(84) الحقوق الزوجية / الحلقة الثالثة / حقوق الزوجة

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أحمد بن ثابت الوصابي [آلي]
مشاركات: 1944
اشترك في: رجب 1437

(84) الحقوق الزوجية / الحلقة الثالثة / حقوق الزوجة

مشاركة بواسطة أحمد بن ثابت الوصابي [آلي] »


سلسلة الفوائد اليومية
يوم 22 ذي الحجة 1438
(84) الحقوق الزوجية / الحلقة الثالثة / حقوق الزوجة
 
** قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** قال الله تعالى: {وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
 
** وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” أكْمَلُ المؤمِنينَ إيماناً أحْسَنُهم خُلُقاً، وخيارُكُم خيارُكُم لِنسائِهمْ “.
** رواه الترمذي وغيره، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
 
** وفي (تفسير ابن كثير) ط العلمية (1/ 459):
 
** وَقَوْلُهُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** أَيْ وَلَهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ مَا لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ،
** فَلْيُؤَدِّ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ، مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ،
** كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، قال فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسَوْتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»
** وَفِي حَدِيثِ بِهَزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا؟
قَالَ «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكتسبت، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحَ، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»
** وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِيَ الْمَرْأَةُ، لِأَنَّ اللَّهَ يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
** ورواه ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، الخ كلامه) اهـ المراد.
 
** وقال أيضا في (2/ 212):
** وقوله تعالى: {وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»
** وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيلُ الْعِشْرَةِ دَائِمُ الْبِشْرِ، يُدَاعِبُ أَهْلَهُ، وَيَتَلَطَّفُ بِهِمْ ويُوسِعُهُمْ نَفَقَتَهُ، وَيُضَاحِكُ نِسَاءَهُ حَتَّى إِنَّهُ كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ،
** قَالَتْ: سَابَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَحْمِلَ اللَّحْمَ، ثُمَّ سَابَقْتُهُ بَعْدَ مَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ «هَذِهِ بِتِلْكَ»
** وَيَجْتَمِعُ نِسَاؤُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَّتِي يَبِيتُ عِنْدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُلُ مَعَهُنَّ الْعَشَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِلِهَا،
** وَكَانَ يَنَامُ مَعَ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهِ فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ، يَضَعُ عَنْ كَتِفَيْهِ الرِّدَاءَ وَيَنَامُ بِالْإِزَارِ،
** وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ يَسْمُرُ مَعَ أَهْلِهِ قَلِيلًا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، يُؤَانِسُهُمْ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
** وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
** وَأَحْكَامُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا يتعلق بتفصيل ذلك موضعه كتب الْأَحْكَامِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. اهـ
 
** وقبل أن ندخل في تفاصيل حقوق الزوجة على زوجها نذكر بنعمة الله العظيمة على المرأة المسلمة في هذا الدين العظيم، فنقول – وبالله التوفيق -:
 
(**) لقد كانت المرأة قبل الإسلام – أماً كانت أو بنتاً أو أختاً أو زوجةً أو عمةً أو خالةً – مستعبدةً، مملوكةً، مهانةً، ولم يكن لها أي حق من الحقوق.
(**) بل كان العرب يكرهونها غاية الكره، ويدفنونها – وهي حية – خشية الفقر والعار، كما قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}
 
** وقال شاعرهم:
ومن غاية المجد والمكرمات *** بقاء البنين وموت البنات
** وقال أخر:
تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتَهَا شَفَقًا *** وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرَمِ
** وقال عقيل بن علفة المري لما خطبت عنه ابنته الجرباء:
إِنِّي وَإِنْ سِيقَ إِلَيَّ الْمَهْرُ * * * عَبْدٌ وَأَلْفَانِ وَذَوْدٌ عَشْرُ
أَحَبُّ أَصْهَارِي إِلَيَّ الْقَبْرُ
 
