وقفات مع الحذيفي وهاني بن بريك في قدحهما في علماء أهل السنة في اليمن-الشيخ نور الدين السدعي

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أبوعبدالله الحضرمي
مشاركات: 190
اشترك في: صفر 1436

وقفات مع الحذيفي وهاني بن بريك في قدحهما في علماء أهل السنة في اليمن-الشيخ نور الدين السدعي

مشاركة بواسطة أبوعبدالله الحضرمي »



وقفات مع الحذيفي وهاني بن بريك في قدحهما في علماء أهل السنة في اليمن

بسم الله الرحمن الرحيم

وقفات مع الحذيفي وهاني بن بريك في قدحهما في علماء أهل السنة في اليمن

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

وبعد:

ففي الوقت الذي يكون علماء أهل السنة في اليمن أحوج ما يكون إلى المؤازرة والمناصرة ولو بالدعاء على أقل الأحوال، لما هم قائمون به من الرعاية والحراسة لدعوة أهل السنة المنتشرة هنا وهناك في أنحاء البلاد والسعي في تجنيبها ويلات الحروب والفتن والمؤامرات التي لحقت بغيرها من الدعوات، فأضعفتها وعرقلت سيرها، في هذا الوقت الحَرِج خرج مقالان أحدهما لهاني بن بريك العدني، والآخر لأبي عمار علي الحذيفي، يتهجمان فيهما على علماء أهل السنة في اليمن ويحقران من شأنهم ويقدحان فيهم بأشياء قد أكل عليها الدهر وشرب، وقد جاء عن المشايخ ما ينسخها تماما، والعبرة عند أهل العلم بكمال النهايات لا بنقص البدايات.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «احتج آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا، خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدر الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة! فحج آدم موسى ثلاثا».

وهذان الشابان المتحاملان أحدهما صرح عن نفسه بأن عنده ملفاً على علماء أهل السنة في اليمن عمره خمسة وعشرون عاما!!! والآخر يذكر أشياء لها أكثر من ثلاثة وعشرين عاما!

وهذان الملفان في الحقيقة ليس فيهما جديد سوى بعض الأشياء التي حدثت مؤخراً، وإلا فهما في الحقيقة تكرار وإحياء لما قد قام به أصحاب الحجوري وأصحاب أبي الحسن قبلهما من التشغيب على علماء أهل السنة في اليمن بنحو هذه الأشياء (شنشنة أعرفها من أخزم).

وليس التنقص والتحقير من أهل اليمن لعلمائهم وفضلائهم بغريب، بل هذا شيء عُرِفَ به أهل اليمن من زمن قديم، ذكره العلامة اللحجي رحمه الله أحد علماء القرن السادس، كما في ”هجر العلم“ للأكوع رحمه الله، وذكره الإمام الشوكاني رحمه الله في ”البدر الطالع“ (1/59-60) و (2/83) بل قال في كتابه هذا (1/91) عن أهل اليمن: «إنهم جُبِلُوا على غمط محاسن بعضهم لبعض، ودفن مناقب أفاضلهم!» -والله المستعان-.

وبحمد الله فليس لمقاليهما أثر يُذكَرُ في أوساط أهل السنة في اليمن، بل صار سبباً عظيماً لنفرة أهل السنة عنهما، «سنة الله في كل من ازدرى العلماء بقي حقيرًا». كما قاله الإمام الذهبيرحمه الله في ”تاريخ الإسلام“ (13/256).

فقد صار حالهما كالباحث عن حتفه بأنفه، وكأن لسان حالهما يقول: (أنا المسيء خذوني). وما ذاك إلا لارتباط أهل السنة القوي في اليمن بالمنهج السلفي الأصيل، وبالرجوع إلى علمائهم الذين أوصاهم الإمام الوادعي رحمه الله بالرجوع إليهم عند النوازل والمدلهمات، والأخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم الرشيدة النابعة من الحرص الشديد والرعاية التامة لهذه الدعوة المباركة، لا بغيرهم من الشباب الطائشين حدثاء العلم والأسنان، وبهذا سلمت الدعوة السلفية في اليمن -بفضل الله- من كثير من الفتن.

وبما أن بعض الناس وبالأخص من كان من إخواننا الغرباء وحديثي العهد في التمسك بالسنة -وفقهم الله جميعاً- قد ينطلي عليهم ما في هذين المقالين من التلبيس والتمويه أحببت أن أبين -بإذن الله- شيئا مما فيهما من التضليل والتلبيس، دفاعاً عن أعراض هؤلاء العلماء، وذباً عن الدعوة السلفية في اليمن الواسعة الانتشار الصافية النقية التي يقوم برعايتها وحراستها والحفاظ عليها هؤلاء العلماء الأجلاء، وفي حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة»، أخرجه الترمذي (1932) وحسنه.

وردي هذا يعد ردا على: علي الحذيفي وهاني بن بريك وعلى الحجاورة وأصحاب أبي الحسن وصالح البكري الذين سبقوهم إلى هذه الأشياء، بل وعلى من قد يأتي بعدهما ويكرر علينا هذه الأشياء التي يمل السامع من تكرارها.

وقد حاولت في ردي عدم التخشين رفقاً بهما وحفاظاً على الأخوة، وحتى لا نعين الشيطان عليهما، وإن كانا لم يراعيا هذا الأمر في طعنهما في علماء أهل السنة في اليمن.

وشروعاً في المقصود أقول مستعينا بالله:



الوقفة الأولى:

قال الأخ علي الحذيفي في ”ملزمته“ عن علماء أهل السنة في اليمن: «وبعد فتنة الحجوري بلغت المشايخ أمور من أشهرها التهويل من قضية الردود والكلام في الجماعات والجمعيات».



أقول: هذا من التلبيس والإخبار بغير حقيقة الحال، وغاية ما في الأمر أن علماء أهل السنة في اليمن لما رأوا ما حصل في فتنة الحجوري من فتح المجال شعراً ونثراً لمن هب ودب للطعن في علماء أهل السنة بالتفسيق والتبديع والتضليل! حصل منهم التحذير بين الحين والآخر من هذا المسلك الوخيم الدخيل على دعوة أهل السنة، وليس في ذلك أي: تهوين أو تهويل من شأن الردود العلمية المبنية على الدليل لا على مجرد الشتم والتهويل! بل في خلال فتنة الحجوري ما زال علماء أهل السنة في اليمن على ما هم عليه من الدفاع عن الدعوة السلفية، والرد على أهل البدع والأهواء.

وعلى سبيل المثال، ففي خلال هذه المدة عام (1432هـ) ألف الشيخ الإمام رسالته القيمة ”الوثائق التآمرية على الدول العربية والإسلامية“ التي جعلها رداً على ما يعرف بـ(ثورة الربيع العربي).

وأخرج في المسمى بـ(حزب الرشاد السلفي) خطبة جمعة كاملة بتاريخ ( 23/4/1433هـ) في التحذير منه وبيان براءته من الدعوة السلفية طارت هنا وهناك، ولم يكتف الشيخ بذلك حتى أخرج مقالاً نافعاً بتاريخ (12/1/1434هـ) لبيان انحرافهم عن الدعوة السلفية. وهو مطبوع مع بحث المسألة أكثر في رسالة الشيخ الرازحي”الانكشاف الأخير للحزبية المغلفة“.

كما حذر من هذا الحزب بقية علماء أهل السنة في اليمن، وأخرج شيخنا البرعي -حفظه الله- مقالاً في شريط في بيان شيء من المخالفات الواقعة في الجمعيات الحزبية بلغ بها إلى (16) مخالفة، وبين في مقدمة هذا الشريط أنه قام به حتى لا يقال: إن أهل السنة قد كَفُّوا عن التحذير من الجمعيات الحزبية! إضافة إلى خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم وإجابتهم عن الأسئلة المتعلقة بالفرق والجمعيات الحزبية المنشورة في مواقعهم عبر شبكة الأنترنت. إضافة إلى ردودهم على فتنة الحجوري وما خلفته من أضرار.

مع ملاحظة مراعاة المشايخ للمصالح والمفاسد في الكلام على الفرق والأحزاب بسبب ما تمر به البلاد من الفتن.



الوقفة الثانية

قال الأخ علي الحذيفي في ”ملزمته“: «محمد الإمام يزور عدن وغيرها ويحاضر في المساجد، وربما سُئِلَ عن بعض الأشخاص فيقول: (أقبل على نفسك وانظر في عيوبك ودعك من الآخرين) ويكرر هذا في محاضراته، ويعنف الإخوة الذين ينشغلون بهذا».



أقول: قد كفانا الأخ علي الحذيفي مؤنة الرد عليه؛ فقد صرح في آخر كلامه أن الشيخ الإمام يعنف الإخوة الذين ينشغلون بهذا، فالشيخ الإمام لا يعنف كل من قام بالرد على المبتدعة ولا يزهد في الردود العلمية إنما يعنف من انشغل بهذا الأمر عن طلب العلم وبالأخص ممن ليس له بأهل؛ فإن هذا الصنف يفسد أكثر مما يصلح، ولنا في فتنة الحجوري عبرة.

كيف يزهد في الردود العلمية، وكتبه مليئة بالردود على أهل البدع والأهواء، بل والعلمانيين، ودعاة التنصير، والمساواة، وتحرير المرأة، وأشرطته في هذا الباب بالعشرات زخرت بها التسجيلات السلفية، وأما كتبه في هذه الأبواب فهي أشهر من نار على علم، ومن هذه الكتب والردود العلمية التي تعد مفخرة للدعوة السلفية في اليمن في هذا العصر:

”السم الزعاف في عقيدة السقاف“.

”تبصير الحيارى بمواقف القرضاوي من اليهود والنصارى“.

”إعانة الأماجد ببيان حال عمرو خالد“.

هذا بالنسبة للردود على أشخاص بأعيانهم، وأما كتبه في الرد على الفرق والأحزاب على سبيل العموم فكثيرة ومنها:

”تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات“.

”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“.

”بداية الانحراف ونهايته“.

”المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة“.

”الإيضاحات الموثقة في بيان غوائل دعوة المساواة المطلقة“.

”الوثائق التآمرية على الدول العربية والإسلامية“.

”تمام المنة في فقه قتال الفتنة“.

”نقض النظريات الكونية“.

هذا كله بالإضافة إلى عشرات الخطب والمحاضرات والدروس في الرد على الفرق والأحزاب المنحرفة إما على سبيل العموم، أو على سبيل التخصيص، وعلى سبيل المثال فعند أن نزل القرضاوي إلى اليمن خصه الشيخ الإمام بخطبة جمعة للتحذير منه، وعند أن نزل عمرو خالد إلى اليمن رد عليه بشريط خاص، وهكذا دواليك.

هذا كله بالإضافة إلى الردود على بعض أهل الأهواء التي قدم لها وراجعها الشيخ الإمام، ككتاب ”الخطوط العريضة لجماعة الإخوان المسلمين وخلافتهم المرتقبة“ للشيخ الفاضل نعمان الوتر وفقه الله، ورسالة ”الانكشاف الأخير للحزبية المغلفة“ للشيخ علي الرازحي وفقه الله، ورسالة ”القول الأمين في بيان عقيدة الولاء والبراء عند الإخوان المسلمين“ لأخينا الفاضل منصور المجيدي وفقه الله، ورسالة ”النهر العريض في الذب عن أهل السنة بالقريض“ لشاعر الدعوة الشيخ أبي رواحة الموري وفقه الله، ورسالة ”البيان عن حال كبار علماء وزعماء الإخوان“ لأخينا الفاضل نبيل بن صالح.

فكيف يقال مع ذلك إن الشيخ يزهد في الردود على المبتدعة وقد قام بذلك خير قيام تأليفا وخطابة وتشجيعا وتقديما لمن كان أهلا لذلك؟!!!

وأما كون الشيخ يعنف الذين ينشغلون بهذا الأمر -كما نقله عنه الحذيفي- فليس في هذا مذمة له بل يعد هذا منقبة له.

إذا مَحاسِنيَ اللائي أُدِلُّ بها
كُنَّ ذنوبا قل لي كيف أعتذر
وعلى هذا سار كبار علماء السنة في هذا العصر، كالألباني وابن باز والعثيمين والوادعي –رحمهم الله-، وغيرهم من كبار العلماء، كالفوزان والعباد والمدخلي وغيرهم من كبار العلماء، وأقوالهم في ذلك كثيرة، وَنَقْلُ ذلك يطول.

وحسبي أن أنقل هاهنا شيئا من كلام إمام الدعوة السلفية في اليمن شيخنا الإمام الوادعي في تقريع وتوبيخ هذا الصنف الذي جعل شغله وديدنه في الردود وليس لديه الأهلية لذلك، أو لديه الأهلية لكنه شُغِلَ بذلك عما هو أحوج إليه، قال الإمام الوادعي :رحمه الله «الذي أنصح به إخواننا بالجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع وأن لا يشغلوا أنفسهم بما لا يعنيهم، فهذا الاختلاف وهذه الفُرْقَة ناشئة عن فراغ، والشيخ فلاني المصيب والشيخ الفلاني المخطئ! والشيخ فلان لا يؤخذ عنه العلم، والشيخ فلان كذا وكذا! فأنا أقول: يجب أن تحدثك نفسك أن تكون مثل الشيخ الفلاني أو أحسن». ”غارة الأشرطة“ (2/103).

