والسنة ، وأنها لغة أهل الجنة ، وواحدة من هذه تكفي في تألقها وشرفها والافتخار بها وإعلاء صوتها في المحافل ، وبروزها في جميع الميادين والفضائل ، ورابطة قوية بين الأواخر والأوائل .
قال إمامنا محمد البشير الإبراهيمي ـ قدس الله روحه ـ :" أيها الإخوة : انشقّت اللغة العربية من أصلها السامي في عصور متوغلة في القدم، وجرت في ألسنة هذه الأمة التي اجتمعت معها في مناسب المجد وأرومات الفخر، وشاء الله أن يكون ظهورها في تلك الجزيرة الجامعة بين صحو الجو وصفو الدو والمحبوة بجمال الطبيعة ومحاسن الفطرة لتتفتّق أذهان عمار تلك الجزيرة عن روائع الحكمة مجلوة في معرض البيان بهذا اللسان، وقد كانت هذه اللغة ترجمانًا صادقًا لكثير من الحضارات المتعاقبة التي شادها العرب بجزيرتهم. وفي أوضاع هذه اللغة إلى الآن من آثار تلك الحضارات بقايا وعليها من رونقها سمات. وفي هذه اللغة من المزايا التي يعز نظيرها في لغات البشر الاتّساع في التعبير عن الوجدانيات، والوجدان أساس الحضارات والعلوم كلها...
ومن العجائب أن هذه الحضارة القائمة الآن تساندت في تكوينها وفي تلوينها عدة لغات مختلفة الأصول، ولم تستطع أن تقوم بها لغة واحدة على حين أن العربية قامت وحدها ببناء حضارة شامخة البنيان ولم تستعر من اللغات الأخرى إلا قليلًا من المفردات."
وقال :" أيها الإخوان: لو لم تكن اللغة العربية لغة مدنية وعمران، ولو لم تكن لغة متّسعة الآفاق غنية بالمفردات والتراكيب ، لما استطاع أسلافكم أن ينقلوا إليها علوم اليونان وآداب فارس والهند، وَلَأَلْزَمَتْهُم الحاجة إلى تلك العلوم تعليم تلك اللغات، ولو فعلوا لأصبحوا عربًا بعقول فارسية وأدمغة يونانية، ولو وقع ذلك لتغير مجرى التاريخ الإسلامي برمّته.
لو لم تكن اللغة العربية لغة عالمية لما وسعت علوم العالم، وما العالم إذ ذاك إلا هذه الأمم التي نقل عنها المسلمون.
قامت اللغة العربية في أقلّ من نصف قرن بترجمة علوم هذه الأمم ونُظمها الاجتماعية وآدابها فوعت الفلسفة بجميع فروعها، والرياضيات بجميع أصنافها، والطب والهندسة والآداب والاجتماع، وهذه هي العلوم التي تقوم عليها الحضارة العقلية في الأمم الغابرة والحاضرة، وهذا هو التراث العقلي المشاع الذي لا يزال يأخذه الأخير عن الأول، وهذا هو الجزء الضروري في الحياة الذي إما أن تنقله إليك فيكون قوّة فيك، وإمّا أنْ تنتقل إليه في لغة غيرك فتكون قوة لغيرك. وقد تفطن أسلافنا لهذه الدقيقة فنقلوا العلم ولم ينتقلوا إليه. وقد قامت لغتهم بحفظ هذا الجزء الضروري من الضياع بانتشاله من أيدي الغوائل وبنقله إلى الأواخر عن الأوائل، وبذلك طوّقت العالم منة لا يقوم بها الشكر، ولولا العربية لضاع على العالم خير كثير.
أيها الإخوان: إن كثيرًا من العلوم التي بنيت عليها الحضارة الغربية لم تصلها إلا على طريق اللغة العربية بإجماع الباحثين منا ومنهم، وان المنصفين منهم ليعترفون للغة العربية بهذا الفضل على العلم والمدنية ويوفونها حقّها من التمجيد والاحترام، ويعترفون لعلماء الإسلام بأنهم أساتذتهم في هذه العلوم، عنهم أخذوها وعن لغتهم ترجموها وأنهم يحمدون للدهر أن هيّأ لهم مجاورة المسلمين بالأندلس وصقلية وشمال أفريقيا وثغور الشام حتى أخذوا عنهم ما أخذوا واقتبسوا عنهم ما اقتبسوا، ولا يزال هؤلاء المنصفون يذكرون فضل معاهد الأندلس العربية ومعاهد شمال أفريقيا ومعاهد الشام على الحضارة القائمة، ولا يزالون ينتهجون بعض المناهج الدراسية الأندلسية في معاهدهم إلى الآن، ولا يزالون يردون كل شيء إلى أصله ويعترفون لكل فاضل بفضله.