(**) وبعضهم كان يتركها تعيش، ولكن كيف هذه العيشة؟!
(**) إنها عيشة الذل والمهانة،
(**) فليس لها حق الإرث،
(**) ولا يؤخذ رأيها في أي شيء،
(**) وليس لطلاقها عدد معين،
(**) ولا لتعدد الزوجات عدد معين،
 
(**) وكانت تعد من ضمن الموروثات، فإذا مات زوجها جاء ابنه – من غيرها -، أو جاء أحد ورثته ؛ فألقى ثوبه عليها وقال: ورثت امرأته كما ورثت ماله، وتصير في حوزته، ويصير أحق بها من كل الناس – حتى من أهلها وأبويها – فإن شاء تزوجها من غير صداق، وإن شاء زوجها بمن لا ترغب فيه رغم أنفها، وأخذ صداقها لنفسه.
 
** وفي: (صحيح البخاري)، (6/ 44):
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا، وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} قَالَ: «كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ»
 
(**) وإذا مات زوجها فإنها تحد عليها شر حداد وأقبحه.
** وفي: (صحيح البخاري)، (7/ 59):
5336 – قَالَتْ زَيْنَبُ، وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لاَ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ»
 
5337 – قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ، وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: «كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ [ص:60] إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً، فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ» سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: «تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا» وأخرجه مسلم أيضا (2/ 1124).
** وفي: (شرح النووي على مسلم) (10/ 114):
** قَوْلُهُ: (دَخَلَتْ حِفْشًا) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيبَ السمك
** قوله: (ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فَتَفْتَضُّ بِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فتفتض بالفاء والضاد.
** قال بن قُتَيْبَةَ: سَأَلْتُ الْحِجَازِيِّينَ عَنْ مَعْنَى الِافْتِضَاضِ فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ كَانَتْ لَا تَغْتَسِلُ، وَلَا تَمَسُّ مَاءً، وَلَا تُقَلِّمُ ظُفْرًا، ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَقْبَحِ مَنْظَرٍ، ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَكْسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْعِدَّةِ بِطَائِرٍ تَمْسَحُ بِهِ قُبُلَهَا وَتَنْبِذُهُ فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ مَا تَفْتَضُّ بِهِ.
** وَقَالَ مَالِكٌ: مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ جلدها.
** وقال بن وَهْبٍ: مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ.
** وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَغْتَسِلُ، وَالِافْتِضَاضُ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ لِلْإِنْقَاءِ وَإِزَالَةِ الْوَسَخِ حَتَّى تَصِيرَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَالْفِضَّةِ.
** وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مَعْنَاهُ تَتَنَظَّفُ وَتَتَنَقَّى مِنَ الدَّرَنِ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْفِضَّةِ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضِهَا.
** وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ: أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ قَالَ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (تُقْبَصُ) بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَبْضِ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ. اهـ
 
** فلما جاء الله بالإسلام رفع عنها هذه المظالم، فأعطاها جميع حقوقها، ورد لها جميع اعتباراتها.
** فجعلها شريكة للرجل في مبدأ الإنسانية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى}
** وشريكة له في الثواب والعقاب، قال الله تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا َ}
** وحرم سبحانه وتعالى جعل المرأة من جملة المورثات، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا، وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} وقد تقدم الكلام عليها.
** بل جعلها وارثة من مال قريبها أو زوجها، قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، الأية}
وقال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
** وجعل الصداق حقا لها، وأمر بإعطائها إياه كاملا إلا ما سمحت به عن طيب نفس، قال الله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}
** وجعلها راعية في بيت زوجها، أميرة على أولادها.
** عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،…
وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ،…،
أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.
 