وقال رحمه الله: « ثم إنني أنصح طلبة العلم بالإقبال الكلي على طلب العلم وعدم الالتفات إلى هذه الأمور التي ليست بضائرة، فلا تشغل نفسك بالتعصب لفلان ولا التعصب لفلان، بل أقبل على طلب العلم، ففي ذات مرة كتب إلي أخ من (مكة) وقال لي: إن الحزبية استفحلت عندنا فماذا أعمل؟ فنصحته وقلت له: أقبل إقبالا كليا على طلب العلم ولا تلتفت إلى هذه الأمور، وكان متألما من وضعهم ويريد أن يرد عليهم، فقلت له: لا تشغل نفسك بالردود عليهم فأنت طالب علم تحتاج إلى التزود من العلم، وإذا شغلت نفسك في هذا تُشغَلُ عن حفظ القرآن وعن تحصيل العلم النافع، فلا تشغل نفسك بهذا وأقبل إقبالا كليا على تحصيل العلم النافع». ”غارة الأشرطة“ (1/74)

وقال رحمه الله: «المبتدعة لا تهتموا بهم ويشغلوكم عن طلب العلم، تكفيهم لطمة على الطريق، إذا سجلت شريطًا أو في درس أو في غيرها وإلا ركضة أو نطحة أو غير ذلك. ولا تشغل نفسك بهم جزاك الله خيرًا، نحن نُعِدُّك إلى أن تكون مرجعًا للمسلمين، إلى أن تكون مؤلفًا، إلى أن تكون داعيًا إلى الله، فهذه هي وظيفة الأنبياء، ما نُعِدُّك فقط للرد على الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، ومَنْ أصحاب جمعية الحكمة؟! حتى أننا نتشاغل بهم!». ”تحفة المجيب“ (ص332).

فماذا تقول يا حذيفي -هداك الله- أنت وهاني بن بريك عن الإمام الوادعي هل ستجعلان كلامه هذا مذمة له ودليلا على تميعه وتزهيده في الردود كما صنعتما مع الشيخ الإمام؟ أم أن هذا عندكما إنما يعد تميعا وتزهيدا في الردود إذا صدر من الإمام؟!!!

أما زَعْمُ الحذيفي أن الشيخ الإمام يكرر هذا في محاضراته فهذه دعوى تفتقر إلى الدليل والبرهان، فالكثير من محاضرات الشيخ الإمام حول معالجة أوضاع المجتمع وتحذير الناس من الشرور والفتن، كالديمقراطية والحزبية -والمنظمات التنصيرية التي تعيث في البلاد الفساد- والعلمانية والجندرية ودعاة القبورية والسحر والتنجيم وفتن القتل والقتال ودعوة المساواة وتحرير المرأة وما شابه ذلك، يناصح بتلك الصرخات -التي تحلق في أجواء اليمن والشبكات العنكبوتية هنا وهناك- الدول والشعوب وقادة الأحزاب، ومشايخ القبائل، وجميع أفراد المجتمع، ويناشدهم بالله على تحكيم الشريعة الإسلامية وتجنيب البلاد الفتن والشرور والدمار، وما شابه ذلك، مع مراعاته للأحوال.

كما هو معلوم عند كل من جالس الشيخ أو تابع خطبه ومحاضراته، وقد غطى بهذا جانبا عظيما في الساحة الدعوية، وأخرس ألسن الحزبيين الذين يعيرون أهل السنة بأنهم لا يفقهون الواقع، فأبرز لنا البرهان على ما تدعيه يا أبا عمار؟! أم أنك تعيش بعقلك وفكرك خارج اليمن؟!



الوقفة الثالثة

قال الأخ علي الحذيفي في ”ملزمته“ عن الشيخ الإمام: «ومنها أنه قد تواترت الأخبار عنه بأنه في مركزه يكره الكلام على المخالفين لدعوة أهل السنة، ومن وجده يتكلم في ذلك يغضب منه وربما عاقبه، فيمتحنه بسؤاله كم تحفظ من القرآن؟ ويسأله هل حفظت الحديث؟».



أقول: المتواتر عند أهل الأصول: (ما رواه في كل طبقات السند جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب واستندوا إلى شيء محسوس)، فأبرز لنا يا أخانا علي الجماعة الذين تحيل العادة تواطؤهم على الكذب الذين نقلوا هذا عن الشيخ الإمام واستندوا إلى شيء محسوس؟

وقد لازمت الشيخ الإمام عدة سنين وكذا لازمه الآلاف من طلاب العلم ولم يعلموا عنه هذا التواتر المزعوم! بل نراه يحذر من أهل البدع والأحزاب بين الحين والآخر. فمن أين جاء الحذيفي بهذا التواتر الغريب؟!!!

أما كون الشيخ الإمام يمتحن العاطل عن طلب العلم الذي شغل نفسه بالجرح والتعديل بسؤاله له: كم تحفظ من القرآن؟ وينصحه باشتغاله بما هو أنفع له، فإن ثبت هذا عنه فهو منقبة لا مذمة، وسلفه في ذلك محدث العصر الإمام الألباني حيث قال رحمه الله: «أنا كثيرا ما أُسألُ ما رأيك بفلان؟ فأفهم أنه متحيز له أو عليه، وقد يكون الذي يُسألُ عنه من إخواننا القدامى يقال عنه انحرف، فأنا أنصح السائل يا أخي: ماذا تريد بزيد وبكر وعمرو؟ استقم كما أُمِرتَ وتعلم العلم، وهذا العلم سيميز لك الصالح من الطالح والمخطئ من المصيب». ”سلسلة الهدى والنور“ رقم (784).

وهي طريقة شيخنا الإمام الوادعي في تقريع من شغل نفسه بهذه الأمور وامتحانه بما هو أنفع له، ومن ذلك قوله رحمه الله: «ننصح إخواننا بالإقبال الكلي على طلب العلم؛ فهذا الاختلاف الموجود في (أرض الحرمين ونجد) بين أهل العلم هو ناشئ عن فراغ، فما أسهل أن تحفظ لك كلمات (فلان حزبي ) أو (فلان عميل) وترددها من هذا المجلس إلى هذا المجلس! أريد أن تبدأ بحفظ القرآن وبحفظ ما استطعت من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهكذا اللغة العربية، فأنا أقول: إن هذا الصراع عندهم ناشئ عن فراغ أعجبهم هذا الكلام أم لم يعجبهم، فلو شغلتم أنفسكم بحفظ القرآن وبتحصيل العلم النافع لما وجدتم وقتا لهذا الكلام، وقد أتاني آت من (أرض الحرمين ونجد) فإذا هو يقول: الشيخ والشيخ والشيخ! فقلت له: يا فلان!

فدع عنك نهبا صيح في حجراته
وهات حديثا ما حديث الرواحل
أريد أن أختبرك في معلوماتك التي مشيت من عندنا وهي معك؟ فإذا بالرجل يحك رأسه ويسكت! فإياكم أن تفرطوا في أوقاتكم وتضيعوا أوقاتكم بهذه الأمور، بل عليكم بالجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع وفي التفقه في دين الله». ”غارة الأشرطة“ (2/411).

وفي شريط ”إرشاد الحائر“ قام بعض الإخوة الجزائريين وسأل الإمام الوادعي عن سفر وسلمان؟ فلم يجبه الشيخ بل امتحنه قائلا: «هل تعلمت من اللغة العربية ما يستقيم به لسانك؟»، «هل قرأت تفسير ابن كثير؟»، «هل قرأت... وعدد عليه الشيخ بعض الكتب».

وقال الوالد العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله- مقرعاً هذا الصنف: «لقد شتمت عائشة -رضي الله عنها-يهودية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»، هذا الحديث إذا ذكره عالم يوجه الشباب إلى المنهج الصحيح في الدعوة يقولون: هذا تمييع! هذا تمييع!، يستخدمون التنفير رغم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «إن منكم منفرين، يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»، يا إخوان هؤلاء لا يدركون، وإلا فوالله يلزمهم أن يصموا الرسول بأنه مميع! والصحابة وعلماء الأمة بأنهم مميعون!». شريط ”الحث على المودة والائتلاف“.

وله -حفظه الله- نصائح وتوجيهات أخرى قيمة في عدم الانشغال بالردود عن طلب العلم النافع وفي تقريع من انشغل بها عن طلب العلم النافع. وينصح من يشغل نفسه بها أن يجعل لها من وقته عشرين أو ثلاثين في المائة والبقية في طلب العلم الشرعي. ”مجموع الرسائل“ (14/282)

فماذا سيقول الذين يلومون الشيخ الإمام -في هذا الجانب- عن الإمام الألباني والإمام الوادعي والعلامة المدخلي؟ هل سيجعلون تقريعهم لهذا الصنف مذمة لهم ودليلا على أنهم مميعون يزهدون في الردود كما صنعوا مع الشيخ الإمام؟! نعوذ بالله من التعسف وعدم الإنصاف.









الوقفة الرابعة

ذكر الأخ الحذيفي في ”ملزمته“: «أن الزنداني كان يزور معبر».



أقول: كانت الزيارة قبل نحو (23) عاماً، في وقت لم يكن الإخوان المسلمون في التردي والانحراف ومحاربة السنة واتضاح ذلك عنهم كما هو الحال عليه الآن.

بل كان الزنداني آنذاك يذم الديمقراطية ويصرح أنها كفر ويتهكم ويسخر بها ويقول: «أيش هذه دمقرطة! حتى اللغة العربية ما تقبلها!»، ويتكلم على الاشتراكيين والعلمانيين ويحذر منهم.

وقبل زيارة الزنداني لمعبر بمدة يسيرة كان بعض دعاة الإخوان المسلمين يزورون الإمام الوادعي إلى دماج، وذلك كالقاضي هلال الكبودي وداعية الإخوان عبد الله صعتر، وبعض هؤلاء زار الشيخ أكثر من مرة، وألقى بعض الكلمات هناك، وأظن الحذيفي أدرك شيئاً من ذلك، وكان الغرض من بعض هذه الزيارات العمل على جمع كلمة الشيخ معهم، وقد وافق الشيخ رحمه الله على ذلك بشرط أن يكون الكتاب والسنة هو الحَكَم بينه وبين الإخوان المسلمين، واقترح الشيخ اختيار ثمانية علماء أربعة من علماء أهل السنة ذكر الشيخ منهم آنذاك قبل نحو (25) عاما الوالد العلامة الوصابي والشيخ محمد الإمام()، وأربعة من علماء الإخوان المسلمين، ليكونوا حكما في أي خلاف يحدث بين أهل السنة وبين الإخوان المسلمين». ”غارة الأشرطة“ (1/47).

بلغ الأمر في ذلك الحين أن حضر الإمام الوادعي رحمه الله محاضرة لأحد دعاة الإخوان المسلمين عبد الوهاب الديلمي في (صنعاء)، ذكر ذلك الشيخ عن نفسه كما في ”آخر فتاوى الوادعي“.

كان الشيخ في ذلك الحين لم يصرح بتبديع الزنداني وتضليله، بل في أشرطة الشيخ ”شرح اختصار علوم الحديث“ قال الشيخ عن الزنداني: «أخونا عبد المجيد الزنداني حفظه الله».

وذكر في شريط ”جلسة مع شباب عدن“ أنه كان فرحاً بالزنداني لعل الله أن ينفع به حتى صرح الزنداني في مقابلة مع ”صحيفة المستقبل“ أنه قَبِلَ الديمقراطية هو وعلماء اليمن!!! فعند ذلك أبغضه الشيخ أكثر وحذر منه وغسل يده منه.

وبعد هذا التصريح من الزنداني بقبول الديمقراطية التي كان يحكم أنها كفر، ودخول الإخوان في التعددية الحزبية السياسية، بل وتنسيقهم مع الحزب الاشتراكي الذي كانوا يحذرون منه، وظهور محاربتهم لدعوة أهل السنة ورفضهم جمع الكلمة تحت ظل الكتاب والسنة؛ حصلت المفاصلة التامة بينهم وبين أهل السنة، فانقطعت الزيارات بينهم وبين مراكز أهل السنة بما فيها (دماج) و(معبر)، وحصل الرد بقوة عليهم من الإمام الوادعي وطلابه النبلاء.

فألف تلميذه البار الشيخ الإمام -كما كان يلقب بذلك بين يدي الشيخ دون إنكار من الشيخ- كتابه المبارك ”تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات“، الذي قال عنه شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله: «لو استطاع الإخوان أن يدفعوا الملايين حتى لا يُطبَع لفعلوا!»، وألف فيهم الشيخ الإمام أيضا ”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“ الذي يعتبر القاصمة لأكبر معقل ديني لهم.

وبعد هذه المرحلة والاتجاه الطيب من الشيخ الإمام أَجَلَّه الإمام الوادعي أيما إجلال أعظم مما كان، حتى إن الشيخ الإمام ألقى ذات مرة محاضرة قيمة بين مغرب وعشاء في (دماج) حول مميزات دعوة أهل السنة، فقام الإمام الوادعي عقب هذه المحاضرة وقال:«لقد سمعتم إلى كلمة العلامة المحدث الحافظ محمد بن عبد الله الإمام»، حَضرتُ المحاضرة وسَمِعتُ هذا الثناء من الشيخ مباشرة.

وقال فيه الإمام الوادعي في ”تحفة المجيب“ (210): «والأخ محمد الإمام انتفع به المسلمون وانتفع به أهل (ذمار) وغيرهم، وطلبته بحمد الله قد أصبحوا مستفيدين، ومنهم من قد أصبح في مركز من مراكز العلم يدعو إلى الله ويعلم، وهو من النفر الذين يدعون إلى الله على بصيرة، والناس يحبونه حفظه الله لزهده وتقاه وورعه».