أيها الإخوان: إن العربية لم تخدم مدنية خاصة بأمّة، وإنما خدمت المدنية الإنسانية العامة، مدنية الخير العام والنفع العام، ولم تخدم علمًا خاصًا بأمّة وإنما خدمت العلم المشاع بين البشر بجميع فروعه النافعة. ومن يستقرئ خاصة هذه اللغة لعلم الطب وحده يتبين مقدار ما أفاءت هذه اللغة على البشرية من خير ونفع.
وقد كانت هذه اللغة في القرون الوسطى يوم كان العالم كله يتخبّط في ظلمات الجهل هي اللغة الوحيدة التي احتضنت العلم وآوته ونصرته." ([6])
يقول الدكتور إدريس الكناني في كتابه (ثمانون عاما من الحرب الفرنكفونية ضد الإسلام واللغة: ص 11) ملخصا ما قرره الإمام محمد البشير : " هي باعتراف كتاب ومؤرخي الحضارة الغربية ، جوهرة لغات العالم ، وهي الأم الضاربة في أعماق التاريخ ، والمصدر الغني والفياض بالمفردات والمصطلحات والرموز والإيحاءات الذي مد جميع اللغات القديمة والحية الجديدة بعشرات الآلاف من الكلمات والمصطلحات وخاصة في مختلف العلوم والفنون كالطب والفلك والرياضيات والفلسفة والبحرية والجيش وغيرها وأصبحت العنصر الجوهري في اللغة الأوردية والبنغالية ولغة الدراسات العلمية في فارس واللغة العالمية في جميع الأقطار التي فتحها المسلمون ، حيث خلفت تماما السريانية واليونانية والقبطية والبربرية وحتى الفارسية لمدة طويلة ، وفي القرن التاسع الميلادي كانت العربية قد اكتسحت اللاتينية وأصبح الشباب الإسباني المسيحي مفتونين بروائح الشعر والخيال في الأدب العربي ، بل اضطر رجال الكنيسة لتعريب مجامعهم القانونية لتسهيل قراءتها في الكنائس الإسبانية ، وقد اهتم عدد من الباحثين بوضع معاجم خاصة بالكلمات العربية في اللغات الغربية ، كالإيطالية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية ، وتعد بالآلاف ، وفي سنة 1973 م قام أستاذان لبنانيان مقيمان بكندا بدراسة معمقة أبجدية لقاموس اللغة الإنجليزية ، بحثا عن الكلمات العربية ووضعا معجما اشتمل على نحو 3000 كلمة أكثرها في مختلف العلوم ، ووضعا رسما بيانيا للغات العربية والشرقية التي كانت معبرا لانتقال المصطلحات العلمية إلى اللغة الإنجليزية دون أن يكشف الناطقون بها من العرب أنفسهم أصلها العربي "ا.هـ
وقال الإمام محمد البشير الإبراهيمي مبينا فضل اللغة العربية على الأمة الإسلامية : " أيها الإخوان: هذا فضل لغتكم على المدنية الإنسانية وفضلها على الأمم غير العربية، وأما فضلها على الأمم العربية فإنه يزيد قدرًا وقيمة على فضلها على الأمم الأخرى، وإذا قلنا الأمم العربية، فإننا نعني الأمم الإسلامية كلها، لأنها أصبحت عربية بحكم الإسلام ولغة الإسلام.
فاللغة العربية منذ دخلت في ركاب الإسلام على الأمم التي أظلّها ظلّه كانت سببًا في تقارب تفكيرهم وتشابه عقلياتهم وتمازج أذواقهم وتوحيد مشاربهم. وإن هذا لمن المناهج السديدة في توحيد الأمم المختلفة الأجناس. ولولا العربية لاختلفت الأمم الإسلامية في فهم حقائق الدين باختلاف العقليات الجنسية، وقد وقع بعض هذا ولكنه من القلة بحيث لا يظهر أثره في الحركة العامة للأمة.