** فالإسلام قد اعتنى بالمرأة عناية عظيمة، واهتم بها اهتماما كبيرا،، ورفع من شأنها، وأعطاها حقوقها كاملة وافية، بل إنه أوصى بها جميع أفراد الرجال أن يرفقوا بها، وأن يحسنوا إليها، وأن يحافظوا عليها، سواء كانت زوجة أو أما أو بنتا أو أختا ؛ وذلك لضعفها واحتياجها لمن يقوم بشأنها.
** وعَنْ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رضي الله عنه أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَّرَ، وَوَعَظَ، فَذَكَرَ فِي الحَدِيثِ قِصَّةً، فَقَالَ: أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، … الحديث) رواه الترمذي وغيره
 
** وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (عَوَانٌ عِنْدَكُمْ)، يَعْنِي: أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ.
** فهذه الوصية العظيمة حضرها وسمعها الآلاف المؤلفة من الناس.
 
** وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
«… وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» متفق عليه.
 
** إن المرأة في قديم الزمان – عند أعداء الإسلام – كانت تعتبر حيوانا لا روح له.
** ولما أرادوا إنصافها في المؤتمر الفرنسي الذي عقد سنة 586 م
كان جهد ما قرروه لها: أنها إنسان وليست بحيوان، خلقت لخدمة الرجل فقط.
** ومن الطريف أن نذكر أن القانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات (نصف شلن ليرة سورية).
** وقد حدث منذ بضعة أعوام أن باع إيطالي زوجته لآخر على أقساط، فلما امتنع المشتري عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع.اهـ بتصرف من كتاب: (تحفة العروس) صـ (223)، لمحمود بن مهدي الاستانبولي.
 
** فلتحمد المرأة ربها الذي أنهم عليها بهذا الدين العظيم الذي شرفها وكرمها، وأمر ببرها، والإحسان إليها، والإنفاق عليها؟!
 
** وبعد هذه المقدمة السريعة نذكر تفاصيل حقوق الزوجة على زوجها.
** ((الحق الأول)):
** المهر.
** قال الله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}
** وقال: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}
** وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}
 
** والمهر ليس له تحديد في القلة والكثرة.
** وهو حق للزوجة، فلا يجوز لأحد – أبا كان أو زوجا أو أخا – أن يأخذها عليها إلا رضيت.
 
 
** ((الحق الثاني)):
** الوليمة.
فإنها من الحقوق الواجبة على الرجل – على حسب قدرته -.
** عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، قَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» متفق عليه
 
** عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: «مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ -أَوْ أَفْضَلَ- مِمَّا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ»،
فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: بِمَا أَوْلَمَ؟ قَالَ: «أَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى تَرَكُوهُ» متفق عليه
** [قوله: (حتى تركوه)، يعني حتى شبعوا وتركوه لشبعهم]
 
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ، وَتَمْرٍ» رواه أبو داود وغيره،[وصححه الألباني]، وهو في الصحيحين ضمن قصة.
** وفي: (شرح النووي على مسلم)، (9/ 218):
(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ)
** دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُوسِرِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ.
** وَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِقَدْرِهَا الْمُجْزِئِ، بَلْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنَ الطَّعَامِ حَصَلَتِ الْوَلِيمَةُ.
** وَقَدْ ذكر مسلم بعد هذا في وَلِيمَةِ عُرْسِ صَفِيَّةَ أَنَّهَا كَانَتْ بِغَيْرِ لَحْمٍ، وَفِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ أَشْبَعَنَا خُبْزًا وَلَحْمًا.
** وَكُلُّ هذا جائز تحصل به الوليمة لكن يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ… الخ) اهـ
 
** ((الحق الثالث)):
(النفقة):
** وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، سواء كانت الزوجة عنده، أو مطلقة طلاقا رجعيا، أو مطلقة طلاقا بائنا لكنها حامل أو قائمة على أبنائه.
** فمن الكتاب قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا}
** وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** وقوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ}
 
** ومن السنة حديث جابر الطويل، وفيه: (وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، …) رواه مسلم.
 
** وحَدِيثِ بِهَزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا؟
قَالَ «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكتسبت، … الحديث»رواه أبو داود وغيره، (2/ 245)،
 
** وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من أهل العلم.
** قال ابن قدامة في كتاب: (المغني)، (8/ 195):
** وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ، فَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَات عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، إذَا كَانُوا بَالِغِينَ، إلَّا النَّاشِزَ مِنْهُنَّ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُ. ** وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْعِبْرَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْبُوسَةٌ عَلَى الزَّوْجِ، يَمْنَعُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ وَالِاكْتِسَابِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، كَالْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ. اهـ
** وانظر كتاب: (الإشراف على مذاهب العلماء)، لابن المنذر
(5/ 154)
 
** شروط استحقاق الزوجة للنفقة:
(1) أن يكون العقد صحيحا.
(2) أن تسلم نفسها لزوجها.
(3) أن تمكنه من الاستمتاع بها استمتاعا كاملا.
(4) ألا تمتنع من الانتقال معه حيث يريد.
 
** ومعنى بـ (المعروف)، [[أَيْ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِنَّ فِي بَلَدِهِنَّ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا إِقْتَارٍ، بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ فِي يَسَارِهِ، وَتَوَسُّطِهِ وَإِقْتَارِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}
 
** وإذا قصر الزوج في النفقة الواجبة مع يساره جاز للزوجة أن تأخذ من ماله بدون إذنه ما يكفيها وولدها بالمعروف، لحديث عائشة الآتي.
** عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ» متفق عليه
 
** ((الحق الرابع)):
السكن:
** وهو أن يهيىء الزوجُ لزوجته مسكناً على قدر سعته وقدرته.
** قال الله تعالى: {أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم}
 
** قال ابن قدامة في كتاب: (المغني)،(8/ 200):
فَصْلٌ:
** وَيَجِبُ لَهَا مَسْكَنٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}.
** فَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ، فَلِلَّتِي فِي صُلْبِ النِّكَاحِ أَوْلَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
** وَمِنْ الْمَعْرُوفِ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَسْكَنٍ، وَلِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْ الْمَسْكَنِ لِلِاسْتِتَارِ عَنْ الْعُيُونِ، وَفِي التَّصَرُّفِ، وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَحِفْظِ الْمَتَاعِ، وَيَكُونُ الْمَسْكَنُ عَلَى قَدْرِ يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6].
** وَلِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَهَا لِمَصْلَحَتِهَا فِي الدَّوَامِ، فَجَرَى مَجْرَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ. اهـ
 
** ((الحق الخامس)):
حسن معاشرتها:
** قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** قال ابن كثير في (تفسيره)، ط العلمية (2/ 212):
** وقوله تعالى: {وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
** وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»
** وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيلُ الْعِشْرَةِ، دَائِمُ الْبِشْرِ،، يُدَاعِبُ أَهْلَهُ، وَيَتَلَطَّفُ بِهِمْ، ويُوسِعُهُمْ نَفَقَتَهُ، وَيُضَاحِكُ نِسَاءَهُ، حَتَّى إِنَّهُ كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ،
** قَالَتْ: سَابَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَحْمِلَ اللَّحْمَ، ثُمَّ سَابَقْتُهُ بَعْدَ مَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ «هَذِهِ بِتِلْكَ»
** وَيَجْتَمِعُ نِسَاؤُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَّتِي يَبِيتُ عِنْدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُلُ مَعَهُنَّ الْعَشَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِلِهَا،
** وَكَانَ يَنَامُ مَعَ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهِ فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ، يَضَعُ عَنْ كَتِفَيْهِ الرِّدَاءَ وَيَنَامُ بِالْإِزَارِ،
** وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ يَسْمُرُ مَعَ أَهْلِهِ قَلِيلًا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، يُؤَانِسُهُمْ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
** وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. اهـ
 
** ومن حسن معاشرتها بِالْمَعْرُوفِ:
(1) جماعها بالمعروف، وعدم غيابه عنها طويلا ؛ فإن هذا الغياب الطويل قد يعرضها للفتنة.
(2) إكرامها وإكرام أهلها.
(3) معاملتها بالرفق واللين.
(4) تقديم الهدية لها.
(5) مزاحها مزحا معقولا بحيث لا يسقط هيبته.
(6) يتغافل عن بعض الأمور التي ليس لها كبير شأن.
(7) لا يستأثر بالطعام الطيب دونها.
(8) يراعيها في حال حيضها من الناحية الصحية.
(9) احتمال الأذى منها ؛ لأنها ناقصة عقل ودين.
 