وعودا إلى ما كنا بصدده أقول: ولم يكتف الشيخ الإمام في بيان فساد منهج الإخوان بذينك الكتابين حتى تكلم عليهم وبين فساد منهجهم في مواضع أخرى من كتبه إذا رأى المناسبة لذلك، فقد عقد في كتابه ”نقض النظريات الكونية“ (ص464-467) -الذي نقض به كثيراً من خزعبلاتهم المعروفة عندهم بالإعجاز العلمي- عقد فصلا تحت عنوان (نقد كتاب ”بيانات الرسول ومعجزاته“ لمؤلفه عبد المجيد الزنداني).

وعقد في كتابه القيم ”الوثائق التآمرية على الدول العربية والإسلامية“ (ص81-89) فصلاً قيماً تحت عنوان (حزب الإخوان المسلمين يتولى تنفيذ مؤامرة إسقاط الدول العربية).

وعقد في كتابه ”الكشف المبين عن أصناف المبدلين“ (ص74-76) فصلاً تحت عنوان (التبديل الذي وقع فيه حزب الإخوان المسلمين) وفصلا آخر (ص81) تحت عنوان (التبديل الذي تدعوا إليه السرورية).

وعقد في كتابه ”السيف اليماني على من أباح الأغاني“ (ص83-118) فصلاً ماتعاً تحت عنوان (الأغاني عند الصوفية وحزب الإخوان) يعد من أقوى البحوث العلمية المعاصرة حول ما يسمى بـ(الأناشيد الإسلامية).

وعقد في كتابه ”بداية الانحراف ونهايتُه“ (ص324-345) فصلاً تحت عنوان (من القواعد الحزبية المعاصرة) نقد فيه (12) قاعدة للإخوان والسرورية وأتى على بنيانها من القواعد.

وعقد في كتابه ”تمام المنة في فقه قتال الفتنة“ (ص128) فصلاً تحت عنوان (حزب الإخوان المسلمين وما تفرع عنه من أحزاب تكفيرية ثورية) وفصلاً آخر (ص134) تحت عنوان (حزب الإخوان المسلمين وما تولد عنه يتبادلون الأدوار في التكفير والتدمير)، بين فيه بالحجج والبراهين أن فرقة الإخوان المسلمين (هي أم) الفرق التكفيرية في هذا العصر.

وعقد في كتابه ”الإختلاط أصل الشر في دمار الأمم والأسر“ (ص66) فصلاً لـ (ذكر الفرق والأحزاب التي وقعت في الاختلاط باسم الدين)، تكلم فيه عن الإخوان المسلمين وحزب التحرير.

وعقد في كتابه ”العدل في الأموال قوام العالمين“ (ص459-476) عدة فصول قيمة لبيان تلاعب الإخوان بأموال المسلمين. وهكذا دواليك.

وهذه الكتب منها القديم ومنها الحديث الذي طبع مؤخراً، ولا تزال -بفضل الله- تصول وتجول في المجتمع هنا وهناك.

والحقيقة أن الشيخ الإمام من أكثر علماء السنة في هذا العصر رداً على الإخوان المسلمين وفضحاً لمنهجهم المنحرف، وكتبه الأربعة التي أفردها فيهم مع ردوده العلمية المفرقة في ثنايا كتبه القيمة التي سبق الإشارة إليها خير دليل على ذلك. ويا حبذا لو جمعت في كتاب خاص فإنها من أنفس الردود العلمية على الإخوان المسلمين في هذا العصر. وبعض الأحداث الذين ينتقصونه ليس لهم من الردود على الإخوان المسلمين عُشْرَ ما قام به الشيخ الإمام، بل ولا أقل من ذلك! إنما يحسنون القيل والقال والتلبيس وتتبع العثرات! كالذباب لا يقع إلا على الجيف! والله المستعان.



الوقفة الخامسة

قال الأخ علي الحذيفي في ”ملزمته“ عن الشيخ محمد الإمام: «إنه كان يزور ”جامعة الإيمان“».



أقول: سبق في الوقفة السابقة بيان ما كان عليه الحال في بداية الدعوة بين أهل السنة والإخوان المسلمين، وأن المفاصلة الكبرى والمقاطعة التامة التي حدثت كانت بعد قبول الإخوان للديمقراطية وترحيب الزنداني بها.

وزيارة الشيخ الإمام لجامعة الإيمان كانت قديمة في وقت لم يكن قد ظهر حال هذه الجامعة كما هو الحال عليه بعد ذلك، بل كانت تدعي السلفية وتتذرع بتزكية سماحة الإمام ابن باز رحمه الله لها وثنائه عليها، فحصل في ذلك الحين زيارة من شيخنا الإمام –حفظه الله-.

فلما تبين له بعد ذلك حقيقة هذه الجامعة كشر لها الأنياب وأبان للناس عوارها، فهو أعظم من كشف من علماء أهل السنة في اليمن بعد شيخنا مقبل حقيقة هذه الجامعة الحزبية، وكتابه العظيم ”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“ الذي عَرَّى فيه جامعة الإيمان خير دليل على ذلك، حتى قال شيخنا الإمام الوادعي في تقديمه لهذا الكتاب: «فقد اطلعت على مواضيع من رسالة أخينا في الله الشيخ الفاضل الداعية الفقيه المحدث محمد بن عبد الله الإمام حول ”جامعة الإيمان“ فلله دره من باحث مستقص فكأنه عاش مع ”جامعة الإيمان“ من بدء الدراسة فيها إلى وقتنا هذا!!!».

وأخرج شيخنا الإمام بعد وفاة الشيخ رحمه الله شريطاً أجاب فيه عن بعض الأسئلة المتعلقة بـ”جامعة الإيمان“، انتشر الشريط انتشاراً واسعاً في أوساط طلاب الجامعة حتى على مستوى النساء في البيوت، وأثار ضجة كبرى في أوساطهم، حتى عقد رئيس الجامعة عبد المجيد الزنداني عدة جلسات مع طلاب الجامعة للرد على هذا الشريط، وكان مما قاله عن الشيخ الإمام: «هذا الرجل ماسوني كيف استطاع أن يخترق هذه المعلومات عن الجامعة!»، حدثني بذلك من سمع منه هذا الكلام مباشرة.

فَلِمَ تجاهلتم هذا كله وأنتم تعلمون بكتاب الشيخ وجهوده العظيمة في بيان زغل الإخوان المسلمين و”جامعة الإيمان“؟!!!

وأن الإخوان المسلمين يعادونه ويحذرون من طلب العلم بين يديه ويمزقون إعلان محاضراته من الشوارع! ويمنعونه من مساجدهم إلا إذا خشوا من سطوة العامة وسخطهم عليهم، وما ذاك إلا لأنه أكثر علماء أهل السنة في اليمن رداً عليهم وفضحاً لمنهجهم المنحرف؛ فيتكلم بالكلمة أو يخرج شريطاً في الإخوان أو غيرهم فيطير هنا وهناك ويفعل بهم الأفاعيل، وذلك بسبب ما كتبه الله له من الشهرة الواسعة والقبول العظيم عند الناس التي تعلمها جيداً يا أبا عمار، وذلك من فضل الله الذي يختص به من يشاء وهو ذو الفضل العظيم.

ومن باب الفائدة «والشيء بالشيء يُذكَر»، عقد السرورية قبل مدة في (صنعاء) اجتماعاً واسعاً تحت مسمى (ملتقى السلفيين!)، فجعل بعض العامة يقولون لهم أين الشيخ الإمام؟ ويقولون: «ليسوا سلفيين، لو كانوا سلفيين حقاً لحضر معهم الإمام؟»، وكان هذا السؤال من أصعب الأشياء على السرورية، مما جعلهم يكذبون على العامة ويقولون لهم: «الشيخ الإمام قد أرسل نائباً عنه!»، وعُرِضَ هذا على الشيخ الإمام في الدرس العام فنفاه، وبين أن هذا غير صحيح.

وفي اجتماع آخر لهم أيضاً إن لم يكن هو نفسه، جعل أبو الحسن في حوار صحفي مع ”صحيفة الناس“ منشور في موقع أبي الحسن يشيد بهذا الاجتماع، وأنه سلفي معتدل ... إلخ، إلا أن الصحفي واجه تلبيس أبي الحسن بقوله له: «البعض تغيب مثل الإمام؟!»، أي فلو كانوا سلفيين حقاً لحضر معهم الإمام الذي هو في السلفيين أشهر من نار على علم. فكأنما ألقم أبا الحسن حجراً!

قلت: وما ذاك إلا لما كتبه الله للشيخ الإمام من القبول –فيما نحسبه والله حسيبه- فآثاره وأشرطته وكتبه مبثوثة في أنحاء البلاد، وطلابه يتوزعون في القرى والمدن والأرياف كل جمعة بالمئات ينشرون التوحيد والسنة في أوساط الناس، ونرجو أن هذا القبول من عاجل بشرى الشيخ، وفي ميزان حسناته؛ فمن دل على خير فله مثل أجر فاعله من غير أن ينقص من أجورهم شيئا.



الوقفة السادسة

قال الأخ الحذيفي : «ومحمد الإمام يصف عبد المجيد الزنداني بفضيلة الشيخ الوالد إلى وقت قريب».



أقول: لم يحصل قط أن الشيخ الإمام وصف الزنداني بـ(فضيلة الشيخ الوالد) فتحر في كلامك يا أبا عمار، والذي حصل أن الشيخ الإمام قال في كتابه ”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“ عن الزنداني: (الشيخ الوالد)، قالها الشيخ تلطفاً مع المغترين بالزنداني من طلاب الجامعة، ليكون ذلك أدعى لقبولهم وقراءتهم تحذير أهل السنة من هذه الجامعة.

وقد نصح الإمام الألباني رحمه الله الشيخ ربيع -حفظه الله- بالتلطف في العبارة في الرد على الذين لهم شأن في الناس ليكون ذلك أدعى لقبول الجرح فيهم، وقد لقب سماحة الإمام ابن باز رحمه اللهرحمه الله داعية الضلال يوسف القرضاوي بـ(فضيلة الشيخ) كما هو موثق بصوته.

ووصفه الإمام الألباني رحمه الله في مقدمة كتابه ”غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام“ (ص9): بـ«الشيخ الفاضل الدكتور». ثم حذر منه بعد ذلك.

ووصف الإمام الوادعي رحمه الله في ”المخرج من الفتنة“ (ص167) القاضي يحي الفسيل -رحمه الله- المحسوب على الإخوان المسلمين، بالوالد القاضي يحي الفسيل.

أضف إلى ذلك أن كتاب ”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“ الذي لقب فيه الشيخ الإمام الزنداني بالشيخ الوالد اطلع عليه وقرضه الإمام الوادعي ولم يتعقبه بشيء، بل أثنى على الكتاب ثناءً عظيماً كما سبق نقله -بفضل الله-، أما يسعنا ما وسع الإمام الوادعي الغيور على السنة، السيف المسلول على الحزبيين؟! ولسنا في مقام بيان انحرافات الزنداني فقد قام ببيان كثير منها الشيخ الإمام من خلال كتابه ”البيان لإيضاح ما عليه جامعة الإيمان“ وكتابه الآخر”نقض النظريات الكونية“.

وكما قال الشيخ الإمام في رسالته ”تبصير الحيارى بمواقف القرضاوي من اليهود والنصارى“ ( ص127) بعد أن ذكر شيئا من انحرافات الزنداني: «ومخالفات الزنداني للحق لا يفي بها إلا مؤلفات كبار».

كما تصدى الشيخ الإمام لفتوى الزنداني وغيره من الإخوان في المظاهرات التي فتن بها كثير من الشباب، لولا أن الله أنجى من أنجى منهم بفتوى الإمام التي طارت كل مطار ونقلتها جميع الصحف التابعة للدولة اليمنية، ووزعت مجانا في مخيمات المتظاهرين هنا وهناك.

حملنا على سرد هذا -وإن كنا لا نرغب فيه حتى لا يقرؤه من لا يحسن فهمه- الحاقدون الذين يتشبثون بالطحلب لمحاولة تشويه علماء أهل السنة وتحقير جهودهم الصافية النقية! والله المستعان.

وقد حصل من الشيخ الإمام أن قال هذه العبارة قبل عدة سنين، ويجاب عنه بما تقدم، إضافة إلى ذلك أن الشيخ نوقش في هذه الكلمة فتراجع عنها وقال: «هي زلة»، فلا داعي للتشغيب بمثل هذه الأشياء التي قد تراجع أصحابها عنها.



الوقفة السابعة

انتقد الأخ الحذيفي ثناء الشيخين البرعي والإمام على أبي الحسن في بداية فتنته.



أقول: هذه الشبهة قد شغب بها الحجاورة أيما تشغيب لقصد إسقاط علماء أهل السنة في اليمن، فلم يُجدِ ذلك عنهم شيئاً -بفضل الله-، واليوم يكررها الحذيفي وهاني بن بريك، (شنشنة أعرفها من أخزم).

وردا على الجميع أقول: بالنسبة لفتنة أبي الحسن فقد كانت -وخاصة في بدايتها- غامضة وقوية فُتِنَ بها كثير من الشباب، وقد قام علماء أهل السنة في اليمن بصدها من أول ظهورها لهم.

فقد عقدوا بتاريخ (15/جمادى الأولى/1422هـ ) بعد وفاة الشيخ بنحو نصف شهر اجتماعا في (صنعاء) بسحب فرع (جمعية البر) من (اليمن) التي تزعمها أبو الحسن آنذاك، وأخرجوا في ذلك بيانا.