إن الأمم التي دخلت في الإسلام متفاوتة الدرجات في الانفعالات النفسية وأنماط التفكير، متفاوتة في الإدراك والذكاء، متفاوتة في القابلية والاستعداد، متفاوتة في التصوير والتخيّل، ولكن اللغة العربية فتحت عليها آفاقًا جديدة في كل ذلك ما كانت تعرفها لولا العربية، ودفعتها بما فيها من قوة وبما لها من سلطان إلى التفكير والتعقّل على منهج متقارب، وحفزت الأفكار الخامدة إلى التحرّك وزادت الأفكار المتحرّكة قوة على قوة.
أيها الإخوان: إن اللغة العربية هي التي قاربت بين الفكر الفارسي المنفعل القلق وبين الفكر البربري الرصين الهادئ ثم هيأت لكل فكر قابليته ..
واللغة العربية هي التي أفضلت على علماء الإسلام بكنوزها ودقائقها وأسرارها، وأمدّتهم بتلك الثروة الهائلة من المصطلحات العلمية والفنية التي تعجز أية لغة من لغات العالم عن إحضارها بدون استعانة واستعارة. فبحثوا في كل علم وبحثوا في كل فن وملأوا الدنيا مؤلفات ودواوين، ومن عرف كتاب أبي حنيفة الدينوري في النبات وكتاب أبي عبيدة في الخيل وكتاب الهمداني في تخطيط جزيرة العرب وكتاب الجاحظ في الحيوان وكتب الأَئِمَّة في الطب والنجوم والإبل، رأى العجب العجاب من اتّساع هذه اللغة وغزارة مادتها، وعلم مقدار أفضالها على الأمة العربية. كما ان من يقرأ شعر الشعراء النفسيين من الفرس بهذه اللغة وشعر الشعراء الوصافين من الأندلس يتجلى له أي إِفضال أفضلته العربية على تلك القرائح الوقّادة التي وجدت في العربية فيضًا لا ينقطع مدده، وأضافته إلى فيض الاستعداد. وما أمتن الإنتاج الأدبي إذا كان يصدر عن اتساع في اللغة واتساع في الخيال. "([7])
وقال الإمام أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ في مقدمة كتابه ( الشرع واللغة : ص 4) :" والتاريخ منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ، منذ أن أشرق نور الإسلام ، يربط الإسلام بلغة العرب أوثق رباط ، فلا يستطيع أحد أن يتخيل أمة مسلمة غير عربية ، ولا أن يتخيل لغة العرب منفصلة عن الإسلام ، وكان ذلك من صنع الله بالقرآن ، فهو أوثق سبب يصل الإسلام بالعروبة لا تنفصم عراه فلا تكون أمة عربية ولا أمة مسلمة إلا بهذا القرآن ، والمثل متوافرة فيمن مضى وفيمن بقى .
وسيكون من أثر اتحاد الأمم العربية اتحاد الأمم الإسلامية حتما مقضيا وإن أبى من أبى ، وإن كره من كره ، فذلك الذي تقتضيه فطرة الدين وفطرة اللغة ووحدة الروح ووحدة التفكير { وإن هذه أمتكم أمة واحدة }" ا.هـ
قلت (بشير) : فهذه أبرز المميزات التي تتحلى بها اللغة العربية ، وتتجلى فيها أناقتها السامية ، هي التي دفعت بالعدو الغربي ومنها فرنسا إلى محاربتها وشن عليها الغارات الهوجاء في بلادنا الجزائر ـ حرصها الله من أعداء الإسلام والعروبة ـ ، وذلك بما قامت به إبان استعمارها لبلادنا من التهميش لها والقمع لأهلها وإغلاق معاقلها التي كانت تدرس فيها من الزوايا والكتاتيب ، وسعت للفرض أن تجعلها غريبة عن وطنها وأهلها ، وضيقت على الصحافة التي تكتب باسمها وأخضعتها للرقابة ، وإذا كان الأمر كذلك والحالة المؤلمة هذه ، كيف ينشرح صدر الجزائري الشريف العزيز بدينه والقوي بعروبته أن يمجد الفرنسية ويتحدث بها في مجالسه ويسعى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى إحياء لغتها ويعمل بها في مجال حياته اليومي ، وهو بذلك قد أمات لغته العربية التي شرفها الله تعالى وقامت بها حضارة العالم القديم والحديث ، والمصيبة الكبرى والفاجعة العظمى إذا عرفنا أن هذه اللغة الفرنسية التي يمجدها ويفتخر بتعلمها والتحدث بها قد أصبحت في العصر الحديث لا قيمة لها في العالم الحديث !!!
