الحكم بين إنسي وجني

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
محمد بن عبدالله الإمام [آلي]
مشاركات: 3603
اشترك في: جمادى الآخرة 1437

الحكم بين إنسي وجني

مشاركة بواسطة محمد بن عبدالله الإمام [آلي] »

الحكم بين إنسي وجني

سؤال: دخلت الحمام لغرض أن أحلق لحيتي، ووضعت المرآة فرأيتها ارتفعت فأعدتها كما كانت فارتفعت مرة أخرى، فبينما أنا كذلك إذا ظهرت لي جنية، فأغمي علي، وجاءتني وأنا في الإغماء دعتني إلى جماعها فحصل ذلك، وأنا في الأغماء الذي لا حيلة لي في صرفه، ثم خرجت وذهبت إلى النوم، فجاءتني فقالت: (قم اغتسل لا تنام على جنابة)، فذهبت واغتسلت
 ثم في الليلة الثانية جاءني أبوها يقول: (أش فعلت ببنتي) فقلت له (هي الذي جاءت إلي)، فجاء جني آخر وقال: (لا تختلفوا احتكموا إلى عند القاضي)، فجلسنا الجلسة الأولى عند قاضي الجن، والجلسة الثانية رفضت حكمهم، فقالوا: (إئتينا بحكم شرعي من ثلاثة علماء يعرفون كتاب الله وسنة رسوله وما حكموا به فنحن ننفذه)، فجئنا إليكم، فاقضوا بيننا وبينهم  بحكم الله؟
الجواب:
إذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال وليس فيه كذب ولا مكر بالسائل ولا مخادعة له: فتعتبر الجنية هي المتعدية على الإنسي وذلك من وجوه: أولاً: بظهورها عليه لأن هذا في الإسلام محرم عليهم.
ثانيًا: اعتدت على الرجل حتى صرعته على الأرض، وحتى فقد عقله حسب كلامه في السؤال، وهذا تسلط على عقل الرجل وبدنه.
ثالثًا: قيامها بالفاحشة معه فهو مكره على الزنا إكراهًا تامًا، ليس عليه حد ولا ذنب فعن ابن عباس رضى الله عنه  قال قال: النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه). وأما الجنية فعليها إثم الاعتداء الأول وهو الظهور عليه، وعليها إثم وتعزير الاعتداء الثاني وهو صرعه، وعليها حد الزنا وهو جلدها مئة جلدة؛ لأنها بكر، وهي معترفة بذلك على حسب ما أفاد السائل قال الله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، أما طلب أهل الجنية من الإنسي الذي اعتدت عليه أن يتزوج بها: فهذا لا يجوز لو كانت التي زنى بها إنسية ، فضلًا عن أن تكون جنية.
 إذ لا يجوز الزواج لمن وقع منهما الزنى من الإنس إلا بشرطين:
  الأول: التوبة إلى الله من فعلهما.
الثاني: أن تستبرئ المرأة رحمها بحيضة إن كانت غير حامل، وإن كانت حاملًا  فلا يجوز زواجه بها حتى تضع حملها.
أما بالنسبة لزواج الجنية بالإنسي، والإنسي بالجنية فهذا لا يجوز شرعًا ولا عقلًا؛ لأن الله جعل زواج الإنس من الإنس فقط والجن من الجن فقط. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فقد نص علماء التفسير أن هذا لا يكون إلا مع الإنسية لا مع الجنية لاختلاف الجنسين، ولا يتحقق بين الجنسين النسب ولا الصهارة ولا البنوة؛ فلا يتم السكن والمودة بينهما وغير ذلك من الأحكام الشرعية في الزواج. وقال الله تعالى: (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) وهذا لا يكون إلا مع الإنسية، كما نص على ذلك المفسرون منهم: ابن عطية والقرطبي والألوسي من المفسرين. وقال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) قال العلماء: في هذه الآية ما يدل على حرمة التزاوج من الجن لانعدام النسب والصهر في ذلك الزواج.
والأدلة في هذا الباب كثيرة ساق منها شيخنا العلامة محمد بن عبد الله الإمام ثلاثة وعشرين دليلًا، في كتابه (البرهان على تحريم التناكح بين الأنس والجان) وأما بالنسبة لكلام العلماء فقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية منع التزاوج بين الإنس والجن عن أكثر العلماء، وساق السيوطي منهم جملة في كتابة (الأشباه والنظائر)، وهذا هو الصحيح المعتبر عند عامة أهل العلم ، وعليه فلا يجوز أن يتزوج الإنسي بالجنية مطلقًا لا هذا ولا غيره، وإنما على هذه الجنية التوبة إلى الله وهكذا على جميع ذكورهم  التوبة إلى الله من مؤاذاة الأنس، والجنية المذكورة إذا  صلحت وتابت إلى الله تزوجت من الجن، أصلح الله شأنكم.
وننصح قضاة الجن وعقلاءهم أن يجتهدوا في النصيحة للعصاة والمتمردين منهم الذين قد اشتد أذاهم على الأنس، وليعلموا أنهم محاسبون بين يدي الله مجزيون بأعمالهم.
وليعلم السائل إنه يحتمل أن يكون هؤلاء الجن ما كرين به، وليسوا حول حكم ولا غيره، وإنما ليعبثوا به وينقلوه من مفتي إلى أخر ومن حاكم إلى حاكم، فإن كان كذلك فننصحه أن يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويحافظ على الأذكار اليومية، ويصحب الصالحين، ويبتعد عن الذنوب والمعاصي، ويتوكل على الله ويعتمد عليه في صرف الشر وأهل الشر عنه، ولن يصبه بإذن الله إلا ما كتبه الله له.
                                                     أصلح الله أحوالكم، وبالله التوفيق
الشيخ/                                     فضيلة الشيخ العلامة/
علي بن أحمد الرازحي                           محمد بن عبد الله الإمام
8 ذو القعدة 1438

رابط المادة الأصلية في موقع الشيخ الإمام:
http://sh-emam.com/show_fatawa.php?id=2196

أضف رد جديد