ثم بعد أن أظهر أبو الحسن الموافقة على ترك هذه الجمعية جعل يبث أصوله الفاسدة ويسعى في تحزيب الشباب حوله، فناصحه المشايخ وبذلوا ما في وسعهم في ذلك، فلما تبين لهم أن الرجل يسعى في شق الصف اتخذوا منه الموقف الحازم.

وكان من أول شيء في ذلك قيام أبي الحسن في بداية فتنته برحلة يجوب فيها اليمن شمالاً وجنوباً، لإشعال الفتنة وشق الصف والانفصال بمن معه عن الدعوة السلفية في اليمن!!! فوصل إلى ”دار الحديث بمعبر“ ليلتقي بشيخنا محمد الإمام حفظه الله تعالى، فالتقى به الشيخ الإمام وحذره من الخروج للدعوة إلى الله تعالى في ذلك الحين، حيث إن الخروج دعوة إلى الله في ذلك الحين أكبر عون على شق الصف.

فاعتذر أبو الحسن أنه حصلت له مواعيد، فقال له الشيخ الإمام: «ارجع وسأغطي عنك المواعيد». إلا أن أبا الحسن قد بيت في نفسه شق الصف فأبى إلا المضي في عتوه، ثم طلب الجلوس مع الشيخ الإمام فرفض الشيخ مقابلته بعدها. وكان هذا أول موقف حازم مباشر من علماء أهل السنة في اليمن تجاه أبي الحسن.

ولما وصل أبو الحسن في رحلته تلك إلى (مكيراس) أفتى الشيخ الإمام بهجره، فانجفل عنه كثير من الشباب وفعلت به تلك الفتوى الأفاعيل بسبب ما كتبه الله للشيخ الإمام من القبول في قلوب الناس.

وفي نفس الرحلة التقى به شيخنا الجليل الناقد البصير عبدالعزيز البرعي -حفظه الله- في (مفرق حبيش). وكان مما قاله له شيخنا عبد العزيز البرعي: «إن أهل السنة ينقسمون فيك قسمين: قسم يتركك لأنك مبتدع، وقسم يتركك لأنك تريد أن تسير بانفرادك، فمن جاء معك وإلا لم تبال به».

فقال أبو الحسن: «أنا قد يئست من الجميع، وأضاف أن الناس حريصون على الحق، وهذه الجموع لو صفا لي منها النصف لكان كافيًا».

فقال له شيخنا عبد العزيز البرعي: «كان الخلاف في ورقة وشريط، وأصبح الآن بسبب خروجك الانقسام في الساحة». فقال أبو الحسن: «نعم!!».

فلما رأى علماء أهل السنة في اليمن هذا السير المشئوم من أبي الحسن؛ اجتمعوا في ”الحديدة“ عند كبيرهم الوالد العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله، وأخرجوا ورقة أمروا فيها بهجر أبي الحسن، ثم عُرِضَت على العلامة أحمد بن يحي النجمي، فأقرها ووقع عليها جزاه الله خيرًا.

وبعد هذه المرحلة توالت الردود على أبي الحسن من كل مكان، وبالأخص ردود الوالد العلامة ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله وعافاه-التي كشف الله بها حال أبي الحسن، وبدأت فتنته تتضح كل يوم أكثر -بفضل الله- واتفقت كلمة أهل السنة والجماعة في اليمن على هجر وتبديع أبي الحسن المأربي كهجر غيره ممن انشق عن الدعوة السلفية قبله من أصحاب الجمعيات والحزبيات.

هذه هي الخلاصة في المراحل التي سار عليها علماء أهل السنة في اليمن تجاه فتنة أبي الحسن فلا داعي للتهويل والتضخيم لمحاولة الظهور على حساب السعي في التشويه أو القدح في علماء أهل السنة والجماعة.

أنسيت أم تناسيت يا أبا عمار رحلة الشيخ الإمام البطل المقدام() التي جاب فيها عدة محافظات جنوبية إثر رحلة لأبي الحسن، يحذر فيها الشيخ الإمام من فتنة أبي الحسن بالاسم علنا على مستوى تلك الجموع الغفيرة، بالأسلوب الذي يتناسب مع جماهير الناس، رغم التهديدات من بعض المتعصبين لأبي الحسن للشيخ الإمام إن هو قام بالتحذير منه علنا بين الناس، وقد حضرت إحدى تلك المحاضرات في (شبوة)، وكانت محاضرة الإمام بعد أسبوع من محاضرة أبي الحسن في نفس المسجد!

وهكذا جعل الشيخ الإمام يتتبع أوكار أبي الحسن كلما نزل بلدة تبعه الشيخ الإمام إلى تلك البلدة محذرا منه ومبينا للناس انحرافه عن السنة، وأنه لا يمثل الدعوة السلفية، حتى قال بعض المتعصبين لأبي الحسن عن إحدى محاضرات الإمام: كاد نَفَسِي وقت المحاضرة أن ينقطع! أي من شدة حنقه على الشيخ الإمام. وقد نفع الله بتلك التحذيرات من الإمام نفعا عظيما وخاصة في أوساط عامة الناس، وتألم منها أبو الحسن غاية التألم، قائلا: العوام يحضرون عند الإمام يعلمهم الصلاة والصيام وهو يقوم يحذرهم من أبي الحسن؟!! أنسيت هذه الجهود الجبارة من الشيخ الإمام في التحذير من فتنة أبي الحسن أم تناسيتها يا أبا عمار؟!!

وكون بعض علماء أهل السنة في اليمن لم يتكلم في أبي الحسن حتى تبين له حاله لا ضير عليه في ذلك، خاصة مع ثناء الشيخ ربيع -حفظه الله- قديما عليه ووصفه له في كتاب ”النصر العزيز على الرد الوجيز“ (ص 94) في حياة الإمام الوادعي بنابغة علماء أهل السنة في اليمن! وقد كان الشيخ ربيع-حفظه الله وعافاه- يصفه في أول ردوده عليه بالشيخ الفاضل الكريم، فهل تستطيع يا أبا عمار أنت وهاني بن بريك أن تصفا العلامة ربيع -حفظه الله- بالتخبط في معالجة الفتن؟!! أم أن هذا خاص بعلماء أهل السنة في اليمن؟!!

يا من تقدحون في علماء أهل السنة في اليمن بهذا الأمر، قد أفتى سماحة الإمام ابن باز رحمه الله قديماً بالخروج مع (فرقة التبليغ)، ثم حكم عليهم قبل وفاته بعامين بأنهم من الثنتين والسبعين الفرق الهالكة.

يا من تقدحون في علماء أهل السنة في اليمن بهذا الأمر أثنى الإمام الوادعي في ”المخرج من الفتنة“ على حسن البنا -ووصفه في مكان آخر بأن رسائله تفيض حماسة وإيماناً-، وأثنى في ”المخرج من الفتنة“ أيضا على سيد قطب ثم تراجع بعد ذلك عن هذا في الطبعة الجديدة.

يا من تقدحون في علماء أهل السنة في اليمن بهذا الأمر أثنى العلامة ربيع -حفظه الله- على الحجوري بأنه مسك الدعوة السلفية في اليمن بيد من حديد، ووصفه في خلال فتنته بأنه سني سلفي لا يعلم عنه بدعة وأنه من أفاضل العلماء، -والحجوري آنذاك يبدع ويحزب في أوساط أهل السنة بالعشرات-، ثم حذر الشيخ ربيع منه بعد ذلك لما تبين له انحرافه، فهل معنى ذلك أن هؤلاء العلماء –ابن باز والوادعي وربيع- يتخبطون في الفتن ليسوا أهلا للرجوع إليهم عند النوازل والفتن؟! أم أن هذا التقعيد منكم خاص بعلماء أهل السنة في اليمن؟ أجيبوني بعلم إن كنتم صادقين؟!!!





https://archive.org/download/abuhafs_001/radd.pdf


كاتب الموضوع
أبوعبدالله الحضرمي
مشاركات: 190
اشترك في: صفر 1436

رد: رد الآخ نور الدين السدعي على تخرصات علي الحذيفي

مشاركة بواسطة أبوعبدالله الحضرمي »

الوقفة الثامنة

ذكر الحذيفي وهاني بن بريك أن الحزبيين كانوا يزورون معبر في الوقت الذي كان الإمام الوادعي يحذر منهم.



أقول: هذه الشبهة قد شغب بها الحجاورة كثيراً لقصد نزع الثقة من علماء أهل السنة في اليمن، واليوم يكررها علينا الحذيفي وهاني!

وردا على الجميع وعلى من قد يأتي بعدهم ويكرر علينا نفس هذه المقولة أقول -مستعينا بالله-:

حصل أن فتن بعض كبار طلاب الإمام الوادعي بـ(جمعية إحياء التراث الكويتية)، فجعل شيخهم الإمام الوادعي يناصحهم ويرفق بهم نحواً من ثلاث سنوات، وهم يواجهون هذا النصح بالرد والإنكار، فلما رأى الشيخ أن النصح لهم لا يجدي أعلن تحذيره منهم وأخرج في ذلك شريطا بعنوان (البراءة من الحزبية).

في هذا الوقت اجتهد بعض كبار طلاب الشيخ ورأوا أن يعقدوا معهم اجتماعاً أخيراً لمناصحتهم فإن قبلوا النصيحة وإلا كانت الفيصل بينهم، فحصل اجتماع في ”دار الحديث بمعبر“ حرسها الله، من الشيخ محمد الإمام، والشيخ عبد الله بن عثمان، وبعض المحسوبين على مشايخ أهل السنة آنذاك، اجتمعوا بمحمد المهدي، وعبد المجيد الريمي، وعقيل المقطري، ودار معهم نقاش حول الحزبية والبيعة والسرية والتكفير دون مراعاة للضوابط الشرعية.

فلما رأى الشيخان -الذماري والإمام- منهم الإصرار على ارتكاب هذه البدع والمخالفات غسلا أيديهما منهم تماماً، وقاما بالتحذير منهم علناً كالتحذير من الإخوان المسلمين وسائر أهل البدع والأهواء.

وأخرج الشيخ محمد الإمام حفظه الله بعد ذلك فيهم شريطًا نافعًا بعنوان ”بداية الانحراف ونهايته“ انتشر هنا وهناك، وقام بعد ذلك بالرد على شبهات السرورية والإتيان على بنيانهم من القواعد في كتاب عظيم تحت هذا العنوان، فعند ذلك ضج منه السرورية أيما ضجيج، وحذروا منه ومن طلب العلم بين يديه، وذهب ذاك الثناء على الشيخ الذي كانوا ينشرونه في مجلتهم (الفرقان) فانقلب الشيخ من زاهد تقي عابد ورع إلى مقلد للشيخ مقبل غال يسب العلماء ... إلخ.

أقول: وعلى أن الشيخ الإمام أخطأ في اجتهاده في هذا الاجتماع فيسعنا أن نقول كما قال الإمام الوادعي في ”تحفة المجيب“ (ص354): «والشيخ محمد الإمام من مشايخ أهل السنة ومن القائمين بالدعوة على علم وبصيرة، ولكنها زلة».

هذا، وأما والدنا العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله فقد تبين له انحرافهم وحزبيتهم من أول وهلة قبل مشايخ أهل السنة في اليمن بما فيهم الإمام الوادعي، حتى شهد له الإمام الوادعي بقوله: «عرفهم قبلي»، كما في رسالة ”إزاحة الغمامة عن أسئلة أهل تهامة“.

وله في الرد عليهم رسالة نافعة بعنوان ”عشرون مأخذا على السرورية“، وعدة ردود في أشرطة ومحاضرات ومواقف حميدة أظهرت حقيقتهم لكثير من الناس -بفضل الله-، وقد حاول بعضهم إيذاءه عن طريق الشكوى به عند بعض المسئولين فلم يُغْنِ ذلك عنهم شيئا -بفضل الله-.

وأما بالنسبة لشيخنا الناقد البصير عبد العزيز البرعي حفظه الله فكان من أكثرهم -من أول وهلة-صدا لفتنة هؤلاء القوم، فقد تصدى لفتنتهم شعراً ونثراً بعدة ردود فعلت بهم الأفاعيل وجعلتهم وبالأخص منهم سفيههم محمد المهدي يصيحون منها كل صياح. حتى شهد له الإمام الوادعي رحمه الله بقوله: «قد خنق الحزبيين وتركهم كأنهم مصلوبون». ”تحفة المجيب“ (391).

وبقوله فيه: «وهو رجل محنك، وقد ترك الحزبيين في دوامة منذ أن نزل إلى ”مفرق حُبيش“، وقد انتشرت بسببه سنن كثيرة». ”تحفة المجيب“ (210).

قلت: ومن نظر إلى أعداد ”مجلة الفرقان“ وصياح محمد المهدي ومن معه من السرورية وتباكيهم شعرًا ونثرًا من ردود الشيخ البرعي؛ علم صدق كلام الإمام الوادعي رحمه الله أنه دَوَّخ الحزبيين وخنقهم وتركهم في دَوَّامة.

هذا شيء من جهود علماء وحماة الدعوة السلفية في اليمن في التصدي للسرورية وبيان فتنتهم للناس، قبل أكثر من عشرين عاما، والذين ينتقصونهم في هذا الجانب آنذاك في سن الطفولة، أو في بداية سن الشباب، ليس لهم من هذه الجهود شيء يذكر سوى التحقير والقيل والقال.