ماذا أصاب الرجل الجزائري هل هذا من غبائه أو من تخلفه الثقافي ؟!
يا للعجب ، أصبح من بني جلدتنا لا يقيم جملة صحيحة ، وعبارة واضحة ، ويتفوه بكلمة عربية فصيحة ، وهو يهرول وراء تعلم الفرنسية ويشغل حديثه بها ، وفيهم أساتذة ودكاترة ، وما بالك بالعامة !!، إن هذا مما يندى له الجبين .
وهذا إن يدل ، يدل على انحطاط مستوى ثقافة مجتمعنا والدمار الذي أصاب مدارسنا والذلة التي وصلنا إليها ، والعجمة التي حلت بنا والله المستعان .
يقول الرافعي ـ رحمه الله ـ : " وما ذلت لغة شعب إلا ذل ، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار "
ويقول عبدالملك بن مروان :" اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه " ([8])
يا أخوتاه : قد أوجب سلفنا تعلم اللغة العربية وهم في أزهى حضارتهم وقوتهم وتمكنهم في الفصاحة والبلاغة ، فماذا نقول عن حكم تعلمها في عصرنا ومصرنا الذي وصل إلى أسوء الانحطاط الثقافي والتدهور اللساني ؟!
فلا نخطئ ولا نختلف والحالة هذه أن نتفق على أن تعلمها في عصرنا الحاضر هو أوكد مما كانت عليه من الحكم .
قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في الرسالة (1/ 47) : " فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يَشْهَد به أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، ويتلوَ به كتابَ الله، وينطق بالذكر فيما افتُرِض عليه من التكبير، وأُمر به من التسبيح، والتشهد، وغيرِ ذلك ، وما ازداد من العلم باللسان، الذي جعله الله لسانَ مَنْ خَتَم به نُبوته، وأنْزَلَ به آخر كتبه: كان خيراً له. كما عليه يَتَعَلَّمُ الصلاة والذكر فيها، ويأتي البيتَ، وما أُمِر بإتيانه، ويتوجه لِما وُجِّه له. ويكون تبَعاً فيما افتُرِض عليه، ونُدب إليه، لا متبوعاً. "
وفي الختام هذه النصيحة ، يا أيها الأخ الكريم إن التشريع الإسلامي لا يحرم عليك أن تتعلم اللغة الأجنبية من الفرنسية أو الإنكليزية أو الصينية وغيرهم من اللغات إذا اقتضت المصلحة لذلك ، بل هو يحث عليه الحث الكفائي ويشجع عليه إذا كان لأهداف طيبة تخدم الإسلام وأهله ، لكن الشيء الذي يجب اجتنابه أن تتخذ بديلاً عن اللغة العربية، فإن هذا لا يجوز ، ومن وقع فيه قد وقع في السفه ومما يلام وينكر عليه .
سئل الإمام ابن عثيمين- رحمه الله-: ما رأي فضيلتكم في تعلم طالب العلم اللغة الإنجليزية، لاسيما في سبيل استخدامها في الدعوة إلى الله؟
فأجاب بقوله: رأينا في تعلم اللغة الإنجليزية وسيلة لاشك، وتكون وسيلة طيبة إذا كانت لأهداف طيبة، وتكون رديئة إذا كانت لأهداف رديئة، لكن الشيء الذي يجب اجتنابه أن تتخذ بديلاً عن اللغة العربية، فإن هذا لا يجوز، وقد سمعنا بعض السفهاء يتكلم بها بدلاً من اللغة العربية، حتى إن بعض السفهاء من المغرمين الذين أعتبرهم أذنابًا لغيرهم كانوا يعلمون أولادهم تحية غير المسلمين ، يعلمونهم أن يقولوا (باي باي) عند الوداع وما أشبه ذلك.
لأن إبدال اللغة العربية التي هي لغة القرآن وأشرف اللغات بهذه اللغة محرم، وقد صح عن السلف النهي عن رطانة الأعاجم وهم مَنْ سوى العرب.