** قال ابن القيم رحمه الله في كتابه: (روضة المحبين ونزهة المشتاقين)، (ص: 215):
** وقد اختلف الفقهاء هل يجب على الزوج مجامعة امرأته؟
** فقالت طائفة: لا يجب عليه ذلك ؛ فإنه حق له، فإن شاء استوفاه وإن شاء تركه، بمنزلة من استأجر دارا إن شاء سكنها وإن شاء تركها.
** وهذا من أضعف الأقوال، والقرآن والسنة والعرف والقياس يرده.
** أما القرآن فإن الله سبحانه وتعالى قال:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فأخبر أن للمرأة من الحق مثل الذي عليها،
** فإذا كان الجماع حقا للزوج عليها فهو حق على الزوج بنص القرآن ** وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر الأزواج أن يعاشروا الزوجات بالمعروف،
** ومن ضد المعروف أن يكون عنده شابة شهوتها تعدل شهوة الرجل أو تزيد عليها بأضعاف مضاعفة ولا يذيقها لذة الوطء مرة واحدة.
** ومن زعم أن هذا من المعروف كفاه طبعه ردا عليه.
** والله سبحانه وتعالى إنما أباح للأزواج إمساك نسائهم على هذا الوجه لا على غيره فقال تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
 
** وقالت طائفة: يجب عليه وطؤها في العمر مرة واحدة ؛ ليستقر لها بذلك الصداق،
** وهذا من جنس القول الأول، وهذا باطل من وجه آخر ؛ فإن المقصود إنما هو المعاشرة بالمعروف، والصداق دخل في العقد تعظيما لحرمته، وفرقا بينه وبين السفاح، فوجوب المقصود بالنكاح أقوى من وجوب الصداق
 
** وقالت طائفة ثالثة: يجب عليه أن يطأها في كل أربعة أشهر مرة واحتجوا على ذلك بأن الله سبحانه وتعالى أباح للمولي تربص أربعة أشهر، وخير المرأة بعد ذلك إن شاءت أن تقيم عنده وإن شاءت أن تفارقه، فلو كان لها حق في الوطء أكثر من ذلك لم يجعل للزوج تركه في تلك المدة.
** وهذا القول وإن كان أقرب من القولين اللذين قبله فليس أيضا بصحيح ؛ فإنه غير المعروف الذي لها وعليها.
** وأما جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر فنظرا منه سبحانه للأزواج فإن الرجل قد يحتاج إلى ترك وطء امرأته مدة لعارض من سفر أو تأديب أو راحة نفس أو اشتغال بمهم فجعل الله سبحانه وتعالى له أجلا أربعة أشهر ولا يلزم من ذلك أن يكون الوطء مؤقتا في كل أربعة أشهر مرة.
 
** وقالت طائفة أخرى: بل يجب عليه أن يطأها بالمعروف كما ينفق عليها ويكسوها ويعاشرها بالمعروف، بل هذا عمدة المعاشرة ومقصودها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يعاشرها بالمعروف، فالوطء داخل في هذه المعاشرة ولا بد،
** قالوا: وعليه أن يشبعها وطئا إذا أمكنه ذلك كما عليه أن يشبعها قوتا،
** وكان شيخنا رحمه الله تعالى يرجح هذا القول ويختاره
 
** وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على استعمال هذا الدواء، ورغب فيه، وعلق عليه الأجر، وجعله صدقة لفاعله فقال: “وفي بضع أحدكم صدقة”
** ومن تراجم النسائي على هذا: الترغيب في المباضعة، ثم ذكر هذا الحديث
** ففي هذا كمال اللذة، وكمال الإحسان إلى الحبيبة، وحصول الأجر، وثواب الصدقة، وفرح النفس وذهاب أفكارها الرديئة عنها، وخفة الروح وذهاب كثافتها وغلظها، وخفة الجسم واعتدال المزاج، وجلب الصحة ودفع المواد الرديئة،
** فإن صادف ذلك وجها حسنا، وخلقا دمثا، وعشقا وافرا، ورغبة تامة، واحتسابا للثواب، فذلك اللذة التي لا يعادلها شيء ولا سيما إذا وافقت كمالها ؛ فإنها لا تكمل حتى يأخذ كل جزء من البدن بقسطه من اللذة، فتلتذ العين بالنظر إلى المحبوب، والأذن بسماع كلامه، والأنف بشم رائحته، والفم بتقبيله، واليد بلمسه، وتعتكف كل جارحة على ما تطلبه من لذتها وتقابله من المحبوب،
** فإن فقد من ذلك شيء لم تزل النفس متطلعة إليه متقاضية له، فلا تسكن كل السكون ؛ ولذلك تسمى المرأة سكنا لسكون النفس إلينا قال الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} ؛
** ولذلك فضل جماع النهار على جماع الليل،
** ولسبب آخر طبيعي وهو أن الليل وقت تبرد فيه الحواس وتطلب حظها من السكون، والنهار محل انتشار الحركات كما قال الله تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً}، وقال الله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}
** وتمام النعمة في ذلك فرحة المحب برضاء ربه تعالى بذلك، واحتساب هذه اللذة عنده، ورجاء تثقيل ميزانه، ولذلك كان أحب شيء إلى الشيطان أن يفرق بين الرجل وبين حبيبه ليتوصل إلى تعويض كل منهما عن صاحبه بالحرام… الخ) اهـ
 
** وفي (تفسير ابن كثير) ط العلمية (1/ 455):
 
** قد ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ فِي مُنَاسَبَةِ تَأْجِيلِ الْمُولِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، الْأَثَرَ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ عبد الله بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ من الليل، فسمع امرأة تقول:
 
تطاول هذا الليل واسود جانبه… وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فو الله لَوْلَا اللَّهُ أَنِّي أُرَاقِبَهْ… لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
 
فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَمْ أَكْثَرَ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟ فَقَالَتْ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَحْبِسُ أَحَدًا مِنَ الْجُيُوشِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
** وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا زِلْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا إِذْ مَرَّ بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها، تَقُولُ:
 
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهْ… وَأَرَّقَنِي أن لا ضَجِيعَ أُلَاعِبُهْ
أُلَاعِبُهُ طُورًا وَطُورًا كَأَنَّمَا… بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهْ
يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ… لَطِيفُ الْحَشَا لَا يحتويه أقاربه
فو الله لَوْلَا اللَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ… لَنُقِضَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلًا… بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه
مخافة ربي والحياء يصدني… وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
 
** ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ نَحْوَهُ،
** وَقَدْ رَوَى هَذَا مِنْ طَرْقٍ وَهُوَ من المشهورات. اهـ
 
** ((فائدة)):
** قال شيخنا أبو عمار محمد بن عبد الله باموسى حفظه الله تعالى في كتابه: إسعاف الأخيار بما اشتهر ولم يصح من الأحاديث والآثار والأشعار ص:(408):
** وهذه الأبيات في سندها انقطاع ؛ لأنها من طريق عبد الله بْنِ دِينَارٍ المكي عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنها فهي منقطعة.
“تهذيب التهذيب ” (8/25)، و ” تحفة التحصل ” للعراقي (ص: 173)
** وقد رويت هذه الأبيات من طرق أخرى كلها لا تصح.
** وقد ضعف هذه الأبيات:
(1) الحافظ ابن حجر في ” التلخيص الحبير” (3/219-220).
(2) العلائي في ” جامع التحصيل ” (ص: 210). اهـ
 
** ((تبيه)):
كتاب:(إسعاف الأخيار) كتاب قيم ننصح بقراءته والاستفادة منه، فقد بذل فيه الشيخ جهدا كبيرا في بيان الأحاديث والآثار والأشعار المشهورة بين الناس أنها صحيحة وليست كذلك.
 