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو
من اللوم أو سُدُّوا المكان الذي سَدُّوا

الوقفة التاسعة

كتب أخونا الحذيفي عدة صفحات لبيان الأخطاء التي في الوثيقة التي وقع عليها الشيخ الإمام.



وهذا الكلام الذي سود به هذه الصفحات كله -للأسف- خارج عن محل النزاع! فليس بين أهل السنة نزاع أن فيها أخطاء، وإنما محل النزاع هل هو مضطر إليها أم لا؟

الشيخ الإمام يرى أنه مضطر إليها وأقره على ذلك علماء أهل بلده، وهم المقدمون في هذا على غيرهم، فمن القواعد المقررة عند أهل الحديث أن من قرائن الترجيح تقديم كلام البلدي على غيره وإن كان غيره أعلم منه، نص على هذه القاعدة دون أن يقيدها بأن لا يكون غير البلدي أعلم من البلدي عدد من أهل العلم، وهاك شيئًا من أقوالهم لا على سبيل الحصر:

قال الإمام حماد بن زيد: «أهل بلد الرجل أعرف بالرجل». اﻫ رواه الخطيب في ”الكفاية“ (175).

قال أبو بكر المروذي: «سألت أحمد بن حنبل عن قطن الذي روى عنه مغيرة، فقال: لا أعرفه إلا بما روى عنه مغيرة. قلت: إن جريرا ذكره بذكر سوء، قال: لا أدري، جرير أعرف به وببلده». ”العلل“ (ص98).

قال أبو زرعة الدمشقي: «قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله ما تقول في سعيد بن بشير؟ قال: أنتم أعلم به». ”تاريخ أبي زرعة“ (1/540).

فالإمام أحمد مع جلالته وإمامته وإتقانه يحيل الحكم في هذا الراوي على أهل بلده، مع كون الإمام أحمد -من حيث الجملة- أعلم من أهل بلد هذا الراوي.

قال الإمام العجلي في عبد السلام بن حرب النهدي الكوفي: «قدم الكوفة يوم مات أبو إسحاق، وهو عند الكوفيين ثقة ثبت، والبغداديون يستنكرون بعض حديثه، والكوفيون أعلم به». اﻫ ”تهذيب التهذيب“ (2/‏575).

قال الإمام أبو بكر النيسابوري في الحكم بن عبد الله البلوي المصري: «كان أبو عاصم يضطرب فيه، وأهل مصر أعلم به». اﻫ ”تهذيب التهذيب“ (1/‏465).

قال الإمام علي بن الجنيد: «كان أحمد وابن معين يقولان في شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم». اﻫ ”تهذيب التهذيب“ (3/‏618).

قلت: وهما من هما في الإمامة والتقى والجرح والتعديل، إلا أن بلدي الراوي مع ذلك أعلم بصاحبه من غيره.

قال الإمام ابن أبي حاتم: «سألت أبي عن حديث عن دحيم عن سويد بن عبد العزيز عن أبي وهب عن مكحول، قال: سألت الفقهاء: هل كانت لحبيب بن مسلمة صحبة؟ فلم يبينوا ذلك، وسألت قومه فأخبروني أنه قد كانت له صحبة. قلت لأبي: ما تقول أنت؟ قال: قومه أعلم». اﻫ ”تحفة التحصيل“ (ص61)

قال الإمام أحمد في يزيد بن ربيعة الصنعاني: «أبو مسهر أعلم به؛ لأنه من بلده». اﻫ ”الكامل“ (7/‏2714).

قال الحافظ ابن حجر في سهل بن عامر النيسابوري: «والحاكم أعلم بأهل بلده». اﻫ ”لسان الميزان“ (3/‏137).

وذكر حديث أم حبيبة رضي الله عنها في نقض الوضوء من مس الذكر ثم قال: «صححه أبو زرعة والحاكم، وأعله البخاري بأن مكحولا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، وكذا قال يحيى بن معين وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي: إنه لم يسمع منه، وخالفهم دحيم، وهو أعرف بحديث الشاميين: فأثبت سماع مكحول من عنبسة». ”التلخيص الحبير“ (1/217)

فتأمل كيف قدم كلام دحيم على جبال الحفاظ، ابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والبخاري، مع كون الواحد منهم بانفراده أعلم من دحيم، وعلل ذلك بقوله: «وهو أعرف بحديث الشاميين». أي فقوله مقدم على غيره ممن خالفه وإن كان أعلم منه، ولم يعلل تقديم كلام دحيم على هؤلاء الحفاظ بأي علة أخرى.

وساق خلاف أهل العلم في صحبة سلمة بن قيصر المصري، ونقل عن ابن يونس أنه أثبت صحبته، ثم قال: «وكأن الحسيني تبع شيخه الذهبي في ”الميزان“ فإنه قال: سلمة بن قيصر تابعي، أرسل لم يصح حديثه. كذا قال! والعمدة في هذا على ابن يونس فإنه أعرف بأهل مصر». اﻫ ”تعجيل المنفعة“ (1/‏603-604)

قلت: فما يدندن به بعض الناس بقولهم: (خليك مع الأعلم)، (كونوا مع الأعلم)، (كونوا مع الكبار)، ويقدم بذلك كلام الأعلم على كلام العالم البلدي من القواعد المحدثة الدخيلة على منهج أهل الحديث المفتقرة إلى الدليل والبرهان.

وزيادة على هذا، فقد وَقَّعَ الإمام الوادعي بتاريخ (2/11/1402هـ) على نحو أشياء كثيرة مما في هذه الوثيقة، وذلك بينه وبين بدر الدين الحوثي ومحمد بن عبد العظيم الحوثي وأكثر من عشرين شخصا من علماء الشيعة في (صعدة)، وذلك على عدة أمور منها:

العمل على جمع الكلمة، وتوحيد الصف، وعدم إثارة المسائل الخلافية التي تؤدي إلى الفُرقَة والانقسام.

أي شخص له رأي في مسألة فقهية فلا حق له أن يحمل الآخرين على العمل برأيه، أو أن يحاول فرضه عليهم، وعليه أن يحترم الآخرين.

عدم التعرض لأي شخص أو لأي مذهب أو فئة بأي صفة من الصفات، وعلى الجميع التغاضي وتناسي ما قد وقع في الماضي، والابتعاد عما من شأنه الإثارة؛ تجنبا للأحقاد وتحقيقا للأخوة في الإسلام.

يقول الإمام الوادعي مشيرًا إلى هذه الوثيقة: «وفي هذه الأيام خرجت لجنة الوالد القاضي يحيى الفُسَيِّل، ووزير الأوقاف علي السمان، والأخ عبد الرحمن العماد، فلم تُوفَّق للإصلاح، وأخرجت قرارًا حاصله: أنهم لا يعترضون على أهل السنة، وأهل السنة لا يعترضون على الشيعة، وهذا القرار وإن كان الشرع لا يقره؛ لأن من المسائل ما لا يجوز السكوت عنه كما هو معلوم لدى أهل العلم، لكنه يُعَدُّ فتح باب خير للسنة، إذ قد اعتُرفَ أنه يجوز العمل بها في بلد لا تعرف إلا التشيع منذ ألف سنة أو أكثر، نسأل الله له أن يجمع كلمة المسلمين على الحق آمين». ”المخرج من الفتنة“ (ص167) ط/الآثار.

فهاهو الإمام الوادعي وقع على جمع الكلمة مع هؤلاء القوم وعدم التعرض لهم بأذى وتجنب الأحقاد وتحقيق الأخوة الإسلامية بينهم وبينه، مع اعترافه أن في هذه الوثيقة ما يخالف الشرع، فلماذا تخصيص الشيخ الإمام بالانتقاد دون الإمام الوادعي ؟!! أم أن الغرض هو السعي في تشويه وإسقاط فلان، ولو بالتلبيس والتهويل؟!!!



الوقفة العاشرة

نقل الحذيفي قول شيخنا الإمام: «إن بُعِثَ النبي وقال لنا: قاتلوا مجموعة من المسلمين سنقاتل ولن نتراجع عن ذلك، أما من جاء أقام له جبهة وقام يجرجر المسلمين إلى القتال، أو أقام له حزبا، وجرجر المسلمين إلى القتال! و...و...و... إلى آخره، هذه الطرق لا نقبلها ولا تقبل عند الله، بل هي من الفتن والانحراف الكبير!». ثم قال الحذيفي: (نفى محمد الإمام قتال المسلمين إلا بأن يُبعَثَ النبيُّ ثم ينص على ذلك).



أقول: ليس في كلام الشيخ الإمام الحصر الذي ادعاه الحذيفي أنه لن يقاتل إلا مع النبي، وإنما غاية ما في الكلام التحذير من الاستجابة لكل من دعا إلى القتل والقتال بين المسلمين والتأني والتحري في هذا الأمر الجلل، يفهم ذلك جليًّا من خلال ظاهر الكلام وسياقه من تحلى بالإنصاف.

وقد كفانا الشيخ الإمام مؤنة الرد على هذا الكلام، فقال في مقال منشور عنه إجابة عن سؤال عن كلامه هذا:

أما بعد، فقولنا لهذه الكلمة جاء في معرض كلام بسباقه ولحاقه يُفهَمُ المراد منه؛ حيث إن كلامي كان في مشروعية قتال الخوارج، ثم استطردت في الكلام إلى القتال المحرم بين المسلمين من أجل المال، والملك، والتعصب، والتحزب، فبينت أننا لا ننجر إلى هذا القتال أبدًا، وقلت الكلمة المذكورة في السؤال، فعلقت القتال المذكور بأمر مستحيل من ناحيتين: الأولى أن يُبعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم، والثانية أن يأمرنا بقتال المسلمين في هذه الحالة، وكلا الأمرين مستحيل، فَعُلِمَ من سياق الكلام أن المراد المبالغة في عدم الانجرار لهذا القتال، وأهل السنة يقررون أن الكلام تارة يُفهَمُ بمفرد ألفاظه، وتارة يُفهَمُ بسياقه وتركيبه، فَيُفهَمُ من الكلام في حال تركيبه وسياقه ما لا يُفهَمُ منه في حال مفرد ألفاظه.

والمبالغة في الزجر عن المشاركة في قتال الفتنة واردة عن بعض السلف، فقد قال زبيد بن الحارث اليامي (المتوفى سنة 122) لما عُرِضَ عليه أن يقاتل مع زيد بن علي رحمه الله فقال زبيد: ما أنا بخارج إلا مع نبي، وما أراني واجده، وفي لفظ عنه: لا أقاتل إلا مع النبي. والأثر أخرجه الفسوي في ”المعرفة والتاريخ“ (2/807) وأبو عبيد الآجري في ”سؤالاته“ (448) وابن عساكر (19/473)، وهو أثر جيد. ()

وأخرج ابن أبي شيبة (20736) وابن سعد (3/143) عن ابن سيرين قال: قيل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ألا تقاتل فإنك من أهل الشورى وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك، فقال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان يعرف المؤمن من الكافر، فقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد. وسنده صحيح.

وأخرج نعيم بن حماد في ”الفتن“ (509) عن عبد الله بن هبيرة قال: من أدرك الفتنة فليكسر رجله فإن انجبرت فليكسر الأخرى. وإسناده جيد.

فلم يفهم العلماء -فيما أعلم- من هذه الآثار أنها تستلزم نفي أي نوع من أنواع القتال المشروع، فتحميل كلامي ما لا يحتمل من نفي أي نوع من أنواع القتال المشروع أمر لم يَدُرْ في خلدي، وكيف يُحمَلُ هذا المحمل، وكلامي في الدرس نفسه الذي نُقِلَت منه هذه الكلمة كان على مشروعية قتال الخوارج، وقد عقدت –ولله الحمد- في كتابي ”تمام المنة في فقه قتال الفتنة“ المطبوع سنة (1430) فصلًا بعنوان (أنواع القتال المشروع) فليرجع إليه من شاء. وفي كتابي المذكور نقلت إجماع أهل العلم على مشروعية الجهاد مع ولاة الأمر برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة.

نسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا، ويقينا شر أنفسنا، ويصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.

حرره بتاريخ (4/صفر 1436) محمد بن عبد الله الإمام.

قلت: ومما يدل على أن كلام الشيخ كان حول قتال الفتنة قوله قبل هذا الكلام: «القتال الحاصل الآن من أجل الملك من أجل التعصب والتحزب، إلى غير ذلك، احذروا من الجرجرة إلى الفتن كما سمعت بصورة وبأخرى، إن بعث النبي وقال لنا...إلخ)، فكلام الشيخ صريح أنه يعني قتال الفتنة كالقتال من أجل الملك والتحزب والجرجرة إلى الفتن، فما يدندن بعض الحاقدين المكابرين أن الشيخ لا يعني القتال في الفتنة يرده عليهم صريح كلام الشيخ هذا، وهذا أمر واضح -بحمد الله- ولكن:

ومن يك ذا فَمٍ مُرٍّ مريض
يجد مرا به العذب الزلالا
وننصح الناقمين على الشيخ الإمام، بنصيحة الإمام الألباني: اللغة العربية واسعة فإذا تحمل كلام مسلم معنى سليما ومعنى غير سليم وجب حمله على المعنى السليم وليس على المعنى غير السليم ”سلسلة الهدى والنور“ رقم (164).

قلت: وقد كان شيخنا الإمام الوادعي كثير التحذير لأهل السنة من الانجرار إلى فتنة القتل والقتال، حريصًا غاية الحرص على تفويت الفرصة على من يريد الزج بالدعوة في هذا الطريق المظلم والنفق الموحش، ومنه استفاد علماء أهل السنة في اليمن هذا السير السديد والمنهج القويم.