أما استعمالها وسيلة للدعوة فإنه لاشك أنه يكون واجبًا أحيانًا، وأنا لم أتعلمها وأتمنى أنني كنت تعلمتها، ووجدت في بعض الأحيان أني أضطر إليها، حتى المترجم لا يمكن أن يعبر عما في قلبي تمامًا.
وأذكر لكم قصة حدثت في مسجد المطار بجدة مع رجال التوعية الإسلامية نتحدث بعد صلاة الفجر عن مذهب التيجاني وأنه مذهب باطل وكفر بالإسلام، وجعلت أتكلم بما أعلم عنه فجاءني رجل فقال: أريد أن تأذن لي أن أترجم بلغة الهوسا.
فقلت: لا مانع. فترجم، فدخل رجل مسرع فقال: هذا الرجل الذي يترجم عنك يمدح التيجانية فدهشت وقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فلو كنت أعلم مثل هذه اللغة ما كنت أحتاج إلى مثل هؤلاء الذين يخدعون، فالحاصل أن معرفة لغة من تخاطب لاشك أنها مهمة في إيصال المعلومات قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[ إبراهيم: 4]." ا.هـ ([9])
والله الموفق للهدى واليقين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



كان الانتهاء يوم الأربعاء 7 جمادى الآخرة 1437 هـ الموافق لـ 16 مارس 2016 م
كتبها الفقير إلى الله : بشير بن عبدالقادر بن سلة / الجزائر / ( حسين ) معسكر

([1]) تيسير الكريم الرحمن (ص: 463)
([2]) تفسير القرطبي (10/ 294)
([3]) انظر آثار ابن باديس (3/ 265)
([4]) يا ليت كان هذا ، والأمة الإسلامية الآن في صراع شديد وأنين كبير من الغزو الفكري الذي اجتاح مجتمعها بأسره وتوغل بأفكاره والله المستعان .
([5]) ارجع إلى آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (5/ 262)
([6]) آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (1/ 374 ـ 378)
([7]) آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (1/ 378 ـ 379)
([8]) كتاب فضل العربية ووجوب تعلمها على المسلمين (ص 3)
([9]) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (26/ 327)


كاتب الموضوع
أبوأنس بشير الجزائري
مشاركات: 77
اشترك في: صفر 1436

أتستبدلون الذي هو أدنى وأبتر" اللغة الفرنسية " بالذي هو خير وأسلم " اللغة العربية " ما لكم أفلا تعقلون !!

مشاركة بواسطة أبوأنس بشير الجزائري »

لقد سعى المستعمر الكافر وأعداء الإسلام وأعداء اللغة العربية في محاربة اللسان العربي وتهميشه والإضرار بحملته ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يظهر نوره ويعلو الحق ولغته ، فلقد ظهر في هذه الأعوام الأخيرة على أيدي الكفار أعداء القرآن ولسانه الشريف علم اللغة الكوني الذي يدور موضوعه ومادته على دراسة اللغات وحروفها ومنشأها وعمرها .
فأثبت ـ وهذا من فضل الله تعالى ـ الدكتور المسلم سعيد الشربيني ـ وفقه الله ـ أن اللغة العربية هي أول اللغة وهي الأم والباقية الدائمة في الدنيا والآخرة ، وأن جميع اللغات في هذا العالم تستمد حياتها من اللغة العربية
وقد أثبت الدكتور سعيد الشربيني على ما هو ثابت في هذا العلم أن "أل" هي جذر اللغات ، و " الراء" هي المادة الخضراء في الشجرة وهي علامة حياة اللغة ومتى فقد هذا الحرف فمعنى ذلك أن اللغة قد فقدت الروح.، و" الميم" هي التربة التي تنبت فيها شجرة علم اللغة ، و"الباء" هي الجذع الرئيسي
وقال : قد ورد في القرآن "ألم" ست مرات عادة يكون الحديث بعدها أن هذا القرآن ـ الشجرة ـ لا ريب فيه ، أي إذا كنت تبحث عن ذلك أبحث في " أل" و"الميم"
قلت : هذا الإثبات فيه معرفة أسرار تفسير الحروف المقطعة في القرآن التي واجه الله تعالى بها العرب الذين نزل القرآن الكريم بلسانهم
وقد أثبت الدكتور أن علماء الغرب أصبحوا الآن يكتبون وثائقهم المهمة باللغة العربية لعلمهم أن جميع اللغات ستموت إلا اللغة العربية ستبقى

أضف رد جديد