** ((الحق السادس)):
** أن يعلمها ما ينفعها من أمور دينها ودنياها.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}
 
** وفي (تفسير البغوي) – طيبة (8/ 169):
** قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ} قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ بِالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ تعالى عنه وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ.
{وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يَعْنِي: مُرُوهُمْ بِالْخَيْرِ وَانْهُوهُمْ عَنِ الشَّرِّ وَعَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ تَقُوهُمْ بِذَلِكَ نَارًا {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}. اهـ
 
** وفي (تفسير ابن كثير) ط العلمية (5/ 213):
** أَيْ مُرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا تَدَعُوهُمْ هَمْلًا، فَتَأْكُلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
** وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. ** وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وابن ماجة واللفظ له. اهـ
 
** وعَنْ مَالِك بْن الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا – أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا – سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ، قَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، -… الخ) رواه البخاري
 
** وأهم ما يعلمها: أمر التوحيد والعقيدة، وأحكام الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والحجاب، والإحسان إلى الجيران، وغير ذلك من مكارم الأخلاق.
 
 ** ((الحق السابع)):
 
** عدم ظلمها، فلا يأخذ مالها، ولا يسبها، ولا يحتقرها أو يحتقر أهلها.
 
** قال الله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}
** وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً.
 
** وفي (تفسير ابن كثير) ط العلمية (2/ 258):
** وقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}أَيْ إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده مِنْهَا مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا وَلَا هِجْرَانُهَا.
** وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً} تَهْدِيدٌ لِلرِّجَالِ إِذَا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ الْعَلِيَّ الكبير وليهن، وهو ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن. اهـ
 
** وَفِي حَدِيثِ بِهَزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا؟
قَالَ «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكتسبت، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحَ، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» رواه أبو داود،
وقال الشيخ الألباني:
 
** ((الحق الثامن)):
** عدم إفشاء سرها، خاصة سر الفراش.
 
** عَنْ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ: ” لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ: مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ ” فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ: ” فَلَا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانُ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ”
رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
 
** قال المناوي في كتابه: (فيض القدير)، (4/ 315):
** والقصد بالحديث التحذير من ذلك وبيان أنه من أمهات المحرمات الدالة على الدناءة وسفساف الأخلاق. اهـ
 
** وقال القرطبي في كتابه: (المفهم), (13/ 25):
** ومقصود هذا الحديث [[يعني حديث «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»]]
هو: أن الرجل له مع أهله خلوة، وحالة يَقْبُحُ ذِكرُها، والتحدُّث بها، وتحمل الغَيْرة على سترها،
** ويلزم من كشفها عار عند أهل المروءة والحياء. فإن تكلم بشيء من ذلك، وأبداه، كان قد كشف عورة نفسه وزوجته ؛ إذ لا فرق بين كشفها للعيان، وكشفها للأسماع والآذان ؛ إذ كل واحد منهما يحصل به الاطلاع على العورة، ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((لا تعمد المرأة فتصف المرأة لزوجها، حتى كأنّه ينظر إليها))،
** فإن دعت حاجة إلى ذِكْر شيء من ذلك، فليذكره مبهمًا، غير مُعَيّنٍ، بحسب الحاجة والضرورة، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((فعلتُه أنا وهذه))، وكقوله: ((هل أعرستم الليلة؟))، وكقوله: ((كيف وجدت أهلك؟))
** والتصريح بذلك وتفصيله ليس من مكارم الأخلاق، ولا من خصال أهل الدين.
اهـ بزيادة ذكر حديث أَبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – الذي بين المعكوفين، وهو من الأحاديث التي ضعفت في صحيح مسلم ؛
[[لأن في سنده عمر بن حمزة العمري وهو ضعيف كما قال في “التقريب”
** وقال الذهبي في “الميزان”: “ضعفه يحيى بن معين والنسائي
** وقال أحمد: أحاديثه مناكير”.
** ثم ساق له الذهبي هذا الحديث وقال: “فهذا مما استنكر لعمر”]]
اهـ من كتاب: (آداب الزفاف في السنة المطهرة)، (ص: 142)
 