ومن كلامه الذي سمعه منه بعض طلابه: «لا تقاتل وإن أفتاك ابن باز والألباني!».

وقد نقلت شيئاً من كلامه في ذلك في كتابي ”الإمام الوادعي وجهوده في تجديد السنة النبوية“ ومن ذلك قوله رحمه الله: «نحن في اليمن تعرفون أنهم يتقاتلون لأتفه الأسباب، نحن السني عندنا يساوي الدنيا، لا بد أن نتناصح وأن لا نُعَرِّضَ أنفسنا للفتن، وأن لا نُعَرِّضَ أنفسنا للصدام، لا مع قبيلي، ولا مع دولة، ولا مع فلان، (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) [يوسف: ١٠٨]». ”من فقه الإمام الوادعي“ (1/56).

وقال رحمه الله: «وقد قلت غير مرة: إنها لو حدثت في اليمن فتنة واستطعت أن أهرب بديني إلى بلدة أخرى لفعلت، فلن أوجه بندقيتي -إن شاء الله- إلى مسلم يصلي بإذن الله تعالى». ”المصارعة“ (ص:45).

وقال في شأن سعي بعض المسؤولين في التحريش بين أهل السنة والشيعة: «فننصح الإخوة المسئولين أن يحذروا كل الحذر من النزعة الشيعية، أما أنهم يظنوا أن يصطدم الشيعة وأهل السنة ، لا ، لا ، نحن مستعدين أن نخطب في فضائل أهل بيت النبوة، ومستعدون أن ننسحب أيضاً()، ما نريد أن نصطدم، لأن دعوتنا تمشي بدون اصطدام خير، فَليَحذَرْ هو نفسه على كرسيه، ويَحْذَرْ على مكانته، أما أنهم يظنون أننا نصطدم مع الشيعة، ونبقى مُخوَّفين من الشيعة، أو يُخوِّفونا بالشيعة، وهكذا مع الإخوان المسلمين، لسنا مستعدين أن نصطدم مع أحد()، لأن دعوة السنة ونشر السنة عندنا هو أقوى منا في النفوذ، فنحن ننشر سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالكتابة وبالتأليف، وأيضاً بالخطابة في حدود ما نستطيع، أما أنه يُحدِّث نفسه أن يصطدم الشيعي مع السني، لا، ما يكون هذا أن يصطدم الشيعي مع السني، نحن بحمد الله قد حاول الشيعة مراراً أن يصطدموا معنا فلم يقدروا». شريط”أضواء على الدعوة“

وقال رحمه الله: «أهل السنة يكرهون التنازع والاختلاف من أجل هذا فإنهم إذا تقدم المغفلون تأخروا؛ لأنهم لا يحبون أن يصطدموا بمسلم يشهد أن لا إله إلا الله، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». ”إجابة السائل“ (24).

وقال رحمه الله: « وشيعة اليمن نحن نعتبرهم مسلمين مبتدعة، فإذا تقدموا خطوة تأخرنا أخرى، لأننا نعتبرهم مسلمين ولا نستحل دماءهم ولا أموالهم ولا أعراضهم، وقد رأينا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقوى منا؛ فقد ضربتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبحمد الله أيضًا ضربوا بسبب التأليف وبسبب الدعوة إلى الله، فالدعوة إلى الله أنفع، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ، فلا بد من دعوة بحكمة وموعظة حسنة، وأن تعرف من تواجه، أنت تو اجه أخاك المسلم لا تستحل ماله ولا دمه ولا عرضه فإن قبل منك اليوم وإلا فسيقبل غدًا أو بعد غد». ”مقتل الشيخ جميل الرحمن“ (ص13).

وقال رحمه الله عن الشيعة: «نحن لسنا مستعدين أن نصطدم معهم ولو قالوا: إننا أذلاء()، إن كانوا يريدون مناظرة نحن مستعدون للمناظرة، أما المضاربة أو القتل فهم مسلمون ونحن مسلمون، لا نستحل دماءهم ولا أموالهم ولا أعراضهم()». ”إجابة السائل“ (56).

كما كان الإمام الوادعي محذرًا من الاستماع إلى الحمقى والطائشين وتمكينهم من أمور الدعوة، وإدخال الدعوة في صراع فيقول :رحمه الله «ينبغي لنا جميعًا أن لا نمكن الفوضويين من الدعوة، فإنهم سيحطمون الجماعة، وستذكرون ». ”السير الحثيث“ (ص438).

وقال رحمه الله: «كما أنني أنصح القائمين على الدعوة هناك أن لا يتسرعوا وأن لا يستفزهم الطائشون، فالطائشون سبب لضرب الدعوات، فقد ضُرِبت الدعوة في سوريا بسبب بعض الطائشين، وضُرِبت الدعوة بمصر بسبب بعض الطائشين، وضُرِبت الدعوة أيما ضربة بسبب جماعة الحرم ... مسألة الطائشين الذين يتسببون لإحباط الدعوات، فهؤلاء يعتبرون نكبة على الدعوات ويرمون إخوانهم بالجبن!!!()». ”غارة الأشرطة“ (1/305-306).

وقال رحمه الله: «أنصحك أن تمشي ببطء، مكث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمكة ثلاثة عشر عاما وهو يدعوهم، وعامين في المدينة قبل الجهاد، ثم أذن لهم بالجهاد ما تقول: والله إذا تَأخَّرتُ عن هذه القضية ستصير انهزام للدعوة! لا، أبغيك تتأخر وتتأخر وتتأخر، ما تُدخِل الدعوة في صراع، فلا تتبع شهوتك النفسانية، الشهوة ربما تريد الغلبة، فلا، لا بد أن تتأنى وتمشي ببطء والحمد لله». ”من فقه الإمام الوادعي“ (1/54).

فلماذا تخصيص علماء أهل السنة في اليمن بالتشغيب والتشنيع -بسبب تجنيبهم للدعوة السلفية مخاطر الفتن والمؤامرات والقتل والقتال- دون الإمام الوادعي الذي صرح بعدم استعداده لقتال الشيعة ولو رموه بالجبن ولو أدى إلى انسحاب أهل السنة وتأخرهم إلى الخلف؟ أجيبوني يا معشر الناقمين على علماء أهل السنة في اليمن؟!!



الوقفة الحادية عشرة

قال الحذيفي: «لكن بقيت بعض الأمور كنا نراها تحدث بين الفينة والأخرى، يتعجب منه من يعرف السلفية حق المعرفة، فمن ذلك كلامه الشديد المتكرر من على المنبر على المسؤولين».



أقول: مسألة الإنكار على الحكام من المسائل التي شغب بها أبو الحسن وبعض الحدادية على شيخنا الإمام الوادعي، وزعم بعضهم أنه هدم بذلك ركنًا من أركان الدين! فما أشبه الليلة بالبارحة! والمسألة لا تحتمل كل هذا التهويل، فليس هذا الأمر معيبًا ولا مخالفًا لمنهج السلف إذا كان بالضوابط الشرعية.

فقد أنكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه على بعض أمراء بني أمية علنًا لما قَدَّم خطبة العيد على الصلاة.

وأنكر عمارة بن رويبة رضي الله عنه على بشر بن مروان لما رآه على المنبر رافعا يديه وقال: «قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه المسبحة». رواه مسلم.

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في سفيان الثوري رحمه الله: «وكان ينكر على الملوك ولا يرى الخروج أصلا». ”سيرالنبلاء“ (7 /242).

وهناك مواقف أخرى بطولية للإمام الأوزاعي والإمام ابن أبي ذئب وغيرهما في إنكار المنكر الصادر من بعض الظلمة من الحكام دون إثارة لشيء من الفتن، قال شيخنا الإمام الوادعيرحمه الله «نحن إذا قرأنا في سير علمائنا نجد منهم من ينكر على الحكام علنا، ومنهم من لا يفعل ذلك درءا للفتنة».اهـ. ”من فقه الإمام الوادعي“.

وقال رحمه الله: «فرق بين إنكارنا وإنكار غيرنا، نحن ننكر المنكر ولا نستفز الناس في الخروج على الحكام، وهذه هي عقيدة أهل السنة -ثم سرد بعض الأدلة على ذلك-». ” آخر فتاوى الوادعي“ (ص43-44).

وقال رحمه الله ردا على من يزعم أنه يجيز الخروج على الحكام: «نحن لا نقول أنه لا يُنكَر على الحكام لكن لا يؤدي ذلك إلى الخروج عليهم، أما الإنكار عليهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر »، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، لسنا مستعدين أن نعبد الحكام ، لسنا مستعدين أن ندافع عن الحكام بالباطل، (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيمًا).

بل الواجب أن ننكر عليهم إذا دعوا إلى ديمقراطية، أو دعوا إلى شيء يخالف الدين، مع إشعار المسلمين أننا لا نجيز الخروج عليهم ولا نحببه، فيا سبحان الله يا أيها المفتري أما تعلم أنك ستفتضح اليوم أو غدا أو بعد غد ، كتبنا مملوءة من فضل الله في التحذير من الخروج على الحكام ، فالمهم نحن في واد والذين يعبدون الحكام في واد، والذين يستثيرون الناس بالثورات والانقلابات في واد، نحن نريد الكتاب والسنة ونعمل بالكتاب والسنة ونجعل الكتاب والسنة حكما بيننا وبين الحكام وبين المجتمع والله المستعان». شريط ”أسئلة أهل المدينة“.

وجمعًا بين الأدلة الواردة في هذه المسألة قال الإمام العلامة العثيمين رحمه الله: «لا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علنًا يزول به المنكر ويحصل به الخير فلننكر علنًا، وإذا رأينا أن الإنكار علنًا لا يزول به الشر، ولا يحصل به الخير، بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سرًا، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علنًا فيما إذا كنا نتوقع فيه المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سرًا فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير». ”لقاءات الباب المفتوح“ (3/354).

ومن كلام الإمام الألباني في هذا الباب قولهرحمه الله: «الحقيقة أنا أقول كلمة صريحة: إن دعاة التوحيد اليوم في أمر مرير؛ فكل قرار يصدر تجد الجواب: هذا أمر ولي الأمر! ...وقعنا فيما نحذر منه! لماذا نحن لا نتوجه إذًا إلى الدعوة بعامة وليس فيما يتعلق بالشعوب....وتَرْكِ الحكام دون نصح ودون تحذير ودون إنكار ولو مع عدم الخروج! هل الجواب واضح؟! السائل: لا يستلزم هذا مواجهة؟ الشيخ الألباني: نعم لا يستلزم». ”دروس صوتية“ (23/6)

ولشيخ شيخنا الوادعي الوالد العلامة عبد المحسن العباد -حفظه الله- عدة مقالات منشورة في إنكار بعض المخالفات الشرعية الصادرة من بعض الملوك والحكام.

وقال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ: «الخروج بالقول قد لا يكون خروجا وقد يكون خروجا. يعني أنه قد يقول كلاما يؤدي إلى الخروج فيكون سعيا في الخروج، وقد يقول كلاما هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يوصل إلى الخروج ولا يحدث فتنة في الناس، وهذا لا يدخل فيه». ”جامع شروح العقيدة الطحاوية“ (2/942)

فلماذا تخصيص الشيخ الإمام بالتشغيب في هذه المسألة! وقد سبقه في ذلك هؤلاء العلماء؟! أم تريدون منا أن نكون كما قال الإمام الوادعي عبيدا للحكام، إن دعونا إلى الديمقراطية، أو إلى وحدة الأديان، أو إلى التغريب، أو إلى الاختلاط، أو إلى إدخال دعوتنا في أوحال الصراع والفتن، أو إلى غير ذلك من المنكرات، قلنا: نعم سمعا وطاعة لولي الأمر؟!! وإن وجدنا من ينكر هذه المحرمات بالطرق الشرعية أنكرنا ذلك عليه؟!!! أحشفا وسوء كيلة؟!! غيروا منكرات الحكام بالطرق الشرعية التي لا تؤدي إلى المواجهة كما قال الإمام الألباني؟!! لا إفراط ولا تفريط.

تنبيه: حصل نقاش مع الشيخ الإمام حول هذه المسألة؛ فأفاد ما حاصله: أن هذا حصل منه على سبيل النصح لا التهييج، فلما كثرت الفتن رأى الكف عن ذلك؛ حتى لا يؤدي إلى زيادتها، مع أنه لا مانع من النصح للحكام على سبيل العموم، إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين، مع تحذير الناس من الثورات والانقلابات والخروج على الحكام، كما هو معتقد أهل السنة والجماعة.



الوقفة الثانية عشرة

انتقد الحذيفي على الشيخ الإمام قوله في خطبة جمعة: «من يدعونا إلى الانفصال كمن يدعونا إلى الكفر».



أقول: هذه الكلمة طار بها الحاقدون على علماء أهل السنة هنا وهناك، بل وعقد السرورية في الجنوب اجتماعًا أخرجوا فيه بيانًا بعنوان ”بيان الهيئة الشرعية الجنوبية“، هولوا فيه من شأن هذه الكلمة وحملوها ما لا تحتمل، أرادوا بذلك تشويه الدعوة السلفية الصافية النقية والغض من منزلة الشيخ الإمام العالية التي كتبها الله له في أوساط المجتمع اليمني، كالذباب لا يقع إلا على الجيف.

إن يسمعوا من ريبة طاروا بها فرحا
وإن يسمعوا من صالح دفنوا
ونقول للجميع: على فرض أن هذا خطأ واضح لا يقبل التأويل، فغاية ما في الأمر أنها زلة خرجت من الشيخ في حال الغيرة، التقطها بعض المغرضين أو الجواسيس بالطرق التي يحسنونها، وقد تراجع عنها الشيخ بعد انتهاء الخطبة، وأمر المسؤول عن التسجيل أن يحذفها من الشريط، ولم يكتف الشيخ الإمام بذلك حتى أخرج بيانا في البراءة من هذه الكلمة وما تحمله من معاني باطلة.

فماذا تريدون بعد هذا كله يا معشر الحجاورة والحاقدين؟! أليس الله يقول في شأن الكفار: (إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)، أليس باب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تقوم الساعة؟

لكن الذين يحبون الاصطياد في الماء العكر من اشتراكيين وسرورية وحجاورة وحاقدين على علماء أهل السنة في اليمن لم يقبلوا هذا التراجع الصريح والتوبة النصوح من الشيخ الإمام عن هذه الكلمة، لأشياء في نفوسهم يحاولون تمريرها عن طريق التشبث بمثل هذه الأمور، وما كنت أظنك يا حذيفي تصل إلى هذا المستوى الهابط وتكون شريكا لهؤلاء القوم في التشغيب على الشيخ الإمام بهذه الكلمة التي تعلم تراجعه عنها!! أنت أرفع من هذا يا أبا عمار! ولكن

لهوى النفوس سريرة لا تُعْلَمُ
كم حار فيها عالم متكلم
وعلى فرض أن الشيخ لم يتراجع فلا يلزم من ذلك ما يروج له الحاقدون من الاشتراكيين والسرورية في قنواتهم وإعلامهم أن الشيخ الإمام يكفر دعاة الانفصال، وقد رد بعض إخواننا الجنوبيين الأفاضل من طلبة العلم في (دار الحديث بمعبر) على هذه الإشاعة التي تولى كبرها من سبق ذكرهم في بيان طيب جعلوه ردًا على السرورية الذين شغبوا على الشيخ بهذه الكلمة، وذلك بتاريخ (23/5/1434هـ ) الموافق ( 3/4/2013م).

وكان ما قالوا فيه: ثالثا: أن المخالفين للشيخ الإمام ممن عندهم شيء من العدل والإنصاف لم يفهموا هذا الفهم السقيم، حتى قال من اتصف بالإنصاف والعدل: «إن كلام الشيخ هذا ليس فيه التكفير أصلًا»، ومنهم من نشر تبرئة الشيخ على القنوات الفضائية، كما لا يخفى.

رابعًا: أن الشيخ الإمام قال: «كمن يدعونا إلى الكفر أو الموت»، ولا يلزم من هذا المماثلة كما هو معروف في اللغة العربية من قسم البلاغة، كما لو قلتَ: «قلب زيد كالحجر»، أو «زيد كالأسد»، فقلب زيد في القسوة ليس كالحجر في قسوتها، وشجاعة زيد ليست كشجاعة الأسد، ومراد الشيخ التنفير من قبول دعوة الداعي إلى الانفصال لا تكفيره.اهـ

قلت: ولما ذكر بعض الناس للإمام الألباني كلمة قالها بعض الناس في محاضرة تدل على أنه يُكَفِّرُ بالكبيرة، قال له الإمام الألباني: «يا أخي -بارك الله فيك- العقيدة لا تؤخذ من محاضرة يتحمس فيها الإنسان يعظ ويبالغ في الوعظ و... و... و... إلخ، هذا من جهة، المسألة-يا أخي- ليس بهذه السهولة ما يجوز نقول نحن: هذا الرجل اللي يتكلم بهذا الكلام وحمله على ذلك غيرته الإسلامية إنه يكفر المجتمعات الإسلامية». ”سلسلة الهدى والنور“ رقم (606).



الوقفة الثالثة عشرة

حاول الحذيفي في أكثر من موضع من ”ملزمته“ أن يوهم الناس أن الشيخ الإمام ينكر جهاد الدفع مطلقا.



أقول: الشيخ الإمام وغيره من علماء أهل السنة في اليمن لا ينكرون جهاد الدفع مطلقًا، ومن ادعى ذلك عليهم فقد أخطأ في ذلك، وكون الإمام الوادعي وطلابه علماء الدعوة السلفية في اليمن يطلقون عدم استعدادهم للدخول في القتال لا يعني ذلك أنهم ينكرون جهاد الدفع مطلقًا، وإنما لأن جهاد الدفع مشروط بالقدرة وتحقق المصلحة أو غلبتها، وهم لا يرون ذلك متحققا في هذا الزمن في حق أهل السنة في اليمن لأمور يعلمونها.

وعلى هذا يحمل كلام الإمام الوادعي الذي سبق معنا (نحن لسنا مستعدين أن نصطدم معهم ولو قالوا: إننا أذلاء) (فإذا تقدموا خطوة تأخرنا أخرى) (لن أوجه بندقيتي -إن شاء الله- إلى مسلم يصلي بإذن الله تعالى) (لسنا مستعدين أن نصطدم مع أحد) (لا تقاتل وإن أفتاك ابن باز والألباني!) وقوله في كتاب المصارعة: (لو جاءني الباغي إلى بيتي لتركت له بيتي وذهبت).

فليس معنى هذه الإطلاقات أنهم ينكرون جهاد الدفع من أصله-كما يفهمه من يحمل الكلام ما لا يحتمل- فالإمام الوادعي وطلابه علماء أهل السنة في اليمن يقررون شرعية جهاد الدفع، قرره الإمام الوادعيرحمه الله في كتابه ”الإلحاد الخميني في أرض الحرمين“ (ص315-316) وعقد تلميذه الشيخ الإمام في رسالته ”إتحاف أهل السنة بأصل ترك القتال في الفتنة“ (ص51-54) فصلا لبيان الإجماع على شرعية هذا الجهاد تحت عنوان ”الإجماع على شرعية الدفاع عن النفس والعرض والمال وضوابط ذلك“ وفتوى مشايخ أهل السنة في اليمن المنشورة في شأن (دماج) خير دليل على ذلك، وإنما معنى ذلك أن هؤلاء العلماء الفضلاء وفي مقدمتهم شيخهم الإمام الوادعي لا يرون من صالح دعوتهم الزج بها في هذا النوع من الجهاد، فجهاد الدفع مشروط بالقدرة وتحقق المصلحة ولم يتوفر عندهم هذان الأمران، وهم أعلم ببلادهم وأحوالها من غيرهم؛ فهم المقدمون في هذا على غيرهم.

والشريعة الإسلامية علقت التكاليف بالاستطاعة، قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، وقال تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها)، كما أن الشريعة الإسلامية مبنية على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ”مجموع الفتاوى“ (10/512): «وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات».اهـ

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله في ”الاعتصام“ (2/119): «إذا تقابلت المصلحة والمضرة فشأن العقلاء النظر إلى التفاوت».اهـ

إذا علمت هذا، فالجهاد من جملة التكاليف الشرعية التي يشترط لها القدرة، والنظر في المصلحة والمفسدة التي تحدث من ورائها، وإلا كان من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة! قال العلامة العثيمين رحمه الله عن الجهاد: لابد فيه من شرط وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة”الشرح الممتع“ (8/10)

وسئل الإمام الثوري رحمه الله: أرأيت إن أرادهم العدو على أن يدفعوا إليهم مدينتهم ويرحل المسلمون عنهم ورضي بذلك المسلمون وعلموا أنه لا طاقة لهم بهم فقال المطوعة: لا حاجة لنا في هذا الصلح ولكن نقاتلهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم! فقال الثوري: إذا كانوا لا يغنون شيئًا فلا يعجبني أن يفعلوا، وليدخلوا معهم في صلحهم. ”السير للفزاري“ (ص336).

ونقل الفزاري عن الأوزاعي أنه سئل عن حصن للمسلمين نزل به العدو فخاف المسلمون ألا يكون لهم بهم طاقة، ألهم أن يصالحوهم على أن يدفعوا إليهم سلاحهم وأموالهم وكراعهم على أن يرتحلوا عنهم؟ فقال: إذا كان لا طاقة لهم بهم فلا بأس بذلك. ”السير للفزاري“ (ص336) بواسطة ”الجهاد“ للشيخ حمد العثمان (ص336). وانظر ”شرح السياسة الشرعية“ (ص59).

ووقفت على كلام قيم للشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- فَصَّل في هذ المسألة تفصيلًا حسنًا، قال فيه: القسم الثاني من أنواع الجهاد جهاد الدفع وهو الوقوف في وجه العدو الصائل من الكفار على بلاد المسلمين أو بعضها، فهذا له حالتان؛ إحداهما: إن أمكنهم الاتصال بإمام القطر وأميره لما هو معروف عنه من نجدة وحماية ونصرة وردع وقوة تقابل قوة هذ الصائل اتصلوا به وانتظروا مدده.

الحالة الثانية: إن كان الأمير لا يهتم بهذه الأمور وما عليه، همه كرسيه ومن حوله ومصالحه الشخصية ولا يبالي، أو كان ضعيفا ليس عنده نجدة، أو لا يمكنهم الاتصال به فإنهم يحاولون مع هذا الصائل بعروض مواثيق وعهود ومهادنات ومصالحات تحمي بيضة الإسلام في ذلك القطر المعتدى عليه، ثم إن كان هذا العدو لا يقبل وأبى إلا الاستيلاء وفرض القوة وما يسمى بالاستعمار العسكري، فهنا ننظر، إن كان عندهم قوة استعانوا بالله كانت عندهم قوة تواجه قوته ووثقوا من ذلك استعانوا بالله وقاتلوهم. وإن لم تكن عندهم قوة أو غلب على ظنهم أنه يدعم من قوى أخرى فعليهم الفرار بدينهم؛ لأن جهاد الدفع يشترط فيه القدرة. ”شرح عقيدة الرازيين“.

قلت: يا لله ما أنفس هذا الكلام، وتأمل قوله عن ولي الأمر: (أو كان ضعيفا ليس عنده نجدة) وقوله أيضا: (وإن لم تكن عندهم قوة أو غلب على ظنهم أنه يدعم من قوى أخرى فعليهم الفرار بدينهم؛ لأن جهاد الدفع يشترط فيه القدرة) وكأن الشيخ عبيد-وفقه الله- يتحدث عن حال أهل السنة في اليمن ويشرح حالتهم في الوقت الراهن.

فعلى هذا لا لوم على علماء أهل السنة في اليمن في سعيهم في النأي بالدعوة السلفية عن الصراعات والفتن التي تدور في البلاد، مراعاة لعدم تحقق شرط القدرة، وشرط تحقق المصلحة أو غلبتها. وبالله التوفيق.



الوقفة الرابعة عشرة

قال الحذيفي في ”ملزمته“: «(الوقفة الخامسة) كلام محمد الإمام في الجهاد الأفغاني بأنه كان مؤامرة على الشباب. ثم قال الحذيفي في خلال الرد: فالقول بأن ذلك الجهاد كان مؤامرة على الإسلام والمسلمين هو نوع من تضليل العلماء جميعا».



أقول: كلام الأخ الحذيفي يوهم القارئ أن الشيخ الإمام يشكك في شرعية الجهاد الأفغاني من أساسه وأنه عبارة عن مؤامرة على الإسلام والمسلمين!

وللأسف ليس في كلام الشيخ الإمام الذي نقله الحذيفي شيء من هذا الكلام، وإنما في كلام الشيخ: أن الأعداء استخدموا أبناء المسلمين في تلك الحرب ثم مزقوهم بعد ذلك وأثاروا بينهم البغضاء والقتل والقتال.

فالشيخ لم يتكلم على شرعيه الجهاد من أساسه، وإنما على مخطط الأعداء، وبالأخص منهم أمريكا لاستغلال هذا الجهاد لقمع عدوها المنافس لها آنذاك الاتحاد السوفيتي، فالشيخ في واد والحذيفي في واد آخر، والواقع الذي لا يستطيع إنكاره أحد وأثبتَتْه عدة مصادر تحدثت عن الجهاد الأفغاني: أن أمريكا كانت حريصة على نجاح الجهاد الأفغاني وشاركت في دعمه -كما سيأتي إن شاء الله من كلام الألباني والوادعي- لا حبا للمجاهدين، وإنما لتأخذ أمريكا الدور مكان الاتحاد السوفيتي للهيمنة على الوطن العربي.

فلما انهارت الاتحاد السوفيتي، اتجهت أمريكا لمحاربة عدوها الحقيقي المسلمين المجاهدين في أفغانستان، فأثارت بينهم العداوة واستغلت تأثر البعض منهم بالتكفير لمحاربتهم باسم الإرهاب! إضافة إلى ما حصل بين المجاهدين من التنافس على السلطة، وظهور التنافر العقدي الحاصل بين الجبهات الجهادية، وانتشار فكر التكفير في أوساطهم.

ولما حصل هذا الخلل في الجهاد الأفغاني بعد أن كان جهادًا شرعيًّا لا غبار عليه توقف من توقف من علماء أهل السنة عن الفتوى بشرعية هذا الجهاد، وخاصة بعد مقتل الشيخ السلفي جميل الرحمن رحمه الله.