 
 
** ((الحق التاسع)):
 ** أن يعدل بينها وبين ضراتها _ إن كان له أكثر من زوجة _ في المبيت والعطاء.
** قال الله تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
 
** وفي (تفسير البغوي) – إحياء التراث (1/ 709):
** قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ،}أَيْ: لَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تُسَوُّوا بَيْنَ النِّسَاءِ فِي الْحُبِّ وَمَيْلِ الْقَلْبِ، {وَلَوْ حَرَصْتُمْ}عَلَى الْعَدْلِ، {فَلا تَمِيلُوا}، أَيْ: إِلَى الَّتِي تُحِبُّونَهَا، كُلَّ الْمَيْلِ فِي الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، أَيْ: لَا تُتْبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ أَفْعَالَكُمْ، فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ، أي فتدعوا الأخرى كالمعلّقة لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ.
** وَقَالَ قَتَادَةُ: كَالْمَحْبُوسَةِ، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «كَأَنَّهَا مَسْجُونَةٌ». اهـ
 
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» رواه أحمد وغيره،
 
** قال الصنعاني في كتابه: (سبل السلام)، (2/ 238):
{فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}، وَالْمُرَادُ: الْمَيْلُ فِي الْقَسْمِ وَالْإِنْفَاقِ، لَا فِي الْمَحَبَّةِ ؛ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ،
** وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: (كُلَّ الْمَيْلِ) جَوَازُ الْمَيْلِ الْيَسِيرِ، وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْحَدِيثِ يَنْفِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدُ الْحَدِيثِ بِمَفْهُومِ الْآيَةِ. اهـ
 
 
** ((الحق العاشر)):
 
** عدم منعها من الخروج إلى المسجد إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فِتْنةٌ، خاصة إذا كان خروجها لتعلم أحكام دينها التي تحتاج إليها.
 
** عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ»
متفق عليه.
** وعَنِه رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا»
قَالَ: فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: وَاللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ،
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ: فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ،
وَقَالَ: ” أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ: وَاللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ ” رواه مسلم.
** وعَنِه رضي الله عنه، قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَالعِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ فِي المَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ»
 
** وفي كتاب: (شرح النووي على مسلم) (4/ 161):
** قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ)
** هَذَا وَشَبَهُهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ الْمَسْجِدَ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ مَأْخُوذَةً مِنَ الأحاديث وهو:
** أن لا تَكُونَ مُتَطَيِّبَةً، وَلَا مُتَزَيِّنَةً، وَلَا ذَاتَ خَلَاخِلَ يُسْمَعُ صَوْتُهَا، وَلَا ثِيَابٍ فَاخِرَةٍ، وَلَا مُخْتَلِطَةً بِالرِّجَالِ، وَلَا شَابَّةً وَنَحْوَهَا مِمَّنْ يُفْتَتَنُ بِهَا، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ مَا يَخَافُ بِهِ مَفْسَدَةً وَنَحْوَهَا
** وَهَذَا النَّهْيُ عَنْ مَنْعِهِنِّ مِنَ الْخُرُوجِ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَوُجِدَتِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ،
** فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ حَرُمَ الْمَنْعُ إِذَا وُجِدَتِ الشُّرُوطُ. اهـ
  
** والله الموفق.
 ** كتبها: أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
 ** الأربعاء 22 / 12/ 1438 هـ

رابط المادة الأصلية:
https://binthabt.al3ilm.com/12598

أضف رد جديد