فهذا الإمام الألباني رحمه الله الذي كان يرغب كثيرًا في هذا الجهاد ويرى أنه فرض عين، سئل بعد ذلك عن تراجعه عن الفتوى بشرعية هذا الجهاد؟

فأجاب: «أنا ما تراجعت إنما توقفت، وصرحت بهذا أكثر من مرة حتى تعود المياه إلى مجاريها، ويتبين لنا بوضوح أن القضية ليست قضية تخاصم على مراكز وعلى ولايات وعلى التأمُّر، يعني أصبحنا في ريب كبير من استمرارية الجهاد في سبيل الله حقا، وجدت أخيرًا بعض الأسباب التي جعلتني أفتر عن حماسي السابق». ”سلسلة الهدى والنور“ (572).

وقال: «قد بدا فيما بعد ما يشبه التصريحات من أنهم كانوا يقبلون الأسلحة التي تأتيهم من قِبَلِ أمريكا ولو بطريقة اللف والدوران، لكن هذا لا نستطيع أن نعتبره تمالؤًا واتفاقا، بل هم مع أمريكا للوصول إلى الهدف الذي تريده أمريكا من الاستعمار التي بدأت تفرضه على الدول العربية والإسلامية، بل وربما دول أخرى». ”سلسلة الهدى والنور“ (604).

ومن هنا، قال الإمام العثيمين رحمه الله في صدد الكلام عن الجهاد الأفغاني: «أما أفغانستان فهي مؤلمة مؤلمة مؤلمة إلى أبعد الحدود». ”الشريط الثالث من شرح كتاب الحدود من البلوغ“، هذا بعد أن كان يفتي أن الجهاد الأفغاني فرض كفاية.

وهذا شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله الذي كان يشجع على هذا الجهاد يسأل: ما نصيحتك لمن أراد الجهاد في أفغانستان هذه الأيام، وخاصة بعد هذه الفتن التي تدمي القلوب؟

الجواب: «أنصحه أن يتأنّى حتى تأتي أخبار من إخواننا أهل السنة هنالك، وإذا كان الأمر مهيأ أن يقوموا بمواجهة أعداء الإسلام، أما تحت هذه الرايات الجاهلية فأنا لا أنصح أحدًا أن يذهب إلى هنالك ويقاتل تحت راية (حكمتيار) أو راية (سياف) أو راية (صبغة الله مجددي) فقد ظهر نفاقهم، وأنّهم لا يحاربون لأجل الدين، بل يحاربون لأجل الكراسي. والله المستعان». ”مقتل الشيخ جميل الرحمن“ (ص48).

وقال: «فنحن ينبغي أن نبين للمسلمين حال الجهاد في أفغانستان أنه قد أصبح صراعًا وطنيًّا والشيوعية أصبحت هذه الأيام في مأمن». ”مقتل الشيخ جميل الرحمن“ (ص42).

وقال عن المجاهدين الأفغان: «عليهم بالرجوع إلى الكتاب والسنة وتحكيم العلماء وأن يبتعدوا عن المادة فهي التي أفسدتهم، فقد كان جهادهم المتقدم مستقيما وعلى خير فلما أتتهم المادة أفسدتهم، وكذلك مسألة الكراسي، فلا ينبغي لهم أن يتقاتلوا من أجل الكراسي». ”تحفة المجيب“ (ص229).

وبين وجه المؤامرة الأمريكية في التحريش بين المجاهدين بعد استغنائها عنهم فقال: «المجتمعات الآن ليست مؤهلة للجهاد، القبوريون ما سيجاهدون، بل ربما يحصل ما حصل في (أفغانستان) الجهاد الذي ما وجد له نظير في (أفغانستان) وبعد ذلك حصل ما حصل والله المستعان! جهاد بعد أن استغنت أمريكا حارشت بينهم، وقتل أصحاب الدعوة الصحيحة الشيخ جميل وأهين أهل (كنر)». ”أسئلة الشباب السلفي في الدائري“.

وبين الشيخ وجه المؤامرة للقضاء على هذا الجهاد فقال: «وقد جاءتنا الأخبار المفزعة المقلقة بما حصل في أفغانستان من قتل أخينا جميل الرحمن رحمه الله تعالى.

وهذا أمر مهيأ له من زمن، فقبل سنتين وسائل أعداء الإسلام تشن هجومًا على العرب الموجودين في أفغانستان بأنّهم وهابية، وما زالوا يتهددون العرب هناك، والعرب جزاهم الله خيرًا ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله لا لأجل مغنم، ولا لأجل أمر دنيوي، ولكنهم ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله، يعرف ذلك إخوانهم الصالحون من أفغانستان». ”مقتل الشيخ جميل الرحمن“ (ص32).

وبين أيضا حقيقة المؤامرة التي أدت إلى القتال الذي حصل بين المسلمين في أفغانستان الذي أدى إلى مقتل الشيخ جميل الرحمن، فقال: «الذي يظهر لي أنه أمر مدفوع من قبل أعداء الإسلام وأنه مستأجر؛ لأن أعداء الإسلام يعرفون مكانة السنة ومكانة أهل السنة في نفوس الناس، فهم لا يخافون من الحزبيين ولا يخافون من مدافعنا ولا من رشاشاتنا، ولكن يخافون من المتمسكين بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهم يعرفون أنّهم يستطيعون أن يداروا الإخوان المفلسين بمركز أو بوزارة أو بكرسي، ثم يتنازلون عن دعاويهم وعن ما يريدون. لكن أصحاب السنة متمسكون بالكتاب والسنة، ولا يحكّمون إلا الكتاب والسنة، ولا يتنازلون إلى أمور دنيوية. ”مقتل الشيخ جميل الرحمن“ (ص47).

وعلى منوال هؤلاء العلماء سار الماهر الخريت بفقه الواقع ومكايد أعداء الإسلام الشيخ الإمام حيث قال: «الجهاد الأفغاني كان في أوله برًا ومرحمة، ولكن دنسته خباثة الحزبية، وأفسدته الفرق التكفيرية، فبينما هو جهاد في سبيل الله ضد من كفر بالله من يهود ونصارى إذا به يتحول إلى قتال لأهل الإسلام مع استباحة أموالهم ودمائهم وأعراضهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله». ”تمام المنة في فقه قتال الفتنة“ (ص137).

ومن عجيب أمر الحذيفي التماسه العذر لأمريكا بأنها لم تقم بقتال المجاهدين الأفغان إلا لاعتناقهم للتكفير! وأقول: يا سبحان الله تلتمس العذر لأمريكا عدوة الإسلام والمسلمين ولا تلتمس العذر لعالم من علماء أهل السنة قائم على أكبر معقل وثغرة للدعوة السلفية في اليمن؟!! يا حذيفي من أحق بالتماس العذر له: أمريكا أم الشيخ الإمام؟!

أبلغ بكم التحامل على الشيخ الإمام أن تلتمسوا العذر لأمريكا على حساب القدح في الشيخ الإمام؟! ولئن كان الشيخ الإمام وقت هذا الجهاد في سن المراهقة حسب كلام الحذيفي، فالحذيفي آنذاك في سن الطفولة أو في حيز العدم. مع التنبيه أن لفظ(المراهقة) اصطلاح حادث ليس من كلام أهل اللغة.

وقد ختم الأخ الحذيفي رسالته بعدم الاستغراب من الطعن في الشيخ عبد الرحمن العدني -حفظه الله- بأنه مغفل؛ لأنه عرف هذا كله ولم يستفد من ذلك. ونقول: هل يستطيع الحذيفي أن يحكم على الإمام الوادعي الذي عاشر كثيرا من الأحداث التي ذكرها الحذيفي ومع ذلك جعل الشيخ الإمام ضمن مشايخ أهل السنة الذين أوصى أهل السنة بالرجوع إليهم عند النوازل والفتن! ولم يكتف بذلك حتى وصفه بالعلامة المحدث الحافظ الفقيه التقي الزاهد الورع الذي انتفع به المسلمون انتفاعا عظيما! فهل يستطيع الحذيفي أن يحكم على الإمام الوادعي بأنه مغفل أم أن هذا الحكم خاص بالشيخ عبد الرحمن؟!! هل يستطيع الحذيفي أن يحكم على نفسه بأنه مغفل؛ لأنه عرف كثيرًا من هذه الأشياء التي بعضها لها أكثر من (23) عاما ثم مع ذلك كله قدم رسالته ”النصير على حملات التنصير“ للشيخ الإمام كي يراجعها ويقدم لها؟ أم أنه يسير على قاعدة (حقي حق وحق الناس مرق؟!!).

وبقيت أخطاء وتلبيسات في ملزمة الأخ الحذيفي لم أعرج عليها، كغمزه في بداية ملزمته في بعض المشايخ بعدم قبول النصح! وهي دعوى عارية عن الدليل والبرهان.

فما علمناهم إلا في غاية من التواضع واللين وقبول النصيحة -فيما نحسبهم والله حسيبهم- مع البعد عن التقليد، وهذه مزية لعلماء السنة في اليمن من زمن قديم، قال الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه ”البدر الطالع“ (2/83) عن علماء اليمن: «ولو لم يكن لهم من المزية إلا التقيد بنصوص الكتاب والسنة وطَرْح التقليد، فإن هذه خصيصة خَصَّ الله بها أهل هذه الديار في الأزمنة الأخيرة، ولا توجَد في غيرهم إلا نادراً». اهـ

قلت: وهذا من مصداق قوله -عليه الصلاة والسلام-: «والفقه يمان» فقد نقل ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس بعَالِم.

وكاعتماد الحذيفي في ملزمته على أخبار أناس لم يبين من هم؛ ليطعن بذلك في علماء أهل السنة والجماعة! فتجده يقول (حدثني بعض الإخوة) أو (أخبرني بعض الإخوة)، وما شابه ذلك، وربما لو سمى لنا هذا الأخ وفحصنا حاله لوجدناه كذابًا أو مدسوسًا في دعوة أهل السنة!

ومن القواعد المقررة عند أهل الحديث أنه لا يكفي أن يقول الراوي (حدثني الثقة) لاحتمال أن يكون ثقة عنده ضعيفا عند غيره، نص على ذلك غير واحد من أهل العلم بالحديث. فَسَمِّ لنا مشايخك المجاهيل يا حذيفي حتى ننظر أثقات هم أم كذابين أم...أم...أم...؟!

وبقيت ملاحظات أخرى على هذه الملزمة المبعثرة المليئة بالتلبيس والتمويه، أعرضت عنها عمدًا، اختصارًا واكتفاء بما ذكر، ولعلي أنقض غزلها وأنسج أكفانها وأكشف عوارها في مقال لاحق -بإذن الله- إن رأيت المصلحة في ذلك.



تحذير علماء السنة في اليمن من فتنة هاني بن بريك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما بعد: فيقول الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) [آل عمران: 187].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لايمنعن أحدكم هيبة الناس في حق إذا رآه وشهده وسمعه»، أخرجه أحمد وهو صحيح.

وقال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: «لا آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدّرون أنهم يصلحون». كما في رسالة ”الأخلاق والسير“ (ص/91).

ولله در شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله حيث قال كما في ”السير الحثيث“ (ص/438): «ينبغي لنا جميعًا أن لا نمكن الفوضويين من الدعوة فإنهم سيحطمون الجماعة وستذكرون».

بل قال: «أنصح القائمين على هذه الدعوة أن لا يتسرعوا وألا يستفزهم الطائشون؛ فالطائشون سبب لضرب الدعوات». كما في ”غارة الأشرطة“ (1/305).

وبحمد الله لا يزال القائمون على هذه الدعوة في اليمن كلما ظهرت فتنة ناصحوا أهلها وبذلوا ما في وسعهم من الإصلاح فمن لم يقبل ذلك واتبع هواه نصحوا للمسلمين عمومًا ولأهل السنة خصوصًا بالابتعاد عنه والتحذير منه.

وفي أيامنا هذه ظهر شخص يقال له: هاني بن بريك يدعو إلى الفتن وإلى تفرقة أهل السنة فننصح بالابتعاد عنه وهجره وترك مجالسته ومحاضراته.

كما ننصح لمن تأثر به وبطريقته بالابتعاد عنه؛ فإن هذا الرجل يقود من معه إلى الهاوية.

نسأل اللهَ أن يصرف عنا وعن سائر المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن.

والحمد لله رب العالمين.

كان هذا بتاريخ (3 / صفر / 1436هـ)

وقع عليه:

الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب الوصابي الشيخ/ محمد بن عبد الله الإمام

الشيخ/ عبد العزيز بن يحيى البرعي الشيخ/ عبدالرحمن بن مرعي العدني

الشيخ/ عبد الله بن عثمان الذماري الشيخ/ محمد بن صالح الصوملي

الشيخ/ عثمان بن عبد الله السالمي



وأخيرًا أنصحك يا أبا عمار –وفقنا الله وإياك- أن تجعل نصب عينيك في ردك على الشيخ الإمام أو على غيره قوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال»، رواه أبو داود عن ابن عمر بإسناد صحيح، ونصيحة سماحة الإمام ابن باز رحمه الله: «والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه المسلم على أحسن المحامل، وقد قال بعض السلف: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير محملا». ”مجموع فتاوى ابن باز“ (7/ 313).

وبهذه النصيحة أختم هذه الرسالة، أسأل الله أن يحق بها الحق ويبطل بها الباطل وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



كتبه/ أبو عمرو نور الدين بن علي بن عبد الله السدعي في (دار الحديث بمعبر) حرسها الله وسائر دور الحديث السلفية من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحماقة الطائشين والمتسرعين، وأبقاها ذخرًا للإسلام والمسلمين.

(12/2/1436هـ)

أضف رد جديد